Skip to main content

Full text of "الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده (الجزء 1) الكتابات السياسية♦"

See other formats


Converted by Tiff Combine - 


I EE 2 01 

isle cee eae oy 

0 0 ae 
ae as 


1 ae 


| 


1 


gt | 18 
puexayy eaayongig 


Un 


men 


BUL 


age 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine - 





bee 


Lon) 


XE ee 


ع $ 


Converted by Tiff Combine - 





csr planes 


4ه 1559م 


يع الخد : 2 ak‏ 


دارالشروةق_ 


نزوت متاراليّاس - سشار م سید ص Racer be Cate‏ صد 
صاب + ۲٩۱۷۵۱۴ Sls. Og tela edo. AWE‏ 
4 - ان AVY VO 2 ANYON . "١884845‏ 
YuVIAL . AVIV O00‏ 

التاهترة: VAYEOVA ZYATIP YE ALE Ze GLE ۱١‏ 
فلتاکس ۳۹۳۲۸۱٤‏ ۔ ستلصکس ۹۲۰۹۱ 0۷ ۸۸0۸ء 
A‏ سشارة سيكويه الممثري - مديسة نر ت ۱ ۲٦۲۲۳۳۲۹۸‏ 
۸ ۔ فا کس 1۱۷۵1۷ 





ل 
رالا 





_ —4gitll ja 


Converted by Tiff Combine 














































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































































00 


00 
ا 0 0 0 

te 0 00 0 1 i fi 00 

0 0 ١ اث‎ ae ie a 0 ْ 1 





المرحوم الأستاذ الإمام 
الشيخ محمد عبده 
ولد سنة ۱۲٣١‏ وتوني ١71‏ هجرية 
)14۰09-۱۸64( 


Converted by Tiff Combine - 








Converted by Tiff Combine 





دراسة 3 الفكر السياسي 
والاجتماعي والاصلاص 


للأستاذ الامام 





Converted by Tiff Combine 








مقدمة الطبعة ال جديدة 


في سلسلة [الأعيال الكاملة] التي بدأ اهتيامنا بجمعها ودراستها ونحقيقها 
ونشرها » منذ ما يقرب من ربع قرن . . . وفقنا الله » بعونه وسداده » إلى أن نقدم 
لوطننا وأمتنا أبزر ثمرات إبداع العقل العربي ا مسلم في عصرنا ا حديث ! . 

فاليوم . . تزدان المكتبة العربية الإسلامية «بالأعال الكاملة) لكوكبة من الأعلام 
الذين كانوا ولا يزالون أبرز «الظواهر الفكرية» التي طبعت ولا زالت تطبع حياتنا 
الفكرية منذ بدأت أمتنا عصر يقظتها وإحيائها ونبضتها وتنويرها قبل ما يقرب من 


قرنين من الزمان . . 
تزدان هذه ا مكتبة ما جمعناه وحققنا وقدمنا بين يديه من [الأعيال الكاملة] لكل من 

الأعلام 3 

| - رفاعة رافع الطهطاوي ]۱۲۹۰-۱۲۱۲77 ه 1811-11١١‏ م] .. رائد النيضة 
والتنوير . . 

٠١‏ - وعلي مبارك ۱۳۱۱-۱۲۳۹7 ه ۱۸۹۳-۱۸۲۳ م] .. مؤرخ الخطط ومهندس 
العمرانة: 

٠‏ - وجمال الدين الأفغاني ]108 ITE.‏ 2 ۱۸۹۷-۱۸۳۸ م] موقظ الشرق 
وفيلسوف الإسلام . 

4 - وعبد ال رحمن الكواكبي ]۱۲۷۰ ۱۳۲۰ ه ۱۹٠۲-۱۸۵٤‏ م] نصير الحرية وعدو 
الإستبداد 





be م] جدد الإسلام‎ ١5٠0 والاإمام محمد عبده ]۱۲۲7 ”| ه 1/89 -م‎ - ٥ 
. م] المصلح الإجتاعي البارز‎ ۱۹٠۸-۱۸7۳ YT. VTA] Cool -وقام‎ ٦ 


ولقد كانت الغاية من وراء هذا ا جهد الفكري الذي بذلناه J‏ هذا ا ميدان - 
علاوة على الوفاء بحق هذه الكوكبة من الأعلام الأفذاذ علينا - هو الإسهام في ترشيد 


فحركتنا الفكرية » ومن خلفها أمتنا العربية الإسلامية » قد تجاذمها واجتهد في 
استقطاءها ‏ منذ مطلع الغزوة الإستعارية ا حديثة - تياران رئيسيان : 


أ-تيار التغريب .. الذي أراد به الاستعيار - ومن انبهروا با حضارة الغربية - 
القضاء على التواصل ا حضاري للأمة » وفك الارتباط بين حاضرها ومستقبلها وبين 
القسرات ا حضارية العربية الإسلامية التي ميزت حضارتها عبر التاريخ » ومن ثم نحويلها 
إلى تابع وهامش لحضارة الغرب . . لا بهدف أن نتحضر حقيقة با حضارة الغربية 
ونستفيد بإيجابياتها - وهي كثيرة - وإفا لتتأبد تبعبتنا هذا الغرب الإستعياري في السياسة 
والأمن والاقتصاد » بفعل تبعيتنا له في الفكر والقيم وغط العيش وأسلوب ا حياة . 
لقد أراد هذا التيار التغريبي لأمتنا أن «تستقل» لكن عن 'عروبتها وإسلامها » وذلك 
ble‏ لتبعيتها الأبدية لعدوها «التاريخي - ا حضاري» : الغرب الاستعاري ؟!. . 


ب اما التبار الثاني - الذي جاهد لاستقطاب الأمة ‏ فهو تيار «الحمود» . . ذلك 
الذي تحصن أعلامه وتحصنت فكريته با مؤسسات التعليمية ا موروثة . . والذي أثقلت 
كواهل مقولاته ونصوراته بالركاكة وا خرافة والنصوصية ا جامدة » التى ميزت عصور 
تراجعنا عن الابداع وانحطاطنا ا حضاري في ظل تسلط ا مإليك وسلطان آل عثان !. . 

وثيار «ا جحمود) هذا الذي جسد «التخلف ا موروث) - وإن نيض بفضيلة 

تصدي «للوافد الضار» . . وإن حافظ على «ا هوبة» ‏ وإن في صورتها ا مشوهة - وتلك 
إيجابيات لا بد أن تذكر له . . إلا أنه قد عجز عن الكشف عن حقيقة ال هوية ا حضارية 
ا متميزة للأمة » ومن ثم فلقد عجز عن بلورة ا مشروع ا حضاري ا خاص » والعصري 
في ذات الوقت .. ومن ثم فلقد انفرد تيار التغريب بالوجود الحقيقي في ميادين 
«التحديث» » فكان تحديثا على النمط الغربي » يقطع الصلات بين حاضر الأمة 


١ 





ومستقبلها وبين خير ما في ترائثها الفكري وا حضاري من سيات وفسيات وقيم وقواعد 
وأصول وفلسفات . 
وأمام هذا الاستقطاب الحاد بين تياري : «الوافد الضار» . . و«التخلف 
ا موروث) - والذي تيز «التغريب» » في ظله » با حركة على أرض الواقع وي تلافيف 
عقل الأمة . . بين) وقف العجز باهل «الحمود» عند حدود «الرفض» و«الدفاع عن 
الذات) . . . أمام هذا الاستقطاب الحاد برز «طوق النجاة» للأمة فض صورة «مدرسة 
التجديد» » على اتساع ساحتها » وعلى تمايز بين الأعلام الذين انخرطوا في موكبها . 
ففي هذه ال مدرسة كان القاسم ا مشترك الأعظم بين أعلامها ومفكريها متمثلا في : 
© رفض «التغريب» و«ا جمود» كليه) 
© والإنطلاق إل تجديد «الدنيا) بواسطة نجديد ر«الدين» . . 
© والسعي لتأسيس النبضة ا حديثة على قواعد التمدن الإسلامي . 
© والتفاعل مع ا حضارات الأخرى - وف مقدمتها ا حضارة الغربية. a‏ النحو الذي 
بعل هذا التفاعل عامل قوة لذاتيتنا ا محضارية ا متميزة » وليس عامل مسخ ونسخ 
وسحق وتشويه ! . 
وف طليعة (مدرسة التجديد» هذه كان الأعلام poll‏ ورت على تقديم [أعبا هم 
الكاملة] للمكتبة العربية الإسلامية منذ ما قعل الان هاا . . ذلك أن الخطر 
لا زال قائاً . . والاستقطاب ا حاد بين دعاة «التغريب» وأهل «ا جمود» يفعل فعله في 
تمزيق هوية الأمة وتشويه معارفها . . . ومن ثم فإن طوق النجاة من هذا ا مأزق كامن في 
الوعي مقولات أعلام «مدرسة التجديد) » وي الانطلاق من هذه ا مقولات - بالتطوير 
والتجديد والاضافة - لصياغة ا مشروع الحضاري العريي الاإسلامي > الكافل لاإ عاض 
الأمة كي تعيش عصرها » متجاوزة «التخلف ا موروث» » ومنتصرة على نحديات «الوافد 
الضار» !. . 
تلك كانت الغاية من وراء ا جهد الذي بذلناه في ا جمع والتحقيق والدراسة 
للأعبال الكاملة لأبرز الأعلام الذين جسدوا في يقظتنا ا حديثة ملامح التجديد للذات 
ا حضارية . 
وتلك هي الغاية من وراء تقديم هذه الطبعة ا حديدة - الثالثة - للأعال الكاملة 


\\ 





للإمام حمد عبده . . . أحد أبرز هؤلاء الأعلام ا مجددين ! . . 


وإذا كانت أنظار الأمة العربية الإسلامية » وآماها تتعلق اليوم «بالصحوة 
الإسلامية» كطوق النجاة من هذا ا مازق الذي فرضه على عقل الأمة وواقعها «دعاة 
التغريب» و«أهل ا جمود» .. . وإذا كانت هذه «الصحوة الإسلامية» هي السبيل 
الأفعل لمجاببة التحديات التي تفرضها ا حضارة الغربية على استقلالنا ا حضاري . . . 
فإن السبيل الوحيد والطريق ا لأمون لتخليص هذه «الصحوة الإسلامية) من سلبياتها 
القائلة » إنما يكمن ف «الاستنارة» و«العقلانية) اللتين بدونها لن يتانق هذه «الصحوة» 
اكتشاف حقيقة الإسلام » وتميزه وامتيازه في السياسة وا حضارة والاجتباع . . . 
فالإجتهاد والتجديد هما طوق نجاة «الصحوة الإسلامية» المعاصرة من ا حمود 
والإحباط . . وهنا تأني الأهمية العظمى للأع)ل الكاملة للأستاذ الإمام !. . . 

إنه أعظم العقول الإسلامية ا حديثة التي وهبت جل طاقاتها لتجديد الفكر 
الإسلامي » و لجحلاء ركام البدع وا خرافات والإضافات عن أصول الإسلام .. وهو 
أعظم أركان مدرسة التجديد الديني » في عصرنا ا حديث » على الإطلاق !. . 

ونحن » عندما peli‏ هذه الطبعة ا حديدة من أعساله ene‏ حوت من 
إضافات وتعديلات - إلى ال مفكرين والباحثين والقراء . . . نتوجه إلى الله » سبحانه 
وتعالى » بالاغاء أن مجعلها إسهانا فكز نا يتناد مق خقطا امعنا الغريية الاسلافتة ...آم 
الرسالة ا خائمة ا خالدة » fe‏ نبيها أفضل الصلاة والسلام . 

وما ذلك على ab‏ بعزيز . 


حرم سنة ٠٤١۲‏ ه 


القاهرة : 
يوليو سنة ۱۹۹۱ -e‏ 





تهبل 


ثلاثة رجال عقدت لهم أعمالهم الفكرية وجهودهم العملية لواء القيادة لمسيرة 
الهضة والبعث والاحياء التي بدأتها شعوب الشرق في القرن التاسع عشر » فكانوا نقطة 
البدء الأولى والحقيقية والعملاقة في ذلك التجديد الذي ميّر حياتنا الحديثة والمعاصرة عن 
تلك التي عاشها الشرق في ظل حكم الماليك والأتراك العثمانيين . 


وأول هؤلاء الرجال هو رفاعة رافع الطهطاوي PAYA A VYV1)‏ 
(e SAVY VAS‏ الذي كان نافذة الشرق على a‏ جدد الصلات الفكرية بينهياء 
وم يقف أمام حضارة الغرب العملاقة موقف الأحوذ الناقل المقلد » بل موقف من 
يختار. ويمزج مختاراته بثراث الشرق وواقعه . فسلط الأضواء على الديمقراطية 
البورجوازية » والدستور . والمؤسسات النيابية » وتقييد الحكومات بالقانون » وأبرز 
دور الجماهير و«العامة) في الثورة على الملوك المستبدين(١)‏ 


وأعطى واحداً من أهم أعماله الفكرية لقضية المرأة الشرقية » oa‏ 
al‏ ا للا ار المستقبل . وقدم فكر 
الغرب ف هذا الميدان Vee‏ بتراث الشرق النقي المتقدم ففتح باب الحركة ولوح 


. تخليص الأبريز في تلخيص باريز . انظره في الجزء الثاني من [أعماله الكاملة] دراسة وتحقيق د‎ )١( 
. 1۹۷۳ طبعة بروت سنة‎ 1 Ie محمد‎ 


۳ 





بالأمل أمام نصف المجتمعات الشرقية التي كانت مهملة تاماً ومعطلة بالكلية في ذلك 
الین : 

ونظر في الصفحة التقدمية لفكر الغرب الاقتصادي والاجتاعي ¢ على ضوء تراث 
العرب والمسلمين الذي يمجد العمل. ويعلي من شأن المجموع » وينتصر للعدالة 
الاجتماعية » وصاغ من كل ذلك أكثر أعماله الفكرية نضجاً » ذلك الذي قدم فيه أول 
بناء فكري عربي حديث في Sle‏ الاقتصاد والتنظيم الإجتماعي > الذي 4 يقف عند 
حدود مصالح الطبقة المتوسطة » بل أدخلت فيه النظرة الشمولية عناصر أساسية للعدل 
الاجتماعي دعا بها إلى انصاف الفلاحين و«العملة» وجماهير الكادحين في البلاد" . 

وثاني هؤلاء الرجال العظام هو جمال الدين الأفغاني ( ٠۳١٠٤-۱۲٣۴‏ هم 
۸ -_ ۱۸۹۷ م) الذي اتخذ من تجديد الإسلام . بعقل الفيلسوف » أداة لتجديد 
حياة الشرق والشرقيين » Ly‏ من الثورة سبيلاً تصل الجماهير عن طريقه إلى مواقع 
السلطة والسلطان » كي تملك بيدها مصائرها » وتحرر طاقاتها » واستهدف من وراء كل 
ذلك أن يبعث روح المقاومة في الشرق كي يصد الغزو الاستعماري الأوروبي الذي كان 
آخذا في الزحف على بلاده » وشعوبه وقيمه وحضارته في ذلك الحين . . 

وثالث هؤلاء الرجال العظام هو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده 
١177*-1773(‏ ه 1844 - 1100 م) الذي أنخذ عن الأفغاني منهج الإصلاح الديني 
كسبيل لتجديد حياة الشرق والشرقيين » وقدم بهذا المنج fare LSS Fly‏ القسمات » 
وواصل رسالة الطهطاوي في تقدير المرأة وضرورة تحريرها بالعلم » وتخليصها من القيود 
التي قيدت بها خطأ باسم الدين . . وتببي الفكر الإجتماعي المتقدم » عندما انطلق من 
منطق العصر واحتياجاته إلى النظر في تراث الإسلام الإجتاعي والاقتصادي بعقل واع 
وأفق مستثير . / 


(؟) المرشد الأمين 3 dys‏ البدات والبئين . انظره d‏ ج ١‏ من المصدر السابق : وانظر الدراسة الى 
قدمنا بها لأعماله الكاملة . جا ص ۲۲۱-۲۰۱ . 1 

gale (1)‏ الألباب المصرية في مباهج الأداب العصرية. انظره في ج ١‏ من [أعاله الكاملة] وانظر في 
الدر'سة التي قدمنا بها لأعاله جا ص ١1/4 ١926‏ . 

)٤(‏ انظر دراستنا عنه في التقديم لأعماله الكاملة . طبعة بيروت سئة 191/8 م 


١4 





ولقد اقنضت طبيعة المرحلة التي عاشها هؤلاء الرجال العظام وطبيعة الدور الذي 
هضوا به أن تجمع بينهم مجموعة من القسمات : 

- فلقد كانوا رواداً .. ارتاد كل منهم مجالات لم تطرق من قبله بجدية وتأثير 
ووضوح .. فعل ذلك الطهطاوي فيها نظر فيه من فكر الغرب وتجاربه . . 
والأفغاني فيها وعى وقدم من تراث الإسلام الفلسفي . ومنطقه في التطور 
والتجديد ... ومحمد عبده في أشياء كثيرة أبرزها موقفه المتميزء بعقل عصري 
مستنير أمام القرآن الكريم . 

۲ - وكانوا أنصاراً للجمع بين الانتاج الفكري والنضال العملي » فلم يقفوا عند حدود 
التأمل النظري » وم تقف جهودهم عند حدود الكلمة . وإثما كانوا مناضلين عن 
فكرهم وآرائهم » عاملين لوضع هذه النظريات في التطبيق . . ولذلك تعر 
ae‏ للنفي » ووقع . بهم الكثير من الظلم والاضطهاد . . بل واشتركت أسرة محمد 
علي في اضطهادهم ونفيهم جميعاً من مصر في عهدي عباس الأول » وتوفيق . 


_ وأعطوا bo pal Lee‏ حساباتهم وخططهم > مركز القيادة فيا أرادوا من النہضة 
والثورة والتجديد » وذلك عندما أبصروا دورها الحضاري » ووزن تاريخها القديم 
والحديث وامكانياتها البشرية والاقتصادية والفكرية » وموقعها من العالم الذي 
يريدون الغبوض به » ومكانة كل هذه العوامل وأثرها في نفوس الشرق والشرقيين , 
فوضعوا جميعاً في تربتها بذور أفكارهم » وعلقوا على النموذج الذي أرادوا صنعه بها 
الآمال » ورأوها نقطة انطلاق إلى ما وراء حدودها ء ومركز جذب للآخرين . . 


ونحن نعتقد أن تأصيل حركتنا الفكرية المعاصرة » وربط عناصرها وقساتها 
soda‏ بجذورها في Bole] Oyo Gly gl lee poe‏ تقديم هؤلاء الرجال العظام إلى 


المفكر والمثقف والقارىء العربي والمسلم من جديد ... تقديم أع الهم الفكرية 
الكاملة . . . ودراستهم على ضوء eles‏ الفكرية التامة غير المنقوصة ولا المجتزأة 
واستخدام المنهج العلمي في تقويم جوانبهم الإيجابية وعرض مافي فكرهم من 
سلبيات . . . وذلك لأن هؤلاء الرجال الثلاثة ة يكونون ظواهر فكرية متنوعة » طرقت 
مجالات متعددة , ولكن آفاقهم جميعاً قد احتوت العناصر المتكاملة التي تطلبتها 
واقنضتها عملية الهضة والبعث والإحياء . . 


\o 





فليس أمام الذين يريدون النظر إلى حياتنا الفكرية من جوانبها «المتلوعة ‏ 
المتكاملة» » والذين يريدون تأصيل جذور هذه الحياة وقسماتها المتقدمة . أو يشاؤون 
اكتشاف الأصول الأولى لما في هذه الحياة الفكرية من سلبيات » ليس أمام هؤلاء إلا 
النظر في تراث هؤلاء الأعلام الثلاثة » بعد dee‏ ونتحقيقه وتبويبه التبويب الموضوعي 
والتاريخي الذي يعيد له امكانيات الفعل والتأثير. ويجعله فيضا لجمهور المثقفين 
المعاصرين . 

ae a sk 

والأعمال الفكرية الكاملة للأستاذ الإمام محمد عبده . . . التي نقدمها الآن › 
ونقدم لحا . هي حلقة من الحلقات التي أردنا بها تحقيق هذا الهدف الذي تحدثنا عنه . 
ففي سنة 14717 م أخرجنا بداية الأعال الكاملة للأفغانٍ , وها نحن نقدم الآن أعمال 
الأستاذ الإمام0©» > في خمسة أجزاء . . وذلك بعد أن جعناها من مصادرها الأصليةء 
ومن مظاءها » تلك المصادر والمظان التي بلغت مئات الكتب والصحف والمجلات . 
وبعد أن حققناها وميزنا بين ما هو للأستاذ الإمام وبين ما هو ليره » وحققنا الفصل بين 
أعماله وأعمال كل من الأفغاني وكسيد Sykes day LS)‏ وعيد الله نديم لأول مرة في 
تاريخ فكر هؤلاء الأعلام ng‏ 

وبعد جمع هذه الأعمال , وتحقيقها » بوبناها تبويباً موضوعياً وتاريخياً في نفس 
الوقت ء فا كتبه في الموضوع الواحد جمعناه في المكان الواحد ء ورتبناه ترتيباً تاريخياً » 
حتي يبصر الباحث والقارىء عوامل التطور في فكر الرجل . ويستطيع أن يرد هذا 
التطور إلن العوامل الموضوعية أو الذاتية التي شهدتها حياته والتي أثمرت هذا التطور في 
فكره . 

ولقد خصصا الجزء الأول لفكره في السياسة .. والثاني لفكره الاجتماعى © 
والثالث لفكره في الإصلاح الفكري والتربوي والإلميات . . وباقي الأجزاء لتفسيره .ما 


les de (0)‏ عملنا في جمع وتحقيق أعيال الشيخ محمد عبده وفقنا الله إلى متابعة العمل في ميدان 
الجمع والدراسة والتتحقيق لأعيال قادة اليقظة العربية والإسلامية الحديثة 3 فإزدانت المكتبة dy pl‏ 
Sedu‏ الكاملة لكل من الأفغاني والطهطاوي ‘ والكواكبي ‘ وقاسم أمين ‘ وعلي مبارك . 
وذلك فضا عن Jel‏ الأسثاذ الإمام , 


1 





فسر من سور القرآن وآياته . وهو التفسير الذي أودع فيه خلاصة فكره في الإصلاح 
الديني وتحرير العقل الإنساني من قيد التقليد . . 

ولقد آثرنا أن نقدم بين يدي هذه الأعمال بدراسة مستفيضة عن فكره السياسي 
والاجتماعي » وكذلك مذهبه في التجديد الديني ‘ والاصلاح اللغوي والآدبي > وأخرى 
عن تحقيقنا للنصوص التي كانت محل اختلاط بينه وبين غيره من المفكرين ... وفي 
الحديث عن فكره السياسي والاجتماعي أمدتنا أعاله بعد جمعها وتحقيقها » لأول مرة » 
بما حسم العديد من القضايا التي لم تحسم من قبل حول فكره وموقفه من السياسة 
وأحداثها » وني الحديث عن النصوص التي حققنا نسبتها » بعد أن كانت شائعة أو 
منسوبة لغير صاحبها » تبرز تماذج من الجهود التي بذلناها في هذا المقام . . 

ولقد آثرنا أن لا نترجم لحياة الرجل ترجمة تقليدية تعيد أو تكرر ما قدم عن حياته 
من ترجمات . وفضلنا على ذلك أن نقدم لحياته هذه «بطاقة» كثفنا فيها كل أحداث هذه 
الحياة وانجازاتها » مستفيدين في ذلك بما كتب عنه » مصححين الكثير من أخطائه » 
مضيفين لأشياء جديدة استخلصناها من اجتماع أعماله الفكرية كاملة لدينا لأول مرة 
تاريخ تراث هذا الإمام العظيم . . 

ونحن إذا شئنا أن نلقى » في هذا التمهيد . بعض الضوء على جزئيات هذا 
الف اا ا و و Cycle Ue gh la‏ اميش ف ادا 
Sa cael‏ تضرم متها عن هذا Cua‏ ركن آم الاين 
والقراء » راجين أن نكون قد وفقنا لأهم ما ابتغينا من وراء الجهد الذي بذلناه في هذا 
Gedy dy Wy. foal‏ 


7 


Converted by Tiff Combine 








(إن والسدي أعطاني the‏ بشاركني فيها أخواي 
والأولياء والقديسين !. .) 


\4 


Converted by Tiff Combine 








هذه الصفحات القليلة ليست ترحمة تقليدية لحياة الأستاذ الإمام » فلقد وضعت 
لحياته العديد من الترجمات . على أسس متعددة ومتباينة من المناهج الخاصة بالترحمة للحياة 
العظماء والمفكرين والحكماء 3 


وبالرغم من أن لنا العديد من الملاحظات على بعض ما كتب عن حياته من 
تاریخ »› إلا أن المقام الذي نحن فيه ليس مقام الترحة المستفيضة لحياته الخصبة . 
والغنية بالعير والمثل والدروس ls.‏ الأمر الذي نحن بصدده » وهو التقديم بين يدي 
أعباله الفكرية الكاملة » يستدعي أن نستبدل محاولة الترحمة له بمحاولة تقديم (بطاقة 
لحياته الفكرية والعملية) - إن جاز هذا التعبير ‏ ففى سطور » شديدة الإيجاز » سنكثف 
أحداث حياته الفكرية والعملية » مبرزين أهم قاتا » واضعين اليد على عوامل 
تكوين هذه القسمات » مشيرين إلى درجات التطور التي حدثت له في المراحل التي مرت 
ها حياته . وتي كل ذلك فنحن نستفيد من كل ما قرأناه ما كتب عنه » وبالدرجة الأولى 
نحتكم إلى أعاله الفكرية هوء بعد الجمع لها وهو ما يحدث للمرة الآولى - وبعد 
التحقيق العلمي لنصوصها كي تتميز عن نصوص غيره - وهو ما يحدث أيضاً للمرة 
الأولى ‏ وهما الأمران اللذان أتاحا لنا تصحيح العديد من تواريخ الأحداث الفكرية 
والعملية التى شهدتها حياته والتى أخطأ في كثير منها من كتبوا له وعنه بعض الترجمات . 
ولقد أعاننا على هذا التصحيح أيضاً ما أتاحه لنا جمع أعماله وتحقيقها ومن ثم اكتهال معالم 
فكره في حركته وتطوره وما أتاحه لنا ذلك من تقديم دراسة عن فكره السياسي 


۲١ 





والاجتماعي نعتقد Lal‏ قد حسمت ذلك الجدل والتخبط الذي لازم الحديث عن هذا 
الجانب من آثاره ما يقرب من قرن من الزمان . 
«فبطافة حياته» الفكرية والعملية الى نقدمها في هذه الصفحات القليلة > هي ثمرة 
لجهد من سبقنا في الترحمة له . ولتلك الإضافات الأساسية الجديد التي يقدمها جمم 
shel‏ وتحقيقها » وما أثمره هذا الجمع والتحقيق من تقديم الصورة الدقيقة والمتكاملة 
عن أحداث حياة هذا المفكر الكبير . 
أما صفحات هذه «البطاقة» فإنها تتسلسل مع تطور الحياة التي ترصد معاملها 
وقسماتها لتسجل مراحل هذا التطور › ولتقدم لنا عن هذه الحياة صفحات ست : 
| تكوين صباه . . والفترة التي كان يصده فيها عن طلب العلم ذلك المج الحامد 
الذي كان عليه التعليم بالأزهر في ذلك الحين . 
؟ ‏ اشراقة التصوف الذي اجتذبه بواسطتها حال أبيه الشيخ درويش خحضرء فملحه مها 
الثقة في إمكانية تحصيل تحصيل العلم وضرورة ة التعليم وجدواه . 
٠‏ قيادة جمال الدين الأفغاني له من درب التصوف والتنسك إلى ساحة الفلسفة والحكمة 
المرحلة الأولى الي حمل فيها مسؤولية دعوة الوصلاح بمصر « بعد نفي أستاذه حمال 
الدين › ولكن Amel‏ الخاص والمتميز » وما انتهت إليه من مشاركته العرابيين 3 
الثورة » ثم السجن » والنفي » بعد هزيمتهم في سنة 18485 م . 
ه ‏ مرحلة المنفى » ورحلته من الشرق إلى الغرب . ثم من الغرب إلى الشرق . 
والعودة إلى مذهبه he'd!‏ المتميز في طريق الإصلاح 
- العودة من المنفى » وتبوئه مكان الصدارة الفكرية في العام الإسلامي » بعد أن 
لمححت السلطنة العثانية 3 سجن أستاذه الأفغاني 3 قفص الذهب واتواسيس 
E e‏ 
فهي إذاً «بطاقة حياة) من ست صفحات : 
wa Na‏ 
© ولد الشيخ «محمد عبده حسن خير اللّه» في قرية ey‏ نصر) بمركز وشبراحيت») 


۲۲ 





من أعمال مديرية (محافظة) «البحيرة) في سنة ١844‏ م ١777(‏ ه) » في اسرة تعتز بكثرة 
رجافا ومقاوسهم لظلم الحكام » وتحملهم في سبيل ذلك العديد من التضحيات : 
هجرة » وسجنا » وتشريدا » وضياع ثروة . SF gay‏ عن هذا الأمر فيقول : إنه قد 
سعی واش fal‏ «عند الحكام بحجة OF mel‏ يحمل السلاح » ويقف في وجوه الحكام 
وأعواءهم عند تنفيذ المظالم » فأخذوا جيعاً » وزجوا في السجون واحداً بعد واحد » ومن 
دخل منهم السجن لا يخرج ور 
بقي من البيت مع ابن أخيه إبراهيم . .» 


© علمته هذه النشأة الاعتزاز بالمجد والأصالة » وعدم الربط بين هذه الأصالة 
وبين الغنى والثروة » والضن باحترامه على أهل الثراء » خصوصاً المسرفين منهم 
الا lla e‏ و ا 
الأفغاني فيه هذا الخلق السامي فقال له : «قل لي باللّه . . أي أبناء الملوك أنت ؟!) 
وقال عنه الخديو عباس : «إنه يدخل عل كأنه فرعون !) . 


© تلقى تعليمه الأولي للقراءة والكتابة » وحفظ القرآن » بالقرية » وبدأ ذلك 
وهو في السابعة من عمره(2 . . ثم ذهب إلى «المتامع الأحمدي) بطنطا ليحضر هناك 
دروس تجويد الفرآن الكريم في سنة 1877 م (سنة ۹ ه) . 


© بدأ في سنة 18514 م (سنة 1781١‏ ه) يتلقى أول دروسه الأزهرية في «الجامع 
الأحمدي» ؛ بعد أن استكمل تجويد القرآن .. ولكن أساليب التدريس العقيمة قد 
صدته عن قبول الدروس » فقرر هجران الدراسة بعد عام من شروعه فيها » وعاد إلى 
القرية سنة ۱۸٠٠١‏ م (سنة ٠۲۸١‏ ه) » وتزوج » وعزم على العمل بالزراعة مع أبيه 
واخوته والانقطاع عن سلك التعليم .. ولكن والده رفض ذلك » وقرر إعادته إلى 
«الجامع الأحمدي» في نفس العام . 


)١(‏ يخطىء الأستاذ العقاد في التأريخ لهذا الحدث في كتابه عن الإمام » فجعله في العاشرة من عمره 
سلة 1864 م . 


۲۳ 





ele 


© في هذه الفثرة ة التقى بالشيخ درويش A>‏ = خال والده - Bye gry‏ كان على 
اتصال بالزاوية السئوسية » فألقى إليه ببعض من حكمة التصوف . وقاده إلى شيء من 
سلوك الصوفية . فعادت إليه الرغبة في طلب العلم » وعاد إلى «الجامع الأحمدي) سنة 
60م (سئة ١١8+‏ ه) ء وبدأ يفكر في الذهاب إلى القاهرة كي يلتحق بالجامع 
الأزهر . . وتحت تأثير التصوف حدث ذلك الذي صور به تلك الرغبة عندما كتب 
ليقول : «في يوم من شهر رجب من تلك السنة (سنة ۱۲۸۲ ه) كنت أطالع بين 
الطلبة » وأقرر لهم في (شرح الزرقاني) » فرأيت أمامي شخصا يشبه أن يكون من 
ee‏ سي إليه قال ما معناه : ما أحلى حلواء 
مصر البيضاء . . فقلت له و ين الحلوى التي معك ؟ فقال : سبحان الله ! من جد 
ا de gloat Uy TT‏ 
طلب العلم في مصر . دون طنطا» . 

® ذهب إلى الأزهسر » بمصرء في فبراير سنة 1855م (شوال نة 
Oa NYAY‏ 

© كان بالأزهر يومئل حزبان : شرعي محافظ . . وحزب صوفي أقل في محافظته 
من الشرعيين .. وحضر محمد عبده دروس كل من الحزيين » فسمع من الحزب 
الشرعي المحافظ دروس المشايخ : عليش » والرفاعي » والجيزاوي » والطرابلسي » 
والبحدراوي ... : .ولكنه انتفى إل اللرب الصو + وكانرائذة الشيخ جسن رضوان 
(المتوفي سنة 1845 م سئة ٠١٠١‏ ه) صاحب منظومة (روض القلوب المستطاب) . 
وكان من هذا الحزب الشيخ حسن الطويل » والشيخ محمود البسيوني . 

se sie he 


aye 
dw) م‎ ۱۸۷١ زار الأفغاني مصر للمرة الثانية » وطاب له المقام ہا ف سنة‎ 6 
: ه) فاتصل به محمد عېده » ولازم مجلسه منذ شهر المحرم من ذلك العام(‎ 8 





. مخطىء الأستاذ العقاد في هذا التأريخ ويجعله سنة 18568 م‎ )١( 
= م » وهي السنة التي حدثت‎ ۱۸٦۹4 يخطىء الأستاذ العقاد فيقول : إن الإمام لقي الأفغاني في سنة‎ )"( 


4 





وودع لذلك حلقات الدروس الأزهرية العقيمة بأرجوزة نظمها وقال فيها : 
لو كان هذا وصفهم ما شنعوا 
بل وقتهم في جاء زيد a‏ 
ظنوا بأن العلم علم القول . 
والله ء بل علم القلوب فضلا 
© انتقل به الأفغاني من التصوف والتنسك إلى «الفلسفة ‏ الصوفية» . . وكان 
الأفغاني يقول : «الفيلسوف إن لبس الخشن » وأطال المسبيحة , ولزم اللمسجد فهو 
صوفي .. وإن جلس في قهوة ٠‏ «متاتياً وشرب الشيشة فهو فيلسوف» ؟! . 
© كتب مقدمة (لرسالة الواردات) الفلسفية › التي أملاها الأفغاني سنة ۱۸۷۲ م 
(سنة ٠۲۹١‏ ه) ٠‏ وهذه المقدمة هي أول الآثار الفكرية التي حفظت لنا من تراثه (وهي 
لم تدشر إلا بعد وفاته) . 
© أول ما نشر باسمه كان «بالأهرام) في سنته الأولى سنة ۱۸۷١‏ م (سنة 
١١91‏ هم وكان لا يزال يلتزم السجع في أسلوبه » وسنه يومئذ كانت سبعة وعشرين 
عاما , 
© دخل امتحان العالمية في سنة ۱۸۷۷ م ٠۳(‏ جمادي سنة ۱۲۹٤‏ هم » وناها 
من الدرجة الثانية » وكانت سنه ثانية وعشرون عام ولولا اصرار رئيس tte‏ 
الامتحان الشيخ محمد المهدي العباسي » شيخ الأزهر » على نجاحه . لرسب » لأن 
بعض الأعضاء كانوا قد تواصوا على اسقاطه » لآرائه وصحبته لمجال الدين الأفغاني . 
© واصل بعد تخرجه تدريس كتب المنطق . والكلام المشوب بالفلسفة في 
الأزهر . . وقد كان ge‏ قبل تخرجه يعيد على طلبه الأزهر القاء دروس الأفغاني التي كان 
يلقيها في منزله » والكتب التي يشرحها وبعلق عليها , فقرا لهم (ايساغوجي) في 
المنطق © و(شرح العقائد النفسية) لسعد التفتازاني دم حواشيه . و(مقولاات 
السجاعي ak,‏ العطار) » وغيرها . . وعقد في بيته درساً شرح فيه لبعض الطلبة 
بعض المؤلفات الفكرية الحديثة والقديمة » مثل : (التحفة الأدبية في تاريخ تمدن المالك 


فيها زيارة الأفغاني الأولى والقصيرة co pal‏ وهو خطأ ينفيه تأريخ الإمام نفسه لبدء اتصاله 
بالأفغاني . 


Yo 





الأوروبية) للوزير الفرنسي «فرانسوا جيزو» » تعريب الخواجة نعمة الله حوري » 
وقرظه 3d‏ (الأهرام) هو وأستاذه الأفغاني 5 وكتاب (تبذيب الأحلاق) اس مسكويه . 
© في سنة ۱۸۷۸ م (أواخر سنة ۱۲۹۵ ه) عين مدرساً للتاريخ بمدرسة دار 
العلوم » فقرأ على طلابها مقدمة ابن خلدون ؛ وألف لهم كتاباً » ضاعت أصوله » هو 
(علم الاجتياع والعمران) » وعين مدرساً للعلوم العربية في مدرستي الألسن والادارة . 


© اشترك مع أستاذه الأفغاني في التنظيمات السياسية السرية التي أنشأها الأفغاني 
بمصر . فدخل (الماسونية) » وكانت حسنة السمعة . إلى حد كبيرء يومئذ. للدور 
الذي قامت به في أوروبا في العصور الوسطى ضد استبداد الأباطرة وسلطة البابوات » 
وسعيها في سبيل الديمقراطية والتحرر , وابعاد نفوذ الكنيسة الرجعي عن دوائر البحث 
العلمي . وتحرير عقول العلياء من ارهاب رجال الدين المحافظين » ورفعها شعارات 
dad gill 3‏ (الحرية » والمساواة » والإحاء) » ولم يكن الأثر السيامي لمن في قياداتها 
من اليهود قد ظهر بعد في قضايا الشرق العرب المصيرية . إذ لم تكن الحركة الصهيونية 
الحديثة قد ظهرت بعد » ولا تكشفت نوايا اليهود العالمية بالنسبة لفلسطين ... ومع 
كل ذلك فلقد خاب أمله فيها , مع أستاذه , عندما تحققا من مهادنتها للاستبداد , 
وصلاتها بالنفوذ الأجنبي »> وخاصة الإنجليزي . . . ودخل الإمام مع أستاذه الأفغاني في 
(الحزب الوطني الحر) الذي كان شعاره (مصر للمصريين) ‏ أي لا للأجانب ولا 
للشراكسة ‏ والذي ضم الطلائع الوطنية المستنيرة من طبقات مصر في ذلك الحين . 

© أبرز أعماله الفكرية في هذه المرحلة . بعد دروسه وتدريسه » مقالاته في 
الصحف , وهي : (تقريظ جريدة الأهرام) و(الكتابة والقلم) و(العلوم الكلامية 
والدعوة إلى العلوم العصرية) » وتقديم تقريظ الأفغاني لكتاب (التحفة الأدبية) . . ىا 
صاغ في هذه المرحلة العديد من آثار أستاذه الأفغاني ؛ مثل حاشيته على (شرح الدواني 
للعقائد العضدية) » وفلسفة الصناعة » ورسالة الواردات . . وصاغ أيضاً الرسالة التي 
ترجمها علي باشا مبارك » ونشرها بالأهرام بعنوان (المدبر الإنساني والمدبر العقلي 
الروحاني) . 

® وأهم قسمة تيز بها إنشاؤه عن إنشاء غيره - من صاغ هم أفكارهم وأماليهم - 
في هذه المرحلة . هي السجع . . فلقد كان يسجع عندما ينشىء , ويتخلى عله عندما 


۲٦ 





1/ 
ae ok ok 
o- ٤ 


© ي يوليو سنة ۱۸۷۹ م (سنة ٠۲۹١‏ ه) نفي الأفغاني من مصر ... وعزل 
الإمام من مناصب التدريس في مدرسبي دار العلوم والألسن ... وسحددث اقامته Ay yA‏ 
«حلة نصر» . 

© في سنة ۱۸۸١‏ م (أواسط سنة ۱۲۹۷ ه) استصدر رياض باشا » ناظر 
النظار , عفوا من الخديو توفيق عن الإمام 2 واستدعاه من قريته › وله dit ls‏ 
(الوقائع المصرية) فاستهل كتابته مها في 19 يوليو سئة 188٠١‏ م . وني ٩‏ أكتوبر من نفس 
العام عين رئيسا لتحريرها (محرر أول الصحيفة العربية الرسمية) » وتولى مسئولية 
الرقابة على المطبوعات . 

© في 18 مارس سئة 184١‏ م (18 ربيع الآخر سنة ١١94‏ ه) أنشىء المجلس 
الأعلى للمعارف العمومية » وعين ele‏ عضوا فيه . 

© في هذه الفترة أبعد عن الاشتغال بالتدريس . وعمل بالصحافة والسياسة . 
ولذلك برز اختلافه عن الأفغاني في وسيلة النبضة بالشرق والشرقيين (فهو عندما يدرس 
لا يختلف عن الأفغاني إلا في درجة الميل إلى الفلسفة .. ولكن عندما يعمل بالسياسة 
العليا والمباشرة يبدو الفرق بينها واضحا . . فرق المصلح من الثوري) . 

© انضم مع الحزب الوطني الحر إلى العرابيين بعد مظاهرة عابدين في 9 سبتمبر 
سنة 188١‏ م . . ثم ألقى بكل قواه في الثورة بعد المذكرة الثنائية الانجليزية - الفرنسية 
إلى مصر في يناير سنة \AAY‏ م عندما تبددت الأخطار الأجنبية استقلال مصر . وظل في 
مكانه من المسئولية والقيادة مم الثوار حتى هزية الثورة في سبتمير سئة IAAT‏ ¢ 

© بعد هزيمة الثورة سجن ثلاثة أشهر . . . ثم حكم عليه بالنفي ثلاث سئوات 
بدأت في 5؟ ديسمبر سنة 18857 م ء؛ ولكنها امتدت إلى ما يقرب من ست سنوات . 

© أبرز أعماله الفكرية في هذه المرحلة . هي مقالاته » وأغلبها نشر في (الوقائع 
المصرية) مثل : (عيد مصر ومطلع سعادتها) و(حاجة الإنسان إلى الزواج) و(حكم 


ry 





الشريعة في تعدد الزوجات) و(حكومتنا والجمعيات الخيرية) و(حب الفقر أو سفه 
الفلاح) و(إبطال البدع من نظارة الأوقاف العمومية) و(وخامة الرشوة) و(العفة ولوازمها) 
و(تخصيص لا يوجب التعميم) و(بطلان الدوسة) و(منتدياتنا العمومية وأحاديثها) 
و(تخصيص لما يوجب التعميم) و(بطلان الدوسة) و(المعرفة في المجتمع) و(الأدب 
الوهمي) و(الحشيش) و(وضع الثيء في غير محله) و(الصياح خخلف الجنائر) و(عادات 
لمآتم) و(التملق) و(فسحة التمثال) و(انتقاد في غير موضعه) و(الخرافات) و(العدالة 
والعلم) و(التربية في المدارس والمكاتب المبرية) و(المعارف) و(ما هو الفقر الحقيقي في 
Sb), dtl‏ التعليم في الدين والعقيدة) و(الكتب العلمية وغيرها) و(احترام قوانين 
الحكومة من سعادة الأمة) و(القوة والقانون) و(الوطنية) و(خطأ العقلاء) و(اختلاف 
القوانين باختلاف أحوال الأمم) و(مصر والحبشة) و(نيل المعالي بالفضيلة) و(قانون 
الوظائف المدنية) و(أوهام الجرائد) و(الحياة السياسية) و(رفع وهم) و(الشورى 
والاستبداد) و(الناس من خوف الذل في ذل) ودلا تتم نكاية الأعداء إلا بخيانة 
الأصدقاء) و(احتفال جمعية المقاصد بالتصديق على لائحة النواب) و(مقابلة الشكر 
بالشكر) و(الاتحاد في الرأي فرين الاتحاد في العمل) tails‏ «ترجمته للبارودي» و«برنامج 
الحزب الوطني الحر» و«دفاع عن حكومة الثورة» و«مفكرة الأحداث العرابية» وكتابته » 
من السجن . شعراً ونثراً بعد هزيمة الثورة .. إلخ . . إلخ . . 


ae ale ote 
m On 


ذهب إل وروت منفياً في VW) VAAY daw pause YE‏ صقر نة 
۰ هم » وکانت سئه يومئذ أربعة وثلاثون عاماء فأقام بها نحو عام » حتى دعاه 
أستاذه الأفغاني إلى اللحاق به في باريس في أواخر سنة ۱۸۸1۳ م . 

© من حجرة صغيرة متواضعة فوق سطح أحد منازل باريس أخذ يعمل مع 
الأفغاني في اخراج جريدة (العروة الوثقى) » لسان حال لجمعية (العروة الوثقى) السرية 
التي فام تنظيمها في بلاد الشرق . وخاصة مصر والهند .. فصدر منها ثانية عشر 





. مخطىء الأستاذ العقاد فيحدد سنة 1884 م تاريخاً هذه المرحلة‎ )٤( 


YA 





عدداً . أولها في ٠۳‏ مارس سنة ۱۸۸١‏ م ٠١(‏ جمادي الأولى سنة ٠۳١١‏ ه) وآخرها في 
VV‏ أكتوبر سنة 1884م (؟ ذي الحجة سنة ١10١‏ م) » وكان عمله في هذه الجريدة 
عمل «المحرر الأول» (رئيس التحرير) . 

© شغل في تنظيم (العروة الوثقى) السري منصب نائب الرئيس (الأفغان) . . 
ومارس العمل التنظيمي السري .. وتنقل بهذه الصفة في بلاد كثيرة ع بعضها في 
أوروبا » وبعضها في الشرق .. وكانت كثير من رحلاته هذه سرية . . ودخل مصر في 
هذه الفترة سراً (سئة 1884 م) أثناء اشتداد ثورة المهدي في السودان » وباشر قيادة 
عمل الجمعية السرية0© . . . وكتب في هذه الفترة عددا من الرسائل السرية إلى بعض 


فروع التنظيم . 


الإنجليري ووجوه الرلان والصحافة والرأي العام 1 


© بعد توقف (العروة الوثقى) . ويأسه من العمل السياسي المباشر كوسيلة ليضة 
الشرق » غادر باريس إلى تونس » ومنها إلى بيروت سنة ۱۸۸١‏ م » على أمل العودة إلى 

© في هذه الفترة أسس جمعية سرية للتقريب بين الأديان » شارك فيها عدد من 
رجال الدين المستنيرين ممن ينتمون إلى الأديان السماوية الثلاثة .. . وكان يرى «أن 
أصول تلك الأديان والمذاهب حق . ثم طرأ عليها الباطل » فبعضها ثابت بما فيه من 
Gt!‏ 6 وبعضها يما وضع له من النظام الموافق لسئن الكون flex Vy‏ ‘ فالنظام 
عدم معارضة أهل الحق لما فيه من الباطل . . . وأن التقريب بين الأديان ما جاء به 
الدين الإسلامي : «قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم»؟ . . 
«إن القرآن » وهو منبع الدين » يقارب بين المسلمين وأهل الكتاب » حتى يظن المتأمل 





ره هذه الحقيقة تذكر للمرة الأولى في التأريخ للأستاذ الإمام » أنظر أدلتها وتفصيلاتها في حديثنا 
عن فكره السياسى وعمله السيامي في هذه الفترة » في مكانه من دراستنا . 
(5)[آل عمران : 14]. 


5 





دل حو و دي إلا في بعض أحكام قليلة » ولكن عرض على الدين 
زوائد أدخلها عليه أعداؤه اللاسون ثياب أحبائه فأفسدوا قلوب أهاليه !...2 . 

ه وني بيروت مارس العلم الثقاني والتربوي والفكري » إلى جانب قليل من 
العمل السياسي المباشر بحكم الصلات التي كانت لا تزال قائمة بينه وبين الأفغاني 
وتنظيم (العروة الوثقى) . 

© من مقالاته السياسية التي كتبها ببيروت : (رسالة السير صمويل بيكر في 
السودان ومصر وانجلترا) » و(مصر وجريدة الجنة) » و(مراسلات) » و(مصر والمحاكم 
الأهلية) » وبعض الرسائل لعدد من الساسة والوجهاء . ومنها أرسل بعض آراء 
الأفغاني وتنظيم (العروة الوثقى) في السياسة الشرقية at‏ > دون توقيع 2 في 
(الأهرام) بالاسكندرية » وفي نشاطه السياسي هذا كان متلزماً بخط (العروة الوثقى) في 
العداء الصريح والمباشر للانجليز . 

© ومن مقالاته الاجتاعية في هذه الفترة مقال (الانتقاد) الذي كتبه في محلة 
«ثمرات الفنون) . ٠‏ 

© برزت في بيرت جهوده التربوية وأعماله الثقافية والفكرية . . فكتب » (لائحة 
اصلاح التعليم العثماني) و(لائحة إصلاح القطر السوري) » وشرع في كتابة (لائحة 
إصلاح التربية في مصر) .. كما شرع في تحقيق كتب التراث العربي الإسلامي . كرائد 
للمحققين العرب في العصر الحديث » cy i‏ (مقامات بديع الزمان الهمذاني) ؟ 
ers‏ البلاغة) › والتزم في التحقيق ا علمياً حدده في تقديمه لمقامات بديع الزمان 
lias‏ » عندما تحدث عن «تصحيح متن الكتاب» بواسطة ae‏ عديدة غخطوطة 
ااا مع فقال : «وأما تصحيح متن الكتاب فقد وفق الله له بتعداد النسخ 
لدينا » وإن عظمت شقة الإختيار علينا لتباين الروايات واتفاق الكثير منها على ما لا 
يصح معناه » ولا يستجاد مبناه »> فكان الوضع اللخغوي أصلاً نرجع | ليه » والاستعبال 
العرفي Lut‏ ولا كان الع pal oy‏ الان مر ا اخ اسا 
نعتمد به في التصحيح › » فإن تعددت الروايات على معان صحيحة أثبتنا في الأصل 
أولاها بالوضع ؛ إما لتأيده بالاتفاق مع أكثر الروايات وإما لتميزه بقرب معناه إلى ما 
احتف به من أجزاء القول » ثم أشرنا إلى الروايات الأخرى في التعليق . 


Ye 





واستعنت الله على العمل .. . وأقدمت على ذلك بلا سابق أقتفيه » ولا ذي مثال 
أحتذيه 2( ولا مادة لي إلا طبع woe‏ وذوق أدبي 2 وأمهات اللغة الحاضرة ‘ وأمثال 
العرب السائرة » ومقالات لهم على الألسن دائرة") ..2... كنا عبر في المقال الذي 
كتبه حول كتاب (فتوح الشام) المنسوب للواقدي عن ct!‏ العلمي ف نقد النصوص 
وتحفيق نسبتها إلى أصحاما sds‏ وهو المنبج الذي استخدمه من بعد ذلك الدكتور طه 
حسين في كتابه (في الشعر OC SME‏ 

© ىا أتم في بيروت كذلك ترجمة (رسالة الرد على الدهريين) للأفغاني » عن 
الفارسية » بمساعدة تابع الأفغاني ub ley‏ أفندي أبو تراب» > وصدرها بتر حمة هامة 
لأستاذه الأفغاني . 


© اشتغل بالتدريس في (المدرسة السلطانية) ببيروث سنة ۱۸۸١‏ م (سنة 
۳ ه) » فانتقل بها من مدرسة شبه ابتدائية إلى مدرسة شبه عالية . . . ومن الكتب 
التي شرحها فيها (نبج البلاغة) » و(ديوان الحماسة) وإشارات ابن سينا » وكتاب 
التهذيب » ومجحلة الأحكام العدلية العثمانية . . كما ألقى فيها دروس التوحيد التي تحولت 
بعد عودته لمصر إلى (رسالة التوحيد) . 


© بدأ تفسير die apie OT all‏ حديث لم يسبق في الشرق منذ يقظته » طبق فيه 
منج أستاذه الأفغاني » وكان ذلك بالمسجد العمرى ببيروت ؛ فكان يعقد درسه به 
ثلاث ليال في الأسبوع » واجتذب درسه هذا الحركة الفكرية والثقافية هناك » حتى أن 
المستنيرين من المسيحيين كانوا بجتمعون على باب المسجد لمساعه » ولا حالت ضوضاء 
الشارع دون ساعهم له طلبوا منه السماح لهم بدخول المسجد لمتابعة حديثه ؛ فسمح لهم 
بالوقوف دا حل المسجد إلى جوار الباب ؟!. ‏ واستمرت دروسه هله في التفسير حوالي 
السنتين . ولم يسجل لنا منها شيء . 


(/) مقدمة مقامات بديع الزمان الهمذاني . ص ۸-١‏ طبعة بيروت سنة ۱۹۲١‏ م (المطبعة 
الكاثوليكية للآباء اليسوعيين) . وانظر هذه المقدمة في الجزء الثاني من هذه الأعيال . 

(8) نشر هذا المقال في (ثمرات الفئون) في سنة 1887 م (١؟‏ رمضان سنة ١019‏ ه)ء انظره في 
الجرء الثاني من هذه الأعمال . 


۳١ 





© في بيروت تزوج من زوجته الثانية » بعد أن توفيت زوجته الأول . 

© سعى من بيرت لدى أصدقائه كي يطلبوا له العفو ليعود إلى مصر . . . وكان 
تلميذه سعد زغلول يلح على الأميرة نازلي هانم فاضل كي تستخدم نفوذها عند اللورد 
كرومر للعفو عن الإمام . . وسعى لذلك أيضا الشبخ علي الليثي والغازي أحمد ou‏ 
باشا » وكيل السلطان بالقاهرة . . . وعندما اقتنع كرومر بأن الإمام لن يعمل 
بالسياسة » وأنه سيقصر نشاطه على العمل التربوي والثقافي والفكري استخدم نفوذه في 
استصدار العفو من الخديو توفيق » فعاد الأستاذ الإمام إلى مصر في سنة ۱۸۸4۹ م (سنة 
ATS‏ 


عندما عاد الإمام إلى مصر اتخل لنفسه سكا في شارع «الشيخ (le,‏ « بالقرب 
من قصر عابدين . . ولما زاره صديقه عبد العزيز أفندي سلطان طرابلسى » وسأله عن 
سر الحتياره هذا المكان للسكنى 3 قال له (or)‏ نناطح عابدين مناطحة) 14 


© كان يدرك أن الود المفقود بينه وبين الخديو توفيق سيظل مفقوداً » فسلك طريق 
العلاقات المباشرة مع اللورد كرومر » وقدم إليه » مباشرة > اللائحة التي كتبها لإصلاح 
التربية والتعليم بمصر . 

أراد أن يمارس Ales‏ المحبب . وهو التدريس 6 وخاصة في دار العلوم هد 
فرفض اللخديو توفيق » حتى لا يتبح له فرصة تربية الأجيال الجديدة على أساس من آرائه 
وأفكاره » وعيله الخديو , سئة ۹ م قاضيا محكمة «بنہا» » کی يبعده عن 
القاهرة وعن التدريس ٠‏ فقبل على مضض . ثم انتقل إلى محكمة الزقازيق , ثم محكمة 
عابدين » ثم ارتقى إلى منصب مستشار في محكمة الاستعناف سنة 1841م . 

© في هذه الفترة دارت مراسلات قليلة بينه وبين الأفغاني في الآستانة بعد أن 
استقر بها سنة 18957 م .. ولكن موقف الإمام من السياسة والإنجليز جلب عليه 
غضب أستاذه . . ولقد انقطعت المراسلات بينبم| بعد أن عنفه الأفغاني أكثر من مرة على 
حذره وخوفه . واتهمه بالحبن » وكتب إليه مرة يقول له (.. تكتب إلي ولا 


۳۲ 





قي ا وقد اا teh ge‏ عاد MS ley‏ قلت gt‏ 
كثرت ؟1.. . كن فيلسوفاً ترى العالم ألعوبة » ولا تكن صبيا هلوعا ؟! . .... وقال 
له Saad awe Way Voces GL ob et Ay, Gi‏ 
منك . . . قوى الله قلبك ؟!. . . وبلغ الأمر إلى حد توقف الإمام عن رثاء أستاذه في 
الصحف عندما مات في 4 مارس سنة ۱۸۹۷ م» واكتفى بالحزن عليه» وقال: إن 
0 أعطاني حيأة يشاركني فيها «علي) و«حروس» والسيد حمال الدين أعطاني حياة 
شارك مها محمداً وإبراهيم وموسی وعیسی » والأولیاء والقديسين » مارثيته بالشعر لاني 
لست بشاعر » ماريته بالنثر لآنني لست الآن بناثرء رثيته بالوجدان والشعور . لأننى 
إنسان أشعر وأفكر ؟!» . 
® بعد موت اديو توفيق » وتولي الخديو عباس حلمي الثاني السلطة » قامت 
فترة من الوفاق بين الأستاذ الإمام وبين العرش » وكان أساسها أن الإمام أقنع الخديو 
بأن يعاونه في العمل لإصلاح المؤسسات التعليمية والتربوية والاجتماعية الشلاثة : 
الأزهر » والأوقاف , والمحاكم الشرعية... وفي سنة 18940 م (” رجب سنة 
۲ ه) تشكل مجلس إدارة الأزهر . برئاسة الشيخ حسونة النواويٍ ‘ 0 فيه 
الأستاذ الإمام والشيخ عبد الكريم سلمان مثلين للحكومة » وكان حريصاً على أ نا يسن 
هذا المجلس وفق لائحته وقوانينه » لا بمشيئة الخنديو وحاشيته » وقال للخديوي ا 
أمام أعضاء المجلس : (إن مجلس إدارة الأزهر لا يعرف لسموكم أا عة إلا عند 
القانون الذي بين يديه » دون الأوامر الشفوية التي يبلغها عنكم من لا يق به 
المجلس ء لمخالفته لقانونكم . 


© اصطدمت سياسة الوفاق بينه وبين الخديو عباس بعاملين أساسي 


أوهما : مذهب الإمام المعتدل في السياسة إزاء الإنجليز » والذي جعله Wale‏ 
كرومر وسلطة الإحتلال » فلا يعتبر معركته المباشرة ضدهم > وإنما ضد العقبات التي 
تحول دون إصلاح الأزهر » والأوقاف » والمحاكم الشرعية » والتربية والتعليم . و 
الموقف الذي رضي عنه الإنجليز ورحبوا به » لآنه يتيح لهم ال هدوء والإستقرار . 

وثانيهها : معارضة الأستاذ الإمام وحسن باشا عاصم لمطامع الخديو في أراضي 
الأوقاف » عندما أراد استبدال بعض أراضيه بأخرى من أراضي الأوقاف .. وبذلك 


۳۲ 





انتهت فترة الوفاق هذه إلى مرحلة من الحذر والعداء » استمرت من سنة 1407 م حتى 
وفاة الأستاذ الإمام . 

© في سنة ۱۸۹۲ م (سنة 1١٠١‏ ه) اشترك في تأسيس «الجمعية الخيرية 
الإسلامية» » التي تبدف لنشر التعليم واعانة المنكوبين » وتولى رئاسة هذه الجمعية في 
سنة ۱۹۰۰ م (سنة ۱۳١۸‏ ه) . 

© في tw gigs Y‏ 8 م Ya)‏ حرم سنة 1110 ه) عين في منصب مفي 
الديار المصرية . . . 5 لهذا المخصب أصبح ا الأعلى » فسعى 
إلى إصلاحها » وإصلاح المساجد بوضع وتطبيق اللائحة الي ضمنا أفكاره لإصلاح 
هذا المرفق الإسلامي الام . 

© وفي 19 يونيو سنة 1849 م (18 صفر سنة 1711 ه) عين عضواً في «مجلس 
شورى القوانين» . 

© في سنة ١٠14م‏ (سنة 1١718‏ ه) أسس «جمعية احياء العلوم العربية) , 
فحققت ونشرت عددا من آثار التراث العربي الإسلامي الفكرية الهامة .. وشارك 
الإمام في عمل هذه الجمعية باستحضار المخطوطات . واستكيال نسخها » ومراسلة 
الملوك والسلاطين والقضاة لهذا الغرض . ومقابلة النسخ المخطوطة والشرح والتعليق 
على هذه الآثار الفكرية المهامة . 

© في هذه الفثرة من حياته سافر إلى خارج مصر عدة مرات . . إلى الشام . 
وإلى أوروبا أكثر من مرة » أشهرها رحلته إليها سنة 11٠01"‏ م (سنة ١7١‏ ه) . ومنها 
عرج على تونس والحزائر » ثم صقلية وإيطاليا . . . كا سافر إلى السودان في المدة من 
۳١ gm ۸‏ يناير سنة 1956 م:, 

© بدأ في هذه المرحلة يلقي دروسه في تفسير القرآن الكريم etl‏ الأزهر من 
يونيو سنة ۱۸۹۹ م (شهر المحرم سنة ٠۳١۷‏ ه) »> واستمر في القائها نحو ست 


(9) من أسباب غضب الخديو عباس على الأستاذ الإمام أيضاً اجتماعه بعرابي بعد عودته من المنفى على 
مائدة pee J jar el ul‏ «بلنت» في (عين شمس) . . وعندما قال «بلنت» للخديو أنه هو الذي 
رتب هذا اللقاء دون علم الؤمام 6 لم يبد عليه الاقتناع الكامل ¢ وقال لبلنت : إننى سأسوي ida‏ = 


۳٤ 





سنوات » أي حتى وفاته . . وبلغ في التفسير من أول القرآن حتى الآية ١74‏ من 
سورة الساء . . وكان الشيخ رشيد رضا يدون ملخصا » في الدرس » هذا التفسير » 
وبعد عام من بدئه آخذت تنشره ile‏ (المنار) (عدد محرم سنة ١١8‏ ه مايو سنة 
° ¢(“ واستمر ينشر فيها شهريا حتى عددها الخامس من سنتها الخامسة عشرة 
09 حمادي الأولى سنة ١٠‏ هاء ١7‏ مايوسنة ۱۹۱۲ م) . . وبعد ذلك أنخل رشيد 
رضا يواصل التفسير منفرداً بالعمل فيه . 

© من أبرز أعماله الفكرية في هذه المرحلة : فتاويه » وأحاديشه للصحف 
والمجلات » و(رسالة التوحيد) . وتحقيق وشرح (البصائر النصيرية للطومبي) .2 وتحقيق 
وشرح (دلائل الإعجاز) و(أسرار البلاغة) للجرجاني . و(الرد على هانوتى) » ومقالات 
الاضطهاد في النصرانية والإسلام ‏ (الإسلام والنصرانية » بين العلم والمدنية) ‏ التي رد 
بها على فرح أنطون سنة ۱۹٠۲‏ م » (وتقرير إصلاح المحاكم الشرعية) سنة 
4 م.. والفصول التي شارك بها في كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين سنة 
6849م » والفصول التي شرع ا الترحمة لحياته » ومقالات (المستبد العادل) › 
و(الرجل الكبير في الشرق) » و(آثار محمد علي في مصر) . . ومجموعة ملاحظاته وآرائه 
حول الثورة العرابية » سواء منها ما كتبه في مشروعه لتأريخها بطلب من الخديو عباس» أو 
ما كتبه لصديقه القديم «بلدت» .. وأيضاً ترجمته لكتاب (التربية) هربرت سبنسر عر 
الفرنسية » التى تعلّمها في هذه المرحلة من حياته . . وكذلك وصيته التربوية التي أملاه 
بالفرنسية في مرضه الأخير على «الكونت دي جريفل» » فنشرها في كتابه (مصر 
الحديثة) . 


© في مارس سنة 1900 م (محرم سنة ١1١75‏ ه) استقال من مجلس إدارة الأزهر 
احتجاجاً على مؤامرات الخديو عباس التي حال بها دون سير الإصلاح في هذه الجامعة 
الكبيرة . 


© كان كا يصفه الشيخ رشيد رضا- : «ربع القامة » أسمر اللون » مع 





الموضوع مع الشيخ محمد عبده ؟!. انظر مذكرات «بلنت» عن يوم ” لوفمبر سنة ۱۹١۱‏ م 
(كوكب الشرق) في ۲۲ أغسطس سنة ۱۹۳۲ م . 


Yo 





وضاءة . عظيم المامة في اعتدال » عالي الحبهة » كبيرالدماغ » أسود العينين براقههما . 
كأنهها مصباحان أو شرارتان » بارز الوجنتين » أقنى العرنين7 2١‏ » واسع الفم » منظم 
الأسنان » جهوري الصوت . أشعر الذراعين والمنكبين والصدر » عصبي المزاج 
ON) alae‏ ؛ ممتىء الجسم في غير ضخامة » قوي Oo kel‏ 

© وفي الساعة الخامسة من مساء يوم ١١‏ يوليو سئة sole yg‏ الأولى 
سنة ١77‏ ه) توفي الأستاذ الإمام بالاسكندرية عن سبع وخمسين عاما . . وعن ثلاث 
بنات . . وعن حياة فكرية خصبة . . وجهود في التربية والإصلاح . . ومواقف تجسد 
عظمة الإنسان المصري العربي المسلم وكرياءه لا يمكن أن تموت . . . فلقد كان عقلا 
من أكبر عقول الشرق والعروبة والإسلام في عصرنا الحديث . . . والموت إثما يصيب 
الأجسام , أما هذه العقول الفعالة فإنها لا تموت !.. 


. بكسر العين وسكون الراء  : الأنف‎  نينرعلا‎ )٠١( 
. أي ضيقه وشديده‎ )١١( 
: ص “91/7 . طبعة القاهرة سلة 15م‎ ١ [تاريخ الأستاذ الإمام] ج‎ (VY) 


۳٢ 





الاصلاح .. فالثورة .. فالاصلاح 


ف من يريد خير البلاد فلا يسعى إلا في اتقان 
chy‏ وبعد ذلك يأتي له جميع ما يطلبه... بدون 
إتعاب فكر ولا اجهاد نفس ؟!. .] 


محمد عبده (ابریل سنة ۱۸۸۱ م) 


[ تكن الشورة من رأبي . . ولكن لما منح الدستور 


خمل عبده 


[إن العسل على اخراج الإنجليز من مصر عمل كبير 
جد ولا بد في الوصول إلى الغاية منه من السير في 
الجهاه على مهاج الحكمة , والداب على العمل الطوييل 


ode حمل‎ 


¥v 


Converted by Tiff Combine 








الإصلاح ف الثورة a‏ فالا صلاح 


0 


وخلال الفترة التي قضاها be‏ (۱۸۷۱ ۔- ۱۸۷۹ م) كانت صحبة الشيخ محمد عبده له 
فيها دائمة » وملازمته له بها كالظل الذي لا يفارق الإنسان .. وأهم من هذا فإننا لا 
نستطيع أن ميز للأستاذ الإمام في هذه ا مرحلة شخصية متميزة عن شخصية أستاذه » 
خصوصاً إذا نحن عرفنا أنه قد كان لا يزال حديث السن » في دور التلقي والتلمذة على 
أستاذه » وأنه لم يتخرج من الأزهر إلا في سنة 1۸۷۷ م » أي قبل عامين من نفي 
الأفغاني من البلاد . 

ومن الناحية الفكرية قضى محمد عبده هذه الفترة في التلقي والتلمذة على يدي 
الأفغاني » وفي نقل أفكاره هذه إلى دائرة أوسع من طلبة العلم في الأزهر والراغبين في 
هذا اللون الفكري الجديد على مصر في ذلك الحين » وني التدرب على صناعة الكتابة » 
منشئاً تارة ومصيغاً لأفكار أستاذه في أغلب الأحيان . 


قبل أن يغادر جمال الدين الأفغاني مصر » منفياً > في يوليو سنة ۱۸۷۹ م »> 


أما من الناحية السياسية فلقد تبع أستاذه كذلك فيا اتخذ من مواقف في هذا 
الميدان . . فدخل معه «المحفل الماسوني» ٠‏ ثم غادر معه المحفل البريطاني إلى «المحفل 
الشرقي الفرنساوي) » عندما وقفت الماسونية بمصر موقف الذي لا hy‏ بظلم النظام 
واستبداده والذي يخدم النفوذ الأجنبى الزاحف إلى DL‏ ثم ساهم مع 
)١(‏ يدور لغط كثير حول انضمام الأفغاني وحمد Cole‏ وعدد كبير من قادة مصر ومفكريبا ف ذلك 


۳۹ 





أستاذه في تكوين (الحزب الوطني (tl‏ الذي كشف الأفغانٍ عن قيامه بمصر أواخر عهد 
إسياعيل » عندما رأس وفداً من أعضائه وتحرك elu‏ عشية عزل هذا الخديوي عن 
سدة الحكم في البلاد إلى أن يكون خلفه هو الأمير توفيق . وهو الحزب الذي تكون 
وناضل من أجل صد التدحل الأجنبي الزاحف على مصر » واستخلاص مصر 
Gat Go dy peal‏ الشراكسنة: والأتراك > ومن أجل إقامة اللنياة الدمشورية Latah‏ 
وتحويل السلطة في البلاد من سلطة فردية مطلقة في استبدادها إلى أخرى شوروية مقيدة 
بالدستور والقانون ومجلس النواب . 
سعى الشيخ محمد عبده في ذلك الحين سعي أستاذه » ووقف مواقفه » فلم نجد 

له موقفاً متميزاً في مسائل السياسة فكراً أو عملاً في هذه الفترة من التاريخ . 

حتى إذا نفي جال الدين الأفغاني من «pe‏ وقضى الشيخ محمد عبده في| يشبه 
الاعتقال ببلدته «حلة نصر» حوالي العام » أعقب هذا الأمر العفو عنه » مع إبعاده عن 





التاريخ إلى الحركة 0 ويتعخذ البعض من هذا الانضيام tats‏ ا 
بوطنيتهم . . ولحن نرى أن ن أصحاب هذا الموقف قد جانبهم الصواب لأنهم قد أغفلوا عدة 
عوامل وحقائق منها مثلاً : 

f‏ اا ل ااا الموقف منها 
هم أن تكتشف WS‏ منها أمور لم تكن قد ظهرت بها يومئل , أو لم تكن قد 
تكشفت على ae‏ 

ب - إنهم يغفلون أن الحركة الماسونية كانت مركز جذب لأصحاب الفكر الحر في ذلك 
العصر » بسبب من نشأتها الأوروبية كحركة مناهضة لسلطان الكنيسة ورجعيتها » ومناهضة 
لسلطان الأباطرة الاقطاعيين » وعملها في سبيل فصل السلطان الكنسي عن دواثر الحكم »> وتحرير 
ا من سلطة الكهنوت . ٍ 

- إنهم لا يتنبهون إلى حقيقة هامة تتعلق باستغلال الماسونية ومحافلها » حديثاً , لخدمة 
الاك لاد في الشرق . وفي فلسطين بالذات ء وهله الحفيقة تتعلق بسبق هذه الفترة ‏ 
فترة الأفغاني وحمد عبده - على تكوين الحركة الصهيونية الحديثة سنة ۱۸۹۷ م » فلم تكن 
العناصر اليهودية في الحركة الماسونية قد انخرطت بعد في سلك الصهيونية » ولم يكن التيار 
الصهيونية الحديث في الحركة ار اليهودية قد اتفقت بعد 
على السعي لإقامة دولتها في فلسطين . . وعلى أقل تقدير لم يكن شيء من هذه الأهداف قد اتضح 
أ تكشف بعد » أيام هؤلاء القادة والرواد » ومن ثم فلم يكن يبدو من الماسونية إل إلا وجهها المقبول 
الذي يرفع شعارات الثورة القرنسية عن (الحرية » والآخاء » والمساواة) . 


5 





المهنة المحببة إليه » وهي التدريس « وذلك بتعيينه في قلم تحرير (الوقائع المصرية) محرراً 
ثالثاً ثم محرراً Laas!‏ للتحرير) ‏ في أكتوبر سئة 188٠١‏ م . 

وبعد هذا التحول في حياة الشيخ محمد عبده » برزت لنا ملامح موقفه المستقل 
الذي يمكن أن يحاسب هو على أساس منه » وتميزت شخصيته الفكرية ومواقفه العملية 
عن شخصية الأفغاني ومواقفه في عدد من القسرات في مقدمتها الموقف من «الوسيلة» التي 
يجب اتخاذها لبلوغ الغاية التي طرحها الأفغاني أمام شعوب الشرق يومئذ . Sly‏ 
تتلخص في الدعوة إلى 


١‏ التحرر الفكري من الجمود والتقليد والرجعية الدينية » بسلوك طريق العقل 
لتجديد الدين » وإحياء الدراسات الفلسفية LANL dey poll‏ © وإحداث ثورة فكرية 
«تغربل» بها موروثاتنا الدينية عن الأولين » وخصوصاً أهل قرون التخلف ISLS My‏ 
hss‏ 

۲ والتحرر السياسى من نفوذ الاستعمار الغربي الزاحف على المنطقة »› 
والتصدي له بالنهضة الحضارية لمغالبته » وتجسيد الفكر الإسلامي الشوري في مؤسسات 
دستورية ونيابية حديثة » وتقييد سلطات الحكومات بالدساتير والقوانين » وإطلاق 
طاقات alt‏ 0 في الخلق chavs‏ والبناء » وكل ذلك بوساطة «الثورة» على 
المعوقات التي تعترض الجاهير في هذا الطريق . 

كانت نبضة الشرق وتجديد حياته وتحرير طاقته » غاية اتفق عليها كل من 
الأفغاني ومحمد عبده » وتكون من حوها بمصر تيار فكري وعملي يسعى في هذا 
السبيل . ولكن «الوسيلة) إلى تحقيق هذه الغاية قد احتلف من حوها موقف الأفغاني عن 
موقف الأستاذ الإمام » ولم يبرز هذا الاختلاف مدة إقامة الأفغاني بمصر . وإثما ظهرت 
ملامحه مع بداية استقلال محمد عبده بالقيادة » فتميزت ملامح موقفه الفكري والعملي 
ا لحاص » وبالذات في مقالاته بجريدة (الوقائع المصرية) . 

ذلك أن الأفغاني کان «ٹوریاً) يرى «الثورة) هي الوسيلة الأجدى والأفعل في 
بلوغ الغاية التي حددها «كاستراتيجية) لشعوب الشرق في ذلك الحين . . أما الأستاذ 
الإمام فلقد كان Of sy lel)‏ التدرج في «الإصلاح» هو الطريق الأقوم والأضمن 
في تحقيق هذه الغاية » وأن التربية المستندة إلى الدين . بعد تجديده » بواسطة المؤسسات 


٤١ 





التربوية الجديدة ‏ مثل دار العلوم مثلا - وكذلك المؤسسات العتيقة بعد إصلاحها ‏ مثل 
il cee‏ و إن التربية والتعليم هي السبيل الوحيد البلوغ 

ولأن الأفغاني كان «ثورياً» يدعو إلى الانخراط في العمل «الثرري» » وإلى أن يؤم 
الناس ساحات «الثورة» d‏ كل مكان dy‏ كل dle‏ وميدان . فلقد كان يثق «بالجاهير» 
و«العامة) 4 ويعتمد عليها كصاحبة مصلحة أكيدة في الثورة ¢ ISS‏ للقدرات الخارقة 
والضرورية التي لا بد منها لإنجاز هذا العمل العظيم . . أما محمد عبده فلقد كان 
سبب منطلقه وموقفه الإصلاحي - قليل الثقة في قيمة هذه (الجاهير) وهؤلاء 
«العامة» . . بل لا نغالي إذا قلنا أنه قد أسقط هذه «الجماهير» من كل حساباته في العمل 
لبلوغ هذه الغايات va‏ 

lend‏ الأفغاني يقيم دعوته على دعامتين : دروسه التي تحرر العقل 2 وتنظيياته 
السياسية السرية الثورية التي تثير الناس وتعبئهم كي بحولوا قيم التحرر الفكري 
ومبادىء السياسة إلى طاقة مادية فاعلة ونامية . . نرى محمد عبده شديد الكلف 
بالتدريس فقط 6 وهو لم يتحول إلى الصحافة إلا مرغما في ٠۲‏ م » بل لم يبتعد عن 

lows‏ يدعو الأفغاني منذ وفت مبكر إلى «حکم pas‏ بأهلها» بواسطة «الاشتراك 
الأهى بالحكم الدستوري الصحيح)9) ¢ ويتحدث عن وجوب قيام الحياة النيابية مها ¢ 
وضرورة أن تكون نابعة من أحشاء شعبها » فيقول : «إن القوة النيابية لأية أمة كانت لا 
OM‏ أن تحوز المعنى الحقيقي إلا إذا كانت من الأمة نفسها . وأي مجلس نيابي يأمر 
بتشكيله ملك أو أمير أو قوة أجنبية محركة لماء فاعلموا أن حياة تلك القوة النيابية 
الموهومة موقوفة على إرادة من أحدثها» . . . ويسفه من رأي الخديو توفيق الذي يريد 
التنصل من وعوده السابقة قبل تولي الخديوية ( عن الحكم النيابي ¢ بدعوى جهل العامة 
وجود الخامل والجاهل پین آفراده › ولكنه غير حروم من وجود العالم والعاقل ْ فبالنظر 


(؟) انظر (الأعمال الكاملة لجال الدين الأفغاني » مع دراسة عن. حياته وآثاره) دراسة وتحقيق محمد 
عيارة ص /ا/اغ طبعة القاهرة سنة 19517 م . 


۲ 





الذي تنظرون به إلى الشعب المصري وأفراده » ينظرون به لسموكم . وإن قبلتم نصح 
هذا المخلص » وأسرعتم في إشراك الأمة في حكم البلاد عن طريق الشورى 6 فتأمرون 
باجراء انتخاب نواب عن الأمة تسن القوانين وتنفذ بإسمكم وبإرادتكم . يكون ذلك 
أثبت لعرشكم وأدوم لسلطانكم». . بينم يقف الأفغاني هذا الموقف من الحكومة 
«الشوروية» والحياة النيابية الدستورية » يعارض محمد عبده إقامة هذه المؤسسات » ولا 
يؤيدها إلا بعد إقرارها ووجودها بسلطة الثورة العرابية وسلطاها عقب مظاهرة عابدين 
في 4 سبتمبر سنة 1848١‏ م وذلك لأنه كان يرى أن «الجماهير والعامة» » «كالسوقة 
والرعاع» » وإن كثروا » «فإنهم كالآلات الصماء الموقوفة على الأعمال اليدوية ليس 
إل وإن هؤلاء العامة «لا يمنعون تقدماً ولا يحجزون تمدنا»0*». . كما سيأتي إيضاح 
ذلك :بعد قليل ؟!. 

Leys‏ يدعو الأفغاني الشعب إلى انتزاع حريته واستقلاله بالشورة » ويحدد أن 
طريقه) لا بد وأن يكون محضباً بالدماء » فيقول : إنه «إذا صح أن من الأشياء ما ليس 
يوهب » فأهم هذه الأشياء (الحرية) و(الاستفلال) » لأن الحرية الحقيقية لا مهبها الملك 
والمسيطر للأمة عن طيب خاطر » والاستقلال كذلك ... بل هاتان النعمتان إنما 
حصلت وتحصل عليها الأمم أخذاً بقوة واقتدار , يجبل (© التراب منها بدماء أبناء 
الأمة الأمناء » أولي النفوس الأبية واهمم العالية9©) . . . بين) يدعو الأفغاني إلى هذا 
الطريق المخضب بالدم » نجد محمد عبده ينفر من هذا الطريق الثوري » حتى إنه 
عندما تصبح الثورة العرابية حقيقة واقعة . وعندما يشارك في صنع أحداثها وقيادة 
أمورها يمدح هذه الثورة بأمهبا سلمية حققت الخطوات الأولى , التي لم يحققها الآخرون 
بغير الدماء » حققتها هي دون أن تتكدر النفوس أو تدمع العيون » فيقول عن الحكومة 
الشورية المقيدة بالدستور : «هذه أول خطوة تحسب من تاريخنا الجديد » وباكورة الثمرة 


(۳) المصدر السابق . ص ٤۷۳‏ . 
)٤(‏ مقال (الشورى والقانون) وهو منشور في (الوقائم المصرية) في ١١‏ يناير ۱۸۸۲ م . انظره في هذا 
الجرء . 
(5) مقال (الخرافات) وهو منشور في (الوقائع المصرية) في ١١‏ يناير 185 م . انظره في الجزء الثاني 
من هذه الأعبال . 
te ht)‏ يخلط . 
(0) (الأعيال الكاملة لجال الدين الأفغاني) ص 487 . 


۳ 





التي سقاها من سوانا بالدم وسقيئاها بماء النيل » ولم يتكدر صفوه بماء النفوس ولم 
خالطه شيىء من دمع العيون0* . 

وهكذا اتحدت الغايات النظرية لكل من الأفغاني والشيخ محمد عبده » واختلفت 
بنا الل ارم إل هته العايات #<وبالد اسيل "الرضيرل :إل التعوسن: الان 
والوطنى لشعوب الشرق » فرآها الأفغاني : «الثورة» . . ورآها محمد عبده : «التربية 
والتعليم» . . وظهر هذا التمايز منذ اللحظة الأولى التي استقل فيها محمد عبده بالعمل 
في مصر . وتبلور في مقالاته بجريدة (الوقائع المصرية) منذ سنة ۱۸۸١‏ م .. وتحديد 
هذا التاريخ هو أمر على جانب كبير من الأهمية لأنه يعود بفكر الأستاذ الإمام حول هذه 
القضايا في الفترات التي أعقبت فشل الثورة العرابية واحتلال الانجليز لمصرء يعود 
بفكره حول هذه القضايا في تلك الفترات إلى جذوره الأصلية التي تبلورت قبل قيام 
الثورة وقبل فشلها وقبل الاحتلال » ويبرىء الرجل من تلك الفرية الرخيصة التي يحاول 
البعض a‏ به عندما يقولون عنه إنه قد خان وطنه وتمول إلى صنيعة للاحتلال 
الإنجليزي . أو أنه قد انهار فارتد عن طريق الثورة إلى طريق eee‏ . إذ أن 
الحقيقة التي نصوص الرجل ومواقفه العملية » أنه قد بدأ حياته السياسية 
المستقلة «إصلاحياً» لا «ثورياً» .. . وأن «لقاءه» بالثورة العرابية قد ابتعد به خطوات 
قليلة عن موقع «الإصلاحي» . واقترب به خطوات قايلة من موقع «الثوري» oly...‏ 
عمر هذه الفترة لم يتجاوز عشرة أشهر (اكتوبر سئة 4 م- ae bs‏ ۲ م) عاد 
بعدها الرجل إلى جذوره الفكرية العميقة والأصلية . «مصلحاً» لا يرى طريق 
الثورة » بل يغمزه ويلمزه حيئاً ales‏ صراحة في كثير من الأحيان . 


ولعل هذه الدراسة التي نقدمها عن فكره السياسي أن تكون هي الأولى التي أتيح 
لها أن تعرض الصورة الكاملة والمتكاملة لفكره في هذا الميدان الام » لأنها أول دراسة 
تكتب بعد جمع أعياله الكاملة وتحقيقها» وإثبات ما هو له نما ليس له من بين ذلك 
المحيط من الخلط والاختلاط الذي أشاع vey‏ والضباب من حول كتابات الأفغاني 
ومحمد عبده » بل وكتابات محمد عبده وعبد الله نديم ورشيد رضا وسعد زغلول . . 


(8) مقال (الاتحاد في الرأي قرين الاتحاد في العمل) وهو منشور في (الوقائع المصرية) في 77 إبريل سنة 
۲ م . انظره في هذا الجزء . 


te 





af Up‏ معالم تقودنا نصوص الأستاذ الإمام ومواقفه العملية في هذا الميدان ؟؟ وما هي 
'فسمات فكره السياسي » وملامح مواقفه السياسية منذ أن تصدى . منفرداً » للعمل بهذا 
الحقل » بعد نفي الأفغاني من مصر » وبالذات منذ رأس تحرير (الوقائع المصرية) في ٩‏ 
أكتوبر سنة ۱۸۸١‏ م ؟؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في حديثنا عن : 

١‏ - موقفه من فكر الثورة. العرابية في الفترة من يناير سنة ١8/١‏ م حتى سبتمبر 
(Oe VAAN Saw‏ 

Y‏ موقفه من فكر هله الثورة العرابية وأعمالها منذ تفجرت أحدائثها بمظاهرة 
عابدين في 4 سبتمبر سنة 18/١‏ م وحتى فشلها في سبتمير سنة 1845 م . 

۳ - موقفه من الثورة عندما فشلت واعتقل مع قادتها . 

٤‏ - موقفه السياسي في فترة منفاه منذ dale‏ سئة ١845‏ وحتى 64 م. 

ه ‏ موقفه السياسي بعد عودته من المنفى » وحتى وفاته في ١١‏ يوليوسنة 15٠٠0‏ م 

وهي الإجابة التي تعرض » من خلال نصوصه » فكره السياسي » ومسيرة حياته 
السياسية » لتقدم ما للرجل وما عليه في هذا الميدان . 


ie‏ نا 
بت 


كانت مصر حبلى بالثورة منذ أواخر عهد الخديوي إسماعيل . الذي عزل من 
منصبه في سنة ۱۸۷۹ م .. ثورة ضد النفوذ الأوروي الزاحف على البلاد في ركاب 
الديون والمرابين » وضد الاستبداد الداخلي الذي وضع مقاليد الأمور في يد الشراكسة › 
وحول الشعب المصري في وطنه إلى مواطنين من الدرجة الثانية لا يستطيعون التصدي 
للزحف الأجنبي والهوض بالبلاد کې تدحل فع عصر النبضة والبعث والتنوير 


(9) في يناير سنة ۱۸۸١‏ م قدم عرابي وعلي فهمي وعبد العال حلمي أول عريضة إلى وزارة رياض 
باشا . وفي 4 سبتمير من نفس العام Wt pel‏ الثورة بمظاهرة عابدين 3 انظر تأريخ عراي cnt‏ 
الحدثين في الملحق الأول من كتاب «ولفرد سكاون بلنت» (التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر) 
ص 5١8‏ - 770 طبعة القاهرة الثانية . 


go 





وكان جمال الدين الأفغاني هو الذي بلور أهداف الثورة ونظم لها التنظيم وأشرف 
عل تكرين: ادات .© batty‏ القديوى رن فل غل وال سال > 
بالافغان » واظهر له اليل إل الحكم الشتورى. النياي #.والإيان بالدستور والقانون » 
فعلق الأفغاني عليه الآمال » ورشحه «الحزب الوطني الحر» كي يخلف الخديوي إساعيل 
في حكم البلاد . . . ولكن توفيق سرعان ما تنكر للأفغاني ولبادىء «الحزب الوطني 
ا لحر» » وسار في ركاب القناصل الأجانب , وخاصة قنصل انجلترا الذي قال لتوفيق : 
ail‏ لا مفر من طرد حمال الدين من مصر » وأن ذلك هو الشرط الضروري للمحافظة 
على عرشه ‏ لأن الأفغاني «يدبر أمر مقاومته , والاتجاه بمصر إلى النظام الجمهوري) !. 
فلم تمض على تولية توفيق الخديوية سوى بضعة أشهر حتى نفى الأفغاني من مصر › 


متهمأ إياه بأنه «رئيس جمعية سرية من الشبان ذوي الطيش » مجتمعة على فساد الدين 
والدنيا» ؟! 


وبعد نفي الأفغاني من مصر افتقدت حركتها الثورية ذلك القائد الفيلسوف الذي 
كانت كلياته دستوراً يخضع له كل الأنصار والمريدين . . وظهرت في تلاميذه اتجاهات 
ثلاث في العمل الوطني لتحقيق الغايات التي اتفق عليها الجميع . 

lZ Yi _ |‏ الثوري الذي تبلور في الضباط المصريين (الفلاحين) بالجيش المصري 
الواقع تحت سيطرة الضباط الشراكسة . . وهو اتجاه يؤمن بدور العسكريين في العمل 
السياسي ويرى ضرورة الاستفادة من السلاح الذي بأيديهيم ؛ ويضع لهذا السلاح أهمية 
كبرى في حسم الأمور ضد أعداء البلاد من الأجانب والمحليين . . ويقود هذا الاتجاه 
أحمد عرابي وعبد العال حلمي وعلي فهمي ومحمد عبيد . . وغيرهم من الضباط . 

الاتجاه الثوري الذي يؤمن بالشعب وقواه وطبقاته الكادحة إلى أبعد الحدود » 

والذي ورث عن الأفغاني خاصية الإيمان بقدرات «العامة والجماهير» . وأضاف إلى فكر 
الأفغاني إضافات خلاقة تمثلت في الحذر واليقظة من أن يجني الأغنياء ثار العمل الثوري 
الذي ينبض بعبثه وتضحياته الفقراء . . ولقد قاد هذا التيار واحد من أبر أبناء مصر 
بباء وأكثرهم التصاقاً بشعبها وترابها وتراثها » وأجدرهم بأن يكون تجسيداً مكثفاً 
لشخصيتها » وهو عبد الله نديم » ومن خلفه كثيرون لم يحفل التاريخ الرسمي بتدوين 
أسمائهم « mel ley‏ من «العامة والجماهير) . وربما لأ: نهم أكبر من صفحات هذا التاريخ 
AVS: seni‏ 


£1 





وعندما بدأ التيار الثوري العسكري (الحزب الجهادي) صراعاته مع السلطة 
والقيادة الشركسية في بداية سئة 18١‏ م اقترب تيار النديم من الحزب الجهادي » حق 
d Law asl‏ تيار واحد > وان ظلت أفكار النديم ومواقفه أشد التصاقاً بالشعب الكادح 
وأصدق مرا عن آلامه وآماله › > أي أنه ظل بمثابة ch‏ الأكثر ثورية تدا في 
معسكر الثورة والثوار 

أما الاتجاه الثالث الذي بقى من تلامذة الأفغاني ورجالات حزيه الوطبى 

ce poy anes lll LS yh «ob‏ اليد عند عند + Gilly‏ تبلورت آزازة .في 
ذلك (القسم غير الرسمي) الذي كتبث تحت عدوانه المقالاات ف جريدة (الوقائع 
المصرية) .. ولم يكن هذا الانجاه «ثورياً» بل كان «إصلاحياً» > ولم يكن 0 
«بالثورة» كطريق لتحقيق نبضة الشرق وتجديد حيانه » وإنما كان يسرى ف «التربسة 
والتعليم والاستنارة الفكر ية» السبيل لبلوغ هذه الغاية . . ولقد كان تياراً 2 «وطنيا» 
يقف ضد النفوذ الأجنبي 2 وهو في نفس الوقت لا يؤمن By Ego dally pal bt‏ 
الآمال على «الفئة المثقفة المستنيرة» » ويراهن على الطبقة الوسطى النشطة الطموحة الي 
تريد كسب مواقع الأجنبي في البلاد لحسابها والتسلح 0 لخدمة ry‏ وتطوير 
البلاد . . وكان هذا الاتجاه يعادي الطبقة الاقطاعية ,» لأن أغلبها شراكسة أجانب عن 
مس الانة وعاياا pea ye ee‏ ر ی » أسرى للخرافة والتقاليد 
البالية » فرائس للكسل والبطالة والخمول > کا کان هذا الاتجاه قليل الثقة جداً d‏ 
«جماهير الشعب وعامته», بل يراهم کےا hogs‏ لا يفيد في التقدم ولا يعوق هذا 
التقدم . . ولقد ضم هذا الاتجاه الإصلاحي ٠‏ غير الشيخ محمد عبده » كثررين : 
سلطان باشا » وسليم ان أباظة » وحسن الشريعي » وحسن موسى العقاد » وسعد 
زغلول » والشيخ عبد الكريم سلهان » والشيخ عمد خليل ... إلخ .. إلخ . 
ولقد تبلورت أفكار هذا الاتجاه «الإصلاحي) في كتابات الشيخ حمل عبده a‏ ما 
يكون التبلور » وتجسدت في أفكاره أفكار هذا الاتجاه في الإصلاح . 

وكيا سبق أن أشرنا » فلقد وقف هذا الاتجاه «الإصلاحي) من فكر «الثورة 
العرابية) موقف المعارضة منذ بدأ «الحزب اللتهادي) الثوري في الحركة مع بداية سنة 
١1م‏ > ولكن تفجر الثورة والانتصارات الي أحرزتها بعد مظاهرة عنابدين في 4 
سبتمير سلة 1881م قد اجتذبت هذا الانجاه «الإصلاحي») fica‏ عن موقف 


tv 





«الإصلاحيين» وقريباً من مواقع «الثوار» . . ثم عاد بهم فشل الثورة في سبتمبر سنة 
۲ م إلى موقفهم «الإصلاحي» من جديد ... بل عاد هذا الفشل ببعضهم إلى 
مواقع الخيانة والعمالة للإنجليز ؟! 
200 

ففي شهر إبريل سنة ۱۸۸۱ م كانت حركة «الحزب الجهادي) قد تعدت نطاق 
ا لجيش » ومطالب الضباط » وآمن قادة هذا الحزب أن في تحقيق مطالب الأمة وأهدافها 
في الحكم الدستوري النيابي والتصدي للنغوذ الأجنبي » الضمان الأكيد والوحيد لانتصار 
الضباط المصريين على قياداتهم الشركسية المؤيدة من الخديوي توفيق » ومن ثم آمن هذا 
الحزب بأن وضع الضباط المصريين في الجيش لا بد وأن يكون وضع وكلاء الأمة 
المفوضين منها لتحقيق مطالبها العامة . بما فيها مطالب اليش . وأنهم بذلك بمثابة 
القوة الضاربة بيد الجماهير. ولقد تحققت هذه المهمة الجوهرية والهامة بفضل التحام تيار 
النديم بتيار عرابي » وتلك التوقيعات والتفويضات التي جمعها النديم من أنحاء مصر 
لعرابي كوكيل عن الأمة يتحدث باسمها » ويطلب لما مطالبها » ويتصدى . وهي من 
خلفه » لكل الأعداء . ا 

ومنذ هذا التاريخ » وتلك التحركات الثورية » برز تميز الاتجاه «الإصلاحي) عن 
الاتجاه الثوري . ودعا محمد عبده إلى التدرج في الوصلاح بدلا من الحسم والطفرة 
بالثورة » وإلى سلوك طريق التربية البطيء بدلا من طريق الثورة السريع » وإلى الثقافة 
والاستنارة لتكوين «الرأي العام) الذي يستحق الحياة السياسية والحقوق السياسية قبل 
المطالبة بالدستور ومجلس النواب والحكومة المقيدة بهما. وأخذ ينهم التبار الثوري بأنه 
يقلد أوروبا وأمريكا » وينئقل عن الآخرين دون مراعاة للفروق بين الشعب عندنا 
والشعوب المستنيرة ف بلاد الأوروبيين والأمريكيين 5 


ولقد كان محمد عبده يعتير دعاة الحياة الدستورية والنيابية «عقلاء) » ولكنهم في 
نظره عقلاء «محطثون) ؟!.. فكتب في 4 إبريل سنة 188١‏ م بجريدة (الوقائع 
المصرية) . سلسلة من المقالات تحت عدوان (خطأ العقلاء) بلور فيها أفكاره 
«الإصلاحية) في مواجهة الأفكار «الثورية» حول هله الأمور . . . فكتب يقول : 

إنه «من الخطأ . بل من الجهالة أن تكلف الأمة بالسير على ما لا تعرف له 


۸ 





حقيقة » أو يطلب منها ما هو بعيد عن مداركها بالكلية» كا أنه لا يليق من الشخص 
الواحد ما لا يعقله أو ما لا بجد إليه سبيلا . وإنما الحكمة أن تحفظ لها عوائدها المقررة في 
عقول أفرادها » ثم يطلب بعض تحسينات فيها لا تبعد منها بالمرة ‏ فإذا اعتادوها طلب 
منهم ما هو أرقى بالتدريج , حتى لا يمضي زمن طويل إلا وقد انخلعوا عن عاداتهم 
وأفكارهم المنحطة إلى ما هو أرقى وأعلى » من حيث لا يشعرون . أما إذا وضع هم 
من الحدود ما لم يصلوا إلى كنهه » أو كلفوا من العمل ما d‏ يعودوه » رأيتهم يتخبطون في 
السير » لخفاء المقصود عنبم » وضلال الرأي فيها لم يكن يمر على خواطرهم » فيمكن أن 
يخرجوا عن حالتهم الأولى » ولكن إلى ما هو أتعس منها » بحكم الاستعداد القاضي 
عليهم بذلك . 

مثا : إننا نستحسن حالة الحكومة الجمهورية في أمريكا » واعتدال أحكامها , 
والحرية التامة في الانتخابات العمومية في رؤساء جمهورياتها وأعضاء نوابها ومجالسها , 
وما شاكل ذلك » ونعرف مقدار السعادة التي الها الأهالي من تلك الحالة » ونعلم أن 
هذه السعادة إنما أتت لهم من كون أفراد الأمة هم الحاكمين في مصالحهم بأنفسهم »› 
لأنهم أرباب الانتخاب . وإنما رؤساء الجمهوريات وأعضاء المجالس نواب عنهم في 
حفظ تلك المصالح والحقوق التي رأوها لأنفسهم . . 

وتتشوق النفوس الحرة أن تكون على مثل هذه الحالة الجليلة » ولكننا لا نستحسن 
أن تكون تلك الحالة بعينها لأفغانستان مثلاً » حال كونها على ما نعهد من الخنشونة . 

وهكذا » حال الأمم التي تعودت على أن يكون زمامها بيد ملك أو أمير أو 
وزيرء يدبر أعمالها بدون أن يكون ها دخل ني رؤية مصالحها » لا يمکن أن يطلب ما 
الدخول في أعماها العامة وإلا أفسدت . . 

فإذا أردنا ابلاغ الأفغان , مثلاً » إلى درجة أمريكا » فلا بد من قرون تبث فيها 
العلوم » وتبذب العقول . وتذلل الشهوات الخصوصية . وتوسع الأفكار الكلية حتى 
ينشأ في البلاد ما يسمى بالرأي العمومي . فعند ذلك يحسن لها ما يحسن لأمريكا . . . 


ولكن أرباب الأفكار منا يرومون أن تكون بلادنا » وهي هي > كبلاد أوروبا » 
وهي هي .2 لا ب ينجعون ف مقاصدهم ویضر ول أنفسهم بذهاب أتعابهم أدراج 
الرياح » ويضرون البلاد بجعل المشروعات فيها على غير أساس صحيح » فلا يمر زمن 


£4 





قريب إلا وقد بطل المشروع ورجع الأمر إلى أسوأ تما كان » فيفوت الزمان وهم على 
حالهم القديم . وكان م امكان أن يكونوا على أحسن منه . فمن يريد خير البلاد فلا 
يسعى إلا في اتقان التربية وبعد ذلك » يأ له جميع ما يطلبه » إن كان طالباً حقاً . 
بدون إتعاب فكر ولا إجهاد نفس)2"0 . 

ثم يعود إلى استكمال حديثه وعرض أفكاره «الإصلاحية» في مقال ثان تحت نفس 
العنوان (خطأ العقلاء) مركزاً هذه المرة على النموذج المصري والتجربة المصرية ء 
فيقول : إنه قد «تولى أمر هذه البلاد أناس في أزمنة مختلفة » » تظاهر كل منهم بأنه يريد 
تقدمها ونقلها من حالة الهمجية oe‏ ا 
المتمدنة » وجعلوا الوسيلة إلى ذلك أن تنقل عادات أولئك الأمم المتمدنين وأفكارهم 
وأطوارهم إلى هذه البلاد » وظنوا أن تقليدنا لعاداتهم » وأخذنا الآن بأفكارهم 
اليومية » وتشبهنا بهم في الأطوار كاف في أن نكون مثلهم » وأن استلامنا لتلك 
العادات . وتلقينا لتلك الأفكار أمر غير عسير . 

إن بداية التقدم الأوروبي في الحقيقة كان في نفوس الأهالي وأفراد الرعايا . 
لغعمر الله لو قدمنا هذه الرينة الجوهرية - (زيئة الفضائل الإنسانية والشرعية)» ‏ على ذلك 
الرونق الصوري لكان العالم بأسره ينظر إلينا نظر الراهب الخائف أو يرمقنا بلحظ 
الس أوقع في نفسه من معيشته الرفيعة » وكان ذلك 
سهلا لوأ ن الزاعمين فينا حب الترقي والتقدم ساروا بنا من البدايات » وحجبونا عن 
الغبايات حتى لا نراها إلا من أنفسنا ء لا لأما أعجبت النظر » ولكن لأا بنت الفكر 
ونتیجته»(' ٩‏ , 

ds‏ مقال ثالث » تحت نفس العنوان - (خطاً العقلاء) يعود الشيخ محمد عبده 
لذات الموضوع . ولكنه يمتد بنقده هذه المرة » بشكل غير مباشر » إلى فكر الأفغاني 
نفسه وتجربته السياسية بمصر . لأنه ينقد رفع شعارات الدستور والحياة النيابية زمن 
الخديوي إسماعيل . كما أنه يحدد هنا البديل الذي يقدمه للدستور ومجلس النواب » 
فيقول : «ليت العقلاء منا في الزمن السابق » اقتدوا بالبلاد المتمدنة في الأزمان 





. م وانظر هذا المقال في هذا الجزء‎ 188١ في 5 ابريل سنة‎ ١٠١/6 الوقائع المصرية . عدد‎ )١١( 
. م . وانظر هذا المقال في هذا الجرء‎ ۱۸۸١ في / ابريل سنة‎ ٠١85 الوقائع المصرية . عدد‎ )١١( 


Or 





السابقة » عند إرادمهم تأييد الاستقلال حقيقة » حيث بدأوا بالمجالس البلدية » فكان 
يمكنهم أن يصنعوا أل البلاد انوا 1 ينطبق على gee‏ وأحوالهم 6 ويقرب 
فهمه من ادراكاتهم ثم يفوض إلى أهل كل بلد أن تنتخب late tee‏ معينا ليقوم بالفصل 
بيهم على مقتضى هذا القانون » ثم يصنعوا مثل ذلك في المدن على حسبها » ويذهب 
أشخاص من العارفين إلى القرى والمدن ليفهموا أولئك مواد القانون السهل البسيط »› 
ويدربوهم على كيفية العمل به » ثم لا يزالوا على المراقبة هاا » فلا تمضي مدة حتى 
يكون جميع الأهالي عالمين بما يجب عليهم فتنمو فيهم القوة » وتحيا فيهم روح الاختيار , 
كا كانت عليه الجمعيات ببلاد إيطاليا وفرنسا وغيرها في مبدأ تمدما . ثم يتدرجوا في 
القوانين إلى أرقى مما وضعوا أولاً مع تفهيمه وتعليمه لجمهور الأهالي » ليعلموه فيقفوا 
علل عحدهة . ..) . 

والشيخ محمد عبده في هذا المقال يدعو إلى الإكتفاء . مرحلياً » بالمجالس البلدية 
في القرى والمدن » عن مجلس النواب » وإلى الاكتفاء بالقوانين البسيطة المنطبقة على 
العادات والأحوال عن الدستور » ويرى أن نبدأ من حيث بدأ الذين بلغوا الآن مرحلة 
الحياة الدستورية والنيابية » لا أن نختصر ء بالثورة » هذا الطريق الطويل . 

وأكثر من هذا فهو يدعو في نفس المقال إلى أن تمض بعبء هذه التجربة 
البسيطة » والأولية » وتقودها الطبقة الوسطى » فيرى أن «مركز النظر في جميع ذلك 
نبهاء البلاد » وذوو الشأن فيها . فعليهم . إن كانوا صادقين في الوطنية » أن يبذلوا 
الجهد في طلب ذلك » والقيام بما يلزم » وإلا فإنهم مقلدون فقط . . .)" . 

وفي مقال آخر جعل عنوانه (اختلاف القوانين باختلاف أحوال الأمم) عاد ليركز 
على ضرورة البدء بالاصلاح التربوي . لأن ذلك هو الذي سيثمر ء بالطبيعة والعادة » 
تلك القوانين المتقدمة الملائمة لدرجة تقدم المجتمع » فيقول : إنه لا يجوز وضع قانون 
طائفة من الناس لطائفة أخرى تباينها في درجة العرفان وتزيد عليها فيه . . . إن أحوال 
0 بنفسها هي المشرع الحقيقي »... وإن القوة الحاكمة تابعة لقوة رعاياها . 

نعم لا slate] of So‏ الوسائل والمعدات منوط بالقوة الحاكمة » فهي تلزم بها رعاياها , 

ie‏ أو اختياراً ؛ لكن على قدر طاقة المحكومين . فاخحتلاف هيئات الحكومات وتبدل 


: 23d المصدر السابق عدد 14۲ في ۱۹ ابريل سنة الما م وانظر هذا المقال في هذا‎ )١١( 


ه١‎ 





ال ee a a‏ ايا SOE Dea ee‏ 
حكومة فرنسا مثلا من الملكية المطلقة إلى المقيدة ثم إلى الجمهورية الحرة » لم يكن بإرادة 
أولي الحل والعقد فقط » بل المساعد الأقوى » حالة الأهالي وارتفاع أفكارهم وتنبه 
إحساساتهم لطلب الرقي إلى أعل جما هم عليه » فتغلبوا على جميع القوى الغريبة التي 
كانت تحول بينهم وبين الوصول إلى مطلوبهم ... وحيث أن تلك الوسائل وهذه 
المعدات من مزالق الأفهام والعقول » كانت معرفتها والحصول عليها بذاتها في غاية 
الصعوبة . فربما يقع وهم من طائفة من الناس |: نهم تهيأوا لأن ينتقلوا إلى خطة أ رقى في 
المدنية والنظامات القانونية وليس الأمر ما توموه » فيتقهقروا إلى الوراء » بأن يعمدوا 
إل ععتل: التدزيع حرا ...والمشاركة ف اناس جبباحة © ولسوا أمدين يمن “دسانين 
الأغراض » ولا متمكنين 00 الأمر . . . فتضيع مصالحهم »› 
ويصدق فيهم المثل : «من عجل بالشيء ء قبل أوانه عوقب بحرمانه) . . . وهذا ما جعل 
عقلاء الناس يجنهدون أولاً في تغيير الملكات وتبديل الأخلاق عندما يريدون أن ao‏ 
للهيئة الاجتماعية نظاماً محكياً » فيقدمون التربية الحقيقية على ما سواها , ؛ ليتسنى لهم أن 
يحصلوا على هذه الغاية » بل يجعلون في نفس القوانين النظامية فصولاً وأبواباً تضبط 
OM. SEY‏ 

فهو هنا يحدد أن الخلاف ليس على الغاية » وإنما هو على التوقيت » فبينها كان 
يرى هو أن مصر لم تؤهل بعد للحياة الدستورية والنيابية كان يرى التيار الثوري أنها قد 
تأهلت لتحيا هذه الحياة . وأنها قد استحقتها منذ سنوات . . وكان الخلاف أيضاً على 
الوسيلة اللازمة لاستكيال ما هو ناقص وتلاني ما هو سلبي في حياة المجتمع » فكان 
الشبخ محمد عبده يرى هذه الوسيلة منحصرة في التربية » بينما وضع التيار الثوري في 
حسبانه «الثورة» كوسيلة فعالة تصهر حرارتها المجتمع فتنتقل به في فترات وجيزة جدا إلى 
مراحل في سلم التطور لم يكن ليبلغها بإيقاع الحياة العادية إل في عشرات السنين . 


ولقد ظل الشيخ محمد عبده على موقفه «الإصلاحي» هذا , معارضاً لأفكار التيار 
«الثوري» J‏ الحركة الوطنية المصرية > حتى تفجرت الثورة في ٩‏ سبتمير سلة VAA\‏ مم 
بمظاهرة عابدين . . وقبل هذا الحدث التاريخي الكبير بعشرة أيام فقط حمعت الصدفة 
)١17(‏ المصدر السابق . عدد ۱۱٤۲‏ في ۱۹ يونيو سنة ۱۸۸١‏ م وانظر هذا المقال في هذا الجزء . 


oY 





محمد عبده بعرابي باشا وعدد من قادة الحزب الجهادي في منزل طلبة باشا » وطرحت 
آراء الفريقين للنقاش » وعبر محمد عبده عن رأيه » وأعلن تمسكه به » وقال : «إن أول 
ما يبدأ به : التربية والتعليم » لتكوين رجال يقومون بأعمال الحكومة النيابية على بصيرة 
مؤيدة بالعزيمة » وحمل الحكومة على العدل والإصلاح ومنه تعويدها الأهالي على البحث 
في المصالح العامة » واستشارتها إياهم في الأمر بمجالس خاصة تنشأً في المديريات 
والمحافظات » وليس من الحكمة أن تعطى الرعية ما لم تستعد له » فذلك بثابة تمكين 
القاصر من التصرف باله قبل بلوغه سن الرشد وكال التربية المؤهلة والمعدة للتصرف 
المفيد . .. إن المعهسود في سير الأمم وسنن الاجتماع : القيام على الحكومات 
الاستبدادية » وتقييد سلطتها » والزامها الشورى والمساواة بين الرعية › إنما يكون من 
الطبقات الوسطى والدنيا إذا فشا فيهم التعليم الصحيح والتربية النافعة وصار هم رأي 
عام ...) . 

فهو هنا يلح على عدم أهلية البلاد بعد لنيل مثل هذا النظام .. وما ذلك إلا 
بسبب الأفق الإصلاحي المحدود الذي كان يعيش فيه » والذي كان لا يرى فيه سوى 
'قضايا الإصلاح التربوي . بما يقف في سبيلها من عقبات تقليدية راسخة قمثلت في 
قدامى مشايخ الأزهر الشريف » وما ذلك أيضاً إلا بسبب عزلته عن الحياة الثورية التي 
كانت تحياها مصر يومئذ » بجا فيها من دفء الثورة وحرارة الحركة التق يصنعها 
الثوار . . . [ 

bgp Sell Gl oe fell apt Os Lage Gall,‏ العمتن 
السياسي » ومعارضته لتولي الجيش زمام الأمور » كان من بين العوامل التي جعلته 
يعارض مسعى الضباط والحزب الجهادي » لأن طبيعة تكوين الرجل النظامية قد جعلته 
شديد النفور من سلوك هذا السبيل » وهو موقف ظل محافظا عليه طوال حياته الفكرية 
والعملية . . ففي المقابلة التي أشرنا إليها مع عرابي في منزل طلبة باشا » يقول لعرابي : 
«إنه لو فرض أن البلاد مستعدة لأن تشارك الحكومة في إدارة شئونما » فطلب ذلك بالقوة 
العسكرية غير مشروع . فلو تم للجند ما يسعى إليه . ونالت البلاد مجلس شورى › 
لكان بناء على أساس غير شرعي » فلا يلبث أن يهدم ويزول . .)29 . 


)١5(‏ انظر هذا النص في هذا الجرء تحت عنوان (السلطة للصفوة المستديرة) وفي كتاب الأحداث 
opt We Sal pl‏ أيضا :+ 


oy 





ونحن نقول إنه ظل وفياً لموقفه «النظامي القانوني» هذا طوال حياته . لأنه يعود 
إلى طرق هذه القضية في أواخر عمره . عندما يزور السودان » ويخطب في الضباط 
ecole Sha Gy pall‏ في 5١‏ يناير سنة 141٠0‏ م فيبدي شديد إعجابه بنشاطهم 
ونظامهم هناك » ويقول هم » gan Ree ae‏ » بالأعيال 
التي عهدت إليكم ف السودان أحسن قيام . وإن ما شاهدته من آثار المدنية التي تمت 
بأيديكم ليجعلني ١‏ > مع شدة ميل للنظام والدستور » أقنى أن تكون الحكومة المصرية 
حكومة عسكرية . لينالها من التقدم على أيديكم ما re‏ السودان 22١0‏ . 

فهو قد ظل طوال تسعة أشهر من الحركة الثورية » والمخاض الثوري › 
وإصلاحياً» يعارض الثررة كأسلوب للتغيير للتغير » ويختدلف مع الثوار حول أهلية مصر ٤‏ 
ذلك التاريخ StS OY‏ حكومة قانونية " مقيدة e‏ ومجلس النواب . 


a 


عندما تفجرت أحداث الثورة العرابية بمظاهرة عابدين في 4 سبتمير سنة ١1م‏ 
حدئت تحولات هامة في الموقف الفكري والعملى للشيخ محمد عبده من السياسة , 
وبالذات من ا موقيف إزاء طلب الدستور والحياة النيابية للبلاد , بل وإزاء دور اليش 
المصري في العمل السياسي في ذلك التاريخ . 

فلم يعد باستطاعته أن يتحدث عن خطأ العقلاء في طلب مجلس النواب » OY‏ 
هذه المظاهرة قد أجرت الخديوي توفيق على التسليم للأمة بمجلس نيابي ينبض بما 
تنبض به مجالس النواب في غير مصر من البلاد . 
عبده ‏ هو الذي يحكم البلاد » فلقد استجاب الخديو توفيق لطلب عراي باقالته هو 
بالدستور . . 

وم يعد الحزب الجهادي مجرد حزب عسكري كما كان حاله عند بدء حركته في 


of 





یلایر سنة ۱۸۸۱ م » وإئما استطاع بالتحامه بتيار النديم الثوري 6 وبالتوكيلات التي 
جمعها له النديم من الأمة أن بقف في ساحة عابدين في ٩‏ سبتمبر كممثل للأمة المصرية 
كلها > ينطق باسمها » ويعبر عن إرادتها » ويسجل لحظة في تاريخها تشبه بارقة الأمل 
ومنط قرون من المذلة والعبودية والموان » كادت ما هذه الأمة أن تحول مجرى هذا 
التاريخ الذي صنعه لا الكثيرون من الأعداء . 

ولم تعد cdalally pal tly‏ کا مهملا لا يفيدون Vy tau‏ يلون قاش ا dhe‏ 
وقفوا من خلف أبنائهم الجنود والضباط في ساحة عابدين » فهزوا ضمير ذلك المثقف 
والمفكر : محمد عبده » من الأعماق » واجتذبوه نحو معسكرهم عدة خطوات » وأذابوا 
بحرارة مواقفهم الثورية ودفء عواطفهم الملتهبة الكثير من جليد العقلانية التي عاش 
تحت سطحه ما مضى في السنوات . 

ونحن نعتقد أن هذا العامل الأخير كان هو العامل الحاسم في تغيير موقف محمد 
عبده من «الثورة» و«الثوار» . . فهذا الحدث الذي صنعته مصر في ساحة عابدين في 9 
سبتمير سنة 181 م قد فتح عقل الرجلى وقلبه » على عالم من الحياة والنشاط الوطني 
الثوري كان معزولاً عنه قبل ذلك التاريخ . . ولا شك أن هذه الفترة المفعمة بالنشاط 
السياسي الذي شمل جميع الطبقات » قد غبرت رأيه » أو على الأقل جعلت الصورة 
التي بدت للجماهير المصرية أمام عينيه ختلفة عن تلك التي كانت لها من قبل ... 
والذين يعيشون فترات الثورة الحاسمة » وتتعرض عقولهم وقلوبهم سترارة العمل الثوري 
ونضالات الح اهر › يعرفون جيداً كيف تجتذب صفوف الثورة ‏ دون جدل عقلي 
وفكري - كل المخلصين من أصحاب المواقف «المعتدلة» » بل وكيف ترغم مثل هذه 
الأحداث حى غير المخلصين على مجاراة المواقف ومسايرة الأمور . . . ولقد كان محمد 
عبده من النوع الأول : مفكر «معتدل إصلاحي» يرى أن شرط وجود «الرأي العام) لم 
ينحقق في مصر حتى تعطى جاهيرها مقاليدها في أيديها . . مثل هذا المفكر يعسايش 
العمل الثوري عن قرب , فتبدو ماهير مصر صورة أخرى في ناظريه . فيتقدم 
خطوات للقاء «التيار الثوري») العرابي 4y pall dob ll as dt J‏ > ويسهم مئذ ذلك 
التاريخ في العمل الثوري وني صنع الأحداث الثورية التى شهدتها البلاد . 

وعندما يكتب محمد عبده » في أواخر حياته » عن هذا الحدث الذي غير بعده 
موقفه من الثورة العرابية » يشير بشكل غير مباشر إلى الأسباب التي جعلته يخير موقفه 


608 





هذا فيقول : «أما عن مظاهرة عابدين في ٩‏ سبتمير سنة ۸۱ م فاي أقول of:‏ 
السبعة أشهر التي كانت بين مسألة قصر النيل ومظاهرة سبتمير كانت مفعمة بالنشاط 
السياسي الذي شمل جيع الطبقات . . . فقد صار عرابي محبوباً عند الأمة » واتصل 
بالحزب الوطني » وعرف سلطان باشا وسليان أباظة وحسن الشريعي . وعرفني أنا 
أيضاً» . 

ولكنه بكبرياء ال مثقف الفردي يأ أن يعترف بأنه قد غير موقفه من أهلية مصر 
للدستور » والحكم النيابي بسبب الانتصار الذي تحقق في ذلك اليوم » فيزعم أنه كان 
العو ا ا مر التاريخ » ويشكك في نوايا عرابي من وراء طلب 
الدستور » فيستطرد قائلاً : su‏ وكنا نحن الذين طلبوا الدستور . وقد اهتم هو (أي 
(ule‏ بالدستور لأنه كيه ضما من م الخديو أو وزرائه منه كما كانوا ينتقمون 
ga tl‏ سائز الشياظ : . وبناء على ذلك قدمنا العرائض نطلب الدستور » وحملنا في 
الصحف حملات عديدة في هذا الصدد)١2.‏ وإن كان يعود إلى مناقضة نفسه فيقول في 
مكان آخر : ess‏ ل ا 
حمس سنوات » فلم أوافق على عزل رياض في سبتمبر سئة ١‏ م .. ولکن لا منح 
الدستور الضممنا جميعاً | إلى الثورة لكي نحمي الدستور ...)29 , 

es‏ أية حال » فلقد أخذ الشيخ محمد عبده . منذ ذلك التاريخ . يخطو 
خطوات وثئيدة » ولكنها ثابتة » نحو مواقع الثورة ومنطلقات الثوار . . ففى ديسمير من 
نفس العام يدافع عن دور الجيش و«رجال العسكرية» في العمل الوطني والسياسي ‘ 
فيكتب في المادة الرابعة من (برنامج الحزب الوطني المصري) هذا النص الهام الذي 
يقول : «.. . ويرى هذا الحزب أن مجلس النواب ربما أكره على الصمت . كما حصل 
لجلس اسنا واستعين عليه بجعل المطابع آلة تفرْق نحوه السهام » فيتكدر صفو 
الراحة » ويحرم الأبناء من التعليم » ومذا فوض الأهالي أمرهم إلى أمراء الجهادية , 





dew CS (VA)‏ الإمام هذه الآراء | إلى صديقه «بلنت)» في ١١‏ مارس سنة 7 154 م تعقيباً على الآراء 
التي كتبها عرابي لبلنت حول هذه الأحداث . الظرها في هذا الجزء تحت Of pe‏ (ملاحظات على 
رأي عرابي في الثورة) : 

. وانظر هذا النص في هذا الجزء‎ . 1٤۷ التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر . ص‎ )١( 


كه 





وطلبوا مهم أن يصمموا على طلبهم . لعلمهم أن رجال العسكرية هم القوة الوحيدة 
في البلاد » وهم يدافعون عن حريتهم الآخذة في النموء وليس في عزمهم إبقاء الحال 
على ما هي عليه » بل متى حصلت الأمة على حقوقها , عدلوا عن السياسة الحاضرة › 
فإن أمراء الجهادية عازمون على ترك التدخل في السياسة بعد أن فتح المجلس . فهم 
الآن بصفة حراس عل الأمة التى لا سلاح لها» .. كما يكتب في هذه المادة من هذا 
البرنامج ما يفيد تقديمه لعوامل «الحياة الشوروية النيابية» ؤدحرية المطبوعات» على 
عوامل «تعميم التعليم ونمو المعارف» في عملية المبضة والتقدم والاصلاح ء فيقول : 
«... والمصريون يعلمون أن الصمت على حقوقهم لا يخول لهم الحرية في بلاد ألف 
حكامها الاستبداد وكرهوا الحرية » فإن إسماعيل باشا لم يمكنه من الظلم والاستبداد إلا 
سكوت المصريين . وقد عرفوا الآن معنى الحرية في هذه السنين الأخيرة » فعقدوا 
خناصرهم على توسيع نطاق التهذيب » وهم يرجون أن يكون ذلك بواسطة : 

مجلس شورى النواب ‏ الذي انعقد الآن - 

وبواسطة حرية المطبوعات بطريقة ملائمة > 

وهذا كله لا يحصل إلا بثبات هذا الحزب وحزم OM Sle‏ 


فهو اللي طالا علق السرية السياسية والباة النيابية والدستورية على 
«التهذيب» ٠‏ وعموم المعارف والتعليم » يذكر للمرة الأولى ax LG J‏ الفكري أن 
«التهذيب» سيكون «بواسطة) ؟ شورى النواب وحرية المطبوعات . ولي 

ٍ بو‎ ١ 
العكس > وعندما يذكر مطلب «تعميم التعليم ومو المعارف) يضعه بعد مطلب مجلس‎ 
شورى النواب » وحرية المطبوعات . . . فنحن هنا إزاء تطور فكري على جانب كبير‎ 
. من الأهمية في فكر الأستاذ الإمام‎ 

3k‏ م كن 


من اقتراب الشيخ مل عبذه وثياره الإصلاحى من مواقع الثورة والثوار ... فلقد 


ov 





اتفقت حكومة «غمبتا» الفرنسية مع حكومة «غلادستون» الإنجليزية على أن حصول 
مصر على الحياة النيابية والدستورية هو بمثابة انعتاق هذه البلاد من طوق التخلف » ومن 
ثم ضعف الأمل في إيقاعها في قبضة الاستعار الأوروبي الزاحف على بلاد الشرق » وأن 
التدحل ضد النظام الثوري في مصر هو أمر لا بد منه » وأن باب حماية عرش الخديوي 
هو المدخل إلى هذا التدخل الاستعماري . وفي 8 يناير سنة 1847 م جاءت المذكرة 
الثنائية - (الانجليزية ‏ الفرنسية) ‏ إلى مصر تتحدث عن عزم الحكومتين على حماية 
عرش الخديوي توفيق » وعدت هذه المذكرة مثابة إعلان للحرب على الحركة الوطنية 
المصرية ... ووجد الشيخ محمد عبده أن وطنه في حطر » فأذاب هذا الخطر الجديد 
بعضاً من تحفظاته إزاء النظام الحديد . . وكما يقول «بلنت» : «... هنا وجد المصريون 
أنفسهم متحدين لأول مرة . . . ليس فيا يتعلق بالحزب الوطني وحده . بل فيهما يتعلق 
بجميع الأحزاب والطبقات .. وانضم الشيخ محمد عبده والأزهريون المعتدلون إلى 
الحزب المتطرف Og JS‏ 

ونحن نستطيع أن نبصر » في هذه الفترة التي ارتبط فيها الشيخ محمد عبده 
بالعمل الثوري والثورة العرابية » وأن نميز بين مجموعتين من الظواهر والوقائع 
والأحداث والآراء » يكونان خطين متوازيين في حياة الأستاذ الإمام السياسية في هذه 
الفترة من التاريخ 


المجموعة الأولى 


تتمثل في المواقف والآراء التي تدل على أن الرجل وان اقترب من مواقع الثورة 
والثوار » وساهم في صنع أحداثها في تلك الفترة ٠‏ إلا أنه ظل يمثل الانجاه الأقرب إلى 
«اللإصلاح» في صفوف «الثوار» . . وإذا شئنا تعبيراً A. ST‏ قلنا : إنه ظل يمثل الجناح 
«المعتدل» في صفوف الثورة العرابية . 


الدستور الجديد . تظهر في صفوف النواب الاتجاهات الثورية » وكان أصحابها قلة من 
حيث العدد . بينا يقف في الجانب «المعتدل» أكثر النواب .. ويتحدث «بلنت» عن 
(۱۹) التاريح السري لاحتلال انجلترا لمصر ص ۲٠۱-۲۳۸‏ . 


مه 





هذه الأغلبية المعتدلة فيقول : «إن أغلبيتهم بدت كأصدقائي الأزهريين ميالة للاعتدال» 
ويذكر أن الشيخ محمد عبده كان نصيراً لهذا الاعتدال . وأنه قال يومئذ : «لقد لبثنا عدة 
قرون في انتظار حريتنا » فلا يشق علينا أن ننتظر الآن بضعة أشهر("» . 

وعندما أصر الاتجاه الثوري في الحركة الوطنية على حق مجلس النواب في مناقشة 
ميزانية الدولة وإقرارها » وعارضت ذلك الدول الأوروبية صاحبة الديون على مصر. 
والمراقبون الماليون الذين يمثلونها في مصر . وقف الاتجاه المعتدل إلى جانب استثناء 
الميزانية من المناقشة في المجلس . ووقف محمد عبده مع هذا التيار المعتدل » وجمع أعيان 
البلاد الأعضاء بمجلس شورى النواب في منزله في WV‏ يناير سنة ۱۸۸۲ م كي يناقشهم 
في هذا الأمر مع أصدقائه «بلنت» و«لويس صابونجي» ء ولقد نجحوا في اقناع النواب 
بتعديل ثلاث أو أربع مواد كانت محل معارضة المراقبين الماليين الأساسية . . . ولكن 
النواب أصروا على ضرورة مناقشة المجلس ليزانية البلاد(1 "2 

وعندما يمتدح الشيخ محمد عبده وزارة شريف باشا التي حلفت وزارة رياض 
باشا » وسبقت وزارة البارودي » يصف رئيس النظار وزملاءه بأهم يعملون «في تمهيد 
سبيلنا وإزالة العقبات منه » متوسلين إلى ذلك بالحكمة والاعتدال آخذين بأسباب 
التؤدة ومراعاة الأحوال»"". 

ثم يخطب في حفل أقامه النواب بمناسبة التصديق على لائحة مجلسهم . فيتحدث 
عن «أن الفضيلة وإن تفرعت أصنافها . . . إلا أا ترجع إلى أمر كلي وهو الاعتدال في 
poll‏ نساني . .)0" . 

وهو عنما يقيم هذه المرحلة الحديدة التي دخلتها مصر في تاريخها الحديث ببدء 
الثورة العرابية » يحدد أن البلاد لا تزال في أولى مراحل الطريق » طريق السياسة 
والحرية » والاعتدال عنده هنا لا يعني التوقف عند هذه المرحلة الابتدائية » بل بالعكس 
يعني ضرورة التقدم . ولكن مع المرور بسائر الدرجات ؛ أي الاستمرارية في التطور . 





. TTY o TTT oT المصدر السابق ص‎ )۲١( 

(١؟)‏ المصدر السابق ص 05” » ٠٠۵١‏ , 

. م » مقال (الحياة السياسية) . انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ الوقائع المصرية في 4 نوفمبر سنة‎ )١9( 
. م مقال (مقابلة الشكر بالشكر) . انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ فيراير سنة‎ 7١ المصدر السابق في‎ )۲۳( 


0۹ 





دون طفرة قد يحبذها «الثوار» » فيكتب في هذا المعنى مخاطباً المواطن المصري فيقول : 
el cubby‏ الوطني في أول درجة من مرقاة السياسة » وفي أول مرحلة من طريق الحرية » 
فلن تبلغ الدرجة العليا إلا إذا صعدت سائر الدرج » ولن تدرك الغاية القصوى مالم 
تقطع سائر المراحل » فإن حاولت غير ذلك لم تأمن الهبوط من الدرجة التي بلغت , 
والرجوع من المرحلة التي وصلت بل ربما صرت على مسافة أعوام مما كنت ترجو إدراكه 
بأيام) TO‏ . 

وعندما تشيع في صفوف الثورة والثوار أفكار عن إعلان الجمهورية في مصر » كرد 
فعل لانحياز الخديوي توفيق إلى صفوف الأعداء » ويسجل البارودي واقعة وجود هذه 
الأفكار بقوله : «لقد كنا نرمي منذ بداية حركتنا إلى قلب مصر إلى جمهورية » مثل 
سويسرا » وعندئذ كانت تنضم إلينا سوريا ويليها الحجاز » ولكننا وجدنا العلماء م 
يستعدوا لهذه الدعوة » لأنهم كانوا متأخرين عن زمنهم » ومع ذلك سنجتهد في جعل 
مصر جمهورية قبل أن نوت . . »٠"(.‏ عندما يتبنى التيار الثوري في الحركة الوطنية مثل 
هذه الأفكار » يعترف الشيخ محمد عبده » بأنه وقف ضد هذه الأفكار , لأن الجهل لم 
يمكن البلاد يومئذ من الرقي إلى النظام الجمهوري2'9. 

وعندما :شتد أزمة الثورة بسبب التهديد البريطاني المسلح » والمتمثل في الأسطول 
الذي دخل مياه الاسكندرية في يونيو سنة 1881م يبحث الناس عن حل سلمي 
للأزمة » وعن رسول معتدل يذهب إلى لندن لعرض القضية على المسئولين هناك » 
وتميل الآراء إلى أن يكون هذا الرسول هو الشيخ محمد عبده » ويكتب (بلنت» كيف أنه 
اجتمع في ١9‏ يونيو مع محمد عبده ونديم والبارودي . وتحدثوا في الوسائل السلمية 
لعبور الأزمة «فقال عبده: إنه أجمع رأيه على أن يجمع جميع الوثائق والمستندات التي لديه 
أو التي يستطيع حيازتها ويذهب بها إلى انجلترا لكي يعرضها بنفسه على المستر غلادستون 
والبرلمان الانجليزي . وسيأخذ معه أحد وجهاء التجار وأحد الأحرار من ينوبون عن 
الفلاحين » فوافق محمود سامي على هذا الرأي » وقال : إنه هو أيضاً يود أن يذهب إلى 


. م » مقال (الحياة السياسية) انظره في هذا الحزء‎ ۱۸۸١ نوفمير سنة‎ ٠١ المصدر السابق في‎ )۲٤( 
. 107 التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر ص‎ )١6( 
. (57؟) انظر في هذا الجزء : (ملاحظات على رأي عراب في الثورة)‎ 


و" 





أؤروبا لهذه الغاية 2"'9, وبالطبع ما كان لأحد أن يفكر في إرسال نديم ؛ أو عرابي » أو 
محمد عبيد لمثل هذه المهمة » فإن اعتدال الشيخ محمد عبده كان أهم عامل يرشحه لمثل 
هذه السفارة إلى لندن في ذلك التاريخ . . بل إن «بلنت» يرسل إلى «لويس صابونجي» 
برقية من لندن في © يوليو سنة 1887 م يقول له فيها : «يجب ألا تعاكسوا الاسطول . 
أرسلوا عبده إلى غلادستون»)*". 

ونقد كانت هله الآراء والمواقف المعتدلة التي اتخذها الشيخ محمد عبده . وهو في 
موقع الثورة وبين الشوار » تمثل الامتداد الطبيعي لفكره السابق على الانضهام إلى 
الثورة » والانسجام الطبيعي مع تكوينه العقلاني والنظري «التأملي) ومزاجه الميال إلى 
الاعتدال وهو التكوين والمزاج الذي لازمه في آرائه طوال حياته وفي كل مواقفه الفكرية 
والعملية » وعلاقاته بالناس . . فهو عندما يتحدث عن إصلاح المحاكم الشرعية › 
مثلا » يدعو إلى «التدرج» في معالحة لوحك برام النفص فيها . . يدعو إلى 
ذلك عند الحديث عن إنشاء قلم قضائي لتنفيذ أحكام هذه المحاكم .. . ويدعو إليه 
عندما يتحدث عن ضرورة توفير «المأذونين المؤهلين» في القرى والأئحاء ... ويدعو 
لذات النبج عندما يتحدث عن (التحايل على نصيحة الحكام) ملوكاً كانوا أو 
أمراء ... ويلتزم نفس النبج عندما يفكر في السياسة العليا » أو إصلاح الأزهر أو 
الأوقاف .. إلخ إلخ . . وهو عندما يترجم لأستاذه الأفغاني في تقديم ترحمته لرسالة الرد 
على الدهريين في ببرت سنة 1885 م ينتقد في أستاذه مجانبة «الاعتدال» في معاملة الحكام 
المستبدين » ويرى أنه كان من الممكن أن يحقق الكثير من الغايات لو أنه سلك في 


علاقاته بهم مهب التدرج والاعتدال . فهو إِذْن ct‏ ذكري 6 وموقف عملي 2 
وسجية نحلقية لازمت الزجل في كل أطوا حيائتة + وفي كل ما عرض له في هذه الحياة . 


من الظواهر والوقائع والأحداث والآراء التي عايشت ظاهرة الاعتدال هذه 5 
تلك الفترة التي نضم فيها الأستاذ الإمام إلى الشورة العرابية » وزاملت ظاهرة 


(۲۷) التاريخ م السري لاحتلال انجلترا مصر ص 407 . 
(YA)‏ المصدر السابق ص ٤۸‏ . 


5١ 





الاعتدال » هي تلك التحولات الفكرية التي اقتربت به من مواقع الشوار الفكرية 
ومواقفهم العملية » بعد أن كان يقف بعيدأ عن هذه المواقع يناهض ما لأصحابها من 
أفكار . . ونحن عندما نقرأ كتاباته السياسية في هذه الفترة من حياته نشعر بأنه باجم 
آراءه هو نفسه التي قاها قبل انضامه للعرابيين » ولعله كان يناقش يومئذ أولئك الذين 
ظلوا على موقفه الفكري القديم » واحتفظوا بالزعم القائل : إن مصر ليس بها «رأي 
عام) تستحق به أن تنال الدستور والحباة النيابية والحكومة القانونية المقيدة هذه 
القيود . 

فبعد أن كان ينكر أن في مصر «رأي عام) يجعلها Stal‏ للحكم الدستوري 
النياي » عدل عن هذا الموقف وكتب يقول : «إن استعداد الناس OF‏ ينهجوا منج 
الشورى غير متوقف على أن يكونوا متدربين في البحث والنظر على أصول الجحدل المقررة 
لدى أهله » بل يكفي كونهم نصبوا أنفسهم وطمحت أبصارهم للحق وضبط المصالح 
على نظام موافق لمصالح البلاد وأحوال العباد . . . إن أهالي بلادنا المصرية دبت فيهم 
روح الاتحاد . وأشرفت نفوسهم منه على مدارك الرأي العام , وأخذوا يتنصلون من 
جرم الإهمال ) ويستيقظون من نومة الإغفال » وقد مرت عليهم حوادث كقطع الليل 
المظلم » ثم تقشعت عنبم . فطالعوا من سماء الحق ما كحل عيونهم بنور الاستبصار , 
حتى اشرأبت مطالعهم إلى بث أفكارهم في ما يصلح الشأن ويلم الشعث ويجمع المتفرق 
من الأمور » ليكونوا أمة متمتعة بمزاياها الحقيقية » فهم بهذا الاستعداد العظيم أهل لأن 
يسلكوا الطريق الأقوم » طريق الشورى والتعاضد في الرأي » فقد أزف الوقت » ول 
تسمح هم ظروف الأحوال بأن يتأخروا عن سن قانون يراعي فيه ضبط المصالح على 
الوجه الملائم يتبادلون فيه الأفكار الحرة والآراء الصائبة . . فلهذا أجمعوا رأيهم على 
تأليف مجلس الشورى ممن هم دربة ودراية تامة بشؤون البلاد» وصدرت الأوامر 
السامية بانتخابهم نواباً حسب ما قضت به نواميس ا حرية » وانشرحت صدور الئاس 
عامة بهذا الأمر » واستبشروا بما يكون من عاقبة هذا المسعى الجليل ...)250 . 

وبعد أن استقالت وزارة شريف باشا » وتكونت وزارة الثورة برئاسة البارودي › 





(۲۹) الوقائم المصرية . عدد 1۲۹ في ١50‏ ديسمير سنة 188١‏ م مقال (الشورى والقانون) » انظر هذا 
المقال في هذا الجزء . 


17 





وهي الوزارة التي دخلها عرابي ناظراً للجهادية . وبعد أن انتب لس النواب » 
روضح معام النظام الثوري الحديد › ا الود مؤيداً هذا النظام » 
مؤكداً تحقيقه لمبدأ الشورى المرتكز على الرأي العام فيقول : «. . . بنيت الشورى على 
الرأي العام > فأكر فائدة ضما هو انقياد الناس لما يقضي به اراي العام » ووكلاء العامة 
خواص من انحصر فيهم الرأي العام » ٠‏ فإذا قضوا بعمل ما نافعاً رأيت هم معضدين ؛ 
وهم كل الناس الذين يحافظون على الرأي العام « aly‏ د ن کو دا 
واحدة على هذا العمل تجمعهم دائرة الاتحاد . ولقد وصلنا بمعونة الله تعالى » وحسن 
مساعي خديوينا ا معظم . ومن اختارهم جنابه الرفيع للنظر في مصاحنا إلى هذا الحد ؛ 
وتوجهت رغبات جميعنا إلى ما فيه خبر بلادنا وصلاح معاشنا ومعادنا » وصرنا يدا 
واحدة لا تكل عن العمل ولا يتعبها تواليه على مر الأيام»٠ oe‏ 


وعندما تتعرض التجربة المصرية الوليدة في في الحكم الدستوري الشوري النيابي 
مجات الخصوم وانتقاداهم » ويطلقون ضدها نفس الحجج التي أطلقها من قبل الشيخ 
محمد عبده قبل انضامه لحركة الثورة العرابية » يتصدى الشيخ محمد عبده هؤلاء 
الخصوم , ويسوق ضد حججهم نفس الأدلة البي قدمها العرابيون منذ البداية للدلالة 
Je‏ أهلية البلاد للدستور ومجلس النواب وتقييد الحكومة مبذه المؤسسات .. فيكتب 
قائلاً » ... إن بلادنا المصرية بلا ريب . لا فرق بينها وبين بلاد أخرى تحققت فيها 
الشورى ونالت منافعها وعادت عليها فوائدها. من حيث القبول للمصلحة › 
والاستعداد للخير . والقدرة على التفرقة بين الملايمات والمنافرات . وتحبة الأولى وكراهية 
الثانية » والفرح بالإصلاح والحزن من الإفساد . إلى غير ذلك مما تقتضيه هذه 
الصفات . . .2 » ثم يمضي ليقول إنه «لا يخفي أن أبناء قطرنا المصري قد انتقلت 
أفكارهم من مركز الرقدة إلى جال الحولان في المنافع والمضار » ووجوب السعي لطلب 
الأولى من طرقها » ولزوم الاجتهاد في دفع الثانية . . . ومن البين أن الأهالي إذا دب 
فيهم هذا الروح تشوفوا لأن 0 أفرادهم متساوية في القانون والمعاملات »> بدون 
تفرقة بين هذا وذاك » وصح أن يوجد فيا بينهم قوم - (وهم الخواص الذين حصلوا 
طرفاً من المعارف والعلوم) - يقتدرون على التفرقة بين الملايم والمنافر . . . ويرضون أن 


» المصدر السابق . مقال (الاتحاد في الرأي قرين الاتحاد في العمل) فی ۲۳ اہریل سنة ۱۸۸۲ م‎ )١( 
. انظره في هذا الجرء‎ 


1۳ 





eee‏ . .» ثم يتقدم خطوة أبعد من هذا عندما يعلن 
أن هذا التطور قد (ale) wel‏ أهل مصر ور جاهرها» › ails‏ : يعد م على 
«الخواص» الذين نالوا قسطاً من المعارف والعلوم , ٠‏ فيستطرد قائلا : «... أما كون 
اي ند سارت قا شل سر زا لو مر لد لينف ار 
نخص ذلك بالخواص ؟ فإن العامة » وهم أهل الأعمال البدنية المستغرقة لبياض النهار 
وسواد الليل قد انتقلوا عما كانوا فيه من قبل بكشير وإن كان الانتقال في كل من 
الفريقين ‏ (الخواص والعوام) ‏ على درجته اللائقة به . المناسبة لما اكتسبه من المعارف 
أو التجربة أو تأثير الحوادث . أو غير ذلك من أسباب الانتقال من حال إلى أعلى منه في 
الوجود»('"“ . 
ونحن نلحظ في هذه العبارات الأخيرة تطوراً هاما ني تفكير الأستاذ الإمام» فلم 
تعد المعارف والعلوم والتربية هي السبيل الوحيد لانتقال الإنسان من حال إلى حال أعلا 
منه في الوجود » وإنما هو قد أضاف إلى هذا العامل عوامل أخرى » مہا «التجرية) 
و«تأثير الحوادث» وغيرهما . . . وهي العوامل التي yp Ee Sai alley alba‏ 
جديداً في حياة الناس انتقل بهم إلى طور جديد من أطوار الحياة , 
by‏ مقالاته عن (الحياة السياسية) يحدد أن الذين يستحقون أن تكون لهم الحقوق 
في التمتع بالحريات : حرية الرأي وحرية القول » وحرية الانتخاب . هم الذين 
حصلوا القدرة على امتلاك «الأدب السيامي» الذي «لا بد في تحصيله من الطلب 
والاجتهاد » وحسن الاقتداء > ودقة النظر › والتبصر dg‏ أحوال الناس من قبل وفي 
الحال(""© . . . «... ولا کان هذا الكلام Lays‏ لعدم استحقاق عامة الناس وجماهيرهم 
التمتع بهذه الحريات . يعود الأستاذ الإمام لتحديد مقصوده فيقول : إن «الأدب 
السياسي لا يحصل لأفراد الأمة كلهم أجمعين . ولا يكون في الذين يحصلونه سواء بمقدار 
واحد » لأنه من الملكات الصناعية العلمية » والملكة لا تحصل إل بتكرار العمل » وإن 
حصلت فإنها تختلف استحكاماً وكمالاً بحسب اختلاف القابلية والتفرغ في الناس . 
على أن الأدب السياسي» وإن ل يتيسر عمومه في الأمةء إلا أنه قد يحصل لأفراد كثيرة 


. م . انظره في هذا الجرء‎ 188١ ديسمير سنة‎ ١١ المصدر السابق . مقال (في الشورى) في‎ )۳١( 
, م » انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ نوفمير سنة‎ ٠١ 9؟") المصدر السابق . مقال (الحياة السياسية) في‎ 


55 





معبم على مقادير ختلفة › ٠‏ فيمكن لمجموعهم أن يسيروا في سبيله آمنين مهتدين اقتداءً 
وتقليدا + ويتدرجوا به في مراتب احياة السياسية حتى يتوالى التكرار ويطول الاستمرار 
فيصير فيهم من الملكات الذوقية التي تقرف ولا كرف كنا كان العرب في الجاهلية 
بالنظر إلى اللغة ينطقون بالكلام المركب بالوضع » ولا يعرفون من قاعصدة غير 
الذوق» . .220 فهو هنا يثبت إمكانية تحصيل العامة وا ماهير للأدب السيابى » ومن 
ثم استحقاقهم التمتع بحقوقهم في حرية الرأي » وحرية القول » وحرية الانتخاب . 
وذلك دون أن يكونوا مثقفين قد تحصلت لهم وتوفرت لدبهم المعارف والعلوم . 

وهو في هذه المرحلة له خخ عن النظام الشوري باعتياره ep)‏ القيام بمصر 
فقط » بل باعتباره «واجباً محتوما) . لأن الأطراف المختلفة قد تأهلت له » ورغبت 
فيه : الأهالي » والحكومة » فلقد ثبت أن قيام الشورى «ووجودها في بلادنا المصرية 
ممكن بل وواجب محتوم » حيث قد ثبت أن لا مانع من إحدى الجهتين ‏ (الآمة 
والحكومة) ‏ وثبت أنها - (الجهتين) ‏ طالبتان لوجودها وتحققها في الديار المصرية التي قد 
استعدت للحصول على الغاية الحسنة وتبيأت للوصول إلى درجة الكمال)9* "© . 

وهو يحدد لنا أن هذا الطور اللحديد الذي أوصلت الثورة الشعب إليه هو طور 
«الوطنية) وبروز عاطفة التعلق بالوطن . وهو مرادف للقومية وعاطفتها. ويحدد 
العوامل التي جعلت للوطن في هذه المرحلة مكان القبلة التي يجب أن يؤمها الجميع . 
فيقول : «في الوطن من موجبات الحب والحرص والغيرة ثلاثة » تشبه أن تكون 
و 

الأول أنه السكن الذي فيه الغذاء » والوفاء » والأهل والولد . 

والثاني - أنه مكان الحقوق والواجبات التي هي مدار الحياة السياسية . وهما 
حسیان ظاهران» . 0 

والثالث ‏ أنه موضع النسبة التي يعلو بها الإنسان ويعزء أو يسفل ويذل . وهو 
معنوي محض . فإذا تقرر ذلك » على ما قلناه » وجب على المصري حب الوطن من كل 
الوجوه . . .) 


. م » انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ نوفمير سنة‎ ٠١ المصدر السابق . مقال (الحياة السياسية) في‎ (HY) 
ejhl م انظره في هذا‎ \AA\ daw pod yi ١١ المصدر السابق . مقال (الشوری) في‎ 2: 


"6 





ثم يمضي ليشن هجومه على أولئك الذين يزعمون أن مصر لم تبلغ طور «الوطنية) 
وم تولد بها هذه العاطفة بعد » فيقول : «ولقد كان بعض الناس يحاولون خلع الشعار 
الوطئي عن ذوي الحقوق والواجبات في مصر » والباسهم laste‏ لياس الجهالة والذل 2 
ولكن أبت ال حوادث Y‏ أن تثبت لنا وجوداً وطنياً . ورأياً عمومياً . ولوكره المبطلون . 
على أن منهم فثة لا يزالون يؤلون أسماعنا بما يكررون من سفاسف القول » من مثل : 
إننا تعودنا إحتمال الظلم والحيف » وألفنا الخدمة والرق . فلن يستقل WS‏ رأي » ولن 
غبتدي سبيل الحرية . كأنما هم لا يعلمون أن أهل الغرب أجمعين تعودوا مثل ذلك 
الحيف أعصاراً . وكانوا في قديم الأيام على ضروب من الرق وانخفاض الجناح وأن 
العالم بأسره كان فريقين : أحراراً بظلمون . وعبيدا يطيعون . أولم يكن في بلاد 
الفرنسيس . من قبل هذا العهد » صنوف من الرقيق يشتغلون في الأرض لغيرهم , 
ويباعون كما تباع العجراوات ؟! أو يقل كاتبهم «فولتر» › ف وسط المائة السابقة : 
لا يزال في بلادنا ستون ألفأ أو سبعون ألفاً عبيداً للرهبان ؟!. . فا بال هذه العادة لم 
تمنع الفرنسيس من الوصول إلى ما أدركوه من رفعة المقام ؟! وإن يروا أمثال «تيارس» 
و«جريفي) و«غامبتا» » من أبناء الذين كانوا من قبل عبداناً أرقاء !! 

ولئن كان من فضل هذه الماثة أن يكتب في صدر تاريخها تحرير أرقاء العصر 
السالف » فلقد رجونا ‏ وحقق الله هذا الرجاء ‏ أن يختم ذلك التاريخ بتحرير الذين 
كانوا أرقاء في هذا العصر . وحسن ذلك ابتداء » وحسن ذلك ختاماً) .  .‏ 8" , 


وبعد إجراء انتخابات مجلس شورى النواب . اتخذ خصوم الشورة من دخول 
بعض الجهلة وعديمي الكفاءة إلى المجلس حجة للطعن في هذه التجربة » وقالوا إن 
نر مسف اال نا اللون من المؤسسات » وأن هذا المجلس بدع بين المجالس النيابية 
في العالم .. فتصدى الشيخ محمد عبده لمناقشة هذه الآراء وتفنيدها . وكتب يقول عن 
تحفيق هذا المجلس للمنفعة المرجوة من نظام الشورى : «... وأما حصول المنفعة 
المقصودة من الشورى في بلادنا فلأن انتخاب النواب قد تم على وجه يضمن حصوهاء 
ويكفل تحققها. إذ لا يخلو المتتخبون من أن يكون غالبهم من أهل الدراية والمعرفة 
وأرباب النظر والفكر الذين يعرفون ما هي الشورى وما هو المقصد منها » وما هي 
Gud java (Yo)‏ . عدد ۱۲١۷‏ مقال (الحياة السياسية) في لوفمير سلة 18481 م ء انظره في 

هذا الجزء . 





55 





المنفعة للبلاد » وما هو الطريق الموصل إليها ا ا 
طويلة تكفي للمشتغل فيها با معارف أن يكون على حالة التنبه والاستبصار التامين . 
ولا يخفى Bo ie SEN hea Uae Na at‏ 
المرة لمجلس النواب » ولا نشك في أن هذا العدد فيه الكفاية التامة لتحقيق منفعة 
الشورى المقصودة منها في بلادنا المصرية . فإن أي قطر من الأقطار لا يكون المجموع 
فيه للمشورة إلا على هذا المثال » وقد علمنا علم اليقين أن غالب المنتخبين عندنا هم 
على هذا الحال » فلا يضرنا » والحالة هذه » أن يكون القليل ليسوا كالكثيرين في هذه 
yS‏ 
أن غالبهم كالغالب عندنا والقليل منهم كالقليل منا » وهذا أمر مسلم به لا مرية فيه ولا 
خفاء » ومع ذلك فقد نالوا ثمرات N oe.‏ > فالقول ! إذن بأهم 
هم ينالوها ونحن نحرم منها , » مع تساوي الأمر بيننا وبينہم › ل اا 
ولا تقوم عليه حجة ولا OV Ley ok‏ 

ولم يقف الشيخ محمد عبده عند حد الدفاع عن هذه التجربة الثورية » والتصدي 
للذين يجتهدون للنيل منها وتسفيه مؤسساتهاء وإنما اجتهد في الادلاء بآرائه البناءة 1 
أراد أن يتضمنها دستور البلاد الذي كان موضع مناقشة في مجلس شورى النواب 1 
احتفال أقامته (جمعية المقاصد) بمناسبة التصديق على لائحة النواب . دعاه عبد 4 

يم إلى الخطابة » فألقى كلمة ضافية في وجود البارودي وعرابي وغيرهما من النظار 
dy ty‏ هذه الكلمة تحدث عن المبادىء التي يجب أن يتضمنها دستور البلاد - 
(القانون الأساسي) - مثل : 

١‏ التأكيد على أن حكومة هذه البلاد حكومة قانونية » أي مقيدة بالدستور 
والقانون . 

- النص على دور مجلس شورى النواب في مساعدة الحكومة في حكم البلاد . 
النص على السعي لتعميم المعارف والعلوم في البلاد وذلك لتربية الأعداد 

اللازمة لتولي مسؤولية النيابة عن pale‏ الناس . 

٤‏ - النص على وجوب تحسين التربية الي تكسب الفضيلة والشرف . وذلك حتى 





. م » انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ ديسمبر سنة‎ ٠١ المصدر السابق . مقال (في الشورى) في‎ (WX) 


¥ 





تصير الملصلحة العامة أهم من المصلحة الخاصة عند من يتصدون للمسؤولية العمومية في 
البلاد » وحتى لا يلتمس أحدهم «منفعته إلآ من طريق منفعة العموم» . 

5 النص على ضرورة ووجوب اطلاق حرية الأفكار والأقوال والأعيال 
«فلأجل هذا يجب أن يكون في ذلك القانون الأساسبى لتلك الحكومة إطلاق حرية 
المجامع » والمطابع » والأفكار والأعمال . والأقوال .. على شريطة أن يكون هذا 
الاطلاق تحت قانون عدل يرسم الحدود ويبين الواجبات على تفصيل يرفع الإبهام وتبيين 
يزيل الالتباس) . 

5 - النص على إيجاد الحوافز «وثقرير أمر المكافأة لمن أتى بعمل غريب وجاء بصنع 
بديع حتى يكون سائقاً للنفوس على التفكر والتدبر في الوصول إلى ما يسحقون عليه 
المكافأة والامتياز» . 

Sie‏ والباطل ليدم 00 ف حتاف جوانب حياة المجتمع المصري 
٠ OY) |‏ إلخ 4 cl‏ : 
aK ok *‏ 

وهكذا احتل الشيخ محمد عبده مكانه في الحركة الثورية العرابية » وتحول إلى 
صوت يدافع عن إيجابياتها بعد أن كان صوتاً ode parle‏ الإيجابيات . . وإلى مساهم في 
ely‏ الحياة الحديدة gusty‏ الحدید لوطننا الذي بدأ بمظاهرة عابدين ف 4 سبتمير سنة 
١‏ م بعد أن كان بعيداً عن هذه الظاهرة ينتقدها من موقع المثقف الذي عزل نفسه 
عن محال التأثير الثوري والتأثر بالثورة والثوار . . 

ولقد شهد النصف الأول من عام ۲ م تقدم الشيخ محمد عبده » رغم 
«حصائصه المعتدلة » في ميدان العمل داخل إطار الحركة الثورية العرابية » حتى لا يجد 
الباحث وسط أحداث الثورة بدأ من وضعه بين القلة القليلة التي يمكن أن يطلق عليها 
وصف القيادة لمذه الثورة خلال تلك الشهور . . لقد كان واحداً من قادة هذه الثورة › 





(۳۷) المصدر السابق » مقال (احتفال حعية المقاصد بالتصديق على لائحة النواب) في ١0‏ فيراير سلة 
\AAY‏ ¢ : انظره في هذا joel‏ 


1۸ 





وان يكن الممثل للتيار cane‏ المعتدل بين هؤلاء القادة الثوار . فهو «اصصسلاحي» 
اعتقد أن «الثورة) قد حققت و ا ا وسنوات . 
وهو صاخب مزاج غير ثوري 5 دفء الثورة وحرارة الثوار في اعطائه جرعة من 
الحماس جعلته يتقدم خطوات بعبداً عن مسوقع «المصلح) todo oy ea pis‏ 
«الثوري) ... وظل هذا حاله. تتعايش في آرائه ومواقفه ظاهرتا : الاعتدال . 
والدفاع عن الثورة والمساهة في صنع أحداثها » ملل انفجار الشورة في سبتمير سنئة 
۱ مء حتى هزيمتها التي انتهت بدخوله السجن مع زعرائها الأحياء في سبتمير سنة 
\AAY‏ م 


ae ot HF 
wre 


كانت الصورة التي تم بها فشل الثورة العرابية. وهزيمتها أمام اليش الانجليزي 
المسلح بالعتاد الحديث . والخداع ‏ والمستند إلى حيانة الخديوي والإقطاعيين من أعضاء 
ازب الوطني الحر . والمستفيد من إعلان السلطان العثاني عصيان عرابي وخروجه عن 
الطاعة » كان فشل هذه الثورة على صورة تعذر على الناس تصورها أو تخيلها . فاهترت 
كياناتهم من الأعراق » وتزلزلت معتقداتهم ومسلماتهم التي ظنوها قد تحققت وحققت لهم 
الحرية والاستقلال . 

فالقائد الذي جسدوا في شخصه أحلامهم القديمة والحديثة قد سلم نفسه وسلم 
سلاحه . . 0 بالخيانة في الثل الكبير . . . وجيش 
الثورة قد سرح جنوده وضباطه الوطنيون . . . وعدد كبير من اللذين ناصروا الثورة قد 
تذكروا لها. وأنكروا دورهم فيها » وقذف كل منهم بالمسؤولية على من سواه . . 
والوحيد الذي ظل رافعاً اسم مصر ومجدها وشرفها من هذا السقوط هو عبد الله 
النديم » الذي استعان على صيانة هذه الأمانة باهرب من وجه الأعداء » والمرب يومثذ 
كان أضعف OLY)‏ . ولكنه «الإيمان» الوحيد الممكن في تلك الظروف ؟! 

وني اليوم التالي لفشل الثورة واحتلال الانجليز للقاهرة في ١4‏ سبتمبر سئة 
۲ م ظهرت أبواق الخيانة والنفاق » واستخدمت الصحافة في تجريح العهد 
الثوري » ورواية الأقاصيص » والخرافات عن الثورة والثوار . . كان هذا موقف اللنونة 


“4 





والمنافقين . . . فاذا كان موقف الشيخ محمد عبده من هذا الحدث الجلل والخطب الذي 
زلزل كيان مصر وهزه من الأعباق ؟! . . 

A‏ "قن تن ماك كد انهاه ا کد ا 
ومنها قصيدة شعر » ومنها مذكرات في الدفاع عن نفسه ... إلخ .. إلخ ... ومن 
هذه الصفحات القليلة نستشف أن الرجل لم يرحب بفشل الثورة » بل تحدث عن هذا 
ita eas‏ هو الظامة الكرى الى لبد ملعن اوكقابة Apel‏ 
ومن هذه الصفحات كذلك نستشف أن الرجل قد أدان السلطة الجديدة التي أعقبت 
سلطة الثورة في الوجود » فهو يقول عنها : «وتمخضت السلطة لآلهة الشر yas‏ 
الطباع » وبدلوا الخلق » وغيروا خلق الله » وكانوا على ذلك قادرين . 
وانهالت التهم › ؛ بالحق وبالباطل » على الرجل » ولكنه لم يدهش » ل 
طبيعياً من «آمة الشر» هؤلاء الذين استعانوا يمن «رضوا لأنفسهم قول الزور 
البهنان واختلاق الإفك . وقد تقدصوا إلى مجلس التحقيق » بتقارير محشوة من 
الأباطيل » ليكونوا علينا بها من الشاهدين» لم يدهش الرجل من ذلك » بل كتب 
يقول EU A E E‏ تم أوصافي 
التي تَعْلْمُها . غير She‏ بما يصدر به الحكم . ged‏ قادن کا ان کل ما سرن 
القدر وما ساقه من البلاء فهو نتيجة ظلم لا شبهة للحق فيه» . 


ولكن الأمر الذي زلزل كيان الرجل » وهزه من الأعماق » هو خيانة الأصدقاء 
والأولياء » وتنكر من لم يكن يظن بهم التنكر » حتى «تقطع حبل الأمل » وانفصمت 
عروة الرجاء » وانحلت الثقة بالأولياء » وضل الاعتقاد بالأصفياء » وبطل القول بإجابة 
الدعاء . . ey cl‏ إلخ .. . وحري بمثل هذا الرجل بتكوينه الأخلاقي الديني › 
ومزاجه الريفي الوفي ١‏ أن بصدم :من بهذا Sake‏ تزلزل كيانه , خصوصاً إذا 
صدر ممن أولاهم ثقته وأحسن إليهم أدبياً ومادياً في كل الظروف والمناسبات . 

وسبب آخر زلزل كيان الرجل . وهو الموقف المتخاذل الذي اتخله عدد من قادة 
الثورة في التحقيق أمام «القومسيون» » وهم الذين كانوا حل تقديره واحترامه . . . فلقد 
كانت أخلاقيات محمد عبده تدعوه إلى أن يذكر الحقائق ولوعن نفسه . أما بعض هؤلاء 
القادة فإهم لم يكونوا مثله في هذا الباب . . وهو يكتب من سجنه لصديقه عن أولئك 


Ve 





القوم الذين «كأنما قذف بم من شاهق جبل » فسقطوا على رؤوسهم » فغشيهم من 
شدة الصدمة ما غشيهم »؛ فقاموا ينطقون بما لا يعون » ویتکلمون OS gags Vy‏ 
ففى التحقيق الذي أجراه «القومسيون) مع, هؤلاء القادة حدثت مواجهات رمى 

فبها بعضهم الاتهامات على رقاب الآحرين › وكذب فيها بعضهم بعضاً , ولقد نال 
الأستاذ الإمام نصيب منها » وتمت مواجهة بينه وبين البارودي اختلفا فيها حول اليمين 
الذي أقسمه الضباط في «قشلاق عابدين» » إتهم فيها البارودي محمد عبده بالكذب » 
بين| توحي أحداث الثورة ووقائعها أن البارودي هو الذي كان ينكر الحقيقة أمام 
LE NN gene gly‏ 

وتشهد وقائع التحقيق مع زعماء الثورة أن الشيخ محمد عبده قد اتخذ موقفاً 
أخلاقياً فلم يلق على الآخخرين الاتبامات ٠‏ ولم يتنصل من مواقفه أثناء الثورة » بل تحمل 
المسؤولية عن AX‏ أصدقائه الذين أراد إبعادهم عن دائرة الاعتقال » ae‏ من 
سجنه إلى صديقه قائلا : إنني «أخذت على نفسي كل مسؤولية تنسب إليه أو إليكم » فيا 
عليكم إن سئلتم إلآ أن تكونوا منكرين7** . 

ولذلك فإننا نستطيع أن نقول إن فشل الثورة » وحق تى اغبيار بعض قادتها وتهالك 
عدد من زعمئها في التحقيق لم يحدث انمياراً في شخصية الشيخ محمد عبده. فظل 
الرجل على شيء من تماسكه . وإنغا الذي حدث هو عودته إلى نقطة الانطلاق التي 
كان عندها يوم كان على خلاف مع العرايين ؛ والرجوع | إلى جذوره الفكرية الأصيلة 
في «الإصلاح» بعد أن تحولت «الثورة» إلى رماد » وتنكر لأحداثها بعض صناع هذه 
الأحداث . . . لقد ألقى محمد عبده وهو في سجنه , إيمانه «بالثورة) وآماله فيها مع ثقته 
للفقودة في هؤلاء الذين فقد فيهم الثقة أثناء المحنة التي عاشها معهم سجينا . . وأعلن 
من سجنه «أن الحوادث المريعة سوف تنسى » Sal ae ek i ah‏ 
طبيعة هذه الأرض بخستها أن يكون لحا من عوده نصيب . فليعودن في بلاد خير منها . 
ولأجذبن إلى المجد gol‏ > ومن إلى المجد يلجذبون<؟)) .. . وهو هنا يتحدث عن 





: 25d «رسالة من السجن» انظرها في هذا‎ (YA) 

(9) انظر في هذا الجزء «مواجهة بين الأستاذ الإام وحمود سامي البارودي» . 
(40) رسالة من السجن . 

419) المصدر السابق . 


الا 





مشاريعه في «المنفى) الذي كان يستعد لتنفيذ الحكم الصادر به عليه . . 

وفي القصيدة الشعرية الني كتبها من سجنه عن أحداث الثورة تبدو لنا بجلاء 
تلك الحقيقة التي أشرنا إليها » وهي أن محمد عبده قد تنكر «للثورة» ‏ كطريق للتغيير 
والنبضة - وم يننكر «للإصلاح» . . . وأن الزلزلة التي حدثت لكيانه بسبب انيار 
«الثورة» وعدد من «الثوار» قد ابتعدت به عن مواقع «الثورة والثوار» الذين اقترب منهم 
بعد مظاهرة عابدين» وعادت به إلى مواقع «المصلح والإصلاح» التي بشر مها وانطلق 
من على أرضها قبل ذلك العام الذي عايش فيه الثورة العرابية وقادجها . . . فهو يحكي في 
هذه القصيدة آراءه قبل مظاهرة عابدين » كان يعارض - «الثورة») 
(ce Vb»‏ ... ويتحدث عن مكانه في الثورة بعد أن انضم إليها » فيصوره على أنه 
مكان «الناصح » هم و«المحذر) إياهم فقط لا غير(”؟2... ولحن تعتقد أنه هنا ليس 
دقيقاً الدقة كلها , . فلقد كان يومئذ «معتدلاً في صفوف الثوار» » ولكنه كان من صناع 
هذه الأحداث رغم اعتداله وتحفظاته » Yay‏ المواقف الصعبة تجعل النفس الإنسانية 
تبرز وسائل النجاة وتغض الطرف عن المزالق ومواطن التهم والشبهات , خصوصاً 
عندما يكون الخال كما كان في تلك الظروف التي تزلزلت فيها الأنفس زلزالا 
شديداً . 

ss‏ التي عاشها محمد عبده في تلك الظروف 
فإن من وسائله وسبله إلى ذلك أن يعلم أن الرجل لم يقل الشعر في حياته إلا في 
موقفين : أحدهما عندما حضرته الوفاة » وعاين الموت معايئة » ويومئذ قال سبعة أبيات 
من الشعر . أما الموقف الثاني فهو أنميار الثورة العرابية وهزمتها » ويومئذ قال قصيدته 
التي تزيد على مائة بيت ؟؟!! . 


ae ae ak 
aks 
dw proms 5 d إلى «بيروت)‎ ٠ عندما ذهب الشيخ حمل عبده » منفياً‎ 
وبالذات عن طريق التدريس‎ » Kc ve My کان قد قرر التفرع لدعوة‎ » ¢ \AAY 
. (؟5)انظر القصيدة في هذا الجرء‎ 


VY 





والتربية والتعليم .. وبالفعل شرع في ذلك العمل . ومارسه نحو عام ... ولكن 
أستاذه جمال الدين الأفغاني دعاه إلى اللحاق به في باريس » وطلب | te‏ ل 
تنظيم (جمعية العروة الوثقى) السري » وأن يرأس تحرير الصحيفة التي قرر هذا التنظيم 
إصدارها كي تنطق باسمه من باريس . «وصارع ae‏ أستاذه بيأسه من الاشتغال 
«بالثورة» والعمل السياسي المباشر » وطلب من أستاذه أن يذهبا les‏ إلى مكان بعيد عن 
متناول الحكومات المناوئة لاصلاح الشرق ونمضته » وأن يقي مدرسة تربي القادة ودعاة 
الإصلاح . وأن يكون هذا هو سبيلهم لنشر دعوتهم ۰ والتجديد . . . ولكن 
الأفغاني سخر من 0 Dey a‏ الطوبوي» » وقال له : إنما أنت مثبط .. لقد 

بدأنا عمل ولا بد لنا . E‏ أستاذه » 
فسلطان الأفغاني لا 0 ‘ سد في حضرته ووجوده » ومحمد عبده الآن محكوم 
عليه بالنفي ولا سبيل لديه كي يصنع حتى ما يريد من الإصلاح بالتربية والتعليم . 
ووطنه محتل » وهو لا يستطيع أن يُعْرَض عليه النضال في سبيل تحريره من الانجليز 
ويرفض . . . فقرر الرجل أن يمنح هذه المهمة «الثورية) الجديدة فترة من حياته » فإن 
حققت الآمال كان be‏ > وإن ل تحقق الآمال كان في ذلك إبراء للذمة أمام أستاذه 
ووطنه » حتى ل الوسائل لمارسة ما نذر له نفسه من «الإصلاح» بواسطة التربية 


والتعليم . 

وخلال عام وبضعة أشهر شارك الأستاذ الإمام في إخحراج مجلة (العروة الوثقى 
من باریس و [ونحن قد تحدثنا عن دوره فيها ف مكانه من هذه الدراسة عندما 
Sled oid Last ye ud‏ التي نقدم بين يديا] - . 


أما العمل «الثوري» الآخر الذي ae‏ به الشيخ محمد عبده في تلك الفترة فهو 
مساهمته في التنظيم السري لجمعية العروة الوثقى . وهذا العمل هو صفحة من حياة 
الشرق النضالية والثورية » بذل الأستاذ الإمام «SI Gene‏ ومن ثم فإن له فيها 
نصيباً يستحق الذكر والتنويه .. وكيف لا وقد شغل الرجل منصب «نائب رئيس 
التنظيم» .. وكان الرئيس هو جمال الدين الأفغاني ؟؟ . 


ak ae ae 
والبعض يخطىء عندما يظن أن (جمعية العروة الوثقى) لم تكن تنظيم] سياسيا‎ 


Y۳ 





ثورياً » وإنما كانت جرد جمعية دينية إصلاحية تستهدف تجديد الإسلام وصلاح حال 
السلمين . . . والحقيقة التي تتجلى للباحث أن هذا التنظيم كان الامتداد » وأيضا 
البديل » للحزب الوطني الحر الذي أقامه الأفغاني بمصر قبل الثورة العرابية » والذي 
ذهبت بقاياه مع فشل العرابيين . . . وأن القضية المصرية كانت أهم القضايا في برنامج 
هذه الجمعية » بل وأكثر من ذلك كانت هي السبب المباشر الذي دعا إلى إقامة هذا 
التنظيم . . ففي افتتاحية العدد الأول من مجلة (العروة الوثقى) نقرأ : «إن dood) SLI‏ 
التي أصبحت فيها الديار المصرية لم يسهل احتماها على نفوس المسلمين عموماً . إن مصر 
رار ا ال د اها 
امالك الاسلامية » ولأنها باب الحرمين الشريفين .. وإن الرزايا الأخيرة الى حلت 
بأهم مواقع الشرق جددت الروابط . . . فأيقظت ا .. . فتقاربوا . 
وتتواصيلو ا لدنم :وبالقيت e ern‏ العقلاء ... وفي عدة أقطارء 
OG wally Gand! SU! Le rar‏ 

و أحذ على عاتقه «إنباض الدول الإسلامية من ضعفها › وتنبيهها للقيام 
على شئو. نها » ويدخل في هذا تنلكيس دولة بريطانيا في الأقطار الشرقية » وتقليص ظلها 
عن رؤوس الطوائف الإسلامية^“. . . كا يقيم الروابط النضالية مع الحركات 
السياسية والاجتاعية الأوروبية التي تناضل في سبيل تحرير اللإنسان » ويعقد لذلك 
«الروابط الأكيدة مع الذين يتململون من مصابمم » ويحبون العدالة العامة ويحامون عنها 
من أهالي أورويا .420 , 

فهو إذن تنظيم سري ثوري » قام ليواصل النضال ضد الاستعار » والاستعمار 
الإنجليزي بالذات » وخاصة في البلاد التي كان قد احتلها في الشرق يومئذ » وبالذات 
مع lA‏ ۰ 

وعلاقة محمد عبده بهذا التنظيم » كا قلنا » علاقة وثيقة . فهو قد تولى منصباً في 





(4) العروة الوثقى . فاتحة الجريدة . ص ۳٠‏ وما بعدها » طبعة القاهرة ۱۹۲۷ م . [انظره في الحزء 
الثاني من أعمال الأفغاني ص ۳٤۲ » "4١‏ طبعة بيروت سنة ۱۹۸١‏ م] . 

dams bul (££)‏ جمال الدين الأفغاني في الجزء الثاني من هذه الأعيال . 

(55) العروة الوثقى . فاتحة الحريدة » ص "٣‏ . 


V4 





قيادته العليا » وشغل مكان نائب الرئيس » ومن ثم فإن عمله في هذا الحقل هو صفحة 
من عمله السياسي وإن لم يكن صفحة من فكره السياسي » فهو لم يكن متحمساً يومثذ 
للعمل السياسي الثوري » لأنه لم يكن يفكر تفكيراً سياسياً ثورياً ؛ وإنما وضعته الظروف 
وقيادة الأفغاني في مكان العمل السياسي الثوري لمدة زادت على العام » ما بين تركه 
لبیروت إلى باریس حت عودته لبیروت من باریس . 

وأثناء عمارسة محمد عبده مذا العمل السياسى الثوري كتب العديد من الرسائل 
التنظيمية السرية التي بعث بها باسم التنظيم إلى فروعه وأعضائه وعقوده (خلاياهم | 
وكتب «القسم» الذي كان يقسمه الأعضاء . . . وكتب اللائحة التنظيمية yard‏ 
مستويات هذا التنظيم ... وقام بعدة رحلات إلى لندن » وإلى بلاد الشرق في مهام 
سياسية وتنظيمية تتعلق بعمل هذا التنظيم » وبالذات بقيادة العمل et‏ ضد 
الاحتلال الإنجليزي بمصر . وبخصوص الثورة المهدية في السودان . 

ومن الحقائق التاريخية التي لم يكتشفها باحث حتى الآن » والتي تذكر هنا للمرة 
الأولى أن الأستاذ الإمام فن ل فر را SH elif‏ عليه بالنفي > مشا لقيادة 
(العروة الوثقى) في مهمة سياسية تنظيمية » وأن ذلك قد حدث عند اشتداد أحداث 
الثورة المهدية بالسودان . وأنه قد التقى بمصر يومئذ بأعضاء التنظيم » ومارس نشاطه 
السياسى والتنظيمى بعيداً عن أعين سلطات الاحتلال وحكومة الخديوي توفيق . . 
وتكشف لنا هذه الحقيقة الحامة إحدى الرسائل التي كتبها إلى أحد أعضاء ie‏ (العروة 
الوثقى ) والتي تحدد كلماتها أن المكان الذي كتبه منها هو مصر » وطنه الأول . . يقول 
الشيخ محمد عبده في هذه الرسالة المؤرخحة بتاريخ ۷ حمادي الأولى سنة ٠۳١۲‏ د 
فبراير سنة ۱۸۸٩‏ م) : کک الشرق › فوا ما ھال یا نحو 
الجنوب477». .. فلقيت من الأمر الجديد أن أكون على مقربة من الضوضاء » ومسمع 
من النداء ... هذا ما اندفع ب إلى بلاد أستعين الله على تجديد عهوده . عسى أن 
يتواصل المتقاطعون » ويتناصر المتخاذلون . . . أكتب إليك من : 

بلاد بها فض الشباب تائمي وأول أرض مس جسمي ترا با 





. أى السودان » إشارة إلى أحداث الثورة المهدية هناك‎ )٤١( 
. هذه الرسالة في هذا الجرء‎ al (£Y) 


Yo 





فليس سوى أرض مصر أرض يقال عنها إنها أول أرض مسها جسم الشيخ محمد 
عبده » فهي التي قد ولىد فيها . . كم أنها هي البلاد التي فض شْبَابْه فيها تمائم 
طفولته . ا" و... غير انه لا يراني من أهلها إلا 
Spall‏ | ولا يعرفني فيها إلا العارفون . . وفي رسالة أخرى كتبها في ذات 
التاريخ يشير إلى أن رحلته امع ددني وذلك عندما E‏ 
صاءحبه : «من يوم فارقتك ما استقر بي مكان حتى الآن . ذهبت إلى باریس » فا عبدت 
أن تلقيت من الرأي الحديد أن أنحو جهة الشرق حيث مسيل الحادثات ولمخرق 
الذاريات » فمررت على بلاد كثيرة . . . عملت في جميعها على إحكام العروة وتمكين 
عقودها0*؟». . ثم أصعدت بعد ذلك إلى : 

بلد خلعست به عذار شبيبي وطرحت في كف الخنطوب She‏ 

وأنا اليوم فيه أتعرف الوجوه , وأتنكر للعيون » وأسأل الله نجاح العمل وإقبال 
الأمل . . .)““. 


فهي مصر » دون سواها » تلك التي خلم فيها الإمام عذار شبابه » وطرح عنانه 
في كف خخطوبها وأحداثها ؟؟!! وهو في هذه الرسائل يحدد أن الغرض من هذه الزيارة 
هو أن يقود العمل التنظيمي والسياسي مواجهة ومباشرة » لأن ذلك أشد أثراً وفاعلية من 
الفيادة بواسطة «المكاتبة) والمراسلات . 

ومن مجموعة الأوراق التي كتبها محمد عبده أثناء عمله التنظيمي في قيادة هذا 
التنظيم » ما بين (proved)‏ يقسمه الأعضاء » أو ولائحة) تنظيمية , أو مراسلات سرية 
لفروع التنظيم وأعضائه . . من مجموعة الأوراق الي بقيت لنا من كتاباته في هذا (lat‏ 
نستطيع al‏ نضح أيدينا على حبرة في العمل السياسي والتنظيمي على درجة Mdm Ale‏ من 
rca ls Oe peal el‏ ی عير الي ل تكن ل يه 
القواعد والخدرات قد استثقرت فيه بعد بأوروبا ؟! وهي خيرات نعتقد أن لها صلات. 
وثيقة بتراث العرب والمسلمين في في التنظيم السري منذ حمعيات : المعتزلة » وإخحوان 


. اشارة إلى عمله التنظيمي السري في خلايا التنظيخ‎ )٤۸( 
. انظر هذه الرسالة في هذا الجزء‎ )59( 


۷٦ 





اا ا 
والباطنية . . الخ ... الخ . 

ونحن وإن كنان نعتبر أن هذه الخبرات وذلك التراث إنما هو ملك لذلك التنظيم 
كتنظيم » لا محمد عبده وحده » وإن كنا نعتبر أن الأفغاني هو أولى الناس بأن تنسب 
إلبه عبقرية هذا التراث , إلا أن الأمر الذي لا شك فيه أن محمد عبده قد حرر الكثير 
من هذه الوثائق والرسائل ومارس تطبيقها وتنفيدها» .كان الساعد الأمن لرثيسن هذا 
التنظيم ونائبه في تلك الفترة ة التي نتحدث عله فيها . . ومن ثم فإنها صفحة من عمله 
السياسي والتنظيمي لا بد أن ينسب إليه فضله فيها وإلا كنا منكرين ضوء الشمس في 
وضح النهار . 

ونحن لا ننوي هنا أن نقدم دراسة تفصيلية عن خبرات هذا التنظيم في العمل 
التنظيمي السري » وإنما نريد فقط الإشارة لبعض هذه الخبرات المستخلصة من الأوراق 
التي حررها محمد عبده » والرسائل التي كتبها » والأعمال التنظيمية التي مارسها في هذا 
التنظيم De Gay.‏ 

خيرة هذا التنظيم : في المرونة . . وهو الذي انتشرت فروعه في بلاد متعددة 
وأقطار dake‏ ومجتمعات بينها تباين وتايز أكيد . . خبرته في المرونة التي كان يلاثم بها 
بين المبادىء العامة والجوهرية التي وضعتها قيادته العليا وبين الواقع الموضوعي الذي 

يختلف من قطر إلى آخر في منطقة الشرق الكبير. . 

فالمادة التاسعة والعشرون من اللائحة rt‏ بالمستوى الرابع (العقد الرابع) من 
مستويات التنظيم تتحدث عن أنه «إذ رأى أهل «العقد) SS‏ 
قانون الجمعية. حسب حالة بلادهم » فعليهم محابرة من يتولى مواصلتهم lead‏ 
aa 000‏ المرونة محرد شعارات تقال » ففي إحدى الرسائل التي كتبها 
الشيخ محمد عبده إلى إحدى البلاد يدور الحديث حول واقعة محددة في هذا المعنى , 
نشوك ف La‏ . وأما ما ذكرته في أمر «المواد» » من أنها لا توافق بلادكم » »> فلم 
أعرف له سبي ee ete‏ لاك Aire epee cite:‏ 
bs wists‏ ؛ فإن كان ذلك ما ذكرتم فابعثوا بها إل في أول «بوسطة) . . ثم ابعثوا 
إل بما تجدونه موافقاً لكم ؛ لنطلع عليه » > فإن رأيناه موافقاً سألناكم tia. OLS‏ 


:م6 انظر في هذا الجزء (إرسالة إلى أحد العلماء) . 


VV 





عن المبادىء العامة والجوهرية للتنظيم . . أما القانون الداخلي للوحدات التنظيمية فلقد 
كان وضعه من اختصاص هذه الوحدات » وبنص المادة )١(‏ من اللائحة فإن «القانون 
الداخلي للإجتاع يضعه أهل العقد) بأنفسهم بما يتلاءم مع الظروف التي يناضلون 
OLS‏ 

خيرة التنظيم في تجنيد الأعضاء الحدد . . وهي من أهم الخبرات التي نستخلصها 
من مراسلات الشيخ محمد عبده إلى أعضاء هذا التنظيم . . فلقد اعتبر التنظيم أن كل 
نشاط يبذله أعضاؤه » وكل دعوة يدعونها » وكل كلمة يقولوما إنما يجب أن يكون 
الهدف من ورائها هو كسب الأنصار الحدد للتنظيم » وتوسيع قاعدة عضويته » وفي 
ذلك تقول إحدى الرسائل المرسلة إلى العضو (س .س) : («.. ag‏ 
الإخوان » ونقهم من اللخوان . . وليكن القول من مولاي الصادق تأسيسا لا تدريسا » 
ولا تكونن كلمة إلا وغايتها عقد يبرم ورباط بجکم»* . 

وعلى كل عضو حظي بالإنضام إلى التنظيم أن يعمل لكسب الأعضاء الجدد 
إليه » دون أن يخل ذلك Tae‏ السرية التي بيجب أن تكفل للتنظيم » وعندما يقترح عضو 
من الأعضاء «ترشيح» اسم جديد فإن القبول أو الرفض » ومنح الثقة أو حجبها عن 
هذا المرشح الجديد إنما هو حق المستوى التنظيمي الذي يقود العمل في هذا المجال . 
وفي ذلك تقول المادة الثامنة من اللائحة : «كل واحد من أهل «العقد» مكلف بالعمل » 
وإعداد أسبابه » وما لا يتم إلا به » وبدعوة الناس إلى «عقده» والارتباط به » مع 
الإحتراس التام من كل ما يفيد ل إنما تتحقق عند 
إتفاق آراء أهل «العقد) عليها ..» 

وعندما يشرع العضو في دعوة شخص آخر إلى عضوية التنظيم » فإنه يسلك 
لذلك الطرق غبر المباشرة » التي تتكشف له من خلاهها استعداداته وآراؤه » ثم تسير 
الأمور معه بالتدريج حتى المكاشفة بوجود التنظيم » الذي وافق هو ذاته على آرائه . 
وعلى أهمية وجوده وقيامه . . وني إحدى رسائل الشيخ محمد عبده إلى العضو (ش .ي) 
يجري الحديث عن كيفية دعوة إحدى الشخصيات العلمية ال حامة إلى عضوية التنظيم » 


: ej انظر مواد هذه اللائيحة قي هذا‎ 265١ 
. انظر هذه الرسالة في هذا الجزء‎ )07( 


VA 





فتقول الرسالة : «فإن تيسر لك السبيل فتقدم لدعوته » وادخل إليه ابتداء من طريق لا 
يعرفه » وتلطف له في القول , وإن شئت أطلعته على شيء من مقالات (العروة 
الوثقى) ٠‏ فإذا انتهيت به إلى ما يعرف » وآنست منه اليل والرضا » فإما أن يكتب إلي 
وإما أن يستعد إلى تلقي كتاب مني . ثم سراع MULL SN‏ 
والأعضاء المطلوب ضمهم إلى التنظيم يجب أن يكونوا من ذوي المكانة والحيثية 
والتأثير في محيطهم وبين ذويهم وفي الطبقات الإجتماعية التي ينتمون إليها » على اختلاف 
هذه الطبقات » By‏ ذلك تقول المادة التاسعة من اللاثحة : « . يكون معظم 
الإهتمام بضم الصالحين للأمر من ذوي المكانة على اختلاف 1 .> لأن كلمتهم 
مسموعة » ومن خلفهم جاهير تتحرك عندما يتحركون .. وهم بتعبيرنا المعاصر : 
العناصر القيادية في مختلف المجالات . 
خيرة : علاقة القيادة بالقاعدة . . فعندما كان يتيسر لأحد الأعضاء تكوين 
مجموعة جديدة , مثلاً » كان يقوم بإخطار المسثول في قيادة التظيم بذلك » ويعرض 
هذا المسئول الأمر بدوره على القيادة » التي كان من حقها إقرار الأمر أو طلب إعادة 
النظر فيه . . ونحن نفهم ذلك من بعض سطور الرسالة التي بعث بها الشيخ محمد عبده 
إلى العضو (س . س) » والتي يقول فيها « . . كتبتم إلي بأنكم اجتمعتم » جملة من 
الصادقين وأهل الحمية . . (ولقد قمت) بمخابرة ا عنهم بما كان من اجتماعكم » 
ثقة مني بهمتك وصدق عزريمتك . فورد إلي الإذن بتسمية مجتمعكم (أي ى اعتواد 
تنظيمكم) » وإرسال بعض «القواعد» التي يبتدأ بها العمل » واليوم أبعث بها إليكم » 
bly‏ أن تكون في حرز الصيانة › وأن تكون مرجع Je‏ إن اء الله . فإذا وصل 
إليكم ذلك عهدكم على القسم المذكور » وانتخبوا رئيسكم » وعجلوا الخبر با 
انتهيتم إليه « وفصلوا أسماء من معكم وألقابهم » ومواضع إقامتهم » وسموا لنا 
رئيسكم . وكتمان السر أول وصيتي إليك » وهو مايتها ؟ !)”© . 
خيرة : واجبات أعضاء التنظيم . . وهي واجبات متنوعة » منها ما هو داخلي 
يتعلق بتربية الأعضاء وتطوير إمكانياتهم الفكرية والتنظيمية ورفع درجة إيمائهم بالأحوة 





. انظر هذه الرسالة في هذا الجزء‎ (oy) 
انظر هذه الرسالة في هذا الجزء‎ (8) 


v4 





والتضامن التنظيمي . وذلك مثل التي تتحدث عنه الماة العاشرة من اللائحة عندما 
تقول : إنه «في كل حالة يراعى تمكين الفكر وتأسيس الارتباط حتى يكون عند كل واحد 
أن مصلحة الكل بمنزلة مصلحة الشخص أو أعلى . ولا يقبل قول من قائل حتى يكون 
عمله أزيد من قوله أو مساوياً. العمل : بذل المال والروح » والأول أقرب 
الدليلين» ؟!.. 

ومنها ما هو متعلق بالواجبات النضالية للعضو , مثل تلك التي تتحدث عنها المادة 
الرابعة فتقول : إن على العضو «مدارسة أحكام الجهاد. وحقوق المسلم . وما هو 
مكلف به في معاملة غيره » وما يفرض عليه إذا زحف الأعداء لخضد > شوكة 
الإسلام»؛ ومثل ما تتحدث عنه المادة السابعة من «العمل في الدواء بالقول» وبذل المال 
في مساعدة من يقوم بنصر الدين» وهل السلاح للمقاتلة بين يديه عند المكنة) (أي عند 
الإمكان) . 


ومن الواجبات الملقاة على عاتق أعضاء التنظيم ما يتعلق بنشر المبادىء العامة بين 
الجهاهير . سواء أكانت جماهير وطن العضو أو الأوطان الأخرى التي يعمل فيها التنظيم 
«فعلى أهل «العقد» أن يرسلوا رسلا | إلى نواحي الوطن الحالين به » وإلى المواطن 
لسار م ا ب او احير ا وي ا يي أن تكون 
مبادىء التنظيم قد أصبحت (ملكة راسخة فيه) ء Oly‏ «يكون على قدرة كاملة في 
تصريف القول , وتوفيق النصح مع طباع المنصوحين وحالة السلطة العارضة عليهم » 
فیکون حکي) في عمله › SS‏ . . وعلى هذا 
الرسول إذا كان عضواً في التنظيم ‏ أن يعكس الأحاسيس والمشاعر التي يلقاها, 
والظروف والملابسات والعقبات التي يصادفها في عمله » ويضعها بين يدي التنظيم» أ 
أن يكون حلقة اتصال جيدة التوصيل بين الجماهير وبين التنظيم . . وفي ذلك تقول 
اللائحة : «على الرسول . إن كان من أهل «العقد) . أن يكاشف «عقده) بما يحس به 
من انفعالات الناس » وما يأحذ قوله من قلوب السامعين OVS eM‏ 


وليس الأعضاء فقط هم الذين يطلب منهم القيام مبذه المهام » فلقد أقر هذا 


(04) أي كسر . 
(07) انظر في هذا الجزء المواد : ١4 . ١١ . ١١‏ من لائحة العقد الرابع 


Ae 





التنظيم ما نسميه اليوم «بحلقات الأنصار والعاطفين) عل التنظيم ¢ والذين يوجههم 
التنظيم في أعمالهم دون أن يكونوا أعضاء فيه ) biel ob‏ دون أن يعرفوا بأمر هذا 
التنظيم . . وف ذلك تتحدث المادة لاع ان ال عر : «يسمح للعقد أن 
يبعث رساك من الخارجين As‏ على أ نهم وعاظ يعلمون المعروف من الدين ويؤيدون 
مناطيق القرآن وعلى العقد أن يرسم لهم طريق النصيحة بدون أن يعرفوا أن هناك 
عفد 


+ 


اي يديد 


خبرة التنظيم : في النظام المالي . . وسبله وأنظمته في جمع الإيرادات وحفظها 
وتنميتهاء وقواعده في صرف النفقات . 

أما إيرادات التنظيم فإنها كانت تتكون من رسم إجباري لا بد أن يؤديه كل عضو 
جديد عند انتتائه للجمعية » فكان «أقله مائة فرنك . وأوسطه مائثتان . وأكثره 
ثلاثاثة) ‏ وكان الفرنك يومئذ إحدى العملات المتداولة في الأمبراطورية العثمانية » 
علاوة على أن اللائحة وضعت بباريس - ولم يكن يستثني من دفع ذلك الرسم إلا ذو 
مكانة بين الناس لا يملك مالا يدفع منه هذا الرسم » فيعوض بجهده النضالي ذلك 
النقد OMY Mall‏ 

وبعد دخول العضو في التنظيم يصبح عليه أن يدفع عقب كل اجتماع مز 
الإجتاعات ما يستطيعه » يضعه في «صندوق التبرع» الذي يطوف به على الأعضاء 
أصغرهم COA‏ . ولكل وحدة من وحدات التنظيم «(أمين للصندوق) منتخب من بين 
أعضائها . يحفظ لديه هذا الال حيث «يودع في ظرف تكتب عليه هذه العبارة: هذا مال 
حق التصرف فيه (لعقد الإخلاص) نحث رئاسة فلان ..» .. وعلى أمين الصندوق 
هذا أن يجري عمليات ضبط الحساب في الإيرادات والمصروفات حسب النظم المالية 
المتبعة في الوطن الذي يوجد به التنظيم .. وإن تكن اللائحة قد حددت أنه «لا يصرف 
شيء إلا بقرار من أهل «العقد» . يتفق عليه جميعهم أو أكثرهم» . كما نصت على 
ضرورة وجود أربعة دفاتر » أحدها : لحصر أسماء الأعضاء » والثاني : لأساء الرسل 
والدعاة » والثالث : للإيرادات المالية » والرابع : للمصروفات .. وذكرت من وجوه 


(/اه) المادة )١6(‏ من اللائحة . 
(28) المادة (/ا١)‏ من اللائحة , 





الصرف : الإنفاق على مقر الإجتماع ولوازمه » ونشر الدعوة وإرسال الرسل والدعاة » 
ومعاونة المحتاجين» ممن ترجى مہم فائدة لمقصد الحمعية. . كما نصت على أنه «إذا توفر 
في الصندوق مبلغ من النقد وافر » وأمكن تنميته على وجه شرعي مأمون الخسارة» فعلى 
أهل ODL, og yal ly pte Of (daly‏ 

ê ê 

أما القواعد الخاصة بالوحدة التنظيمية لذلك التنظيم (الخلية) فلقد تضمنتها 

اللائحة كذلك . . فأقل عدد تتكون منه وحدة التنظيم ثلاثة أعضاء 22١(‏ . . وكل وحدة 
تعقد اجتماعين في كل اسبوع 20١١‏ .. ولكل اجتماع جدول أعمال » ومحضر للجلسة 
تكتب فيه الأفكار بالتفصيل » كا تكتب به القرارات التي استقر الرأي عليها على وجه 
OODLE‏ 

ê‏ علد 

والأمر الذي لا شك فيه أن هذه الخبرات التنظيمية التى استخلصناها من الأوراق 

السرية القليلة التي بقيت لنا من وثائق هذا التنظيم » التي حرر الشيخ محمد عبده 
أغليها , » إنما تقدم صفحة لم تكتب من قبل عن هذا التنظيم ودور الأستاذ الزمام فيه . 
وهي صفحة من «العمل السياسي والتنظيمي» تضيف إضافة {dee dala‏ وجديدة Ul‏ 
لصورة الرجل ونشاطاته في هذه الفترة التي نفي فيها fis‏ عن وطنه بعد فشل الثورة 
العرابية سنة ۱۸۸۲م » وهي صفحة قد ختمها الشيخ محمد عبده مغادرته باريس » بعد 
توقف ججلة (العروة الوثقى) عن الصدور » وعودته إلى ببروت في سنة ۱۸۸١‏ حيث قد 
ثبت له » بمنطقة ومن وجهة نظره > عدم جدوى العمل السياسي المباشر » والأسلوب 
الثوري ني النضال » وقرر قراره النهائي أن يتفرغ «للإصلاح» بواسطة التربية والتعليم , 
Lely‏ يسعى للعودة إلى مصر كي يارس فيها هذا الضرب من ضروب «الإصلاح» وهي 
العودة التي تحققت له في سنة ۱۸۸۹م . 

¢ 3 
VAY al ghl (04)‏ - 5؟) من اللائحة . 
(50) المادة )١(‏ من اللائحة . 


. من اللائحة‎ )1١( لادة‎ )1١( 
. من اللائحة‎ (71) Gall (VY) 


AY 





an Ow 


عاد الشيخ محمد عبده من منفاه إلى مصر سنة 1844م وكانت الأحوال فيها مختلفة 
اختلافاً شديداً عن تلك التي عاشتها قبل أن يغادرها سنة ؟188 م .. فمأساة المزيمة 
العرابية والذهول الذي صاحبها كان لا يزال Le‏ على البلاد . . بل إن عوامل اليأس 
كانت قد بدأت تشتد بزوال ذلك الوهم الذي أشاعه الإحتلال الإنجليزي عن أن حلوله 
بمصر إنما هو أمر مؤقت بإعادة النظام وتثبيت عرش الخديوي توفيق » فلقد مضت ثاني 
سنوات ولم ترحل قوات الإحتلال » ولم تصنع شيئاً يحقق هذا الرحيل لا أوروبا ولا 
سلطان العثمانيين . . ولم يكن ضمير مصر قد اختلج بعد اختلاجته الأولى معلنا الرفض 
للإحتلال والمقاومة له . تلك الإختلاجة التي تمثلت في ابنها البار ذي التسعة عشر 
زعا طفن كال كانت مقارمة ف لا زالت als’‏ مشكينة وعيفية laze‏ 
عبد الله نديم > منل ثأني سنوات 19 .. 


في هذه الظروف عاد محمد عبده إلى مصر . وعاد أيضاً إلى منطلقه الفكري الأول 
«مصلحاً) بواسطة «التربية والتعليم» » «متعهداً» لسلطات الإحتلال ‏ بواسطة الذين 
سعوا لإعادته والعفو عنه ‏ بأنه لن يشتغل بأمور السياسة العليا » وأنه سيعمل فقط في 
ميدان الإصلاح الديني والإصلاح اللخوي فقط لا غير » وأنه قد طلق السياسة طلاقاً بائنا 
لا رجعة فيه ؟ ! .. 


فهي إذن «عودة إلى مصر في سنة ۱۸۸۹م » وعودة إلى فكره الذي طرحه ودافع 
عنه قبل قيام الثورة العرابية في سنة ٠۱۸۸١‏ م» : أن يصل الشرق إلى نهضته وتجديد حياته 
بواسطة التربية والتعليم والإستنارة وتحرير العقول من الجمود والتقليد والخرافات » 
ول وا الاو و ا اف ا ت ا ر اا را 
في هذه الميادين . . عاد محمد عبده وهو أشد إياناً بأن القيمة الوحيدة والضرورية 
والمجدية هي «الثربية) . وأن الأمل الوحيد الأكيد هو في «الصفوة) المثقفة المستئيرة ع 
وأنه لا سبيل لنهضة مصر » وتحريرها من الإحتلال » إلا بالسير الطويل في هذا الطريق 
نحو هذه الغايات . . 


والأمر المؤكد أن مثل هذا الموقف الفكري والعملي لم يكن ليغضب قوات 
الإحتلال » بل على العكس كانت ترى فيه هذه القوات «البديل النموذجي» عن موقف 


AY 





«التهييج السياسي»» الذي أحذ في بمارسته مصطفى كامل وتياره الوطني بعد سنوات من 
عودة الأستاذ الإمام . . فموقف محمد عبده من السياسة هو موقف يرحب به المحتل » 
لأنه لبس مجرد «اعتزال) فردي للسياسة » وإنما هو دعوة مهجران العمل السياسى › 
والإستعاضة عنه بالعمل التربوي » وتعليق الآمال على التحرر بواسطته من الإحتلال 
ولو بعد قرون ؟ ! . 

كان طبيعياً إذن أن يرضى الإنجليز عن موقف محمد عبده من السياسة . وأن 
يشجعوا الآخرين على أن يحذوا حذوه , وكان طبيعياً أيضاً أن يعمل محمد عبده على 
استغلال رضائهم هذا , والإستفادة منه . في استخدام سلطتهم وسلطانهم لتسهيل 
أعماله «الإصلاحية» في التربية والتعليم وإصلاح المؤسسات الفكرية والإجتاعية التي 
بريد ها التطوير والإصلاح .. ومن هنا كان لقاء المواقف بين محمد عبده ومدوسته 
وبين سلطات الإحتلال . . 

والحقيقة أن المحتل كان أكثر ذكاء وأبعد نظراً من محمد عبده ومدرسته فيها يتعلق 
هذه الأمور . . فمحمد عبده قد أخطأ عندما اعتقد أن «الإصلاح بواسطة التربية) 
بديل عن العمل السياسي المباشر ضد سلطة الإحتلال » فإن التحرر الفكري والسياسي 
رالا جتماعي والإقتصادي . . الخ . . الخ » » حمبعها وجوه متعددة لعملة واحدة » ولا 
بد لأية حركة سياسية ناجحة تتصدى لمستعمر بحتل بلادها من أن تخوض صراعها ضد 
هذا المستعمر على كل هذه الجبهات التي تكون جميعاً ميداناً واحداً لهذا النضال . . كا 
أخطأ محمد عبده في الآمال التى علقها على الإستفادة في أعماله الإصلاحية من سلطات 
الإحتلال . فلم يكن التحرر العقلي والإصلاح التربوي الذي يريده مما يسعد به المحتل 
ولا ثما يرضى عنه المستعمروت .. والأمر الذي حدث أنهم كانوا يظهرون له الرضى 
والسرور والتشجيع » في الوقت الذي يتركون فيه ue‏ وحاولاته کي نحتضر 
وتجهض بواسطة القوى الرجعية التقليدية : : قصر الخديوي حيئاً » ومشايخ الأزهر في 
أغلب الأحيان ؟! وهكذا كسب الإستعمار من وراء موقف محمد عبده السياسى 
الكثير . بينا لم يجن هو من وراء تأييد المستعمرين الشكلي لمشاريعه إلا القليل ٠.‏ 

حقيقة أن الرجل قد تمكن من إلقاء أفكاره ني الإصلاح التربوي واللغوي والديني 
في تربة المجتمع المصري والشرقي . وحقق في حيانه بعض الإنتصارات » ولكن آفاق 
إصلاحه ظلت بعيدة عن متناول يديه حتى اليوم الذي مات فيه .. بل حتى هذه 


At 





اللحظات التي نعيش نحن فيها ؟ ! .. والحقيقة التي لم يدركها محمد عبده » والتي لا 
زالت في حاجة إلى من يقتنع بها ويناضل في سبيل تطبيقها ؛ ؛ أن آراء محمد عبده في 
الإصلاح الديني والتحرر الفكري لا يمكن أن تنتصر تماماً إلا بواسطة نضال ثوري 
بض Gay‏ جدمع وري ۽ أي أن هذه الآ راء لن يكتب ها النجاح الحقيقي إلا إ إذا 
كانت جزءاً من برنامج وري متكامل aly‏ أصحابه على مختلف الحبهات OY‏ 
الأهداف التى سعى إليها محمد عبده هي في حقيقتها مهام ثورية تستهدف تحرير العقل 
من الخرافة والتقليد والحمود » ونحرير الألسنة والأقلام من الركاكة والسطحية 
والشكليات . . والخطأ الذي وقع فيه الرجل أنه سلك طريقاً غير ثوري كي يحقق 
بواسطته أهدافاً وغايات على درجة من العمق والأصالة والجذرية » تجعل منها مهاماً 
ثورية لا بد لتحقيقها من أسلوب ثوري ومناضلين ثوار . 
ae oe ae‏ 

ونحن إذا شئنا أن نقدم بعض الأمثلة التي تجسد لنا ذلك الخط البياني الذي يرسم 
تطورات الموقف السياسي لمحمد عبده منل احتلال الإنجليز لمصر . نستطيع أن نقدم 
العديد من الأمثلة » ولكن تكفينا هنا أمثلة ثلاث : 

. موقفه من طبيعة السلطة المبتغاة لإصلاح الشرق والشرقيين‎ ١ 

۲ موقفه من الإحتلال البريطاني للبلاد . 

۳ موقفه من أسرة محمد علي وحكمها للصر . 
الحاكم بين الشورى والإستبداد 

في كل الأطوار الفكرية التي مرت بمحمد عبده قبل عودته إلى مصر لم يكن في يدم 

من الأيام منحازاً للمذهب الذي يناصر استبداد الحاكم بالحكم » » وإئما كان [Slo‏ نصيراً 

للقانون والسلطة المقيدة بالقانون .. وبعد أن انضم إلى صفوف الثورة العرابية شرع 
قلمه وناضل بنفسه في سب سبيل الحكم الشوروي الدستوري » والحكومة المقيدة بالمئؤسسات 
الدستورية والنيابية . 

أما بعد عودته إلى مصر » فلقد تجنب الخوض في هذا الميدان . . ولكنه عمد مرة 
إلى الإدلاء برأيه في هذا الموضوع في سنة ۱۸۹4م » غندما خاضت مجلة (الجامعة 
العثانية) في أي من الأمرين خير : منحة الحرية للشرقيين قبل أن يستحقوها ؟ أو 


Ae 





إعدادهم هما قبل أن ينالوها ؟؟! .. ولقد اختارت المجلة السبيل الثاني » فاستحسن 
الشيخ محمد عبده موقفها هذا . وتذكر موقفه القديم جداً ضد الحكم الدستوري 
الشوروي . وضد إعطاء الجماهير حريات تتمتع بها قبل الوصول بهاء بالترتبية 
والتعليم > إلى مستوى الرأي العام المستنير . . فكتب إلى مجلة (الجامعة العثيانية) يقول 
معلقاً : « . . وقد ذكرني ذلك كلاماً كنت أقوله منل اثنتي وعشرين سنة » وهو تاريخ 
حركة أذهان الشرقيين في شؤونهم وإحساسهم بما وصلوا إليه وما سيقبلون عليه , 
فاستحسنت أن أبعث به إليكم , حتى إذا رأيتم نشره .. نشرتموه على أنه كلام سمع 
عنى وحفظه بعض اخواني . . لا علي أني بعثت به اليوم , لأن الناس يعلمون أني لا 
أراسل الجرائد . 

فهو هنا يبعث موقفه القديم, السابق على الثورة العرابية » في طبيعة السلطة 
المرجوة لحكم الشرق والشرقيين » ويؤكد أن هذا هو موقفه الآن » وإن يكن يريد أن 
ينسب هذا الكلام إلى الماضي حتى لا يقال إنه عاد إلى العمل في ميدان قد قرر هجران 
العمل فيه ؟ ! . 

أما تفاصيل الرأي الذي بعث به إلى (الجامعة العشمانية) » والذي نشر تحت 
عنوان : : (إنما يدض بالشرق مسد عادل) فان العنوان بلخصها » والحقيقة أن في رأي 
الأستاذ ele‏ هذا إضافة جديدة م Ast abd‏ لها ورجرعا | إلى الوراء من رأيه القديم في 
هذا الموضوع › » لأنه قدياً كان يناصر سلطة الفرد » ولكن بشرط أن يكون هناك قانون 
يحكم سلطة هذا الحاكم الفرد . ماهتا فهو لا يشر إل سلا القائون »ولا يطلب رقياً 
على هذا المستبد إلا ذلك «العدل» النابع من ذاته وصفاته الخاصة ؟! . . فهو يصف هذا 
الحاكم الذي ينشده لإصلاح الشرق والنبضة به بأنه : «مستبد يكره المتناكرين على 
التعارف . ويلجىء الأهل إلى التراحم . ويقهر الجيران على التناصف . يحمل الئاس 
على رأيه في منافعهم بالرهبة › at J a‏ أنفسهم على ما فيه سعادتهم بالرغبة › 
عادل لا يخطو خطوة إلا ونظرته الأولى إلى شعبه الذي يحكمه . فإن عرض حظ لنفسه 
فليقع دائياً تحت النظرة الثانية » فهو لهم أكثر ما هو لنفسه . . حتى إذا عرفت الأفكار 
مجاريها بالتعريف . وانصرفت إلى ما أعدت له بالتصريف . وصح الشعور بالتعليل » 
واستقامت الأهواء بالتعديل . أباح لهم من غذاء الحرية ما يستطيع ضعيف السن 
قضمه » والنقه من المرض هضمه › وأول ما يكون ذلك بتشيكل المجالس البلدية ‏ ثم 


A‘ 





بعد سنين تأي مجالس Cab Yl‏ لا على أن تكون آلات تدار » بل على أن تكون مصادر 
للآراء والأفكار » ثم تتبعها بعد ذلك المجالس التيابية . 

نعم .. را لا يتيسر لرجل واحد أن يشهد هذا الأمر من بدايته إلى نبايته › 
ولكن الخطوة الأولى هي التي ها ما بعدها > ويكفي لمدها خمس عشرة سنة . . هل يعدم 
الشرق كله مستبداً من أهله ؛ عادلاً في قومه, يتمكن من العدل أن يصنع في خمس 
عشرة سنة ما لا يصنع العقل وحده في خمسة pte‏ قرناً"© ؟! . 

وهكذا عاد الرجل » فيا يتعلق بطبيعة السلطة المرجوة لإصلاح الشرق ء إلى 
نظرية «المستبد العادل» وهي التي رفضها من قبل جمال الدين الأفغاني» ورآها وهما يجمع 
بين المتناقضات» وفضل عليها الدعوة إلى الحاكم «القوي العادل»"). . وعاد معها محمد 
عبده إلى نظرية المجالس البلدية ومجالس المديريات .. وهو نظام أقامه بمصر محمد 
علي » وفضله محمد عبده على المجلس النيابي قبل انضامه ثورة العرابية » ثم دافع عن 
الحكم النيبي . . ثم عاد إليه أخيراً . 

Sd, Ley‏ أن نظام المجالس البلدية هذا قد أقامه الا ر ودافعوا عنه 
كبديل للحكم النيابي الحقيقي في البلاد » فدفاع محمد عبده عنه ليس التقاء بالفكر 
الإنجليري ولا «عبالة) لسلطة الإحتلال .. وإنما هو عودة وارتداد إلى مواقفه 
«الإصلاحية» الأولى قبل أن يمر مروره العابر بمواقع فكر وعمل الثوار العرابيين . 

FF ok 


الموئف من الاحتلال البريطاني 

الأمر الذي م يختلف من حوله موقف الأستاد الإمام هو عداؤه لإحتلال الإنجلير 
مصر » وكراهيته هذا الإحتلال» وثقته في زواله » وعمله مر من أجل حرية البلاد . 

أما الأمر الذي اختلف إزاءه موقفه فهو «الأسلوب» الذي يتبعه لبلوغ الغاية 


وتحرير البلاد من هذا الإإحتلال › فهو قل حارب الإحتلال مع العرابين » Gag OlS‏ 
يومئذ » وجاري استاذه الأفغاني في سلوك الطريق الثوري atl‏ هذا الإحتلال » وهو 





bal (ry‏ هذا المقال في هذا الخرء. 
(34)انظر الأعمال الكاملة حال الدين الأفغاني ص ٤۷۷‏ . 


AY 





3 المنفى عندما شارك في تنظيم (العروة الوثقى) السري » ولكنه بعد العودة من 
المنفى ء» سلك طريق التربية والتعليم » وتكوين القيادات الفكرية المتحررة والمستنيرة , 
ظناً منه أن هذا الطريق التدريجي سيثمر » ولو بعد أزمنة طويلة » تحقيق حرية البلاد 
عندما تنمو شخصيتها فتصبح أعظم وأقوى من قدرات الإحتلال . 

وإذا كانت مناهضته للنفوذ والإحتلال الإنجليزي » إبان الثورة العرابية » قضية 
ليس عليها خلاف » فإن الوهم الذي يسيطر على البعض فيجعلهم يقولون إن الرجل قد 
غير موقفه هذا بعد فشل الثورة العرابية » إن هذا الوهم في حاجة إلى تبديد . 
وبالرغم من أن في حديثنا السابق عن دوره في تنظيم (العروة الوثقى) السري المناهض 
للإنجليز ما يكفي لتبديد هذا الوهم , إلا أن المزيد من الحقائق هنا هي أمر فيد 
بل ضروري في إبراز موقفه الوطبي بعد فشل العرابيين . 


فعندما زار لندن مبعوثاً من قبل قيادة تنظيم (العروة الوثقى) أدلى بحديث إلى 
صحيفة «البول ميل جازيت» عن احتلال الإنجليز لمصر , خاطب فيه الإنجليز بقوله : 
«إننا نرى أن انتصاركم للحرية إنما هو انتصار لما فيه مصلحتكم , ly‏ عطفكم علينا 
كعطف الذثب على الحمل . ولقد قضيتم على عناصر الخير فينا » لكي تكون لكم من 
ذلك حجة للبقاء في بلادنا . SS‏ . . لقد علمنا الإنجليز 
شيئاً واحد هو : التضامن في مطالبتكم بالجلا .. شكونا من الأتراك لأهم أجانب عن 
cy‏ وار His E‏ 
نعلم أن هناك ما هو شر من استبداد الحكام » Paneer a‏ 
من بلغ به الظلم حدا يرجو معه مساعدتكم . . لنا إليكم رجاء واحدا » وهو : أ 
تغادروا VR Gad‏ إلى غير رجعة . .7 ..) . 

وفي هذه الزيارة إلى «لندن» يلتقي بوزير الحربية الإنجليزي «لورد هرتنكتون» ١‏ 
ويدور بينهها حديث يتناول فيه الوزير الإنجليزي أهل مصر بما يقلل من meld‏ ويطعن 
في استحقاقهم وأهليتهم للحرية والإستقلال » فيغضب الأستاذ الإمام لوطنه وحريته » 
ويؤكد رفض طبيعة هذا الوطن لسلطة الحاكم الأجنبي » ويدلل على أهلية هذه البلاد 


(18) انظر في هذا الجرء موضوع (احتلال الانجليز لمصر) . 


AA 





للحرية وحقها في طرد قواث الإحتلال » فيقول للوزير الإنجليري : «إن المصريين قوم 
عرب 2 وكلهم مسلمون إلا قليلا . وفيهم من محبي أوطانهم مشل ما في الشعب 
الإنجليزي فلا يخطر ببال أحد منهم الميل إلى الخضوع لسلطة من يخالفه ني الدين 
والجنس . . إن النفرة من ولاية الأجنبي ونبذ الطبع لسلطته مما أودع في فطرة البشر . 
وليس بمحتاج للدرس والمطالعة » وهو شعور انساني ظهرت قوته في أشد الأمم 
توحشا . .) 

ثم يمضي ليدلل على أن قدم مصر في ميدان المعارف والتعليم ليست مستندة إلى 
فراغ فيقول «إن أرض «ps‏ في زمن محمد على . قد ان نتشرت فيها العلوم والآداب 
الجديدة على نحو ما هو موجود في بلاد أوروبا » وأخد كل مصري نصيباً منها على قدره » 
ولا تخلو قرية من القرى الصغيرة من أن E‏ كاتبون » والأخبار العمومية 
ee‏ إليهم الجرائد العربية » ومن لم يقرأ ب يستنبىء الأخبار من القارئين» فبهذا أضافوا 

لى الشعور الطبيعي والتقليد الديني محبة زا منشؤها التهذيب العمومي . قوي با 

sinks, 5 الأولان › ولا أظنهم يخالفون ني ذلك سائر‎ oi 

وبعد أن توقفت جريدة (العروة الوثقى) عن الصدور . وغادر الأستاذ الإمام 
باريس » وفارق أستاذه الأفغاني . واستقر به المقام في بيروت > حدث أن عرضت بعض 
الأحداث » وبعض المقالات الصحفية للإحتلال الإنجليزي لمصر ء فأدلى الرجل بدلوه 
في النقاش « ds‏ هذه الفترة كذلك وجدناه لا يزال على موقفه «الثوري) من ضرورة 
الحلاء الفوري لقوات الإحتلال البريطاني عن البلاد » ومنع النفوذ الإنجليري من 
الإمتداد إلى السودان . . فيكتب سنة ١۱۸۸م‏ معلقا على مذكرة السير «صموئيل بيكر» 
بخصوص مصر والسودان » فيقول ؛ أنه «لم يبق من الوجوه الممكنة إلا وجه واحد هو 
إنجلاء الجنود الإنجليزية عن القطر المصري . وحلول الجيوش العثانية فيه > وسوق 
فرقة منها إلى أطراف السودان . وهذا أيسر الوجوه وأدناها من الصواب . . إن 
oy pal‏ والسودائيين ينظرون إلى الإنجليز نظرهم إلى الأعداء المتغليين ولا بخضعون 
هم خضوعاً ثابتاً ء وعلى هذا لا تستقر الراحة في مصر » ولا تتأيد سلطة الخديوي ما 
داموا فيها 2 , .) . 


(17) انظر في هذا الجزء موضوع (مع وزير الحربية الانجليزي) . 
(51) انظر مقال (رسالة السير صموئيل بيكر في السودان ومصر وانجلترا) في هذا الجزء . 


۸۹ 





وفي سنة 1887م تتناول جريدة (الجنة) قضية الإحتلال الإنجليزي لمصر , فتلقي 
تبعة هذا الإحتلال على المصريين الذين سببوه بتصرفاتهم إزاء سلطة الخنديوي في 

لبلاد . . الخ . ; الخ . . فيتصدى الأستاذ الإمام لهذا الوتهام »> ويرجع سبب 
ee‏ إلى «الخشع الإنجليزي » كما اتفق عليه سياسيو العالم) » ويقول : لم يكن 
تداخل الإنجليز حقا مفروضاً d‏ بداية الأمر > ولا حلوهم (احتلاهم) a‏ 
م « فإنا ل نسمع بأن الديون تخول للدائن حق التغلب على المالك) . 

(oil eee فا‎ UE ee الافطليز إل صر‎ ss OS ols 
ابم إلى دخوهم | ليها » وينبه إلى مطامعهم القديمة في احتلالها , فيقول : «إن‎ 
بداءة الخلل في ذلك القطر من يوم ورود المراكب الإنجليزية لثغر الإسكندرية 6 ولا‎ 
نسبة بين ما كان قبل ذلك من عموم الأمن ورواج الأعمال وانتظام المصالح وبين ما كان‎ 
بعده . . إن الحكومة الإنجليزية مبيأت ها فرصة للتقدم إلى بعض ما كانت تنزع إليه‎ 
من زمن طويل » فتجنت على المصريين با لم يجنوه . .) وهو يسخر من زعم الإنجليز‎ 
أنهم سيقومون بمهمة تمدين مصر وتحويلها إلى مجتمع «عريق» » ويقول إن الجميع ضد‎ 
. الدعوى القائلة : «إن دولة الإنجليز مستمسكة بالحق في «تعرق» الديار المصرية)‎ 
كما يدافع عن وطنية المصريين » وينكر رضاءهم بالإحتلال وسكوتمهم عليه » ويقول إن‎ 
موقفهم اليوم هو موقف الإنتظار فقط . لا موقف الرضا والإستسلام » وأن «حاهم مع‎ 
ae المسيطر عليهم من الإنجليز لم يتعد حدود المسالمة والإمتثال لأوامرهم › رجاء‎ 
› من غوائلهم» وانتظاراً لوفاء عهودهم » ولو كان المصريون قوماً شرس الطباع‎ 
صعاب المراكب » جفاة الجوانب » لما سكنت هم ثائرة » ولا جنحوا إلى مسالمة > ولا‎ 
٩^ . . رسخت قدم الإنجليز . على قلة جيشهم » وشدة ما لاقوا من عنتهم‎ 


ae OR ¢ 


2. 


أما بعد عودة الأستاذ الإمام إلى مصر في سلة ۸۸4م فلقد ابتعد » كما قلنا من 
قبل » عن الإشتخال بأمور السياسة العلياء والمباشرة . والتعرض لعلاقة الحاكم 
بالمحكوم ومنها الموقف من سلطة الإحتلال . 

والأمر الذي يوضح وجهة نظر الرجل في هذه القضية » ويجعل منها وجهة نظر 


(58) انظر مقال (مصر وجريدة الجلة) في هذا الجزء . 


89 





مبدئية وأصيلة » وليست مجرد «جبن» pel‏ سلطة الإحتلال . ولا «عمالة) لهذه السلطة ع 
أن' الرجل قد جعل من موقفه هذا مذهباً يعتنقه وينصح به الآحرين › لا في مصر 
وحدها » بل وفي غير مصر . ولا إزاء الإنجليز فقط » بل وإزاء غيرهم من المحتلين 
الأوروبين . 

فعندما قام برحلته الشهيرة إلى الجزائر وتونس سنة ۳٠۱۹م‏ » سبقته إلى دار 
الحاكم الفرنسي للجزائر e‏ لفرنسا في مصر » تتهمه بأنه يستهدف 
من رحلته هذه إضعاف نفوذ فرنسا في شالي أفريقيا » لأنه من أنصار سلطة الاحتلال 
الانجليزي التي تنافس الفرنسيين في امتداد النفوذ والاحتلال(؟'2 .. فصورة الرجل 
عند هؤلاء أنه «عميل» للانجليز » أو على أحسن الفروض مفضل لاحتلاهم على 
الاحتلال الفرنسي الذي يتدخل في عقيدة المسلمين المحكومين سلطانه » على عكس 
موقت الإتجليز , : 'وآنه لذلك سيؤلب SL de ou tht‏ الفرسى هناك 5 

غير أن الموقف الذي اتخذه الأستاذ الإمام في الجزائر » والنصائح التي توجه بها إلى 
علمائها » والرسائل التى بعث بها إلى بعض هؤلاء العلماء قد أكدت أن الرجل داعية لا 
يمل الدعوة إلى أن يبتعد علماء الدين عن الإشتغال بأمور السياسة العليا » والتعرض 
لسلطات الإحتلال» وأن يقصروا عملهم وهمهم على الإصلاح الديني.» بصرف النظر 
عن الوطن الذين يعيشون فيه » والسلطة المستعمرة التي تحكم هذه الأوطان . 

فكتبت مجلة (المنار) تحت عنوان (نصيحة الإمام لأهل الجزائر وتونس) قائلة : 
«إنه نصحهم عندما زارهم »> وخاصة علماءهم بعدة أمور منها : 

١‏ الجد في تحصيل العلوم الدينية والدنيوية من طرقها القريبة (التي أرشد إليها في 
الخطاب الذي ألقاه في تونس) . 

؟ ‏ والحد في الكسب وعمران البلاد من الطرق المشروعة الشريفة » مع الإقتصاد 
في المعيشة . 

٣‏ ومسالمة الحكومة . وترك الإشتغال بالسياسة . وببذا الأخير يتم لهم ما 
يريدون من مساعدة الحكومة الفرنسية لهم على ما قبله . فإن الحكومات في جميع 





(19) وم يكن الاتفاق الودي بين انجلترا وفرنسا على تقسيم النفوذ في الشرق العربي قد وقع بعد » 
فلقد وقع في سنة ۱۹١ ٤‏ م » آي بعد عام من هذه الزيارة . 


۹۱ 





الأرض يضيقون على البلاد التي يستعمر ونها ما داموا يعتقدون أن أهلها ساخطين عليهم 
أو لهم ضلع مع حكومة أخرى . وهذا الإعراض عن السياسة لا ينافي مخاطبة الحكومة 
فيها يرونه ضارا بهم من القوانين والمعاملات , فإن لم تكشف ظلامتهم . بعد الإلتجاء 
إليها في كشفها , كانوا معذورين إذا سخطوا وتربصوا بها الدوائر2' "22 . 

وهذه النصيحة التي تحدثت (النار) عن أن الأستاذ الإمام قد توجه بها إلى علماء 
تونس والحزائر نجدها في إحدى رسائله التي بعث بها إلى العالم المتزائري الشيخ «عبد 
الحميد سايا) في سنة 7١19م‏ » فيقول له فيها : ١‏ .. وإنيٍ كنت على ثقة من NS‏ 
عقلك . ومعرفتك بما إليه حاجة المسلمين اليوم » فإني لا أجد مندوحة عن التصريح 
بالتحذير من النظر في سياسة الحكومة أو غيرها من الحكومات , ومن الكلام ني ذلك , 
فإن هذا الموضوع الكبير الخطر . قريب الضرر , وإما الناس محتاجون إلى نور العلم » 
والصدق في العمل . والحد في السعي , حتى يعيشوا في سلام وراحة مع من يجاورهم 
من أهل الأمم الأخرى › ولا يتعلقوا من الوهم بحبال تتقطع في أيديهم مت جذبوها » 
فيسقطوا ‏ والعياذ بالله ‏ في) لا منجاة منه"» . 

فهو موقف خاطىء » ولكنه عام ولیس بخاص باحتلال الإنجليز » ولا بوجودهم 
في مصر بالذات . . وهي وجهة نظر رأي صاحبها أن هذا هو الممكن الوحيد في تلك 
المرحلة وأن العمل السياسي المباشر هو تعلق بحبال من الوهم سرعان ما تتقطع في 
الأيدي عند جذبها ما يؤدي إلى السقوط فيها لا نجاة منه ‏ والعياذ بالله ؟ ! 

أما عن حقيقة موقف الرجل من الإحتلال الإنجليزي لمصر » من حيث الرضى أو 
عدم الرضى بهذا الإحتلال , فنحن لا نشك لحظة في أنه كان ضد هذا الإحتلال » وأنه 
كان ساعيا ‏ وإن يكن بطريقته تلك . لتقريب اليوم الذي يزول فيه هذا الإحتلال .. 
ومن تعليقات له وحاورات وآراء متناثرة » نلمس هذا الموقف الأصيل . . 

فلقد شاهد يوماً ‏ وكان يسير مع الشيخ رشيد رضا ‏ فلاحاً مصرياً يلتهم عوداً من 
القصب . فيمتص أجزاءه » فلا يدعها إلا وقد جفت ثمام الجحفاف , فنظر الأستاذ الإمام 





(*۷) المنار . ج١٠‏ من السنة السادسة (غرة شعبان سنة ۱۳۱۱ ه ۲۲ اكتوبر سنة ۱۹١۳‏ م) 
ص 1٠١8‏ . 
)۷١(‏ انظر في هذا الحزء (رسالة إلى عالم جزاثري) . 


۹۲ 





إلى الشيخ رشيد قائلاً : «انظر إلى هذا الرجل كيف ينص هذا القصب ؟!. . هكذا 
يفعل الإنجليز ني امتصاص ثروة البلاد واستخدام الرجال المقتدرين على العمل 
فيها . . هم يحافظون على الشيخ أو الشخص ما وجدوا فيه فائدة لهم » حتى إذا ما رأوا 
أنه لم يبق فيه أدنى فائدة ألقوه كا يلقي هذا الفلاح ما يمصه من ألياف القصب إذا جف 
ولم يبق فيه شيء من الحلاو" » . . ؟! 

وهو يتحدث عن ضروة تحلي الرجال المستنيرين بالإرادة وقوة العزيمة » ويرى أن 
وجود كوكبة من هذا النوع من الرجال بمصر كفيل بإحراز انتصارها على الإحتلال » 
فيقول : «والله لو أن في مصر مائة رجل ل استطاع الإنجليز أن يقيموا فيها , أو لما 
استطاعوا أن يعملوا عملا إذا أقامو. . إن في مصر مئات أو آلاف من الرجال » يفهمون 
كل شيء ‘ ولا ينقصهم العلم بما يجب للبلاد , ولكنهم فاقدون للإرادة وقوة العريمة , 
فلا تكاد تجد عشرة منهم يتحلون ببماء وهما الصفتان اللتان لا ينفع بدوني) علم ولا يقوم 
عمل .. 9" , 

وفي حوار له مع بعض أنصار الإحتلال الانجليزي في سنة 1894م يحدد رأيه في 
القضية » فيرفض مبدأ الإستسلام للإحتلال , والتسليم بأبديته » ولكنه يرفض أيضاً 
طريق العمل السياسي المباشر » والتهييج الوطني كطريق للتحرير من الاحتلال » 
فيقول : «إن العمل لإخراج الإنجليز من مصر عمل كبير جداً . ولا بد ني الوصول 
إلى الغاية منه من السير في الجهاد على منهاج الحكمة , والدأب على العمل الطويل ولو 
لعدة قرون. لا أنه عمل صغير يكفي فيه الكلام ني المجالس والكتابة في 
الجرائد2؟"؟ . .2 . 

ae ae 3 

ومن هذا الموقع الفكري » ومن هذا الموقف العملي رفض الرجل «المقاطعة» 
لسلطات الإحتلال » أو إشهار الحرب عليها . . ولقد كانت بالمجتمع المصري يومئذ 
فئات من المتطلعين إلى ثقافة أوروبا وحضارتها يدخلون مع رجالات الإنجليز في علاقات 


(۷۲) انظر في هذا الجزء (الانجليز وثروة مصر) . 
(۷۳) انظر في هذا الجرء (المصريون) . 
)۷٤(‏ انظر في هذا الجزء (حوار حول الموقف من الانجليز والفرنسيرن) . 


ay 





متشعبة طلباً هذه الثقافة والتاساً هذه الحضارة > وكانت البورجوازية المصرية الناشئة 
تسعى لتعلم فن البورجوازية الأوروبية في الربح وإدارة المصارف والشركات 
والمؤسسات . بل كان العمال المصريون الذين يزاملون العمال الأجانب في المصانع 
والمعامل والورش يسعون لتعلم فن عمال أوروبا في الصراع الطبقي وتكوين النقابات 
(الجمعيات) والقيام بالإضرابات (الإعتصابات) .. أي أن قوى عديدة في المجتمع 
يومئذ كانت تسعى ce de SU‏ الأجانب العديد من الأشياء النافعة والتقدمية .٠‏ ومع 
هذه القوى وقف الأستاذ الإمام فأحل لحم أخحذ هذا اللون النافع من «الأفكار» 
WL LI ys‏ « وأفتى بأن الإستعانة بالأجانب المخالفين لنا في الدين والجنس ٠‏ والتعاون 
معهم في هذا السبيل هو أمر حلال يبيحه الشرع والدين . . فيكتب في فتوى (استعانة 
المسلمين بالكفار وأهل البدع والأهواء) أن «قد قامت الأدلة من الكتاب والسئة وعمل 
السلف على جواز الإستعانة بغير المؤمنين وغير الصالحين على ما فيه خير ومصلحة 
المسلمين » وأن الذين يعمدون إلى هذه الإستعانة لجمع كلمة المسلمين وتربية أيتامهم 
وما فيه خير لهم لم يفعلوا إلا ما اقتضته الأسوة الحسنة بالنبي , إل > وأصحابه » وأن 
من كفّرهم أو فسّقهم فهو بين أمرين : إما كافر أو فاسق . فعلى دعاة الخير أن يجدوا في 
دعوتهم , وأن يمضوا في طريقهم . ولا يحزنهم شتم الشاتمين ولا يغيظهم لوم 
اللائمين" . .) . 
ٌ فهو هنا يرفض الموقف الانعزالي الذي يرى مقاطعة الأجنبي لدوافع وطنية » ويعبر 
تلقائيا عن مصالح طبقات وفثات نامية ومتقدمة بالمجتمع المصري في ذلك الحين . 
ولقد مد من حبال آمال الأستاذ الإمام في هذا الميدان اعتقاد الرجل أن التربية 
والتعليم > وهي مطابه الأساسي › لن تكون محل معارضة من سلطات الإحتلال » بل 
لقد اعتقد بأن المحتل سيرحب بانتشار التعليم العام باعتباره أمراً تتلاقى عليه مصلحة 





(Yo)‏ انظر هذه الفتوى في هذا الجرء . وهناك فرق بين الاستعانة بالأجانب وبين الرضى ؛ بأن يكونوا 
سلطة حاكمة لنا . . ففي تفسير الأستاذ الإمام لآية هيا أيها آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا 
الرسول وأولي الأمر منكم» [النساء : 08] يجعل من شروط أهل الحل والعقد » الذين هم 
«الأمراء والحكام والعلاء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في 
الحاجات والمصالح العامة) يجعل من شروطهم «أن يكونوا منا» . انظر هذا التفسير في مكانه من 
الحزء انامس من هذه الأعبال . 


۹4 





الطرفين » ويحقق امتزاج العنصرين » ورأى أنه «إذا كان أمر يصح أن يتلاقى فيه 
الطرفان » ويكون قاعدة للإتحاد فإنما هو التعليم العام » إذ لا يمكن أن يوجد تناقض بين 
مصلحة الإنكليز ومصلحة المصريين في هذا المقصد . , ١»‏ . 
كا ساعد على مد حبال الآمال هذه أن الرجل كان يعمل أساساً في حقل 
الإصلاح الديني وكانت له آراؤه في أن الإنجليز أكثر تساعحاً » فيما يتعلق بالعقائد 
الدينية » من سواهم من المستعمرين . وأن الأمة الإنجليزية «من بين الأمم 
الأوروبية .. تعرف كيف تحكم من ليس على دينها » وتعرف كيف تحترم عقائد من 
تسوسهم وعوائدهم .. فهي وحدها الأمة المسيحية التي تقدر التسامح حق 
قدره OMG.‏ 
ولقد أسهم في اتخاذ الأستاذ الإمام لموقفه هذا أنه قد بدأ نشاطه بعد عودته من 
النفى إلى مصر » ولم تكن بمصر يومئذ حركة وطنية » إذ لم تكن البلاد قد استعادت 
توازنها بعد صدمة فشل الثورة وحلول الانجليز في البلاد » فلم تكن هناك حركة وطنية 
ثورية تجتذب هذا المفكر «الإصلاحي) لتقترب به من مواقف ومواقع «الثوار) . . Laie‏ 
بدأت هذه الحركة مع مصطفى كامل”" لم تكن في الصورة والمستوى الذي يقنع رجلا 
ثل محمد عبد فلقد كانت تعتمد على الخديوي عباس حلمي الثاني » وكان محمد عبده 
يكن عداءٌ دفيئاً وشديداً لأسرة محمد عل ولا يثق بحكامها("2.. ىا كانت تستعين 
بالفرنسيين في مصر كأعضاء عاملين في حلقتها الجنينية الأولى » وهو ما كان يرفضه 
محمد عبده » لأنه كان يرى للإنجليز على الفرنسيين ميزة التسامح الديني ويقارن موقف 


(77) انظر «التعليم العام» في الجزء الثالث من هذه الأعمال . 

(۷۷) انظره في (الاسلام والنصرانية بين العلم والمدنية) في الجزء الثالث من هله الأعمال . 

(۷۸) کان محمد عبده يصف مصطفى كامل بأنه شاب متحمس أو متهور . . ويصف مقالاته بأنها 
جموعة نوبات عصبية بعضها شديد وبعضها خفيف ؟!!. 

ds - ٥ rE dw , عندما استعرض الخديوي عباس جيش الاحتلال 2 بملابسه العسكرية‎ (V4) 
يكن يفعل ذلك من قبل رحبت محلة (المنار) بذلك » > لأنه يكشف الوهم الذي تصوره البعضص‎ 
عن وقوف اللخديوي ضد الاحتلال . وقالت إنه قد انمحى ببذا ما كان يتوهمه الدهماء «من أن‎ 
الأمير هو المعارض للمحتلين » وأن النظار هم المشايعون هم» ودعت المصريين إلى «المحافظة‎ 
على أرضهم وتثميرها وعمارتها والعناية بتربية أولادهم وتعليمهم العلم النافع . . فإن الحرية‎ 
هام‎ ١99 المهذب المقتصد» المنار ج" مجلد لا (غرة شوال سنة‎ Yi gs الهادئة لا يرتقي‎ 
. دیسمر سلة 4م(‎ 


۹٥ 





الإنجليز بمصر بموقف الفرنسيين في الجزائر . . كما كانت هذه الحركة الوليدة تعلق 
الآمال على الأتراك العثانيين . وكان الرجل شديد العداء لهم » فاقد الثقة في جدوى 
الاعتماد عليهم يراهم وأجانب» عن مصر والمصريين . 

وهكذا اجتمعت العديد من العوامل الذاتية والموضوعية لتجعل للرجل هذا 
الموقف من سلطات الإحتلال » وهو الموقف الذي Sia) Of apc le‏ نظا ديرا في 
السياسة المصرية لا يعتمد على الأتراك ولا على الفرنسيين » من القوى الخارجية » ولا 
ينحاز إلى الخديوي ولا إلى سلطات الإحتلال » من القوى الداخلية » وإنما هو قطب 
جديد يقف بين (عابدين) و«قصر الدوبارة) كممثل للطبقة الوسطى المستثيرة » التي ترى 
أا صاحبة البلاد » المؤهلة لوراثة کل من «عابدين) و«قصر الدوبارة» بعد أن تنمو 
بالعلم والثقافة والتربية والإستنارة نهواً تدريجياً وطبيعياً . 

أن أهمية هذا الوقف الذي اتخذه محمد عبده في تسعينات القرن التاسع عشر » 
والذي كان تنفيذاً علا لفكره (edhe My‏ الذي بذره في التربة المصرية منذ ما قبل 
الغورة العزابية .... إن أهنية هلا by plasty Syl‏ هذا الفكز الهكوك مدرسة ف السياسة 
المصرية رأيناها في «حزب الأمة» و«الأحرار الدستوريين» وكثير من العناصر 
«المستقلة) . . وهي مدرسة قدمت لمصر العديد من الإيجابيات في حقل الفكر والثقافة 
والتحرر العقلى والتطور الحضاري .. وجلبت على مصر كذلك انتكاسات عديدة في 
العمل السياسي ونخاصة فيه يتعلق بالموقف من قوات الإحتلال والتقييم لقدرات العامة 
ودور الجاهير , 

¥ د د 


الموفف من أسرة محمد على 

محمد عبده صاحب موقف فكري معاد لأسرة ae‏ عل بده فن راسا الذي 
مناهض هذه الأسرة »> حتى وإن دعث الظروف ولملابسات أن ينطق بغير ما يقتضيه 
ذلك العداء ola‏ المناهضة ؟! , 


فبينها كان أستاذه الأفغاني يكن إعجاباً شديداً بتجربة الدولة المدنية العصرية التى 


1 





قاد محمد علي عملية بنائها في مصر » والطور القومي الجديد الذي بلغته مصر في 
عهده » فيصفه في (العروة الوثقى) بأن «طبيعته الفطرية كانت فائضة بحب الحضارة . 
وبث العلوم » وتأسيس قواعد العمران» وأنه «الرجل العظيم» OO ey Gl eed‏ 
نجد محمد على في نظر الأستاذ الومام أبعد ما يكون عن «الحضارة وبث العلوم وتأسيس 
العمران» فهو في رأيه «كان E Lok‏ باسا » ر ماهراً » لكنه كان 
pal‏ قاهرا « وللحياتها ا Gc ded‏ 
ولقد تصدى محمد عبده بآرائه هذه للحركة الفكرية المصرية التي كانت تمجد 
محمد علي وتقترح تخليد اسمه وإحياء ذكرى حكمه لمصر في سنة 1107م ؛ فأطلق على 
هؤلاء الذين يرون هذه الآراء وصف «الأحداث» ؟ ! ونشر مقاله الشهير بتوقيخ «مؤرخ» 
في (المنار) في يونيو سنة ۱۹۰۲م تحت عنوان (آثار محمد علي في مصر) . . وني هذا المقال 
قارن بين حكومة محمد على وبين حكومة الماليك التي سبقت عهده » وأضاف الظلم إلى 
كل من الحكومتين » ولكنه فضل حكومة المالبك لآن قبضتها على عقول الشعب 
وحرياته لم تكن حديدية كقبضة حكومة محمد علي » ومن ثم فإنها لم تصب الشخصية 
المصرية بالضعف الذي أصيبت به من قهر محمد علي واستبداده بالبلاد والعباد . . فهو 
يقول : «إن محمد علي لم يستطع أن يحبى ولكنه استطاع أن يميت . كان معظم قوة 
الجيش معه » وكان صاحب حيلة بمقتضى الفطرة » فأخذ يستعين بالجيش ويمن يستميله 
من الأحزاب على کک رأس من حصومه » ثم يعود بقوة الجيش وبحزب آخر على 
من کان معه ولا وأعانه على الخصم الزائل » فيمحقه » وهكذا حتى إذا سحقت 
الأحزاب القوية » وجه عنايته إلى رؤساء البيوت الرفيعة فلم يلع اراشا يستثر فيه 
ضمير «أنا» ! واتخذ من المحافظة على الأمن سبيلا لجمع السلاح من الأهلين » وتكرر 
ذلك منه مراراً » حتى فسد بأس الأهالي » وزالت ملكة الشجاعة منهم » وأجهز على ما 
بقي من البلاد من حياة في أنفس بعض أفرادها » فلم يبق في البلاد رأساً يعرف نفسه 
حتى خلعه من بدنه أو نفاه مع بقية بلده إ إلى السودان فهلك فيه» . 


ويدلل محمد عبده على هذه الآثار السلبية القاتلة التي bel‏ بها محمد علي 





. 452 (الأعمال الكاملة لجال الدين الأفغاني . ص‎ )8١( 


۹۷ 





التي أبدتها لجيش نابليون على عهد الماليك . فيقول : ولقد «ظهر الأثر العظيم عندما 
جاء الانكليز لإحماد ثورة عرابي » دخل الإنكليز مصر بأسهل ما يدخل به دامر(" على 
قوم . ثم استقروا . ولم توجد في البلاد نخوة في رأس تثبت لمم أن في البلاد من يحامي 
عن استقلاها . وهو ضد ما رأيناه عند دخول الفرنساويين إلى مصر » وبهذا رأينا الفرق 
بين الحياة الأولى والموث الأخير9" , .)2 . 

والحقيقة أن تقييم محمد عبده هذا لمحمد علي وتجربته في مصر هو تقييم عبقري 
وجرىء . وإن كان يعيبه أنه تقيبم هذه التجربة من جانب واحد . لم ير فيها سوى الآثار 
السلبية التى أصابت بها الشخصية المصرية عندما جددت شباب جهاز الدولة » وجعلت 
هذا الجهاز قبضة حديدية دون أن تسمح بنمو الحريات الشخصية والسياسية والإجتماعية 
التي عل من الإنسان شيئاً أكبر في المجتمع من جهاز الدولة وأجهزة القهر 
والعقاب . . . فرغم إشاراته العابرة إلى مهارة محمد علي في الجندية والزراعة والتتجارة . 
إلا أنه قد غمط هذه التجربة حقها , فلم ير جوانبها التي فتحت نوافذ مصر على العام 
فأحرجتها من ظلمة العصور الوسطى » ودخلت بها إلى طور جديد من أطوار الحياة . 

غير أن الذي يعنينا هنا هو أن نثبت أن محمد عبده كان صاحب موقف أصيل في 
عدائه لهذا البيت المالك والحاكم لمصر . وأن عداءه هذا يتجلى في نظر مدرسته الفكرية 
إلى أنفسهم باعتبارهم «أصحاب المصالح الحقيقية في البلاد» ؟! . 

ولقد ألف محمد عبده كتاباً ضد الخديوي إسماعيل » ضاعت أصوله . وعثرنا على 
صفحات منه في بقايا مجلة (الطائف) نشرها عبد لله نديم "* » بل لقد قر قراره يوماً » 
بإقناع من الأفغانٍ على أن يغتال الخديوي إساعيل ؟! . 

أما بالنسبة للخديوي توفيق فلقد كانت علاقات محمد عبده به دائمة التوتر » 
رغم ما تقرأه أحياناً المحمد عبده من كلمات الثناء عليه » وهو الثناء الذي لا مفر من أن 
dé‏ به نهايات الخطب وامقالات ؟1! . 


فعندما تنكر الخديوي توفيق لوعوده التي قطعها للأفغاني والحزب الوطني الجر 
(A\)‏ الدامر : هو الداخل Os] dL‏ « واهاجم هجوم الشر ٤‏ 


. علي في مصر) بهذا الجزء‎ dot oil) Shae it (AY) 
. انظرها في هذا الجرء‎ )85( 


4A 





ore ob‏ اليج الشوروى والدستوري والنيابي ف حكم البلاد . . ونفى الأفغاني من 
مصر . . -حدد محل إقامة محمد عبده في قريته «محلة نصر» . . 


وعندما أصدر عفوه عنه بعد نحو عام » رفض أن يسمح له بممارسة العمل الذي 
رآه الطريق الأمثل لتأدية رسالته . وهو التدريس . فدخحل سلك الصحافة » كى يحرر 
فق ازيدة الرسمية لكوم : ٠‏ 

ومن هنا نستطيع أن نفهم المادة الثانية من برنامج الحرب الوطني المصري » الذي 
صاغه محمد عبده في ديسمبر سنة ١188م‏ » عندما يتحدث عن موقف هذا الحزب من 
الخديوي توفيق فيفول : «هذا الحرب wast‏ للجناب الخديوي الحالي > وهو مصمم 
على 'تأييد سلطته ما دامث أحكامه جارية على قانون العدل والشريعة حسب ما وعد به 
المصريين في شهر سبتمبر سنة ١۱۸۸م‏ » وقد قرن هذا الخضوع بالعزم الأكيد على عدم 
عودة الإستبداد والأحكام الظالمة التي أورئثت مصر الذل . والإلحاح على الحضرة 
الخديوية بتنفيذ ما وعدت به من الحكم بالشورى وإطلاق Oke‏ الحرية للمصريين › 
ويطلبون منها الإستقامة وحسن السلوك في جميع الأمور > وهم يساعدونه قلباً وقالباً 2 
كبا أغهم يحذرونه من الإصغاء إلى الذين يحسئون إليه الإستبداد والإجحاف بحقوق 
الأمة ونكث المواعيد التي وعد بانجازها“ » . 


وعندما تطورت حوادث الثورة العرابية » ومال الحديوي توفيق إلى جانب 
الإنكليز كان محمد عبده يقف ضده مع العرابيين » ولقد أدان موقفه هذا » بل سجل 
عليه أنه قد اشترك مع عمر لطفي > حافظ اللإسكندرية يومئذ » وفي تدبير الشغب الذي 
حصل بالإسكندرية في ١١‏ يونيو سنة ١۱۸۸م‏ بين المصريين والأجانب » كي يهد 
السبيل لتدخل الأسطول الإنجليزي الرابض في الميناء > وكتب في مذكرة حررها وهو 
بالسجن : «لا ريب في أن استقراء سير هذه الحوادث يظهر أتم الظهور أن الخديوي 
بالاشتراك مع عمر لطفي كانا سبب هذه الفتنة. . أي مذبحة الإسكندرية2”" . .» . 

dy‏ المنفى . عندما يدلي الأستاذ الإمام بحديث إلى الجريدة اللندنية «البول ميل 
جازيت» » يقول عن الخديوي توفيق : (إن توفيق باشا أساء إلينا أكبر إساءة » لأنه مهد 


. (مذبحة الاسكندرية) في هذا الجرء‎ hil (A0) 


44 





ادحو راي الاتتجلين بلادنا » ورجل مثله ‏ انضم إلى أعدائنا أيام الحرب - لا يمكن 
أن نشعر نحوه بأدنى احترام ‏ ومع هذا إذا ندم على ما فرط منه » وعمل على الخلاص 
منكم » ربما غفرنا له ذنبه. إننا لا نريد خونه . وجوههم مصرية وقلوبهم 
انجليزية250 ؟ ! 
ak ak ak‏ 

غير أن تفكير الشيخ محمد عبده في العودة من المنفى . قد استدعى منه أن يبطن 
هذا العداء » ويكثر من ذكر ألفاظ الثناء على الخديوي توفيق . . ولقد كان الرجل في 
بيروت عالي المقام مكرماً من الجميع » ولكن كان حنينه إلى وطنه مصر لا يقاوم » ونحن 
نلمس ذلك من رسالته التي بعث جا إلى الشيخ علي الليثي » والتي جاء فيها ؛ 


«(وبعد . . أنا اليوم بببروت في فضل من لله آشکره » وجميل إحسان أذكره ولا 
ين ملس الي در ار بعين التوقر ملحوظ . غير أنه لا يسوى 
بقومي قوم , ولا كيوم وطني يوم . ذلك الوطن الذي أنبتك وغذت عناصره نبعتك لا 
ريب أنه a‏ وخیم لإظهار 0 الموث فيه بقاء , والحياة في one‏ 
فناء . . هذا إلى أن ينجح الله 0 ويؤيد ني أمري رأيكم . فيهاط الأذى , Au‏ 
oil‏ « وتمحص الصدور . ويبرأ برقياكم المصدور . . وهنالك يعرف النخيل أهله › 
ویصل الفرع أصله)“ . 


منذ ذلك التاريخ علت في الكلمات المكتوبة والمعلنة من الأستاذ الإمام نخمة الثناء 
على الخديوي توفيق .. فتحدث في (ثمرات الفنون) عن ميله إلى الشورى » وافتتاح 
عهذده بالحكم بالسعي لها ۾ لأنه «أعرف الناس بأهل بلاده 3 ودرحة استعدادهم , 
إليهم بعين ا وعن أن المصريين «قوم عرفوا بالطاعة لسلطاء هم المعظم . 
المؤمنين أيده a‏ 2 وعلموا أن اناب الخديري نسائيه 3 بلادهم ‘ ومظهر 
عليهم . فهم له خاضعون . وعلى مبته متفقون5” . .) . 


(85) انظر هذا التصريح في هذا الجرء . 
(۸۷) انظر في هذا الجزء : (رسالة إلى الشيخ علي الليثي) . 
(88) انظر في هذا الجرء مقال : (مصر وجريدة الجنة) . 


\ae 





وإن يكن هذا الثناء المعلن لم يمنع الكره المستكن في ضصصير الأستاذ الإمام 
للخديوي توفيق . والكره الأشد من الخديوي توفيق للأستاذ الإمام . . فعندما عاد إلى 
مصر . وسكن في شارع الشيخ ريحان . قرب عابدين . أجاب أحد أصدقائه عن سر 
احتياره هذا المكان بقوله : «حتى نناطح عابدين مناطحة» ؟! . . وكا وقف الخديوي 
توفيق سئة ١٠18م‏ ضد السماح له بالإشتغال بالتدريس » فعل ذلك أيضاً في سنة 
45م .ء مما اضطر الأستاذ الإمام إلى قبول المناصب التي رآها كالسجن بالنسبة إليه إذا 
ما قيست بالمهنة المحببة إليه » التربية بواسطة التدريس . . وكان الخديوي توفيق يبدف 
من موقفه هذا أن يمنعه من تربية الأجيال الجديدة على كراهية أسرة محمد على » وكراهيته 
هو بالذات . ٠‏ 


أما موقف الأستاذ الإمام من الخديوي عباس حلمي الثاني فلقد شهد فترة من 
الوفاق دامت نحو عشر سنوات (11*7-18557م) فيها حاول الإمام الإستعانة بنفوذ 
الخديوي الشاب على إصلاح الأزهر > والأوقاف › والمحاكم الشرعية . . . ولكن هذه 
الفثرة قد انتهت إلى فترة من الحفوة والحذر والعداء » وذلك لأسباب عديدة من بينها : 
١‏ - تأثير علاقة مصطفى كامل والشيخ علي يوسف على الخديوي ». والعداء الذي يكنه 
مصطفى كامل للأستاذ الإمام بسبب موقفه المعتدل من كرومر وسلطات 
الاحتلال 050 , 
١‏ معارضة الأستاذ الإمام لأطباع الخديوي عباس في أراضي الأوقاف . 
ولقد تدهورت العلاقة الودية بينهها وبلغت هذا الطور الحديد منل نوفمير سنة 
م عقب اجتاع عقده مصطفى كامل وعلي يوسف مع Stl‏ عباس . . فأخل 
الخديوي في تدبير المكائد لإحراج موقف محمد عبده » مستخدما في ذلك القوى الرجعية 
والمحافظة من رجالات الأزهر الذين يعارضون ما يريد الإمام إدخاله 3 الأزهر من 
الإصلاحات . . وهذا هو الذي يفسر لنا توقيت نشر الإمام لمقاله ضد محمد علي في يونيو 
سنة ١٠۱۹م‏ » وهو المقال الذي ينسحب ما فيه من القدح والحجوم على الأسرة كلها , 
لأنه إذا كان هذا هو حال مؤسس هله الأمرة » وصاحب أبرز الإصلاحات من بين 
رجالاتما . . فيا بالنا بالآخرين ؟؟؟ .. 


(84) انظر :. أحمد شفيق باشا (مذكراتي في نصف قرن) جد ص 5١1‏ ؛ ٤1٤‏ » طبعة القاهرة . 


١٠١١ 


Converted by Tiff Combine 








الجامعة الاسلامية 


[ليس في الإسلام سلطة دينية... وأصل من 


خمد بده 


Converted by Tiff Combine 








الجامعة الإسلامية 


في الفترة التاريخية التي عاش فيها الأستاذ الإمام كانت قضية «الجامعة الإسلامية) 
من القضايا الفكرية وقضايا السياسة العملية المطروحة للبحث والجدل » فقامت ها 
تيارات وأحزاب » وعارضتها تيارات وأحزاب » وعرضت من مواقع متباينة » ولغايات 
وأهداف متباينة أيضاً . . ولكن الذي جمع كل هذا الخليط المتنافر الذي نادى بها هو هذا 
الشعار » شعار «الحامعة الإسلامية» . 

ولعل أبرز الوجوه dels‏ الأصوات التي علت بهذا الشعار في ذلك التاريخ كان هو 
صوت حمال الدين الأفغاني » وكان هذا الشعار عنده مضامين محددة ميزته عأ كان rin‏ 
مثا لدى السلطان عبد الحميد » وهذه قضية قد سبق لنا بحثها في تقديمنا لأعبال 
الأفغاني الكاملة2'0 . . 

أما موقف الأستاذ الإمام من هذه القضية فإننا نعتقد أنه من المواقف الفكرية 
الخصبة والمامة التي خحلفها لنا هذا المغكر الكبير. . ونحن نستطيع أن نتلمس موقفه منها 
ونلم بآرائه إزاءها إذا نحن درسنا وقيمنا كتاباته بصدد قضيتين رئيسيتين عسرض لما 

وعالجحهها . وهما : 
١ |‏ الموقف من طبيعة السلطة السياسية في المجتمع .. هل هي سلطة دينية ؟ أم 





١(‏ الأعال الكاملة لجال الدين الأفغاني . ص 59 00 » وانظر أيضاً دراستنا عن الأفغاني بمجلة 
«الطليعة) المصرية » عدد ابريل سئة 19589 م . 


10 





مدنية ؟؟ ورأى الإسلام , فهمه الأستاذ الإمام » فى هذا الموة ‘ 
ي: pra‏ م Ge‏ 


۲ الموقف من السلطنة العثانية » ومدى حقها وإمكانياتها في جكم البلاد العربية 
استناداً إلى جامعة الدين . 


تآ 

فيم يتعلق بطبيعة السلطة السياسية في المجتمع » وهل هي سلطة دينية أم 
مدنية ؟؟ وفهم الأستاذ الإمام لموقف الإسلام من هذه القضية . . نلتقي بفكر واضح 
وحدد وحاسم قدمه الشيخ محمد عبده في هذا الموضوع . e‏ 
يكون الدين الإسلامي نصيرا أ لقيام سلطة دينية في المجتمع بأي وجه من الوجوه وبأي 
شكل من من الأشكال . ويقيم على ذلك الحجج ويقدم لذلك البراهين . . 

فهو fy : Ate Syd‏ إنه ليس في الإسلام سلطة ديئية » سوى سلطة الموعظة الحسنة 
a‏ إلى الخبر والتنفير عن الشر . وهي سلطة خحوها aly‏ لأدنى المسلمين يقرع مها 

نف أعلاهم » » كما وها لأعلاهم يتناول بها من أدناهم) . 

بل يذهب إلى ما هو أبعد من هذا » فيرى أن إحدى المهام التي جاء لها الإسلام 
ونبض بها في المجتمع الذي ظهر فيه » والتي تعتبر أصلا من أصوله . هي قلب السلطة 
ا ا لح وو ا اك 1 CG‏ 
السلطة الدينية والإتيان عليها من أساسها . هدم الإسلام بناء تلك السلطة » 
أثرها » حتى لم يبق لها عند الجمهور من Soe aes are‏ 
الله ورسوله سلطاناً على عقيدة أحد ولا سيطرة على . على أن الرسول عليه السلام 
كان ھا وناکرا لا ما وا طا : eS‏ » مهما علا كعبه .2 في 
الإسلام » على آخر » مهما انحطت منزلته فيه » إلا حق النصيحة والإرشاد . . 
فالمسلمون يتناصحون . وهم dal Opa‏ تدعو إلى الخيرء وهم المراقبون عليها » 
يردوما إلى السبيل السوي إذا انحرفت عنه » وتلك الأمة ليس لما عليهم | إلا الدعوة 
والتذكير والإنذار» ولا يجوز لما ولا لأحد من الئاس أن يتتبع عورة أحد > ولا يسوغ 
لقوي ولا لضعيف أن يتجسس على عقيدة أحد » وليس يجب على مسلم ist of‏ 
عقيدته أو يتلقى أصول ما يعمل به من dol‏ ¢ عن كاب الله وة سر RE.‏ . 


ye 





لكل مسلم أن يفهم عن الله من كتاب Call‏ وعن رسوله من كلام رسوله » بدون 
توسيط أحد من سلف ولا خلف . وإنما يجب عليه قبل ذلك أن يحصل من وسائله ما 
يؤهله للفهم . . . فليس في الإسلام ما يسمى عند قوم بالسلطة الدينية بوجه من 
الوجوه" . . . ولم يعرف المسلمون في عصر من الأعصر تلك السلطة الدينية التي كانت 
ULL‏ عند الأمم المسيحية » عندما كان يعزل اللوك » ويرم الأمراء » ويقرر الضرائب 
على المالك » ويضع لحا القوانين الإلهية0") . 

وإذا كانت هذه النصوص اللمتقدمة قد انصبت أساساً وبشكل مباشر على نفي 
وجود «سلطة دينية) في الإسلام لما يمكن أن يسمى «رجل الدين» » فإن الأستاذ الإمام 
يمد نطاق هذا الفكر وذلك الموقف إلى السلطة السياسية في المجتمع الإسلامي ٠‏ فيرى 
أن الحاكم في هذا المجتمع «هو حاكم مدني من جميع الوجوه» » وأن اختياره وعزله KEL‏ 

هما أمران خحاضعان لرأي البشر لا «لحق إهي» يتمتع به هذا الحاكم بحكم الإيمان . 
وهو يرى أن تقرير (مدنية) N OS‏ 
وجود «الشرع» إلى جانب «الدين» في الإسلام » فيقول : (... ولكن الإسلام دين 
N mS sS‏ أمره بحكم 
يجري عليه في عمله » فقد يغلب الهوى , وتتحكم الشهوة » فيغمط احق » ويتعدى 
المعتدي الحد . فلا تكمل الحكمة من تشربع الأحكام إلا إذا وجدت قوة لإقامة 
الحدود » وتنفيذ حكم القاضي بالحق » وصون نظام الجماعة » وتلك القوة لا يجوز أن 
تکون فوضی في عدد کثیر › » فلا بد أن تكون في واحد» وهو السلطان أو الخليفة . 
cis‏ ب E E N‏ 
وهي التي تخلعه متى رأت ذلك من مصلحتها » فهو حاكم مدني من جميع الوجوه . 

ولا يجوز لصحبح النظر أن يخلط الخليفة عند المسلمين LE‏ يسميه الأفرنج 
«ثيو كراتيك» أي سلطان إهي ‏ فإن ذلك عندهم هو الذي ينفرد بتلقي الشريعة عن 
الله » وله حق الأثرة بالتشريع » وله في رقاب الئاس حق الطاعة . لا بالبيعة وما 
تقتضيه من العدل وحاية الحوزة , بل بمقتضى الإيمان » فليس للمؤمن ما دام مؤمنا , 





3( انظر : الاسلام النصرانية بين العلم والمدنية 4 d‏ اء الثالث من هذه Jie!‏ : 
)( انظر : الرد عل هانوتو » في jbl‏ 2 الثالث من هذه الأعيال : 


¥۷ 





أن يخالفه » وإن اعتقد أنه عدو لدين الله » وشهدت عيناه من أعماله ما لا ينطبق على ما 
يعرفه من شرائعه » لأن عمل صاحب السلطان الديني وقوله في أي مظهر ظهرا هما دين 
وشرع قي 

وهو لا ينغى وجود السلطان الدينى والساطة الدينية عن القيادة السياسية العليا 
للمجدمم فحسب + بل ويي اعتراكف الاسلام با أو إقرارة ها بالننسبة لأية مؤسسة'فن 
المؤسسات التي تمارس سلطة من السلطات في مجتمع المسلمين » مثل المؤسسات التي 
تتولى «القضاء» أو «الإفتاء» أو قيادة «علماء الدين» (شيخ الإسلام) . . فيتحدث قائلا : 
«... يقولون : إن لم يكن للخليفة ذلك السلطان الديني » أفلا يكون للقاضي ؟ أو 
gaa‏ ؟ أو لشيخ الإسلام ؟؟. . وأقول : إن الإسلام لم يجعل هؤلاء أدن سلطة على 
العقائد ونقرير الأحكام > وكل سلطة تناوها واحد من هؤلاء فهي سلطة مدنية قدرها 
الشرع الإسلامي , ولا يسوغ لواحد منهم أن يدعي حق السيطرة على إيمان أحد . أو 
عبادته لربه , أو بنازعه في طريقة نظره . . .(» . 

وهو يرى أن منبت هذه القضية » قضية توحيد السلطة السياسية والدينية » إنما 
هو الدين المسيحي ‏ كما تصورته الكنيسة وصورته  !‏ فهو الذي جعل ذلك أصلا من 
أصوله + بيننا يقف الإسلام ضد هذا التوحيد والجمع بين السلطتين . فيقول : إن 
الجمع بين السلطتين السياسية والدينية » «هو الذي يعمل الباباوات وعماهم من رجال 
«الكثلكة) على إرجاعه , لأنه أصل من أصو ل الديانة المسيحية عندهم . وان كان ينكر 
وسحدة السلطة الدينية والمدنية من لا يدين بدينهم E‏ 

ولا ينسى الرجل أن يلتفت إلى أحداث التاريخ الإسلامي لبقيمها بهذا المعيار , 
فيصف الفتوحات الإسلامية بأنها أعمال سياسية حربية تتعلق بضرورات الملك 
ومفتضيات السياسة ومن ثم فهي ليست بالحروب «الدينية) » فلقد «أشهر المسلمون 
سيوفهم دفاعاً عن أنفسهم وكفاً للعدوان عليهم » ثم كان الافتتاح بعد ذلك من ضرورة 
املك ...“© . وهذا ينطبق على الحروب التي دارت بين الفرق الإسلامية » فهي م 


. أنظر : الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية » في الجزء الثالث من هذه الأعمال‎ )٤( 
. الاسلام والنصرانية بين العلم والمدنية » في الجزء الثالث من هذه الأعمال‎ : Bil (0) 
. انظر : رحلاة إلى «صقلية» في الجرء الثاني من هله الأعيال‎ )١( 

(۷) انظر : (رسالة التوحيد) في اللحزء الثالث من هذه الأعال 





۱٩۸ 





تكن حروب «عقيدة دينية» وإنغا كانت Lig‏ «(سياسية)» » فنحن «لعرف بحروب 
الخوارج » كا وقع من القرامطة » وغيرهم . . وهذه الحروب لم يكن مثيرها الخلاف في 
العقائد . وإنما أشعلتها الآراء السياسية في طريقة حكم الأمة . ولم يقتئل هؤلاء مع 
الخلفاء لأجل أن ينصروا عقيدة , ولكن لأجل أن يغيروا شكل حكومة . وما كان من 
حرب بين الأمويين والهاشميين فهو حرب على الخلافة » وهي بالسياسة أشبه » بل هي 
أصل السياسة . .“) . 
FF ook‏ 24 
وهذا الموقف الذي اتخذه الشيخ محمد عبده ضد وجود سلطة دينية في الإسلام » 
ونفي هذه الصبخة E‏ الحكم d‏ المجتمع الوسلامي » ورفض الدعاوى 
التي تريد أن تستعير من المسيحية الجمع بين السلطتين الب a ara by‏ زاعمة كنا أن 
AU‏ ا صلة بتعاليم الإسلام . . موقف الرجل هذا قد قاده إلى الإيمان بمدنية 
السلطة في المجتمع » ومدنية مؤسسات هذا المجتمع » ومن ثم إلى اتخاذ الطابع القومي 
المدني » الذي لا يفرق بين المواطنين بسبب الاعتقاد al‏ ها ومنطلقا وصيغة 
لنظام الحكم في البلاد . . ونحن نقدم له في هذا الباب نصين على جانب كبير من الأهمية 
في تقرير موقفه هذا من الطابع القومي للسلطة في البلاد . 
ففي المادة الخامسة من برنامج الحزب الوطني المصري الذي صاغه الشيخ محمد 
عبده في ديسمبر سنة ۱۸۸١‏ م يتخذ هذا الموقف الفكري . وحتى يؤكد أنه موقفه هو 
الخاص وزملاءه من علماء الأزهر . وليس فقط موقف الحرب . ينص في هذه المادة على 
أن هذا الأمر «مسلم به عند أخص مشايخ الأزهر الذين يعضدون هذا الحزب» . . . أما 
نص هذه المادة اهامة من برنامج الحزب فيقول : with‏ الوطني حزب سياسي لا 
ي , فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب . وجميع النصارى واليهود › 
وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم لغتها منضم إليه:. لأنه لا ينظر لاختلاف 
المعنقدات › ويعلم أن الجحميع إخوان › وأن حقوقهم في السياسة والشرائع منساوية » 
وهذا مسلم به عند أخص.مشايخ الأزهر الذين يعضدون هذا الحزب ويعتقدون أن 


. الثالث من هذه الأعيال‎ eal انظر : الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية » في‎ (A) 
. ١ أي ليس حزباً دينياً . . ولیس بمعنى أنه ضد الدين‎ (4) 


۱۹ 





| الشريعة المحمدية الحقة تنهي عن البغضاء » وتعتبر الناس في المعاملة سواء . 

وتعبيراً عن التمييز في الموقف والنظرة بين «النصارى» الأوروبيين وبين «النصارى» 
Gu pall‏ نلان تفرد هذه المادة Welt Lead‏ مولا والأجحات» + الذين لا بد من 
خحضوعهم لقوانين البلاد كي يكونوا موضع حب ورعاية من الوطنيين المصريين .. 
فالجامعة «الوطنية القومية») تضم المصريين على اختلاف الأديان ع ٠‏ ولم ولن 
تكون جامعة الدين بين «نصارى» مصر و«نصارى» أوروبا 0 كة بين هؤلاء 
وهؤلاء ترقى إلى جامعة الوطن والقومية . 

وفي سنة 188 م ء وكان الأستاذ الإمام لا يزال في المنفى » ببيروت » ثارت 
بمصر مناقشات صحفية حامية حول تعصب «الأقباط» ضد المسلمين » وكان ذلك 
بمناسبة استقالة أحد موظفي وزارة الحقانية . شفيق بك منصور. بسبب ما قيل من 
اضطهاد وكيل الحقانية ‏ بطرس Me‏ له » والذي اتم بالتعصب لأبناء دينه ضد 
الموظفين المسلمين . . . فكتب الأستاذ الإمام مقالاً في 0 (ثمراث الفنون) البروتية 
حذر فيه من الانسياق في الطريق الطائفي غير القومي . ولفت الأنظار إلى وجوب 
التفرقة بين من هو وطني ومن هو أجنبي » ففي حالة الأجانب من الممكن أن نأخذ الكل 
E I TE‏ 
بالنسبة لطائفة هي جزء من الوطن والمواطنين فإن أخطاء البعض منا لا تنسحب على 
هة اطا كلها دحل ار رد هرت الط في عه الط و ا 
لأن الرباط القومي والجامعة الوطئية تشمل الجميع .. كتب الرجل ليقول : ١‏ 
التحامل على شخص بعينه لا ينبغي أن يتخذ ذريعة للطعن في طائفة أو أمة أو ملة . فإن 
ذلك اعتداء على غير معتد رار لغير محارب . أو كما يقال : جهاد في غير عدو , 
وهو نما ضرره أكثر من نفعه إن كان له نفع .. . فليس من اللائق بأصحاب a‏ 
أن يعمدوا إلى إحدى الطرائف المنوطنة في ely yl‏ اوم بشيء من الطعن ‏ 
ينسبوها إلى شائن من العمل SLs‏ بان رجا أو رجالا ما قد اتحيدفوا للك , 
فإذا تنافرت GS ESS‏ الأخرى › dl‏ 
ضرراً على أوطاغهم نعم .. إن كانت الطائفة ة أو الأمة من قوم أجانب عن 
tous «OMS‏ ا oe‏ أو حيلة غادرة » وكانت أعمال آحادها مبنية على 
ler dpe‏ المتغلبون » فيكون عمل الواحد كأنه صادر عن الحملة . كما في أعمال 


۱11۰ 





الإنجليز «pas‏ جاز للناقد ان يأخذ الجماعة بائم الواحد منهم > ويستصرخ أبناء 
الوطن حميعا لكشفهم عن بلاده , واستخلاص الحق منهم لأربايه . . .250 . 

وهكذا Geel ial‏ ع ع ن ن ری ب NR‏ اباط الاير 
التي يتكون منما أبناء الوطن المصري . وحدد نطاق العقائد Lg ty Vee dull‏ 
سلبياً على الروابط القومية التي تجعل من المصري كل من يحرث أرض مصر ويتكلم 
لغتها ويضرب بجذوره الحضارية في أعماق هذا البلد الذي يعيش فيه . 

eR 
ا‎ 

أما موقف الأستاذ الإمام من السلطة العثمانية » وحق الأتراك في أن تشتمر 
سلطتهم على العرب باسم جامعة الدين والملة » فإنه موقف يكشف لنا عن صفحة 
أخحرى في كتاب فكره القومي » وعن ملامح لفكر عربي قومي يستحق الاستخلاص 
والتامل والدراسة على ضوء عصره وما صاحبه من ظروف وملابسات : 

فالرجل لم يكن من أنصار زوال «الخلافة) (السلطنة) العثانية » ولكنه كان من 
أنصار إصلاحها وتجدید شباما › على أن تقف عند حدود السلطة الروحية al gl‏ 
دورا في التضامن الإسلامي ودفع حركة الترقي الشرقية إلى الأمام > وهي نفس الفكرة 
التي نجدها عند عبد الرحمن الكواكبي ٤((‏ ۱۹۰۲-۱۸۰ م) وان کان الكواكبي قد ركز 
على وجوب نقل هذه السلطة إلى OMG SI paral‏ على أن الأستاذ الإمام ‏ والحق 
يقال كان قليل الثقة إلى أبعد الحدود ف تمكن الأتراك العثمانيين من القيام iy.‏ الدور 
بالنسية للإسلام والمسلمين » وصديقه «بلنت)» يكتب عن رأيه هذا فيقول : «كان الشيخ 
محمد عبده . . . فيا يختص بالخلافة . . يشاطر كل المسلمين المستئيرين رأممسم في وجوب 
إصلاحها وتجديدها على قواعد روحية . وقد شرح J‏ كيف يؤدي حسن استخدام 
سلطتها على وجه شرعى الو ل 
الخلافة أهملوا بحيث ماروا غر آهل لامارة المؤمنين . والواقع أن الأسرة d dil dell‏ 





: . انظر في هذا الحزء : (مصر والمحاكم الأهلية)‎ )٠١( 
انظر في الدراسة التي قدمنا يبا للأعمال الكاملة لعبد الرحمن الكواكبي فصل (في العروبة)‎ )١١( 
م‎ ١91/5 daw Gala deb oF. ٤ ص‎ 


١١١ 





تحفل بالخلافة lite‏ ذرة خلال القرنين الماضيين » ولم يبق ها حق ولا سلطان » حق 

السيف ولا سلطانه » على أمهم ما زالوا أقوى أمراء المسلمين . ومن ثم يستطيعون 
القيام بالشطر الأكبر من العمل خير الجميع . أما إذا لم يمكن حملهم على القيام بواجبهم 
فلا مناص من البحث عن أمير آخر للمؤمئين يي 

فهو هنا يطلب إصلاحها » وأن تكون سلطة روحية فقط » وأن تستخدم كعامل 
مساعد في حركة الرقي الأدبي » وأن تبقى لأن أصحابها «ما زالوا أقوى أمراء 
المسلمين» . . . فهي إذن مهام سياسية يريد الرجل تحقيقها من وراء سلطة روحية . 
وهذا بدوره يثير تساؤلا : كيف ذلك وهو الذي أنكر وينكر وجود مثل هذه السلطة في 
الإسلام ؟! ونحن نعتقد أن محمد عبده قد نظر إلى هذه الخلافة كواقع موجود » وموجود 
في ظروف من العمل السياسي تتميز بمد استعماري أوروبي على بلاد الشرق وأوطان 
المسلمين » فعلق بعض الأمل على إمكان الاستفادة من هذا الواقع في عرقلة هذا المد 
اللاستعاري الغربي على البلاد . 

وأحد أدلتنا على هذا التفسير » أن الرجل كان يؤمن في قرارة نفسه بضرورة 
استقلال العرب عن الأتراك . ولكنه كان مخشى أن تكون حركة الاستقلال هذه ضعيفة 
تصرف ما لديها من عزم في حرب الأتراك فتهن قوة الفريقين فيثب المستعمر الأوروبي على 
موطن كل من الفريقين .. وعندما اقترح صديقه ««بلنت» مساعدة بلاد ونجد)» 
الحجاز ية على الاستقلال عن السلطنة العثانية» أبدى الأستاذ الإمام هذه المخاوف. 
وقال : «إن العرب أهل لذلك . ولكن الترك لا يمكلونهم منه » وعندهم من القوة 
العسكرية المنظمة ما ليس عندهم . فإذا شعروا WL‏ أو رأوا بوادره قاتلوهم . حتى إذا 
وهنت قوة الفريقين وثبت دول أوروبة الواقفة لها بالمرصاد » فاستولوا على الفريقين أو 
على أضعفهما » وهذان الشعبان هما أقرى شعوب الإسلام . فتكون العاقبة إضعاف 
الإسلام وقطع الطريق على acy OM alm‏ نستطيع أن نقول إن المحاذير التي كان 
يخشاها الأستاذ الإمام من جراء حركة استقلال عربية ضعيفة تنتهي بالوقوع فريسة في 
براثن المستعمرين الأوروبيين » إن هذه المحاذير قد حدثت للمشرق العربي العثاني أثناء 


. ۱٤٤-۱٤۳ السري لاحتلال انجلترا مصر . ص‎ ql (VY) 
: انظر في هذا الجزء : (العرب والترك)‎ )۱۳( 


1۲ 





| وعقب الحرب العالمية الأولى بفضل الحركة المتهالكة والعميلة التى قادها الشريف حسين 
ابن علي هناك ؟! ۰ 
وهذه النظرة السياسية لهذه الخلافة الإسلامية هي التي جعلت الأستاذ الإمام 
قف داكا الموقف الحذر واليقظ ضد ممحاولات الخلافة العثانية استغلال الصراع 
«المصري - الأوروبي» من أجل إعادة مصر إلى التبعية المباشرة للآستانة . وإلغاء 
المكاسب المتمثلة في الوضع شبه المستقل الذي ضمنه لمصر ما صدر عن السلطنة من 
فرمانات . . . فبعد مظاهرة عابدين التي فجرت الثورة في سبتمبر سنة 188١‏ م حاول 
السلطان العثاني التدخل في الشئون المصرية والعودة بمصر إلى نظام الولاية غير الممتازة » 
وكان bat‏ عبده مع oe‏ وقفوا (glo‏ وبإصرار ضد هذه المحاوللات .. فيكتب في 
أكتوبر سنة ١1م (sue‏ الحدود لكل الفرقاء » فيقول : إن جريدة «الفار» السكندرية 
قد ذكرت «أن الجناب السلطاني » في إرساله اللجنة العثمانية من أخص رجاله إلى 
مصرء قد نظر إلى هذا القطر كأنه ولاية غير تمتازة » وأنه يريد بذلك إعادة سلطته على 
الديار المصرية» ويرفض عمد عبده هذا المنطق » ويحدد طبيعة العلاقة بين مصر 
والآستانة بقوله : «إن الدولة العلية لها علينا حق السيادة والولابة » ولنا مها ما خولتنا 
من الامنيازات التى منجتنا إياها بمقتضى الفرمانات السلطانية العلية . . .)29 , 
وعندما وضحت نوايا الأتراك العثانيين في استغلال الأحداث المصرية » وفكروا 
في إرسال قوات عسكرية إلى مصر تعيد هذا البلد الذي تحكمه وزارة ثورة إلى التبعية 
المباشرة للخلافة » كتب محمد عبده إلى صديقه «بلنت») thes‏ جاء فيه : «والآن أريد أن 
أزيل من العقول هذا الوهم السائد في إدعاء البعض أن عرابي أو الحزب الحربي أو 
الحرب الوطني GUT‏ الأتراك » فإن كل مصري . سواء أكان من العلماء أو الفلاحين 
أو الصناع أو التجار أو الجنود أو الموظفين أو السياسيين يكره الأتراك ويمقت ذكراهم , 
ولا يستطيع مصري أن يفكر في نزول الأتراك بلادنا بدون أن يشعر بعاطفة قوية تدفعه 
إلى امتشاق سيفه والهجوم على هذا المعتدي . إن الأتراك ظلمة» وقد تركوا في بلادنا من 
ee‏ و ال ا ر ج و 
نريد أن نعود إلى معرفتهم » وكفى الأتراك ما هم من حقوق الفرمانات » فعليهم أن 


. م انظره في هذا الجزء‎ ۱۸۸١ أكتوبر سنة‎ ۲١ الوقائع المصرية . مقال (أوهام الجرائد) في‎ )١٤( 


۱11۳ 





يقفوا عند هذا الحد . ولا يتعدوه . ولكنا إذا علمنا rel‏ يحاولون دخول بلادنا فإننا 
نتلقى هذا الخبر بشيء لا يخلو من الترحيب ؟!. . ولقد شعرنا نحن بشيء من هذه النية 
عند ا وكان هذا الشعور سبب استعدادنا » فإننا سنغتنم هذه الفرصة لكي 

نحقق استقلالنا النام . ads.‏ أنكر أن في مصر أتراكاً وشراكسة يدافعون عن الباب 
العالي ‘ بر قليلون في جانب أولتك الذين محبون ODay‏ 

وطوال فترة الثورة العرابية ظل محمد عبده على وفائه لموقفه هذا ضد محاولات 
الأتراك الانتقاص من استقلال مصر » واستعداده هو وقادة الثورة لانتهاز فرصة التدخل 
التركي لقطع ما تبقى من خيوط بين مصر والآستانة تنتقص من استقلال البلاد . 
فیکتب «بلنت» عن أحداث ١5١‏ يونيو سنة 18687 م فيورد برقية من لويس صابونجي في 
ذلك التاريخ نقرأ فيها : ان «نديم » وعصرابي » وعبده يتحدون الباب العالي 
(OE‏ ... كما يكتب : لقد كانت الحوادث الأخيرة (tel‏ بين الوطنيين عل كراهة 
الأتراك والشراكسة والسلطان نفسه » وقد سمعت سامي وعبسده ونديماً يلعلون 
السلاطين والأمم التركية من عهد جنكيز خان وهولاكو إلى عبد الحميد . وقد ألف 
حرب كبير يستعد لإعلان الاستقلال عن تركيا إذا تدخل الأتراك في مصر تدخلا 
حربياً . . . وقد قال نديم ونحن راجعون من شبرا : انه سيهدم عرش السلطان قبل 
tO cage al‏ 

وهذا الموقف الوطني القومي هو الذي يفسر لنا معنى تلك البرقية التي أر 
الخديوي توفيق إلى السلطان العثماني في نوفمبر سنة ١88١‏ م يقول له فيها iG‏ 
at de‏ وآن هناك اقتزاحا لأنشاء |مبزاطورية عر 402 , 

ونحن نعتقد أن موقف الأستاذ الإمام هذا . المناهض للأتراك العثمانيين » 
والمعارض لسلطاءهم على العرب . ومصر بالذات » ظل هو موقفه القومي الوطني 
الأصيل وذلك بالرغم من الكلمات التي اضطرته الظروف إلى أن يمدح بها السلطان 


)١5(‏ انظر في هذا الجزء : (دفاع عن حكومة الثورة) وتاريخ كتابة هذا الطاب ٠١‏ إبريل سئة 
AAY‏ . 

. ٤٤" التاريخ السري لاحتلال انجلترا لمصر . ص‎ )١15( 

(۱۷) المصدر السابق » ص ٤٥٤‏ . 

. طبعة القاهرة سنة ۱۹۹۷ م‎ ۲۷١ انظر كتابنا «العروبة في العصر الحديث» ص‎ (A) 


١15 





lea!‏ وخلافته ودولته » خصوصاً عندما اضطرته ظروف المنفى أن يعيش في نطاق 
السلطة العثانية المباشرة في بيروت . 
a‏ 

فمئذ أن هزمت الثورة العرابية » ونفي الشيخ محمد عبده خارج مصر » وحتى وفاة 
الرجل » تطالعنا في تراثه عدة آراء وتصريحات عن السلطان العثاني وخلافته ودولته » 
بينها وبين بعضها تناقض LST‏ وتفسيرها وحل متناقضاتها . كي تنسجم مع فكره 
الأصيل الذي أشرنا إليه في هذا الموضوع , لا يتأق إلا بعرض كل منها في إطار الظروف 
والملابسات التي صاحيت ظهوره . 

ففي أثناء إقامته » منفياً » Se‏ المباشر للسلطان عبد الحميد 
يتحدث إلى الناس في خطاب عام فيقول : «أفتتح كلامي بالدعاء لمولانا أمير المؤمنين » 
وخليفة رسول رب العالمين » السلطان عبد الحميد خان » فمقام هذا الخليفة الأعظم 
فينا هو ا حافظ لنظامنا » والمحامي عن مجدنا » والآخذ ميزان القسط بيننا » وهو هادينا 
إلى أفضل سبلنا ء فهو ولي النعمة علينا » ولو أفرغنا جميع أوقاتنا في الدعاء لعظمته ما 
أدينا PMO. Lhe atm‏ 

ويتحدث عن الدولة العثانية فيقول : وإن من له قلب من أهلٍ الدين الإسلامي 

ى أن المحافظة على الدولة العلية العثانية ثالثة العقائد بعد الإيمان بالله ورسوله » فإنها 
00 الحافظة لسلطان الدين » الكافلة ببقاء حوزته . وليس للدين سلطان في 
Lal‏ . . . وإني على ضعفي ‏ والحمد لله مسلم العقيدة » عثاني المشرب » وإن 
كنت عربي اللسان » ats Gaet Y‏ الله » بعد الإيمان بشرعه والعمل على أصوله » 
ا أعظم من احترام مقام الخلافة » والاستمساك بعصمته › و خلالته » 
وشح الم لنصرته بالفكر والقول والعمل ما استطعت إلى ذلك سبي . وعندي إن dc‏ 
أقم على هذه الطريق فلا اعتداد عند الله بإيمان > فإنها الخلافة حفاظ الإسلام ودعامة 
الإيمان , فخاذها اول ومن حاد الله ورسوله فأولئك هم الظالمون . ؟! 





(19) انظر في هذا الحزء مقال «مراسلات» وهو منشور في «ٹمرات الفنون» البيروتية سنة ۱۸۸۸ م . 
w(t")‏ «لائحة إ إصلاح التعليم Waal‏ الي كتبها سيروت . انظرها ف الخزء الفالث من هذه 
الأعيال . 


\\o 





وهو ينكر أهلية العرب السوريين للاستقلال عن الدولة العثانية . بل ورغبتهم 
في هذاالاستقلال » ويقول : إن «هذا وهم لا أساس له » ولا يمس جانب الحقيقة » 
فنفوس السكان على اختلاف طبقاتهم لا ترى من أجل أحواها ما يؤهلها لأقل شأن يلم 
بهذه الغاية » وهم أطوع للسلطة الحاكمة عليهم من ظلهم<''"©) . 

وعندما يعرض للغات التي يتم بها التعليم » وكانت إلتركية تزحف على مكان 
العربية بالمشرق العربي العثاني » وكان التعريب ا ا وها ما of sue‏ 
اللغة التركية لا بد من تعلم العرب لها حتى يتيسر لهم العلم » ويذكر في الثناء عليها 
أضعاف ما ذكر في الثناء على اللغة العربية . . فقال : إنه لا يتيسر لنا العلم إلا بتعلم 
لغتين : «اللغة التركية » لأا لغة دولة قامت بشأن المالك الإسلامية ما يقرب من سبعة 
قرون » وقد تكلم فيها من الأفاضل والعلماء جم غفير» نحن في حاجة إلى الإستفادة 
من معارفهم » ثم هي اللغة الرسمية في ا مالك العثانية » فيها حياتنا السياسية › وہا 
نقف على هدى مولانا الخليفة الأعظم » أيده all‏ بنصره » واللغة العربية » وهي لغة 
القرآن الشريف . وكتب الشرع المنيف2... وهو بعد ذلك يخرج اللغات 
الأوروبية » مثل «الفرنسوية وغيرها من اللغات» من إطار لخات العلوم > في الوقت 
الذي أدخل التركية في هذا النطاق » وتحدث عنها هذا الحديث ؟! 

فإذا ما حرج الأستاذ الإمام من نطاق النفوذ المباشر للسلطان العثماني والسلطة 
العثمانية وعاد إلى مصر سنة ١889‏ م » وجدناه يعود إلى رأيه القديم والأصيل في هذه 
الدولة وهذا السلطان . . فلقد عاد من جديد إلى إبداء رأيه الحر الحريء ضد السلطان 
عبد الحميد » وإن كان قد ظل على موقفه السياسى من ضرورة الاستفادة من وجود هذه 
الدولة في دفع الأخطار التي تحدق بالشرق والشرقيين » فهو يقول في سنة ۱۸۹۷ م : 
«إن كثيراً من وجهاء المصريين يكرهون الدولة العثمانية ويذمونا - (وإن كان أكثرهم 
يحبها) ‏ وأنا أيضاً اكره أعمال السلطان » فإن جبنه الخالع » وهؤلاء المشايخ الذين قرم 
وسلطهم ولا سيها الشيخ أب الهدى ... ie‏ لا يوجد مسام يريد هذه الدولة 


oe (YN)‏ (لائحة إصلاح القطر السوري» الي كتبها بيروت . انظرها في ا جزء الثالث من هذه 
الأعمال . 
(۲۲) مقال «مراسلات» المنشور في (ثمرات الفنون) البيروتية في سنة ۱۸۸١‏ م. انظره في هذا الجزء . 


>15 





سوءاً , فإنها سياج » في الجملة » وإذا سقطت نبقى نحن المسلمين كاليهود . بل أقل 
. من اليهود , فإن اليهود tg pre‏ يخافون عليه ويحفظون به مصالحهم وجامعتهم 2 
وهو الال » ونحن لٺم يبق عندنا شيء » فقدنا كل شيء ء . إن الدولة لديها رجال 
نبهاء . . . ولكنهم أصيبوا بداء اليأس . . . وكيف نيأس ؟ وإن حالة أوروبة كانت شراً 
من جاتنا في اكول ومفارية اكلم !بتر a ate E‏ 
والحكام » لا يرجى منهم حير" . 


وعندما أراد الشيخ رشيد رضا إصدار (المنار) وكتب في أهدافها هدفاً Lots‏ 
بالإمامة» يتحدث عن ضرورة أن تمض (المثار) بمهمة «تعريف الأمة بحقوق الإمام» 
والإمام بحقوق الأمة» » وعرض هذه الأهداف على الأستاذ الإمام » حذف هذا المدف 
وقال له : «إن المسلمين ليس هم اليوم إمام إلا القرآن » وإن الكلام في الإمامة مثار فتنة 
يخثى ضرره ولا يرجى نفعه MODY‏ 

وني الرد الذي كتبه على «هانوتو» يوضح مفهومه لدعوة «الجامعة الإسلامية) فإذا 
هو مفهوم التضامن الإسلامي في سببل الإصلاح الديني » والاستفادة من قيام الدولة 
العثانية في دفع عجلة هذا الإصلاح إلى الأمام » أما التوحيد السياسي للمسلمين »› 
وجمع السلطتين الزمنية والروحية في شخص واحد . فليس في خاطر أحد «أن يشير إلى 
هذه الدعوة » فضلاً عن أن يبني عليها LS‏ | إذا هو «خخطا خطوة إلى معرفة أحوالهم على 
ما هي عليه» . . فهي حركة إصلاح تتخل "مق Sh few lay es Sill‏ الوصلاح 
في المسلمين لا مندوحة عنها » فإن إِنْيامهم من طرق الأدب والحكمة العارية عن صبغة 
الدين يحوجه إلى إنشاء بناء جديد ليس عنده من مواده شبىء » ولا يسهل عليه أن يجد 
من عماله أحداً . . . أما السعي إلى توحيد كلمة المسلمين » وهم كا هم » فلم يمر بعقل 
أحل منهم »> ولو دعا إليه داع لكان أجدر به أن يرسل إلى مستشفى المجانين(*"» ؟! 

وفي سنة 1407 وسئة 1407 م يغمز الدولة العثانية في صميم المبرر الذي تستند 
إليه في إبقاء سيطرتها على غيرالأتراك من الأجناس والقوميات » مصبرر «رابطة الدين 


5 انظر في هذا الجزء : (حديث عن الدولة العثانية)‎ yy) 
. ٩۱۳ محمد رشيد رضا (تاریخ الأستاذ الإمام) جاص‎ )١4( 
من (الرد على هانوتو) . انظره في الجزء الثالث من هذه الأعمال , وهو مکتوب سنة ۱۹۰۰ م.‎ )36( 


11¥ 





والملة» التي لعي قيامها على رعايتها وحنظها!: + نتحداتك عن أن الإسلام دين عربي 
وأن العرب هم أحق الناس برعايته والوقوف عند حدوده . . وهو يرد القصور عن بلوغ 
هذه الغاية ضعف العرب الحالي > وإلى تلك السلطة الأعجمية التي اجتاحت العام 
الإسلامي منذ عهد الخليفة العباسي المعتصم > الذي استند على «الترك) وغيرالعرب من 
العناصر والأجناس حتى «استعجم الإسلام وانقلب ا GLI,‏ عن أذ كنات 
الإسلام ديناً عربياً »> ثم لحقه العلم فقا غل عونا انعد کان وا كوم 


وهكذا ثبت على موقفه الحقيقي , غير الودي » من هذه الدولة وسلطانها ' ما 
ظل بعيداً عن متناول سلطتها وأجهزة قهرها » حتى إذا ما ذهب إلى الآستانة في يوليو 
سنة 140 م وهمت السلطات العثمانية باعتقاله » وعزمت على إهانته وهو مفتي الديار 
المصرية » ومقامه معروف ومعلوم على المستويات الرسمية والشعبية » وجدنا في عريضته 
التي رفعها | إلى السلطان نغيأ من الألحان التي صدرت عنه في بيروت منذ سنوات » مثل 
قوله : «إني جئت إلى الآستانة العلية لأشهد عظمة الإسلام ‘ افر ما ضعف مني 
برؤية مظاهر قوته في مركز خلافته » قائمة بروح الصدق من عناية خليفته» ... ويلفي 
عن نفسه أي نشاط مناهض للسلطنة العثانية » ويعلن أن لديه من «الخدّم)ما يرغب في 
أن يقوم بها وللذات الشاهائية حاصة دون سواها""» . 

وعندما يغادر الآستانة إلى جنيف يعود إلى صحبة أعداء السلطان عبد الحميد » 
وتوزع في مصر الماشورات المناهضة لما فعلته الآستانة معه من الإهانة وما يشبه الطردله 
بعد ما قرب من الاعتقال . . . ويكتب إلى رشيد رضا : «إن السلطان لا يستطيع حبسي 
لو أراده » وهو يعلم عجزه عن ذلك حق العلم » ولذلك أسباب لا أحب ذكرها 
«Oo‏ ويعود من جديد إلى إعلان رأيه في السلطان عبد الحميد ١‏ فيقول لرشيد 





: الجزء الثاني من هله الأعمال «رحلة إلى صقلية» وني الجزء الثالث من هذه الأعمال‎ d Bil (v4) 
. الإسلام والنصرانية بين العلم والمدنية (الاضطهاد في النصرانية والاسلام)‎ 

. فی هذا الجرء : «إلى السلطان عبد الحميد)‎ hil (YY) 

(۲۸) ترجع هذه الأسباب إلى أن الأستاذ الإمام كان قد توقع ما حدث له في الآستانة » فحمل من 
السلطات الانجليزية في مصر خطاباً يستطيع بواسطته سفير انجلترا في الآستانة أن يتدخل لدى 
الدولة العشانية لانقاذه من الخطر الذي يتعرض له هناك » وذلك باعتباره موظفاً فى ى الحكومة 
المصرية . 


۱1۸ 





رضا : (إن أخوف ما أخافه من استبداد عبد الحميد وظلمسه هو إفساده لأخلاق 
العثمانيين » لا لإدارتهم » فإن إصلاح الإدارة من بده يسهل إذا كانت الأخلاق 
صا حة » ولا يحتاج إلى زمن طويل إذا كانت الأخلاق سليمة » ومتى فسدت الأخلاق 
فإن إصلاحها لا يسهل إلا بعشرات من السنين » كما جربا في أنفسنا . فإن إسماعيل 
باشا أفسد الإدارة وأفسد الأخلاق . فلما وجدنا ريح الحرية وأردنا أن نمض بالإصلاح 
كان فساد الأخلاق هو الذي عاقنا لا فساد الإدارة » ولولا ذلك لكانت هذه المدة التي 
أبيح لنا فيها ما نشاء من التربية والتعليم والكتابة والخطابة والاجتتماع كافية لأن 5 
فيها ونكون أمة . ."» . 
Rk &‏ ده 

وهكذا شهدنا ذلك الموقف الأصيل للأستاذ الإمام من السلطنة العثانية وتساطها 
على غير الأتراك من الأجناس والقوميات باسم الإسلام وجامعة الملة والدين . كما شهدنا 
تلك المواقف التى اضطرته إلى إعلان ما يخالف موقفه هذا الأصيل .. ولقد كان 
ضرورياً في دراسة نقدم يبا لأعماله الكاملة أن نعرض الصورة المتكاملة لموقفه هذا » وأن 
نتناول ما تناقض من جوانبه » مفسرين ذلك التناقض بواسطة الظروف واللابسات 
الني أحاطت به ودعت إليه وصنعته » لأن هذه هي ميزة الدراسة التي لا تتوفر | إلا على 
ضوء الأعمال الكاملة للمفكر » والتي تبرأ من عيب النظرة وحيدة الجانب التي تأتي ثمرة 
للاعتاد على جرء من أعماله دون باقي الأجراء » أو فترة تاريخية من حياته دون باقي 
الفترات » والتي لا يستطيع أصحابها الحل ولا التفسير لما يوجد من تناقض وتضارب 
لدى المفكر الواحد إزاء القضية الواحلة . . كان ذلك ضرورياً بعد أن أتاحت لنا أعمال 
الاستاذ الاومام الكاملة أن نرى موقفه المتكامل من قضية الحامعة الإسلامية وما دار حوها 
من جدل . وما قدم لتفسير شعارها من مفاهيم . 

لقد انطلق الرجل » في هذا الميدان » من فكر يتميز بهذه القسمات : 

© الإسلام دين وشرع . . لكنه لا يعرف «السلطة الدينية» ولا «الكهنوت» . 

© ومكانة العرب في الإسلام » والطابع القومي العربي للإسلام » يجعل للعرب 


(۲۹) المنار ج ۸ء جلد ١‏ ص 040 (آخر شعبان سنة ۱۳۲۸ هھ › ۳ دیسمیر سنة ۱۹١۱‏ م) . 


۱۱۹ 





كأمة مكان الرائد والقائد في إطار الجامعة الإسلامية . . لكن أطاع أوروبا » المتربصة 
بعالم الإسلام > تدعو إلى بذل الجهد لإصلاح السلطنة العثانية » لا إلى هدمها . . 
فهي سلاح سياسي في الصراع ضد الخطر الرئيسي » المتمثل في الزحف الاستعماري 
الأوروبي على بلاد الإسلام eas‏ 

© وإن ما يمثله الإسلام » كرابطة اعتقادية وأدبية وروحية » تجمع كل 
المسلمين » بل وكجنسية لجميع من يتدين به ؛ لا تمنع تأسيس الولايات السياسية على 
أسس قومية ووطنية في إطار هذا المحيط الإسلامي الكبير . 





المسألة الاجتماعية 


[...(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم 
diol. BU‏ سبحانه , أضاف الأموال إلى 
ان مال كل واحد منكم هو مال أمتكم ... وقد أغفل 
أ الئاس هذه الحقوق العامة ... لما فيها من الحياة 
الاشتراكية المعتدلة الشريفة .. .] 





تعمد هبده 


عسي سه ع سس 


\¥\ 


Converted by Tiff Combine 








المسألة الاجناعية 


خلال ثلاثة أشهر (من ديسميز سئة 18919 م حتى 7١‏ فبراير سنة ۱۹۰١‏ م) 
شهدت مصر أكبر وأطول إضراب قام به عمالها ضد الشركات الرأسمالية الاستغلالية - 
التي كان الأجانب يسيطرون على معظمها۔ وهو الاضراب الذي عرف يومئذ 
«باعتصاب» (لفاني السجائر) . . فلقد شارك فيه ما يزيد على "١,٠٠١‏ من العاملين 
بصناعة السجائر » وخاصة في شركة «ماتوسيان) . 

ets‏ الذين يؤرخون لحياة الطبقة العاملة المصرية على أن هذا «الاعتصاب» 
(الاضراب) كان أبرز المعالم التي قادت الطبقة العاملة في طريق التنظيم » فسلكت 
طريق «الجمعيات) (الثقابات) . . ومن ثم تحول هذا التاريخ إلى فجر يؤرخون به ظهور 
النقابات العمالية في بلادنا . 

ولكن الأمر الذي لم يلتفت إليه الدارسون حتى الآن هو أن هذا الإضراب قد هز 
كيان الحياة الاجتماعية المصرية من الأعماق . . فتناولته بالحديث والتحليل والتعليق . . 
لم امتد الحديث إلى أسبابه العميقة والكامنة في طبيعة الظلم الاجتاعي الذي هو من 
طبيعة النظام الرأسالي القائم على «مبدأ الاستفراد صوناه:4:14م1) .. ومن ثم 
طرحت » ولأول مرة في تاريخنا » قضية : صلاحية النظام الرأسإلي لبلادثا » وهل «مبدأ 
الاستفراد» القائم على تقديس حرية «التتجارة والصناعة والعمل» يصلح كطريق لنمو 
وترقية «الأمم الضعيفة» الواقعة تحت سلطان الامتيازات الأجنبية والتأثيرات 
الاستعارية ؟؟. . أم أن هذا المبدأ لا يصلح لنا . . . وان طريقنا يجب أن يكون معتمدا 


١71 





على تدخحل الدولة في الاقتصاد » ومساندة جماهر «العملة» (العمال) - ونبذ مبداً 
الاستفراد القائم على سنة (تنازع البقاء) ؟؟. 


أي أن هذا الإضراب الذي استقبل به العمال المصريون مطلع القرن العشرين › 
ليس حدثاً تؤرخ به نشأة حركتهم النقابية فقط . . وإنما هو حدث هام يجب أن نؤرخ به 
ربط «المسألة الاجتاعية» والظلم الاجتماعي بالنظام الرأسمالي وطبيعته الفردية . وبدء 
التفكير المصري في طريق غير رأسهالىي » تقف فيه السلطة ae‏ إلى جانب 
الجاهير . . . ذلك التفكير الذي بدأ يومئذ ا ا » والذي أصبسح اليوم 
الفلسفة الشعبية - cess‏ الرسمية للمجتمع الذي نعيش فيه . . ولجتمعات أخرى في 
وطن العروبة وعالم الإسلام 


الطلقة الأولى ضد الرأسالية 


فبين| -حاول البعض حصر المناقشة يومئذ حول «الاعتصاب» (الإضراب)» ومدى 
حق العمال فيه .. ونظرت اليه أوساط اجتاعية وفكرية كثيرة باعتباره «بدعة أوروبية» 
انتفلت إلى بلادنا في ركاب العمال الأجانب الذين يعملون في الشركات . . وهاجمته 
لذلك أوساط كثيرة ومتباينة الموقع والهدف . من تيار (المقطم) ‏ الانجليزي - 
(اللواء) ‏ الوطني - إلى (الأهرام) ‏ الذي كان يوازن بين مختلف الاتجاهات ويستفيد من 
جميعها . . . بينها تناوله البعض من هذه الزاوية » وببذا المستوى » نجد أفلاماً واعية قد 
أبصرت أن أصل العلة ومكمن الداء هو في فلسفة النظام الرأسإلي القائمة على مبدأ : 
«دعه يعمل » دعه يمر» .. وهو المبدأ الذي يتستر نحلف واجهة الحرية السياسية 
والقانونية » کي et‏ الحرية فقط للأقوياء > «فالقوي يقوم ويزداد قوة » والضعيف 
يسقط ويزداد الخطاطا وسقوطاً) Jets |S‏ «فرح أنطون) في مجلة (الجامعة) عن هذه 
القضية 3 ذلك التاريخ؟!. 

ولقد عرض فرح أنطون هذه القضية يومئذ لا باعتبارها مسألة مصرية خحاصة 
بمصر أو ببلاد الشرق ٠‏ وإنما عرض ا باعتبارها قضية العصر كله والمجتمع الإنساني 
بأسره » وذلك «. . . أن النزاع القائ م الآن في العالم المتمدن . في أوروبا وأمريكا » إنما 
أصله سبب واحدء وهو : أن التعجارة حرة وكذلك الصناعة والعمل . فالصانع مطلق 


١": 





الحرية في أن يعمل أو أن يعتصب (يضرب) . كما أن صاحب الصناعة أو التجارة مطلق 
الحرية في أن يقبله أو لا يقبله في صناعته وتجارته» . . ثم يمضي فرح أنطون ليحدد دور 
السلطة السياسية '(الحكومة) وكيف أنها تقوم عملياً بخدمة «أصحاب الأعبال» ضد 
«العملة) (العمال) متسترة بقناع «الحرية» هذا . . . فيقول : إنه «إذا قام نزاع بين العملة 
وأصحاب الأعمال لم يكن للحكومة من وظيفة غير (حماية الأشخاص والنظام) ويدخل 
تحت ذلك ثلاثة أمور : 

. حفظ الأمن والنظام في الشوارع إذا وقع من العملة اعتداء‎ - ١ 

؟ ‏ حماية المعامل إذا اعتدى عليها العملة المعتصبون . 

۳ حاية العملة الذين يريدون العمل حين يكون رفاقهم معتصبين . 

وفيا خلا هذا لا تتداخل الحكومة بين أصحاب الأعمال والعمال في شيء » إذ ليس 
ذلك من وظيفتها » كما يقولون » وفرح أنطون يكشف بحديثه هذا زيف أسطورة حياد 
الحكومة بين bevels Sell‏ الأعمال » وذلك عندما يحدد أن عملها لا يخرج عن حماية 
أصحاب الأعمال ومعاملهم (مصانعهم) وعملائهم . حمايتهم من العمال المظلومين 
المضربين . . . ثم يمضي ليقول صراحة : إن وجهة النظر التي ترفض تدخل الحكومة في 
هذه النزاعات » وتعارض «التحكيم) بين الأطراف المتنازعة ». هي وجهة نظر 
أصحاب الأعال » تنطق ا ألسنة الحكام «فالذين يقولون ذلك هم أصحاب الأعيال . 
Lil‏ العمال فيطلبون منها (الحكومة) المداخلة. ولا عجب ففيها مصلحة الضعيف وعلى 
المداخلة وعدم المداخلة تدور الحرب الاجتماعية في كل مكان7») . 

ثم يحضي فرح أنطون إلى ما هو أبعد من هذا فيطرح قضية : عدم صلاحية 
النظام الرأسالي لبلاد ضعيفة كمصر . مثقلة بالامتيازات الأجنبية وما تبعها من سلطان 
وضغوط . . ويقول : ان صلاحية هذا النظام لبعض البلدان القوية المتقدمة لا يعني 
صلاحيته للبلاد الضعيفة - (التي نعبر عنما اليوم بالنامية) ؟!. ‏ فيكتب في (الحامعة) 
يقول: إن حكومة مصر والأمة المصرية تساسان اليوم بذات المبدأ الذي تساس به انكلترا 
نفسها » وهو «مبدأ الاستفراد» » فالقوي يقوم ويزداد قوة » والضعيف يسقط ويزداد 





)١(‏ التامعة ج ؛ أول سبتمس سنة 1995م . باب تذكارات مصر والشام (مقال محمد عبده ورأيه في 
المسألة الاجتاعية) . وهو حكاية لا حدث قبل ست سئوات . 


\¥o 





انحطاطاً وسقوطاً . وهذا ما جعل أحد المستشارين الانكليز السابقين يقول في مقدمة 
كتاب نشر في العام الماضي قولاً في غاية النزاهة والإنصاف , وهو أن الأمة المصرية 
الضعيفة اليوم يجب لترقيتها ترقية حقيقية أن تساس بحكومة (أبوية) » يعني حكومة 
تعتني بالشعب الضعيف اعتناء الأب بأبنائه » وترفعهم اليها بدل تركهم في ضعفهم 
يخبطون خبط عشواء بلا مرشد ولا ا . فالحكومة الاسٹتفرlدqة Individualiste‏ تصلح 
للشعوب القوية القادرة على احتمال | (تنازع البقاء) » فيزداد أفرادها الأقوياء قوة 
تكافىء الخسارة التي تعود على الأمة من زيادة ضعف الضعفاء . ولكنها لا تصلح لسياسة 
الشعوب الضعيفة » epee‏ إذا كانت امتيازات وتأثيرات كالامتيازات الأجنبية 
والتأثيرات الفعالة تجعل القوة والسيادة في غير أيدي أهالي البلاد . .29) , 

وهكذا سجل فرح أنطون بكلءاته هذه أول صفحة في الأدب السياسي والاجتماعي 
بمصر تطرح هذه القضية » قضية النظام الاجتماعي > وفلسفة الرأسالية > على هذا 
المستوى الناضج » وبهذا التفكير العلمي المدروس . 


موقف كرومر من القضية 
وعلامات الاستفهام هذه التي ثارت من حول صلاحية النظام الرأسالي لمصر 
ودللأمم الضعيفة» . . والاعتراضات التي قدمها بعض الكتاب » وني مقدمتهم فرح 
أنطون › لم تقف عند حدود الأوساط الفكرية والصحفية » ولم تكن بحرد ترف فکري 
وقضايا نظرية بعيدة عن مواقع السلطة والحكومة في ذلك الحين . 
فلقد طرحت القضية يومئذ أمام الحكومة . . واضطرت أحداث الإضراب الكبير 
wh‏ قام به «لفافو السجائر» اضطرت اللورد كرومر » عميد الاحتلال الانجليزي 
> إلى أن يدلي برأيه في الموضوع .. وكان ذلك جواباً منه على کتاب رفع إليه 
ص من الحكومة التدخل لإنصاف العمال المضربين من أصحاب الأعمال . . وحماية 
حقوقهم ومصاحهم المشروعة عن طريق زيادة أجورهم وخفض ساعات العمل الطويلة 


الى يعملونها والتي كانت تصل في بعض الشركات إلى أربع عشرة ساعة في اليوم 
الواحد ؟! 





(۲) المصدر السابق ج ۲ في ٠١‏ يوليو سنة 1995م . 


\¥% 





وبالطبع وقف اللورد كرومر ضد تدخل الدولة في هذا النزاع » ورفض القيام بأي 
لون من ألوان التحكيم بين طرفي النزاع » بحجة أن التحكيم لا يجوز إلا بناء على رضى 
الطرفين وطلبها . ولا کان أصحاب الأعيال ضد هذاالمبدا فلا يجوز للحكومة الدخول 
ولا التدخل في هذا الموضوع . 
ويكتب فرح أنطون ليسجل هذه الواقعة الهامة » وليفضح منطقها وفلسفتها » 
فيقول : انه «لما وقع اعتصاب عملة السكائر في مصر . وكاد الاعتصاب Atl JA‏ 
> أجاب اللورد كرومر » وكيل انجلترا السياسي في مصر »على كتاب سئل فيه 
الحكومة لا وظيفة ها سوى حاية حرية الصناعة » وحرية العمل » وحفظ 
لا إذا اتفق الفريقان المختلفان على تحكيمها» . . . ويمضي فرح أنطون ليفضح 
منطق هذا یول : «ولكن أصحاب الأعمال لا يحبون هذا التحكيم 6 لأنهم 
يعت رونه مداحلة في شو هم ومصا هم الخصوصية"» . . . وهوبذلك يضع النقط على 
الحروف » ويقدم منطق كرومر باعتباره منطق السلطة الملتزمة بفلسفة النظام الرأسمالي 
المعادي لمصالح جماهير الشعب المصري في ذلك الحين . 


البحث عن وسائل المقاومة 


ولكن المعركة لا تنتهي بموقف اللورد كرومر هذا , والقضية الفكرية التي أثارها 
الظلم الاجتماعي الواقع على العال لم تتراجع بموقف الحكومة ضد التحكيم وإنصاف 
العال . . فيمضي فرح أنطون ليتلمس الأسانيد الفكرية التي تعارض فلسفة الرأسمالية 
هذه ويبحث عن المواقف والنصوص التي علها أن تكون في تراث هذه الأمة › والي 
تنتصر لمبداً التحكيم » وتدخل الدولة والحكومة لإنصاف الطرف الضعيف والمظلوم من 
طرفي الصراع والنزاع 

ولقد تصادف في ذلك التاريخ أن حدث إضراب من عمال أحد المواني بالجزائر - 
المحتلة من قبل فرنسا ‏ وأحذت الصحافة الفرنسية في الحديث عن نفس القضية ‏ قضية 
النظام الرأسمإلي وفلسفته » ومشروعية تدخل الدولة للتحكيم وإنصاف العمال » حتى 
وإن رفض ذلك أصحاب الآعمال . ووقعت في يد فرح أنطون مقالة لأحد الاقتصاديين 





(*) المصدر السابق . ج؛ في أول سبتمير سئة 1155 م . 


\¥V 





الفرنسيين الذين يروك ضرورة تدخل الدولة » وفيها يستدل بأن «الشريعة الإسلامية قد 
حلت هذه المشكلة حلل يا فإنها توجب على الحكومة المداخلة بين أصحاب الأعمال 
والعمال والتحكيم بينهه . . 

وتأكد فرح أنطون من ل به أن يعارض فلسفة 
النظام الرأسمالي القائمة على «الحرية» » التي تحولت d‏ التطبيق والواقع إلى سلاح في 
أيدي الأقوياء وحدهم ضد جاهير الضعفاء ‏ خصوصاً م تستطيع 
فيه آراء إسلامية كهذه أن تكون سلاحاً فعالاً بيد الذين يناضلون ضد الرأسالية 
ويطلبون للتقدم والرقي la, ,b‏ غير رأسمالي في التنمية والاقتصاد . . وكتب فرح أنطون 
لقا على قول الاقتصادي الفرسي هذا يقول : «إنه إذا كان ذلك القول ميد ييا 
وكانت أوروبا تطلب اليوم «إيجاب التحكيم» بين الفريقين » حلا للمسألة الاجتماعية » 
فإنه يحق للشريعة الاسلامية أن تفتخر بأما تقدمت أوروبا بهذا الحل المعقول . .“» . 

ولكن فرح أنطون لم يكن يستطيع أن يتقدم | لى المجتمع المصري المسلم بحديث 
الاقتصادي الفرنساوي » باعتباره رأي الإسلام » ففي مصر علماء للدين » ومفتي الديار 
المصرية يومئذ هو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده » وكل الأوساط الإسلامية كانت قد 
أحمعت يومئذ على أنه أحد الأئمة المجتهدين .. فلا بد إذاً من أن يتقدم إليه فرح 
أنطون فيسأله رأي الإسلام في هذا cee‏ خصوصاً وأن فرح أنطون قد اجتهد في 
البحث عن الأسانيد الإسلامية التي استند اليها الاقتصادي الفرنسي في تقريره لهذا 
fad‏ ففشل › E‏ الشيخ محمد عبده قائ ال 
التي لدينا ء ولم تد إلى أثر هذا المبدأ ء بعثنا نستفتي الأستاذ المفتي فيه . . ٠.‏ 
فتوى الأستاذ الإمام 

وعندما وصل خطاب فرح أنطون إلى الأستاذ الإمام » كانت تحيط بهذا ABA‏ 
ومبذا الاستفتاء ظروف وملابسات تجعل منه قضية ذات أهمية خاصة » وعلى جانب كبير 
من الحساسية » وتكتنفها المخاطر والأشواك من مختلف الجحهات . 

فلقد كان للأستاذ الإمام خصوم يتلمسون إدلاءه ببعض الآراء الجريئة والعصرية 





. المصدر السابق » نفس الحزء‎ )٤( 


1۸ 





كي يشنوا ضده الحملات ويلقوا عليه الاتهامات و dy‏ يكن هؤلاء الخصوم يتورعون 
حى عن التحالف مع «الشيطان» ضد الأستاذ الإمام ؟! ويكفي أن نعلم أن أكثر مشايخ 
الأزهر محافظة وتعصبا قد ذهبوا إلى فرح أنطون يوم حدثت بينه وبين الشيخ محمد عبده 
مناظرة حول «ابن رشد وفلسفته» وحول موقف كل من الوإسلام والمسيحية من حرية 
البحث العلمي والعلماء » ذهبوا إلى فرح أنطون يعرضون تأيبده ضد المفتي » رغم أن 
المفتي كان ينتصر للإسلام » وأن فرح أنطون كان يرى أن المسيحية أوسع صدرا من 
الإسلام بالنسبة للعلم والعلماء ؟! 

ولقد كان اللورد كرومر قد أدلى برأيه في القضبة التي يستفتي فيها فرح أنطون - 
ومن ثم فإن الادلاء برأي يناقض رأي كرومر قد يكون فرصة لخصوم الإمام كي يوقعوا 
بينهه| في وقت كان الإمام - لأسباب كثيرة ‏ يستثمر وفاقه مع كرومر ضد خصومه 
الكثيرين » وفي سبيل آمال في الإصلاح اعتقد أن تحقيقها رهن بهذا الوفاق . 

كا كان مجيء هذا الاستفتاء من فرح أنطون مدعاة أخرى لحذر الأستاذ الإمام , 
فبينبا ما يشيه الحفوة والة 75 لقطبعة منذ المناظرة التي دارت حول ابن رشك وذ فلسفته وقضية 
الاضطهاد في النصرانية والإسلام . 

كا أن حساسية هذه القضية وأهميتها كانت داعية لأن بحسب gall‏ ألف حساب 
قبل الإدلاء فيها برأي يغضب الأغلياء . . 


ولكن جميع هذه الأسباب لم تجعل الأستاذ الإمام يتأخر عن الإدلاء برأيه في 
القضية . . قضية رأي الإسلام في مشروعية تدخل الدولة في الاقتصاد » والتحكيم بين 
العمال وأصحاب الأعمال . . . فبعث إلى فرح أنطون بفتواه التي تعد أول فتوى إسلامية 
تقرر أن روح الإسلام ضد الفلسفة الفردية التي يقوم عليها النظام الرأسالي » وأن روح 
هذا الدين توجب على الحكومة التدخحل في الشئون الاقتصادية لمصلحة جماهير 
المحكومين » سواء أكان ذلك بإقامة الصناعات وإدارتها . أم بتحديد أسعار السلع 
التجارية » أم بإنصاف lel‏ عن طريق رفع أجورهم . أو تقليل ساعات عملهم » أو 
بالأمرين جميعا ؟!.. وحول هذه القضايا الحامة تقول كلمات الأستاذ الإمام في فتواه : 
إنه «يوجد في أصول الأحكام الإسلامية : 


أن القيام بالصناعات من فروض الكفاية » أي يجب على الأمة أن يكون منها من 


\¥4 





يقوم بالصناعات الضرورية لقوام المعيشة . أو للدفاع عن حوزتها . فإذا تعطلت 

الصناعات وجب على القائم بأمر الأمة أن يتخذ السبيل إلى إقامتها با يرفع الضرورة 
والحرج عن الناس . 

وكذلك إذا تحكم باعة الأقوات ورفعوا ثانا إلى حد فاحش وجب على الحاكم » 
في كثير من المذاهب الإسلامية » أن يضع حداً للأثان التي تباع بها . وهكذا يدخل 
الحاكم في شؤون الخاصة وأعالهم إذا حشي الضرر الحام في شيء من تصرفهم . 

فإذا اعتصب العال في بلد » وأضربوا عن الاشتغال في عمل تكون ثمرته من 
ضروريات المعيشة فيه » وكان ترك العمل يفضي إلى شمول الضرر , كان للحاكم أن 
يدخل في الأمرء وينظر بما خوله من رعاية المصالح العامة » فإذا وجد الحق في جانب 
Shel‏ وان ما يكلفون به من قبل أرباب الأموال مما لا يستطاع عادة . ألزم أرباب 
الأموال بالرفق » سواء كان بالزيادة في الأجر أو النقص في مدة العمل » أو بها 
جيعاً . . .° . 

a F%F 


ولقد أدركت جميع أطراف الصراع يومئذ أهمية هذه الفتوى وخطورتها » خصوصاً 
وأا قد جاءت مرتبطة بقضية اجتماعية مثارة بسبب الإضراب الشهير والكبير والطويل 
الذي قام به «لفافو السجائر» في مصر يومئل . . . فهي إذاً fy cae‏ نظرياً مجرداً « Lely‏ 
هي موقف من الصراع الاجتتاعي انحاز فيه الأستاذ الإمام ‏ مع الإسلام ‏ إلى جانب 
العهال ضد أصحاب الأعبال » وانتصر فيه لمبدأ التحكيم » وتدخل الدولة في الصناعة 
والتجارة » وتقليل ساعات العمل ورفع الأجور . . كا أنه كان إعلاناً صريحاً بأن Gall‏ 
يقف الموقف الذي يرى فيه التحقيق العصري المستنير لبادىء الإسلام »> حتى ولو 
أغضب ذلك وعارض رأي وموقف كرومر عميد الاحتلال الانجليزي بمصر في ذلك 
ee‏ 

ويكتب فرح أنطون ليلفت النظر إلى أهمية هذه الفتوى فيقول : «فأنت ترى أهمية 
هذا القول وعطارته ع خصوصاً ما جاء فينه عن كم الحاكم بالزيادة في Ce‏ 





(5) انظر في هذا الجزء : (تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية) . 


١ 





والنقص في مدة العمل » وهذا القول مناقض كل الناقضة لبدأ اللورد كرومر . . . 
وقريب من Fadl‏ الذي أشار إليه الاقتصادي الفرنسوي . وعلى ذلك كان في مصر 
سلطتان متجاورتان متناقضتان : السلطة المدنية التي تنادي بفم اللورد كرومر بدا 
118115 والسلطة الدينية الي تنادي بمبدأ التعاون ...2 . 

كما يذكر فرح أنطون أن بعض خصوم الأستاذ الإمام قد حاول إثارة معركة فكرية 
ضده بسبب هذه الفتوى » وأن أحد شیوخ العلم الذين يترددون على الأزهر ويحررون 
الجرائد كتب مقالة أولى في إحدى الجرائد السورية اليومية «معلنا أنه سيشن حملة للرد 
على الأستاذ الإمام ... ولكن صاحب الجريدة قد تدارك الأمر فأوقف الجحدل في هذا 
الموضوع ... و«سد هذا الباب» . 

x oo  & 

ونحن عندما نقدم هذه الصفحات المشرفة من تاريخ نضال أمتنا وفكرها المتقدم 
على طريق العدالة الاجتماعية » قد تبدو هذه الكليات والمواقف لبعض المعاصرين أقل 
من حجمها الحقيقي » غير أن ربطها بعصرها وظروفها وملابساتها يجعل منہا منارات 
عكست في حياتنا الفكرية والنضالية أضواء شديدة التوهج واللمعان » وذلك عندما 
ad wd‏ عصرها المتخلفة . وقوانينه البالية » ومؤسساته الظالمة » ورسمت للفكر 
والعمل طريق المستقبل على درب العدالة وتحرير الإنسان . ويكفي أن نعلم أن نضال 
العمال قد استمر في سبيل مبدأ «التحكيم» حتى انتصر في قرار مجلس الوزراء الذي صدر 
في 18 أغسطس سنة ١919‏ بانشاء (لحنة التوفيق) بين العمال وأصحاب الأعيال2© , . 
oly‏ نضال شعبنا قد استمر في سبيل تدخل الدولة في الاقتصاد لمصلحة اللماهير العريضة 
عن Lie pat!‏ اليد تطبيقيا ونظريا : وأصبح عقيدة للدولة وفلسفة للمجتمع منذ سنة 
١5م sive‏ 


اغنياء . . وثقراء . . ولكن , . 
فهذه الفتوى الاجتاعية البالغة الأهمية » التي حدد فيها الأستاذ الإمام موقف 


۰ المصدر السابق : ج٤ في أول سبتمير سلة م‎ )١( 
. ٠١١ 216١ انظر مجلة (الطليعة) عدد مايو سنة 1456 م ص‎ )7( 


۱۳۱ 





الإسلام من المسألة الاجتماعية والصراع الاجتماعي عندما احتدم بمصر في مطلع هذا 
القرن وأثاره أو فجره صراع الطبقة العاملة المصرية وإضراها الكبير . . . هذه الفتوى, 
تلفت الأنظار إلى أهمية البحث عن الموقف الاجتاعي المتكامل للأستاة الإمام » وتشير 
إلى ضرورة ببحث هذه الصفحة من صفحات فكر الرجل » وهي صفحة لم تبحث ولم 
تجل حتى الآن . على كثرة ما كتب عنه من بحوث ودراسات وما صدر حول فكره من 
كتب للعامة والخاصة » وما قدم حول آرائه ومواقفه من رسائل في عدد كبير من 
الجامعات بعدد كبر من البلاد . 

والموقف المتقدم الذي اتخذه الأستاذ الإمام في هذه الفتوى من «المسألة 
الاجتاعية» . وانحيازه ‏ ومعه الإسلام ‏ إلى صف العاملين ضد الرأسالية 
والرأساليين » لا يصح أن يقودنا إلى المبالغة في موقع الرجل الفكري . فنحمله ما لا 
يحتمل » وننسب إليه أكثر ثما آمن به في هذا المقام . فالرجل لم يكن اشتراكياً بمقاييس 
عصرنا الراهن عن الاشتراكية . كما ان الكثير من مفاهيمنا عن الطبقات وصراعاتها , 
وقوانين هذه الصراعات › لم تكن في حسبانه ولا في عقله عندما كان يفكر ويصدر 
آراءه وفتاويه . لأن هذه المفاهيم لم تكن قد ا ستقرت ولا اند نتشرت في المجتمع الذي 
عاش فيه . . . ولكنه في ذات الوقت لم يكن بعيداً عن أصول القضية وجذورها 
والأسباب التي تدفع با إلى الظهور » ولم يكن (aut {yay‏ عن الموقف الاجتماعى 
الواضح والمحدد من هذه الأسباب والجذور... فعا هي إذن أبعاد هذا ارقف 


الاجتماعي الذي وقفه الرجل ؟؟.. وما هي حو فكره الاجتماعي عل وجه 
التحديد ؟؟ 


عندما فتح الرجل عينيه على حياة مصر الاجتماعية أبصر الواقع الذي قسم شعبها 
إلى : أغنياء , وفشراء ‏ وكان يعتقد يومئذ أن واجبات العمل القومي ملقاة على عاتق 
الأغنياء دون الفقراء ‘ oy‏ هؤلاء الأغنياء هم «(أصحاب المصالح الحقيقية) ف البلاد 3 
ومن ثم pole il os‏ يرمي مهأ الأجنبي هذه البلاد إنما يضار منها الأغنياء 0( أما الفقراء 
فليس لديهم ما يفقدونه d‏ هذا الصراع القومي الناشب بان المصريين وبين الأجانب 
الطامعين . . أي أنه لم يكن من أنصار اعتبار الأغنياء «أصحاب المصالح الحقيقية) في 
مصر » هدف تقرير هذه الحقيقة توطئة لاستئثار هؤلاء الأغنياء ببخرات هذه البلاد » 


۳۲ 





الناشب ضد الأجانب في ذلك الحين .. وإن كنا نعترف بأن هذا الجانب الايجابي من 
فكر الرجل وموقفه قد اقترن ‏ وكان لا بد له أن يقترن بسلبية هامة تمثلت في ضعف 
إيمانه بالجماهير الفقيرة » وقلة ثقته فيها يمكن أن تصنعه هذه الماهير في أحداث هذا 
الصراع مع الطامعين في البلاد . . . وهو يكتب حول هذا الموقف في المرحلة الأولى من 
حياته فيقول : إنه «يوجد كثير من ذوي الثروة واليسار » وهم المتمتعون بخير البلاد » 
وهم الذين ينبغي أن يطلبوا لها رفعة الشأن ومنعة الجحانب , لأن الأعين الغادرة محملقة 
إليهم » طالبة انتزاع ما بأيديهيم ؛ وإن تسلط الدخلاء عليها » وتلاعب الأيدي المتغلبة 
Lay gals‏ ¢ يضر بأولئك الأغنياء أولّ وبالذات » ولا يضر غيرهم من الفقراء إلا ثانياً 
وبالعرض » بل رما لا يصل الضرر إلى الفقراء الذين هم صنف العملة والصناع 
أصلا » فإن الأنظار لا ترمق إلا ذوي الاعتبار » فهم منتهى الأطاع» . 
ثم يمضي الأستاذ الومام Cid‏ على تقييمه هذا تلك الواجبات التي دعا الأغنياء 
للبوض بها إزاء العلم والتعليم » إذ هما السلاح الذي يحاربنا به الأعداء » والذي لا بد 
من التسلح به كي تصد مصر عن نفسها ومصالحها هذا الحجوم . فيتحدث إلى 
الأغنياء » ويتحدث عن واجباتهم » فيقول : إن «الأمة ذات البسطة في الأفكار والمهارة 
في المعارف هي الأقوى سلطانا والأقوم سياسة » وهي الغالبة على سواها من الأمم . . 


ألم يقفوا على الأسباب الى أعدها غيرنا . . . ثم اندفع إلينا لا ندري ماذا يريد أن 
يصنع بنا ؟!. . . أفلا يفقهون أنهم إن لم يكونوا نصراء لجيش العلم أصبحوا على شفا 
(OLE bd}‏ 


ولكن إقرار الأستاذ الإمام بهذا الواقع الاجتماعي الذي قسم المجتمع إلى 
وفقراء » لا يعني رضاءة عن هذا الواقع › ومن ثم لا يعني دعوته إلى شاء هذا af‏ 
كان فون get‏ . فهو أولاً قد اتخذ موقفاً واضنح | العداء للنظام الطبقي الورائي . الذي 
يصبح فيه الإنسان غنياً لأنه ورث الغنى , Biya Bish‏ الفقر » وتحدث عن البلاد 
التي اتخذ فيها النظام الطبقي شكلا ثابتا ارتبط بالوراثة والنسب والسلالات » فأنتقد 
ET‏ عندما قال : إنه «في كثير من البلاد التي لا عناية ها بشأن 
الفضائل . . . لا ينزل الواحد فيها منازل الشرف ! إلا إذا كانت له من أبيه أو من متبوعه 





. انظر في الجزء الثالث من هذه الأعمال : مقال (ما هو الفقر الحقيقي في البلاد)‎ (A) 


۳۴۳ 





جهة الشرف » ثم إن صاحب ال جاه والشأن الرفيع لا يسقط من مقامه . فإن جاهه هو 
الحافظ له » وشأنه هو الذي يقدم أبناءه وحواشيه إلى مثل مقامه » وإن كان فاقدا لكل 
فضيلة , وخالياً من كل صفة إنسانية » فتكون الطبقات في مثل هذه البلاد على الدوام 
ثابتة أفرادها على حال واحد في أزمنة كثيرة ع فالفقراء يبقون على فقرهم , والاغنياء 
يدومون على غناهم » وقليل أن يصير الفقير غنيًا » ويلزم لذلك تمكن الاستبداد 
والظلم في نفوس الطبقات العليا » وثبوت جرثومة العبودية والذل في قلوب الطبقات 
السفل . ade fe de‏ البلؤة قل ينال يعن اممنتضغفين ell abel‏ ومن لا شان لم 
رفعة شأن أو علو مقام ¢ ولكن لا من أسبابه الطبيعية . . بل بوسائل التذلل والمداجاة 
وإظهار العبودية لمن فوقه > ولزوم أعتاہم » أو بأن ينتصب لحلب منافعهم الخاصة , 
فإذا دام على دل ارما رقوا له » وأخذوا بيده » فدرجوه في مراقي sing (low id‏ 
سلم » حتی يلحق بهم . ويعد في حاشيتهم » فيشرف بمثل شرفهم » فبهذه الوسائل 
تنحرف القلوب ... وتنعدم الرغبات في الفضائل . .2)0) . 

وهذا الموقف الذي وقفه الرجل ضد النظام الطبقي الثابت والمتوارث » مئذ فجر 
عمره قد ظل وفيا له محافظأ عليه طوال حياته » فعندما شرع في كتابة بعض الفصول في 
«ترحته الذاتية» في سني حياته الأحرة » وتحدث عن «اللسب» ودوره في توريث 
الفضائل قال : «إن النسب وحده ليس بالشيء » يرفع ويخفض . ولكن المعول عليه , 
وما يصح أن يرجع الكرم | ليدع ا هو ما يكن ها ال تة ilgili‏ ذلك تسيا 
عاليا يي تالدا كان أبلغ في الشرف وأعرق في الكرم » وإلا فلن يبخس العامل 

عمله » ولن يحرم أولئك الذين فاض عليهم الفضل الإلمي فرفع أنفسهم عا کان 
وضعهم آباؤهم » « فجعلهم بذاتهم أصولاً للكرم E‏ » بما أودع فيهم من 
الغرائز الفاضلة » ووفقهم للأعمال الصالحة »> فمنهم يبتدىء الحسب » وإليهم في 
القرون المستقبلة يرجع النسب” CO‏ 

فموقف الأستاذ الإمام هذا من النظام الطبقي الوراثي . وهو الموقف الشديد 
العداء لهذا النظام » يقودنا ويفضي بنا إلى معرفة سببه » الذي يتمثل في إيمان الرجل 





(4) انظر في هذا الجزء (نيل المعالي بالفضيلة) . 
)٠١(‏ انظر في الجزء الثاني : (سيرتي) . 


١ 





بالعمل » باعتباره القيمة الحقيقية التي تمنح هذه الحياة لذاتها الوحيدة والأصيلة . ٠‏ فهو 
يقول : ان «من لا يذوق لذة العمل الاختياري لا يذوق لذة الراحة الحقيقية › ON‏ 
تعالى لا يضح الراحة في غير العمل» » ويتحدث عن بطالة الأغنياء › = of)‏ حب 
الراحة يوقعهم في تعب لا نهاية له » وهو تعب البطالة والكسل » أو العمل 
الاضطراري .. .''» . 

وهذا الموقف يقودنا إلى حقيقة أخرى هامة في فكر الرجل الاجتماعي » ونظرته إلى 
عدالة هذا الانقسام الذي جعل بعض المجتمع أغنياء وأغلبيته فقراء » ورأيه في ثبات 
هذا الانقسام وجدارته بالبقاء . . . فهو يوافق على أن فقر الفقير يجري على سنة من سنن 
الله في المجتمعات بمعنى أن هذا الفقر له أسبابه المادية في سلوك الئاس وظروف حياتهم 
ونظم مجتمعاتهم » وبالمئل غنى الأغنياء . . وني ذات الوقت يرفض أن يكون الفقر 
ally‏ هن سن alll‏ = - فهي أوضاع اجتاعية تجري على coe‏ وليست في ذاتها سنن 
وقوانين دائمة الثبات والبقاء - وفرق كبر بين الأمرين » كا هو واضصح للمتأمل في هذا 
الموضوع - = ومن ثم فإن تغيبر هذه الأوضاع الطبقية والأحوال الاجتاعية رهن oth‏ 
على سنن أخرى ألفع وأصلح ٠‏ وهي أيضاً من سئن الله . . . وني ذلك يقول الأستاذ 
الإمام : و... وللفقر أسباب كثيرة » منها : الضعف والعجز عن الكسب » وما 
إخفاق السعي » ومنها البطالة والكسل » ومنها الجهل بالطرق الموصلة .. الخ . 
الخ . . والأغنياء متمكنون من إزالة بعض هذه الأسباب أو تدارك ضررها وإضعاف 
أثرها » كإزالة البطالة بإحداث أعمال ومصالح للفقراء » وإزالة الجهل بالإنفاق على 
التعليم والتربية . . . وإذا كان فقر الفقير ! إغا هو بالجري على سنة من سنن الله فازالة 
فقره أو مساعدته عليه أو فيه إغا بجري على سنة من سئنه تعالى أيضاً . ؛ كما أن غنى الغني 
(OOS‏ © 


فهو يعترف بانقسام المجتمعات إلى : أغنياء وفقراء » ويرفض أن يكون التوارث 


مبرراً يضفي الشرعية على هذا الانقسام , » كما يرفض أن يكون هذا الانقسام سنة ثابتة 
الدوام والأبدية من سئن الله 3 المجتمعات » ويرجع هذا الانقسام إلى أسباب مادية 





)11( انظر تفسير آية البقرة “il 3 (TY)‏ الرابع من هذه الأعال . 
(۱۲) تفسبر آية البقرة )١44(‏ » انظره في الجزء الرابع من هذه الأعيال . 


o 


| 





وبشرية » وأهم من ذلك يعتبر تغيير هذه الأوضاع جرياً على سنن الله أيضاً ني هذ 
المجتمعات . . . وهناك نصوص كثيرة عند الأستاذ االإمام تقطع بأن هذا pel‏ الذي 
كان يؤمل فيه إنما كان تغييراً لمصلحة الفقراء » وليس لمصلحة الأغنياء » فهو عندما يزور 
جزيرة «صقلية» ويشهد آثار ملوكها d‏ العصور الوسطى » يتحدث عن أحد هذه 
الآثار » وهو قصر الملك الذي قام بقوت وعمل الفقراء » يكتب متعاطفاً مع الفقراء » 
فيقول : إن هذا ا ا ا و و أوروبا أو في غيرها 
من البلاد الشرقية والعربية » ما تا تلفق فيه الأموال بحساب . وبغير حساب » ولا شيء 
منها من كد الملك أو الأمير » وإنغا هي من أموال الرعية وكسب الحفاة العراة » الذين لا 
بجدون ما به يستترون » ويشتهون لو Gal‏ على جدران أبدانهم وأركان أجسادهم جزء 
من المليون مما أنفق على حيطان تلك القصور وزواياها وسقوفها..؟!..239) وهو 
يقدم صورة منفرة لحياة البطالة والتعفن call‏ يحياها الأثرياء المتبطلون في المجتمع . 
فيقول : إن الناس يحسبون خطأ «أهم مغبوطون سعداء بلذات الدنيا وشهواتها , 
فيكون هذا الحسبان من آلاث الفساد . . ولو سيروا أغوارهم » وبلوا أخبارهم » 
لأدركوا أن ما هم فيه من ظلمة النفس وضيق العطن وفساد الأخلاق ينغص عليهم أكثر 
لذاتهم » ويقذف بهم إلى الإفراط الذي يولد الأمراض الجسدية والنفسية » ويثير في 
نفوسهم كوامن الوساوس » ويجعل عقوهم كالكرة تتقاذفها صواحة الأوهام > وأن حب 
الراحة يوقعهم في تعب لا نهاية له . وهو تعب البطالة والكسل أو العمل 
(OD eo yl plane YI‏ 


بل إن الأستاذ الإمام يعتبر أن هذا الانقسام الذي حدث في المجتمع › » فجعل قلة 

منه أغنياء » وأوقع أغلبيته في الفقر الشديد » يعتير ذلك انحرافا عن «سنة الفطرة» تچب 
حاربته » ويتحتم تقويمه » وعندما يكتب إلى الفيلسوف الروسي «تولستوي» THE ٠‏ 
فکره الاجتاعي » ويقول له : إنك قد «شعرت بالشقاء الذي نزل بالناس كا انحرفوا 
عن سنة الفطرة . . . pale alle Bag eins OW [Ss‏ كان مدداً من عنايته 


للضعفاء والفقراء . . .) ؟! 


. انظر في الجزء الثاني (رحلة إلى صقلية)‎ CY) 
. البقرة (71) انظره في الجزء الرايع من هذه الأعمال‎ AT تفسير‎ )١5( 


۱۳۹ 





فكره الاجتماعي 

ونحن إذا شئنا الانتقال من هذا الموقف الاجتاعي العام الذي وقف به وفيه 
الأسثاذ الإمام موقف المتعاطف مع الفقراء » المناصر للعمل الاختياري > والمعادي 
لأسلوب حياة الاغنياء المتبطلين ولنظام الطبقات المتوارث . . . إذا شئنا تجاوز هذا 
الموقف الاجتماعي العام طلباً لتصوره المحدد لما يجب أن يزول من هذا الواقع الاجتماعي 
وما يجب أن يكون . . فإننا نستطيع أن نلتقي » من خلال نصوصه » بعدد من الأفكار 
الهامة والمحددة . . وذلك مثل : 
أ إيمانه بالتكافل بين الأمة » وضرورة «الحاعية» لحياة الإنسان . 
ب - اعتباره أن الظلم الاقتصادي هو أشد أنواع الظلم الذي يقع على الإنسان من Aol‏ 

الإنسان . 
ج - تنبيهه إلى المخاطر التي تحدق بالمجتمعات من جراء تحكم سلطان رأس المال فيها . 
د _ تحديده لا يجب على الاثرياء في مجال الإنفاق العام » ونظرته لطبيعة الملكية » وموقفه 

من الاشتراكية وعلاقتها بالإسلام . 

وهي أفكارومواقف حدد بها الأستاذ الإمام تصوره للسلبيات التى يجب القضاء 
عليها » والإيجابيات التي يجب العمل لإقامتها وتثبيتها في حياة الناس الاجتماعية منذ ما 
يقرب من قرن من الزمان . 


التكافل . . والجاعية 

والأستاذ الإمام يعبر بموقفه من هذه القضية عن رفضه للفلسفة الفردية المغرقة في 
فرديتها وينحاز إلى نوع من «الجماعية) يرى به المجتمع جسدا واحدا شديد الترابط 
والتأثير . . فهو يعتبر أن طلب «النفع الخاص» لا يجب أن يكون على حساب «النفع 
العام fb‏ يجب أن يكون من طريق تحقيق «النفع العام» » ويعتير أن هذا المبدأ هو 
المحور الذي يجب أن يدور من حوله موقف الإنسان » بل يعتبره جوهر الفضائل 
المرغوب فيها . فالفضائل «... هي الفضائل التي دونت لما كتب العلماء والحكماء » 
وأثبتها الصديقون والسياسيون في مؤلفاتهم » ويجمعها طلب النفع الخاص من طريق 
لمنفعة العامة » أي الوقوف في السعي لكسب المعيشة عند حد ما ينفع الجمعية المعنونة 


\¥V 





باس واحد » كمصر أو الشام أو CAS ph‏ أو ينفع لعموم نوع الإنسان ولا يجلب 
ضرراً على أحد من المجتمعين , لا في العاجل ولا في الآجل . إلا أن يتوقف عليه نفع 


e يعم‎ 


وهو يعتبر المزايا الاقتصادية والاجتاعبة التي تعود على الإنسان ثمرة للجهد 
الجماعي للجاعة البشرية التي بنتسب إليها » وليست ثمرة لجهده ه الذاتي والفردي فقط 6 
ذلك «ان الإنسان إنما يكتسب المال من الناس بحذقه وعمله معهم , > فهو لم يكن Lb‏ 
إلا بهم ومعهم . فإذا عجز بعضهم عن الكسب لآفة في فكره ونفسه أو علة في بدنه ء 
فيجب على الآخرين الأخذ بيده وأن يكونوا عوناً له » حفظاً للمجموع الذي ترتبط 
مصالح بعضه بمصالح البعض الآخر ...023590 , 


وهو لا يقصر ذلك الأمر على محال الكسب الاقتصادي والمالي فقط . بل يراه 
قانون الكسب في كل مجالات الحياة ومناحيها , ذلك أن «الإنسان عامل بالطبع» فإنه ما 
دامت له حياة فهو في حاجة إلى تقويها » ولا حيص له عن أن يعمل لنفسه ولغيره › 
فإنه لا يستقل بما يكفي لحفظ بقائه , ولا بد له من الاستعانة بغيره » ولن يعينه الغير 
حتى يرى من عمله ما يعود عليه بمنفعة ما | AOD,‏ 


الونوف ضد الظلم الاقتصادي 
GS V LLU del Ll abel okay‏ ¢ وللمزايا التي يحققها الفرد من خلال 
المجموع » والإيمان بضرورة تكافل الأمة » بل المجتمع الإنساني عامة » قد قادت 
الأستاذ الإمام إلى موقف شديد الحسم والوضح ضد الظلم الاجتاعي الناشىء عن 
المظالم الاقتصادية والمالية التي يوقعها الإنسان بأخيه الإنسان » بل لقد اعتبر هذا النوع 
00 أشد أنواع الظلم التي تنزل بالإنسان » وذلك لارتباطه بسلطان الال الذي 
اعتيره أشد ألوان السلطان استحواذاً على فكر الإنسان الذي يقع فريسة له » حتى لقد 


. انظر في هذا الجزء : (نيل المعالي بالفضيلة)‎ )١5( 
. انظر في الجزء الرابع من هذه الأعمال‎ )٤١( تفسير آية البقرة‎ )١١( 
. انظر في الحزء الثالث من هذه الأعمال موضوع (تعليم أولاد الفقراء)‎ )١1( 


۳۸ 





قطع بأن الإنسان لا يمكن أن يجمع في قلب واحد بين تعلقه بالله وتعلقه الشديد 
بالمال ؟! . . . فهو يقول عن مكان هذا اللون من الظلم بين الألوان الأخرى : انكم «لو 
وزنتم جميع أنواع الظلم الذي يصدر من الإنسان لوجدتم أرجحها ظلم الباخل بفضل 
ماله على ملهوف يغيثه ومضطر يكشف ضرورته » أو على المصالح العامة التي تقي أمته 
مصارع اللكات . أو ترفعها على غيرها درجات , أو تسد الخروق التي حدثت Ge‏ بناء 
الدين » أو تزيل السدود والعقبات من طريق المسلمين . فإن هذا النوع من الظلم هو 
الذي لا يعذر صاحبه بوجه من وجوه العذر التي يتعلل بها سواه من ظالمي 
أنفسهم . . ( ۰ 

وهو يتحدث كيف أن سلطان المال يبلغ من القوة إلى الحد الذي يتربع فيه بقلب 
الإنسان بدلا من الإان بالله › وأن الأغنياء الذين يحبون أموالهم إلى الحد الذي 
سو اجر ليا الف حا ير ع ا ا 
المجاز ؟! فيقول : إنك «ترى كثيرا من أغنياء المسلمين عارفين بما عليه أمتهم من الجهل 
بأمور الدين » ومصالح الدنيا » وفساد الأحلاق » وتقطع الروابط وتراخي الأواخي › 
وما نشأ عن ذلك من هضم حقوقها وانتزاع منافعها من أيدي أبنائها . ويعلمون أن 
صلاحهم يتوقف على بذل شيء من أموالهم ينفق في التربية والتعليم ونحوهما من المنافع 
العامة » ثم هم يدعون إلى بذل قليل من كثير ما خزنوه في صناديق الحديد وما ينفقونه في 
شهواتهم ولذاتهم وتأييد أهوائهم وحظوظهم فيبخلون بذلك ويرونه مغرما ثقيلا » ولا 
يحفلون بوعد alll‏ للمنفقين في سبيله ولا وعيده للباخلين بفضله . وأمثال هؤلاء لا 
يستحقون أن يكونوا من المسلمين > لأنه لا يوجد في نفس الواحد منهم عرق ينبض في 
التأم لمصائب الإسلام وأهله . فمن كان (كذلك) فهو كافر حقيقة وإن سمى نفسه 
مما :210 


الوقوف ضد تحكم رأس امال 

وهذا الموقف الذي خير به الأستاذ الإمام المسلمين بين الاضوع تسلطان الله وبين 
الخضوع لسلطان أموالهم » لم يكن وليد «الزهد» في الحياة الدنيا وما فيها من وسائل 
(1) تفسير آية البقرة (Yok)‏ 2( انظره في فى الجزء ء الرابع من هذه الأعيال . 


۴۹4 





الرفاهية والاستمتاع المشروع > ذلك أن هذا اللون من «الزهد» الذي دعت إليه بعض 
حركات التصوف . وحبذته بعض الأديان الي سبقت phe‏ في الظهور . لم يكن من 
رأي الأستاذ ley‏ ؛ فموقفه من المال كان موققاً hissy‏ » يرى «أن المال ليس Kagel‏ 
لذاته في دين الله » ولا مبغضاً عنده » تعالى ؛ على الإطلاق . . . ىا هو ظاهر نصوص 
بعض الأديان السابقة ail ols.‏ يقول : إنا لا تأمركم بإضاعة المال وإهماله » ولا بترك 
استثاره واستغلاله » Lely‏ تأمركم بأن تكسبوه من طرق ال حل » وتنفقوا منه في طرق 
الخير COD Ly‏ 

وهذا الموقف الوسط الذي ارتضاه الأستاذ الإمام إزاء المال نجده محدداً أكثر عندما 
نطالع نصوصه حول «الربا» » فهو يعتبر أن استغلال المال بالمال» واتخاذ المال وسيلة 
لكي الال عن و ا ا المحتاجين » من الأسباب الأساسية لتحريم 
«الربا» في الإسلام > وينبه إلى المخاطر الجسيمة التي تحدق بالمجتمع إذا هو وقع ضحية 
لسلطان استغلال المال بالمال » وهو ما نسميه اليوم ole‏ المال المصرفي» الذي يتحكم 
به أرباب البنوك والاحتكارات المصرفية في المجتمعات الرأسالية . . . وعن هذه القضية 
البالغة الأهمية يتحدث الأستاذ الإمام عندما يعرض للوجه الشالث من الوجوه التي 
جعلت الإسلام بحرم «الربا» دون «البيع» . فيقول : «إن النقدين (الذهب والفضة) LE]‏ 
وكا لكرنا مانا لتقديرقيم الأشياء التي ينتفع بها الناس في معايشهم . فإذا تحول 
هذا . وصار النقد ضرا بالاستغلال » فإن هذا يؤدي إلى إنتزاع الثروة من أيدي أكثر 
الناس وحصرها في أيدي الذين يجعلون أعالهم قاصرة على استغلال المال بالمال » فينمو 
امال ويربو e‏ ويخزن في الصناديق والبيوت الالية المعروفة بالبنوك » ويبخس 
العاملون قيم أعبالهم , > لآن الربح يكون معظمه من امال نفسه , وبذلك يبلك 
ee‏ (وفيٍ مثل هذه) البلاد نرى الفقير يموت جوعاً ولا يجد من يجود عليه بما 
يسد رمقه » إذ قل فيها التعاطف والتراحم وحلت القسوة محل الرحمة . .» ولقد أبصر 
الأستاذ الإمام منذ وقت مبكر جدا في حياته العملية والفكرية والسياسية أن تركز ثروة 
البلاد في أيدي قلة من أبنائها . ومن باب أولى من الأجانب الغرباء عنها » إنما ينذر 
بكوارث كثيرة » ومنها انخفاض القدرة الشرائية عند الأغلبية الفقيرة من المواطنين مما 


(۱۹) تفسير آية البقرة (۲۸۲) . انظره في الجزء الرابع من هذه الأعمال . 


14 





يؤدي إلى كساد في أسواق الزراعة والتجارة والمصنوعات فيتحدث عن أضرار هذا 
التركز » وكيف أنه كما «يضريهم (أي الأغنياء) وبحواشيهم » يضر أيضاً بثروة البلاد 
نفسها إذ تحصر الثروة في دوائر مخصوصة عند اشخاص قليلين » لوازمهم ليست 
بالكثيرة » فتكسد أسواق الصناعة والتجارة لقلة الراغبين في الصنائع والبضائع » أي 
لقلة القادرين على اقتنائها » وتقل الرغبة في الأعمال الزراعية » إذ يكون الجميع كأجراء 
لا بيتمون اهتمام الملاك ... ويزداد الضرر إذا وقعت الأملاك والمبيعات في أيدي 
الغرباء والأجانب » الذين لا يسرنا أن نراهم واضعي أيديهم من غالب الأملاك 
العظيمة والأراضى الواسعة التى كانت في أيدي أبناء البلاد » بل هذا أمر يحزن كل ذي 
عقل وإدراك » ولا يغفل عنه إلا غبي دنيء حب للفقر AES,‏ والرجل هنا 
يعبر عن مصالح قوى اجتاعية جديدة غير طبقة الإقطاعيين . . 

ثم يمضي الأستاذ الإمام ليقول لنا إن هذا التحكم الاستغلالي لرأس المال قد أثمر 
في هذه المجتمعات التي ساد فيها ذلك الصراع الاجتماعي بين العمال وأصحاب 
الأموال » وهو هنا يتعاطف مع موقف العمال » ويعذرهم » فيقول : «إن المسألة 
الاجتماعية » وهي مسألة تألب الفْعَلة والعمال على أصحاب الأموال » واعتصابهم المرة 
بعد المرة لترك العمل وتعطيل المعامل والمصانع > لأن أصحابها لا يقدرون عملهم 
قدره » بل يعطونهم أقل مما يستحقون . .) ثم يمضى متحدثا عن توقعات PEN‏ 
الاجتماعيين للنتائج التي ستترتب على هذا الصراع » فهم «يتوقعون من عاقبة ذلك 
انقلاباً كبيرا في العالم » ولذلك قام كثير من فلاسفتهم وعلءائهم يكتبون الرسائل 
والأسفار في تلافي شر هذه المسألة . . . وقد ألف «تولستوي» » الفيلسوف الروسي كتاباً 
سياه (ما العمل ؟) وفيه أمور يضطرب لفظاعتها القارىء » وقد قال في آخره : إن 
أوروبا نجحت في تحرير الناس من الرق » ولكنها غفلت عن رفع نير الدينار عن أعناق 
الناس الذين ريما أستعيدهم الال VG, be leg‏ 

والأستاذ الإمام هذا الحديث عن «استغلال الال بالمال» » وسيطرة البنوك 
والاحتكارات المصرفية على المجتمعات » وأثر ذلك في الحط من قيمة العمل الإنسافي 


. تفسير آية البقرة (7/5؟) . انظره في الجزء الرابع من هذه الأعمال‎ )١١( 


١5١ 





للعاملين يقدم (ue‏ اا في الفكر الاقتصادي . بل والاقتصاد السياسي » يزداد 
إعجابنا به إذا نحن نظرنا إليه في إطار عصره » وفكر صاحبه » ومركزه الديني » والمكان 
الذي ألقى فيه هذا الحديث . . . فلقد قدمه في ساحة «الجامع الأزهر» وهو جالس يلقي 
فروبية اق تلسبرالقرآن الكريهة كان 


الواجبات d‏ الأموال 


والأمر الذي يزيد موقف الرجل الاجتماعي وضوحاً » ويفسر لنا المنطلق الذي 
انطلق منه إلى هذه المواقف التي أشرنا إلى بعضها . هو أمر موقفه من المال وملكيته » 
والواجب على أصحاب الأموال في هذه الثروات التي بين أيديهم » والوجوه التي لا بد 
وأن يصرفوا فيها هذه الأموال » ونظرته إلى فلسفة اللإسلام ا والاجتاعية » 
وعلاقة هذه الفلسفة بالفلسفات الاجتاعية الحديثة » والفلسفة الاشتراكية ما 
بالذات . 

والرجل في هذا الموقف قد انطلق من موقف فكري شديد التقدم » نستطيع أن 
نوجز ملامحه وقساته في عدد من النقاط . أهمها : 

أولاً : أنه قد انحاز إلى صف الذين رأوا في الأموال نفقات واجبة أكثر من 
الزكاة » ونحدث عن ذلك في تفسيره لقول الله dbs‏ #مثل gil‏ ينفقون أموالهم 3 
سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة ماثة حبة » واللّه يضاعف لمن يشاء 
واللّه واسع عليم»* نجده يقول : «إن كلمة في سبيل الله تشتمل جميع المصالح 
العامة" "» , 

كا يحدد أن هذا الإنفاق الواجب ليس ما يلزم الإنسان لحياة أهله وولده . ولا ما 
ر والجود ‘ وإنما هو الانفاق في المصالح القومية العامة » وهو يزيد 
هذا الآمر تسن Lay‏ في تفسيره لقول الله سبحانه : #الذين يؤمنون بالغيب 
ويقييون الضاذة وها رركناهم ووب فول : إن «هذا الوصف من أقوى أمارات 
الؤيمان بالغيب » is OY‏ | من الناس يأتون بضروب العبادات البدنية كالصلاة 


(۲۲) تفسير آية البقرة )۲٠١(‏ انظره في الجزء الرابع من هذه الأعمال . 


4۲ 





والصوم » ومتى عرض لهم ما يقتضي بذل شيء من المال لله تعالى يمسكون ولا تسمح 
نفوسهم بالبذل » وليس المراد بالإنفاق هنا ما يكون على الأهل والولد » ولا ما يسمونه 
با جود ely‏ » كقرى الضيوف ابتغاء عرض الشهرة والجاه » أو الأنس بالأصحاب › 
لأن هذا ليس من آثار الإيمان a gill OLY ys Wye Coal‏ عن شعور بأن bs al‏ 
هو الذي رزقه وأنعم عليه به » وأن الفقير المحروم عبد لله مثله » وأنه حرم من سعة 
العيش لضعف أو حرمان من الأسباب التي توصل إلى الرزق . أو عن إحساس بأن 
مصلحة من مصالح المسلمين ومنفعة من منافعهم العامة لا تقوم ولا تصل إليهم إلا 
ببذل المال » وقد أوجب الله على من أوتي المال أن ينفق منه في ذلك السبيل, وهو 
أفضل سبل الله . ,250 , 

ثانياً : إن هذا الانفاق الواجب » والذي هو غير الزكاة وغير النفقات الخاصة 
والعائلية » وغير نفقات الحود والكرم ا و کر من ر 
محدداً بمبلغ لا يتعداه » وهو أيضاً لا يرتبن وجوبه بحيازة نصاب .معين من المال » كما هو 
الحال في الزكاة وما يماثلها من الصدقات . . وني ذلك يقول الأستاذ الإمام عندما يفسر 
قول اللَّه سبحانه : «ويسألونك ما ينفقون ؟ قل : العفو . . » : «.. إن القرآن أطلق 
«العفو» ليقدره كل قوم في كل عصر بحسب ما يليق بحالهم » لأنه خطاب عام ليس 
خاصاً بأهل جزيرة العرب » ولا بحال الناس زمن البعثة . والمراد بهذا الإنفاق ما وراء 
الزكاة المفروضة المحددة كصدقة التطوع على الافراد وعلى المصالح العامة . . إن الأمة 
المؤلفة من مليون واحد إذا كانت تبذل من فضل ماها في مصالحها العامة . . تكون أعز 
وأقوى من أمة مؤلفة من مائة مليون لا يبذلون شيئاً من فضول أمواهم في مثل 
ذلك259) , 

أي ان الذي يحدد حجم الانفاق الواجب في الأموال والمخصص للمصالح العامة 
إنما هو قانون العصر وظر وفه وملايسات المجتمع واحتياجاته وهي أمور تنطور وتتغير 
وتفرض من الأنظمة والفلسفات ما يفي بالغرض المطلوب في هذا المقام . 

ثالثاً : إن إنحياز الإسلام إلى صف فلسفة «تكافل الأمة» إنغما يعني ارتكاز فلسفة 


. تفسير آية البقرة (*) . انظره في الجزء الرابع من هذه الأعمال‎ (YY) 
. تفسير آية البقرة (570) . انظر في الجزء الرابع من هذه الأعيال‎ )۲٤( 


14۳ 





الإسلام المالية على موقف غير منحاز إلى «الملكية الفردية» بالمعنى المتعارف عليه في 
فلسفات النظم الاقتصادية الفردية في عصرنا هذا . . . بل على العكس من ذلك قاماً , 
فالإسلام ينحاز إلى الفلسفة التى ترى في المال «ملكاً للأمة» . وليس حق الحائز لهذا 
المال فيه بأقوى من حق المحتاج إلى هذا المال فيه » فمركزهما القانوني من حيث 
مشر وعية الانتفاع هذا الال سواء وعلى قدم المساواة . . . والحائر الذي es‏ المحتاج 
حاجته - سواء أكان هذا المحتاج فرداً أم مصلحة عامة - هو بمثابة السارق والمغتصب SU‏ 
الآخرين ؟! 


وفي تقرير هذه الفكرة البالغة الأهمية يقول الأستاذ الإمام في تفسيره لقول Ay‏ 
سبحانه : «9يا أها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ...4 : إن الله 
سبحانه «واضاف الأموال إلى الجميع › > فلم يقل : «يأكل بعضكم مال بعض . للتنبيه 
على ما قررناه مراراً من تكافل الأمة في حقوقها ومصالحها » كأنه يقول : ان مال كل 
e‏ أمتكم » ٠‏ فإذا استباح أحدكم أن يأكل مال الآخر بالباطل كان كأنه 
أباح لغيره أكل ماله وهضم حقوقه , لأن المرء يدان كما يدين . . . ان في هذه الإضافة 
مسألة أخرى وهي أن صاحب امال الحائز له يجب عليه بذله للمحتاج » فكما لا يجوز 
للمحتاج أن يأخذ شيئاً من مال غيره بالباطل كالسرقة والغصب > لا يجوز لصاحب 
المال أن يبخل عليه با بحتاج إليه. . .("» . 


bel,‏ : يقرر الأستاذ الإمام أن الإسلام قد فرض في الأموال «حقوقاً عامة» تجعل 
وصف «الحياة الاشتراكية المعتدلة الشريفة) أصدق وصف لفلسفته الاقتصادية والمالية 
والاجتياعية ... فلظامه ele yl‏ لیس Loles‏ للاشتراكية » وفلسفته المالية ليست 
قيضا لها > بل إن هذه القسمة المتقدمة من فسهات الإسلام إما هي من أ هم القسمات 
التي إذا أحياها المسلمون وأبرزوها والتزموا تطبيقها في حياتهم استطاعوا ee‏ عن 
صلاح حاهم - أن يقدموا للعالم المتمدن الإسلام بوجهه المشرق الحذاب » وعند ذلك 
يرى الكثيرون في هذا الدين سبيلاً من سبل حل المسألة الاجتاعية » وتصبح صفته هذه 
من دواعي الدخول فيه . 

وحول هذه الفكرة يقول الأستاذ الإمام في تفسيره لقول اللَّه سبحانه : #ليس البر 


(50) تفسير آية النساء (58) . الظره في الجرء الخامس من هذه الأعمال . 





١.5 





أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ٠‏ ولكن البر من آمن باللّه واليوم الآخر والملائكة 
والكتاب والنبيين » وآ المال » على حبه » ذوي القرى واليتامى والمساكين وابن السبيل 
والسائلين وفي الرقاب . .  .‏ يقول : (... وهذا الإيتاء غير إيتاء الزكاة . . . وهو 
ركن من أركان البرء وواجب كالزكاة ... وهو لا يشترط فيه نصاب معين » بل هو 
على حسب الاستطاعة فإذا كان لا يملك إلا رغيفاً ورأى مضطراً إليه » في حال استغنائه 
عنه » بأن لم يكن محتاجاً إليه لنفسه أو لمن تجب عليه نفقته وجب عليه بذله . ولیس 
الضطر وحده هو الذي له الحق في ذلك » بل أمر الله تعالى المؤمن أن يعطي » من غير 
الزكاة » «إذوي القرى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وني الرقاب» . 

ومشروعية البذل هذه الأصناف من غير مال الزكاة لا تتقيد برمن » ولا بامتلاك te‏ 
محدود » ولا يكون المبذول مقداراً معيناً بالنسبة إلى ما يملك ككونه عشراً أو ربع /لعشر 
ا هر آمو مظان وقد [asl‏ أك الاس هله التقوق العامة gil‏ حت 
عليها الكتاب العزيز » لا فيها من الحياة الاشتراكية المعتدلة الشريفة . فلا يكادون 
يبدلون شيئاً لمؤلاء المحتاجين , إلا القليل النادر لبعض السائلين - وهم في هذا الزمان 
أقل الناس wed « : Blin‏ اتخذوا السؤال حرفة » وأكثرهم واجدون - ولو أقاموها 
لكان حال المسلمين في معايشهم خيراً من سائر الأمم » ولكان هذا من أسباب دخول 
الناس في الإسلام , وتفضيله على جميع ما ينتصور الباحثون من مذاهب الاشتراكيين 
(OY Cady‏ . بل إننا نرى الرجل منذ مطاع حياته الفكرية مؤمناً بضرورة التوزيع 
العادل للثروة القومية على الأغلبية الساحقة من المواطنين » فيكتب في (الوقائع المصرية) 
في سنة ۱۸۸٠‏ م يقول : «إن أغنى البلاد وأسعدها هي البلاد التي توزعت ثروتها على 


غالب CO). dat‏ 
مصدر هذا التفكير 


وهناك كلمة لا بد أن تقال في ختام حديثنا عن تلك الصفحة المتقدمة من 
صفحات تفكبر الأستاذ الإمام في MOU‏ الاجتاعية . . وهي الكلمة الخاصة بمصدر هذا 
اللون من ألوان التفكير لدى الرجل ... ومن أين oslo‏ وما هي المدرسة التي تتلمذ 
(51؟) تفسير آية البقرة (۱۷۷) . انظره في الجزء الرابع من هذه الأعيال . 
(۲۷) مقال (حب الفقر أو سفه الفلاح) . انظره في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 


١6 





عليها وأخذ عنها ذلك الموقف المتقدم في قضية الأموال ؟؟. .. 

وههذه الكلمة أهمية خاصة في المرحلة التى نكتب فيها هذه الدراسة عن الأستاذ 
الومام . ذلك أن بعض الباحثين في تاريخنا وترائنا , وخاصة في ما يتعلق منه بعصرنا 
الحديث » قد استنوا سنة سيئة حاولوا ا أن يردوا كل المواقف المتقدمة والصفحات 
المشرقة في هذا التاريخ وذلك التراث إلى أوروبا والمفكرين الأوروبيين ومدارس الفكر 
عند الغرب والغربيين . ds‏ العديد من المناسبات التى دار فيها الحديث حول هذا الفكر 
الاجتاعي المتقدم عند الشيخ محمد عبده , كنت أسمع day = [gle‏ الدهشة والاستغراب 
والاعجاب ‏ الاسعلة والاستفسارات عن قراءة الرجل Sui‏ أوروبا الاقتصاديين 
والاجتماعيين ؟! وعن مدى استفاتده من رحلته إلى أوروبا » بصحبة أستاذه حمال الدين 
الأفغاني > في ميدان الدراسات الاجتاعية ؟!.. وكثيرون من الباحثين في ميدان 
الدراسات الاجتاعية عندنا لم يكن يخطر ببالهم عند سماعهم مله الصفحة المتقدمة من 
فكر الرجل أن يربطوها بتراثنا الفكري التقدمي والإنساني في ميدان الأموال والخراج . 
والموقف الذي انحاز فيه الاسلام إلى صف الجاعة والفكر الجماعي . وما يزخر به 
التراث العربي الإسلامي من جذور وأصول لفكر اجتاعي انتصر منذ قرون 
للمستضعفين والفقراء ‘ وانحاز للعمل والعاملين 4 وأرسى قواعد راسخة ف هذا 
الميدان . 


ونحن هنا لسنا بصدد تقديم دراسة عن الفكر الاجتماعي التقدمي في تراثنا 
الإسلامي والعربي . فذلك مما يخرج بنا عن الإطار الذي نكتب فيه والغرض الذي 
نسوق له الحديث » ولكننا نود أن نشير إلى ان الصفحات المشرقة والإنسانية والتقدمية » 
في الفكر الاجتماعي والاقتصادي » التي حفل بها هذا التراث كانت هي المصدر 
الأساسي والأول - ولا نقول الوحيد - التي استلهم منها الأستاذ الإمام هذه الصفحة 
المتقدمة من صفحات فكره الاجتماعي > وعلى وجه التحديد نريد أن نقول : إن الرجل 
قد استجاب لاحتياجات عصره J‏ ضوء الأسس الكلية والعامة التي وضعها الإسلام 
كي تكون منطلقات لفلسفة اجتماعية يواكب بها المسلمون احتياجات عصورهم 
وظروف مجتمعاتهم الدائمة التطور والتغير باستمرار . . . وحتى نلفت النظر إلى أهمية 
هذه الأسس الكلية والمنطلقات الإسلامية » ودورها في تكوين الفكر الاجتماعي المتقدم 
لدى أي مفكر إسلامي مستئير » يكفي أن نشير إلى عدد منها . . . وذلك مثل : 


1١45 





١‏ ذلك الانحياز الواضح من الرسول عليه الصلاة والسلام » ومن القرآن إلى 
صف الفقراء والمستضعفين » ضد ملأ قريش وأغنيائها , وو العا ماعلاب الاين 
أسرعوا لاعتناق الإسلام في بدء ظهوره كانوا من العبيد والفقراء الذين رأوا فيه" ضمن 

ما رأوا »> سبيلاً للتحرير والتحرر وثورة تعيد الحقوق المغتصبة للأغلبية المقهورة في ذلك 
الحين . . . وعندما حاولت الفئات الغنية أن تطلب من الرسول الانحياز لا » وإبعاد 
أتباعه الفقراء » رفض > وحكى لمم بمنطق التاريخ ووقائعه وأحكامه ‏ أن المستقبل 
لمؤلاء الفقراء » وليس هم » وآن العاقبة والسلطة والنصر لهذه الجاهير الفقيرة we‏ ‘ 
وقص عليهم القرآن في ذلك مثلٍ قوم رقو فرعون » فالأولون قالوا لنوح : 
لك واتبعك الأرذلون ؟!)")ء وقالوا له أيضا : (ما نراك اتبعك إلا الذين هم 0 
ٻادي Meh‏ ومع ذلك استمر نوح مع Ngo‏ «الأرذلون» . الذين هم ١‏ «الأقلون Yu‏ 
lites‏ » فكان لهم النصر » وكانت هم العاقبة . ومثل ذلك موقف فرعون ومن معه 
من الذين آمنوا بموسى . إذ رآهم مستضعفين طلما خضعوا هم وآباؤهم لسلطانه » 
فحدد الله أن إرادته إغا هي إلى جانب هؤلاء الفقراء والمستضعفين » فلقد كتب لهم 
elt‏ والسيادة والنصر (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة 
ونجعلهم الوارثين) 0" . 


ان الدولة العربية الإسلامية التي أسسها المسلمون بعد هجرتهم إلى «يثرب» 
(المدينة) قد شهدت ألوانا من التنظيم الاقتصادي والاجتماعي التي تحمل إلى جانب 
بسطاتها وأوليتها روح فلسفة اجتماعية منحازة تمام الانحياز إلى جانب «الجماعية) 
و«المجموع» » فبعد الهجرة بخمسة أشهر عقد الرسول » بل » «مؤاحاة» بين المهاجرين 
الذين هاجروا من مكة تاركين أموالهم » آخا بيهم على أمرين : الحق .. ويشمل 
الجانب الروحي والمعنوي في المجتمع الجحديد . . والمواساة("2 . AS LEM‏ والمساهمة ف 





. ]١١١ : [الشعراء‎ )١8( 

. ]١ا/‎ : [هود‎ )١9( 

° : [القصص‎ )١( 

)۳١(‏ الدرر في اختصار المغازي والسير » لابن عبد البر » تحقيق د . شوقي ضيف » ص ٠٠١‏ طبعة 
القاهرة سلة ١955‏ م . 


١ /ا‎ 





المعاش والرزق «وأن يصبح «القوم أسوة في هذا الأمر » أي حاهم فيه واحدة"" . 
ثم تطور هذا التنظيم هذه المؤاحاة فشمل الأنصار مع المهاجرين » وصار على : 
العواوك ع بعد امرك كذلك إل جا لق + aie, cy 5 dellly‏ مر يعارذ 
#وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) في غزوة بدر نسخت التوارث فقط . وظل 
التنظيم الاقتصادي الإسلامي ملتزماً بالمواساة التي هي المشاركة والمساهمة في المعاش 
والرزق . بحيث يصير حال القوم في هذا الأمر أسوة واحدة" . 

ولقد استمرت المواقف الكثيرة للرسول عليه الصلاة والسلام في تأكيد هذه 
القسمة من قسرات التنظيم المالي والاجتماعي في المجتمع الجديد . فعندما يخرج للغزو 
نر اشام aan‏ ار التامة بين الناس في الطعام وما يملكون من 
الزاد يطبق ذلك أوفى تطبيق » ويروي «مسلم) d‏ صحيحه قائلا : «حدثنا إياس بن 
فل عر انال : خرجنا مع رسول الله کا » في غزوة » فأصابنا جهد حتى هممنا أن 
beard 6 call go pb OU gb Yaw pws‏ زارا Laas al Ulead‏ 
ee ela ee?‏ . قال :... ونحن أربع عشرة ماثة . . . فأكلنا حتى شبعنا 
جبيعاً ثم حشونا جربئا . O,‏ 

وعندما يشعر الرسول . 5ة > أن بعض الحائزين للأرض يؤجرونها بما يرهق 
المزارعين » يصدر أمره بمنع ذلك » ويستبدل هذا الشكل من أشكال الاستغلال 
الزراعي بذلك الشكل الذي يحفق مضمون شعارنا الحديث : «الأرض لن يفلحها» . 
وفي ذلك يروى «مسلم» حديثاً صريحاً وحاساً عندما يقول : «عن رافع بن خديج : كنا 
نحاقل الأرض على عهد رسول الله « A‏ فنكربها بالثلث والربع والطعام المسمى . 
فجاءنا ذات يوم رجل من عمومتي » فقال ا 
نهانا أن نحاقل بالأرض فتكربها على الثلث رالرخ والطحام ATT ca rely steal‏ 
أن يزرعها أويزرعها » وكره كراءها وما سوى ذلك» ”۳ . . . وعن جابر بن عبد الله 





. ۳۷ العرب » لابن منظور ج ۱۸ ص‎ OLS (FY) 

(۳۲) كتاب الطبقات الكبيرء لابن سعد ج ١ق ١‏ ص ١‏ : 

. والركوب‎ fot! ole cl (ey 

(0؟) صحيح مسلم » بشرح النووي ج ۱۲ ص ۳۳ » ٠١‏ . طبعة القاهرة الأول ' 
pare (Yt)‏ صحيح مسلم . ص ۱۷ . طبعة الكويت . 


4۸ 





أن sl‏ قال : «من كانت له رض فليزرعها أو ليزرعها أخاه » ولا يكرها) . 
أن الموقف النظري من الملكية الخاصة في هذه الدولة الإسلامية الأولى كان 

أقرب إلى الوقوف ضدها والانحياز إلى صف الملكية التي تحقق مصلحة المجموع . 
فالرسول BE‏ يقول : إن «الناس شركاء في ثلاث : الماء والكلأ والنار»""“ . وكانت 
هذه من أهم مصادر ثروة المجتمع في ذلك الحين وذاك المكان . ويأتي الموقف التطبيقي 
مؤيداً لهذا الموقف النظري » فيحمى بي الرسول (أي يؤمم) أكثر المناطق vase age! I‏ 
وإزدهاراً بالمراعي 3 حول Ryall‏ > وهي منطقة «النقيع» فلھل er Geis‏ 
ابن عباس : «بلغنا أن النبي حمى النقيع» » وهو مكان على بعد عشرين فرسخاً من 
المدينة > في صدر وادي العقيق . كان أخصب واد هناك » حتى كان شجره ما يغيب 
الراكب فيه؟ !^" . 

 :‏ في مختلف الجوانب النظرية للمسألة الاجتاعية نلتقي بعديد من الأحاديث 
النبوية التي تنتصر للعمل » وللجاعية » وللفقراء » والتي تنبى عن حيازة ما زاد على 
احتياجات الإنسان . 

ففي تمجيد العمل نقرأ قوله وَل «لأن يحتطب أحدكم- وني رواية: لأن يأخذ أحدكم 
خاد فيحتطب خيرله مق أن يسأل: النامن + أعطوة او متغوه , :ون اليد العاملة 
نقرأ قوله : «هذه يد يحبها الله ورسوله) . . . وقوله : «لايؤجر أحد إلا بكد يمينه» . . 
وقوله : «أطيب الكسب : عمل الرجل بيده OG‏ 

bs‏ 00 للموقف الجساعي والنظرة الجاعية نقرأ الحديث الذي يرويه 
«الطبراني» عن أبي موسى . فيقول : إنه سمع النبي » بي يقول : «لن تؤمنوا Se‏ 
ترا موا» قالوا : یا رسول الله » »> كلنا رحيم ! قال : (إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه , 
ولكنها رحمة العامة) . 

وفي تقرير المبدأ الذي يحدد للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم ويدفع عنهم 


: وأبو داود‎ del als) (TY) 

(18) نباية الايجاز في سيرة ساكن الحجاز. لرفاعة الطهطاوي ص ؟4: . da . ٤4۳١‏ القاهرة سنة 
۱ . 

)4( رواه del‏ والحاكم 


١44 





الحاجة ‏ وهو ما وجدناه في تفسير الأستاذ الإمام لقول الله سبحانه ««يا أبها الذين آمنوا 
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل» . . . - في تقرير هذا المبدأ نقرأ الحديث الذي يرويه 
elon!‏ عل عن الرسول . والذي بقول فيه : al) Oly‏ عل أغنياء المسلمين في أموالهم 
بقدر الذي يسع فقراءهم » وما يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا الا بما يصنع أغنياؤهم , 
ألا وإن الله يحاسبهم تحبا شديداً ويعذبهم عذاباً wlll‏ ا 

وعن الموقف النظري الذي ينبى عن حيازة ما زاد على الحاجة نقرأ الحديث الذي 
YS‏ ماقي ll cate Gd‏ © 
ل » إذ جاء رجل على راحلة له . :“فصع bag oar bray‏ وكبمالا : 
فا > ل ae‏ 11 * ومن 
كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له ...قال ... فذكر من أصناف الال 
ما ذكر حتى رأينا انه لا حق لأحد منا في فضل”7'*) . 

ae 0 9 

ونحن نعتقد أن هذه الأحاديث . والمواقف : النظرية والعملية » التى عرفتها 
الدولة العربية الإسلامية قد كانت «السابقة الدستورية» المقدسة التي رأى في ضوئها 
الأستاذ الإمام واقع مجتمعه وظروف عصره . . . ومن ثم كانت ممثابة الجذور الأولى التي 
تغذى منها فكره الاجتماعي والاقتصادي . . فلقد كان الرجل عصريا ومستنیرا ومجتهداً 
ومجدداً , بالقدر الذي جعله يعيش عصره ويبصر احتياجاته » كما كان أميئاً ووفياً لتراثه 
العربي الإسلامي الذي رأى عل ضوء مبادثه الكلية وقواعده النظرية العامة ظروف 
العصر والقضايا الجديدة التي طرحها تطور الحياة .. . وفي هذا الإطارء ومن هذا 
الموقع الفكري علينا أن نفسر موقفه الاجتاعي المتقدم » فنعلله إن شئنا التعليل , 
ونفسره إن أردنا التفسير » ونبحث عن جذوره الأول إن أردنا الوصول إلى شىء من 
ذلك . . . وإن كان هذا كله لا يعني أن الرجل لم يقرأ لمفكرين ماليين واجتماعيين 
غربيين وشرقيين » فلقد قرأ الكثير والكثير . . لتولستوي وغيره من مفكري عصره 
الاجتماعيين ؛ ولكن الإطار الذي حددناه هو السبيل الوحيد السليم لوضع فكره 
الاجتماعي في مكانه الصحيح ... هذا الفكر الذي لا نقول عنه انه كان فكراً 





)°£( صحيح مسلم 2 بشرح النووي جدااص ۳۳ . 


6 





اشتراكياً » وانما نضعه في مكان بارز من الفكر «الإنساني» الطامح إلى لون من العدالة 
الاجماعية يتناسب مع فهم الرجل لظروف عصره والأحكام الكلية التي Ls ele‏ 
الإسلام في هذا الميدان . . فلم يكن الرجل محامياً عن DAN‏ الكادحة في المجتمع » 
وإغا كان أقرب الى تمثيل الطبقة الوسطى التي كانت تلعب دورا تقدميا وثوريا في 
عصره » ولكنه كان أيضاً صاحب موقف «شمولي؛ في نظرته للمجتمع جعله يقف الى 
جانب الفقراء أيضاً . . . وهذه الملاحظة اما تمثل بالنسبة للبحث قضية تتعلق بالمنبج 
الذي يجب أن نعالج به دراساتنا لفكر الأستاذ الإمام وأمثاله من أثمة المفكرين 
المسلمين . 


\o\ 


Converted by Tiff Combine 








التربيه 4 والتعليم 


[أمر التربيسة هو كل شيء... وعليه يبنبى كل 
شيء . س س ج ف و 
ا 
والناس . فى ا » طبقات Pres‏ لعامة . 
والسساسة دين والعلافي.. oes‏ 
واحدة من هذه الطبقات الثلاث من التعليم كما 
ونوعا . .؟!] 





كمد عبدة 


or 


Converted by Tiff Combine 








التربية والتعليم 


من النظرة الشاملة إلى الفكر الذي قدمه الأستاذ الإمام في موضوع التربية 
والتعليم نجد أن الرجل كان صاحب نظرة مثالية » غير واقعية | إلى هذا الحقل من حقول 
الإصلاح . . فهو عندما اعتقد أن التربية هي العصا السحرية التي تغير كل شيء . 
وتبدل كل سلبي فتجعله إيجاياً ٠‏ وتعدل كل منقوص فتجعله كاملا » وتطلق كل مقيد 
يدل رر 0 
الجوانب الأخرى في حيا: المجتمع »> والمشاكل العديدة التي لا بد من أن يسير المصلحون 
أو الثوار في حلها جنباً إلى جنب مع الإصلاح التربوي والنهضة بالتعليم . 

فليست تكفى التربية لوجود حياة أسرية سعيدة ومستقرة » إذ لا بد من حل 
المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتشريعية التي تطحن الآسرة وتلقي في طريق سعادتها 
واستقرارها بالأشواك والعقابات . . : 

وليست تكفي التربية للحاق بالأمم المتقدمة » إذ لا بد لخلق المناخ الصالح للتربية 
من الدخول في معارك عديدة ضد ما يعترض قيام هذا المناخ الصالح من عقبات 
ومعوقات . . كما لا بد من تحديد أي أنواع التربية والتعليم هو الذي يمكننا من اللحاق 
بالأمم المتقدمة » وهو أمر يتوقف على تحديد ماهية التقدم » وارتباط معاييره بالعصر 
الذي نعيشه . والمهام التي على المجتمع أن ينجزها في هذه المرحلة المحددة من مراحل 
نموه وتطوره . . الخ : الخ . 

ونحن نفتقد هذه النظرة الشاملة عند دراسة فكر الرجل في هذا الميدان . . ويبدو 


100 





أن تجربته الفردية الخاصة كانت النموذج الذي صدر عنه وتصوره وملك عليه لبه وهو 
با اوی E‏ > بل وناضل من أجل أن 
يعمل فلاحاً 3 الأرض مثل أخويه «ben‏ و«محروس» » ولكن الآفاق الفكرية والسلوك 
التربوي اللذين استفادهما من استاذه جمال الدين الأفغاني قد جعلا منه أحد عقول الأمة 
العربية والإسلامية الأكثر بروزاً وتحليقاً في سماء عصره . ولقد انتقلت به «التربية» من 
مشاركة «علي» و«محروس» في فلاحة الأرض إلى مشاركة الأنبياء : إبراهيم » وموسى © 
وعيسى » ومحمد . والشهداء والصديقين والقديسين في بعض مراتب الفكر والحكمة 
والنبوغ . . کا يقول . 

سيطرت على نظرة الرجل Jl‏ و «التربية» تجربته الذاتية هذه . . . فاعتر 
oh‏ الإنسان لا يكون إنساناً حقيقياً إلا بالتربية ... وهي عبارة عن السعادة 
الحقيقية . . فإذاترى أحب نفسه لأجل أن يحب غيره » وأحب غيره لأجل أن يحب 
نفسه) , 

وفي الوقت الذي كانت مصر ترزح فيه تحت نير الاحتلال البريطاني سئة 
HH © @ 71‏ فيه بعديد من المشاكل الاجتاعية والاقتصادية الني gue‏ إلى ثورة 
تغير المجتمع Of ay Loe Lasts‏ تحرره من قوات الاحتلال وقواه ء لا يرى الرجل شيئا 
ينقص البلاد سوى التربية » فيقول : «نحن في بلاد رزقها الله سعة من العيش © 
ومنحها خصوبة وغنى يسهلان على كل عائش فيها قطع أيام الحياة بالراحة والسعة ‏ 
ولكنها ويا للأسف منيت . مع ذلك . بأشد ضروب الفقر : فقر العقول 
OE. Ql‏ 

وعنده أن الإنسان إذا افتقد التربية » افتقد كل شيء » فلن يستطيع أن يتحلى 
«بالعدل» أو «الغنى» أو الكبال إلا إذا كان مصقولا بالتربية والتعليم , «ذلك أن عدل 
الجاهل ظلم » Of‏ صدر منه بطريق الصدفة » لا عن مقصد » فلا بد له من الخبط 
فيظلم » وان غناه فقر» فإن أتى من البخت الاتفاقي فلا بد يوماً أن يختل سيره فيفتقر , 
fall dhs oly‏ نقص . فإنه طلاء على حائط خرب عما قليل يكشط ويتنائر منه التراب 
ete‏ 


. انظر (التربية) في الحزء الثالث من هذه الأعمال‎ )١( 


yor 





فقرالجهول بلا علم إلى أدب ققرال حار بلا رأس إلى ذنب !!» 

وبسبب من هذه النظرة المثالية إلى قضية التربية والتعليم » علق الأستاذ الإمام 
آماله في تحقيقها على «الآغنياء» » الذين رأى فيهم أصحاب المصلحة الحقيقية في 
النبوض بالبلاد للحافظ على مكاسبهم فيها .. ورأى أن دورهم في هذا الميدان أعظم 
وأكبر من دور الحكومة فيه . . فقال : إن «على الأغنياء منا » الذين يخافون من تغلب 
الغير عليهم » وتطاول الأيدي الظالمة إليهم » أكثر من. الفقراء » أن يتألفوا ويتحدوا » 
ويبذلوا من أموالهم في سبيل افتتاح المدارس والمكاتب واتساع دوائر التعليم » حتى تعم 
التربية » وتثبت في البلاد جرائیم العقل والإدراك , وتدمو روح الحق والإصلاح » 
وتتهذب النفوس » ويشتد الإحساس بلمنافع والمضار . فيوجد من أبناء البلاد من 
يضارع بني غيرها من الأمم » فتكون عند ذلك معهم في رتبة المساواة » لحم ما لنا 
وعليهم ما علينا . . وعلى الحكومة في جميع ذلك أن تسن قوانين التعليم وتلاحظ أحوال 
المعلمين والمتعلمين ..)2)0. 

ونحن نقول : إن نظرته هذه «مثالية) غير واقعية ولا علمية » لأن القضية قبل كل 
ذلك هل هؤلاء الأغنياء أصحاب مصلحة في «شيوع) هذا الذي يدعو إليه الشيخ محمد 
عبده في البلاد حتى ينصروه ويبذلوا في سبيله الأموال ؟! لقد أثبتت تجربة الرجل 
«العملية» أنهم ليسوا كذلك » وأن الحكومة ليست كذلك » وهي التجربة التي تحصلت 
له عندما مارس العمل في هذا الحقل من حقول الإصلاح . . 

ومن أبرز الأدلة على أن نظرة الرجل إلى هذا الموضوع كانت نظرة «مثالية» غير 
واقعية ولا علمية » أنه ناضل من أجل أن يكون العمل التربوي «بديلاً» عن العمل 
السياسي » بينم النظرة العلمية في دراسة المجتمعات تضع التطور التربوي في مكانه من 
العملية الشاملة للتقدم » وهي العملية التي تجمعها النظرة السياسية والخطة السياسية 
والعمل السياسي للهوض ذه المجتمعات . . فلقد كان الرجل » بسبب استغراقه 
التأملٍ في هذا الحقل قبل غيره وأكثر من غيره من الحقول . يعتقد أن العمل التربوي 
يمكن أن ينجح ويثمر بعيدا عن التأثر بالعوامل السباسية وغيرها » وأنه أكثر من ذلك 
يمكن أن يكون بديلاً عن الاشتغال بما عداه من العوامل والمهام . . وهو لذلك يعجب 


(؟) انظر (ما هو الفقر الحقيقي في البلاد ؟!) في الجزء الثالث من هذه الأعبال . 


١ /اه‎ 





للنبهاء الذين لا يفرغون للتربية بدلا من الاشتغال بالسياسة » فيقول : «إني لأعجب 
لجعل نبهاء المسلمين وجرائدهم كل همهم في السياسة , وإهمالهم أمر التربية الذي هو 
كل شىء . وعليه يبنى كل شىء .... إن السيد جمال الدين كان صاحب اقتدار 
عجيب لو صرفه ووجهه للتعليم والتربية لأفاد الإسلام أكبر فائدة . وقد عرضت عليه 
حين كنا في «باريس» أن نترك السياسة ونذهب إلى مكان بعيد عن مراقبة الحكومات » 
ونعلم ونربي ما نختار من التلاميذ على مشربنا . . فلا تمضي عشر سنين إلا ويكون عندنا 
كذا » وكذا من التلاميذ الذين يتبعوننا في ترك أوطاههم والسير ني الأرض لنشر الإصلاح 
المطلوب فينتشر أحسن الانتشار . . فقال (أي حمال الدين) : إنما أنت مثبط lS‏ 

من سوء حظ المسلمين أن كل من كان فيه استعداد لشيء يشتغل بغيره » فاشتغال هذه 
الأميرة (نازلي هانم فاضل) بالسياسة كاشتغال السيد جمال الدين بها ؟! وهو رجل عالم » 
وأعرف الناس بالإسلام وحالة المسلمين ع (ols ols,‏ على النفع العظيم بالإفادة 
والتعليم ؛ ولكنه وجه كل عنايته إلى السياسة › فضاع استعداده هذا . . . وهذه الأميرة 
قادرة على تأسيس عمل يفيد في تهذيب البنات » فإن من حوها من الأميرات ينفقن 
نفقات كبيرة إسرافاً وتبذيراً » ولو أنبا حملتهن وأمثالهن من النساء الغنيات على إنشاء 
مدرسة لتربية البنات وتعليمهن » واستحضرت طن معليات من الآستانة أو سوريا » 
لكان خير عمل تعمله » وما كن ليخالفنها » فإذا لم يأت بالفائدة المطلوبة كان غرساً أو 
بذراً تجنى ثمرته ولو بعد حين . 


بل لقد كان الأستاذ الإمام يعتقد بامكانية ‏ بل بضرورة أن يغض المصلح 
الطرف عن المفاسد والمخالفات القائمة في المجتمع › > بل وأن يساعد على بقائها أحياناً . 
في سبيل أن يدمكن من بلوغ هدفه في الزبية والتعيم ؟! فهر يتحدث عن تصوبة 
للعلاقة المثلى التي كان من الواجب أن تقوم بين جمال الدين الأفغاني وبين السلطان 
عبد الحميد وحاشيته فيقول : لو أن السيد حمال الدين «تقرب من السلطان بمقدار يمكنه 
eee‏ 

شئونهم - - بل مع مساعدتهم على أغراضهم الخسيسة لكان حسثاً » ولقدر أن ينفذ 
مآرپه . . مثا : يحسن للسلطان أن يصدر إرادته بإصلاح الوعظ في الجوامع والتعليم 
الديني في المدارس » ويقرن هذا السعي بإعطاء (ich! ah‏ حمسمائة جنيه > وإعطاء 
نيشان لابنه أو أخيه » فإذا رآه « أبو لهدى ) يخدمه فيها هو مهم عنده فإما أن يواتيه وإما 


\oA 





أن لا يناويه . وهلم جرا . ولكنه تدخل في شئون هؤلاء الفاسدي الطباع والأخلاق 
وإصلاحهم من المستحيلات 6 فأخفق مسعاه .. )^ . 

ونحن نعتقد بخطأ الأستاذ الإمام في نظرته هذه لموقف الأفغاني , فلولا تدخله 
وتدخل أمثاله في شئون «فاسدي الطباع» هؤلاء » لتكرست في المجتمعات إلى الأبد مثل 
هذه النماذج > ولا دفع ہا التطور إلى زوايا النسيان والعدم » ولا قدمت الثورات 
وحركات التقدم النماذج الأكثر تقدماً والأكثر اتصافاً بما هو طيب وحميل من أخلاق 
الإنسان . . كما نعتقد بأن نظرة الأستاذ الإمام هذه إلى تلك القضية هي من أهم المفاتيح 
إلى شخصية الرجل ومسلكه ومنبجه الذي على أساس منه أقام علاقاته بالقوى المختلفة 
في مصر يومئذ » ومن bey‏ سلطات الاحتلال . . فلم يكن الرجل راضياً عن كثير من 
الأوضاع التى سكت عنها » ولا سعيداً بكثير من العلاقات التي foro‏ فيها , ولكنه كان 
صاحب هدف كبير ظن أن بلوغه رهن بالسكوت على أشياء لا يصح السكوت عليها 
والدخول في علاقات يحسن أن لا يدخل فيها من له مثل مكانه ومكانته في البلاد ؟! 

ا خا 5 

وبسبب من هذه النظرة امثالية نلتقي في فكر الرجل بأمثلة عديدة لقضايا معقدة 
اعتقد أن التربية وحدها كفيلة بتقديم الحلول السحرية لها . 

فالأمة التي «لم تقوم نفوسها بالتربية السليمة »ولم تثقف عقوا بالمعارف 
الصحيحة») سبيلها إلى بلوغ هذه الغاية أن تترك «لولي (La yal‏ الذي يهض بجهمة 
«تبذيبها وإصلاح طباعها» وذلك قبل تغيير نظمها السياسية والاجتماعية » واستبدال 
الأنظمة الفردية للحكم بالشوري والدستوري والنيبي منها .. مع أن الطريق الوحيد 
السليم fas of pa‏ هذه الأمة بإيجاد المناخ السياسي والاجتاعي الذي يتيح لما 
التربية والتثقيف والتهذيب”*. . . اللهم إلا إذا كان الحديث عن جهذيب لقلة عحظوظة 
من أبناء هذه الأمة . يمكن أن يتحقق لما ذلك في ظل الحكم الفردي وأنظمة 
الاستتداد . 


وعندما كان النفوذ الاستعماري الأوروبي يزحف على الولايات العربية العثمانية في 


(9) انظر في هذا الجزء : «من حديث عن السياسة» . 
(:) تتردد مثل هذه الأفكار في (كتاب الأحداث العرابية) » انظره في هذا الجزء . 


\o4 





المشرق العربي » مستخدماً العديد من الأسلحة والوسائل . ومنها مدارس جمعيات 
التبشير . . مم ير الأستاد الإمام سلاحا نحارب به هذا النفوذ الاستعياري سوق سلاح 
التربية » فهو يقول : إنه لا سبيل لمواجهة النفوذ الأجنبي في لبنان «إلا بالتربية ومدافعة 
الأجانب بمثل سلاحهم ... وما أسهل سد تلك المنافذ على أولئك الأجانب بإنشاء 
معهد للتربية العثمانية) . 
المواطنين هناك إلى draw‏ وشيعة » ودروز وعلويين oh‏ الح 57 الخ 2 ويتعلق sl}‏ 
الدروز بالنفوذ الانجليزي » يرى الأستاذ الإمام أنه«لا طريق لإصلاحهم وراحة الدولة 
من ناحيتهم إلا ما يسلكه غيرنا لمثل هذه الغاية وهو التربية والتعليم » مع اختيار 
الصالحين للقيام بها . .)© . 

مع أن لمشكلة الطائفية هذه عديداً من الجوانب . من أهمها جوانبها الاقتصادية 
والاجتماعية والأوضاع الطبقية لزعائها الذين يذكون أوار نارها . والامتيازات 
الاقتصادية والاجتاعية التي تتمتع با بعض هذه الطوائف [oy‏ يحرم منها الآخرون. .. 
ولكن نظرة الأستاد الومام (المثالية) لقضية التربية والتعليم جعلتها في نظره عصا سحرية 
قادرة على صنع المستحيلات ; 

00 0 


ونوع التربية التي كان يراها ويدعو إليها الأستاذ الإمام من الأمور التي تستحق 
الدرس والتأمل والانتباه . . فهي . على كل مستوياتها » تربية تستئد إلى الدين » وتنبع 
من تعاليمه » وتتصل به بسبب وئيق » وذلك لأن الرجل كان صاحب رأي يرى أن أي 
إصلاح للشرق والشرقيين لا بد وأن يستند إلى الدين حتى يكون سهل القبول شديد 
الرسوخ عميق الحذور في نفوس الناس . . 

وهو مع إيمانه بالوطن والوطنية » لا يرى أن هذه الوطنية يمكن أن تكون «عقيدة) 
تحل محل «الدين» في دفع عجلة الإصلاح إلى الأمام » فمن «ظن أن اسم الوطن © 
ومصلحة البلاد » وما شاكل ذلك من الألفاظ الطنانة يقوم مقام الدين في إنباض الهمم 


)°( انظر d‏ الجزء HSE‏ من هذه الأعمال (لائحة اصلاح القطر السوري) : 


5 





وسوقها إلى الخايات المطلوبة منها فقد ضل سواء السبيل . ..0©. 

وهو يزيد رأيه في دور الدين في التربية إيضاحاً وتحديداً عندما يتحدث إلى 
الناس » فيقول لهم : «إن مطلوبكم المحبوب هو العلم » كان العلم فيكم وكان الحق 
معه » وكان الحق فيكم وكان المجل معه . . كل مفقود يفقد بفقد العلم » وكل موجود 
يوجد بوجود العلم . . أما العلم الذي نحس بحاجتنا إليه فيظن قوم أنه علم الصناعة 
وما به إصلاح مادة العمل في الزراعة والتجارة مث . وهذا ظن باطل » فإنا لو رجعنا 
إلى ما يشكوه كل منا نجدأمرا وراء اجهل بالصناعات وما يتبعها إن الصناعة لو وجدت 
بأیدينا نجد فينا عجزاً عن حفظها » وإن المنفعة قد تتهيأً لنا ثم تنفلت منا لشيء في 
نفوسنا فنحن نشكو ضعف الحمم . وتخاذل الأيدي » وتفرق a‏ » والغفلة عن 
0 ؛ فمطلوبنا هو علم وراء 
هذه العلوم ألا وهو العلم الذي يمس النفس , وهو علم الحياة البشرية ... العلم 
المحبى للنفوس هو علم أدب النفس › وكل أدب ها هو في الدين › فا فقدناه هو 
التبحر في آداب الدين » وما نحس من أنفسنا طلبه هو التفقه في الدين , ولا أريد أن 
طلب علا حفوظاً »> ولكثا نطلب علاً مرعياً ملحوظاً . . . فإذا استكملت النفس 
بآداها عرفت مقامها من الوجود » وأدركت منزلة الحق في صلاح العالم , » فالتصبت 
لنصره » وأيقنت بحاجتها إلى مشاركيها في الوطن والدولة والملة . . . وإننا في تحصيل 
هذا العلم الحيوي لا نحتاج إلى الاستفادة من البعداء عنا » بل يكفينا فيه الرجوع لا 
تركنا » وتخليص ما خلطنا » فهذه كتبنا الدينية والأدبية حاوية لا فوق الكفاية مما 
نطلب » وليس في كتب غيرنا ما يزيد عنها إلا بما لا حاجة بنا إليه » وكما وصل إلينا 
وجودنا بالتناسل عن آبائنا » فلتصل إلينا حياة نفوسنا بما أورثونا من علومهم وآدابهم » 
ولا يتيسر لنا ذلك إلابعلم اللغات التي أودعوها معارفهم » وهي لدينا لغتان : 
التركية .. والعربية) 9)©. 

ونحن نعتقد أن الأستاذ الإمام قد وقف في هذا النص من العلوم الحديثة › 
وخاصة علوم الحياة العملية » موقفاً شديد المحافظة . فهو قد أنكر دور هذه العلوم في 
تأديب النفس وإحيائها » وهو دور بالغ الأثر وأكيد » وهو قد أعلن الاستغناء عن 


(5) انظر : (لائحة اصلاح التعليم العثماني) في الجزء الثالث من هذه الأعمال . 
(Y)‏ انظر J‏ هذا الجزء (مراسلات) 


1 





الاستفادة من التراث الإنساني . والاقتصار على ما في العربية والتركية من معارف 
وعلوم . وعلى الرغم من أنه أعلن أن العلم المطلوب إحياؤه هو العلم «المرعي الملحوظ» 
لا «العلم المحفوظ» . إلا أننا نعتقد أن أفقه هذا قد حدت من رحابته تلك النظرة 
الوحيدة الجانب التي اكتفت بالتركيز على جانب واحد من العلوم » هو جانب علوم 
الدين » ولعل في البيئة العثيانية التي كتب فيها هذا الكلام” » وما كان بها من تيارات 
محافظة قوية » تقف تجاهها تيارات شديدة «التفرنج» إلى حد تشويه الشخصية العربية 
والمسلمة . . لعل في هذه البيئة التفسير لذلك الغلو في تقدير جانب من العلوم والتقصير 
في تقدير جوانب أخرى . لأن مواقف الأستاذ الإمام في بعد ذلك لم تقف عند هذا 
cage‏ من" الخلو اتفه 

ول يكن رأيه في ضرورة استناد التربية إلى الدين خاصاً بالتربية العثانية ولا بالتربية 

في القطر السوري اللذين أفرد لإصلاح التعليم في كل مهما لائحة خاصة » وإنما كان 

ذلك رأيه انا eye lane‏ لإصلاح التربية في مصرء لأن هذا كان رأيه » كا 
أسلفنا » بالنسبة لكل الشرق وجميع الشرقيين . 

فهو بعد أن يرجع أسباب «احتقار النظام والتأثر بالوساوس» عند المصريين إلى 
«بعد جمهورهم عن المعرفة بوجوه المصالح . . 2 من التربية التي تطبع نفوس 
أغلبهم على الاستقامة والتؤدة والتبصر في العواقب . . .» يرى أن هذه التربية المفتقدة 
ee‏ إلى الدين وتنبع منه وتكون شديدة الارتباط به , فيقول : إن 

نفس المصريين أشربت الانقياد إلى الدين . حتى صار طبعاً فيها » فكل من طلب 
Breer area cs‏ للتربة التي أودعه فيها > فلا 
ينبت ١‏ ويضيع تعبه » ويخفق سعيه , وأكبر شاهد على ذلك ما شوهد من أ ثر التربية التي 
a‏ أدبية من عهد محمد علي إلى اليوم » فإن المأخوذين بها لم يزدادوا إلا فساداً ‏ وإن 

أن لهم شيئا من المعلومات - فا م تكن معارفهم العامة وآداءهم مبنية على أصول 
0 فلا أثر لها J‏ نفوسهم ON tas‏ 

ونحن نود أن نلفت النظر إلى خطأ الذين يستنتجون من هذه النصوص أن الرجل 





(۸) نشر هذا الكلام في (ثمرات الفنون) البيروتية سنة 1885 م . 
(9) انظر : (مشروع إصلاح التربية في مصر) في الجزء الثالث من هذه الأعمال . 


۲ 





كان داعية «تربية دينية) و«تعليم ديني» فقط لا غير. . لأنه فرق بين «التعليم الديني» 
و«التعليم المؤسس على مبادىء الدين» والرجل كان داعياً للثاني غر حبذ للاقتصار على 
الأول » وذلك بدليل أن النموذج الذي حبذه » وأسهم فيه » وشاء له أن يكون صورة 
المستقبل كان cas‏ «(مدرسة دار العلوم العليا) وهي تعليم مدني يستجيب لظطروف 
عصره ويقيم مع المبادىء الدينية الصلات التي ينبه على ضرورتها الأستاذ الإمام . Mes‏ 
لقد كانت للرجل بالنسبة للتعليم الديني والمدارس الدينية آراء فيها من الحرأة الشيء 
الكثير . . . كان يتمنى أن يبلغ الإنسان » من كل دين » إلى حد م 
خالصاً . وأن تكون لتعاليم الدين أماكن خاصة بهذا اللون » وأن يزول المزج بين 
النوعين في مدارس التعليم العام . . . ee ee‏ 
الناس له في بلاد الشرق » فكتب يحذر المصريين من إرسال at‏ إا 
الإرساليات الأجنبية وبعثات التبشير» للحفاظ على عقيدتهم التي تؤثر فيها هذه 
المدارس » وذلك «حتى يأذن الله تعالى بنع التعليم الديني في جيع atl‏ العام » 
فتكون المدارس قاصرة عللى 2 غير الدينية والمتائع :+ ويكون للدين مواضع 
مخصوصة لتعليمه والتربية بمقتضا ه. وهذا ‏ خصوصاً في مثل أقطارنا ‏ أبعد من بجيء 
الألف على رأس OOS BU‏ 


وهناك جانب آخر من جوانب فكر الرجل في موضوع «التعليم» نضع له 
دراساتنا اصطلاحات محددة » مثل «ديمقراطية) التعليم » أو «طبقية» التعليم 0 
فالذين يرون حق أبناء المجتمع جميعا - بصرف النظر ععن الوضع الطبقي في بلوغ أعل 
مراحل التعليم ¢ وواجب الدولة في البلوغ بهم [ إلى هذه المستويات الرفيعة » ينادون : 
«بديقراطية التعليم) . . . بين الذين يرون لكل طبقة اجتماعية مستوى تعليمياً لا تتعداه 
هم من انصار «طبقية التعليم» . . . والأمر المؤسف أن الأستاذ الإمام كان من أنصار 
«طبقية) التعليم ؟!. 

فهو يقول بصراحة : إن الناس في التعليم طبقات ثلاث : 

فالطبقة الأولى : العامة من أهل الصناعة والتجارة والزراعة ومن يتبعهم . 





. انظر : (بقايا مسألة تأثير التعليم في العقيدة) في الجزء الثالث من هذه الأعمال‎ )٠١( 


wy 





والثانية : طبقة الساسة من يتعاطى العمل للدولة في تدبير أمر الرعية ‘ وحماتها 
من ضباط العسكرية » وأعضاء المحاكم ورؤسائها ومن يتعلق بهم . ومأمورو الإدارة 
على اختلاف مراتبهم . 

والطبقة الثالثة : طبقة العلماء من أهل الأرشاد والتربية . .» . 

a 

وإن الواجب هو «تحديد ما يلزم لكل واحدة) من هذه الطبقات من التعليم ¢ کےا 
ونوعاً . . وعندما يريد الأستاذ الإمام أن يتحفظ على تقسيمه هذا » ليقول لنا إن ارتقاء 
الناس بالتعليم من الطبقات الدنيا إلى العليا غير ممنوع » نجد صورة هذا الاستثناء 
والتحفظ لا تخرج عن حدود «الشواذ» والحالات الفردية و«الآحاد» من النوابغ 2 
فيقول : «ولا نريد بهذا التقسيم منع الآحاد من كل طبقة أن يطلبوا الكمال الذي حص 
به من فوقهم . . 2١0).‏ . فهو موقف طبقي ينظر إلى التعليم من موقع طبقي » فيقسم 
الناس إلى طبقات تبعا لوضعهم الاجتماعي 6 css‏ لكل طبقة وحدودا تعليمية) لا 
تتعداها » اللهم إلا بالنسبة للآحاد «والشواذ» الذين لا يقاس عليهم d‏ تخطي هذه 
الحدود ؟!.. 

وحتى لا يتوهم إنسان أننا نظلم الرجل » فنعمم مدلول كلاته هذه على موقفه 
ونشاطه في حقل التربية والتعليم » نلقى نظرة متأملة على جهوده العملية في هذا 
المجال . وهى الجهود التى أنيحت له عندما رأس (الجمعية الخيرية الإسلامية) التى 
كانت تعمل في خدمات ثقافية واجتاعية في مقدمتها التعليم2'9 .. 

ففي ذلك التاريخ كانت مدارس التعليم العامة الأميرية » التي ينفذ فيها الانجليز 
خططهم التعليمي تقف بالتلميذ المصري عند الحدود التي تجعل منه موظفا محدود 
الأفق , وكاتب ديوان لا يبتم بشئون الوطن . ولا بما هو أساسي من المعارف الإنسانية 
وأصول العلوم » والنظرة الشاملة والكلية للكون أو التاريخ أو الإنسان . 

وني ذلك التاريخ أيضاً كان مصطفى كامل وتيار الحزب الوطني يقيم المدارس كي 
تقدم cat‏ الوطني anil | iS pall‏ الذي تجعل منه الثقافة Cole‏ موقف d Sop‏ 


. انظر : (لائحة اصلاح التعليم العثاني) في الجزء الثالث من هذه الأعبال‎ )١١( 
› م‎ ۱۹٠١ ه) » ورأسها الأستاد الإمام سنة‎ ٠۳١١١ تأسست هذه الحمعية سنة ۱۸۹۲ م (سنة‎ )١۲( 
f fe ( f 
. (سنة ۱۳۱۸ ه)‎ 


٤ 





مناهضة الاحتلال » وهي المدارس التي اجتذبت أبناء البورجوازية المصرية الصغيرة » 
وأسهمت في تكوين هذه الطبقة وبلورة شخصيتها في المجتمع . 

فياذا كانت مهام المدارس التي أشرف عليها الاستاذ الإمام ؟ مدارس الجمعية 
الخبرية الإسلامية ؟؟. . 


إن الرجل يحدد .فلسفة هذه المدارس .. فهي ليست كمدارس الحكومة ادل 
لتخريخ الموظفين » ومن ثم ليست خاصة بالطبقة الثانية من الطبقات الثلاث التي سبق 
أن تحدث عها . . . وهي ليست كالأزهر ار ارغان سل رن اا راه 
الإرشاد والتربية . . وإنما لتعليم أولاد الفقراء من أبناء أهل الصناعة والتجارة والزراعة 
ال ل ا هذا من حيث 
البيئة الاجتاعية التي تستهدفها هذه المدارس ... أما الفلسفة التي تجعل تعليمها 
مساهمة e‏ التعليم فإنا تتبع من استهداف هذه المدارس من وراء 
التعليم فيها أن يظل «ولد النجار لجار» و«ولد الحداد حدادا) و«ولد الفراش فراشاً» 
ا 0 ل 
إذ «لا شك أن الإنسان إذا ظفر «بفراش» كاتب مهب يزيد في أجره ويطول عنده 
مکثه» ؟!. . أما تخطي هذه الحدود فهو وقف . Lat‏ » على الآحاد من النوابغ وغير 
العاديين . 
وفي إحدى خطب الأستاذ الإمام في مدارس هذه الجمعية في أولى السنوات BI‏ 
تولى فيها رئاستها يقدم لنا تصوره لمهامها وفلسفتها فيقول : «... ee‏ 
لقصد أعلى من هذا في مدارسها » كأخذ الشهادات والاستعداد للوظائف . بل من أهم 
مقاصدها أن تنزع من النفوس اعتقاد أن التعليم لا فائدة فيه إلا Rees‏ 3 
الحكومة . . . وال جمعية توطن نفوس التلاميذ في مدارسها على أن يعمل الواحد منهم 
عمل أبيه بإتقان : ويعيش مع الناس بالأمانة والاستقامة » فولد النجار يكون نجاراً ؛ 
وولد الحداد يكون حدادا » وولد الفراش LS by‏ والتربية والتعليم يساعدان 
كلا على اتقان عمله وصناعته » فيكون أكثر كسباً لأنه أكثر | إتقاناً للعمل > مع الأمانة 
والاستقامة . ولا شك أن الإنسان إذا ظفر بفراش كاتب مهذب يزيد في أجرهء 
ويطول عنده مكثه , ومن كان عنده استعداد لشىء أعلى ما كان عليه آباؤه » وظهر 
عليه ذلك » فإنه يثبعث اليه من نفسه , والجمعية تساعده عليه . . . والجمعية مهتمة 


56 





بإنشاء قسم صناعي في مدارسها ويشتغل بصناعة والده , مدة سلة » وإنها تعلم 
التلامذة بأنهم لوالديهم أولآً » ثم للأقربين , ثم للأمة . . . وتنتزع من نفوسهم الميل 
إلى وظائف الحكومة ... إن من يتعلم في المدارس الأخرى » وني أوروبا » يصبح 
و بالأماني الباطلة التي لا تدرك .. 23١‏ وليس عندنا لغة أجنبية , لأننا لا نعد 
التلامذة للوظائف والشهادات . Lig‏ نعدهم للعمل بالحرف والصنائع . . . كنث 
أحب أن يكون هذا التعليم عاماً في البلاد » منبثاً في جميع الطبقات , يك 
لكل طبقة أن تنناول من العلوم والفئون واللغات في المدارس الثانوية والعالية ما هي 
مستعدة له . . . هذا التعليم سلم برتقي عنه الغني إلى التعليم العالي » ويجعل الفقير 
على مقربة من الغنى في الفكر والخلق , فإما أن يجد فيلحقه . وإما أن يحسن الاستفادة 
منه بخدمته ومساعدته في أعماله بالصدق والأمانة » فهذا التعليم لا يستغني عنه أحد » 
E‏ 

وطبيعي . . فإن لأبناء الأغنياء من الإمكانيات ما يرتقي بهم إلى المدارس الثانوية 
والعالية مما فيها من علوم وفنون » أما الشعب الفقير فليس أمام أبنائه إلا الاستفادة 
«(بسخدمة) الأغنياء ومساعدتهم في أعمالهم بالصدق والأمانة فقط لا غير. . اللهم إلا 
النوار ال 0 . إن هذا هو جوهر 
(طيقية) التعليم عند الأستاذ الومام » مارسه 3 التطبيق بعد أن قدم له pe‏ ا 
أشرنا إليه منذ قليل . 

ek 

ويبدو أن الأستاذ الإمام قد استرجع النظر في تجربته بهذا الحقل قبل شهور من 
انتقاله عن هله الحياة » فأدرك أ نه لم يحقق فيه النجاح الذي مله » والذي تنازل في 
سبيله عن كثير من المواقف والأشياء . 

فالانجليز القائمون على شئون التعليم العام مصممون على «آن لا حق لأولاد 
الفقراء في نوع من التعليم الذي تقوم به الحكومة» وهم لا يقيمون المدارس التي يستطيع 


. والأستاذ الإمام يستخدم تعبير «الأماني الباطلة التي لا تدرك» كناية عن الاشتغال بالسياسة‎ )١19 
م » في الجزء الثالث من هذه‎ ۱۹٠۳ انظر : (تعليم أولاد الفقراء) خطبة سنة ١٠15م وسنة‎ )١5( 
. الأعيال‎ 


۱٦٦ 





خريجها «أن يمارس حرفة تقوم بجعيشته» . . ولقد قلت النفقات الحكومية على التعليم › 
وزادت مصروفاته على أولياء الأمور 37 حد أن صارت تربية الأولاد عبئاً ثقيلا 
أوساط الناس » وإذا استمر هذا التزايد أمسى التعليم زخرفاً لا يتسنى التحلي به 

بيوت الأغنياء» . . ل الرجال المصلحين الذين حلم “e‏ 
وويستحيل أن ينشىء غالا أ aula sls‏ ؛ فكيف بالنوابغ في شيء من هذا ؟!). . 
أما تلاميذ مدارس الجمعية الخيرية الإسلامية فلم يتجاوزوا في حياته تلميذاً ؟!. 


وعندما استرجع الرجل هذه الصورة أثنى على تجربة محمد علي في التعليم » وهو 
الذي سبق وهاجمها أشد اهجوم . . فقال : «إن التعليم في المدارس المصرية من عهد 
محمد علي | إلى سنة os fo «Ell ada JS Loe Op AAA‏ هذا أن تنتج تلك 
المدارس عدداً من الرجال المتعلمين تعلياً حقيقياً > ومعظمهم من الفقراء . . .0 

فإذا أضفنا إلى ذلك أن نفس هذا العام (سنة 6 م) قد شهد استقالته من 
إدارة الأزهر › بسبب الشغب الأزهري الذي دبره ضله الخديوي عباس » ما 
أدى إلى يأس الرجل من شهوده إصلاح ذلك المعهد العتيق » أدركنا ثقل وطأة ذلك 
الفشل الذي حاق بمشروعات الرجل في هذا الحقل التعليمى » ونحن نعتقد أن الرجل 
كان oY Sal‏ يحقق قسطاً كبيراً من النجاح في هذا الميدان لو أنه اتخذ سبي أكثر ثورية ا 
تخذ » لأن شيئاً من الثورية في هذا المجال كان AS‏ أن يجذب إليه التيار الوطني الثوري 
الذي حاربه »› iss‏ بإصلاح العيوب والسلبيات التي حفلت با نظريته عن التربية 
والتعليم » ولا أدل على ذلك مما سبق أن أشرنا إليه من أن الجوانب الإيجابية في فكر هذا 
الرجل لا يستطيع أن يحققها إلا مجتمع ثوري يتبناها فيه ويدافع عنها رجال ثوار 
فليس غير المجتمع الثوري » وليس سوى الرجال الثوار من يستطيعون Sle‏ 
الإصلاحات العميقة الجذور التي أراد الأستاذ الإمام تحقيقها في حياة الشرق وعقول 
الشرقيين . .. وخطأ الرجل الأكبر أنه قد حدد أهدافاً كبرى » ثم اتخذ لتحقيقها وسائل 
لا تستطيع أن تبض بحمل عبء التطبيق هذه الأهداف ؟!. 





)0\( انظر : (التعليم العام) 3 الجزء esi‏ من هله الأعيال ‘ 


VAY 


Converted by Tiff Combine 








الأسرة والمرأة 


[إن الأمة تتكون من البيوت (العائلات) ,2 
أمة... أما النساء فقد ضرب بينهن وبين العلم بستار 
الخرافات » وملاك أحاديثهن الترهات » اللهم إلا قليلا 


منهن لا يستغرق الدقيقة عدهن . .؟!] 


On hate 


54 


Converted by Tiff Combine 








الأسرة والمرأة 


في عدد غير قليل من الآثار الفكرية Yale gil‏ لنا الأستاذ الإمام نجد اهتمامه 
بالأسرة » وتركيزه على أن إصلاحها وإقامتها على أسس سليمة هو الضمان لتكوين 
المجتمع والأمة على النحو الذي نريد من جهودنا في الإصلاح . لأن الأسرة هي اللبنة 
الأولى في هذا البناء الكبير . 

فهو يتحدث عن أن «الأمة تتألف من البيوت (العائلات) » فصلاحها صلاحها › 
ومن لم يكن له بيت لا تكون له أمة . وذلك أن عاطفة التراحم وداعية التعاون | 
تكونان على أشدهما وأكملهما في الفطرة بين الوالدين والأولاد » ثم بين سائر الأقربير 
فمن فسدت فطرته لا خير فيه لأهله » فأي خير يرجى منه للبعداء والأبعدين ؟ ومن 
خير فيه للناس لا يصلح أن يكون جزءاً من بنية أمة , لأنه لم تنفع فيه اللحمة النسبية ‏ 
التي هي أقوى لحمة طبيعية تصل بين الناس فأي لحمة بعدها تصله بغر الأهل » 
فتجعله جزءاً منهم » يسره ما يسرهم ويؤله ما يؤلهم » ويرى منفعتهم عين منفعته 
ومضرتهم عين مضرته » وهو ما يجب على كل شخص لأمته ...2022 . 

وهو يرى أن لهذا التلاحم الأسري دوراً في رعاية المحتاجين في المجتمع والفقراء 

من أهله هله «فصلاح البيت الصغير يحدث له قوة » BB‏ عاون أهله البيوت الأخرى التي 
تنسب إلى هذا البيث بالقرابة وعاونته هي Laut‏ ؛ يكون لكل البيوت المتعاونة قوة GAS‏ 


. من تفسير لاية البقرة (8) . انظره في الجزء الرابع من هذه الأعمال‎ )١( 


١ا/ا‎ 





يمكنه أن بحسن ما إلى المحتاجين الذين ليس لهم بيوت » تكفيهم مؤونة الحاجة إلى 
الناس الذين لا يجمعهم بهم النسب» » فحقوق القرابة وفوائدها لا تقف عند من 
تربطهم nll Bole‏ والقرابة فقط » ومن ثم فهي ليست بالعصبية » وإنما هي نقطة 
تجمع وانطلاق نحو التآخي الوطني العام . 

ولقد كانت نخلف هذا الاهتتام الكبير الذي أبداه الرجل تجاه إصلاح الأسرة 
أسباب كثيرة » بعضها فكري » وبعضها يرجع إلى تكوينه الريفي الذي يقيم وزناً كبيراً 
للترابط الأسري ووحدة البيوت » وهو في هذا الباب كان نموذجاً للفلاح المصري 
الأصيل بكل ما يحمل تجاه هذا الخلق من تقدير وتقديس . . كا أن التفكك والانحلال 
اللذين كانا يزحفان على العلاقات الأسرية التقليدية كانا من الأسباب والعوامل التي 
أزعجت الأستاذ الإمام واستنفرت تركيزه هذا على هذا الجانب من جوانب الاصلاح » 
وهو قد أجرى في هذا الحقل بعض الدراسات » وخاصة في ميدان المحاكم وما تزخر به 
من قضايا تفسد العلاقات بين الأقارب وتفعل فعلها في تفكك البيوت > وعن إحدى 
دراساته هذه يقول : إنني (قد استنتجث بالاستقراء منذ كنت Lab‏ في إحدى المحاكم 
الجزئية أن نحو ۷١‏ في المائة من القضايا بين الأقارب بعضهم مع بعض » با م يحمل 
عليه غير التاقشن وحبالوقيغة والنكابة + فهل من المعقتول أن يكون:الفسا: في 
العلائق الطبيعية إلى هذا الحد من التصرم ونتساءل عن تصرم العلائق الوطنية ؟! هل 
يمكن بعد أن نفقد الروابط الضرورية بين العائلات أن نبحث عن الروابط للجامعة 
الكبرى ؟ أوليس هذا كمن يطلب الثمر من أغصان الشجر بعدما جذ أصولها 
وجذورها » وقطع أوصال عروقها » وغادرها قطع أخشاب يابسة ؟!"» . 


ونحن نعتقد أن نظرة «مثالية» إلى العلاقات الأسرية كانت تسيطر على فكر 
الأستاذ الإمام » وأن جذور هذه النظرة المثالية كامنة في قيم المجتمع الريفي الزراعي » 
بما فيه من تقديس لروابط الأسرة » تلك الروابط التي By‏ من جذورها المجتمعات 
التجارية والصناعية » وما في مجتمع المدينة من روابط عامة يمكن أن تقوم بين الناس 
منسخطية علائق البيوت وروابط العائلات » وهذه العلافات الاجتاعية الجديدة تقوم في 


)( من تفسيره uy‏ النساء (wy‏ . انظره في ف المزء الخامس من هذه الأعيال . 
() انظر : (التربية) في الجزء الثالث من هذه الأعمال . 


¥۲ 





الكثير من الأحيان على حساب العلاقات والقيم الموروثة » ولكن النفس تظل مثقلة 
بالحنين إلى مثاليات العلاقات الأسرية القديمة » رغم تشبث الإنسان بالقواعد المادية 
للمجتمعات والبيئات الجديدة » وهى التي تنسف تلك العلاقات . . . فهو تناقض يقع 
وسلوکه » عندما يدعو للتقدم والتطور » وعندما تعز عليه المصائر التي 
تنتهي إليها الجوانب الطيبة من اخلاقيات المجتمع القديم , ؛ كما أنه تناقض تزيد من 
حدته أن gol‏ التقدم والتطور و«التحديث» كثيراً ما تكون غربية الملطلق . ومنبتة الصلة 
بالقيم الموروثة للمجتمع والناس . . وفي هذا التناقض وقع فكر الأستاذ الإمام عندما 
ظن أن منازعات الأقارب لا يحمل عليها | إلا «التباغعض وحب الوقيعة والنكاية» ds‏ يدرك 
أن قيم المجتمع الجديد في المعاملات المالية والنظرة إلى أمور الحياة هي التي أوجدث كل 
هذه المنازعات بين الأقارب بالذات > لأهم هم الذين تقوم بيغهم وبين بعضهم مثل هذه 
المعاملات ‏ بحكم المبياث ونحوه ‏ قبل أن تقوم بينهم وبين غيرهم من الناس . . ولقد 
بذل الرجل جهداً إصلاحياً كبيراً في هذا الميدان » ويكفي أن نعلم أن أغلب جهده في 
إصلاح المحاكم الشرعية قد استهدف هذا الجانب من الاصلاح » إصلاح الأسرة » 
بوصفها اللبئة الأولى في المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان . 
ع 


وإذا كان حديث الأستاذ الإمام عن الإصلاح الأسري والعائلي ۔ هذا الحديث 
الوعظي العام قد كان » في جملته ٠‏ كلاماً «شعرياً (sles‏ . . . فإن موقف الرجل من 
قضية المرأة - باعتبارها لبئة الأسرة الأساسية ‏ كان بن أعظم مواقفه واقعية وثورية » وهو 
من أبرز المواقف الإصلاحية التي شهدها العصر الذي عاش فيه . 

وبالاضافة إلى ذلك الحديث الذي تشتمل عليه هذه الدراسة » والذي يتناول دور 
الأستاذ الإمام في إخراج كتاب (تحرير المرأة) لقاسم أمين» والفكر الذي أودعه فيه » فإننا 
نورد هنا إشارات إلى موقفه من قضايا ثلاث كانت ولا تزال » في الجملة » من أهم 
القضايا التي تناضل المرأة من أجل كسبها والانتصار فيها على قيم الماضي البالية 
والمعوقات القائمة منذ قرون في هذا الميدان .. وهي : 

١‏ - قضية تعليم المرأة .| ”-وتقيبد طلاقها. ‏ _وتعدد الزوجات 


وفيا يتعلق بتعليم المرأة يتحدث الأستاذ الإمام عن واقع الجهل الذي كانت 


\vY¥ 





| تعيشه المرأة في عصره » وكيف أن «النساء قد ضرب بينبن وبين العلم بما يجب عليهن في 
ديغهن أو دنياهن بستار لا يدري متى يرفع » ولا يخطر بالبال أن يعلمن عقيدة أو يؤدين 
فريضة سوى الصوم . .» وهو ينفي أن يكون هذا الجهل هو سبب العفة والحياء ىا كان 
يزعم خخصوم تعليم النساء » ذلك أن «ما يحافظن عليه من العفة فإنما هو بحكم العادة 
وحارس الحياء » أو قليل جدا من موروث الاعتقاد بالحلال والحرام» وكيف أدى هذا 
الوضع بالنساء إلى أن أصبح «حشو أذهانن الخرافات » وملاك أحاديثهن الترهات » 
اللهم إلا قليلا منبن لا يستغرق الدقيقة عدهن NEO,‏ 

ولقد نادى الرجل . منذ وقت مبكرء بتعلم المرأة » وقنى أن تنهض هذه القلة 
المستنيرة من النساء المتعلمات بتكوين جمعية نسائية تقيم المدارس لتعليم البنات » وحبذ 
هذا الدور هن على ما يشغلهن من أمور السيامسة واستقبال علية القوم في 
الصالونات(* ؟!. . وهو قد دافع عن هذه القضية متضامناً . من وراء ستارء مع 
تلميذه قاسم أمين فيا جاء بكتاب (تحرير المرأة) عن تعليم النساء . 

وفيها يتعلق بتقيبد فوضى الطلاق تناول الأستاذ الإمام بحث هذه القضية الهامة في 
أكثر من أثر من آثاره الفكرية » فهو عندما قئن للمحاكم الشرعية قانوناً تحكم بموجبه إذا 
تضررت الزوجة من غياب زوجها وضع سلطة الطلاق في يد القاضي في عدد من 
الحالات » وجعل من بينها حالة وقوع الضرر بالزوجة من الزوج «كالهجر بغير سبب 
شرعي > والضرب والسب بدون سېب شرعي» و«حدوث النزاع» واشتداده مع عدم 
إمكان انقطاعه . . الخ . . الخ . . . وهو بذلك قد جعل سلطة الطلاق بيد القاضي في 
غد من االات , , 

وعندما أراد أن يحدد الطريقة المثلى لتلافي فوضى الطلاق في المجتمع وكثرته , 
حدد هذه الطريقة في عدد من المواد القانونية المفترحة وهي : 
المادة الأولى : 

«كل زوج يريد أن يطلق زوجته فعليه أن يحضر أمام القاضي الشرعي أو المأذون 
(5) انظر : (الرد على هانوتو) في الجزء الثالث من هذه الأعيال . 


)0( سبق أن أوردنا al,‏ هذا في الحديث عن الأميرة نازلي هائم فاضل 7 
() انظر : (الانفاق على الزوجة والتطليق على الزوج) في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 


1١/5 





الذي يقيم d‏ دائرة اختصاصه ants‏ بالشقاق الذي بینه وبين زوجته . 
المادة الثانية : 

يجب على القاضي أو المأذون أن يرشد الزوج إلى ما ورد في الكتاب والسنة نما يدل 
ويأمره أن يتروى مدة أسبوع 1 
المادة الثالثة : 

إذا أصر الزوج » بعك مضي الأسبوع 6 على ية الطلافق › فعل القاضى أو المأذون 
أن يبعث حك من أهل الزوج وحكم| من أهل الزوجة أو عدلين من الأجانب إن ل يكن 
4( أقارب ليصلحا loin‏ 
المادة الرابعة : 

إذا لم ينجح الحكمان في الإصلاح بين الزوجين فعليهما أن يقدما تقريراً للقاضي أو 
المأذون » وعند ذلك يأذن القاضى أو المأذون للزوج d‏ الطلاق . 
المادة الخامسة : 

لا يصح الطلاق إلا إذا وقع أمام القاضي أو المأذون » وبحضور شاهدين » ولا 
يقبل إثباته إلا بوثيقة رسمية9)) ؟ ! 

بل لقد اعتبر الأستاذ الإمام أن هذا النوع من التحكيم «واجب» على ولي الأمر 
وعلى جماعة المسلمين » ومعنى ذلك أن الاثم بإهمال إقامته وتطبيق نظامه إنما يلحق 
المجتمع الإسلامي بأسره حكاماً ومحكومين . . ذلك أن إهماله يفضي إلى «فساد في 
البيوت بين الأولاد والأقارب ¢ ومثل هذا الفساد Lie‏ يسري وینتشر حق يؤذي الأمة 
بتامها في صلاتها بعضها مع بعض » كا شوهد ذلك عند إهمال هذا الحكم الجليل من 
زمن طويل حتى كأنه لم يرد في التنزيل . . 0©)؟! 


7) انظر : (الطلاق) في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 
(۸) انظر في هذا الجرء : (تدخخل الدولة في الاقتصاد) . 


\Vo 





وهو إلى جانب ذلك يرى اشتراط ثية الطلاق والفراق عند إيقاع يمينه » وأن يكون 
الطلاق جميعه واحداً رجعياً دايا حتى ولو وقع ثلاثاً في مجلس واحد ء ويستعين في هذه 
الأحكام بنظرة مستنيرة تجمع من مختلف مذاهب الملة الإسلامية ما يخفف عن الناس 
المضار النازلة مهم في هذا الميدان. .8 

ولا أدل على عمق هذه النظرة » وثورية هذا الموقف من أن مجتمعنا لا يزال يناضل 
fect fc aU fa gaye pte alg Neda Ges Les‏ 
قرن من الزمان على دعوة الأستاذ الإمام لتطبيقها ؟! 

أما موقف الرجل من مشكلة تعدد الزوجات » فلقد خحلف LS‏ فيها آراء إصلاحية 
لا زلنا ننادي بتطبيقها » ولم تطبق » حتى الآن » وهذه الآراء قد حسمت القضية › 
بموقف إسلامي مستنير » يرى تحريم تعدد الزوجات إلا في حالة الضرورة القصوى › 
بل وحصر هذه الضرورة في حالة واحدة هي عجز الزوجة عن الإنجاب . . 

وفكر الأستاذ الإمام في هذه القضية شديد الحسم والوضوح a‏ فکر 
قديم طرق بابه وحدد فيه موقفه منذ كان رئيساً لتحرير الوقائع المصرية . ptt‏ 
له oT go‏ حياته . 

ففي سنة 188١‏ م يدعو إلى تقييد الشهوة الجنسية في الإنسان » ويرى التزام 
«الاختصاص بين الزوج والزوجة) عندما يقول : «إن سعادة الإنسان في معيشته » بل 
صيانة وجوده في هذه الدار موقوفة على تقييد تلك الشهوة (الجنسية) بقانون يضبط 
استعاها » ويضرب لا حدوداً يقف كل شخص عندها » وتوجب الاختصاص بين 
الزوج والزوجة('» . 

وهو عندما يعرض لرأي الشريعة الإسلامية في التعدد , يقطع بأنها قد علقت 
إباحة التعدد على شرط التحقق من العدل بينبن » ويقطع بأن هذا العدل غير ميسور 
التحقق «كا هو مشاهد» ومن ثم فإن الموقف هو وجوب الاقتصار على الزوجة الواحدة 
ما دام هناك ظن بعدم تحقيق هذا العدل المطلق المطلوب . فيقول : «... قدأباحت 


(9) انظر : (الطلاق) في الجزء الثاني من هذه ae‏ 
۱م . 


۱۷٦ 





| الشريعة المحمدية للرجل الاقتران بأربع من النسوة » إن علم من نفسه القدرة على 
العدل بيهن » وإلا فلا يجوز الاقتران بغير واحدة . قال تعالى : إفإن خفتم أن لا 
تعدلوا فواحدة4 25١7‏ , فإن الرجل إذا لم يستطع إعطاء كل منهن حقها احتل نظام 
المنزل » وساءت معيشة العائلة . . . أفبعد الوعيد الشرعي . وذلك الإلزام الدقيق 
الحتمي الذي لا يحتمل Sus‏ ولا Syd‏ > يجوز الجمع بين الزوجات عند توهم عدم 
القذرة عل العلال نين السرة )“فيلا عن حتقه 1ن :..: وهو يفسر آية إباحة التعدد 
ور ما طاب لكم من النساء» على ضوء آية «إفإن خفتم» ويرى أن «اللازم 
حينئذ إما الاقتصار على الواحدة » إذا لم يقدارىا عل العدل > کا هو مشاهد . وإما 
أن e‏ 
ن أخطر ما في فكر الأستاذ الإمام » مما يتعلق بتعدد الزوجات , ا 
lal! Sal Lie ea‏ ,الاحوال الس جع رورا ودد ی AUS‏ 
الفتوى التي أجاب فيها على ثلاثة أسئلة تدور حول هذا الموضوع » فنحن نلتقي في هذه 
الفتوى بعدد من الآراء والأحكام التي تلم بكل جوانب القضية » والتي حدد فيها 
الأستاذ موقفاً شديد النضج والتقدم » وذلك عندما رأى 
١‏ أن نظام تعدد الزوجات » واعتياد هذا النظام » ليس خاصية من خصائص 
الشرق ولا قسمة أصيلة من قسات الشرقيين التي يتميزون بها عن الغرب 
والغربيين . . . فهذا النظام ليس موجوداً عند شعوب «التبت» و«المخول» مثلا . . كما 
ان الغرب قد عرف هذا النظام في بعض مراحل تطوره » وعرفه من الشعوب الغربية 
«الجرمان» و«الغولى» » بل لقد أباحه «بعض البابوات لبعض الملوك بعد 0 الدين 
المسيحي إلى أوروبا » كشرلمان ملك فرنسا » وكان ذلك بعد الإسملام) . . أي أنه نظام 
مرتبط بظروف وعوامل ليست مقصورة على الشرق ولا ملازمة لهم » وهو لذلك يمكن أن 
يزول بزوال هذه الظروف . . 
۲ - أن نشأة هذا النظام قد ارتبطت بزيادة أعداد النساء على أعداد الرجال في 





. ]۳ : [النساء‎ )۱١( 
انظر في الحرء الثاني : (حكم الشريعة في تعدد الزوجات) وهو منشور بالوقائع في 8 مارس سنة‎ )١١( 
. م‎ ۱ 


۱۷ 





الملجتمعات الحربية القديمة » ومنها المجتمع العربي الأول . . وأن الذي أسهم في شيوع 
هذا النظام هم tle) of‏ الذين احتازوا لأنفسهم «الرياسة» و«الثروة) 5 هذه المجتمعات » 
فأخحذوا d‏ حيازة النساء لوشباع ما لدم من شهوات .. 


٠‏ أن الوسلام على عكس ما يزعم الكتاب الأوروبيون لم يقر عادات الجحاهلية 
وموقف الجاهليين من هذا الموضوع › وليس صحيحا «أن ما كان عند العرب عادة جعله 
الإسلام ulus‏ . . ذلك أن الإسلام قد اتخذ من التعدد Gaye Lede] Ladys‏ إل الاه 
بالتدريج . . فلقد كان التعدد مباحأ دون حد نحدود , فوقف به الإسلام عند حد 
الأربعة » وطبق هذا التحديد «بأثر رجعي) ) وفي حالات كثيرة دخل الإسلام من في 

عصمته أكثر من هذا العدد ‏ عشر نساء مثلا - فتخلى بحكم إسلامه عن ما زاد على 
الأربعة منبن . . . ومن ثم فإن الخطأ الذي وقع فيه الكتاب الأوربيون الذين ظنوا أن 
الإسلام قد قنن عادات الجاهلية » هو نابع من قياسهم ودراستهم واقع المسلمين , 
وحسباهم أن هذا الواقع هو موقف الإسلام . 


؛ - وأن الإسلام عندما أباح التعدد المحدود إنما كان يريد احرج من ظلم 
أشد » فلقد كان الرجال الذين يكفلون اليتييات يتزوجون ببن طمعا في مالهن 00 
لهم الإسلام «إن كان ضعف اليتبيات يجركم إلى ظلمهن » وخفتم أن تقسطوا فيهن 
تزوجتموهن » وأن بطغى فيكم سلطان الزوجية فتأكلوا أموال من وتستذلوهن , ee‏ 
النساء سواهن فانكحوا ما يطيب لكم منبن من ذوات جمال ومال من واحدة إلى أربع) 
فهو تشريع يجب أن ينظر إليه على ضوء هذه الملابسات . . 

أن الإسلام قد اشترط تحقق العدل المطلق في حالة التعدد » فإن ظن عدم 
تحقق هذا العدل المطلق » وجب الاقتصار على الزوجة الواحدة . . . فالموقف ليس 
موقف الترغيب في التعدد بل التبخيض له » ولو عقل شرط العدل لا زاد المكثرون على 
الواحدة . 

5 ثم يعرض لنظام الرقبق » الذي كانت له بقايا ملحوظة في بعض المجتمعات 
الإسلامية على عصره » فيبرىء الإسلام من هذا النظام » عندما يفرق بين أسيرات 
الحرب الشرعية المشروعة «التي قصد با المدافعة عن الدين القويم أو الدعوة إليه 
بشروطها) ‏ وهي حروب قد انتهت منذ قرون وحلت علها حروب السياسة - يفرق بين 


\VA 





أسيرات هذه الحرب التي لم يعد ها وجود » وبين ضحايا نظام الرقيق الذي عرفه 
السلمون طويلاً » والذي هو أمر غريب عن الإسلام » لا يعرفه ولا يقره › 
فالحركسيات اللاتي يبعن لاحتياج أهلهن للرزق » والسودانيات اللائي يجلبهن 
«الأشقياء السلبة المعروفون بالأسيرجية» أمرهن منسوب إلى عادات الجاهلية » جاهلية 
الجركس والسودان » ولا صلة هذه الحاهلية بدين الإسلام . 


۷ ثم يصل الأستاذ الإمام في فتواه هذه إلى بيت القصيد من الموضوع عندما 
يحسم إجابة السؤال : هل يجوز منع تعدد الزوجات ؟! ويجيب على هذا السؤال الواضح 
WiLL‏ المحدد : نعم ... لأن العدل المطلق شرط واجب التحقق ... وتحقق هذا 
العدل «مفقود حتمأ) . . . ووجود من يعدل في هذا الأمر هو أمر نادر » لا يصح أن يتخذ 
قاعدة . . . كما أن في التعدد ضرراً محققاً يقع بالزوجات » وتأريشاً للعداوة بين 
الأولاد . . فللحاكم وللعالل » بناء على ذلك » أن يمنع تعدد الزوجات مطلقا . . اللهم 
إلا في حالة ما إذا كانت الزوجة عقي » فإن للقاضي أن يتحقق من قيام هذه الضرورة - 
(ضرورة الإنجاب - فيبيح الزواج بأخرى غير الزوجة العقيم 29 . . 

ونحن نعتقد أن الرجل بموقفه هذا قد استخرج من القرآن الكريم » بعقله 
المستنير » أحكاماً هي أشبه بالثورة على ذلك الواقع المتخلف الذي عاشته المرأة 
السلمة » بسبب هذا التعدد » ولا زالت تعيشه حتى الآن » وهي أحكام لا زالت في 
انتظار المشرع الذي يضعها في التطبيق . . ! 


(19) انظر في الجزء الثاني : (فتوى في تعدد الزوجات) . 


\v4 


Converted by Tiff Combine 








الأصلاح الديني 


[يجب تحربر الفكر من قيد التقليد. وفهم الدين 
على طريقة سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف , 
الإنسائية . بل هي أفضلها على الحقيقة ...]00000 


تمد عبده 


\A\ 


Converted by Tiff Combine 








gel الإصلاح‎ 


في أخريات حياة الأستاذ الإمام 6 وعندما شرع في كتابة فصول يترجم فيها حياته 
ويسجل بها سيرته » حدد الأهداف التي ارتفع مها صوته » وبذل في سبيل تحقيقها جهده 

وحياته » في ثلاثة أهداف : 

. . الإصلاح الديني » وتحرير الفكر من قيد التقليك‎ ١ 

» والإصلاح اللغوي» بجعل حاضرنا اللغوي والأدبي امتداداً لعصرنا الذهبي‎ ١ 
» وتخطي عصور الركاكة والعجمة التى غرق فيها أدبنا في الشكلبات والزخارف‎ 
. والمحسئات‎ 

۳ - واللإصلاح السياسي (قبل أن هجر السياسة » ويتفرغ للهدفين الأولين) . 

وإذا كانت دراستنا عن فكر الرجل قد اقتصرت حت الآن على فكره السياسي وما 
يرتبط به من أفكار اجتماعية » eS! Ob‏ الصورة لا يتأتى إلا بإلقاء الأضواء الضرورية 
على فكره في الإصلاح الديني » إذ في ميدانه نلتقي بعبقرية الرجل متالقة مشرقة » ونظفر 
بآثاره حافلة بكل ما هو إيجابي ¢ بل تكاد آثاره ف هذا الحقل وفي الإصلاح اللغوي 

والأدي أن تخلو من السلبيات التى صادفنا الكثير منها في فكره ومواقفه السياسية . 

& &* * 
والرجل قد حدد هدفه من الإصلاح الديني عندما قال عنه: إنه يعنى «تحرير الفكر 
من قيد التقليد › وفهم الدين على طريقة سلف هذه الأمة قبل ظهور الخلاف , 


1A۳ 





والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى » واعتباره ضمن موازين العقل البشري 
ا O‏ » لتتم حكمة الله في حفظ 
نظام العالم الإنساني , وأنه على هذا الوجه يعد صديقاً للعلم » > باعثا على الببحث فى 
أسران الكون +" داغياً إلى احترام الحقائق الثابتة , مطالباً بالتعويل عليها في أدب النفس 
وإصلاح العمل . . كل هذا أعده (al‏ را2 

وقد خَالَفْتَ في الدعوة إليه رأي الفثتين العظيمتين اللتين يتركب منهي|ا جسم الأمة: 
طلاب علوم الدين ومن على شاكلتهم » وطلاب فنون هذا العصر ومن هو في 
ناحيتهم20) . 

ونحن لا نريد أن نفيض في عرض البناء الفكري شبه المتكامل الذي أقامه 
الأستاذ الإمام في هذا الميدان » وذلك لاعتقادنا أن النص الأمثل في تجسيد فكره هذا هو 
ذلك الذي فسر به ما فسر من سور القرآن وآياته . . فالرجل عندما جلس بالأزهر في 
سني حياته الأخيرة كي يفسر القرآن الكريم كان قد عزم على أن يكثف لنا مذهبه في 
الإصلاح الديني وتحرير العقل الإنساني , وإقامة الصلات الممكنة بين العلم والدين » 
أن يكثف لنا مذهبه في هذه القضايا في تفسيره للقرآن . . ولذلك فنحن نحيل القارىء 
لدراسة بنائه الفكري المتكامل هذا على نصوصه في الجزئين الرابع والخامس من أعماله 
الكاملة » إذ فيها سيأتي تفسيره لما فسر من سور القرآن وآياته ... ولكن الذي نود 
الإشارة إليه هنا هو تقدير الأستاذ الإمام للعقل الإنساني » ومكانته » وقدراته في البحث 
والنظر والوصول إلى حقائق الأشياءفي هذا الكون وهذه الحياة . . وذلك بعد أن أشرنا 
إلى المكانة الرفيعة التي للدين في فكر الرجل » حثتى أنه قد جعل منه المرتكز الأول 
والأساسي للنشاط الإنساني في حقل التربية والتعليم . . وهذه الإشارات التي نود إيرادها 
هنا عن مقام العقل في الإصلاح الديني عند الأستاذذ الإمام » يكن أن نوجزها في عدد 
من النقاط . . وذلك مثل : 

| - إعلاؤه شأن العقل في تفسير القرآن » وهو كتاب الدين الأول والأساسي 
ورأيه في وجوب أن يطرح الذين يريدون تفسير القرآن leas‏ حديئاً مشیر أن يطرحوا 
ie‏ «رؤية) السابقين من المفسرين » وأن يتزودوا فقط بالأسلحة والأدوات اللخوية › 


. انظر الجزء الثاني : (سيرتي)‎ )١( 


1A4 





وشيء من أسباب النزول » ومعلومات السيرة النبوية » ومعارف التاريخ الإنساني عن 
حياة الكون والشعوب التي يعرض هما القرآن الكريم . 

فهو يعتير أن «رؤية) المفسرين السابقين قد ارتبطت بالمستوى العقلي ودرجة العلم 
التي بلغوها فدات مجتمعاتهم وبیئاتہم الثقافية . وليس بالضرورة أن يكون عقلنا 
asl,‏ ا ل فقط . ولا أن تكون حصيلتنا الفكرية هى فقط ما حصلوه 
لذلك يحدد منهجه في تفسير القرآن » ويدعو إليه عندما a‏ 
(العروة الوثقى) » فيقول له : «داوم على قراءة القرآن » وتفهم أوامره ونواهيه , 
ومواعظه وعبره» كا كان يتل على المؤمنين والكافرين أيام الوحي. وحاذر النظر إلى وجوه 
التفاسير إلا لفهم لفظ مفرد غاب عنك مراد العرب منه » أو ارتباط مفرد بآخر خفي 
alate the‏ ثم اذهب إلى ما يشخصك القرآن اليه » وأمل بنفسك على ما يحملٍ 
عليه » وضم إلى ذلك مطالعة السيرةالنبوية » واقفاً عند الصحيح المعقول » حاجزاً 
عينيك عن الضعيف MOS ghd‏ 

إعلاؤه شأن العقل كقوة من قوى الإنسان » عند مقارنته بالقوى الأخرى التي 

يتمتع بها هذا الإنسان » والأستاذ الإمام يقف ني هذ الأمر قريباً جدأً من موقف 
الفلاسفة الإهيين» ومنهم المعتزلة بين مدارس oa‏ المسلمين. فهو يعتبر كل النتائج 
التي يصل اليهاالعقل سبلا توصل إلى ould Gl‏ اللا ي أن طريق العقل هو طريق معرفة 
ab‏ « ولد لكف فهو يقول : إن «العقل ان الوق بل هو قوة القوى الإ نسانية 
وعمادها , والكون جميعه هو صحيفته التي ينظر فيها وكتابه الذي يتلوه » وكل ما يقرأ 
فيه فهو هداية ! إلى الله وسبيل للوصول اليه) . فليس هناك إذن صفحات في هذا الكون 
محظور على العقل الإنساني أن يطالعها ويرى فيها ما يراه ذلك أن الحدود التي تحدد 
نطاق النظر العقلى هي حدود «الفطرة» لا «النصوص الأثورة)» ala‏ قد «أطلق للعقل 
البشري أن يجري في سبيله الذي سنته له الفطرة بدون تقييد . .» › وما ذلك إلا لأن 
«العقل قوة من أفضل القوى الإنسانية » بل هي أفضلها على الحقيقة . ."» . 

۳ وفيا يتعلق بالنصوص المأثورة عن السابقين » يفرق الأستاذ الإمام ما بين 


(۲) انظر هده الرسالة المرسلة إلى ( ش.ي . ) في الجزء الرابع من هذه الأعمال . 
() انظر هذه النصوص في (الاسلام والنصرانية بين العلم والمدنية) في الحزء الثالث من هذه الأعمال . 


1A0 





القرآن وبين غيره من النصوص . . ففيم| يتعلق بغير القرآن من النصوص لا يرى الرجل 
لنص حصانة تعلي من OLS‏ وما يصل إليه من براهمين ومعطيات » ذلك أن الرواة 
ورجالات السند » لا نستطيع نحن با لدينا من معلومات » أن نجعل من مروياتهم هذه 
حججا تعلو حجة العقل الذي هو أفضل القوى الإنسانية على الإطلاق . . وعن قيمة 
هذه الأسانيد يتحدث الأستاذ الإمام إلى أحد عاياء الهند فيقول له : «ما قيمة سند لا 
أعرف بنفسبي رجاله , ولا أحوالهم . ولا مكانهم من الثقة والضبط ؟ وإنما هي أسماء 
تتلقفها المشايخ بأوصاف نقلدهم فيها . ولا سبيل لنا إلى البحث فيا يقولون ؟!9») 
والأستاذ الإمام لا يكتفي في هذا الباب ‏ الذي تدخل فيه أحاديث الآحاد » وهي أغلب 
ما روي من أحاديث ‏ لا يكتفي بثقة الراوي فيمن روى عنه » بل يطلب أن تتوافر لنا 
نحن مقومات ثقتنا في هؤلاء الرواة » وهو أمر مستحيل » فيقول : (إن ثقة الناقل بمن 
ينقل عنه حالة خاصة به لا يمكن لغيره أن يشعر بها حتى يكون له مع المنقول عنه في 
الحال مثل ما للناقل معه » فلا بد أن يكون عارفاً بأحواله وأخلاقه ودخائل نفسه » ونحو 
ذلك بما يطول شرحه ويحصل الثفة للنفس بما يقول (CO J‏ ... وهكذا لا سبيل 
أمامنا ولا مفر من عرض هذه «المأثورات» على القرآن » ف| وافقه كان القرآن هو حجة 
صدقه وما خالفه فلا سبيل لتصديقه » وما حرج عن الحالتين فا لمجال فيه لعقل الإنسان 
مطلق ومفتوح . 

» يتعلق بنص القرآن , فإن الأستاذ الإمام يسمو به عن مواطن الاشتباه‎ [eb Ul 
ويرتفع به عن منازل الحدل . لا بفرض ظواهر آياته على معطيات العقل وبراهينه‎ 
ومنجزات العلم وثمراته » وإنما بتحديد الإطار الذي يستلهم فيه الإنسان آيات القرآن‎ 
الكريم » والإطار الذي يهتدي فيه الإنسان بالعقل والعلم دون أن يقع في حرج المخالفة‎ 
لنصوص القرآن . . . فالقرآن كتاب دين أولا وقبل كل شيء » وهو في تعرضه لآثار الله‎ 
» في الأكوان لم يتعرض لما تعرض المدلي بالحقيقة وإنما تعرض المستهدف للعيرة والعظة‎ 
 ةيملعلا وعندما يعرض للحديث عن الطبيعة لا يعرض لها عرض المقرر للقواعد‎ 
الداعي إلى الإيمان والالتزام مبذه القواعد » وإنما عرض من يستخدم هذه الأمور وسائل‎ 
للرهنة والاستدلال على وجود الفاعل في هذا الكون وقدرته ووحدانيته «فالقرآن يذكر‎ 


(5) انظر في الجزء الثالث من هذه الأعمال (رسالة إلى أحد علاء الهند) وهو الشيخ «أحمد أبو الخير» . 
(0) انظر تفسير الآية (4) من سورة البقرة في الجزء الرابع من هذه الأعمال . 


۱۸٩ 





إجالاً من آثار اللَّهِ في الأكوان » تحريكاً للعبرة » وتذكيراً بالنعمة » وحفزاً للفكرة . لا 
تقريراً لقواعد الطبيعة » ولا إلزاماً باعتقاد حاص في الخليقة » وهو في الاستدلال على 
التوحيد لم يفارق هذا السبيل . .”) . 

وهو يشير في هذا النص إلى محاولات البعض تكذيب نصوص القرآن التي 
عرضت لقصة الخليقة ‏ (نشأة الحياة الإنسانية وقصة آدم) ‏ بمقارنتها بنظريات العلم في 
هذا الميدان » فيذكر صراحة أن القرآن لا يلزم باعتقاه خاص في هذا الأمرء وأن آياته 
في هذا الموضوع لا تقرر للطبيعة القواعد وإنغا هي مسوقة لأهداف 4h]‏ غايتها الحداية 
والموعظة وضرب الأمثال كي تتحرك الطاقات الخيرة والعاقلة في الإنسان إلى ما يحقق 
السعادة لنوعه eligi bls‏ 

ونحن إذا شئنا أن «نصنف» موقف الأستاذ الإمام هذا بين مواقف المفكرين » 
نستطيع أن نقول : إن الرجل كان صاحب «سلفية عقلية» ثميز بها عن مواقفف 
«السلفيين) الذين اكتفوا بالموقف الو وعن «العقلانيين) الذين انطلقوا 
من منطلق العقل فقط لا غير . . 
77 فأغلب الذين اتخذوا الموقف السلفي النصوصي نراهم قد أعلوا من قدر النصوص 
المأثورة عن الأولين على قدر العقل . وهذا ما رفضه الأستاذ الإمام عندما أعلا من قدر 
العقل واعترف له بمكانه الممتاز بين القوى الإنسانية المختلفة . 

وأغلب الذين انطلقوا من منطلق العقل فقط قد أهدروا قيمة النصوصي الأثورة 
دون تمييز بين هذه النصوص . . : وهذا ما لم يصنعه الأستاذ الإمام عندما ميز بين ما هو 
متواتر لا يرقى إليه الشك . مثل القرآن الكريم » وبين ما جاءنا بواسطة رواة لا 
نستطيع التأكد من صدقهم وأسانيد لا نملك التحقق من سلامتها ووفائها بالمطلوب . 
فالرجل يدعو إلى «سلفية) تعود بنا إلى ينابيع الدين النقية ونصوصه البكر وحقائقه 
الجوهرية .. وهو يدعو إلى أن ننظر في هذه المنابع الأولى بملكة العقل العصري 
المستنير » وأن نسقط لذلك أساطير الأولين » وأن نرفض بعد ذلك كل ما يتعارض مع 
معطيات العقل العصري المستئير بعد نظره وبحثه فيها هو جوهري وبكر ونقي من عقائد 
الإسلام كما جاء مها كتابه الكريم : 


(5) انظر (الاسلام والنصرانية بين العلم والمدنية) في الجزء الثالث من هذه الأعال . 


\AY 


Converted by Tiff Combine 








الاصلاح الأدبي واللغوي 


[إن الأسلوب المليء بالمحسنات اللفظية . يعد في 
ل ا يك 
اللسان العري - أدنى طبقات القول , وليس في حلاه 
ل س 
المنوطة بأواخر ألفاظه ما يرفعه إلى درجة الوسط]. 
RS‏ الولو لقو E ERD o‏ 


ميل غبده 


۸4 


Converted by Tiff Combine 








الإصلاح الأدي واللغوي 


الدور الذي نمض به الأستاذ الإمام في النيضة الأدبية والإصلاح اللغوي لا يمكن 
لكلمة أدنى من كلمة «الثورة» أن تكون تعبيراً دقيقاً عن عظمته وعمقه وخطورته وآثاره 
في حياة مجتمعنا في هذا العصر الحديث . 

فنحن إذا رجعنا إلى الدور الذي نمض به في تحرير (الوقائع المصرية) » وإلى ذلك 
«القسم غير الرسمي) الذي حرر فيه المقالات الطويلة والكثيرة » وقارنا هذه المقاللات في 
أسلويها بأسلوب عصرها » وفي مضامينها بمضامين الآخرين » استطعنا أن نقول أن محمد 
عبده قد استلهم لغة التحرير العربية في عصور ازدهارها الذهبية » وإن مقالاته في 
(الوقائع المصرية) هي الامتداد المتطور لرسائل الجاحظ (500-1517؟ ه 
۸۷۲-٥‏ م) » وأنه قد تخطى بحركته الإصلاحية هذه عصور الركاكة والضعف 
والمحسنات الشكلية التي أثقلت كاهل لغتنا طوال القرون التي حكم فيها المماليك 
والأتراك العثانيون . 

ولقد كان الرجل على وعي تام بذلك الدور الذي نمض به في هذا الميدان . . فهو 
عندما يعرض للغة الصحافة في سنة ۱۹١۲‏ م وخاصة «جرائد الأخبار» يقول إن 
وألفاظها وأساليبها» مما «ويسوء أهل الذوق ويخيف أهل الغيرة على اللغة في الكشير 
الأغلب . فإنك ترى أولئك العجزة الضعفاء يخترعون ألفاظاً من عند أنفسهم » 
يستعملونها فيها يشاؤون من المعاني » وهشمون با اللغة هشيم » فلا يبالون بما يقدمون 
أو يؤحرون » لا يرجعون في ذلك إلى معجم ولا يجرون على قاعدة » فيزيدون اللغة 


\4\ 





ا غ ا و و لفاك ويس فون نذا لوقه ريا للك al‏ 
تبان فيها ملكة العلوم وهي البلاغة ؟1) . 

وعندما يتحدث عن المضامين التي تودعها هذه الحرائد أساليبها تلك يقول أنها 
كالشعر القديم «القائم على عمودي المدح والهجاء) !. 

ولقد كان نقده أشد لذعاً لصحافة النصف الثاني من القرن التاسع عشر 
«للوقائع» قبل أن ينبض هو بتحريرها عندما كان «ينشر فيها ما تحب الحكومة أن تنشره 
من أوامرها . . وبقية صفحاتها كانت وقفا على مدح أمير البلاد وبعض رجاله الفخام » 
وإذا نكب الأمير أحد أولئك الرجال وجد محرر اللتريدة أوسع المجال لذكر مثالبه والنيل 
منه . فكانت قيمة الخريدة بمقدار ما تحتوي عليه . ولهذا لم يكن الناس يشتركون فيها إلا 
جبرا» ؟! 

e المدارس) و(وادي النيل) وغيرهما من الصحف التي‎ ae 
Jol 19 aga: من العلم » > على زعمه » أفهم أم لم‎ e إنشائها‎ 
منه أم أم لم يأخحذ ؟1) وهي الصحف التي «ماتت بموت أصحاب تلك‎ Us» a 
. أحد من الناس»‎ hp الرغبة » ول‎ 

وهذا النقد اللاذع لأساليب صحافة ذلك العصر يجرد لغة القوم من قيمة 
«الشكل» ومن قيمة «المضمون؛ معاً » ذلك أن الرجل كان صاحب نظرة علمية تربط » 
كا نربط نحن اليوم » بين شرف ae‏ وشرف «المضمون» . . ذلك «أن هذا النوع 

من الكلمات (الذي) i‏ يراعوا في تحريره إلا رقة الكليات وتوافق الجناسات » وانسجام 

السجعات » وما يشبه ذلك من المحسنات اللفظية » التى وسموها بالمحسنات البديعية » 
کا ف gil‏ ر ن اما ا ر ن ا 
في اللسان العربي وليس كل ما فيه » بل هذا النوع إذا انفرد يعد أدن طبقات القول ‏ 
ولبس في حلاه db gt‏ بأواخر ألفاظه ما يرفعه إلى درجة الوسط . .20) . 

ونحن إذا اتخذنا من هجران الالتزام بالمحسنات اللفظية » والتخلص من السجع 


)١(‏ انظر في الجزء الشالث من هذه الأعمال en‏ الأدبية في الشرق) . ولقد كتب في الأولى 
الطهطاوي وعلي مبارك , وفي الثانية عبد اللّه أ بو السعود . 
(؟) انظر : (تقديم نبج البلاغة) في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 


4۲ 





المتكلف . ثم العودة إلى اليد من أساليب العربية في التعبيرء والالتزام الأمشل 
لقواعدها » مع تطويعها للمضامين الحديثة . . . إذا أخذنا من هذه القسرات ومن 
مام لل ار حار ال ا جديدا تخطت يه طور الركاكة 
الذي عاشته في عصورها المظلمة - نستطيع أن نقول إن الأستاذ الإمام كان هو الرائد 
الذي املك ea eee ales add‏ فى لنت الى بن 
القرن التاسع عشر . والمرء يطمئن إلى هذا الحكم كل الاطمئنان إذا هو قارن هذه 
القسات لدى iG‏ الإمام بها لدى أبرز كاتبين سبقاه إلى التأليف والتحرير » وهما : 
رفاعة الطهطاوي -۱۸٩۱(‏ ۱۸۷۳ م) » وعلي (p SAMY ~ NAVE) Sle‏ 6 فكلاهما 
cae‏ » بل يكاد يلتزم السجع وغيره من المحسنات اللفظية » وليس فيهها من 

س لغته بلغة الأستاذ elev‏ سلاسة وجزالة ودقة في التزام قواعد العربية مع تطويعها 
4 تعر عن الآفاق الرحبة لعقل الإنسان العربي الحديث . 

a $F 

وهذا الزاد الذي استمده الأستاذ الإمام من تراث العربية » واستعان به في 
تطويرها »> كان ثمرة لجهد رائد » غير مسبوق من أبناء العربية في عصره . قام به 
الرجل في الدعوة إلى إلى إحياء تراثنا والارتباط به » وجعل تطورنا الحاضر والمستقبل امتداداً 
لهذا الثراث » قام الرجل بجهد الريادة في هذا الحقل » بعد أن كان وقفاً على 
المستشرقين » وض با مض به من عبء » وأنجز ما أنجز من أعمال دون ضجة . أو 
صخب » حتى ليبدو للباحث المعاصر أن عزوف الرجل عن الضجة والصخب هو 
السبب في إغفال هذه الصفحة من صفحات إنجازاته » فهي مهملة الذكر من أغلب 
الاين فار اسا بالحديث عن التراث العري الإسلامي ‏ ولا يكاد يعرف أحد 
الأبعاد الحقيقية لحركة الريادة هذه التي فتح بها الأستاذ الإمام أمام الإنسان العربي باب 
حضارتنا العربية الإسلامية من خلال دعوته لتحقيق نصوص التراث ونشرها » ومن 
خلال قيامه بوضع لمنبج العلمي للتحقيق » وأيضاً تطبيقه فيا حقق من نصوص . 

ونحن نقول | إن الرجل كان رائداً في وضعه للمنبج العلمي لتحقيق النصوص بين 
أبناء العربية في العصر الحديث » وعندما نقول ذلك فإننا لا نعني بالتحقيق مجرد البحث 
عن «مخطوطات ومنسوخات» النص . ثم مقابلتها بغرض تقويم النص السليم على 
الصورة الأقرب إلى ما كتبه أ أو أملاه عليها صاحبه » فذلك ليس أعقد ولا أهم ما في 


4۳ 





. تحقيق النصوص .. وإنها أعقد ما فبها ‏ وهو ما وضع له الأستاذ الإمام المج لم طبقه - 
هو نقد النصوص للوصول إلى حكم تطمئن له قواعد العلم بخصوص صحة نسبة 
هذا النص إلى من ينسب إليه » أو رفض هذه النسبة أو التشكيك فيها . 

ونحن نعتقد أنه ليس بين المثقفين العرب الذين يستحقون وصف «المثقف» عن 
جدارة » من لم يعجب بدرجة أو بأخرى » ومن لم يستفد من زاوية أو أخرى بذلك 
لممبج الذي استخدمه الدكتور طه حسين والذي طبقه في نقده للنصوص عندما أخرج 
كتابه (في الشعر الجاهلي) سنة 1975 م رغم تحفظنا وتحفظ الكثيرين على إسقاطات 
هذا الكتاب على بعض قصص القرآن الكريم ‏ ونعتقد كذلك أن حركتنا الثقافية تجهل 
قاماً أن الشيخ محمد عبده قد تحدث عن هذا الممبج واستخدمه قبل هذا التاريخ بأربعين 
Le‏ كاملة » أي في سنة 1885 م؟!. 

كان ذلك أثناء وجوده بالمنفى في بيروت . عنما نُشيرٌ كتاب (فتوح الشام) 
المنسوب «للواقدي» ۱۳۰7 - ۲۰۷ هھ ۸۲۳-۷٤۷‏ م] ودارت من حول الکتاب وېسہببه 
ضصجة » سأل البعض الأستاذ الإمام رأيه في هذا الكتاب ؟ وهل هو للواقدي 
حقاً ؟؟. . فكتب مقالاً حول هذا الموضوع ضمنه pole pal‏ المج العلمي في نقد 
dO GY: ye pal‏ عن كناب (فتوح الشام) : «إنني لو حكمت بأنه مكذوب 
عليه (أي على الواقدي) › ee‏ النسبة إليه » لم the 5st‏ وذلك لأن : الواقدي 
كان من أهل الائة الثانية من الهمجرة » وكان من العلم بحيث يعرفه المأمون . 
ويواصله ويكاتبه » وصاحب هذه المئزلة في تلك القرون إذا نطق في العربية فإغا ينطق 
بلغتها » وقد كانت اللغة لتلك الأجيال على المعهود فيها من متانة التأليف » وجزالة 
اللفظ » وبداوة التعبير . والناظر في كتاب «الواقدي» ينكشف له بأول النظر أن عبارته 
من صناعات اللمتأخرين في أساليبها . وما ينقل فيها من كلام الصحابة مثل خالد بن 
الوليد وأبي عبيدة وغيرهم . . . لا ينطبق على مذاهبهم في النطق » بل كلما دقق المطالع 
في أحناء قوله يجد أسلوبه من أسالبب القصاصين في الديار المصرية من أبناء المائة الثامئة 
والتاسعة » ولا يرى عليه لجة المدنيين ولا العراقيين » والرجل مدي المنبت عراقي 
المقام ... ومثل هذا الكتاب كتب كثيرة كقصص الأنبياء المنسوب لأبي منصور 
اللعالبي » وكثبر من الكتب التعلقة بأحوال الآخرة أو بدء العام أو بعض حقائق 
المخلوقات المنسوبة إلى الشيخ السيوطي © وقفصص روايات تنسب إلى كعب الأحبار أو 


4 





الأصمعي ومن شاكلهها من عرف بالرواية فأولع الناس بالنسبة إليهم من غير تفريق 
بين صحيح وباطل . فجميع ذلك مما لا اعتداد به عند العلماء , ولا ثقة بما يندرج 
فيه . .) . 

فهو ينقد نص الكتاب عن 
الثاني الهجري » وسهذا المعيار يجد الكتاب أقرب إلى لغة القرن الثامن أو التاسع 
المجري : 

 *‏ معيار ثقافة المؤلف اللغوية والأدبية » فمثل الواقدي في لغته وأدبه لا يكتب 

"٠‏ معيار البيئة اللغوي للمؤلف . . وبهذا المعيار حكم الأستاذ الإمام ob‏ كتاب 
(فتوح الشام) هو من أساليب القصاصين في الديار المصرية وليس من ثمرات البيئة 
اللغوية والأدبية «للمدينة» حيث نبت الواقدي ولا «للعراق» حيث أقام : 


٤‏ - معيار اللغة والأدب بالنسبة لمن تروى لحم النصوص القتبسة في الكتاب 
وتنسب إليهم فيه الأقوال والأحاديث » مثل ماهر pecs‏ إلى Label cy Whe‏ وان 
عبيدة بن الجراح في (فتوح الشام) مما لا يصدر عن مثلهم بعد معرفة لغتهم وأسلويهم في 
ضوء اللغة والأسلوب للعصر الذي عاشوا فيه . 

ونحن نعتقد أن هذه المعايير » مع غيرها ءن المقاييس التي حددها الأستاذ الإمام 
في مقاله عن كتاب (فتوح الشام) تكون أهم عناصر المنبج العلمي في نقد النصوص 
وتحقيق نسبتها إلى أصحابها . . 

FF‏ ا نا 

أما عن المنبج الذي حدده الأستاذ الإمام ¢ وطبقه في ميدان الهوض بتقويم 

النص المأثور بحقل التراث العربي الإسلامي فهو منهج لا نغالي إذا قلنا إنه مطابق 





(۳).انظر : (كتب المغازي وأحاديث القصاصين) في ej‏ الثاني من هذه الأعيال ‘ وهو مقال منشورق 
(ثمرات الفنون) البيروتية سنة 1885 م . 


\4o 





لأحدث مناهج تقويم النصوص التبعة الآن » والتي اتبعها من قبل من يعتد بهم من 
فهو لا يكتفي بمخطوطة واحدة للنص » بل يبحث عن مخطوطاته جميعاً » وجري 
من أجل ذلك الاتصالات » يرسل بالرسل أو المراسلات إلى الأنحاء المختلفة من بلاد 
العالم الإسلامي » كا فعل في حمع خطوطات (أسرار البلاغة) للجرجاني » عندما أرسل 
«أحد طلبة العلم» كي «يقابل» النسخة التي نسخها هو من «طرابلس الشام» على 
النسخة المحفوظة في مكتبات الآستانة©»» OLS fb Sy.‏ الجرجاني كذلك 
(دلائل الإعجاز) حينا لم تف المخطوطة التي لديه والأخرى التي لدى العلامة اللغوي 
محمد محمود الشنقيطي > بالغرض » فأرسل الأستاذ الإمام في نسخ مخطوطة «بغداد) 
db ghar‏ «المدينة» , وقام الشنقيطي بمقابلة النص وتقويمه عل أربع Cobb sae‏ : 
وكا فعل بكتاب (المدونة) للإمام مالك ¢ فلقد راسل في سبيل الحصول على نسخة كاملة 
من مخطوطها كلا من سلطان المغرب «مولاي عبد العزيز» » وقاضي قضاة «فاس» مولاي 
إدريس بن مولاي عبد اهادي . . eg‏ جاء ف رسالته إلى سلطان المغرب نلمس نوع 
الجهد الذي كان يبذل في هذا الباب . فهو يقول له بعد الديباجة : «... تعلقت 
الآمال بأن يكون لمولانا لفتة إلى العلوم الدينية » وإحياء ما مات منها» 0 
من كتبها e‏ وتحيى القلوب إذا اتصلت أسبابها بسببها » فثقة 
هذه المقاصد الحليلة all gaa‏ أن ن أعرض على حضرتكم العلية أنه قد تألفت في مصر 
tae)‏ ی ار Tals‏ ا ا عي كاد بلق من كن 
السلف » وتصحح نسخه ¢ وتطبعه » حتى يحيا بذلك ما اندرس من علوم الأولين › 
واحتجب عنا بمحدثات المتأخرين » وقد عنيت هذه الجمعية بطبع كتاب «علي بن سيدة) 
gle‏ > في اللغة » المسمى («بالمخصص) ... وهي الآن تبحث عن نسخ (مدونة) 
الإمام مالك » حتى تحصل لها نسخة صحيحة . ثم تطبع هذا الكتاب الجليل . 
وقد وجدت من هذا الكتاب قطع في مصر . وقطع أخرى في تونس . وصارت 
هذه القطع في أيدي الجمعية » ولكن لم توجد إلى الآن نسخة كاملة يوثئق بصحتها . وقد 


(5) انظر (المنار) المجلد ه ج؛ ص 4 15 عدد ١5‏ صفر سنة 1١77١‏ ه 74 مايو سنة “1997 م . 
(5) (المنار) مجلد ه ج؛ ص 1١65‏ ۱۵۷ . 


۱۹۲ 





تأكد للفقير أن نسخة كاملة من الكتاب توجد في «جامع القرويين» » ويسهل على فضل 
مولانا السلطان ‏ أيده الله وأيد به الدين ‏ أن يمدنا في عملنا » ويعيننا على ما نبتغي من 
الخير » بإصدار أمره الكريم أن ترسل إلينا هذه النسخة » إما بتمامها لنقابل عليها ما 
عندنا » ونتم منها ما ينقص من نسخنا » ونعيدها إليه . . وإما مفرقة جزءاً بعد جزء . 
[IS‏ انتهى الل N e REE‏ 
عند نباية طبعه . .0)) , 
وحول نفس المعنى يكتب إلى قاضي قضاة «فاس» طالباً نسخة «جامع القرويين» 
هذه أو «غيرها من نسخ المدونة"» . . . وإذا كانت هذه المراسلات وما سبقها من 
كلمات تكفي لتحديد معالم ذلك الاهتام الذي يبديه الأستاذ الإمام باكتمال عناصر تقويم 
نص المخطوط » فإننا نود أن نقول إن نشاط الرجل هذا في ميدان التحقيق وتقويم 
النصوص » قد سبق تاريخ هذه المراسلات . بل وسبق قيام تلك الجمعية ‏ (جمعية 
إحياء العلوم العربية) ال أنشأها في سلة 1899م » وذلك لأن جهوده العملية في 
نحقيق كتب التراث قد بدأت منذ كان يُدَرس هذه الكتب في (المدرسة السلطانية) 
ببيروت في سني منفاه (18414-18486 م) » وا ميچ الذي حدده وسبق أن ن أشرنا إليه في 
نقد النصوص وتحقيقها قد كتبه في سنة ۱۸۸١‏ م . 
ولعل أكثر نصوصه تعبيراً عن كيفية تطبيقه لممبجه في «تقويم» النص » و«مقابلة) 
النسخ المخطوطة بعضها مع البعض الآخرء ذلك الذي نلتقي به في تقدهه لتحقيق 
وشرح (مقامات بديع الزمان الهمذاني) الذي فرغ من تحقيقه في سنة 1884م ١1(‏ 
٠ ee‏ ه) أي قبل عودته إلى مصر . . فهو يتحدث عن هذه القضية 
فيقول : وأما ما تصحيح متن الكتاب » فقد وفق الله له بتعداد النسخ لدينا » > وإ 
tis alte‏ ا ¢ لتباين الروايات » واتفاق الكثير منها على ما لا يصح 
معنا » ولا يستجاد مبناه » فكان الوضع اللغوي أصلا نرجع إليه » والاستعمال العرفي 
مرشداً نعول عليه » ومكان المصنف بين أهل اللسان ميزانا للترجيح » ومقياساً نعتد به 
ني التصحيح › ؛ فإن تعددت الروايات على معان صحيحة أثبتنا في الأصل أولاها 





(1) انظر هذه الرسالة في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 
(Y)‏ انظر هذه الرسالة J‏ الجزء الثاني من هذه الأعيال | 


4۹۷ 





بالوضع » إما لتأيده ena Aiea‏ وزو كير بقرب معناه 0 احتف 
به من أجزاء القول » ثم أشرنا إلى الروايات الأخرى في التعليق . . 

وإذا كانت هذه هى هي أهم العناصر لأدق call‏ في «مقابلة) نسخ المخطوطات 
وتقويم نصوصها ء Sit‏ هذه المناهج Leal‏ ¢ قرف IS] sha‏ لما 
أن لع إلى هذا الممبج وطبقه دون أن يكون في ذلك متتلمذاً على غيره 
من الذين سبقوه إلى تحقيق النصوص في العصر الحديث . وكانوا يومثذ من 
المستشرقين . . . فالرجل يقول في هذا التقديم لمقامات بديع الزمان المهمذاني : إنني 
«استعنت الله على العمل . . . . وأقدمت على ذلك بلا سابق أقتفيه » ولا ذي مثال 
أحتليه , ولا مادة لي إلا طبع عربي »› وذوق أدبي » وأمهات اللغة الحاضرة , وأمثال 
العرب السائرة » ومقالات لهم على الألسن دائرة .  .‏ 49 , 


فنحن هنا إزاء موقف الريادة في تحقيق التراث ونشره بين أبناء الأمة العربية 
والإسلامية » اهتاماً ‏ وتحديداً للمنبج العلمي في نقد النصوص وتقويمها , وتطبيقاً لهذا 
المج » وجهداً عظياً مبذولا في هذا الحقل , توج بإقامة جمعية لهذا الغرض في سنة 
4 مء أي في ذات العام الذي عاد فيه إلى مصر من منفاه ؟! . 

* FR 6 

وهناك عنصر آخر يلقي ضوءاً هاماً على الغايات التي استهدفها الأستاذ الإمام من 
رراء النشاط في هذا الميدان . . فنحن قد قلنا أن الرجل كان يريد لتراث هذه الأمة أن 
يلعب دوره في تجديد حياتها العقلية » وأن يقدم لحاضرها ومستقبلها الغذاء الصالح 
للنموء. والتطور » وهو قد شاء بإحياء هذا التراث أن تتخطى هذه الأمة صفحات 
عصورها المظلمة وسئوات عثارها وتخلفها » فتجعل من عصر ازدهار حضارتما الذهبي 
الملبع الذي تقف أمامه مسلحة بالاستنارة العقلانية الحدينة » لتغترف أمهات علوم 
السابقين .. وهذا هو السر في تنوع مواد التراث وتعدد علومه التي وقع عليها اختيار 
الرجل كي يبدأ مها هذا العمل العظيم . . فنظرة ععجلى على أمهات الكتب التي ميض 
بتحقيقها وتصحيحها وشرحها , وتلك التي وضعها في جدول أعمال (جمعية إحياء العلوم 
(۸) شرح مقامات ال همذاني . المقدمة ص 8-١‏ طبعة بيروت سئة 19414 م . المطبعة الكاثوليكية 

للآباء اليسوعيين . 


4۸ 





العربية) ترينا أن الرجل كان صاحب نظرة شاملة إلى هذه القضية » وأن وراء هذه 
النظرة الشاملة رؤية تبصر الظاهرة بأكملها . 

ففي اللغة نلتقي بجهده مع العلامة الشنقيطي في إخراج (المخصص) لابن 
يده ...وهو من الأمبات فى هذا الاب 

وني البلاغة نلتقي بكتابي الجرجاني (أسرار البلاغة) و(دلائل الإعجاز) . 
عنها الإمام في التقديم له » كا أن شروحه عليه تعد موسوعة عرض فيها الإمام فكر 
المسلمين في قضايا هذا العلم ومشكلاته . 

وي الأدب نلتقي WEE‏ (مقامات بديع الزمان الحمذاني) » وهر الذي جام 
نموذجاً رائعاً في تحقيق الأستاذ الإمام وتقويه للنصوص . 

وفي الكتب الحامعة نلتقي يكتاب ct)‏ البلاغة) لأمير المؤمنين علي بن أبي 
طالب 6 0 ai d‏ العربي 6 cen oats‏ والنصوص il‏ 
وکلم اا 00 عليه السلام 1 

وهكذا قدم الأستاذ الإمام بنظرته هذه الشاملة والواعية إلى قضية إحياء الثراث 
العربي الإسلامي & ومنبجه في عملية الإحياء هله » وجهوده العملية في هذا الميدان . 
قدم الأساس الموضوعي لذلك البناء الجديد الذي دعا إلى إقامته'. وارتفع صوته محبذاً 
تشييذه » وهو الاصلاح والتجديد لعقل الشرق وحياة الشرقيين an‏ والذي حدد له 
الرجل دعامتين 2 نخرير العقل من As‏ التقليد » وذلك بواسطة الإصلاح الديني 2 
والنبضة الأدبية واللغوية » بجعل حياة العرب الأدبية الحديثة الامتداد المتطور لأكثر 
الصفحات إشراقاً في تاريخهم الأدبي العظيه("2 . . وهما الأمران اللذان يكونان مع 


: من هذه التعليقات ف الحزء الثاني من هذه الأعال‎ aks انظر هذه المقدمة‎ (A) 
. انظر الحدف الثاني من أهدافه في (سيرتي) بالجزء الثاني من هذه الأعمال‎ )٠١( 


144 





فكره السياسي أهم الأغراض التي رمى ! إليها وشاء تحقيقها من وراء ما قدم من فكر 
Seal aah,‏ ولا زالت تؤثر في حياة الشرق والإسلام حتى هذه الأيام . 
oe  o‏ * 

بل لقد طرق الأستاذ الإمام ٠‏ بميدان الإصلاح في حقل الآداب » باباً لا as‏ 
Sepa be ee‏ الأغلب الأغم من علماء ء الدين . . باب «الفن» » وس كان أو 
bese‏ ؟! . فالحركة الفنية التي يعير أعلامها » بالرسم والنحت » عن وجدان الأمة , 
فيخلدون لا القيم ويرقون ومبذبون منہا الأذواق › لا زالت الأغلبية الساحقة من علماء 
الدين ينظرون إليها نظرهم إلى منكر ورجس من أعمال الشيطان !.. وحتى on‏ 
ينظرون إليها هذه النظرة نراهم يحجمون عن إعلان قبول الإسلام هذه الفنون » لأ 
spl‏ روايات ومأثورات وردت في صحاح الأحاديث » وقفوا أمامها عاجزين 7 
التفسير» ناكصين عن البحث عن الملاسات التي قيلت فيها هذه الأحاديث» وعن 
التغير الذي أصاب الحياة فذهب بهذه الأسباب والملابسات . . فالحديث النبوي 
الشريف : «إ ن أشد الئاس Ude‏ يوم القيامة المصورون''“» . وما روى في معناه لا 
يزال حاجزاً بين علماء الإسلام وبين إجازة الرسم ا و قافا 
ومباركة دور الفنون في ترقية حياة المسلمين ! . 

لكن الأستاذ الإمام لم يصنع صنيع هؤلاء العاجزين أو الناكصين . dt‏ شمل 
بتجديده واجتهاده هذا الميدان . . «فالرسم - - [عنده] ‏ : شعر ساکت › یری ولا 
يسمع » كما أن الشعر يُسمع ولا يرى» ؟!... وهذه الفنون ‏ بعد ذهاب خشية عبادة 
شخوصها ‏ قد غدت سبلا لترقية الذوق وحفظ os‏ . . فهي ميدان هام من ميادين 
«ذاكرة) الأمة التاريخية والفكرية . . ولذلك فلقد رأى رأن الشريعة الإسلامية أبعد من 
أن تحرم وسيلة من أفضل وسائل العلم » بعد تحقيق أنه لا خطر فيها على الدين › لا 
من جهة العقيدة ولا من جهة العمل . . . وليس هناك ما يمنع المسلمين من الجمع بين 
عقيدة التوحيد ورسم صور الإنسان والحيوان لتحقيق المعاني العلمية » وتمثيل الصور 
الذهينة !» ". . 
)1١(‏ رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن حنبل . وفي الدارمي والترمذي أحإديث بنفس المعنى مع 

اختلاف فى اللفظ . 
(17) انظر (رحلة إلى صقلية) في الجزء الثاني من هذه الأعمال . 


Yaa 





هكذا بلغ الأستاذ الإمام القمة في التجديد الديني23"7. . فكان ‏ بحق ‏ واحداً من 
أبرز العقول الإسلامية التي نظرت في أصول الإسلام ومنابعه الجوهرية والنقية بعقل 
مؤمن مستلار , 2 مستهدفا بذلك تجديد «دنيا» المسلمين بواسطة تجديد «الدين» 6 
Suu,‏ إن هذا هو طريق الإصلاح «الوحيد» «الطييعي» و«المأمون» !. 


(1) انظر كتابنا [الإسلام والفنون الحميلة] طبعة القاهرة سنة ۱۹۹۱ م . 


۲۰١ 


Converted by Tiff Combine 





jed by registered version 





تحقيق هذه الأعمال 


yey 


Converted by Tiff Combine 








تحفيق هذه الأعال 


من الأمور المؤسفة حقاً أن تمر هذه الأعوام التي قاربت السبعين2'2 على وفاة مثل 
هذا العلم الفذ المتفرد من أعلام فكرنا العربي الإسلامي الحديث دون أن توضع Shel‏ 
الكاملة » مجموعة وحققة 6 ب بين أيدي القراء dolls‏ والمفكرين 


ذلك أننا عندما نقرأ نصوص الرجل في مختلف فروع المعرفة التي طرقها عقله › 
وتحدث بها لسانه» وفاض بها قلمه , نجد أنفسنا بازاء مفكر هو أشبه ما يكون 
«بالظاهرة الفكرية)» التي ألمت بجوانب الفكر المختلفة والمتعددة في عصرها » ثم 
استشرفت » بطاقة غير عادية » آفاق المستقبل ... ومثل هؤلاء المفكرين الذين 
استوعبوا عصرهم وعبروا عنه في قلقه وتغيره وتطوره » لن تتأق دراستهم والإحاطة 
بجوانبهم المتعددة » ومن ثم تكوين الآراء الدقيقة وا موضوعية عن موقفهم من عديد من 
القضايا والمشاكل » إلا بعد جع أعالهم الكاملة » وتحقيقها » ثم تبويبها التبويب 
foe‏ والتاريخي ite‏ . فذلك هو الشرط الضروري والأولي لائتلاف جزئيات 

بهم الواحد | إزاء القضية الواحدة » بعد أن بعثرت الأحداث وظروف النشر وعوامل 
ا وكبت الحريات هذه الجزئيات » فاختفى بعضهاء ونسب بعضها إلى 
شخصيات أخرى . . . الخ .. الخ . وذلك هو الشرط الضروري أيضاً لوضع ألو 


)١(‏ الإشارة إلى تأريخ بدثنا لتحقيق أعمال الأستاذ الإمام . . في أواخر العقد السادس من هذا القرن 
العشرين . 


Yro 





ا ee‏ 
التطور الفكري وأسبابه . . وهل هو حقاً تطور طبيعي ؟ أم ان هناك ظروفا سياسية قد 
تدخلت فأملت على المفكر أشياء راعى بها الزمان 0 !. فالتبويب الموضوعي 
والتاريخي معاً يضع النص في مكانه من القضايا العامة » ويربط هذا النص بالظرف 
التاريخي الذي قيل فيه » ومن ثم يعطي الباحث مفاتيح التحليل والتعليل والاستنتاج 
الذقين وال 
وإذا كان هذا الأمر ضرورة ملحة بالنسبة لكل مفكر عملاق تحول بإنتاجه 
الفكري وتأثره العلمي إلى «ظاهرة فكرية» كبرى » فإننا نعتقد أن نشر الأعمال الكاملة 
dul‏ ثل هؤلاء المفكرين » هو بثابة إعادة تقديهم ل gyal aye Salt aL‏ 
بعد رحيل أجسادهم عن هذه الحياة » ومن م إتاحة أوسع الفرص والإمكانيات 
E a‏ خصوصاً تلك العناصر الصالحة منه لدفع حركة 
التطور والتقدم إلى الأمام . . . وهذا ما نعتقد أننا نحققه بالنسبة لفكر الأستاذ الإمام 
عندما نقدم إلى حركتنا الفكرية let‏ الكاملة » بعد جمعها » وتحقيقها » والتقديم بين 
يديها بالدراسة التي تفتح للقارىء المعاصر أبواب هذا العالم الفكري الرحب والخصب 
الذي أثمرته لنا حياة ذلك الإمام العظيم . وهذا الأمر بعيئه هو ما يجعلنا نكرر الأسف 
أن تمضي هذه السنين الطويلة على وفاة الأستاذ الإمام » دون أن تقدم أعماله «ALAS!‏ 
dake‏ إلى القراء والباحثين والمفكرين 


والأمر الذي يزيد نشر هذه الأعمال الكاملة ضرورة LLL,‏ أن أعمال هذا 

المفكر قد Lebel‏ الخلط والاختلاط مع أعمال عدد آخر من المفكرين والكتاب t‏ ف 

مقدمتهم أستاذه حمال الدين aM‏ وتلميذاه رشيد رضا dwg‏ زغلول . . وغيرهم 

من المفكرين والكتاب . . وأن السياسة قد لعبت دوراً هاماً في هذا الخلط > بل وفعلت 

فعلها ني تحریف بعض هذه الأعال وحذف بعضها الآخر . وأن التجارة والكسب اماي 
قد لعبا أيضا دورا في هذا الخلط والاختلاط بين هذه الأعمال ! . 

260 ا‎ F#* 
ونحن إذا تجاوزنا هذا التعميم في الحديث إلى التحديد .» وجدنا أن فكرة جمع‎ 
أعمال الأستاذ الإمام الفكرية لم تكن بعيدة عن أذهان تلاميذه وحزبه الفكري بعد‎ 


Ye 





فاته . . ولكنها كانت موجودة لا ببدف تقديم هذه الأعمال كاملة للباحثين والمفكرين » 
ولكن بهدف تقديم الأعمال والصفحات التي لا تغضب السلطة الحاكمة في مصر يومئل : 
سلطة الاحتلال الإنجليزي » والخديوي عباس حلمي الثاني . . فلقد وقف هذا ال هدف 
وتلك الغاية من خلف تلك اللجنة التي دعا إلى قيامها » وأقامها سعد زغلول باشا 
بحكم علاقته الوثيقة بالإمام » وبصفته «عميد حزبه المدني » وأقوى أركانه) ‏ وذلك 
عندما علم هذا الحزب وذلك التيار الفكري أن الشيخ رشيد رضا يفكر في كتابة تاريخ 
للأستاذ الإمام » فخشوا أن تقدم من صفحات هذا التاريخ حقائق تحرج مركزهم 
idles‏ بالسلطة الانجليزية والخديوي عباس . . ولقد انتهى الأمر باشتراكهم مع 
الشيخ رشيد رضا ني التأريخ للرجل » وفي تقديم الصفحات التي لا تغضب الانجليز 
ولا الخديو من أعماله وأفكاره . . أي أن هذا التحريف قد انسحب على «التاريخ» كا 
انسحب على «الأعال) . . .؟ 


والشيخ رشيد رضا يحكي بنفسه هذه الوقائع » فيقول : إنه بعد وفاة الأستاذ 
للم امت عرس عل ا ا لجان rare etl oe Ses‏ 
سلمان ء وقال لي : Of)‏ ن أصدقاءه قرروا تأليف تاريخه بالتعاون بينهم » وهم به dal‏ © 
فقلت للمبلغ : إن تأليف تاريخين لهذا الإمام الكبير ليس بكثير ولا كبير ٠» ٠‏ فليكتبوا ما 
عندهم » وأنا أكتب ما عندي . . ثم أرسل إل عميد حزبه الماني وأقوى أركانه : سعد 
باشا زغلول . . . فجئته » af Gals‏ هو وإخوانه من مريدي الإمام وأصدقائه يرون أن 
أتولى كتابة تاريفه , وأن يساعدوني بجا لديهم من المواد والمعلومات » ثم يساعدوني على 
طبعه ونشره بالال » بشرط أن أطلعهم على عملي وأستشير ستشيرهم فيه . فإن كثيرا من 
سيرثه » al aa,‏ 0 ويعدون من بعده مسؤولين 
عنه. فأجبته : إنني لست ! لا واحداً منكم ع Lene‏ نا أصغركم » ولا أستغني عن 
مساعدتکم ومشاورتکم » ولا أحب الخروج عما ترونه من مصلحتكم . وني إثر ذلك 
O O‏ 
وقاسم ب بك آمين » والشيخ عبد الرحيم يم الدمرداش » وقرروا لدب أحدهم : فتحي باشا 
زغلول ليكون نائباً عنهم في التعاون والتشاور معي في العمل . ا و ا 
جماعتهم سمو الخديو » ومحيطا بسياسته وسياسة الانكليز في الأمور علا » وها 
ols‏ اللذان بحسب لرضاهما وسخطه) كل حساب ... وبلغوا حموده بك عبده 


لا 





ذلك . وأنه يرضيهم أن يعطيني ما عنده من مواد هذا التاريخ MOL,‏ 

وعندما تعلق الأمر بأعبال الأستاذ الإمام الفكرية تم]خض الجهد عن عمل هزيل 
ومشوه ومعيب » غثل ف الزء الثاني من تاريخ الأستاذ الإمام « وهو الذي سمي بجزء 
(المنشآت) . . أما أنه هزيل فلأنه لا يضم من ا رار 
ايا صب ou‏ اننا لطر كاذ بلك alia‏ سيم أعماله الفكرية ؟!. . وأما 
أله مشو فلن السياسة ‏ كي قدمنا ء قد لعبت لعبتهافي اما ني وضعت فيه ونحن 

نقرأ للشيخ رشيد رضا وهو الذي وضع اسمه على هذا الجزء » باعتباره المجامع له » أن 
سي را رات ف اا ماف م موا PS ap Mi Lega‏ ما 
يغضب الانجليز . فيقول : «فأما ما كان منها خاصاً بالسياسة , ومسألة مصر 
والسودان » aig‏ تبييج العالم الإسلامي والهئد على الدولة الانكليزية فقد وافقته (أي فتحي 
زغلول عل تركه» وعدم نشر شيء من في منشآته » لأن الحرية في مصر لا تتسع 
لنشرها . . . وأما المقالات الاصلاحية العامة التي بث الحكيمان GUBYI)‏ والإمام) فيها 
الدعوة إلى جع كلمة المسلمين . . . فقد اتفقنا على نشر أكثرها » وترك ما تعده انكلترة 
تحريضاً عليها منبا . ولكنه أشار أيضاً بحذف حمل من بعض المقالات ما وافقته عليها 
الا كارهاً . . 2/5 ؟! 


فإذا علمنا أن الذي 7 إلى رشيد رضا مقالات الإمام في (الوقائع المصرية) كان 
هو فتحي زغلول باشا » إذ هو الذي «نسخ مقالات الأستاذ الإمام الإصلاحية من 
جريدة الوقائع المصرية الرسمية » إذ كان يقتي مجموعتها”*؟») أدركنا ما لحقها هي 
الأخرى من تشويه بفعل «الاختيار» و«الحذف» الذي توخحى عدم إغضاب سلطات 
الاحتلال والخديوي عباس في ذلك الحين . 
فنسبت محتوياته إلى الأستاذ الإمام , على حين أن الكثير منها ليس له . وليس من 
الانصاف ولا من الأمانة أن ينسب إليه دون أصحابه الحقيقبين . . . وهذه قضية على 


(۲) تاریخ الأستاذ الإمام » لرشيد رضا » ج١‏ ص ”7 طبعة القاهرة الأولى سلة ١94171١‏ م 
(۳) المصدر السابق ص " . 
)٤(‏ المصدر السابق ص " . 


| 





الكثير من آثار الأستاذ الإمام 1 أهمية جهد «التحقيق) الذي بذلناه ونبذله 
ف إخراج هذه الأعال 6 بعد جهد «الجمع) لها من عدد 0 من المراجع والمصادر 
والمظان . وهو «الجمع» ) الذي استعنا tat ad‏ بقواعد التحقيق العلمي لٽمييز ما هو 
للإمام ما هو لغيره من المفكرين والكتاب . 

ونحن إذا شئنا ضرب الأمثلة على ذلك الخلط الذي وقع فيه من تعرض لنشر 
نصوص الأستاذ الإمام من قبل » وخاصة الشيخ رشيد رضا ‏ مع علمه وفضله وإمامته 
3 الفقه والتفسير والإصلاح - وهو الخلط الذي dn C5‏ طبعتنا هذه بحكم اعت ادها 
على التحقيق العلمي للنصوص . . . إذا شئنا أمثلة على ذلك وجدنا الكثير والكثير . . 
والاختلاط , والتي تحسم طبعتنا هذه الموقف في قضية نسبتھا إلى کاتبها الحقيقي 
وصاحبها الأصلي Pa‏ وهذه النصوص هي : 

. رسالة الواردات في سر التجليات‎ - ١ 

۲ رسالة المدبر GL‏ والمدبر (has‏ الروحاني : 

٣‏ الحاشية المكتوبة تعليقاً على شرح جلال الدين الدواني لكتاب العقاة 
العضدية . 

بعحث : العلم وتأثيره في الورادة والاختيار . 

مقال : الشورى . 

؟ - مقال : في الشورى والاستبداد . 

| etl Sorel nae) خانيع سل اها‎ 

. حذف من مقالاته في (الوقائع المصرية وعددها واحد وثلاثون مقالاً‎ lo A 

4 العروة الوثقى 5 

. مقالة : المسألة الهندية‎ ٠ 

تفسيرة للقرآن الكريم . 
Vy‏ كتاب تحرير المرأة (الفصول التي كتبها فيه) . 


۹ 





وعلى كل نص من هذه النصوص نقدم حديثاً موجزاً » يلخص قضيته وإشكاله » 
ويحدد منبجنا في التحقيق الذي استخدمناه في تحديد نسبته إلى صاحبه . . وهو الأمر 
الذي تنفرد به طبعتنا هذه وتتميز وقتاز على كل ما سبقها من طبعات أخرجت بعض 
هذه النصوص مفردة ومتفرقة في العقود التي انتهت من هذا القرن الذي نعيش فيه . 


lay \‏ الواردات في سر النجليات 


وهي رسالة صغيرة تقع في طبعة جزء (المنشآت) في سبع عشرة صفحة » وتتالف 
من مقدمة تليها اثنتا عشرة «واردة») » أي فكرة أو قضية » ثم خاتمة من بضعة سطور . . 
وهي رسالة فلسفية صوفية على قدر كبير من العمق » تعكس قدرة فائقة وتمكناً غير 
عادي لدى صاحبها على البحث في هذا المبحث الصعب . وارتياد هذا المجال الذي لا 
يقدر على ارتياده إلا النذر اليسير من المغكرين . . . 

فإذا علمنا من مقدمة هذه الرسالة ‏ أن تاريخ تحريرها هو سنة ۱۸۷١‏ م 
٠‏ ه) » بدأنا نشك في صحة نسبتها إلى الشيخ محمد عبده » فهو يومئذ لم يكن قد 
تجاوز الثالثة والعشرين من عمره . وكان بينه وبين التخرج من الأزهر ونيل العالمية هس 
سنوات . . وأهم من ذلك كله فإن صحبته للأفغاني » التي كونت هذا الجانب من 
تفكيره » لم يكن قد مضى عليها سوى عام واحد فقط ؟! وليس بالأمر المعقول أن يبلغ 
لشيخ محمد عبده في ذلك العام المستوى الفلسفي الصوني الذي يجعله قادرا على تحرير 
هذه الرسالة بحال من الأحوال . 

والأمر الذي يزيد من غرابة نسبة هذه الرسالة للشيخ محمد عبده”'» أن مقدمتها = 
وهي للشيخ محمد عبده ‏ تشهد بأن هذه الرسالة لجال الدين الأفغاني » وأن دور الأستاذ 
الإمام فيها إنما هو «التأليف» » بمعنى الجمع والضياغة : وأيضا «التبييض». . فهو في 
المقدمة يقول : «أما بعد » فيقول محمد عبده بن عبده بن حسن خر الله » الناشىء 
بإقليم مصر بخطة البحيرة بقرية تسمى محلة نصر » ASHI Lads pale‏ المعرض عن 


(5) يشارك الشيخ رشيد رضا في نسبة هذه الرسالة للأستاذ الإمام الشيخ مصطفى عبد الرازق . انظر 
محاضرته عن الأستاذ الإمام في الحامعة المصرية » ١١‏ يوليو سنة ١977‏ (المنار) المجلد ”77 ج۷ 
ص OY‏ 0۳ . 


11۹ 





نحو الكلام والكلمة و ل اح ني اماد ار 
الحكمة » وكيف قالوا له إنها حرام و ا حتى «أشرقت شمس 
الحقائق » فوضح لنا رقائق الدقائق » بوفود حضرة الحكيم الكامل » والحق القائم » 
أستاذنا السيد جمال الدين الأفغاني , لا زال لثار العلوم جاني » فرجوناه في شيء من 
ذلك » فأجاب والحمد لله على ذلك » وكان ذلك في سنة ۱۲۹١‏ فنلنا بذلك طرائف 
التحف » فأوماً إلينا بكليات هذه جزئياتها » وآيات هذه بيناتها » وذلك على فترة من 
الحكمة » فكأنه غيث أرسل لاحياء تلك النعمة » وسميتها رسالة الواردات » في سر 
التجليات » فأقول وباللّه التوفيق :) 

ثم تتابع «واردات» a‏ بعل ذلك «واردة» بعدء «واردة» وذلك بعد أن 
حدد الأستاذ الإمام صراحة أنها لأستاذه الأفغاني » وأنها جزئيات من الكليات الني 
أجاب بهاوأومأ إليها . . . ومع ذلك فلقد نسبت هذه الرسالة » عندما طبعت بعد وفاة 
الأستاذ الإمام إليه » dy‏ تنسب لصاحبها حمال الدين الأفغاني . 

على أن هذه ل ا 
المقدمة مما قطع الأستاذ ele‏ بأنه للأفغاني , إن هذه الرسالة تمدنا بحقيقة هامة جدا 
استعنا بها في تحقيق نصوص الأستاذ الإمام » وتمييزها » من نصوص أستاذه الأفغاني في 
هذه الفترة الأولى من فترات تكوين الإمام وتحصيله وإنشائه . . . وهذه الحقيقة هي أن 
الأستاذ الإمام كان يلتزم السجع في أسلوبه في هذه الفترة من حباته » وأنه قد استمر 
الم اد ل ص 5 op \AAs‏ وعند ذلك تخلصر 

. بيدا نجد أسلوب الأفغان Lis‏ من هذا السجع . . . فمقدمة رسالة الواردات 
nan ie‏ 0 

ويشهد للاحظتنا هذه أيضاً أننا نقرأ في (الأهرام) بالعدد ١‏ 4 من سنته الأولى (سنة 
۷1 م) مقالاً يقرظ كتاب (التحفة الأدبية) الذي ترجمه عن الفرنسية الخواجه حنين 
ا حوري ... وهذا المقال نشرته «الأهرام» eT‏ للشيخ محمدعبده » ولكننا 
نجد نصفه الأول للشيخ محمد عبده » ونصفه الثاني للأفغاني » إذ يقول الشيخ محمد 
عبده في منتصف المقال : «وإنني لا أستطيع أن أذكر من مزايا هذا الكتاب فوق ما أفاده 
حضرة الأستاذ الأكرم » والفيلسوف الأعظم » الذي تشرف بذكر اسمه مسامع القاصي 
والداني > جناب السيد حمال الدين الأفغاني)» وهاك ما قال : «... ثم يفتح قوسا 


Y\\ 





ليورد كلام الأفغاني » فإذا هو خال من السجع » على حين أن النصف الأول من 
المقال » الذي كتبه الأستاذ الإمام قد التزم فيه السجع باستمرار» . 

وشاهد آخر على هذه الملاحظة الحامة نجده في مقالي (فلسفة التربية) و(فلسفة 
الصناعة) اللذين نشرا باسم محمد عبده » وقال في مقدمة كل منب| إن عمله فيه إنما هو 
العرض لدروس الأفغاني الني ألقاها d‏ مجلسه على تلاميله. . . واستتخدم 2 الأول تعبير 
قال الأفغاني «ما معناه» » ونبه في الثاني أن دوره لا يعدو أن «أودع بعض المعاني قوالب 
العبارات) . . . فنحن نجد الأسلوب هنا خاليا من السجع . بينم| نجد مقاله المشور في 
(الأهرام) بعد ذلك عن «العلوم الكلامية » والدعوة إلى العلوم العصرية» » ملتزما 
للسجع باستمرار . . . 

وهذه الشواهد المادية المستخرجة من النصوص المقطوع بنسبتها إلى كل من الشيخ 
محمد عبده وجمال الدين الأفغاني » تقطع بأن أسلوب الإمام في هذه الفترة من حياته كان 
ملتزماً للسجع عندما ينشىء , وأن الأفغاني لم يكن يسجع في أسلوبه . . وتثبت أيضاً أن 
محمد عبده كان يتخلى عن السجع عندما يعرض ويصوغ آراء الآخرين وكتاباتهم 0 
وعندما «يؤلف) و«یبیض» الأمالي التى تملى عليه في ذلك التاريخ . . . وهذه حقيقة هامة 
استخدمناها معيارا لتمييز نصوص الإمام من نصوص غيره في هذه المرحلة الأول من 
مراحل حياته في التحصيل والابداع والإنشاء . 


۲ رسالة pall‏ الإلساني pul pally‏ الروحاني 

تشغل هذه الرسالة ثلاث عشرة صفحة في جزء (المنشات) وموضوعها فلسفي 
يدور حول عنصري «الروح والجسد» اللذين يكونان gle‏ ذات الإنسان . . 

والأمر الذي لفت أنظارنا إلى غرابة نسبة هذه الرسالة إلى الأستاذ الإمام » وجعلنا 
نشك بادىء ذي بدء في هذه النسبة » هو أن الرسالة خالية من السجع في الأسلوب » 
وهو ما التزمه الأستاذ الإمام في هذه المرحلة الأولى من حياته الفكرية » وضاعف من 
شكوكنا كذلك أن منشورات الإمام التي نشرها في تاريخ لاحق هذه الرسالة يلتزم في 
أسلويها السجع باستمرار . . . فهو قد نشر هذه الرسالة الخالية من السج «بالأهرام» في 
العددين ١١‏ و5 في "١‏ ديسمير سئة ۱۸۷١‏ م > في حين نشر مقالين مسجوعين بعد 
هذا التاريخ بکثر » أحدھما عن «العلوم الكلامية والدعوة إلى العلوم العصرية» بالعام 


1۲ 





Jul‏ في العدد 75 من «الأهرام» » والآخر عن «التحفة الأدبية» بالعدد ٤١‏ من نفس 
الحريدة في سنة ۱۸۷۷ م . 

ولكن هذه الشكوك القوية قد ظلت زمناً دون أن نحسم برأي قاطع في أسبابهاء 
وما كنا لنحسم في هذه الأسباب لمجرد الشكوك . حتى وإن كانت على هذا النحو من 
القوةوالمنطقية والإطراد . . 

وأثناء مطالعتنا للتأبين الذي أبنت به صحيفة (اللواء) الأستاذ الإمام عقب وفاته 
وجدنا المفتاح الذي كشف لنا عن صاحب هذه الرسالة » والذي علمنا منه أنها رسالة 
مترجمة » وليست مؤلفة » وأن مترجمها هو علي باشا مبارك » وأنه دفع بها إلى الشيخ محمد 
عبده ليصوغها في قالب فصيح > وأن هذه الصياغة كانت فاتحة إعجاب الوزير بالشيخ 
الشاب فكافاه على ذلك » ولفت إلى كفاءته الأنظار . . . تقول «اللواء» : «وأول نجم 
أضاء في سماء حظ الفقيد أن المرحوم علي مبارك باشا » ناظر المعارف » ترجم رسالة في 
(الروح والجسد) » ثم أعطاها للأستاذ الفقيد ليكتبها في قالب فصيح » لما بلغه عنه من 
زيادة الاقتدار » فكتبها بعبارة بليخة » أعجب با على مبارك باشاء وأراد أن يكاىء 
الفقيد فعينه معلباً لأولاده2"») . وهكذا اطردت القاعدة » واستمر السجع علامة على 
إنشاء الإمام في هذه المرحلة من حياته , ك]| اطرد تخليه عنه عندما يكون النص لغيره 
يجري هو فيه الصياغة وإصلاح العبارة وإعادة العرض والتحرير . . 
۴ التعليقات على شرح الذّواني للعقائد العضدية 

هذا النص هو عبارة عن كتاب كبير » جاء في صورة تعليقات ‏ (حاشية) - على 
شرح جلال الدين الدواني“ على العقائد العضدية » لصاحبها عضد الدين 
UY‏ . وهو نص فلسفي على درجة عظمى من الأهمية والخطورة في العلوم 





(1) اللواء ‏ العدد 759 الصادر في ؟١‏ يوليو سئة ۱۹٠٠١‏ م (والنقل عن الجزء الثالث من تاريخ الأستاذ 
الإمام) ص ۳۳ طبعة القاهرة سنة ١174‏ ه . 

(1) محمد بن أسعد الصديقي الدواني 81م 18و ه417١-1015‏ م) أحد الفلاسفة الباحثين ) 
تولى قضاء فارس وتوفي بها . . كتب عدداً من المصنفات » وصنف مجموعة من الشروح والحوائي 
على بعض نصوص الفلسفة والكلام » وإلى جانب كتبه العربية ألف عددا من الرسائل باللغة 
الفارسية . 

(8) عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار ١855 a Vor)‏ م) من علماء الكلام والأصول واللغة = 


1۳ 





الإلهية » لا يدانيه نص آخر من النصوص التي كتبت بمصر في هذه القضايا . في تلك 
الفترة من التاريخ . 

والأمور التي بعثت على شكنا في نسبة هذا النص إلى الأستاذ الإمام محمد عبده 
كثيرة » في مقدمتها : 

أولاً : أن الفراغ من تحرير هذا النص قد حدث «في أواخر ذي الحجة) سئة 
۲ هھ أي أوائل سنة 181/5 م .. ولا نعتقد أن أربع سنوات من صحبة الشيخ 
محمد عبده للأفغاني كافية لتبلغ به هذا المستوى الفلسفي غير العادي في أمور هي أعقد 
ما عرض للفلاسفة والمتكلمين منذ أن عرفت الفلسفة وعرف علم الكلام . . ولقد كان 
الشيخ محمد عبده لا يزال حتى ذلك التاريخ طالباً في الأزهر, لم يتخرج بعد . كا أن 
مضامين مقالاته الإنشائية المنشورة حتى بعد هذا التاريخ كانت لا تزال بسيطة » بل 
وسطحية جدا إذا ما قورنت بهذا النص الفلسفي العميق . . 

انياً : أن هناك اختلافاً بيناً > في مستوى العمق » وأيضاً في بعض وجهات 
النظر » بين هذا النص وبين النص الآخر الذي أودعه الأستاذ الإمام آراءه الكلامية بعد 
ذلك ء» وهو (رسالة التوحيد) . ولا يحق لأحد أن يحتج بأن آراء الرجل ربا تطورت › 
وبأن (رسالة التوحيد) ربجا جاءت دون تعقيد لأنه قد ألفها ككتاب مدرسي » لطلبة 
deer Veh cay pe lll dl‏ ام م Lee Mage ay pee dd om VIET‏ 
من بيروات . 

ذلك أن. الحجة الثانية إذا صحت فإن الأولى لن تصح . وهي المتعلقة بتطوره 
الفكري إذ لو كانت أفكاره التي أودعت (التعليقات عل شرح الدواني للعقائد العضدية) 
قد تطورت لعدها عند طبع هذه التعليقات » خصوصا وهو لم يعزم على طبعها إلا في 
أواخر حياته » أي بعد تأليفه لرسالة التوحيد . 


ثالثاً : أن أسلوب هذه التعليقات خال من السجع . في حين أنها مكتوبة في 
والبلاغة والتاريخ . . وكتابه (المواقف) أحد المصنفات الشهيرة في علم الكلام . نشأ بفارس ١‏ 
ونسبته إلى بلدته «إيج» » ومات سجيناً بقلعة كرمان بعد خلافه مع حاكمها . ولقد ترك آثاراً 
فكرية في فروع المعرفة المختلفة التي نبغ فيها . 


51 





مرحلة كان أسلوب الأستاذ الإمام لا يخلو فيها من السجع الملتزم إلا عندما يكون النص 
لغيره » وتكون له فقط الصياغة والتحرير . . 

رابعاً : أن سياق التعليقات ودفن» تأليفها يقطع بأن كاتبها كان يدرس (شرح 
الدواني للعقائد العضدية) » وأنه كان يلقي بهذه التعليقات وهو يشرح القضايا التي 
عرض ها کل من «الايجي) و«الدواني) ؛ و«الدواني» بالذات ... ds‏ يذكر أحد ممن 
أرخ للإمام في فترة حياته تلك أنه قرأ على تلاميذ له » ولا على طلبة الآزهر الذين كان 
يعيد عليهم دروس الأفغاني التي كان يلقيها ببيته في «خحان الخليلي» » يذكر أحد ممن 
أرخ لحياة الإمام في هذه الفترة أن (شرح الدواني للعقائد العضدية) كان من الكتب التي 
شرحها لزملائه الطلاب . 

خامساً : أننا نجد العلاقة قائمة » بل وقوية » بين جال الدين الأفغاني » وبين 
«الدواني» » اا «العضد» » gd‏ من بين الفلاسفة والمتكلمين والمتصوفة الذين قرأ 
لهم وخالط فكرهم في أدوار التكوين الفكري لعقله الفلسفي » وذلك إلى جانب ابن 
سينا والغزالي وابن رشد والإمام الرازي وابن خلدون . والسهروردي » والكاتبي , 
pelea estes‏ ال 

وأكثر من ذلك فإن الذين أرخوا هذه الفترة من حياة الأفغاني في مصر يقطعون Ob‏ 
(شرح الدواني للعقائد العضدية) كان من بين الكتب التي شرحها لطلاب علمه في 
منزله » وأنه قد علق عليها بما عهد عنه إزاء الكتب التي كان يشرحها ويتخذ من 
قضاياها مناسبات لطرح أفكاره على مريديه . . ففي هذه الفترة من حياته أقبل عليه 
والتف من حوله لفيف من طلبة الأزهر «فكان ينبههم إلى ما في الإعراض عن الدراسات 
الحكمية (الفلسفية) ‏ من علمية وصوفية - من نقص في العالم الإسلامي ٠‏ يجعل نتاجه 
العلمي ضئيلا منقوصاً . ونظره إلى الحقائق العلمية سطحيا غير نافذ » حتى حبب إليهم 
شعورهم بهذا النقص السعي في تلافيه » فرغبوا إليه أن يدرس لهم طائفة من الكتب , 
فأقبل يقرئهم من عوالي كتب الكلام والأصول : العقائد النسفية بشرح التفتازاني › 
و(العقائد العضدية بشرح الدواني) » والتوضيح لصدر الشريعة بحاشية التفتازاني : 





(4) انظر كثتاب (التفسير ورجاله) للشيخ محمد الفاضل بن عاشور ص ١67‏ طبعة et‏ البحوث 
الإسلامية بالقاهرة 5 مايو سنة 11م i‏ 


Y\o 





التلويح » ومن كتب المنطق : شرح القطب الرازي على الرسالة الشمسية » والمطالع 
للأرموي » ومن كتب الحكمة العليا والتصوف : الإأشارات لابن سينا » وحكمة 
الاشراق للسهروردي » والرسالة الزوراء للدواني » ومن كتب الهيئة والرياضيات 
كتب : الجغميني » والطوسي .. مع التوسع في كل ذلك » وايراد الآراء الجديدة 
والاكتشافات » ومناقشة المذاهب والمقالات .. . وكان في مقدمة المنتسبين اليه 
والآخذين عنه . . . الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده0') . 

ويؤكد هذه اللحقيقة الحامة أنها مروية عن الإمام محمد عبده ذاته » بواسطة صاحبه 
وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا ء الذي يؤرخ لهذه المرحلة من حياة الأستاذ الإمام 
فيقول : أخبرني الأستاذ الإمام «رحمه الله تعالى : أنه قرأ على السيد ‏ (جمال الدين 
الأفغاني) كتاب (الزوراء) للدواني » في التصوف . و(شرح القطب على الشمسية) » 
و(المطالع) و(سلم العلوم) .» من كتب المنطق . . و(الهداية) . و(الإشارات) و(حكمة 
العين) » و(حكمة الإشراق) » في الفلسفة » و(عقائد الجلال الدواني) في التوحيد . . . 
و(التوضيح) مع (التلويح) , في الأصول . . و(الجغميني) » و(تذكرة الطوسي) في الهيئة 
القديمة , وكتابا آخر في الطيئة الجديدة » نسيت اسمه ..(» . 

فالأستاذ الإمام يعترف بأن علاقته بهذا الكتاب هي علاقة التلميذ الذي تلقى 
شرحه عن أستاذه حمال الدين . 

فإذا علمنا أن «الرسالة الزوراء» للدواني التى ورد هنا ذكرها قد وردت المقارنة 
بينها وبين شرح الدواني للعقائد العضدية في ثنايا التعليقات التي نحن بصدد الحديث 
عن تحقيق نسبتها لصاحبها أدركنا أننا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق نسبة هذا النص إلى 
الأفغاني لا إلى الأستاذ الإمام . 

سادساً : أن كل الكتب التي شرحها الإمام » في هذه الفترة من حياته » للطلاب 


)٠١(‏ المصدر السابق ص .٠١۷‏ ونحن عندما ننظر في هذه التعليقات على شرح الدواني للعقائد 
العضدية. نأسف كل الأسف لضياع شروح الأفغاني هذه على هذه الأمهات من كتب الحكمة 
والمنطق والتصوف لهذه الكوكبة من علماء الإسلام ‏ فلا شك أن فيتعليقاته عليها وشروحه ها ما 
كن سيبرز لنا قسمة الفلسفة من شخصيته بأكثر ما هى بارزة الآن . 

, 35 » 75١ ص‎ ١ (تاريخ الأستاذ الإمام) ج‎ )١١( 


"1 





في الأزهر . أو في منزله » كانت من بين تلك التي شرحها أستاذه الأفغاني في بيته » مثل 
«إيساغوجي ) في المنطق ٠‏ واشرح العقائد النسفية) لسعد التفتازاني » مع حواشيه , 
ومقولات السجاعي بحاشية العطار . . . وغيرها . . مما يؤكد أن المصدر والمتبع هنا كان 
هو الأفغاني » وأن دور الأستاذ الإمام قد كان » يومئذ » بالنسبة هذه النصوص 
الفلسفية » هو دور النقل إلى dale‏ أحرى من الطلاب والمريدين » ودور الصياغة 
والعرض والتحرير . 

تبقى بعد ذلك مشكلة أن الأستاذ الإمام قد وضع اسمه في مقدمته المسجوعة التي 
طبعت في صدر هذه التعليقات غير المسجوعة ؟!2 وقال فيها : (أما بعد he‏ فيقول من 
Gl Je‏ جده . الفقير إلى ربه «محمد عبده) : هذه كلمات قليلة تسفر عن دقائق 
جليلة » أبرزها فيض الأول » مع ما عندي من العجز والكلل ا 
توكلت : ru.‏ أحذت تتوالى التعليقات بأسلوب فلسفي لا يعرف السجع , وا 
مکان فيه للمحسنات » ولا تناسب بينه وبين السطور التي قدم بها ها Tag SoM‏ : 

وهذه القضية تقتضي منا نظرة فاحصة . بمنيج تحقيقي . في نصوص الكتاب وما 
عليه من تعليقات » عسى أن نجد في هذه النصوص ما يزيل بقايا الشبهات التي يمكن 
أن يتعلق بها أولئك الذين ينسبون هذا النص إلى الأستاذ الإمام . . فماذا يعطينا النص 
من دلائل في هذا البابا ؟؟ . 

١‏ إن على هذه (التعليقات» «هوامشر١22)‏ وضعها الأستاذ الإمام عند عزمه على 
c tilts ade‏ وهي قد وضعت في أسفل الصفحات › eee‏ 
«هامشا» » وهي تبلغ في الحجم ما يوازي oe‏ إذا جمعت على Yad‏ 
وهذه «المهوامش) تقدم لنا أكثر من دليل قاطع على أن صاحب (التعليقات على شرح 
الدواني للعقائد العضدية) ليس هو الأستاذ الإمام . . فالحامش الخاص بالتعليق 
)۱٤٥(‏ > والذي يعلق به الأستاذ الإمام على عبارة : «وبالحملة . فالمعلول الأول 
مثا » بوجوده الخارجي . إثما يتبع علم الذات بالذات » إذ مجرد علم الذات علم 


)¥\( نحن نستخدم هنا كلمة «هامش» وهي من الكلمات lly‏ للتمييز بينها وبين التعليقات» WY‏ 
ell‏ «هوامش» على «التعليقات» فاستسخدامنا لا لنتمييز 4 


11%۷ 





مبدئيتها» يقول الأستاذ الإمام : «قوله : إذ مجرد ... الخ .. وإن شئت قلت : إن 
الواجب بعلمه بذاته » قد علم سلسلة الممكنات » إلى غير النهاية » بعلم المبدئية الخ» . 


والشاهد الذي نلفت إليه الأنظار . ونستدل به هنا على ما نقول . هو تعبير 
الأستاذ الإمام ب «قوله . ..) see‏ هنا بالقطع غير الأستاذ الإمام , » إذ هو يشير إليه 
nds‏ نه ليبس هو صاحب هذا الكتاب » وإنما هو صاحب هذه 
«الهوامش)» على هذه التعليقات . 

وهناك «هامش» آخر يعطينا دليلاً ثانياً مشابباً لهذا الدليل . وهو ما كتبه الأستاذ 
الإمام على عبارة التعليقات الواردة في التعليق lly (VOY)‏ تقول : «ولم يفرقوا بين 
دلالة المعجزات » ودلالة الراهين والمقدمات» فيقول «هامش» الأستاذ الإمام معقبا 
«فإن زعم أن المعجزة بنفسها السك توعان e‏ 

والشاهد الذي نستدل به هنا هو أنه يشير إلى صاحب «التعليقات») بضمير 
الغائب . SUL‏ «فإن زعم ...» وذلك يقطع بأنه ليس هو صاحب هذه 
التعليقات . 

وهناك «هامش» ثالث يعطينا دلي آخر ا نجده على العبارة الواردة 
بالتعليق )١١69(‏ والتي تنتهي بكلمة : «فتأمل) 1 فيأتي «هامش» الأستاذ ae‏ مبتدثا 
بقوله : «أمر بالتأمل . ..» ا عن صاحب (التعليقات) الذي «أمر بالتأمل» 
Fells bts. LSI pay‏ نه ليس هو صاحب هذه التعليقات . 


؟ -في «الهامش» الذي كتبه الأستاذ الإمام على العبارة الواردة بالتعليق (VOY)‏ 
دليل على أن جهد الأستاذ الإمام هو جهد «التحقيق والتعليق» على هذا النص الذي قلنا 
إنه للأفغاني . ففي التعليقات عبارة تتحدث عن خوارق العادات . وأن مجرد حدوث 
الخارق مقترناً بدعوى النبوة والرسالة ليس كافياً في وجوب التصديق . وتضرب مثلا 
«بابن مقنع) الذي Leal‏ الرسالة وظهر على يديه نحارق للعادة . ومع ذلك فهو 
كاذب . . تقول العبارة : «وكيف يكون مجرد الخارق re‏ للقطع عند الاقتران 
بالدعوى ؟ وقد بلغك خير ابن مقنع وأمثاله . ممن قد رقمت أحواهم في صحائف 
الرجال a‏ خلكان وغيره .» . . فيأتي «هامش» الأستاذ الإمام ليقول لنا : «ففي 
ابن خلكان أ 00 الناس من مسافة شهر من موضعه . ثم 


510 





يغيب . وقد ذكر هذا القمر أبو العلاء المعري في قوله : 
أفق . إنما البدر المقنع رأسه ضلال وغي مثل بدر المقنع 
وإليه أشار أبو القاسم E‏ ع سناء الملك . الشاعر . في قوله : 
إليك فما بدر المقنع Ce‏ بأسحر من ألحاظ بدر المعمم 
سم هذا الرجل «عطاء) وقيل «حكيم) .. وهو (هامش» (محقق» يتناول 

ase‏ آخحر » يعرف ذلك بداهة كل من له دراية بكتب 
التحقيق وما عليها من «هوامش» وتعليقات وتحقيقات . 

وهناك دليل ثالث نستخرجه من نصوص التعليقات . وهو على جانب كبير 
من الأهمية » لأنه يحدد أن الزمن الذي شرح فيه (شرح الدواني على العقائد العضدية) 
كان في بدء إقامة الأفغاني ؟ بمصر » وقبل أن تتهيأ للشيخ محمد عبده أ ية أدوات يستطيع أن 
يدخل بها مثل هذا الميدان. . ففي التعليق (14) يتحدث صاحب التعليقات عن الزمن 
الذي هو فيه › والذي يلقي فيه تعليقاته على نص الدواني » فيقول «.. زماننا هذا 
الذي قد قام فيه الفسيسون على ساق » وأخذوا يدعون الناس إلى التنصر . . . .2 فيأتي 
«الهامش» ليحدد هذا الزمن » بالنسبة لتاريخ طبع هذا الكتاب للمرة الأولى ‘ فيقول : 
«كان هذا من فوق ثلاثين سنة) . . . فإذا كان الأفغاني قد جاء إلى مصر مقيها » وعرفه 
الأستاذ الإمام وصاحبه وتتلمذ عليه سنة 181/١‏ م وإذا كانت وفاة الأستاذ الإمام قد 
حدثت في سنة 1996م . فإن بين التاريخين أربعة وثلاثين lhc tote‏ كاتف 
«هوامش» الأستاذ الإمام هذه قد كتبت قبل طبع الكتاب » وهو الذي طبع عام وفاته , 
أدركنا أن شرح نص الدواني على العقائد العضدية إنما كان في باكورة السنوات الأولى 
لمجيء الأفغاني إلى مصر سنة 187١‏ م . يوم كان الشيخ محمد عبده مجرد طالب في 
الأزهر يخطو خطواته الأولى على سلم التحصيل لثل هذا اللون من ألوان التفكير . . . 
وعلمنا كذلك أن التاريخ المحدد ca‏ من هذه التعليقات في سنة ١1١957‏ ه سنة 
٩‏ م إنما هو تاريخ الفراغ منها » أو تاريخ صياغتها وتحريرها في صورتها هذه » وهو 
التحرير والصياغة اللذين قام با الأستاذ الإمام بعد إملاء النص من الأفغاني على 
تلاميذه ومريديه . 


وإذا كانت هذه بعضص الأدلة المستخرجة من «هوامش» الأستاذ الإمام » فإن هناك 


¥\4 





أدلة كثيرة يمكن استخراجها من نص (التعليقات) . . ونحن نقدم منها هنا البعض » 
على سبيل المثال : 


٤ف‏ التعليق )١184(‏ يتحدث صاحب (التعليقات) فيقول : «... فقول 
المعتزلة : رجب على الله الأصلح) : إن كان يريد به ما ذكرنا » فنعم » ولا خلاف 
لأصحابنا معه » خصوصاً الماتريدية » لأنهم لا بجوزون العبث عليه تعالى» . . فنحن 
هنا بازاء فيلسوف يتحدث عن الماتريدية ومن هم على شاكلتهم بأنهم «أصحابه) . . فإذا 
وضعنا في اعتبارنا سنوات ۱۸۷۱ » ۱۸۷۲ » ۱۸۷۳ م وتخيلنا الأفغاني الفيلسوف , 
ومحمد عبده طالب الأزهر » فلا شك أن هذا القول سيكون من نصيب الأفغاني وليس 
محمد عبده | , 

0 وفي التعليق )٠٤١(‏ » وأثناء الحديث عن رأي للدواني الشارح » يقول 
صاحب التعليقات : «. . وأنا أقول : لا وجه لالتزام الشارح هذا القول » مذهبا 
للمتکلمین . ونفی بعده عن مذهب الحکاء » فانه - كما لم يقل به أحد من الحكماء ‏ لم 
يقل به أحد من المتكلمين سواه» . . فمن الذي يستطيع في ذلك التاريخ أن يصدر مثل 
هذه الأحكام القاطعة » ويقول إن هذا القول لم يقل به أحد من الحكاء » ولم يقل به 
غير الدواني من المتكلمين ؟؟. . من يستطيع ذلك بمصر في ذلك التاريخ ؟! لا أعتقد أن 
في مصر بأسرها من كانت له امكانية ذلك سوى جال الدين الأفغاني . . فنحن نعلم 
مناخ الحركة الفكرية يومئذ » وكيف أن النوافذ التي فتحها الطهطاوي لي ذلك القرن 
كانت أساساً على أوروبا وحضارتها الحديثة » بينا ظلت دراسات الفلسفة والمنطق محرمة 
في الأزهر . . حتى أن الشيخ عليش كان يذهب بعصاه » بعد ذلك التاريخ » كي 
يضرب محمد عبده » ويفض مجلسه الذي ينقل فيه إلى طلبة الأزهر ما يقوله الأفغانٍ في 
بيته من أفكار الفلاسفة والمتكلمين. . فقبل الأفغاني لم تعرف مصر في عهدها ذلك 
اهتاما مبذه الدراسات , وغير الأفغاني لم يكن هناك مفكر بمصر يومئذ يستطيع أن يجلس 
ويصدر مثل هذه الأحكام . 


٦‏ - ولیس هذا هو الخال الوحيد للنقد الموجه من صاحب التعليقات للدواني 6 بل 
of‏ انتقاده ينتشر في خلال التعليقات age‏ وعلى سبيل المثال فهو ينتقده بل ويهاجمه ويفند 
شروحه في التعليقات : (YE)‏ و(9١)‏ و(لا") و(8") و(١5)‏ و(57) و(57) و(14) 


YY 





و(56) 55(9) و(!ا) و(؟:) و(05) و(25) و( 2) و(61) و(5؟/) و(4لا) وزلام) 
و١١ )٠١‏ و(45١)و(18)و(5/ا١)و(١18)و(184).‏ 

وني هذه التعليقات يوجه إليه الانتقادات التي تصفه «بالتمويه» و«الزعم» وتقرأ 
عبارات مثل : «إن كلام الشارح من اص ن الفساد» ودفي غاية الفساد) . وأنه 
يلعب بالخيال لغفلته عن مأخذ البرهان» . وأنه قد «حصل له اشتباه) . وأن «في كلامه 
خبط . وابهام الغلط» . وأن في عبارته «قلق . وتشويش» . وأن كلامه لم gla k ob‏ 
بلقب الأذكياء » ولا بما ght‏ إليه طالبو اليقين» وأن في كلامه «افتراء» على الحكماء 
کک r AS‏ فأورد عليهم مالم يكن يرد . 

نه لقصوره عن بیان مذهب الحكاء» أتى بعبارة شنيعة لا يليق أن يتفوه ہا عاقل . 

. )! البرهان‎ oe 

إلى غير ذلك من النقد الذي وجهه صاحب التعليقات إلى الدواني شارح (العقائد 
العضدية) . 

بل لقد ضمت التعليقات نقداً موجهاً إلى المصنف ‏ عضد الدين الايجي ‏ عندما 
وصفته «بالتوهم) ووصفت بعض آرائه بأنها «خرافة سقيمة) ‏ (التعليق  )/4‏ كما يوجه 
صاحب التعليقات نقده إلى التفتازاني » صاحب (المقاصد) ٠‏ مع الايجي ra‏ 
غلطههما ا إلى توغلهما في «المقالات اللفظية» التي جعلت سامع بعض أقواهم «يتجرع 
الغصص من أوهام بعضها فوق بعض !) - التعليقات : (9لا, (VIA CVV‏ 

وغير الدواني والايجي والتفتازاني ينتقد صاحب التعليقات كلا من : اساعيل بن 
مصطفى الكلنبوي (6١١١ه ١9١‏ م) وعبد الحكيم السيالكوتي 1١59(‏ ه 
5 م) وأبو حامد الغزالي (500 - 506 ه58١١-١١١١‏ م) وأبوالحسن 
الأشعري (۲۷۰ ۔ ۳۳۰ ه 887 ٩٤۲‏ م) والشیخ الرئیس ابن سینا ٤۲۸ -۳۷١(‏ ه 
۱٩۳۷ -‏ م) وتتناثر انتقاداته هذه في التعلیقات : )۱٤١(‏ و(۱٥۱)‏ و(۳٣٥٠)‏ 
و(٥١۱)‏ و(۲۱) و(۸٤۱)‏ و(۱۳۸) . وهي الانتقادات التي تستخدم كلمات «الزعم» 
و«الحباء المنثور» و«المذيان» و«الاغراب») eters‏ الاحاطة) وصدور الكلام «من غير 
عارف» وورود الكلام على نحو «غير تام) . 

بل of‏ صاحب التعليقات يسحب انتقاداته Get‏ غير قليلة إلى متكلمي أهل 


51١ 





السنة ine‏ »> قيصف بعض آرائهم بأنها «هذيانات لا قيم (lh‏ وأنهم «يقتفون آثار 
المقاللات . وتمويه العبارات» وأن e‏ هذه الأراجيف» التي قرروها في بعض القضايا 
إنما هي من اباب الطغيان في القول» وثمرة «للتعصبات المذهبية والعصبية التي تخشع بين 
يدها عصبية الجاهلية) وأن بعض كلامهم هو رفي غاية البرود . حالف للذوق 0 
والشرع . ورمي بغبر برهان . .» وأن «أرباب هذه المقالات قد فتحوا على أنفسهم 
أبواب الكفر والجهالة . وقد ضلوا وأضلوا غيرهم من القاصرين . بأن سموا 
(أهل السنة) » وقد برئت منهم السنة وصاحبها !) وتتناثر انتقاداته تلك في التعليقات : 
(۸۱) و(4۱) و(۹۲) و(4۷) و(٤١۱)‏ و(۱۱۳) و(١٤۱)‏ و(۹٤۱)‏ و(١٣۱)‏ و(٤۱۷)‏ 
و(١18١).‏ 

ولا نعتقد أن باحثاً محققاً يدرك مكان الفيلسوف جمال الدين الأفغاني ومكان طالب 
الأزهر ‏ يومئذ ‏ محمد عبده . يجد من المستساغ أن يقول بأن صاحب هله الانتقادات 
الموضوعية والمؤسسة على البحث والاجتهاد الفلسفي هو طالب الأزهر محمد عبده دون 
الفيلسوف جال الدين !1 . ۰ 

۷ ودليل سابع » وقاطع » نستخرجه من نصوص التعليقات ‏ نجده في التعليق 
(44) عند الحديث عن Ali ple‏ سبحانه » فإن صاحب التعليقات يحيل على رسالته 
(الواردات) فيقول : «وتحقيق علم الله تعالى يحتاج إلى سط ليس هذا محله » وقد 
ياي . وقد بسطنا الكلام فيه بسطاً إجمالياً في رسالتنا (الواردات) ولعلنا نأتي على غايته في 
wks‏ آخر) . 

ولقد حققنا نسبة رسالة (الواردات) هذه إلى الأفغاني » مستدلين على ذلك بكلام 
الأستاذ الإمام محمد عبده نفسه . 

ولقد تكررت . في التعليقات › الإشارة والاحالة على رسالة (الواردات) » أكثر 
من مرة , كما في التعليقات : (/ا4١)‏ و(١١١)‏ و(١١5).‏ 

8 - ودلیل ثامن › نستسخرجه هو الآخر من نصوص التعليقات » ونلتقي كرابا 


ee e‏ ا التعليقات E‏ الله 


والخلاف اللفظي 8 2 ثم م يقول : «ولعل i‏ تعالى يوفقنا لايضاحها إيضاحاً شافياً 3 


۲۲ 





غير هذا الكتاب . .» . . . وفي التعليق (181) عند التعرض لقول الأشعرية : إن الله 
لا يصدر منه القبيح » فيقول : «هذا قول جيل » أخذوه على غير وجهه » وقد نشرحه 
في غير هذا الكتاب» . 

فهذه الوعود الكثيرة المتناثرة في التعليقات › والتي قدمنا تماذج Yoo lps‏ يمكن 
تضور صدورها من محمد عبده : طالب الأزهر ‏ ابن الرابعة والعشرين عاماً ! 

ورا اا وعود من الأفغاني بتوفية هذه القضايا حقها من الشرح في الكتب 
الفلسفية والكلامية الأخرى التي كان قد def‏ في شرحها وإشاعة أفكارها فيما يشبه 
البرنامج المنظم في بيته على زواره وطلاب علمه ومريديه . 

4- ثم إن هناك مجموعة من الحقائق الأخرى التي نلتقي بها في ثنايا هذه 
التعليقات . والتي إذا جمعناها كونت قسرات بارزة ومميزة لصاحب هذه التعليقات . . 
وجعلتنا نقطع > على ضوء وضع ومكانة وامكانيات كل من الأفغاني . ومحمد عبده في 
ذلك التاريخ . نقطع Ob‏ صاحب هذه التعليقات هو الأفغاني وليس محمد عبده . 
فالتعليقات كانت تلقي دروساً يشرح بها صاحبها (شرح الدواني على العقائد 
العضدية) . . وني تلك الفترة الزمنية كان الشارح والمدرس هو الأفغاني » low‏ كان محمد 
عبده في مكان المريد المتلقى عن أستاذه » والمدون لأمالي هذا الأستاذ . . ولقد سبق أن 
أشرنا إلى رواية المؤرخحين الثقاة بأن (شرح الدواني للعقائد العضدية) كان من بين الكتب 
التي عرضها وعلق عليها الأفغاني في تلك الفترة الزمنية بمنزله بخان الخليل بالقاهرة. . 
أ النصوص التي ضمتها التعليقات , والتي تشهد بآن هذه التعليقات كانت هي 
موضوعات الدرس » فانها كثيرة . . فصاحبها يقول : مثلاً » في خحتام التعلیق (۷۹): 
«وبالجملة » فالكلام مع الناظرين » في هذه المسألة طويل . والوقت ضيق !». . وفي 
التعليق )١18(‏ يقول : «فدقق النظر جدا » فليس لي جال التوسعة في الكلام » لضيق 
الوفت ونقص المرام !»).. وفي التعليق (85) يقول: «وليس هذا الكتاب كتاب البسط 
في المقال !». 

فهو هنا » وني كل حالة من حالات تلك الأمثلة . مدرس وشارح يختدم Lake‏ 
من مجالس الشرح لحلقة تلاميذه ومريديه . 

وكا قلنا . فلقد كان المدرس الشارح يومئذ هو جمال الدين . . 


yyy 





Clasp el opal as 1S nc gh وهذا الشارح المدرس لم‎ - ٠ 
أن ا‎ 4 E ع ل لسك‎ ot عاديا . ولا متوسطاً‎ 
. تقطع بأن منشئها هو قمة القمم في الفلسفة الإلية بذلك التاريخ وذلك المحيط‎ 
نستطيع أن نلمس ذلك من عمقها وإحاطة صاحبها بمذاهب علماء الكلام والفلاسفة‎ 
اهيا وة اد القويةة الي ل‎ ode Gy ال وا و مارا‎ 
ہا » والحديد الذي يقدمه في الجدل الذي زخحرت به هذه التعليقات . كا نستطيع أن‎ 
نلمس ذلك» مباشرة » من عديد من النصوص التي ترسم صورته وتحدد مرتبته في هذا‎ 
. المقام‎ 

فهو يتحدث - في التعليق )£0( حديث من أحاط بمذاهب الحكاء في وحدانية 
الذات الإلهية عندما يقول : إنه «قد تقرر في مدارك الحكاء أن الواحد من - جميع الوتجوه 
لا يصدر عنه إلا واحد . والحقوا هذا rt‏ لي 
منها ما ذكره الشيخ الرئيس في (الاشارات) حيث قال :. . الخ . . الخ ..». 

وفي التعليق (*۸) يتحدث «المحقق» » ويقول لسامعيه : «ولكن ذلك يصعب 
إدراكه على غير المحققين !). 

: التعليق (۸۳) یکشف عن أنه صاحب مذهب في «التحقيق) عندما يقول‎ ds 
.)! «وهذا قول يجري على تحقيقنا وتحقيق مذهب الحكياء‎ 

أما التعليق )١67(‏ فإن بعض عباراته تكشف لنا أن صاحبه ليس مجرد «محقق») 
وصاحب نظر فلسفي » وإنغا هو قد بلغ في هذا المضمار مبلغ من لديه من الحقائق 
الفلسفية والصوفية فوق ما تطيقه مدارك السامعين » فهو يقول لسامعه : «وههنا سر لو 
اطلعت عليه لقمت على الساق » وهمت هيام المشتاق » ولكن لعدم الإستعداد » ما 
أمددث المداد بالامداد ؟!). 

وني التعليق )۲٠١(‏ يتكرر الموقف عندما يقول : «وهذا قول fot‏ . فاطلب 
تفصيله من غير هذا الكتاب » بل نحته سر عجيب . فأدخل يدك في جيبك تخرج آية 
أخرى » فافهم !». 

وهو هنا يذكرنا بكبار فلاسفتنا . من أمثال أبي الوليد بن رشد 07١  50٠(‏ ه 
8--51١١1م)‏ عندما كانوا يمسكون عن «كشف» كل الحقيقة في كتبهم 


Y4 





«الكلامية» » ويحيلون صاحب الاستعداد.على «كتب الصنعة» ! بل إن صاحب 
التعليقات يجهر بذلك في التعليق )١84(‏ عندما يقول : «فافهم وأمعن النظر » وههنا 
مقال آخر يتعلق بالمبحث . ولكن لا يتحمله علم الكلام !». 

أما في التعليق )١١9(‏ فإنه يكشفه لنا كيف أدرك نظره في عبارات الدواني ما لم 
يدركه جميع الذين «نظروا» قبله من هذه العبارات يقول : «وقد خفى مقصده هذا عن 
جبيع من رأيت كلامه من الناظرين في كلام الشارح » فبعدوا عن الغرض في كلامهم »› 
وخلطوا كثيرا !). 

فهل بحق لباحث أن يتصور هذا الكلام كلاماً لمحمد عبده » طالب الأزهر » ابن 
الرابعة والعشرين . الذي كان في بداية تلمذته على GUS‏ ¢ يسجع عندما ينشيء » 
ومبلغ جهده يومئذ لم يتعد تحرير أمالي أستاذه ونقلها إلى حلقة من حلقات المريدين 
الطالبين في الأزهر الشريف ؟؟ . 

١‏ ثم أن هذه التعليقات تكشف لنا أن صاحبها كان عالاً بعدد من اللغات غير 
اللغة العربية » فهو في شرحه لاسم الذات الالهية وحديثه عن صفاتها يقارن المعاني التي 
لمصطلحات هذا المبحث في اللغات : العربية » والفارسية » والتركية » واهندية » بل 
والفرنسية » والانجليزية . . ونلك كانت ء يومثذ » إمكانيات الفيلسوف جمال الدين - 
كا هو ثابت من ترجمته التي كتبها المؤرحون لحياته وتربيته وتعليمه - ولم تكن بالقطع 
إمكانيات محمد عبده في ذلك التاريخ . . 

وإذا شثنا أمغلة عل هله الحقيفة وجدنا التعليقات دنا بالكثير . . 


Gs‏ التعليق (94/) يلجأ إلى اللغة الفارسية في الانتصار لمذهبه وهو يفسر معنى 
«الوجود) فيقول : «والتقرير tl‏ لكلامهم أن يقال : ليس الوجود ما ألفوه من 
انتزاعات » أو ما ظنوه من وصف قائم » بل الوجود هو ما به الشيء يتحقق في 
الخارج . المىرعنه في الفارسية ب (هست) ...». 


dy‏ التعليق (۸۸) يلجأ للفارسية في تحديد معنى «العالم) » فيقول : «ليس العام 
من له صفة قائمة بذاته يقال لها : العلم » أو من قام به صفة زائدة على ذاته يقال لها : 


٥ 





العلم » كا بني عليه . ولكن العالم ما يعبر عنه في الفارسية ب (دانا) » وفي سائر اللغات 
بمرادفه » ويعبر عنه في لغتنا ‏ (أي لغة الفلاسفة الإلهيين المتوصفين) ‏ بمن كشف له 
حقيقة الأمر . وقواعد العربية - في فن الاشتقاق » لاجراء التعاليم » أو ما يشبه ذلك 
لا تقدح في البراهين العقلية . .» 


ويعود إلى نفس القضية في التعليق (45) فيقول : (.. بل معنى العالم : ما يعبر 
عله في الفارسية ب (دانا) » وبمرادفه من سائر اللغات . كما قدمنا . ولبس يفهم منه أهل 
تلك اللغات : من قام به (وانست) أو مرادفه » SS‏ 
الوجه الخاص . وهو أعم من أن تقوم به صفة تسمى علاً أم it‏ 


وفي التعليق : )١١١(‏ تتسع دائرة مقارناته اللغوية » وهو يعرض «لاعلام ذات 
الرب» » فيقول : «ولكل قوم أن يصطلحوا في ذلك ما شاءوا . . ولنا أن نستدل على 
إثبات صفات كالية للواجب تعالى » ثم نعبر عنها بمشتق يطلق عليه » وإن هذا إلا 
تسمية وأما من فرق بين التسمية والتوصيف » فذلك رجل قد خنقته العربية ! وإطلاق 
القول في المنع جهل بموارد اللغات » وقصور عن الاطلاع . ‘ ds‏ یرد نص بامجاب تغيير 
hyo hls al Je Jay ec Seale SWIM‏ أمكن التأويل في بعضها بالتوصيف لم 
يمكن في الآخر. ك (ديو) في الفرنساوية » و(دثو) في الهندية » و(ايزد) و(يزدان) في 
الفارسية » فإنها عند أهل اللغة أعلام على ذات الرب » لا يفهم منها معنى التوصيف 
جه) . 

وفي التعليقين : pL (YE) 9 (YIN)‏ تفسبرات لعاني الكلات الفارسية 
والتركية التي وردت في (شرح الدواني على العقائد العضدية) . . فلقد ذكر الدواني 
كلمتي (خداي وتكري) » ويفسرهها الأفغاي فيقول ghey:‏ اسم الله بالفارسية . 
و(تکري) - - بفتح التاء وكسر الكاف المغلظة ‏ اسم all‏ بالتركية» . . كما يفسر معنى 
عبارة الدواني (خود أينده) فيقول : أن معناها : «الموجود بذاته) . خود 
بالفارسية - : «النفس» و«أينده» : اسم فاعل من «أمدن» بمعنى : «المجيء» » أي آت 
بذاته . .». 

فهذه التعليقات تأتي دليلا على أن صاحبها كان عالاً هذه اللغات غير العربية › 
إلى الحد الذي يمكنه علمه بها أن يتناول مصطلحات «أعلام ذات الله وصفاته» » کا 


yy" 





وردت ذه اللخات » والمعاني الفلسفية التي لذه المصطلحات . مع مقارنة كل ذلك 
بمثيلاتها في اللغة العربية . . 
كما يكشف هذا الدليل أن المجلس الذي كانت تلقى فيه هذه الشروح 
والتعليقات كان يضم نفرا من السامعين الذين يحسنون الفارسية والتركية . . وهي أمور 
تقطع بأن جمال الدين كان صاحب هذا المجلس ومنشىء هذه التعليقات . فلم يكن 
محمد عبده » طالب الأزهر يومئذ » على علم بهذه اللغات حتى يغوص في بحرها بحثا 
عن المعاني الفلسفية لأعلام الله وضفاته , 
إذاً فنحن نرى أن صاحب التعليقات هو الأفغاني » وأن تلميذه محمد عبده 
هو جامعها وحررها » على العادة التي شاعت وأصبحت قاعدة في علاقة الأفغاني 
بمريديه . أن يمل » ویکتب تلامیذه ومریدوه . . ولقد كانوا یکتبون نص کلاته › 
حتى لو ضمت الأمثلة والمصطلحات العامية » ول يكن لأحد منهم أن يتدخل في 
التحرير والتدوين بالصياغة والتعديل سوى المريد المفضل : محمد عبله . 
ولقد كان الأفغاني يسمح › » بل ويوعزء إلى مريديه أن ينشروا أماليه 
بأسبائهم في الصحف والمجلات » ومن هنا كانت نسبة عدد من نصوصه » التي 


أملاها , إلى عدد من هؤلاء المريدين مسألة مألوفة للمعاصرين 2 فهي نصوص تعبر 
عن فكر هذه المدرسة التجديدية ورأس هذه المدرسة بنشر أفكاره (aul Ly‏ 


مستعارة ‏ «مزهر بن وضاح» مثلاً ‏ أو بأسماء مريديه : لاك 
وتقدياً لهم | إلى الرأي العام » ونحاولة منه كي يصنع كوكبة من الكتاب المنشئين . . 
۲ - وإذا كان لنا أن نضيف إلى ما قدمنا من حقائق » تشهد لرأينا هذا » حقيقة 
أخرى » فإنها تأتي قاطعة وصريحة ‏ «فمحرر ومدون» التعليقات - (الذي نقول إنه 
الشيخ محمد عبده) - يذكر في متها أنه يدون عن أستاذه » الذي يمل هذه التعليقات 
فيحکي نقد أستاذه ‏ الذي يدعو له بدوام العمر وخلوده لبعض آراء الإمام الغزالي ' 
فيقول : «قال الأستاذ - حلد الله دوامه ‏ : العجب هذا الكلام > کیف صدر من مثل 
هذا الإمام ؟. . 


Sybil‏ الم متیر ي عرض آراء الأستاف.: 
وفي نفس التعليق ‏ التعليق )١١(‏ - ترد عبارات لصاحب التعليقات تدل على أن 


YY 





محمد عبده كان واحداً من الحاضرين للدرس المتلقين لهذه التعليقات » إذ يذكر صاحب 
التعليقات اسم محمد عبده وهو يضرب مثلاً من الأمثلة التوضيحية لإحدى قضاياه عندما 
يقول : 

«وقد قالوا : لا تتفق الأوضاع وتتشابه إلا بعد مضي أربعين ألف سنة , يحدث في 
العالم مثل ما كان أولا » حتى لو كان في الوضع الأول من يكون اسمه (محمد عبده) فقد 
يكون في الوضع المشابه له من يكون اسمه كذلك › وهكذا جميع الحالات والكيفيات 
الي كانت › يكون مثلها . . .) 

۳ - كا نلتفي في هذه التعليقات بإحدى العبارات التي ميزت أسلوب الأفغاني 
نالرت عة عبد وال نفع of‏ تقول ابا كانت من التوازة» استاون 
حمال الدين . . فعندما ترد الإشارة | إلى عام قد انتقل إلى جوار ربه » يكون الألوف في 
أسلوب محمد عبده : الترحم عليه « لقان رع للد . . أما الأفغاني فإنه يستخدم غالباً 
عبارة : «قدس سره» . . وهي عبارة نلتفي بها في التعليقات . 


4 - ودليل أخير يتعلق بتاريخ الطبعة الأولى للكتاب الذي ضم هذه 
التعليقات , فلقد قال الشيخ مصطفى عبد الرزاق في محاضرته عن الأستاذ الإمام في 
ذكراه بالجامعة المصرية ‏ (يوليو سنة 1477 م) - : أن هذه الحاشية ‏ (التعليقات) ‏ قد 
لبعت قبل وفاة الأستاذ الإمام » وعندما رجعنا إلى طبعتها الأول » التي أحرجتها 
المطبعة الخيرية » والتزم بطبعها «وعمر حسين الخشاب» وجدنا على صفحة غلافها 
الداخلي تاريخ سنة ١77‏ ه ء مما يعني أن الكتاب قد طبع في حياة الأستاذ الإمام , 
وأنه قد رأى اسمه على غلافه » ورضي بنسبته إليه . . ولكننا وجدنا الحقيقة عكس 
ذلك » أو لا تعني ذلك » ففي الصفحة الأحبرة من الکتاب - (ص (YN‏ تحديد 
لتاريخ طبع الكتاب بأنه «أواخر شعبان المعظم سنة ١78‏ هم . 

ومعلوم أن الأستاذ الإمام قد توفي في /ا جمادى الأولى من نفس العام سنة 
هيد أن أن الكتاب قد طبع بعد وفاة الإمام بأربعة أ شهر » وهي الوفاة التي 
أعقبت مرضاً ا أشهر . بل إن اسم الإمام يذكر في ees‏ الأخيرة من 
الكتاب هكذا : «العلامة الأوحد . الفهامة الأجد > المرحوم الشيخ محمد عبده » مفتي 
الديار المصرية . . ) 


YYA 





واذن » فليس صحيحاً أن الكتاب نشر في حياة الإمام . 
ok #%‏ * 

ونحن لا نريد أن نطيل أكثر من ذلك في إبراد الحجج والأدلة على أن كتاب 
(التعليقات على شرح الدواني للعقائد العضدية) إنما هو للأفغاني » وأن جهد الشيخ 
محمد عبده فيه إنما هو جهد الصياغة بعد التلقي › > ثم التحقيق والتعليق . . ويكفي 
Shad agg lal‏ عن المحقق » أن يختار أي نص من نصوص هذه التعليقات البالغة حداً 
كبيراً من الدسامة والعمق والاحاطة بمشكلات الفلسفة وعلم الكلام » وأن يقارن بينها 
وبين أسلوب الأستاذ الإمام في تلك الفترة » والذي كان لا يزال أسلوب مبتدىء ملتزم 
للسجع عندما ينشىء » كي يؤمن كما نؤمن ويوقن كما نوقن أن الذين نسبوا هذا النص 
إلى الأستاذ الإمام » ورتبوا ما رتبوا على ذلك من آراء » قد خانهم التوفيق » لأنهم لم 
يسلكوا الطريق العلمي لتحقيق النصوص 

وإحقاقاً للحق » نقول إن الشيخ رشيد رضا قد أدرك بحاسة «السلفي المحافظ) 
أن فكر هذه التعليقات متميز عن الفكر الذي عرفه عن الأستاذ الإمام في هذه 
الموضوعات . ولكنه لم يصل إلى تحقيق نسبتها إلى صاحبها الفيلسوف الأفغاني » ولعله لم 
يحاول ذلك . . فبين) نجده قد احتفل كل الاحتفال [برسالة التوحيد] واعتيرها «معجزة 
من معجزات النبي . عليه الصلاة والسلام » ظهرت على يد الأستاذ الإمام » وآية من 
آيات الإسلام . . إلخ. . إلخ yy ded (OM‏ عن هذه التعليقات : إنها «غاية الغايات 
في علم الكلام » وتحقيق مسائله » وتحرير الخلاف بين المتكلمين » وبيان ما هو لفظي 
ay ce yes gs aps‏ انی ی کر من أبحاثها إلى أن الحق في العقائد هو مذهب 
السلف » ولكن كثيراً من نظريات المتكلمين وتأويلاتهم ظلت ناشبة في ذهنه زمنا 
ار . (214)؟!! فهو هنا يكاد أن يقول . بل 
قال بالفعل » أن أفكار هذه التعليقات من أثر علاقة الأفغاي بالإمام في فثرة حياته 
الأول » وأن هذه الآثار ظلت ناشبة في ذهن الإمام » وأن أثرها لا يزول إلا رويدا 


(۱۳) (تاریخ الأستاذ الإمام) ج ۱ص ۷۷۹ . 
)١4(‏ المصدر السابق ج ١ص‏ ۷۷۸ . 


۲۹ 





؛ - بحث : العلم وتأثير في الإرادة والإختيار 


وهو بحث نشر في (الوقائع المصرية) , غير كامل » واستمر نشر الخزء الذي نشر 
منه خمسة أعداد . بدأت بالعدد ١١11/١‏ الصادر في ۳ سبتمير سنة ۱۸۸١‏ م .. ولقد 
نشر هذا البحث دون توقيع » وإن كان قد كتب تحت عنوان انه «لأحد لمفكرين 
المشتغلين بالعلوم العقلية» . وفي هذه الفترة كان الأستاذ الإمام رئيساً لتحرير 
(الوقائع ) » وكان يحرر المقالات ويكتب في السياسة والاجتماعيات » ولكنه كان قد أجبر 
e NEE AG Beh och ej ad eae ray‏ 
كا أنه لم يكن قد عرف بعد بالاشتغال بالعلوم اسان جد وار 
البحث الفلسفي العميق » كا فهم ذلك خطأ الذين نسبوه إل ليه » وقالوا | نه لم يذكر 
اسمه على هذا البحث صراحة كي يجعل النظر فيه والحكم عليه مجرداً عن معرفة 
شخص کاتبه(*' . . 

وغير هذا الدليل الذي يتمثل في e‏ 
من «المفكرين المشتغلين بالعلوم العقلية» » لنا على أن هذا البحث ليس من إنشائه » 
وأنه من آثار أستاذه الأفغاني التي تلقاها عنه الإمام » أدلة أخرى . منها : 

١‏ أن الأستاذ الإمام وهو قطعاً الذي قدم el Sond‏ - يقول في التقديم له 
؛ هذا هوما وصل إليه عقلي «نقلاً عن العلماء المحققين واستنباطاً من كلامهم» وأن نشر 
ذا البحث في (الوقائع) هو بمثابة رحكاية لآراء العلماء وما أداهم إليه التدقيق في هذه 
المسألة . .» . . فهو هنا يشير إلى أن هذا البحث ليس من إنشائه هو . وأن دوره فيه هو 
دور التلقي والحكاية لآراء هؤلاء العلماء والحكماء . 

؟ ‏ إن الشبه كبير جداً » بل والتطابق قائم بين الكثير من أفكار هذا البحث 
وأفكار ماثلة ها وردت في (رسالة الواردات في سر التجليات) تلك التى حققنا نسبتها إلى 
الأفغاني بأكثر من دليل قاطع , في مقدمتها قول الأستاذ الإمام ذاته في التقديم لها 
ومن يقرأ ما ورد عن «الإدراك») في بحث: (العلم وتأثيره في الإرادة والاختيار) وما ورد 
عنه في : (رسالة الواردات) يدرك أن صاحبه) واحد دون شك أو ارتياب . 


)40( انظر هامش الصفحة ۱۸٤‏ من الزء Jul‏ من تاريخ الأستاذ الإومام » الطبعة الأولى سنة 
ھ. 


۳۹ 





والحقيقة أن من يقرأ هذه النصوص مع التعليقات على شرح Ghyll‏ للعقائد 
العضدية يدرك تهاماً أنها Joly Sal‏ هو جمال الدين الأفغاني 29 , 


ېډ & % 


ه ‏ الشورى 


وهو مقال منشور في الوقائع المصرية . بالعدد ١119‏ في YE‏ ديسمبر سنة 
ee‏ (؟ صفر سنة ۱۲۹۹4 ه) » ولقد أخطأ الذين نسبوه إلى الأستاذ الإمام . 
ذلك أن الوقائع قد كتبت في صدر هذا المقال عبارة تقول بالحرف الواحد : «وردت لنا 
هذه الرسالة المفيدة من قلم بعض أفاضل طلبة العلم الشريف . فاخخترنا إثباتبا حرصاً 
2 : قال حفظه الله :». . وحتى لو جاز للبعض أن 
يزعم أا للإمام » وأنه قد أراد تجهيل نسبتها إليه » فليس بمعقول أن يقول في وصفه إنه 
«أحد الطلبة» » وكان الأولى أن يقال : أحد الأدباء > مث > وهو ما حدث بالفعل في 
بعض المقالات - (الحياة السياسية) ‏ ولعل منشأ هذا الخطأ هو أن للإمام بالفعل كتابات 
في (الوقائع) عن الشورى » ولكنها مضمنة في مقالات ثلاث : (الشورى والاستبداد) 
و(في الشورى) و(الشورى والقانون) » وهي منشورة بالآعداد ۱۲۷۹ .> ۱۲۸١‏ » 
٠١‏ أما مقال (الشورى) » هذا الذي كتبه أحد طلبة العلم فهو منشور بالعدد ١784‏ 
فكان المفروض » لو صحت نسبته للإمام » أن يكون حلقة في السلسلة » ولكن الحا( 
ليس LUIS‏ مما يقطع بأنه ليس من مقالات الأستاذ الإمام . 


$ ا د 


5 - مقال في الشورى والاستبداد 


هو من مقالات الأستاذ الإمام في (الوقائع المصرية) نشر بالعدد ١١19‏ في V¥‏ 
ديسمبر سئة ١188م ٠١(‏ محرم سلة 1١5994‏ ه), ونحن ننبه هنا على نسبته للأستاذ 
الإمام » OF‏ جريدة (البلاغ) قد أعادت نشره في ۱۷ سبتمبر سنة ۱۹۲١‏ م ناسبة إياه إلى 





(15) في الطبعة الثانية من الأعبال الكاملة للأفغاني قدمنا كل النصوص التي كانت منسوبة خطأ إلى 
الأستاذ الإمام» والتي حققنا نسبتها | إلى الأفغاني أثناء Wee‏ في | cll‏ أعمال الشيخ محمد عبده؛ 
وهى النصوص التي لم تتضمتها الطبعة الأولى لأعمال الأفغاني التي أصدرناها في سئة 1954 م. 


۲۳١ 





سعد باشا زغلول ‏ وكان لا يزال يومئذ على قيد الحياة - ونحن نقطع بخطأ (البلاغ) في 
ieee‏ إل شعه اعلرك ب الأسيات ما + 

١‏ أن هذا المقال من المقالات التى نسبتها اللجنة التى رأسها سعد زغلول نفسه 
إلى الأستاذ الإمام » والتي نسخها من الوقائع فتحي باشا زغلول وقدمها للشيخ رشيد 
رضا كي تنشر في (منشآت الإمام) . 

۲ أن هذا المقال بحث في الشورى من حيث حكمها الشرعي في الشريعة 
الإسلامية » وأسلوبه ومضمونه قاطع بأنه من إنشاء الأستاذ الإمام , . . 

- أن لهذا المقال تكملة نشرت تحت عنوان (في الشورى) بالعدد ۱۲۸١‏ في ٠١‏ 
ديسمبر سئة 188١‏ م بدأه الإمام بقوله : «تكلمنا في العدد الماضي عن الشورى » ولكن 
من حيث حكمها الشرعي ..) .. ثم ختم الإمام هذا البحث بالمقال الماشور بالعدد 
٥۰‏ في 70 ديمسير سنة ۱۸۸۱ م . 

٤‏ أن مقالات سعد زغلول في (الوقائم) كانت توقع بإمضاء (سعد) مثله مثل 
غيره من المحررين » أما الأستاذ الإمام فإن مقالاته لم تكن توقع » لأنه كان رئيس 
التحرير الذي يمهر الصحيفة كلها بتوقيعه في آخر سطر من سطور صفحتها الأخيرة . 

(وسبأي حديثنا المفصل عن ذلك عند بحث المقالات التي حذفت من تراث 
الإمام مما كتبه في الوقائع المصرية) . 


V‏ = مصر وإسماعيل باشا 

وهو كتاب ألفه الومام في مرحلة حياته التي سبقت منفاه » ولقد ضاعت أصوله › 
dy‏ يذكر الإمام عنه شيئا في الحديث عن مؤلفاته للشيخ رشيد رضا .. ولكن الشيخ 
رشيد رضا يقول إنه قد : «أخبرني بهذا الكتاب أحد تلاميذه الأولين » وقال : إن السيد 
all ue‏ النديم كان أخذ من الفقيد ‏ (أي الإمام) ‏ نسخته في أثناء الثورة العرابية » 
ونشر منه فصولا في جريدة (الطائف) بتصرف أو بغير تصرف ...239). 


. ۷۷۷ ص‎ ١ تاريخ الأستاذ الإمام . ج‎ )١0( 


۳۲ 





ولقد بحثنا بحثاً طويلاً ومضنياً علنا نجد أعداد جريدة (الطائف) هذه حتى نحقق 
هذا القول الذي قاله أحد تلاميذ الإمام عن هذا الكتاب . فلم نجد سوى بقايا 
قصاصات وأوراق من هذه الجريدة التي تعد بمثابة إحدى الوثائق الحامة جداً في تاريخ 
الثورة العرابية ونضال وطئنا ضد الاستعمار في ذلك التاريخ . وني العدد الصادر في > 
مايو سنة ۱۸۸۲ م من هذه الجريدة وجدنا الفصل الثالث والرابع من هذا الكتاب 
منشورين تحت عنوان عام هو (مصر وإسماعيل باشا) , توفي هاية الفصل الرابع وعد من 
«نديم» بنشر الفصل الخامس في العدد القادم » ومن أسلوب هذين الفصلين تحفقنا أن 
«نديم» قد «تصرف» عند نشره هذه الفصول . . فهو مثلا يتحدث عن حاشية الخديوي 
السابق إسماعيل » ويذكر غيظهم الآن ما تنشر جريدة (الطائف) في حقهم ومن سيرة 
ظلمهم في البلاد » ولقد أثبتنا ني أعمال الإمام هذين الفصلين على رجاء أن نعثر 
مستقبلاً » ولو بإحدى المكتبات الخاصة » على أعداد مجلة (الطائف) التي نشرت بها 
باقي فصول هذا الكتاب الذي يؤرخ لحياة مصر ني ظل حكم الخديوي إسماعيل . . 
وذلك go‏ نتمكن مستقبلاً من تقديم هذا النص اهام كاملا إلى القراء . 

a a 


۸ ما حذف من مقالات الوقائع المصرية 


في (الوقائع المصرية) نلتقي بالمرحلة الأولى من مراحل نضج الأستاذ الإمام 
واستقلاله بالتفكير عن أستاذه الأفغاني ٠»‏ ووضوح مذهبه وسبيله الإصلاحي المتميز عر 
السبيل الثوري لال الدين الأفغاني » وفي (الوقائئع المصرية) كذلك نلتقي بالصفحة 
والمرحلة التي اقترب فيها الأستاذ الإمام من الثورة والثوار» والفكر والموقف الثوري, 
وذلك عندما شارك في الثورة العرابية > من موقع «الاعتدال» » بعد مظاهرة عابدين في 
سبتمبر سنة ۱۸۸١‏ م وحتى هزية الثورة في منتصف سنة ۱۸۸١‏ م . . ومن هنا تتجلى 
الأهمية القصروى لقالاته في (الوقائع ) كوثيقة فكرية لمرحلة من أهم مراحل حیاته › 
نستطيع من OF UIE‏ نحدد الكثير في جوانب حياته الفكرية والسياسية على السواء . . 


ولقد سبق أن أشرنا إلى أن جزء (المنشآت) قد ضم العديد من مقالاته في 


yyy 





(الوقائع es‏ مقالاً » نفينا نسبة واحد منها إلى الإمام » فيبقى 
له منها أربع وثلاثون . . كما سبق أن أشرنا إلى المصدر الذي قام بتحديد أن هذه 
المقالات هي للأستاذ الإمام اا وهي منشورة في (الوقائع ) دون توقيع - هذا 
ا لسو ال pel‏ 

A ل عا ا‎ at 
الدمرداش ... ونقلنا عن الشيخ رشيد رضا أن الذي قام بنسخ مقالات الإمام في‎ 
(الوقائع) هو فتحي باشا زغلول › الذي كان يمتلك مجموعة كاملة من هذه‎ 
. الحريدة‎ 


والحق 'أننا ونحن نحقق أعمال الأستاذ الإمام هذه » وبالذات مقالاته في (الوقائع) 
راودتنا في البداية فكرة الثقة برأي هذه اللجنة وموقفها ل 0 
عملوا مع الأستاذ الإمام في (الوقائم) وما عضوها : الشيخ عبد الكريم سلمان » 
ورئیسها سعد باشا زغلول » وبديبي أن تكون آراؤهما في تحديد نسبة المقالات إلى الإمام 
محل ثقة واطمئنان » خصوصاً وهي جميعها قد نشرت دون توقبع ضمن مقالات أخرى 
كثيرة أغفلت من التوقيع . 

ولكن الشكوك في موقف هذه اللجنة وفي إخلاصها للحقيقة العلمية والتحقيق 
العلمي قد ساورتنا بعد زمن ونيز عدا » وكان السبب الأول هو ذلك الميل لارضاء 
الانجليز » وسلطة الخديوي > الذي اتخذته اللجلة موقفاً ها وهي تنظر في تراث الأستاذ 
الإمام . . فإذا كان عمل هذه اللجنة قد بدأ في ظروف الارهاب الاستعماري الانجليزي 
الذي صاحب مأساة دنشوايي سنة ۱۹٠١‏ » وإذا كان الرجل الذي جمع مقالات الإمام 
من (الوقائع) هو فتحي باشا زغلول » أحد جلادي الشعب في دنشواي » فاذا عساه 
يكون قد صنع بمقالات الإمام التي تسجل تأبيده للثورة العرابية والعرابيين ضد العرش 
الخديوي وضد الانجلير؟! 


وأمر ثان دعم من هذه الشكوك استخلصناه من تتبع تواريخ w Yuli‏ الى نسخها 
فتحي باشا زغلول من (الوقائع) للأستاد ely!‏ » ومقارنة هذه التواريخ بتطور الموقف 
السياسي للأستاذ الإمام من الثورة العرابية والعرابيين . فلاحظنا أنه قد نسب للإمام 


vs 





تادايق مقالاً مشورة od‏ نة ا السياسية التي تعارض 
الحكم الشوري والنيابي وتنقد الثورة والثوارء أما الفترة التي أيد فيها الإمام «By gill‏ 
وخاصة في الأشهر الستة الأولى من سئة ١645‏ قلا يذكر للإمام فبها شوى مقال واحد 
عنوانه (التمرن والاعتياد) وهو مقال لا علاقة له بالسياسة أصلا ؟! فأين کان قلم 
الإمام في هذه الفترة بالذات ؟! . 


وأمر ثالث » حول الشكوك إلى دليل حاسم » وجدناه في مقال (الحياة السياسية) 
المنشور بالعدد ۱۲۹۷ في ۲۸ نوفمبر سنة ۱۸۸۱ م (محرم سنة ١1995‏ ه) - وهي فترة 
كان الأستاذ الإمام فيها قد انحاز للثورة ‏ ولقد وجدنا المقال يبدأ هذه 
«تقرر فيا سلف أن لا بد لذوي الحياة السياسية من وحدة يرجعون إليها . 
فالمقال حلقة من سلسلة مقالات » ولا بد أن وه 
فيها قد حذفت ما «سلف» من هذه المقالات . . . فتركنا ا جزء (المنشآت) » 
ورجعنا إلى صحيفة (الوقائم) فوجدنا هذا المقال عن (الحياة السياسية) هو الحلقة الأخيرة 
من مقالات متسلسلة سبقتث منہا ثلاث مقالات نشرت بالأعداد ٠٠١۲ . ۱۲١١‏ » 
١1‏ ف ۱١ ٩‏ ۰ ۳ نوفمير سنة ١‏ م وهي من أهم المقالات التي تبت انحياز 
الأستاذ الإمام إلى جانب الحكم النيابي والحرية للشعب ومباركته للثورة ووقوفه مع 
الثوار . . اذن فهنا تشويه متعمد قصد به أصحابه إرضاء الاحتلال » أو على الأقل 
تجنبوا به غضبه » أثمر إسقاط هذه الصفحة من تراث وتاريخ الأستاذ الإمام ؟!. 


وعند هذا الحد قررنا أن لا نعتمد رأي هذه اللجنة في تحديد مقالات Stew‏ 
الإمام في (الوقائع) وأن نقف وجهاً لوجه أمام المصدر الأصلي » الصحيفة نفسها » وأن 
نستخرج المعايبر التي نقيس ا ونحقق على أساسها مقالات الإمام من مقالات سواه › 
ولقد كانت النتيجة مذهلة . فبدلا من المقالات الأربعة والثلاثين التي نسبت له من 
(الوقائع) ارتفع رقم مقالاته فيها فيها إلى حمس وستين مقالاً ؟! أي أن ما حذف من مقالاته 
مہا هو واحد وثلاثون مقالا ؟!. . وبدلا من المقال الوحيد الذي أثبت له من كتابانه في 
سنة ۱۸۸۲ م وجدنا له سبع مقالات أخرى › أغلبها في السياسة ‏ تأيبداً للشورة , 
وبعضها أشبه بالوثائق التي تسجل الخطب والآراء التي قاها الإمام في الاجتاعات التي 
ضمته وزعماء الثورة الآخرين . . أما الشهور الثلاثة الأخيرة من سنة Bly » 188١‏ 


o 





كانت بداية وقوف الإمام مع الثورة بعد مظاهرة عابدين في سبتمبر سنة ۱۸۸١‏ م فلقد 
وجدنا أن ما حذف من كتابات الإمام فيها هي مقالات ثانية أغلبها في السياسة , 
شاهدة بتطوره الفكري في ذلك التاريخ . 

Ol‏ نذكر الصعوبات التي واجهتنا في تحفيق مقالات الوقائع هذه . والتي 
استطعنا من خلال التغلب عليها أن نستخرج المعايير التي ميزنا بواسطتها كتابات الأستاذ 
الإمام من كتابات غيره . . . وهي ما نستطيع إجماله في هذه النقاط : 


أولاً : استطعنا أن نحدد بدء اشتراك الأستاذ الإمام في تحرير (الوقائع) عندما 
قرأنا للشيخ رشيد رضا في الجزء الأول من تاريخ الإمام (ص els OF WA . ١"/‏ 
باشا طلب من قلم تحرير الوقائع كتابة مقال يقدم به «لقانون التصفية» » وأن يكتب هذا 
ae‏ فعجز قلم التحرير , ثم تنبه رئيس التحرير الشيخ أحمد 
عبد الرحيم ل أن هناك محرراً قد عين أخيراً بالجريدة » وأنه شبه معزول عن العمل » 
ee‏ فحرر المقال تحريراً لفت | إليه نظر رياض باشا » حتى أنه استدعاه وسأله 
كيف يكون محيطاً هذه الإحاطة بمشاكل مصر المالية > ويستطيع تحرير مثل هذا المقال في 
وقت وجيز .2 ولا يكتب d‏ الحريدة مثل Yl! oda‏ ؟؟ . . وبفحخص أعداد (الوقائع) 
وجدنا هذا المقال بالعدد (409) الصادر في ١9‏ يوليو سنة 188٠١‏ م ١١(‏ شعبان سنة 
۷ ه) نحت عنوان (عيد مصر ومطلع سعادتها) . 

ثائياً : بنفس أسلوب الأستاذ الإمام هذا وجدنا مقالاً ثانياً بالعدد ٩۳۲‏ في ٣‏ 
أكتوبر سنة ۱۸۸۰ م (۲۸ شوال سنة ١1917‏ ه) عنوانه (العدالة والعلم) .. وتاريخ 
نشر هذين المقالين سابق على تولي الأستاذ الإمام رئاسة (تحرير الوقائع) » ومن ثم سابق 
على عمل سعد زغلول . وعبد الكريم سلان » وإبراهيم الهلباوي في مساعدته 
كمحررين في قلم (الوقائع) 

ثالثاً : لاحظنا من تتبعنا لأعداد الصحيفة أن الأستاذ الإمام قد تولى رئاسة 
تحريرها ابتداء من العدد ٩۳۳‏ في ٩‏ أكتوبر سنة ۱۸۸١‏ م ٤(‏ ذي القعدة سنة 
۷ ه) ونشرت بهذا العدد بعض مواد اللائحة التي تنظم العمل بالجريدة في عهدها 
الجديد تحت عنوان : (دخول جريدة الوقائع المصرية في طرز جديد) » وفي البند الثالث 
من هذه اللائحة نص على تقسيم اللتريدة إلى سبعة أقسام يكون القسم الخامس منها 


ضف 





«للمواد العلمية والأدبية من أي نوع كان تحت عنوان فنون متنوعة » ويدخل فيه الجمل 
التهذيبية المتعلقة بالأخلاق والعوائد وغيرها » سواء من قلم المحررين أو من الرسائل 
الواردة من ذوي العرفان» . 

وفي نفس العدد نشر بر استقالة رئيس التحرير السابق الشيخ أحمد 
عبد الرحيم » زعنون العند: عد عبد رسا سرون فكتب أن الشيخ أحمد 
عبد الرحيم قد «طلب الراحة من العمل في تحرير الوقائع . . . وعهد أمر تحريرها إلى 
صاحب الامضاء» .. وذيلت الصحيفة في آخر سطر من سطور صفحتها الأخيرة 
بتوقيع : محمد عبده , كما كانت عادتها » وعادة بعض صحفة ذلك العهد . 

رابعاً : بهذا القسم الخامس من أقسام الجريدة » والذي خصص للأفكار والآراء 
والأبحاث تحدد الفصل بين ما هو رسمي يعبر عن رأي ي الحكومة في صحيفتها الرسمية › 
وبين ما هو معبر عن رأي كاتبه . . . ele‏ 
وليس كتاباته التى خطها قلمه بصفته موظفاً يصوغ رأي الحكومة ويقدم لقوانينها 
ومنشوراتها » لذلك كان بحثنا متجهاً إلى هذا القسم الخامس دافا . . : ولقد Sige‏ 
الصحيفة ابتداء من العدد 185 في ١6‏ ديسمير سنة ۱۸۸١‏ م rae‏ عنوان (قسم 
غير رسمي) . 

خامساً : يفحص جميع المقالات التي كتبت بهذا القسم غير الرسمي . مدة رئاسة 
الأستاذ الإمام لتحرير (الوقائع) وجدنا أن كتاب هذا القسم هم 

أ كتاب من خارج قلم تحرير الصحيفة » وكانت مقالاتهم توقع دائأ بأسمائهم » 
أو يشار في صدر المقال إلى وردوها من : أحد المشتغلين بالعلم » أو أحد طلبة الأزهر . 
أو من أحد المواطنين بالمنصورة . . أو . .. أو . . الخ . . الخ . 

ae wv‏ قلم تحرير الوقائع ‏ غير رئيس التحرير ‏ وكانت مقالاتهم توقع 
دائ بأسمائهم » إما كاملة » أو بالاسم الأول فقط . . . فمثلا : 

* بالعدد ١7١5‏ في 8 سبتمير سنة ۱۸۸١‏ م مقال بعنوان (مقال عن المسكرات) 

كاتبه «خليل أفندي إبراهيم . أحد كتبة قلم الوقائع) . 
* بالعدد ٩٤٤‏ في ۲١‏ أكتوبر سنة ۱۸۸١‏ م مقال بعنوان (الإنشاء) بتوقيع 
عبد الكريم» (وهو الشيخ عبد الكريم سلان) . 


۳۷ 





* بالعدد /451 في 7١‏ نوفمير سنة ٠188م‏ مقال بعنوان (غوائل الفقر) بتوقيع 
(سعد) (وهو الشيخ سعد زغلول) » «سعد زغلول باشا» » في] بعد . 

ox‏ بالعدد ١714‏ في ۲۸ پنایر سنة ۱۸۸۲ م مقال بعنوان (الإقدام) بتوقيع «سعد) 
(وهو الشيخ سعد زغلول) «سعد زغلول باشا» » فيا بعد . 

2 مقال بعنوان (البساطة , والعلم)‎ e 1١8/8٠١ ديسمير سنة‎ \ 0 re} 4/5 بالعدد‎ at 
. بتوقيع «إبراهيم» (وهو إبراهيم الملباوي)‎ 

© بالعدد 41/0 في "ا ديسمبر سنة ۱۸۸١‏ م مقال بعنوان (وسائل التقدم) بتوقيع 
«وفا» (وهو الشيخ سيد وفا) . 

* بالعدد ١1847‏ في "١‏ ابريل سئة ۱۸۸۲ م مقال بعنوان (القانون والسياسة) » 
بتوقيع «وفا» (وهو الشيخ سيد وفا) . 

تبقى بعك ذلك المقاللات الواردة ف (قسم غير رسمي) والتي هي بدون توقيع 6 
ولقد قطعنا بنسبتها إلى الأستاذ الإمام باعتباره رئيس التحرير (المحرر الأول) الذي 
يضع توقيعه على الصحيفة كلها في آخحر سطر من سطورها › والذي لنفس السبب لا 

sey‏ تطمئن نفس القارىء إلى أن هذا الذي نقوله هو الحقيقة » وليس جرد 
استنتاج » نذكر بعض العوامل الأخرى التي استعنا مها على الحسم في هذا الموضوع 6 
ومنها : 

i‏ - أن هذا التقليد لم يكن قاصراً على (الوقائع المصرية) بل كان شائعاً في صحافة 
ذلك الحصر > ففي (الطائف) مثلا 6 التي کان يصدرها ا ندیم » كان يساعده 
(محرر ثان) هو أحمد التو . فكانت مقالات أحمد سمير توقع باسم :؛ low (Crow)‏ لا 
يوقم نديم مقالاته » مکتفياً بوضع أسمه «نديم) d‏ نباية الصحيفة . : وهو ما كان 
يصنعه الأستاذ الإمام في (الوقائع) 

س - أننا قد ne were‏ الأستاذ الومام 2 واهتماماته الفكرية 0( giles‏ ثقافته 
معايبر موضوعية نبتدي بها في التمييز بين ما هو له وما هو لغيره » وأن هذه المعايير قد 
جاءت مؤيدة لما سبق أن قررناه , وهي مثلا قد أعانتنا على أن نحذف من مقالات 
(الوقاڈ ئع) مقالاً عن (النظافة) نشر دون توقيع بالعدد ٠١١‏ في 14 يناير سنة 184١‏ م 


۸ 





YY)‏ صفر سئة ١794‏ ه) لأننا وجدناه سجعاً ليس فيه فكر ذو قيمة » ولم يكن الإمام 
يسجع يومثل في مقالاته بالوقائع » وهو الذي تعد مقالاته بها الامتداد المتطور لرسائل 
ا لحاحظ » حيث تخطى بأسلوبه هذا عصر السجع التركي والمملوكي ليصل أسلوب 
عصر نمضتنا بأسلوب عصرنا الذهبي قبل ركاكة وعجمة عصر الماليك والأتراك . 

ج - أن نصوص ومضامين عدد من المقالات قد أعانتنا على تحديد نسبة العديد 
من القالات الأخحرى ٠‏ في مقال (فوائد المصاهرة) Se‏ إشارة إلى مقالاات ele!‏ عن 
(الزواج) . . وفي مقال (عادات المآتم) مثا إشارة إلى مقال (الصياح حلف الجنائز) . . 
كا أن المقالات التي نشرت مسلسلة في أكثر من عدد قد أعانت على نسبتها كاملة 
لصاحبها » مثل مقالات (الوطنية) ومقالات (الحياة اا کا غ من 
مقالات الإمام التي وصف فيها المؤتمرات التي حضرها مع زعاء الثورة العرابية » مثل 
البارودي وعرابي »> ونديم > ان هذه المقاللات قد حددت كاتبها من خلال حكايته لخطبه 
هو في هذه المؤتمرات . 


وهكذا استطعنا باستتخدام هذا المنيج في تحقيق النصوص أن نحدد أي المقالات 
هي للأستاذ الإمام ؟؟» وأن نضع بين يدي القارىء » ولأول مرة » منذ ما يقرب من 
قرن من الزمان » هذه الصفحة من حياة الرجل كاملة القسمات مكتملة الجوانب » دوثنما 
تزييف أو تشويه كذلك الذي حدث لا عقب وفاته , ارا السو وار 
الخحديوي . وهو التزييف و الذي تم ê‏ » وشارك فيه عدد من كبار تلامذة 
الإمام ؟!. . الذي Lge ald (gm (SE patel‏ الجهد في تحقيق هذه النصوص . . 


1- العروة sll‏ 
فإذا جئنا إلى مجلة (العروة الوثقى) بمقالاتها السياسية والاجتياعية والدينية , 
وجدنا أنفسنا مرة أخرى إزاء نص كبير وهام » بل شديد الأهمية » لم تحسم قبل الآن 
قضية صاحبه الأول والأساسي > هل هو الأفغاني وحده ؟؟ آم أن الأستاذ الإمام شريك 
له فيه ؟؟. . إذ لم يقل أحد بنسبته إلى الإمام دون الأفغاني . . . فالقضية تدور حول 
انفراد الأفغاني بالحق في نسبة هذا النص إليه ؟» أو حق الأستاذ الإمام في الاشتراك معه 


۳۹ 





في هذه السبة ؟. . ونحن نرى أن صاحب الحق في أن ينسب إليه هذا النص هو 
جمال الدين اوفغاني . وحده دون الأستاذ الإمام Wy‏ على ذلك أدلة سنقدمها هنا . 
Of jad Wy‏ نقدم لها بعدد من الإشارات والمقدمات : 

١‏ أن جريدة (العروة الوثقى) بأعدادها الثانية عشر التي صدرت في باريس ما 
بین ۱۳ مارس سنة ۱۸۸٤‏ م و۱۷ أكتوبر سنة ۱۸۸٤‏ م ٠‏ إنما كانت تعبر عن سياسة 
جمعية سياسية سرية حملت نفس الاسم » وانتشرت تنظيماتما في عدد من بلاد الشرق » 
وبالذات تلك التي أصيبت باحتلال انجلترا (elegy‏ « وخاصة تعر والطند . . فهي 
من هذه الزاوية تعبير عن تنظيم سياسي نطقت علا ببرناجه السياسي السري . . ومن ثم 
ST lab‏ من أن تكون تعبيراً عن فكر فرد واحد هو الأفغاني ؛ أو فردين هما الأفغاني 
ومحمل عبذه . 

أن الشيخ محمد عبده قد حدد بنفسه أن كل الأفكار التي نشرت في (العروة 
الوثقى) هى لال الدين الأفغاني » وأنه ليست فيها فكرة واحدة يمكن أن تنسب له 
ots. sya‏ دونه فى oda‏ الخريذة كان الفحرير لارا كلها 

۳ أن قيام الأفغاني بهذه المسئولية إنما كان بقرار من تنظيم (العروة الوثقى) 
السياسى السري » وهو القرار الذي نشر مضمونه في افتتاحية العدد الأول من المجلة › 
عندما ذكر فيه أن قادة التنظيم «طلبوا . . . واختاروا أن يكون لهم في هذه الأيام جريدة 
بأشرف لسان عندهم » وهو اللسان العربي » وأن تكون في مدينة حرة كمدينة باريس 
ليتمكنوا بواسطتها من بث آرائهم وتوصيل أصواتهم إلى الأقطار القاصية . . . فرغبوا 
إلى السيد جمال الدين الحسيني الأفغانٍ tl AL : Bagot al‏ بحيث تتبع مشربهم 
وتذهب مذهبهم »> فلبى رغبتهم » » بل نادى حقاً واجباً عليه لدينه ووطنه . . .4. . . 
فهي إذاً تبث آراء التنظيم وترفع أصواته » وهي تلتزم بمشرب التنظيم ومذهبه » وهذه 
المسئولية قد حدد التنظيم للقيام مها جمال الدين الأفغاني بالذات . 

أن عمل الشيخ محمد عبده في المجلة إنما كان بتكليف من أستاذه جمال الدين 
الأفغاني ونحن نجد في نفس افتتاحية العدد الأول منها » أن الأفغاني «كلف الشيخ محمد 


(۸) نص عبارة الإمام التي رواها عنه الأمير شكيب أرسلان للشيخ رشيد رضا هو: «إن الأفكار كلها 
للسيد » ليس لي منها فكرة واحدة ١‏ والعبارة كلها لي » ليس للسيد منها كلمة واحدة» 


Yes 





عبده أن يكون رئيس تحريرها» وأن الأمر الذي «حمل الأول (الأفغاني) على الإجابة : 
حمل الثاني على الامتثال» . 
- أن صفحة الغلاف للمجلة قد حددت أنها «جريدة سياسية أدبية) وحددت 
أن «مدير السياسة : جمال الدين الحسيني الأفغاني » و«المحرر الأول : الشيخ محمد 
عیده) . 
وإذا كنا في حاجة إلى تحديد من تنسب إليه نصوص هذه المجلة ‏ بعد وضعنا في 
الاعتبار تعبيرها عن تنظيم سياسي - فلا بد وأن يكون هذا الذي تنسب إليه نصوص هذه 
الجريدة السياسية » بالدرجة الأولى » هو مدير السياسة جمال الدين الأفغاني » خصوصاً 
وأن الرجل كان وهذا مهم vies ih toes‏ هذا التنظيم السري الذي تنطق بلسانه 
(العروة الوثقى) ْ 
وبعد هذه المقدمات نأتي للإشارة إلى عدد من الاعتبارات التي تجعلنا نقطع 
باستحالة نسبة هذه المجلة بأفكارها السياسية إلى الأستاذ الإمام » وتحميل فكره السياسي 
وموقفه السياسي ما تضمنته من مواقف وأفكار . ومن هذه الاعتبارات : 
١‏ -أن الشيخ محمد عبده » بعد فشل الثورة العرابية » كان قد عاد إلى مذهبه 
Sil Geb ga Fil tae df eel! oF ee lll roll‏ الل day Je‏ 
وتدرجه وليس طريق العمل السيامي لتغيير الحكومات المستبدة والشورة ضد 
المستعمرين . . وأنه قد عبر عن ذلك بعبارات صريحة , وان لم يوافقة على موقفه ورأيه 
هذا أستاذه الأفغاني الذي اعتبر رأيه هذا th‏ «مشبطأ ... ومن ثم فإن (العروة 
الوثقى) ٠‏ كموقف نضالي وفكر سيامي ثوري » إنما كانت تعبيراً وتجسيداً لأسلوب في 
النضال مناقض لا يؤمن الشيخ محمد عبده به ويراه السبيل الأمثل لنبضة الشرقيين » 
ولذلك فإن نسبة نصوصها إليه هو ظلم للرجل وموقفه وآرائه » وظلم للحقيقة التاريخية 
Ott‏ 
oly‏ ارتباط الأستاذ الإمام في هذه الفترة الأولى من مدة نفيه عن مصر ‏ وهي 
نحوعام من أعوام نفيه الستة ‏ إن ارتباطه فيها بتنظيم (العروة الوثقى) السري » وعمله 


(۱۹) في ذلك انظر دراستنا عن فكره السياسي AAU co dle dl old‏ في التقديم لهذا الجزء من أ 
الكاملة , 


5:١ 





محرراً أول لجريدة هذا التنظيم » هو في ضوء موقفه السياسي السابق الإشارة له 
أقرب إلى موقف الإنسان الذي ينبض بعمل لا يتحمس له . لأنه لا يؤمن بجدواه » 
ولكنه بسبب النفي قد وضع في وضع لا خيار له فيه » فتأثير أستاذه عليه شديد لا 
يقاوم » ثم ماذا يصنع إذا هو رفض هذا العمل ؟!. . وأخيراً فلا بأس من التجربة لهذا 
الأسلوب لفثرة ما » خخصوصا وهو مناضل لا يمكن له أن يتخلى عن القضية التي وهب لها 
حياته ... ولا لم تثمر هذه التجربة » فارق أستاذه . وعاد إلى بيروت سنة ۱۸۸١‏ م 
متفرغاً تفرغاً شبه كامل لأسلوبه في النضال » أسلوب الفكر والتربية والاصلاح 
التدريجي بواسطة التعليم . . . وصاحب مثل هذا الموقف لا يمكن إلا أن نظلمه إذا 
نحن حملنا على تاريخه وفكره ومواقفه وأسلوبه في العمل تجربة كبرى ذات طابع ثوري 
متميز كتجربة مجلة (العروة الوثقى) . . 

 "‏ أن هناك خطأ شاع لدى البعض عن قدرات جال الدين الأفغاني على إنشاء 
المقالات باللغة العربية » وفرية ألصقها البعض به » تقول إن الرجل كانت به «عقدة 
العجمة» . . وأصحاب هذه الفرية يساعدون على تضحيم دور الشيخ محمد عبده في 
تحرير العروة الوثقى » بحيث يبدو أن «إنشاء» المقالات إنشاء إنما كان من عمله 
وحده ... ونحن نقول إن هذا الأمر غير صحيح . . ولنا على نقضه أدلة كثرة أهمها : 

أ أن الفترة الزمنية التي كانت تصدر فيها (العروة الوثقى) لم يكن محمد عبده 
مقا فیها باستمرار باریس » فلقد كانت تفرض عليه مسئوليته في التنظيم السفر إلى 
الشرق تارة وإلى «لندن» تارة أخرى . . وكانت الحريدة تصدر مع ذلك في غيابه ٠»‏ وفي 
مقال عنوانه (هؤلاء رجال الانكليز وهذه أفكارهم) يتحدث الأفغاني عن أننا «رأينا أن 
يذهب الشيخ محمد عبده (المحرر الأول هذه الجريدة) » إلى لوندرا » إجابة لدعوة من 
يرجى منهم الخير لملتئا . . . » وعندما يتحدث عن أسباب «تأخحر صدور الحريدة (ALF‏ 
يعزو هذه الأسباب إلى عوامل صحية «لضرورة ما مسنا من ضعف في المزاج » مع 
مصادفة رداءة الحواء في البلاد الفرنساوية هذه الأيام . . . إلا أننا مع ذلك لم نقصر في 
أداء الواجب من العمل الذي قمنا به في المدافعة عن حقوق المسلمين" . ..». 
فالجريدة تصدر حتى في غياب الأستاذ الإمام بلندن . 


. طبعة القاهرة سنة ۱۹۲۷ م‎ ٤٥١ » ٤٥١ انظر المقال في مجموعة (العروة الوثفى) ص‎ )1١( 


vey 





ب أن قيام الأستاذ الإمام بتحرير عبارات الجريدة ومقالاتها » لا يعني صحة 
قيام «عقدة العجمة» والعجز عن التعبير العربي البليغ عند الأفغاني » وإنما سبب ذلك أن 
الرجل كان من عادته أن يمل الأحاديث والمقالات , وقلما يتناول القلم ليكتب بيده . 
وتلك عادة يشترك فيها مع كثيرين من أصحاب الأمالي الذين أثروا فكرنا ie‏ 
هام وثمين وبليغ » دون أن يكون في ذلك ما يبرر نسبة أماليهم لمن سجلها أ وأدخل في 
صياغتها بعض التعديلات . وعن عادة الأفغاي هذه يقول الشيخ رشيد رضا : «كان 
السيد » رجه الله ٠‏ يمل » وقل) كتب ahs‏ اا . وكان تلاميذه كاللقاني وأديب 
إسحاق يكتبون كل ما يقوله » حتى الكلم والأمثال العامية التي ci‏ مها الكلام 
عادة . . . ولكن أكبرهم الأستاذ الإمام كان يتصرف بالعبارة » ويجيز له ذلك 
السيد"'"». . . وهذا التصرف في العبارة من قبل الأستاذ الإمام في التعبير عن أفكار 
الأفغاني لا يجيز نسبة هذه الأعال إلى محمد عبده دون صاحبها الأفغاني . . . وإلا )ا 
نسب تفسير محمد عبله لما فسر من سور القرآن وآياته إليه » ولحاز أن ينسب إلى رشيد 
رضاء لقيامه بتدوين ملخصاته ومذكراته في الدرس بالأزهر, ثم صياغته للنشر 
(بالمنارن) . . وأيضاً لما جاز أن تنسب إلى الإمام محاضرته التي ألقاها ae‏ (العلم 
والتعليم الإسلامي) وهي التي صاغتها جريدة (الحاضرة التونسية) صياغة رأى فيها 
الأستاذ الإمام وا في الصياغة واللغة جعلت «فيها ما لا يصدر عن قلمي العربي 
wo. (ale‏ ومع ذلك فهي له › ؛ لأنها فكره ؛ أملاه في محاضرة عامة , وإن صاغة 
صاحب جريدة (الحاضرة التونسية"") . 

ج ‏ أن مصدر فرية «عقدة العجمة) هذه التي افئثريت على الأفغاي هو خطأ وقع 
فيه «سليم بك العدحوري» في الترجمة لهذا الفيلسوف . . ففي شرح العنحوري لديوان 
(سحر هاروت) ترجم للأفغانٍ » فلا تحدث عن تربیته وتعليمه في بلاده » قال إنه 
تعلم هناك «اللغة الفارسية » والعلوم السدينية » والمنطق » وشيشا من علم 
KOEI‏ . ولم يشر إلى تعلمه لعلوم العربية في هذا الطور من حياته ». . . وعندما 
ost‏ عن مغادرته للآستانة بعد خلافه الشهير مع شيخ إسلامها بعد محاضرته في (دار 


Gully dle (11)‏ المجلد VY‏ ج ١‏ رهامش) ص "17 . 
(۲۲) انظر ذلك في حديث الأستاذ الإمام إلى فرح انطون بأحد خخطاباته إليه في مكانه من هذه الأعال . 
(؟) تاريخ الأستاذ الإمام ج ١‏ ص 457 . 


yey 





الفنون) عن فلسفة الصناعة . . وذهابه للحج » قال إنه «قصد مكة » وجاور هناك عاماً 
ans‏ عام » وأخخذ في خخلالها مبادىء اللسان العربي EP‏ أن تعلمه لمبادىء 
اللسان العربي كان في سنة ۱۸۷١‏ م لا قبل ذلك التاريخ . 

ورغم أن إصدار (العروة الوثقى) قد بدأ بعد هذا التاريخ بأربعة عشر عاماً , 
وأن «العنحوري» نفسه » قد كتب عن الأفغاني ومجلسه في قهوة «البوسطة) بالقاهرة أثناء 
إقامته با (۱۸۷۱- ۱۸۷۹ م) » قائلاً : «إنه كان يتحدث إلى جلسائه من طلائع 
المجتمع ومستنيريه في أعقد الأمور بلسان عرب مبين , لا يتلعثم ولا يتردد » بل يتدفق 
كالسيل من قريحة لا تعرف الكلال » فيدهش السامعين » ويفحم السائلين » ويبكم 
المعترضين . . ."». . . رغم كل ذلك فإن تحديد سنة 1817١‏ م كتاريخ لبدء تلقي 
الأفغاي «مبادىء اللسان العربي» ‘ هو كلام خاطىء وغير صحبح 8 atlas Joy‏ وعدم 
صحته أدلة لا تحصى » نكتفي منها ببعضها . مثل : 

أن ترجمة الأفغاني التى كتبها الأستاذ الإمام ‏ وهو أعرف الناس به قد جاء فيها 
أنه قد درس علوم العربية 3 الطور الأول من حياته التعليمية ببلاد الأفغان » وأنه في 
هذه الفترة قد «تلقى علوماً جمة » ae‏ » فمنها العلوم العربية من : نحو» 
وصرف » ومعان » وبيان » وكتابة . 

a 
إلى الآستانة » طلب منه الطلبة السوريون في الأزهر أن يشرح‎ 00 
0 هم بعض الكتب » فقرأ لحم (شرح الإظهار) .. والذي لا يعرفه البعض‎ 
ا العربية . ألفه‎ ee egy الإظهار الذي شرحه‎ 
م‎ 1810٠١ «البركوي) » وكانت له مكانة كبيرة في ذلك العصر ؟!, . ذ فهو إذا لم يشرع سنة‎ 
كان يدرس علوم هذا اللسان العربي‎ Ley 6 Ke في تلقي «مبادىء اللسان العري»‎ 
بالقاهرة في سنة 1859 م؟!.‎ 

ولذلك فإنه من غير الجائز ولا المفهوم أن نسمع أن لقاء الأستاذ الإمام مع أستاذه 
بباريس هو الذي أطلق بلاغة الرجل «فاتخذت فكرة ة الأفغاني من بلاغة قلم تلميذه ونفوذ 
يانه + عارش ت فا رها هاف ناص + وقد شلف ماکان راق عليها من 


. ٤٤ المصدر السابق ج اص‎ )۲٤( 
. ٤٤ (5؟) المصدر السابق ج اص‎ 


Yes 





انقباض طبعه وتشاؤم نزعته » وانحلت عا عقدة العجمة التي كانت ترسف في 
HOY. rgd‏ 

وإذا كانت لا تزال بنا حاجة لإيراد الأدلة على بلاغة الأفغاني وفصاحته العربية » 
فإن بالإمكان أن نطالع شهادات أعلام عصره الذين عايشوه وخالطوه واقتربوا منه » 
ولسوا هذا الجانب من جوانب كفاءته قبل إصدار (العروة الوثقى) بباريس . . 

فالشيخ إبراهيم اليازجي › وهو من lel‏ علماء ء اللغة E‏ 
عندما يكتب عن الأفغاني یصفه بأنه Um‘)‏ البلغاء""» 

وجورجي زيدان عندما ينشر بمجلته (الهلال) تأبيئاً للأفغاني في أول إبريل سلة 
۷ م يصف المقال مجلسه وخطابه فيقول : «إنه كان ذا عارضة وبلاغة » لا يتكلم 
إلا اللغة الفصحى بعبارات واضحة جلية › وإذا آنس من سامعيه إلتباساً بسط مراده 
بعبارة أوضح > فإذا كان السامع عامياً تنازل إلى تخاطبته بلغة العامة . وكان خطيباً 
مصقعاً م يقم في الشرق أخطب منه» . 

والدکتور شبلي شميل يحدثنا عما شاهله بعينيه » وسمعه بأذنيه فيقول : إنه شهد 
خطبة له (أي الأفغاني) في الإسكندرية » وكان قريب العهد بمصر » فوقف ساعتين 
يتكلم بلسان عربي فصبح » وإلقاء حسن الكلام مفيد ‘ حتى أدهش OM) led‏ 

وينقل رشيد رضا عن حفني ناصف ما شاهده من الحانب الخطابي للأفغاني 
فيقول : «حدثني حفني بك ناصف  ..‏ وهو من الرعيل الأول من تلاميذ الإمام ‏ 
قال : كنا إذا قيل لنا : | ٠ eee ean le) sl ol‏ نفضل سماع خطبته 
على سماع أطرب المغنين ‏ فنؤثرها عليها » حتى كان المدعو منا إلى وليمة عرس يترك 
الإجابة إليها » وكنا نجد في أنفسنا من سماع خطبته . . . أن الواحد منا جدير بإصلاح 
مديرية » أو إصلاح تملكة Oe‏ 
(1) محمد الفاضل ب بن عاشور (التفسير ورجاله) ص ١117 ٠ ٠١١‏ طبعة القاهرة سنة ۱۹۷١‏ م . 
(YY)‏ تاريخ الأستاذ الإمام ج ١‏ ص 10 (نقلاً عن مجلة «البيان» البيروتية عدد ابريل سئة 18417 م) 

والرّحلة » بضم الراء » هو من يرحل إليه البلغاء للتزود ببلاغته . 
(۲۸) المصدر السابق ج ١‏ ض ٠ ١‏ (ولقد تحدث شميل شميل ببذه العبارة إلى رشيد رضا ء الذي 

سجلها عنه) . 


(9؟) مجلة (المنار) المخلد 74 ج ١‏ ص 7٠١‏ في 14 جمادي الأولى YE oe VET dew‏ نوفمير سلة 
۷ مم . 


4° 





أما عبد القادر المغربي الذي تتلمذ عليه وحضر مجالسه في الآستانة وروى عنه 
الأحاديث والذكريات ¢ فإنه يصفه SUG‏ : إنه كان يمتاز «بطلاقة لسان . وتوقد 
خان OS. Gs aa Ss.‏ 

أما عن براعته في إملاء المقالات والفصول كي تنشر في الصحف والمجلات » 
فيكفي أن نعلم إجماع كل الذين أرخوا له ولتلاميذه ‏ بمن فيهم الأستاذ الإمام ‏ أنه هو 
الذي علم هذا الحجيل » الذي قاد نمضة الشرق والعروبة »> علم هذا الجيل إنشاء 
الفصول . وتحرير المقالات والنشر في الصحف والمجلات » يشهد بذلك الجميع بما 
فيهم سليم بك العنحوري الذي يقول إن الأفغاني هو اللي وقف وراء إصدار جريدة 
(مصر) لأديب إسحاق » وأن 00 ضمت «فصولاً منسوجة Ce‏ جمال السدين 
ومنشورة باسم (المزهر بن وضاح) . .». . وأنه وفق بين سليم نقاش وأديب إسحاق 
فصدرت بالإسكندرية ie By‏ » وأن الأفغاني io‏ فيها وشذرات من قلمه 
البديع » وخطرات من فكره المزري بلألاء الرقيع . .. وأن مقالتيه في صحيفة 
(مصر) عن «الحكومات الشرقية» و«روح البيان في a‏ والأفغان» قد «ترنئحت لما 
أعطاف أولي العلم طرباً » ومالت إليه| أعناق السياسيين عجبأًا"» . 

د إن الأفغاني قد كتب العديد من المقالات العربية في فترات حياته التي كان فيها 
بعيداً عن الأستاذ الإمام » ونشر في (ضياء الخافقين) بلندن . . . ونشر في بطرسبرج , 
والبصرة » وإيران .. وغيرها من البلاد . . . وهناك مراسلات بخطه لا يقل أسلوبها 
جودة عن أسلوب ما نشر له من أمالي ومقالات . 

ونحن قد احتفلنا بتبيان الحقيقة في هذا الموضوع ¢ fad) oY‏ الذي وقع فيه 
البعض بخصوصه لا يزال يفعل فعله حتى الآن . . وهناك [lay‏ جامعية عديدة وقع 
أصحابها في هذا الخطأ » ورتبوا عليه أخطاء أخرى سياسية وفكرية أكثر شناعة وأوغل في 
الإحالة والإغراب . وفي حدود علمي فهناك رسائل جامعية قدمت في جامعة الأزهر وفي 


(0) جمال الدين الأفغاني » ذكريات وأحاديث . . ص 44 طبعة دار المعارف الثانية (سلسلة اقرأ) . 
أما الشيخ مصطفى عبد الرازق فإنه يصف الأفغاني بأنه صاحب «بلاغة في الكتابة والخطابة 
خارقة للعادةج انظر ترجمته له في مقدمة مجموعة (العروة الوثقى) ص ” طبعة القاهرة سنئة 
۷م 

. ٤١ تأريخ الأستاذ الإمام جاص‎ )۳١( 





جامعة «عليكرة» بالهند حول جوانب من فكر وحياة الأستاذ الإمام » رتب فيها باحثوها 
العديد من النتائج الخاطئة على هذه المقدمة المغلوطة والفرية التي رمت الأفغاني بالعجمة 
والعجز عن تحرير المقالات بأسلوب عربي مبين . 

غ ‏ أن في مادة (العروة الوثقى) ذاتها الكثير من الأدلة على أن هذا النص لا بد أن 
ينسب إلى الأفغاني » لا إلى الأستاذ الإمام » فعلاوة على الموقف الثوري الذي يتجلى 
فيها » والذي يختلف ويتميز عن الموقف الاصلاحي في السياسة للشيخ محمد عبده » 
نجد فيها الاهتمام الشديد والدراسات السياسية الكثيرة عن بلاد LAL‏ والأفغان 
وإيران . . وهي ela Yl pal lim‏ به والتخصص فيه على الأفغاني دون الأستاذ 
الإمام .. كما نجد فيها قدرة على فهم السياسة الدولية ومناوراتها » والعلاقات المتشابكة 
والمصالح المتصارعة بين قواها ومعسكراتها ‏ لا يمكن أن تتناسب مع كفاءة الشيخ محمد 
عبده » وتكوينه وطبيعة اهتت|ماته . . . ولا يمكن إلا أن تكون نتاج ذلك العقل السياسي 
الفذ والفريد » عقل حكيم الشرق وفيلسوف ثورته ومهندس حركته الوطنية جمال الدين 
الأفغاني . . . وفيها كذلك مقالات عدة تفيم موقف الانجليز من الإسلام » وتحدد أنه 
موقف العداء » وموقف الأعداء الساعين إلى هدمه واضمحلاله ... وهو موقف رآه 
الأفغاني » واختلف فيه معه الأستاذ الإمام » ومن يقارن مقالات العروة الوثقى في هذا 
الموضوع بكلام الإمام في ردوده على فرح أنطون في موضوع الاضطهاد في النصرانية 
والإسلام - (الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية) - يجد بوضوح مصداق ما 
تقول 

وفي المحصلة النبائية » وعلى فرض أن الصياغة والعبارة في هذا النص هي للإمام 
محمد عبده » فإن هذا النص ليس قصيدة شعر يتجلى «الخلق) و«الإبداع» لها في 
«الصياغة والتعبير» ... وإثما هو فكر سياسى بالدرجة الأولى » وأسلوب ثوري في 
الإصلاح والنهضة ومواجهة الاستعهار » وليس من الأمانة في شيء أن نضيف هذا الفكر 
لمن لا يؤمن به » وأن نلصق الدعوة إلى الثورة بمن يرفضها ويختار طريق الإصلاح حتى 
وإن اتحدت الغايات البعيدة والآمال الماشودة والاستراتيجية التي يعمل لها فريق الثوار 
وحزب اللضلحين :وين الأففان فزيين الاستاذ الإمام من الفروق السياسية ب الى تشين 
إليها دراستنا لفكر الإمام السياسي - ما مجعل نسبة (العروة الوثقى) للأفغاني وحده » 
باعتباره قائد التنظيم الذي أصدرها » هو الموقف الوحيد السليم . . 


34 





ه ‏ إن قضية كون عبارة العروة الوثقى كلها للأستاذ الإمام يجب أن لا تؤخذ على 
إطلاقها . فعلاوة على ما قدمناه من صدورها في غيبة محمد عبده عن باريس » فإن 
للمضمون صلة وثيقة بالشكل والأسلوب , حتى أننا نستطيع أن نقول إن أسلوب محمد 
عبده عندما يلي عليه الأفغاني الأفكار الثورية » هو غير أسلوب محمد عبده عندما 
يعبر عن أفكاره هو الإصلاحية .. ومن ثم فإن أسلوب العروة الوثقى وصياغاتها 
لا تصلح أن تكون التعبير الجيد والدقيق عن الأسلوب والعبارة والصياغة التي 
يتميز ويختص بها الأستاذ الإمام .. وهذه حقيقة لا بد وأن يلتفت إليها كل الذين 
يريدون دراسة هذا الجانب من جوانب الشيخ محمد عبده في الكتابة والتحرير . . . ولقد 
التفت المرحوم الأستاذ أحمد أمين إلى هذه النقطة . عندما ترجم للشييخ محمد عبده 
فكتب يقول : «إن القارىء للمقالات التي كان يحررها الشيخ محمد عبده في (الوقائع 
المصرية) ومقالات (العروة الوثقى) » يرى الفرق الكبير بينها في الاتجاه والغرضر 
والأسلوب والحرارة . . . كانت مقالاته في (الوقائع) تقصد إلى الاصلاح الاجتماعي في 
مصر وحدها بأسلوب هادىء . يغلب عليه العقل والتحفظ والتدرج » ومقالات 
(العروة الوثقى) تنظر إلى العالم الإسلامي كله على أنه وحدة . . . وتقصد أول ما تقصد 
إلى مناهضة الاحتلال الأجنبي بجميع أشكاله وتهبدف إلى رفع os‏ عن العالم الإسلامي 
كله عن طريق ثورة الشعوب ... وهذه المعاني القوية أكسبت أسلوب الشيخ محمد 
عبده «قوة لا تجدها ني (الوقائع)0""©) . . بل Lif‏ نستطيع أن نقول ما هو أكثر من هذا » 
وهو أن المقارنة بين أسلوب (العروة الوثقى) وبين أسلوب الرسائل السرية التي كتبها 
محمد عبده بصفته نائبا عن الأفغاني في التنظيم , إلى فروع التنظيم » إنما تظهر الفرق في 
الروح الثورية التي تتجلى في أسلوب (العروة الوثقى) والتي تتميز عن الروح الإصلاحية 
التي تتجلى في هذه الرسائل السرية التنظيمية . 


وكا كان ارتباط الإمام بالثورة العرابية مرحلة عابرة في خط حياته الإصلاحي . 
فلقد كانت فترة العروة الوثقى كذلك . . فهو عام ارتبط فيه بالثورة العرابية » ونبج فيه 
نهج الثوار » وهي شهور تقرب من التسعة شارك فيها في تحرير هذه المجلة الثورية ya‏ 
ثم عاد الرجل إلى خط فكره الأصيل » وأسلوبه الذاتي في الإصلاح » مصلحا لا 


(۲) زعماء الإصلاح في العصر الحديث . ص ۳٠٠‏ طبعة القاهرة سنة ۱۹٤٩‏ م . 


4۸ 





ثورياً » ومجاهداً يسير نحو النبضة عبر طريق التربية والتعليم » الشاق » البطيء › 
الطويل . 

5 - وحتى بعض الذين أضافوا (العروة الوثقى) إلى الأستاذ الإمام » أو إليه وإلى 
الأفغاني » واستثمروا ذلك الخلط كي تتاح لهم فرصة النشر باسم الإمام عندما عز النشر 
باسم الأفغاني زمنا طويلا . . وفي مقدمتهم الشيخ رشید رضا . . حق هؤلاء كانوا 
يضيفون (العروة) إلى الأفغاني عندما يكون الموضوع متعلقا بالأفكار التي تضمنتها 
والمسئولية المطلوب تحديدها عن هذه الأفكار . . فيكتب الشيخ رشيد رضا مرة يقول : 
إن «من أراد أن يقرا رأي السيد (الأفغاني) ني تأثير الإسلام في إصلاح البشر فليقراً 
مقالات العروة الوثقى الاجتاعية» وان للأفغاني آثار تدل على فكره » منها «آثار مخطوطة 
ومطبوعة was d‏ 0 6 أشهرها رسالة الرد على الدهريين وجريدة العروة الوثقى التي 
نشرها بباريس سنة ۱۸۸٤‏ م" .. كا يقول : «إن نسبة هذه الجريدة إلى السيد 
حمال الدين متواترة » لأن ألوفا من النسخ كانت توزع منها في عهده ني أقطار الأرض 
كلها , ولا يزال في الناس من يحفظ نسخها الأصلية ومن نسخها عنها . . . وقد صرح 
(أي الأفغاني) في فاتحة العدد الأول منها ail‏ هو المنشىء لما. والمدير لسياستها . 
والشيخ محمد عبده » وإن كان رئيس تحريرها , لم يكن بخرج فيها عن رأيه (أي رأي 
الأفغاني) بل كان يعبر عنه . وكثيرا ما كان يتلقاه منه AD,‏ 


وهكذا نستطيع أن نقول : إن قضية نسبة هذا النص المام من نصوص ترائنا 
السياسى والفكري الحديث » قد حسمت الآن » وللمرة الأولى في الأبحاث الكثيرة التي 
دارت حول كل من الأفغاني والأستاذ الإمام . . . ونستطيع أن نقول » بعد هذا التحقيق 
العلمي للقضية إن الشيخ محمد عبده وإن لم يكن مقطوع الصلة بالعروة الوثقى » إلا أن 


(yyy‏ مجلة (المناں) » المجلد ۲٤‏ ج٤‏ ص 7١‏ (74 شعبان سنة ١741١‏ هاء ١8‏ ابريل سئة 
1117 م). 

(5) المرجع السابق . المجلد ١4‏ جه ص 180 (مايو سئة ۱۹۲۴۳ م سنة 1741 ه).. ورشيد 
رضا ينقض بذلك موقفه السابق سنة 1105 م (سنة ١174‏ ه) عندما حكم باشتراك الأستاذ 
الإمام مع الأفغاني في آراء العروة الوثقى وأفكارها فكتب في (المنشآت) ص 559 » وهو يقدم لما 
نشره فیها من مقالات العروة » يقول : «... فالآراء والأفكار فيها مشتركة بين هذين 
الحكيمين ...) . 


14۹ 





الأحق بأن تنسب إليه وتحسب له وعليه هو جمال الدين الأفغاني . . 
٠١‏ مقال : المسألة الهندية 

وهو مقال سيامي نشر بدون توقيع في جريدة (الأهرام) الأسبوعية بمدينة 
الأسكندرية في ١1"‏ أغسطس سنة 1880 م (7 ذي القعدة سئة ١1١1‏ ه) .. وكانت 
الجريدة قد طلبت من قرائها أبحاثاً ومقالات في «دقائق السياسة الشرقية» .. وكان 
الأستاذ الإمام قد فارق أستاذه الأفغاني » وعاد إلى بيروت » ولا زالت صلاته]| 
قائمة ... فأرسل الإمام هذا المقال عن (المسألة الحندية) إلى (الأهرام) فنشرته » دون 
توقيع . . ثم جاء الشيخ رشيد رضا فنسبه إلى الأستاذ الإمام في الطبعة الثانية من جزء 
(المنشآت) الصادرة سنة ١44‏ ه . 

ومضمون هذا المقال الذي يحتوي دراسة متخصصة هذه الملطقة من آسيا (الهند 
والأفغان) » إلى جانب أسلوبه الثوري » الذي هو من ميزات الأفغاني » يقطع بأنه 
للأفغاني وليس للشيخ محمد عبده » ومن يقارنه بمقالات (العروة الوثقى) التي تناولت 
قضايا هذه المنطقة من الشرق » وتحدثت عن الانجليز في الهند » ودعت إلى وحدة 
الفرس والأفغاني. . الخ . . وهي التي كتبها الأفغاني وأملاها » من يعقد هذه المقارنة 
يرى بجلاء أن مقال (المسألة الهندية) هو امتداد وتكملة هذه المقالات » وأنه للأفغاني 
على وجه القطع والتأكيد . . 

ثم إن هناك عناصر أخرى تدعم هذا الذي نقول ... منها أن الأستاذ الومام 
عندما أرسل من بيروت هذا المقال إلى (الأهرام) كتب في صدره يقول لصاحب 
الجريدة : و. . . أكتب إليك بعض ما وصل إل . .». . . وأيضاً فإن في ثنايا المقال ما 
يشبر إلى أنه كان تعبيراً عن وجهة نظر قيادة تنظيم (العروة الوثقى) السري . وأن المقال 
يستند في تحليله للأحداث إلى أخبار خاصة قد أتت إلى صاحبه بطرق خاصة . . وذلك 
عندما يتحدث عن أخبار تحرك الحنود ضد الاحتلال الانجليزي لبلادهم قائلاً : «... 
وإن الأخبار الخصوصية الواردة من اللهند تفيد أن الأمر في تلك الأقطار أشد Le‏ تدل عليه 
أخبار الجرائك . .». . 

ولقد شعر الشيخ رشيد رضا » وهو ينسب هذا المقال إلى الأستاذ الإمام » ببعض 


Yor 





الحرج فقال إنه قريب من مقالات (العروة as!‏ السياسية » وأن فيه آثاراً لثفغات 
الأفغاني في صدر الأستاذ الإمام . . ولست أدري هل كان يعتذر بذلك للأفغاني عن 
duns‏ مقاله إلى pean ees 1G ope‏ - رغم أنه لم ينشر المقال في 
الطبعة الأولى من (المنشآت) فيقول لهم إنه ليس مسئولا عن هذا الموقف الثوري ضد 
i iE e‏ التي صدرت من الأفغاني 


x FF & 

-١‏ تفسير القرآن 

ونقصد به ذلك التفسير الذي ألقاه الأستاذ الإمام في الجامع الأزهر منذ بدء درسه 
فيه في شهر المحرم سئة 11117 ه (مايو سنة 1849 م) » والذي استمر في إلقائه ست 
سنوات أي حتى وفاته في سنة ۱۹۰۵ م . 

وهذا الخلط الذي حدث لتفسير الأستاذ pegs set es el‏ وصديقه الشيخ 
رشيد رضا > ل يكن خلطاً متعمداً » وإن کنا نعتقد أنه کان أمراً ضاراً > ولیس له ما 
يبرره . 

فلقد كان الشيخ رشيد رضا هو الوحيد الذي يدون أثناء الدرس النقاط 
والتلخيصات لآراء الأستاذ الإمام في التفسير . ثم يصوغ هذا التفسير. وبعد عام من 
بدء درس التفسير بدأ ينشره في مجلة (المنار) » أي منذ المحرم سنة ٠١١۸‏ ه (مايو سنة 
٠‏ م) . . وكان يعرض تجارب الطبع » قبل طبعها » على الأستاذ الإمام ليعدل أو 
يضيف . . واستمر النشر للتفسير الذي ألقاه الإمام في (المنار) اثنتي عشرة سنة » أي إلى 
ما بعد وفاته » وحتى العدد انامس من مجلد (المنار) الخامس عشر الصادر في ٠٠١‏ جمادي 
الأول سنة ١7٠‏ ه ۱۷ مايو سنة ۱۹۱۲ م . 

ونحن نحمد للشيخ رشيد رضا أنه قد ميز في أغلب الأحيان بين ما هو للإمام من 
أفكار في التفسير , وما هو من إنشائه هو وإضافاته إلى هذا التفسير . . . وإن كنا نفتقد 
هذا التمييز في مواضع غير قليلة من الأجزاء التي فسرها الإمام bape go ly‏ 
الفاتحة إلى الآية ٠٠٠١‏ من سورة النساء الله oe‏ شيء e‏ 


Yo\ 





يبرره » خصوصاً بعد إضافات الشيخ رشيد الكثيرة التي ضمنها هذا التفسير عند طبعه 
ككتاب مؤلف من اثثي عشر مجلداً شملت ما فسره الشيخ رشيد بعد وفاة الإمام »> حتى 
قول الله سبحانه في سورة يوسف : طوأن الله لا مبدي كيد الخائفين» . . ذلك أن 
منهج كل من الرجلين مختلف عن منج الآخر إلى حد كبير, وا 
الفكري والموقف والمنطلق النظري لكل ما . . . وهو الفرق بين رشيد رضا السلفي 
الأثري الذي يقدس النصوص ويقدمها على نظر العقل » ومحمد عبده الذي كان يقف 
بعقله ونظره أمام قضايا القرآن وآياته » غير حافل بما قدمه من سبقه من المفسرين من 
آراء وتخريجات . . ا ا لهل الك لحك 
الألون في تفسبر القرآن » ويكتب إلى (ش . ي) وهو أحد أعضاء تنظيم (العروة 
الوثقى) بهذا المج من منفاه » فيقول : ‹ «. . . وحاذر النظر إلى وجوه التفاسير إلا لفهم 
SS‏ 
اذهب إلى ما يشخصك القرآن إليه » واحمل بنفسك على ما يحمل عليه » وضم إلى 
ذلك مطالعة السبرة النبوية , واقفا عند الصحيح المعقول حاجزاً عييك عن 
الضعيف والمبذول"» . . على حين يقف الإمام بمنبجه هذا أمام القرآن نجد الشيخ 
رشيد Me Ls fat Gilad ayy Ley‏ بلملمة نصوص المفسرين السابقين › 
ويقدم النقل على العقل » وينفر من الرؤية العقلية الحريئة والمستئيرة التي امتاز بها تفسير 
الأستاذ الإمام » والذي جعل منه أهم وقفة وقفها مفكر مسلم أمام القرآن في عصرنا 
morte‏ 

وحتى يطمئن غيرنا لأصالة هذه الفروق بين الرجلين » وموضوعية ذلك التقييم 
نسوق رأي عالم مهما متتلمذ عليهما . وهو الشيخ محمد الفاضل بن عاشور 
۱۳۹۰-۷ ه 1970-1904 م] الذي يقول : إن الشيخ رشيد رضا قد Las‏ 
نشأة سلفية صوفية «وتكون على المناهج التي يتكون عليها علماء الشام ‏ غير الأزهريين - 
من إيثار الجانب المنقول . . . على الجانب المعقول . . .» » ولذلك فبعد وفاة الأستاذ 
Sn ie SO Uy pp gf aH ayy Dh pall‏ 
الأستاذ الإمام »> وما كتب بعده ما استقل به الشيخ رشيد . وذلك الاخحتلاف ls gat‏ 
في العنصر الذي يعبر عنه الشيخ رشيد (بالأئري) . فقد رأينا أن التكوين الأصلي للشيخ 


(ه) انظر هذه الرسالة في مراسلاته إلى أعضاء العروة الوثقى في القسم السياسي من هذا الجزء . 


Yoy 





رشيد كان نقلياً أثرباً » على طريقة يقة المتقدمين , مختلفاً في ذلك عن التككوين الأصلي 
للسيد جمال الدين والشيخ محمد عبده . إذ كان تكويهه) بحثياً نظرياً , » على طريقة 
المتأخرين . فلم يكن الأستاذ يحفل بالناحية الأثرية » ولا يولي اهتماماً للأخبار وطرق 
تخريجها . ولا يعتمد ني تفسير الآيات على الأخبار المتصلة بها . وكان الشيخ رشيد قد 
تأثر بهذا المنبج . وساير الأستاذ الإمام عليه فيا اقتبسه من الدروس البي ألقاها الأستاذ 
الإمام ... ولكن لما استقل الشيخ رشيد رضا بمعاناة العمل من مبدئه ... بدأ هواه 
الأول للعلوم النقلية الأثرية يعاوده » ويأخذ به . فال إليها » وتتبع رجاها الأولين › 
مثل الطبري » والآخرين » مثل ابن كثير» فبدت على التفسير مسحة أثرية ما كانت 
بادية على أجزائه الخمسة الأولى . . .”""») , 

فنحن إذأ بإزاء مهجين مختلفين , أثمر كل ete‏ ثمرة مختلفة عن ثمرة الآخر . . 
ومن هنا كان رأينا بأن خلط تفسيري الرجلين لم يكن له ما يبرره » وأنه كان عملا ضارا 
حرم المكتبة العربية الإسلامية من ذلك التفسير المتميز الذي قدمه الأستاذ الإمام jaa‏ 
الذي فسره من القرآن . be‏ ل ل - (خمسة 
ااال fa (lege oat‏ نه ألقى فيه أضواء باهرة على عدد كبير من أهم القضايا 
a‏ في مكتبة التفسير للقرآن هي ما 
نرجو أن يحققها نشرنا لتفسير الأستاذ الإمام بعد تمييزه عن تفسير الشيخ رشيد رضا ء 
على أساس من المنيج العلمي في تحقيق النصوص 

ونحن نود أن نقول : إن هذا الفهم الذي فهمناه لتكوين كل من الرجلين 
ومنطلقه الفكري . ومدى الأفق الذي تستشرفه نظراته » وهو الفهم الذي عبرعنه . أو 
عن لبه » الشيخ محمد الفاضل ب اي 
نصوص التفسير التي لم يقم الشيخ رشيد بتحديد نسبتها » > هل هي له ؟ أم للأستاذ 
الومام ؟. . فبمقابلة على ما نشر في (المنار) على امتداد اثنتي E‏ 
ae‏ أعدادها) على ما نشره الشيخ رشيد رضا في المجلدات الاثنتي عشرة من (تفسير 
المنار) اعتمدنا للأستاذ الإمام ما نسبه إلبه الشيخ رشيد » وأكملنا سياقه » بعد تخليصه 
من إضافات الشيخ رشيد وآرائه الخاصة واقتباساته من تفسيرات الأولين 


59”) التفسير ورجاله » ص ۱۹۹ ۰ء ۴٤۱۷ء ٠۷١‏ . 


Yor 





والآخرين ... وفي المواطن التي أغفل فيها الشيخ رشيد تحديد نسبة النص إلى 
صاحبه » لجأنا إلى هذا المنبج المستخرج من طبيعة كل منها وتكوينه » وهو المنيج الذي 
تحول بمعايشة نصوصهها عدة سنوات إلى pole‏ محددة » ومعايبر موضوعية اختبرناها 
وطبقناها فأثمرت تحقيقاً للنص نطمئن إليه » في أغلب المواطن المشتبهة » كل 
الاطمئنان . 
ا كه 

وعلى ذكر التفسير الذي قدمه الإمام للقرآن » وتلافي طبعتنا هذه » بواسطة تحقيق 
النصوص تحقيقاً علمياً » لعيوب الخلط والاختلاط . والحذف والنقص التي شابت 
أغلب ما صدر من قبل من هذا التراث . . على ذكر هذا الموضوع نقول أن طبعتنا هذه 
لتفسير الإمام للقرآن تستكمل نقصاً أصيبت به كل الطبعات التي صدرت من قبل 
لتفسير الجزء الثلاثين من القرآن ( جزء عم ) الذي كتبه الأستاذ الإمام » فعلى كثرة 
الطبعات المستقلة التي صدرت لهذا الجزء لم تتضمن واحدة منها ذلك الاستدراك الذي 
كتبه الأستاذ الإمام على تفسيره لمعنى ( السائل ) في آية سورة « ضحى » ل وأما السائل 
فلا تعهر * . وهو الإستدراك الذي كتبه ونشره في بيان عام على الناس في شهر شوال 
سلة '11"77 ه ( ديسمبر سنة 11504 م يناير سئة ١405‏ م) » نحت عنوان ( توضيح 
وكشف إبهام ) والذي قال في ختامه : إن « عبارة التفسير فيها إجمال جر إلى تأليف 
حاشية كهذه » فاستغفر الله بما صئعت فيها » وأرجو أن لا أعود إلى مثلها » . 


۲۔ فصول من کناب «نحرير المرأة) 

عندما أصدر «قاسم أمين) كتاب ca My Ay‏ في سنة ۱۸۹۹ م أحدث ف 
المجتمع المصري خاصة والمجتمع الشرقي بوجه عام معركة فكرية فريدة » هزت هذه 
المجتمعات من الأعراق . . ولقد شهدت بلادنا من قبل ومن بعد معارك GS ALS‏ © 
مثل معركة كتاب «الإسلام وأصول الحكم» الذي أصدره الشيخ علي عبد الرزاق سنة 
06م » وكتاب الدكتور طه حسين )3 الشعر الجاهلي» . . ولكن عنف هذه المعارك 
كان في نطاق محدود . . نطاق السياسة والمشتغلين بها ء أو نطاق المثقفين . . أما معركة 
كتاب «تحرير المرأة» فقد كانت أكثر شمولاً وأوسع مدى . وذلك لارتباطها بحياة 
الأسرة » لبنة المجتمع الأول » ولتناوها المباشر للشئون الخاصة بكل بيت في المجتمع 


56 





المصري والمجتمعات العربية والإسلامية . . ومن ثم كانت نبوءة الذين أبصروا خطر 
هذا الكتاب صادقة » عندما قالوا منذ اليوم الأول لصدوره . ما قاله الشيخ علي يوسف 
صاحب «المؤيد» : «إننا نظن أن يكون ظهور هذا الكتاب مصدر تغير عظيم في أفكار 
الأمة » ينشأ عنه فيه| بعد تغير أعظم في أخلاقها. . © ومن هنا أيضاً كانت الأوصاف 
الي خلعت على قاسم أمين . . مثل محرر المرأة » و«لوثر» الشرق ؟!.. الخ . 
الخ . . 

وفي كل الكتب المامة التي صدرت وأثارت ضجة في حياتنا الفكرية والاجتاعية 
[Blo Jah! ats‏ منصباً وحصوراً في القضايا الجديدة التي طرحتها مثل هذه المؤلفات . 
ولقد لعب الزمن والتطور الحتمي للمجتمع فكرياً وحضارياً الدور ا حاسم في تبيز الجيد 
من الردىء في هذه الأفكار ‘ وبيان الصالح والضار من القضايا الجديدة التي طرحتها 
هذه المؤلفات . . ولعل أحدأ لا ينكر اليوم أن التطور السياسي والاجتماعي قد حسم 
الجدل الذي ثار يومئذ حول إحياء الخلافة الإسلامية في أسرة محمد على بعد أن محاها 
«أتاتورك» من أسرة آل عشان“"“ . . كا أن التطور الفكري قد تجاوز الممبج الذي تبناه 
الدكتور طه حسين في كتابه «الشعر الجاهل) . . فاتحا الطريق الواسع إلى مناهج أخرى 
أكثر منه تقدماً . . - مع تحفظنا على إسقاط هذه الدراسة الأدبية على القرآن الكريم 
وقصصه التاريخي ؟! - 

وأكثر بداهة من ذلك ما أثبته التطور الاجتماعي في بلادنا بالنسبة للقضايا التي 
تنا وها كتاب «تحرير المرأة» » کو نا ا ن eas‏ ا ت 
على صلدوره نبتسم بل ونضحك من المعارضة الشديدة التي قوبل بها هذا الكتاب .. 
ونتخيل الانفعالات والمواقف التي سيقفها معارضوه عندما توضع أمامهم صورة مجتمعنا 
هذه الأيام . . فالكتاب لم يكن يطالب أن تعمل المرأة مثل الرجل وتتحرك معه في الحياة 
العامة . . وإنما كان يطلب في مال التعليم أن تتساوى بالرجل في التعليم الابتدائي 
فقط ؟! فيقول : «ولست ممن يطلب المساواة بين المرأة والرجل في التعليم فذلك غير 
ضروري » وإنما أطلب المساواة في التعليم الابتدائي على الأقل . .». . وني قضية : 
(۳۷) المؤید » في ٠١‏ مايو سنة 1899 م . 


(8) أما دعوة على عبد الرازق إلى أن الإسلام دين لا دولة, فنحن نخالفه فيها. انظر نقدنا لهذه 
الفكرة في تقديمنا لكتابه ص OY ٤۳‏ طبعة بيروت سنة ۱۹۷۲ م . 


Yoo 





«الحجاب» و«السفور» دافع الكتاب عن «الحجاب» بالنسبة للمرأة » وكل ما طلبه هو 
«الحجاب الشرعي» المنطبق على ما جاء في الشريعة الإسلامية» والذي يتمثل في أن 
تكشف «المرأة وجهها وكفيها ونحن لا نريد أكثر من ذلك» ؟!. . 

فالذين ينظرون اليوم إلى أهداف هذا الكتاب ». بالمقارنة إلى ما بلغته المرأة فى 
عصرنا يحكمون بداهة بأن التطور والزمن قد حس) هذه القضايا لا لصالح الكتاب 
فقط , بل وبدرجة أبعد ما كان يحلم به أو يتخيله قاسم أمين !. . 

وإذا كان هذا هو شأن كل الدراسات والكتب التي كانت رائدة ومجددة وثورية في 
عصرها » فإن كتاب «تحرير المرأة» ينفرد من بين هذه الكتب بقضية لم تحسم قبل 
الآن . . ذلك أن الخلاف الذي دار من حول هذا الكتاب لم يتعلق فقط بما فيه من قضايا 
وأفكاز . :وزقا تناول أنضا عملية تأليفه.. . وشخصية المؤلف ,.. من هو ؟؟ وصاحب 
الفكرة فى إخراجه ؟ من هو ؟ . أو من هي ؟ . وتحول هذه القضية الهامة والطريفة ثاز 
dns Jud‏ صدور هذا الكتاب » ولا يزال يثور حيناً ويخفت أخياناً حن هذه الأيام . 
فإذا كان التطور قد حسم الخلاف حول قضايا الكتاب .. فإن الوقت قد E‏ 
نعتقد أنه قد تأخر- لحسم القضية الخلافية حول : من الذي كتب هذا الكتاب الذي 
وضع على غلافه اسم «قاسم أمين) . . وهو الأمر الذي نحاوله هنا . 

%# ف 


دور السياسة في القضية 


ومن الأمور التي أكسبت هذه القضية شيئاً من الطرافة أن السياسة والصراعات 
السياسية قد تدخحلت في ا موضوع » فعندما صدر الكتاب كان الخديو عباس حلمي 
الثاني يسلك مسلكاً متشدداً في علاقته بسلطات الاحتلال في مصر > وكانت علاقته 
باللورد كرومر نمر بفترة من الجفاء » وكان يولي رعايته للتيار الوطني الثوري في الحركة 
الوطنية المصرية بقيادة مصطفى كامل » وهو التيار الذي يطالب Aad Sng ALL‏ 
الشرط الضروري والأولي لأي إصلاح مرجو للبلاد . . dy‏ مقابل هذا التيار الوطني 
الثوري » كان هناك الوطنيون المعتدلون الذين ينادون بالتربية والتعليم والاستنارة 
وتكوين (yoke ali aK‏ وفكريا » باعتباره الطريق الوحيد لنيل الاستقلال وتحقيق 
الجلاء » وعلى رأس هذا التيار كان الشيخ محمد عبده . ومدرسته التي كانت تضم 


Yo 





العديد من الأسماء . مثل سعد زغلول » ولطفي السيد » وقاسم أمين . . الخ . . 
الخ . . 

وعندما صدر كتاب «تحرير المرأة) متناولاً قضايا ثورية » بالنسبة لعصره » وجديدة 
كل الجدة على كثير من الأوساط المحافظة » وفئات واسعة من العامة وبسطاء الناس . 
وجد خصوم الشيخ محمد عبده أن الفرصة سائحة لتوجيه السهام إليه وإلى مدرسته في 
الإصلاح والتفكير . . وقيل يومها : إن الذي أمر بوضع الكتاب هو اللورد كرومر 
نفسه » لأنه قد استاء من قاسم أمين عندما دافع عن حجاب المرأة المصرية ومحافظتها 
على التقاليد في رده الذي كتبه بالفرنسية على الكاتب الفرنسي دوق داركور صاحب 
کاب Ag pally pan‏ واف كرو youl‏ إل الق Last‏ عبن Of‏ يضلح فاسع 
Gul‏ خطأه هذا في كتاب جديد . 

وقبل يومها كذلك أن الذي أمر بوضع كتاب «تحرير المرأة» هي الأميرة «نازلي 
هانم فاضل) » حفيدة إبراهيم باشا » وابنة فاضل باشا » الذي كان من المطالبين 
بالدستور على عهد السلطان العثاني عبد المجيد » والذي كان يلقب يومئذ » لذلك › 
بلقب «أبو الأحرار» .. وكانت ابنته «نازلي) مثقفة ومستنيرة وصاحبة 00 yl‏ 
ee ees‏ . قيل إن نازلي هي التي أمرت 
بوضع الكتاب لأا غضبت من رأي قاسم أمين المدافع عن الحجاب » واعتبرت نقده 
للنساء المصريات المقلدات للأوروبيات موجهاً إليها هي بالذات . . والذين نسبوا الأمر 
إلى كرومر » والذين نسبوه إلى «نازلي» يتفقون أن الأمر قد صدر إلى الشيخ محمد عبده » 

وأنه قد قام بدور كبير في تأليف الكتاب . . بل يرى البعض أنه هو الذي ألفه » ثم 

وضع على غلافه اسم قاسم أمين تجنباً للحرج والعاصفة التي كانت ستهب عليه مباشرة 
إذا ما وضع اسمه عليه » وهو الشيخ الأزهري » ذو المناصب الديئنية الكبرى ؛ ومنها 
منصب مفتي الديار المصرية . 


ماذا يقول هذا الفريق ؟؟ 


من بين الذين عاصر وا صدور هذا الكتاب 6 وزاملوا قاسم أمين والشيخ محمد 
عبده في التردد على صالون نازلي هانم فاضل » وتحدثوا عن أنها هي السبب في تأليف 


Yov 





هذا الكتاب «فارس ثمر باشا» 1901-1801 م] صاحب «المقتطف» . . وأيضاً «داود 
بركات) [1977-18517 م] .. وعندما كتب فارس غمر مذكراته حدثنا عن هذه 
القضية فقال : «وهنا أصرح بحقيقة لا يكاد يعلمها إلا ندرة في مصر » وهذه الحقيقة أن 
كتاب قاسم أمين الذي رد فيه على دوق داركور لم يكن في صف النهضة النسائية التي 
كانت تمثلها الأميرة نازلي » بل كان الكتاب يتناول الرد على مطاعن الكاتب الفرنسي , 
ويرفع من شأن الحجاب ويعده دليلاً على كيال المرأة » ويندد بالداعيات إلى السفور 
واشتراك المرأة في الأعمال العامة . وكان قاسم أمين إذ ذاك أحد oe‏ حكمة 
الاستئناف» ولا ظهر كتابه ساء ما به إخوانه الآخرين أمثال محمد المويلحي . ومحمد 
بيرم ۽ وسعد زغلول » ورأوا فيه تعريضاً جارحا بالأميرة نازلي » وتشاوروا فيا بينهم في 
الرد عليه » واتفقوا نخيراً على أن ن أتولى الكتابة عن هذا المؤلف وعرض فصوله وانتقاد ما 
ا . وبدأت في كتابة سلسلة مقالات عنه » م 
قضاة tase‏ ا ورأوا فيه مساساً مبيبتهم إذ ذأن قاسم أفندي كان أحدهم » 
ورأوا أن أفضل وسيلة يبذلونها لكي أكف عن الكتابة عن مؤلفه أن يرجو الأميرة نازلي 
فاضل لكي تطلب إلي ذلك » وتطوع الشيخ محمد عبده للقيام بهذه المهمة . 
وذات مساء حضرت إلى صالون سمو الأميرة » كما حضر أيضاً الشيخ محمد 
عبده » ومحمد بيرم » والمويلحي » وغيرهم . وبعد قليل تحدث الشيخ محمد عبده في 
هذا الشأن مع الأميرة » فالتفتت إل سموها وقالت لي دض ع أن أكف 
عن الكتابة في الموضوع ‏ وكانت هي لم تقرأ الكتاب ولم تعرف أنه يشمل الطعن فيا 
- فلما رأى ذلك محمد المويلحي . قال لسموها : إنه يدهش من طلب 
الأميرة » وخاصة لأن هذا الكتاب يُعرْضٍ بها » فبدت عليها الدهشة » وكانت إحدى 
نسخ الكتاب موجودة عندها . وعبثاً حاولت أن أقفل باب الحديث في هذا الشأن , 
وخاصة بعد أن لمحت عليها معالم الاضطراب والحد والعنف . فلما اطلعت على ما جاء 
به ثارت ثورة شديدة ووجهت القول بعنف إلى الشيخ محمد عبده , لأنه توسط في هذا 


الموضوع . 
ومرت الأيام بعد ذلك » واتفق الشيخ محمل عبذه » وسعد زغلول وا مويلحي 


(19) مجلة (الحديث) . حلب . يناير سنة 19178 م . ص 88 ٩۲ ١‏ . 


YoA 





وغيرهم على أن يتقدم قاسم أمين بالاعتذار | إلى سمو الأميرة » فقبلت اعتذاره » ثم أخل 
يتردد على صالونها » وكل|ا مرت الأيام ازدادت في عينيه وارتفع مقامها لديه .. وإذا به 
يضع كتابه الأول عن المرة - «تحرير المرة» - الذي كان الفضل فيه للأميرة نازلي . . 
والذي أقام الدنيا وأقعدها عليه . . بعد أن كان أكثر الناس دعوة إلى الحجاب257. . 

ويروي (داود بركات) القصة نفسها في مقال له احتفال بذكرى قاسم أمين » 
ليستدل على أن الصدفة هي التي جعلت قاسم أمين محرراً للمرأة ة المصرية » ثم يحدد 
الأمر أكثر وأكثر فيجعل من كتاب «تحرير المرأة» » عملا قام به قاسم أمين ليصلح خطأه 
ا : إن غضب الأميرة من الشيخ محمد عبده وقاسم أمين 
(كان نتيجته أن يصلح قاسم أمين مين خطأه بكتاب ينشره) » حتى لا يفقد هذا الحزب نفوذ 
الأميرة في صراعهم ضد قصر عابدين والخديو عباس حلمي('4». 

والذين قالوا إن اللورد كرومر هو الذي أوحى بهذه الفكرة » قالوا ذلك بناء على 
العلاقة الوثيقة التي كانت قائمة بين الأميرة نازلي وقصر الدوبارة » وبناء على نبي 
سلطات الاحتلال للحزب الوطني المعتدل » الذي لم تكن ترى فيه خطراً Sele‏ | إذا ما 
قيس ببخطر الحزب الوطني الثوري على احتلالها للبلا . 

على أن أمر علاقة اللورد كرومر بالكتاب هو أهون الأمور . . ذلك أن الأدلة عليه 
لا تكاد توجد » حتى إذا افترضنا أنه كان يرى تحرير المرآة المصرية من الحجاب » فإن 
رأيه ليس وقفاً عليه » فإذا ما نادى به قاسم أمين أو غيره » فإن ذلك لا يبرر نسبة هذا 
الرأي إلى عميد الاحتلال في مصر في ذلك الحين . . ولقد سفه المرحوم أحمد لطفي 
Apel‏ راي القائلين بهذا القول عندما كتب عن قاسم أمين عقب وفاته مباشرة » ورأى 
أن هذا الرأي فرية افتراها الحاقدون والاعداء السياسيون لقاسم ON nal‏ 

ولكن بقي أمر العلاقة بين الأميرة نازلي وهذا الكتاب معلقاً حتى الآن .. كما 
بقيت علاقة الشيخ محمد عبده بهذا الكتاب دون تحقيق أو حسم حتى هذه اللحظات . 


FF &‏ 6د 





(:) الأهرام . في 4 مايو سنة 1978 . 
)4١(‏ الحريدة . في 1؟ ابريل سنة 19١8‏ م . 


10۹ 





AL Jit Be 


ونحن نعتقد أن الذين صوروا تأليف كتاب «تحرير المرأة» ونشره في صورة التنفيذ 
للأمر الذي أصدرته الأميرة نازلي للشخ محمد عبده » أو في صورة الاعتذار الذي أصلح 
به قاسم أمين ل خطأه في حق الأميرة . . نحن نعتقد أن هؤلاء القوم قد خانم التوفيق › 
وهم ل يحسنوا قراءة المذكرات التي كتبها المعاصرون لأحداث هذه القصة , كما لم يحسنوا 
دراسة الكتاب والمقارنة بين أفكاره وأفكار الكتاب الذي رد به قاسم أمين على دوق 
داركور . . ومن ثم فإن القضية لن تجلو حقيقتها o‏ 
للنصوص والأفكار الي تضمها هذا الكتاب » ومقارنتها بمؤلفات قاسم أ مين التي ليس 
هناك حلاف حول تأليفه لها ونسبتها إليه . . ونحن نعتقد أن السبيل لحسم هذه القضية 
رهن بعرض مجموعة من الحقائق نجملها فيها he‏ 
Of ae‏ كتاب الدوق الفرنسي داركور قد صدر سنة ۱۸۹۳ م . وقرأة ة قاسم أمين 
وشرع في كتابة الرد عليه في أواخر العام نفسه ‘ ثم صدر كتاب قاسم أمين في الرد عليه 
ا ل ley‏ صدر كتابه الثاني «تحرير المرأة) قرب منتصف سنة 
4 م . أي بعد نحو ست سنوات » فتصوير «تحرير المرأة» في صورة الاعتذار 
يجعل منه اعتذارً قد جاء متأخراً عن مناسيته الطبيعية مت سنوات ؟1. . وهذا يسقط 
قول الذين يقولون بذلك . . ويسقط أيضاً قول الذين يرون فيه تنفيذاً لأمر الأميرة نازلي 
إلى الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده . 


* وحتى إذا تجاوزنا عن مقتضيات المنطق , فإن مادة كتاب «تحرير المرأة» تقطع 
بأنه لم يكتب اعتذارا للأميرة نازلي هانم فاضل . . ذلك لأن القائلين بهذه الدعوى 
يقولون إنها غضبت من أمرين : الأول : هو رأي قاسم أ مين المؤيد للحجاب والمعادي 
للسفور » والثاني : هو تعريضه بالنساء المصريات المقلدات للافرنجيات . . ونحن إذا 
قرآنا «تحرير المرأة» بإمعان نجده يقف من هاتين القضيتين الموقف القديم نفسه » فليس 
هو إذن بالاعتذار عن هذا الموقف القديم . 

ففيم| يتعلق بالحجاب يقول الكاتب : ake‏ ا بوجه إجمالي 
في كتاب نشرته باللغة دان . . وبينت هناك أهم المزايا التي سمح لي المقام 
بذكرها . . ربما يتوهم ناظر أز a uate‏ له . لكن الحقيقة غير 


۹ 





ذلك » فإني لا 7 أدافع عن الحجاب واعتبره Sl‏ من أصول الآداب التى يلزم 
التمسك ما : غير نى أطلب أن يكون منطبقاً على ما جاء في الشريعة الإسلامية . . هو 
لو اس . كشف المرأة وجهها وكفيها . ونحن لا نريد 
أكثر من ذلك *©). فهو هنا لا يعنذر عن موقف قديم » فيغيره » بل يثبته ويداع عله ۰ 
ويزيده ا ا 

وفيها يتعلق بالموقف من المصريات المقلدات للنساء الافرنجيات لا يختلف موقف 
«تحرير المرأة) عن موقف قاسم أمين السابق فهو لا يزال whe‏ «التقليد الشكلي» الخالي 
من «المضمون المفيد» » ويسخر من النساء اللاتي «تظن الواحدة منبن أنها متى عرفت أن 
تقول : مارك سعيد باللغة الفرنساوية فقد فاقت أترابها وارتفع شأها وسما عقلها . ولا 
تتنازل بعد ذلك لأن تشتغل بعمل من الأعمال المنزلية » فتقضي حياتها في تلاوة أقاصيص 
وحکایات قل ما تفید ! إلا في إثارة صور من الخيالات تطوف بها وتتمثل ها عالاً لطيفا 
تسرح فيه طرفها وهي شاخحصة إلى دحان السيجارة التي تقبض علیها ٤"‏ »» فهو هنا لا 
يعتذر للمقلدات > وا يدافع عنہن . . ومن ثم فان مادته ونصوصه وأفكاره تبعده li‏ 
عن أن يكون اعتذاراً من قاسم أمين للأميرة نازلي هانم فاضل . 

ولكن تبقى قضية العلاقة بين الشيخ محمد عبده وهذا الكتاب , قائمة !! هل هو 
مؤلفه ؟ أم قاسم أمين ؟! أم أن الكتاب قد جاء ثمرة عمل مشترك منهما معأ ؟؟ وماذا 
يقول التحقيق العلمي للنصوص في هذا الموضوع الحام والخطير؟! 


1# د مد 
ASL ole tas OMe‏ 


والرأي الذي أؤمن به » والذي نبع من الدراسة ذه القضية » هو أن هذا 
الكتاب إنما جاء ثمرة لعمل مشترك بين كل من الشيخ محمد عبده وقاسم أمين . . وأن 
في هذا الكتاب عدة فصول قد كتبها الأستاذ الإمام وحده ‏ وعدة فصول أخرى كتبها 
قاسم phe © ond‏ الأستاذ الإمام الكتاب صياغته النبائية » بحييث جاء أسلوبه 





. طبعة القاهرة سنة 1158 م‎ . 5 » ٠١ > ٠٥٤ تحرير المرأة . ص‎ )٤۲( 
. ٤٥ المصدر السابق . ص‎ )٤١( 


55١ 





على نمط واحد هو أقرب إلى أسلوب محمد عبده منه إلى أسلوب قاسم أمين 

ولدينا على هذا الرأي مجموعة كبيرة من الأدلة . . يحسن أن نقدم بين يديها عدداً 
من القرائن نجملها في هذه النقاط : 

١-إن‏ نشر الكتب والمقالات والأبحاث بأسماء الغير» أو بالأساء المستعارة , 
کان أمراً كثير الشيوع في ذلك التاريخ » فجمال الدين الأفغاني كان ينشر أغلب أفكاره 
lub by a‏ تلاميذه » والشيخ محمد عبده كتب الكثر من المقالات بتوقيع «مؤرخ» 
و«عالم فاضل» . الخ .. وعبد الرحمن الكواكبي نشر فصول كتابه «طبائع الاستبداد» في 
«المؤيد) بدون توقيع ٠‏ ثم طبعه كتاباً ووضع عليه كلمة : «الرحالة : كع !! 

؟ - إن مبدأ اشتراك أكثر من مفكر في إنجاز عمل فكري واحد كان Lig pre‏ 
ومألوفاً ومطروقاً ٠‏ بل إن هناك ما يثبت أن قاسم أمين قد بذل محاولات للاستعانة بأحمد 
شفيق باشا في كتابة هذا الكتاب» فالأخيريكتب قائلاً: «. . . واختمرت فكرت تحرير المرأة 
0 وهم قاسم أمين بك بإخراج كتابه في هذا الصدد . 
وعرض علي أن أشاطره العمل » Gated‏ من تلبية طلبه سببان » ا : عملي الحكومي 
الذي لا يسمح لي بالتفرغ لمسألة أعلم أن تأليف كتاب فيها لا ينة ينتج الثمرة المرجوة › 
tt‏ يقبي بأن الأفكار لم تتهيأ بعد لقبول مثل هذه الدعوة9 4 , 

۳ في الكتاب الذي وضعته الدكتورة درية شفيق - بنت أحمد شفيق باشا- 
بالاشتراك مع الدكتور إبراهيم عبده عن «تطور النهضة النسائية في مصر» نقرأ صراحة أن 
الذي شارك قاسم أمين في هذا العمل هو الأستاذ الومام » يقول الكتاب : «أما الأمور 
le I‏ الشيخ محمد عبده من الناحية الدينية » فيا يختص بحقوق المرأة » فقد تناولها 
قاسم أمين بالبحث من الناحية الاجتماعية . وقد وجدت آراء قاسم أمين تأييداً تام 
عند الشيخ محمد عبده . وحدث في سنة ٠۸۹۷‏ م أن أ جتمع الأستاذ الإمام وسعد باشا 
زغلول ولطفي السيد وقاسم أمين في جنيف » وأخحذ الأخير يتلوعلى الإمام بعض فصول 
من كتابه عن تحرير المرأ ة فكان يوافق على ما فيها . وقيل إن بعض فقرات هذا الكتاب 
تنم عن أسلوب الشيخ محمد عبده نفسه2*؟») . 


(44) أعمالي بعد مذكراتي . POY Ge‏ . طبعة القاهرة سنة 114١‏ م . 
Go (£0)‏ 5505 . 4لا؟ . ۲۷١‏ .» طبعة القاهرة ١940‏ , 


1۲ 





٤‏ - وهذا «التقسيم للعمل» الذي يشير إليه الدكتور إبراهيم عبده والدكتورة درية 
شفيق بين محمد عبده وقاسم أمين » حيث تناول الأول القضية من الناحية الدينية » بين 
اختص الثاني بالناحية الاجتاعية . . هذا الأمر على جانب كبير من الأهمية . . فعلاوة 
على كونه الأمر الطبيعي المتفق مع ثقافة كل ما وتخصصه فإننا نجد الكتاب ‏ «تحرير 
المرأة» - محدد لنفسه هدفين عندما يقول : «. . تبين للقارىء مما سبق أن ما نريد إدخاله 
من الإصلاح في حالة النساء ينقسم إلى قسمين : قسم يختص بالعادات وطرق المعاملة 
والتربية .. والقسم الثاني يتعلق بدعوة أهل النظر في الشريعة الإسلامية والعارفين 
بأحكامها إلى مراعاة حاجات الأمة الإسلامية وضرورتها فيا يختص بالنساء» . 
وص 2١54‏ .. والدارس للكتاب في ضوء هله المؤثرات يرى أن الفصول التي كتبت 
فيه عن «الحجاب الشرعي» و«الزواج» و«تعدد الزوجات» و«الطلاق» هي بحوث فقهية 
لا يمكن أن يكتبها إلا إمام مجتهد في الإسلام » وليس في ذلك العصر من كان يستطيع 
ذلك سوى الأستاذ الإمام . بينا بقية فصول الكتاب هي أقرب إلى ثقافة قاسم أمين 
الاجتاعية » وأسلوبه في تناول القضايا والأمور . . وسيأتي تفصيل هذه القضية الهامة 
بعد قليل . 


ه ‏ ومن القرائن الدالة على أن الأبحاث التى تناولت هذه القضية من الناحية 
الدينية في الكتاب هي من إنشاء الأستاذ الإمام , ما نجده من التطابق في الأفكار بين ما 
جاء في «تحرير المرأة» وما كتبه الشيخ محمد عبده في (الوقائع المصرية) قديما » وقبل الثورة 
العرابية » وبالذات في شهر مارس سنة N‏ ففي العدد ه6١٠‏ من «الوقائع) 
الصادر في ۷ مارس سنة ۱۸۸١‏ م نجد له مقالا عئوانه (حاجة الإنسان إلى الزواج) 
يتحدث فيه عن «أن سعادة الإنسان في معيشته » بل صيانة وجوده في هذه الدار موقوفة 
على تقييد تلك الشهوة «الجنسية» بقانون يضبط استعع الها » ويضرب لها حدوداً يقف كل 
شخص عندها » وتوجب الاختصاص بين الزوج والزوجة» . وفي العدد التالي لذلك 
مباشرة يتحدث نحت عنوان (حكم الشريعة في تعدد الزوجات) . . يتحدث عن وجوب 
العدل بين الزوجات عند التعدد والزواج بأكثر من واحدة » «وإلا فلا يجوز الاقتران بغير 
واحدة» . . كا يتحدث عن أن الواقع المشاهد يقطع بعجز الإنسان عن تحقيق العدل 
اللطلوب » ويصل إلى المعاني التي نراها شديدة التحديد كثيرة الورود في الفصول التي 
كتبت في (تحرير المرأة) حول هذا الموضوع .. والذين يقرأون هذه المقالات » ثم 


wy 





يقارنون بينها وبين الصفحات ١0 ١7‏ من الكتاب يعلمون قدر هذه «القرينة» في 
الدلالة على دور الأستاذ الإمام في إنشاء بعض فصول هذا الكتاب . . 

وقرينة أخرى تتمثل في رأي الأستاذ الإمام في اشتغال الأميرة نازلي هانم 
فاضل بأمور السياسة » فهو يرى ذلك من عيوبها وأخطائها .. فيقول في حديث مع 
الشيخ رشيد رضا في سنة 1891 م : إن «هذه الأميرة قادرة على تأسيس عمل يفيد d‏ 
تبذيب البنات » فإن من حوها من الأميرات ينفقن نفقات كبيرة إمرافا وتبذيرا » ولو أنها 
حملتهن وأمثالمن من النساء الغنيات على إنشاء مدرسة لتربية البنات وتعليمهن » 
واستحضرت لمن معليات من الآستانة أو سوريا لكان خر عمل تعمله » وما كن 
ليخالفا » فإذا لم يأت بالفائدة المطلوبة كان غرساً أو بذراً تجني ثمرته ولو بعد حين» . . 
هذه القضية التي يثيرها الإمام قبل صدور (كتاب تحرير المرأة) بسنوات . هي التي 
نجدها في الكتاب محورا تعلق عليه الآمال في تنفيذ ما أشار به الكتاب من الإصلاح » 
وذلك عندما يتحدث الكتاب عن أن «أحسن طريقة لتنفيذ ما عرضناه في هذا الكتاب 
هي أن تؤسس جمعية» تتولى التعليم والتهذيب والتحرير للنساء المصريات؟) . 

-٠‏ ومن القرائن الدالة أيضاً في هذا الباب » موقف الأستاذ الإمام من الكتاب 
بعد صدوره » فلقد أيده ودافع عنه بطريقة غير مباشرة » وامتنع عن التعليق عليه أو 
المشاركة بشكل مباشر في المعارك التي دارت من حوله » وبالذات عندما أراد خصومه 
إحراجه وطلبوا منه أن يفتي ‏ بحكم منصبه الرسمي - في الموضوع . . 

أما دفاعه ‏ غير المباشر ‏ عن الكتاب فيتمثل 3 وقوف الشيخ رشيد رضا ومجلة 
(المنار) إلى جانب الكتاب . فلقد تناولت (المنار) الكتاب بالمدح والتقريظ في أكثر من 
مرة » واعتبرته مع (رسالة التوحيد) للأستاذ الإمام » و(سر تقدم الانجليز السكسونيين) 
الذي ترجمه فتحي زغلول أهم الأعيال الفكرية في ذلك العصر «المنار ١‏ يوليو ١849‏ م) 
كا تناولته بالثناء في عددي ١5‏ يوليوء و ١١‏ أغسطس من العام نفسه . 

ولقد أراد خصوم الشيخ محمد عبده إحراجه يومئذ فطلبوا منه أن يصدر فتوى في 
هذا الموضوع . وعندما صدر كتاب قاسم أمين (المرأة الجديدة) بعد عام من صدور 
(تحرير المرأة) طبع خصوم الإمام سؤالاً موجهاً إليه باسم أحد المواطنين ‏ محمد أفندي 


(45) ص 3256 1551. 


4 





عبده البابلي - يسأل فيه «هل رفع الحجاب عن المرأة » وإطلاقها في سبيل حريتها 
بالطريقة التي يريدها صاحب كتاب (المرأة الجديدة) يسمح به الشرع أم لا ؟؟). . 

وإمعاناً في الاحراج والاستفزاز طبعوا هذا السؤال ووزعوه على الجمهور في صورة 
كتاب مفتوح إلى المفتي . . بل وطبعوا «استلفاتا إلى هذا الكتاب المفتوح) .. ووزعوه 
كذلك على الجمهور . . ولكن الأستاذ الإمام ظل ملازماً للصمت إزاء هذه القضية التي 
كانت الشغل الشاغل للناس في ذلك الحين . . وتقدمت (المنار) للدفاع عن هذا 
الصمت » وساقت لتبريره عدداً من الادلة لا أراها إلا قرائن على العلاقة الإيجابية بين 
الأستاذ الإمام وهذا الكتاب . . فهي تقول في الاعتذار عن عدم إجابة الأستاذ الإمام 
على هذا السؤال : 

. إن الاستفتاء جاء على خلاف المعهود . بأن وزع على الجمهور‎ ١ 

۲ إن الجواب عليه يستلزم قراءة الكتاب . في حين أن المفتي مثقل بالأعمال ؟! 

۳ إن الفتوى لا يفهمها الناس إلا إذا قرأوا الكتاب » وهو ما يؤدي إلى نشر 
شررة» ذا کان ضارا ؟! 

5 - إن فتوى الإمام ستكون على المذهب الحنفي الذي عينته الحكومة ليفتي على 
أساسه ٠‏ في حين أن yan‏ المذاهب قد أباحت كشف المرأة لوجهها ويديها «وجواز 
معاملة الرجال في غير نخلوة . وهذا كل ما يطلبه (الكتاب) من إبطال الحجاب» ثم 
استطردت «المنار» لتقول : «.. كل هذا يدلنا على أن السائل أخطأ في السؤال . وأنه لا 
یلقی IF (EMU gm‏ 

وإذا كانت هذه القرائن كافية في ترجيح الحكم باشتراك الأستاذ الإمام في ASE‏ 
هذا الكتاب » فإن هناك اعتراضاً من بعض الباحثين على هذا الرأي .. يقولون إن 
أسلوب الكتاب هو لقاسم أمين ولیس للأستاذ الإمام .. ومن الضروري أن نناقش هذا 
الاعتراض » قبل تقديم الدليل القاطع على رأينا » من خلال عملية التحقيق والنقد 
لنص الكتاب ومقارنته بالكتابات الأخرى المقطوع بنسبتها لقاسم أمين . . 


# 6 





. ۱۹۰۱ فبراير سنة‎ ٦ عدد‎ )٤۷( 





منافشة اعتراض 

عندما مات قاسم أمين كتب المرحوم إبراهيم رمزي - صاحب مجلة «المرأة في 
الإسلام) كتب افتتاحية جريدة (الجريدة) تحت عنوان (مصابنا في الرجال) » فتناول 
قضيتنا هذه وقال : «ولقد كان الأستاذ الإمام وقاسم أمين صديقين حميمين » حتى مات 
كل منهها راضياً عن عمل الآخر . ولذلك قال الناس عند ظهور (تحريرة المرأة) : إن 
للإمام Lay‏ فيه . ونحن لا نعرف هذه الدعوى حقيقة » OY‏ أسلوب الإنشاء في الكتاب 
كان من أساليب قاسم (EMO‏ 


والأمر الذي ننكره نحن هو أن يكون «أسلوب الإنشاء في الكتاب من أساليب 
قاسم أمين الخاصة به» » لا لأن قاسم أمين لم يكن بحسن الكتابة باللغة العربية - كيا 
يزعم البعض - فلقد كان الرجل أديياً وكاتباً اجتاعياً ممتازاً > تشهد له بذلك مقالاته في 
(المؤيد) التى جمعت في كتابه ( أسباب ونتائج وحكم اغف alice Leal‏ 
(كلهات) . . وكذلك (المرأة المجديدة) الذي لم تش من حول نسبته إليه أية 
ON led‏ 

ونحن إذا أمعنا النظر في كتابات قاسم edd‏ ود اها ا ا الأسلوب 
الأدبي » فيها حلاوة وطلارة » وفيها Desh‏ شاعرية . . وهي صفات لا lato‏ أبداً 
عند الأستاذ الإمام » الذي نشعر ونحن نقرأ له أن العقل هو الذي يلقي إلينا بالجمل 
والكلات » فضلاً عن المعاني والمضامين . . كا نجد في كتابات قاسم أمين الخاصة به » 
وكذلك في الفصول التي نراها له في (تحرير المرأة) حديثاً ملحوظاً عن المجتمعات 
الغربية » وتأثره بها والمفكرين الغربيين » وقراءته لآثارهم » وإعجابه بنظرياتهم » 
وهي أشياء لا نلمحها أبدا عند الأستاذ الإمام . . كما أن هناك الكثير من القضايا 
الفكرية » التي يرتبط بها نمط مميز ومتميز من أنماط التعبير» ‏ والتي لا يتسع لما هذا 
لمقام - هناك الكثر من هذه القضايا والأساليب نجدها في كتابات قاسم أمين jas‏ 3 
لأسلوبه من أسلوب الإمام محمد عبده ومميزة كذلك لأسلوبه عن الأسلوب الذي كيب به 
(تحرير المرأة) . . والذين يقرأون ف كتابه «كليات) عن علاقة الشر والخير بالإنسان » 


(4۸) الحريدة . في ۲۳ فبرایر سنة ۱۹۰۸ م . 
(49) لقد قمنا بنشر [الأعمال الكاملة لقاسم أمين] وصدرت طبعتها الثانية بالقاهرة سئة 1989 م . 


۲٦ 





وعن فكرة الخطيئة الأولى للإنسان » وعن أسباب انحطاط الأمة المصرية » وعلاقة 
تأحرها بتأحر الفنون الحميلة والتمثيل والتصوير والموسيقى.. الخ.. الخ. . يدركون أنهم 
بإزاء كاتب متميز في الفكر والأسلوب عن الأستاذ الومام في كثير من القضايا » وفي كل 
أغاط التعبير('*» . ويدركون كذلك معنى قولنا أن الصياغة الہائية والامالية لكتاب 
(تحرير المرأة) هي من صنع الأستاذ الإمام » وأن الكثير من فصوله إنما هي من تفكير 
قاسم أمين 
F‏ ا د 

ظرة نفدية من داخل النصوص 

والآن . . يمكننا أن نقدم الدليل الذي نراه قاطعاً على أن فصول (الحجاب 
الشرعي) و(الزواج) و(تعدد الزوجات) و(الطلاق) في كتاب (تحرير المرأة) إنما هي فكر 
galls‏ وصياغة خالصة للأستاذ الإمام .. وذلك من خلال نظرة نقدية ودراسة 
موضوعية لنصوص هذه الفصول مع مقارنة بينها وبين بعض فصول من كتاب قاسم 
أمين (المرأة الحديدة) » وعلى ضوء ما هو معروف للجميع من الخصائص الفكرية 
والثقافية وطبيعة الاهتهامات التي يتميز بها كل من الرجلين عن صاحبه . 

ففي not)‏ المرأة) « وبالذات 3 الفصول التي تتلاول وجهة Fane‏ 
والدين ¢ 3 oda‏ الفصول نلتقي بمجموعة من el) VI‏ الفقهية والمناقشات Y‏ يستطيع أن 
يبحثها ولا أن يستخلصها كاتب مثل قاسم أمين . . بل وأهم من ذلك نجد أحكاما 
كلية تدل على أن صاحبها ومصدرها قد استقصى بحث هذا الأمر في جميع مصادره 
الرئيسية في الفكر الإسلامي على اختلاف مذاهبه وتياراته الفكرية » وهو الأمر الذي لا 
نعتقد أنه قد توافر في ذلك العصر سوى لقلة قليلة في مقدمتهم جميعاً الأستاذ الإمام . . 
ونحن نستطيع أن نضع يدنا على هذه الأمثلة إذا نحن » مثلا » رأينا : 

في ص ٠١‏ يصدر حكاً قاطعاً على المسائل التي ميز فيها الشرع الرجال على 
النساء , فيقول : اوم أر إلا مسألة واحدة ميز الشرع فيها الرجال على النساء ٠‏ وهي 
تعدد الزوجات» وهو حكم لا يصدره إلا من استقصى البحث d‏ هذا ا موضوع 1 


(:5) كليات ص 4 6 YE › ۱١‏ ۳۷ ۳۸ . طبعة القاهرة سنة ۱۹١۸‏ م . 


YAY 





وفي ص ٠٤‏ يقول : «واتفق أئمة المذاهب . . على أنه يجوز للخاطب أن ينظر 
إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها . .». . وهو حكم لا يتأق إلا من مفكر اطلع ودرس 
واستقصى ما كتبه أئمة المذاهب . كل المذاهب . في الإسلام . 

وفي ص 1۷ وما بعدها يتحدث عن «الحجاب» الذي ورد حديث القرآن عنه . 
فيقسمه إلى حجاب خاص بنساء النبي » وآخخر عام لنساء المسلمين » ويورد نصوص 
كل قسم » سواء ما جاء منها في القرآن أو السنة النبوية . . وهو يتناول هذه القضية 
بمستوى المفكرين المجتهدين وليس فقط بمستوى الدارسين أو الهواة . . 

WA Ge dy‏ » بصدد حديثه عن النصوص التي وردت في الحجاب . والخاصة 
بنساء النبي كَلْةٌ » يصدر مثل هذا الحكم القاطع فيقول : «ولا يوجد اختلاف في جميع 
كتب الفقه من أي مذهب كانت » ولا في كتب التفاسير في أن هذه النصوص الشريفة 
هي خاصة بنساء النبي) . peel per Nk E Cet Crh‏ 
الإحاطة الشاملة ؟؟ لا أعتقد أنه قاسم أمين . . . ولا أظنه إلا الأستاذ الإمام . 

وفي ص 1١١‏ نطالع مشل هذا القطع في الحكم . بناء على اتساع الاطلاع 
وشموله . فنقرأ قوله : «إن نظر المرأة المخطوبة مباح لخاطبها . .) 

وفي ص ١4١‏ يناقش قضية الطلاق مناقشة مفكر مجتهد . ويتحدث فيها عن 
ا . ثم يقول : «إن شرعنا الشريف قد وضع أ أصلا هاماً يجب 
أن ترد إليه جميع الفروع في أحكام الطلاق » وهو أن الطلاق محظور في نفسه مباح 
او 

وفي ص ١47‏ يواصل الحديث عن الطلاق » فنقرأ له حديثاً يدل على مستوى من 
العلم والإحاطة بمصادر الفكر الإسلامي لا يتوافر إلا لقلة قليلة » مثل أن يقول : إن 
«المطلع على كتب الفقه وإن كان يجد أن جميع الأئمة قد نظروا على العموم إلى أن هذا 
ا 0 إليه الإمكان , لكنه لا 

بد أن يلاحظ أيضا أم لم يراعوا في التفريع تطبيق هذا الأصل على طريقة واحدة 

igus‏ ويرى أن الفقهاء من أتباع الأئمة قد eS‏ الطلاق » ولم تطرد 
طريقتهم على وتيرة واحدة في تطبيق الأحكام على الوقائع . . . فهو حكم مفكر أحاط 
بما قدمه أئمة المذاهب .. اا ا فر الفقهاء من تام الأئمة من أحكام » 


۸ 





ك| أحاط بالتطبيقات التي أجروها لهذه الأحكام على الوقائع وما ننج عن ذلك من 
تفريعات . . فأين قاسم أمين من مثل هذه الميادين ؟ !. 

وني ص ٠٤٤‏ » وهو يتحدث عن الطلاق كذلك . نجده يقارن بين المذاهمب 
الفقهية > ویستخدم عبارات مثل : و«اتفق اغلب المذاهب ...» الخ . . الخ . . نما 
له دلالة في هذا الميدان . 

* 4 & 

وأمر آخخر جدير بالملاحظة في كتاب (تحرير المرأة) » وبالذات في الفصول التي 
نراها من إنشاء الأستاذ الإمام » وهو كثرة a‏ الأحوذة عن أمهات الكتب في 
الفقه الإسلامي . والتي لا نعتقد أن ثقافة قاسم أمين الشرعية قد بلغت حتى مجرد 
معرفة أسماء مثل هذه المؤلفات ولا هؤلاء المؤلفين » فضلا عن الغوص فيها » والاقتباس 
عنها » وتوثيق النصوص المقتبسة بذكر اسم المرجع ورقم الجزء ورقم الصفحة في صلب 
نص الكتاب وفي هوامشه كرا يصنع كبار المحققين .. ويكفي هنا أن نشير إلى أسماء 
بعض الكتب وبعض المؤلفين ليعلم القارىء من صاحب هذا الجهد ومن هو فارس هذا 
الميدان . 

فهو ينقل عن الإمام الغزالي . . وعن (حواشي ابن عابدين) .. وعن (كتاب 
الروض) في المذاهب الشافعي .. وعن كتاب (تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق) 
dled‏ بن علي الزيلعي . . وعن (كتاب حسن الأسوة) للسيد محمد صديق حسن خان 
بهادر . . وعن (تاريخ الرسل والملوك) للطبري . . وعن تفسير الطبري .. الخ . 
الخ . . وفي عشرات النصوص التي يقتبسها من هذه المصادر الأصلية في الفقه والفكر 
الإسلامي يوثقها بذكر الجزء والصفحة واسم المصدر الذي رجع إليه » ويضع النصوص 
بين الأقواس . وإلى جانب ذلك يورد من القصص الإسلامي . وأخبار النساء في صدر 
الإسلام ما يدعم وجهة النظر التي يقدمها . 

فإذا ما انتقلنا إلى كتاب «المرأ ة الجديدة) القطوع ب بنسبته إلى قاسم أمين مين لا تطالعنا 
هذه المباحث الفقهية الإسلامية » بل ونجد بدلا من TT‏ وغاذج 
النساء العربيات المسليات ؛ نجد بدلا من ذلك أسماء المفكرين والكتاب الغربيين مثل 
«هيرودوت» المؤرخ .. والسياسي الأمريكي ا شامب» » وخلفه «جون 


۲۹ 





هويت) .. والقاضى الأمريكي «جون لينجمان» . . والكاتب الفسرنسي SS gas)‏ 
بورجيه) . . والقانوتي «كوندو روسيه» . . والأساتذة والشعراء والفلاسفة والكتاب 
«(فرشلو» . . و«مانتشجازا» . . و«فلوري» .. و«سيلمس).. و«شيلر)». 
و«روسو» . . و«فللون» . . و«لامارتین» . . و«بول دروزيه» . . و«افلاطون» .. 
و«سبئسر) . . و(أدمون ديمولان». . و«استوارت ميل» . . الخ .. الخ .. 

ومن أساء السيدات الغربيات تطالعنا أسماء السيدات : «غوردون» » ودكاري 
رینار» » و«ستون» » و«ماریه متشل» » و«کارولین هرشل» و«تريز دوبافير» » و«صوفي 
جرمين» » والمركيزة «دو شاتليه» > و«کلمنس رویه» » و«مدام استیل» » و«مدام 
تارنوسكي) » و«مدام لافايت» » واجورج سند» » وزوجة «باستور» » وبنت «لبروزو) 
> وبنت «لارك) . . الخ fi‏ الخ Ae‏ 

وهي أسماء تعكس ثقافة قاسم أمين واهتم|ماته . وتميز هذه الثقافة والاهتمامات 
عن مثيلاتها عند الأستاذ الإمام . . وتجعل من عملية استقراء النصوص المودعة في كل 
من الكتابين (تحرير المرأة) و(المرأة الجديدة) الطريقة المثلى والعلمية في تمييز ما لهذا وما 
لذاك في هذا الإنتاج الفكري . . 

وملاحظة أخيرة > نستخلصها من هذه المقارنة » تتعلق بالفكر والمدى الذي 
يقدمه كل من الكتابين بصدد الحديث عن حرية المرأة المصرية والشرقية » ففي (تحرير 
امرأة) - الذي ترك الأستاذ الإمام على مجموعة بصمات فكره » وأنشأ بعض فصوله » 
يقف في مطلب المساواة بين المرأة والرجل في التعليم عند التعليم الابتدائي » كما قدمنا , 
أما في (المرأة الجديدة) OB‏ قاسم أمين يطلب المساواة التامة في هذا الميدان » فيقول عن 
التربية : إننا ولا نجد من الصواب أن تنقص تربية المرأة عن تربية الرجل*» . 
ولذلك نجده يرتب على ذلك تحبيذ اشتغال المرأة بالحياة العامة وانخراطها في سلكها » - 
على الرغم من قوله في ص ۲١‏ : إن هذا الموضوع «مما لا يدل تحت مطالبنا في هذا 
الكتاب ..)- فهو يطلب في ص ٠١5 . ٠١5١‏ أن تتقن المرأة على الأقل حرفتين 
أساسيتين » وأن تحترفهها » وهما : حرفة صناعة الأطفال » وحرفة صناعة الطب . . 
وهو تعليم عال وجامعي » وانخراط في سلك الحياة العامة كانخراط الرجال . . وهو 





)6١(‏ ص ۱۵١۷‏ . طبعة القاهرة سنة ۱ م. 


۷۰ 





إذا ما اضيف إلى تموذج المرأة الغربية التي زخر الكتاب بضرب الأمثلة عن غزوها 
لمختلف مجالات العلم والعمل التي يعمل فيها الرجال .. إذا ما لاحظنا ذلك بدت 
أمامنا الفروق واضحة بين فكر الكتابين . . وهي فروق لا يصح أن تعزي إلى تطور فكر 
قاسم أمين خلال عام واحد هو الذي يفصل بين صدور الكتابين . . وإ نما يجب أن 

إلى الفروق بين موقف كل من الرجلين من تلك القضية . . موقف الأستاذ 
الإمام » وموقف قاسم أمين 

وأخيراً . . فإذا كان المستوى الحضاري المتقدم الذي بلغته المرأة المصرية اليوم » 
يعود البعض بفضله كله إلى قاسم أمين » فإننا نرجو أن يكون جلاء العلاقة التي كانت 
بين الأستاذ الإمام وكتاب «تحرير المرأة» بداية تلفت أنظارنا جميعاً إلى فضل هذا الرجل 
في هذا الميدان . . وموذجاً لنوع الواجبات الفكرية الملقاة على عاتقنا نحو جلاء العلاقة 
التي كانت بين الأستاذ الإمام وكتاب «تحرير tly afl‏ تلفت انار جع إل فل 
هذا الرجل في هذا الميدان . . وخا لنوع الواجبات الفكرية الملقاة على عاتقنا نحو 
جلاء الصفحات الغامضة في فكرنا العربي الحديث . . حتى ينسب الفضل لأصحابه › 
وترتفع الأحكام المتسرعة والظالمة عن هؤلاء الرواد والأعلام . 

د فك 

وإذا كانت هذه هي أهم السلبيات والعيوب التي شابت وداخلت الجهود التي 
بذلت في حقل تراث الأستاذ ٠ sh‏ والتي قامت بها تلك اللجنة التي كونها سعد 
زغلول باشا عقب وفاة ال مام > ثم استمر عملها تجسداً ا في جهود الشيخ رشيد 
رضا لسنوات عديدة في هذا الميدان . . فإِن الجهرد الفردية الأخرى الي بذلت في نفس 
الميدان قد شابتها هي الأخرى وأصابتها هذه السلبيات والعيوب . وكأمثلة لذلك نقدم . 
بعض النماذج : 

١‏ ذلك الكتاب الذي صدر في سنة 1978 م باسم (الإسلام والرد على منتقديه) 
فعلى غلافه نجد القول بأنه : بقلم الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده » وفي داخله نجد 
فصولا للإمام » وأخرى لفريد وجدي . وثالئة للقاضي أمير علي » ورابعة للنواب 
المعظم مهدي علي خان محمسن الملك بهادر . . الخ .. الخ . . ولكن الأهم من ذلك أن 
بعض ما نسب للإمام في هذا الكتاب ليس هو مما كتب الإمام » فإذا نحن حققنا نصه 
ويجدناه جزءاً من (رسالة الرد على الدهريين) لجال الدين الأفغاني ! 


YV\ 





¥ ومقال (التعصب) الذي كتبه الأفغاني في (العروة الوثقى) نجد إحدى دور 
النشر تنشره في كتيب مستقل سنة 1918 م باسم الأستاذ الإمام » مع تقديم لأحد 
المشايخ العلماء9 ”© ؟!. . وهكذا انساقت أغلب الجهود الفردية التي عملت بهذا الحقل 
في طريق الخلط والاختلاط الذي لازم تراث الأستاذ الإمام منذ بدأت حركة الاهتمام 
ببعض جوانبه بعد وفأته » وحتى هذا التاريخ . 
¥ #*% * 


وإذا نحن شئنا أن نضرب الأمثلة على ضرورة هذا التحقيق لهذه الأعمال 
وجدواه » وخحاصة في يتعلق بتصحيح الأحكام والاستنتاجات التي اكتسبت الخطأ بفعل 
UY bots‏ الفكرية مؤلاء الأعلام فإننا نجد الكثير من هذه الأمثلة . . ولكننا نكتفي 
هنا بأمثلة ثلاثة اخترناها من كتابات ثلاثة من الأساتذة الباحثين هم بلا شك في الدائرة 
المؤثرة في حركتنا الفكرية والثقافية » وهم الأساتذة : الدكتور محمد البهي» والدكتور 
اع حلت الله وال کون لان دا 


ففي كتاب الدكتور محمد البهى (الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعار 
الغري) نجده يقنبس مقالاً كبيراً عن «القضاء والقدر» يستغرق في كتابه من 
uP‏ ۰ حتى ص ٠۳۳‏ » وينسب هذا المقال إلى الأستاذ الإمام .. على حين أن هذا 
المقال هو للأفغانٍ » نشره في (العروة الوثقى) وأكد في (الخاطرات) التي أملاها على 
تابعه ومريده محمد باشا المخزومي أنه هو كاتبه في (العروة الوثقى) » بل ولقد نشر هذا 
المقال بمصر باسم الأفغاني كذيل لرسالة (الرد على الدهريين) .. ومع ذلك ينسب 
الدكتور البهى هذا المقال للأستاذ الإمام » ويستشهد به على فكره في «القضاء 
(OM) sadly‏ 





(۵۲) انظر مقال (التعصب) في الأعمال الكاملة لجال الدين GUM‏ ص 7٠١ "0١‏ وفي مجموعة 
(العروة الوثقى) ص ٠١١-85‏ وقارنه بالكتيب الذي أشرنا إليه طبعة (مكتب نشر الثقافة 
الإسلامية » بالقاهرة » بتقديم «العالم الفاضل الشيخ محمد فؤاد منقار الطرابلسي») er‏ 

bl (or‏ كتاب الدكتور البهى (الفكر الإسلامي الحديث » وصلته بالاستعمار الغربي) 
ص ١١0‏ 1878 الطبعة الثانية سئة ٠113م‏ . وانظر مقال (القضاء والقدر) للأفغاني في 
جموعة (العروة الوثقى) ص ۱١۲‏ ۱۷ طبعة القاهرة سنه ۲۷ ۱۹ م“ dy‏ ديل رسالة (الرد 
عل الدهريين) ص ٩٦ ۸١‏ طبعة القاهرة الرابعة سنة ۱۳۲۴ ه سنة ۱۹۱٤‏ م > وي عنوانه = 


YVY 





ويزيد من خطورة هذا اللبس أن الدكتور البهى يقول : إن هذا النص قد جاء في 
رد الأستاذ الإمام على «هانوتو» » وهو كلام غير صحيح » لعل سببه تشابه بعض 
الألفاظ والعبارات . . . ففي الرد على هانوتو يقول الأستاذ الإمام : 

«وجد بين المسلمين طائفة تعرف بال جحبرية » ولكنها كانت ضعيفة ضثيلة » يقذفها 
الحق » ويطردها العقل . وينبذها الدين » حتى انقرضت بعد ظهورها بقليل » ولم تبق 
بينهم بقاء «التوميين» بين النصارى . وغلب على المسلمين مذهب التوسط بين المسبر 
والاختيار » وهو مذهب الجحد والعمل وصدق الإيمان » وأخذه عن المسلمين في أخحريات 
الأيام أهل النظر من النصرانية » مثل «بوسيه» ومن مال ميله » وتبعهم الجمهور الأعظم 
مهم . .» ثم مضي الرجل إلى غير الموضوع . ْ 

أما عبارة الأفغاني فهي : 

«نعم . . كان بين المسلمين طائفة تسمئى بالجبرية » ذهبت إلى أن الإنسان مضطر 
في جميع أفعاله اضطراراً لا يشوبه اختيار » وزعمت أن لا فرق بين أن يحرك الشخص 
فكه للأكل والمضغ وبين أن يتحرك بقفقفة البرد عند شدته » ومذهب هذه الطائفة يعده 
المسلمون من منازع السفسطة الفاسدة . وقد انقرض أرباب هذا المذهب في أواخحر 
القرن الرابع من الهجرة » ولم يبق همم أثر . وليس الاعتقاد بالقضاء والقدر هو عين 
الاعتقاد بالجبر » ولا من مقتضيات ذلك الاعتقاد ما ظنه أولئك الواهمون ECD‏ 
ثم مضي الرجل في الموضوع . 

والذي خلفه لنا الأستاذ الإمام في القضاء والقدر غير هذا الاقتباس من الرد على 
هانوتو » هو ما كتبه في رسالة التوحيد » وفي التفسير للقرآن » وكلمات من خطبة ألقاها 
مكتوب (رسالة في القضاء والقدر للسيد جمال الدين الحسيني الأفغاني) » وانظره كذلك في 
(الأعمال الكاملة لجمال الدين الأفغاني) ص 188-1١8١‏ طبعة القاهرة سنة ١914‏ مء وانظر 
كذلك (خاطرات الأفغاني) التي حدد فيها أنه صاحب هذا المقال . طبعة المطبعة العلمية ليوسيف 
صادر ببيروت سنة 191١‏ م . 
ر٤‏ م انظره في الجزء الثالث من هذه الأعمال » وفي تاريخ الأستاذ الإمام ج ' ص "40 » الطبعة 

الأول . 
(05) انظره في (الأعمال الكاملة حال الدين الأفغاني) وني (مجموعة العروة الوثقى) وفي ذيل رسالة 

(الرد على الدهريين) بالصفحات التي أشرنا إليها من قبل . . 


Yvr 





في حفل لمدارس الجمعية الإسلامية . . وهي نصوص لا صلة لا بما اقتبسه الدكتور 
البهى من الأفغاني ونسبه إلى الأستاذ الإمام ؟! . 
ا و 
أما اللبس الذي وقع فيه الاستاذ الدكتور محمد أحمد خلف الله » فنعني به ما جاء 
في كتابه (هكذا يبنى الإسلام) » عندما لسب تفسير الأستاذ امام ay‏ النساء 
T1۲‏ «إليس بأمانيكم ولا ا ا 
٠‏ من دون الله ولياً ولا نصيراً . ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن 
فأولنك يخلون Vy tl‏ يظلمون lpi‏ عندما نسب تفسير الإمام لهاتين الآيتين 
وتعليقاته عليها إلى صاحب «المنار» . . فنسب بذلك فكرا اجتاعيا قال به الأستاذ الإمام 
إلى الشيخ رشيد Obs‏ 
F#  #‏ ا 
أما مثال اللبس والخلط الذي وقع فيه الور تلان دنيا فيتمثل في إغادته نشر 
(التعليقات على شرح الدواني للعقائد العضدية) ناسباً | إياها للشيخ محمد عبده . « Lilies‏ 
ها بدراسة حمل الرجل وعقيدته فيها ما لا يصح أن يتحمل « و J‏ > 
الإشارة إلى الاتهام في العقيدة بسبب نص ليس له .. . وذلك على الرغم من أنه قد 
تب على غلاف الکتاب آنه قد «حققه وقدم له ) !! 
ونحن لا نريد أن نتعرض لأحكامه على عقيدة صاحب النص » فهو نص فلسفي 
ناوله الدكتور دنيا من موقع الفقهاء وحاكمه بمعاييرهم .. ووجهة نظره تصح إذا كان 
الإسلام هو فقط فهم الفقهاء لأصول الإسلام .. نحن لا نريد التعرض لصلب 


ash (0)‏ كتاب الدكتور خلف الله (هكذا يبنى الإسلام) ص 0١ . 5٠‏ طبعة القاهرة سنة ۱۹۷١‏ م 
وقارنه بالحزء الخامس من تفسر المنار ص ٤۳۲‏ وما بعدها » الطبعة الأول سئة ١58‏ ه . . 

(01) ولقد عنون الدكتور سلبان دنيا هذا الكتاب الذي قدمه في قسمين بعنوان من عنده هو (الشيخ 
محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين) 5 فيه نصوص «العضد» و«الدواني» والتعليقات على 
الدواني . أما «الهوامش» التي سبق أن أثبتنا أا هي وحدها التى للإمام في هذا النص فلقد 
أفردها 3 ا الكتاب وقال إا نصوص إضافية كتبها الإمام عندما أعاد النظر في التعليقات . 
ولم يتنبه إلى أن الإمام يعلق على نص يتحدث عن صاحبه بضمير الغائب » ويرمي رأيه أحياناً 
«بالزعم» . . إلخ ما قدمنا عند تحقيقق نسبة هذا النص إلى جمال الدين . 


V4 





القضية . وَإِنما فقط نضرب مثلاً للبس الذي وقع فيه نفر له وزنه من الكتاب والباحثين 
قدرة ودربة على البحث وتمييز النصوص ؟؟! 
فهى إذاً قضية هامة تستحق ما بذلنا ونبذل في سبيلها من جهد وعناء . . 
¥ # 


ولذلك فنحن نستطيع أن نقول : إنه للمرة الأولى في تاريخ هذه المدرسة الفكرية 
الشديدة التأثير في عقل الشرق وتكوينه » حسمث القضايا المثارة حول نسبة النصوص 
التي انتجها كل من جال الدين الأفغاني » ومد عبده . . ثم رشيد رضا فيا يتعلق 
بالتفسير للقرآن . وأيضاً سعد زغلول وعبد الله نديم بالنسبة لبعض النصوص » وهو 
أمر نعتقد أنه سيعيد إلى كل منهم » وبالذات الأفغاني ومحمد عبده الأصلية 
وقسم|اته الأساسية وصفاته المميزة له محددة كاملة غير منقوصة . نه سيكون 
السبيل لاناء ذلك الخلط والاختلاط الذي Ts‏ 
زمنية قاربت القرن من الزمان . 

إن وضع الأعمال الكاملة لأعلام اليقظة العربية الإسلامية الحديثة » بين يدي 
الباحثين والمفكرين والقراء ‏ بعد جمعها وتحقيقها والتقديم بين يديها ‏ هو إسهام ‏ نحمد 
الله على أن وفقنا إليه - يعبض بدور رائد في ترشيد حركتنا الفكرية » وفي توجيه نبضتنا 
الحديثة إلى صراطها المستقيم . . . ففكر هؤلاء الأعلام ‏ وني مقدمتهم الأستاذ الإمام 
ليس قطعة عزيزة ونفيسة من تاريخ تراثنا الحديث » فحسب » وإبما هو طاقة فكر؛ 
مبدعة وخلاقة » ومستمرة في العطاء والتأثير . . . إنه كتيبة مناضلة في سبيل تجديد 
«دين» المسلمين » الذي لا سبيل سواه لتجديد «دنيا) هؤلاء المسلمين ؟!.. 

فحمداً لله الذي وفقنا هذا . . . فمنه نستمد العون والسداد والرشاد ؟ 

دكتور محمد عمارة 


Converted by Tiff Combine 








¥ 


Converted by Tiff Combine 





od ey 
dere cht | Sh 


5 
3 
عم‎ 
ah 


taal رہ ار‎ Lays pet ple Badan NG ce a Oe Lb adh 





“oes uh LB eg eh 7 3 2000 وترو‎ ue ر ر‎ seit ی‎ 
wipro pies ازا ورن دا لور‎ © ply Woe ous 
¢ dere 0 
i.” ‘filer ee! of ODM perme lee ادلی ال راع عار‎ Veh Owes 
nee E aa اغا زرا بزب اد زوع‎ Hires sean Eclat 


aS a a 5‏ راط مسر زكر ره لكل مره بهل 


ر ارا رجالا ره ريه AIP‏ 

ae 1‏ ربط TMA Net an Yaa hy sate ka‏ يمن late bere stad! cent‏ ی 

be ign weet LD هزه‎ tad نزي تاي مف ما کک بيت‎ te: 
A e IW capt Pitt le ad Gt ee baat ae 


٤ 


2 شتريت ر و lt Stas,‏ م پاد کیرک اب مر ار ا 

Bra.‏ و ZI 2l pr ce‏ مړو ب 

Pie kb ay كيت لساري علد كه لاي نعم ست وت‎ ee 
11000001 “Bahl tS Aw Yass tee i tec neal shiloh teeta zl 

Ms Ut ett ee ay eM tect aad hie thes nar bas عاك وليه‎ 35 

9 Gut PAE Moree مامت ابر هل‎ ee ی ا‎ ea. . 

0 kar 


pies aH 


ye i t: Ge co ett Sooke شن‎ ae: ره ر من عر اماي مدت و‎ Nag بام برقم‎ 9 
OE e وعراس اوس ارا‎ abate sey ill adhe 
EE e ee 
ib ytd by 


apt Re Bea Wika 





صورة زنكغرافية لصفحة من مفكرة الأحداث العرابية التي دون فيها الأستاذ الإمام بخطه يومياته عن 
الثورة العرابية . . وهذه الصفحة عن «سلطان باشا» . 


"4 


| 


رة رد را 
فوظ بمتمحة 


2 
* 


43 


لرسالة الأستا 


د 


٠ 


الا 


YAs 


تولستوي بموسكو (رقم (OLY‏ 


مام إلى المفكر 


7 


الروسى الكونت ليون مصورة عن الأصل 


0 
gt Bak :‏ السو اي 
دوم سوست 


2 


a 
#» 


he FRR ESS 
MERA GT BFE 
Pay ey تي‎ 
AE. 


کر یه ورود 


0 


و 


ا 


Yo * 


d by registered version 





2 
5 
® 
3 
E 
a 
8 
3 
0 
2 
a 
ع‎ 
6 
o 




















8 - . 
“bal! 7 pe 
لعشا يبعا لم‎ wipe fool نياع ادن‎ 
yl 
eee Nauk, : 
لر‎ Y's abe ont a ازاز الات‎ iu, r وات‎ FT Ay ee 


6 
ay A Up Le eee te‏ ولیس مر رمالل اردع نا ارعن رر 


iD"‏ م 


0 س 
Ly " 7‏ م dd,‏ 3 ان امرك ين a 7 bes a,‏ م سم is ees‏ 
ws Ze 4‏ س الاس 
ار کک ا e‏ 
bly‏ اكلام 
و وان 1 A,‏ 1 ا ا ال ليس pti‏ 
21 نايسن 


5 Me ibe Hoon ol | 
| iy flags نامر قله ل رات رھ‎ (be be ip! 


راع" .#4 


bel Pic Lyle jis‏ ممم طرق مانا رسع ل 


Bega) OF oj 


oo) 
Mn 


زد 
oe 24 Lyn,‏ 


oF AY 


4 
/ : 
او‎ TE لراک‎ SIE, شا امه‎ ooo) Veo, 
ee et AIA مہا‎ og stn 
“ ee ل ولو اوا وك‎ Ge 
4 Udy Clty دقل‎ hey ص‎ 


القن 1ل سار Laas Sth‏ 
ay ! 7 Ube‏ زمن') pyle,‏ من ملم الك 
و bony, Oe Lo bu‏ ومو ما مر اير امل 


42 
علدا * ا ابر لاسا ا ود < وکنا ات دمر بسر سر کا اسا سرن ن مر 


ع لاعف سيم م 


ب وکر زت رک رتبار CEH ALY ORG‏ 


+ مر 






june ee eee ae سبتمير سلة‎ 
. [الأعلام]‎ 


YA\ 





اهارق رزة الماح تؤغز قا اناده (العبارما برقم راد U's spas‏ 
لخم زعا وضعو لوا رار Taba sy eps ope‏ 
ألم عالق مامالل ادم اذهام سكالا 3 
سے وا سیدنت ایند لرا انو شق Sab‏ “مسي لصم 





» من خطه ؛ وهو في الثالئة والعشرين من عمره» في اية جلد ضخم محتوي على كتابين‎ co 
أحدها «شرح هياكل النور» والثاني «تجريد العقائد» كلاهما بخطه . ويلاحظ في السطر الأخر : «سنة‎ 
أراد أن كشب «ومثنین» ضسبقه قلمه. . (وهو من محفوظات خر الدين‎ cd, نسع وثمانين‎ 
٠ . الزركلي. نشر صورته في [الأعلام]‎ 


Vi" 7‏ 2 
ونب ]رب اران ال سيم لل م ولا الا مر ثرا يع ان سرن بوا 
وز چا غلاا ر ن he‏ یرد بل اندر E‏ 
ا ليسي كا مز ب ماعط الي لداع واک نالا رل ورارتادالی نا۰ 


S068 yd av ول مو‎ chee ie ike pede VN aly obs 


( رقب‎ Geet 


aoe 





عن مجلة (المنار) 

صورة زنكغرافية لكلمة كتبها الأستاذ الإمام عن نجلة (المنار) ووجهها إلى صاحب (المثار) الشيخ 
محمد رشيد رضا . . ونصها : 

«وهب لم يرد في القرآن إلا متعدياً باللام ولا أحب أن أُخالفه ولو إلى صحيح . 
الناس في عماية عن المنافع . وني انكباب على الضار » فلا تعجب إذا لم يسرعوا 
بالاشتراك في المنار » فإن الرغبة في المنار تقوى بقوة الميل إلى تغيير الحاضر , بما هوأ 
للآجل » وأعون على الخلاص من شر الغابر ولا يزال ذلك الميل في الأغنياء قليلا 
والفقراء لا يستطيعون إلى البذل سبيلاً. ولكن ذلك لا يضعف الأمل في نجاح العمل» . 


YAY 





ANY A ےا‎ 





'صورة زنكغرافية لكلمة طلب فيها الأستاذ الإمام من الشيخ رشيد رضا أن يشتغل بتأليف كتاب أو 
كتابين في العقائد والعبادات لمدارس (الجمعية الخبرية الإسلامية) .. وفوق كلمة الأستاذ الإمام ‏ 
وهي بخطه ‏ صورة كلمة بنفس المعنى كتبها حسن باشا عاصم وكيل الجمعية الخيرية الإسلامية . 


YAY 


Converted by Tiff Combine 








صور تلكارية للأستاذ الامام 


YAo 


Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 








الشيخ محمد عبده في بيروت سنة ۱۸۸۳ م 


YAV 


Converted by Tiff Combine 








a)‏ محمد عبده في لندن سئة 1884 م 


YAA 





CUNY 


ve 
7 
ID 
. 


nate 
wg 


} 
1 ate 
Ve Kee 
vi RS 


aan 

1 9 
8 0 
N 4 


00 
0 


se 


3 


= 


Be 


= 


ie 


1 
ue 04 

trig 1 e e Rp TAs 

CE MN 7 EL 3 SE Cay 

ig RS, ر‎ N 0 Ee N 





YAS 


Converted by Tiff Combine 








الشيخ محمد عبده في سويسرة 
واضعاً يده على ابن وبنت لأستاذه السويسرى 


v4: 


Converted by Tiff Combine 





aes 


sd! 


. 


ا 
i kgs‏ ا 


Oe Sot 


فى السودا 


ن 


مع طائفة من العلماء ومفتش د 





ي د 


تین 


Lab 


سنة 6٠14م‏ 


"oy ie 


EL 


ا 
i"‏ 





۲۹۱ 


Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine - (no stamps are applied by registered version 





الكتابات السياسية 


vay 


Converted by Tiff Combine 








ما قبل الثورة العرابية 


140° 


Converted by Tiff Combine 








جرنال «أبو نظارة) 


«ولقد وقفت على مغزى كلامه) » وحقيقة مرامه » فأيقنت أنه عنى بذلك 
جرنال أي نظارة » ذلك الحرنال الحزأة » الذي لم يدع قبيحة من القبائح إلا احتواها , 
ولا رذيلة من الرذائل إلا أحصاها » أتى من العبارات ما لا يستطيع السوقة » وأدنياء 
الناس أن يأتوا به » وجعل ديدنه السب والثلب وثلم الأعراض » وتمزيق حجاب 
الانسانية » والقدح في السير الشخصية , مما لا يليق أن يتفوه به الصبيان » مما يفسد 
الأخلوق > لبي الوسن شهلا يحياف: 

على أن ليس فيه نكتة مضحكة , ولا لطيفة مسلية . وإني لأعجب من أناس 
يتناولونه بأيديهم » ويميلون لقراءته » والنظر فيه » مع أنه لا يحتوي على سياسة ولا 
أخبار » ولا مضحكات ولا فكاهات » بل هو حض الشتم واللطم » مع وجود 
الحرنالات الوطنية التي قد بلغت في حريتها ونشرها للأفكار العالية مبلغ الجرائد 
الأوروبوية . وتلك حالة لم نتوهمها في الأزمان السابقة . 


و يكن ذلك من مخرر ذلك Ju‏ اهزء البارد إلا bel‏ الطبع 6 والميل إلى 





(1) أي كلام جمال الدين الأفغاني . . فتعليق الأستاذ الإمام هذا قد كتبه تفسيراً لحديث أستاذه - في 
الثربية ‏ عن صئف من المربين لم يتحلوا «بالأوصاف الكاملة اللازمة لمقامهم) - انظر مقال الأفغاني 
في طبعتنا الأولى لأعماله - ص 71/١‏ - 71/5 وهذا التعليق نشرته جريدة «التجارة) ‏ العدد ١7‏ في 
dew gigs ٣‏ 4 م - ولقد نقلناه عن كتاب الدكتور علي شلش [سلسلة الأعمال المجهولة ‏ محمد 
عبده] ص 7١ Ye‏ طبعة Loy‏ الريس - لندن سنة ۱۹۸۷ م : 


ا 





كسب الدنانير والدراهم » أو ينال ببذيانه هذا من زيد أربعين جنيهاً في الشهر » ومن 
عمرو أقل » ومن بكر أكثر . وتلك دنيئة تأباها الشيم الكريمة . ولقد تغالى منشكه 
في الوقاحة» حتى أشار في كتاباته وخزعبلاته أن أبناء المجامع المقدسة ذات المقاصد 
العالية المبنية على محض Go‏ والإنسانية هم مشاركوه d‏ عمله هذا. حاشاهم 4 
حاشاهم »> أن تتدانى aged‏ هذه المقاصد الساقطة . فقد كذب وافترى » واعتسف 
واعتدی . 

ولطالما كنت أرود نفسي بيان شناعة ما يرتكب هذا الجرنال الخبيث المقصد ء 
ae 1‏ > وإعلان ذلك على ألسنة جرائدنا الوطنية » أيدها الله . غير أني كنت 

أن يكون لومي إغراء . حتى إذا بدا همة الأمير الوطني صاحب الأفكار العالية 
ce‏ الطاهرة الذكية » والبصيرة النافذة » محب الوطن وبنيه » الغيور على أمته ‏ 
الحريص على وقاية شرفها » حضرة مأمور ضبطيتنا » سعادة محمود باشا سامى . كثر الله 
في الأمة أمثاله » أن يضبط ما يرد من أعداده إلى المحروسة“ » دفعا لما يسري إلى 
الأذهان من سم فساده » فلا جرم قل ae‏ بذلك ناء دوي الألباب » وشكر 
ال وحبي الإنسانية › على قيامه بحق وظيفته السامية » التي نسبتها إلى الأمور 
البدنية » والآداب » كنسبة مجلس الصحة إلى الأحوال البدنية . فك في الثاني مراقبة ما 
محدث من الأمراض › واختلال الصحة » ليبادر إلى منعه أو قطعه » كذلك على 
الضبطية أن ندقق النظر في كل ما محل بالآداب » أو ينتهك الحقوق التى قد حددتما 
الشرام tall‏ او ساعد امراف الفرن عل اغهاها ٠‏ لل كل ذلك > وت : 
وتقطع أسبابه . فلنعم الصنيع صنيعه » زاده الله كمالاً على كباله » وإقبالاً على إقباله . 





(۲) آي القاهرة . . وكانت (أب ہو نظارة» ترد | إليها من باريس حيث كانت قد هاجرت مبجرة صاحبها 
یعقوب صنوع ۱۲۵١[‏ ۔ ۱۳۳۰١‏ ھ ۱۸۳۹ ۔ ۱۹۱۲ [e‏ - 


۹۸ 





عيد مصر ومطلع سعادتها(؟) 


وفدت علينا رسل المسرات تحمل » إلينا بشائر السعادات » تنبئنا بأن انحلت 
مشاكلنا » وتذللت مصاعبنا » وزال عناؤنا » ودخلت بلادنا في عصر جديد . فقد ورد 
إلينا قانون لحنة التصفية » ختاماً لتسوية المسائل امالية ley‏ لفض المشكلات 
السياسية » وتمت لنا به الراحة من أهم المسائل التي طالما شوشت الأفكار وحيرت 
الألباب » وأوقعت البلاد في تيارات الارتباك والاضطراب . 

فإن هذه الاحتلالات المالية » والمكدرات السياسية ظهرت في ديارنا من نحو ست 
سنوات » وهي تزداد في كل يوم صعوبة » وطرق الخلوص منها لا تزيد إلا توعراً وعرقلة 
عم UA ya‏ جميع الناس من خاصة وعامة » وحاكم ومحكوم ؛» وآمر ومأمور. حتى 
أصبحت الأيدي مغلولة > والأرجل مقيدة » والأعمال باطلة » والأموال ذاهبة » والآمال 
منقطعة . وأوشك شأن البلاد أن ينحط إلى أسفل الدركات » بل كاد يذهب في 
استقلا ما الوطني بالكلية » إذ احتاط بها المطالبون بحقوقهم يتنازعوا من كل جانب » 
ولم يكن بالحكومة رشيد يأخذ بالحزم ويدفع Goth‏ » فكانت هذه الحوادث المهمة 
والمصاعب الجحمة والمصائب الملمة سائقة للطف الله الخفي » ومؤذنة بحسن قضائه 
الأزلي » إذ كانت نهايتها استلام الجناب الخديوي الأعظم لزمام الحكومة المصرية › 
فكان ذلك طالع سعدها وإكليل مجدها » فقاده صحيح الفكر ورشاد الرأي وخلوص 





. ه)‎ ١591 شعبان سئة‎ ١١( م‎ 188٠ (الوقائع المصرية) عدد 1694 في 19 يوليو سئة‎ )١( 


v44 





القصد إلى تعزيز حكومتها بإقامة رئيس لوزرائه من أجل رجال دولته وأعرفهم بأحوالها , 
وأشدهم غيرة على مصالحها » وأخلصهم في رعاية منافعها » فانتخب هو أيضا رجالا 
من العلماء النزهاء النبلاء » لا تأحذهم حب المنفعة الشخصية › ولا ral,‏ ملل ولا 
ضجر من النظر فيا يقدم البلاد ويعود عليها بأحسن عاقبة ليكونوا أعضاء طيئة هذه 
الحكومة الجليلة » فتم له ذلك على أكمل ما يرغب » فبذل هذا الرئيس الحليل جهده , 
وسهر ليله » وواصل الأعمال في جميع الأحوال . ودخخل في كل أمر من بابه » ورجال 
الوزارة يؤيدونه ويعضدونه » والخديو الأعظم يذلل هم المصاعب » ويفتح هم سبل 
الوسائل » ويستحثهم على الإقدام في طريق النجاح والفلاح حتى تم لهم إزالة الخلل 
ورأب الصدع في أمور كثيرة بمدة لا تزيد عن سنة . 

وإن من أجل الأعال وأعظم الآثار هذه الحكومة النابلة العادلة تسوية الأمور 
المالية على وجه لا يخل بمصالح البلاد » وفض هذا المشكل الذي كان يحسب من قبيل 
الجزء الأصم لا يمكن الوقوف على حقيقته ولا الإثيان بما يجلو غيهبه » في أقرب زمن » 
على لاف ما كان يخطر ببال كل عارف بأحوال ماليتنا وعلاقاتنا مع الدول الأوروبية . 
فنقصت الفوائد نقصاً يعتد به » وزيد في المبإلغ المخصصة لمنافع البلاد زيادة لم تكن 
تصل إليها الآمال ولا تسمو ها الأماني في عهد الحكومة السابقة . وعدل سير المالية على 
طريقة منتظمة بعيدة عن الخلل » عارية من العلل » وتمث بذلك النعمة على أبناء هذه 
الديار التي أثقلت الديون كواهلها بفوائدها الفاحشة الخارجة عن حد القانون . ويصح 
أن يقال : إنه لم يكن ببلادنا عوائق وعقبات في طريق سعادتها سوى مشاكل الالية » كا 
هو بين ومعلوم » وها هي قد انتهت بعون الله تعالى وحسن مقاصد الحضرة الخديوية 
وهمة دولتلو رئيس النظار وسائر أعضاء الوزارة السامية » فوجب على أبناء أوطاننا أن 
يقوموا بواجب الشكر والثناء للحضرة الخديوية الجليلة » ولدولتلو رئيس النظار حضرة 
مصطفى رياض باشاء ورجال الحكومة الصادقين أرباب الحزم والعزم والجحد 
والاجتهاد ‏ وأن يتخذوا هذا اليوم عيدا يتذكرون به خلاصهم ونجاتهم من البلايا التي 
كادت تأني عل أولهم وآخرهم . وقد قام بذلك الوجهاء والنبهاء في القاهرة 
والاسكندرية » إذ أظهروا علائم الفرح والابتهاج » ورفعوا أصوات الشكر والثناء على 
الخديو الأعظم ورجال حكومته الذين كانوا سبباً في تخليصهم مما ألم بهم . 

* # YX 


Wor 





وهذه صورة القانون الذي ركيته ad‏ التصفية وصادق عليه وزراؤنا » وصدر 
بتنفيذه الأمر i Op SI‏ 





)١(‏ من هنا وحتى آخر هذا العدد من الوقائع 2 تقریاً 2 تتوالی مواد ونصوص قانون التصفية . . وعند 
هذا الحد ينتهي التقديم الذي کتبه له وعنه وعن المسألة المالية الأستاذ الإمام 1 


Yo) 


Converted by Tiff Combine 








إحترام قوانين الحكومة وأوامرها 
من سعادة الأمة(١)‏ 


إنما تسعد البلاد » ويستقيم حالا , إذا ارتفع فيها شأن القانون » وعلا قدره . 
واحترمه الحاكمون قبل المحكومين » واستعملوا غاية الدقة في فهم فصوله وحدوده › 
والوقوف على حقائق مغزاه » وسهروا لتطبيق أعماللهم جزئية وكلية على منطوقه الحقيقي 
ومفهومه . عند ذلك تيا البلاد حياة حقيقية » وتسري فيها روح السعادة » وتبطل 
سحائب الرحمة » فتخصب بها أرض الثروة » لكون جميع الأعمال على اختلافها حينئذ 
متجهة إلى غاية واحدة » هي النفع العمومي المنقسم على كل فرد من أفراد الرعية على 
التساوي > كل بمقدار عمله > وصاحب الحظ الوافر من السعادة هم العمال والمأمورون 
وأركان الدولة › eed‏ مصدر الأعمال الكلية التى عليها يدور نظام البلاد » فيئالون من 
الثمرة على مقدار ما لهم من الفضل . 

وليس يكفي في راحة العباد » وانتظام الملكية » أن توضع القوانين حاوية لكليات 
الأمور وجزئياتها » ثم تهمل من النظر » وتطرح عن الفكر , ويستمر كل ذي عمل في 
عمله » يتبع فيه رأي نفسه إن خطأ وإن صوابا » فإن هذه الحالة يستوي معها وضع 
القانون وعدم وضعه » ولا فائدة في إبراز فصوله وأبوابه من عالم الفكر إلى عالم اللفظ 
والكتابة » بل يكون هو والعدم سواء » وتتساوى بلاد ارتقى فيها الفكر الشرعي إلى 





)١(‏ الوقائع المصرية العدد 4617 في "١‏ اكتوبر سنة 188٠‏ م (51 ذي القعدهة سنة ۱۲۹۷ ه) والمقال 
منشور بالوقائع دون عنوان » وعنوانه هذا من وضع اللجنة التي كوا سعد زغلول لجمع أعمال 
الإمام س الوقائع بعد وفاته : 


Yer 





أعلا درجة مع بلاد بلغت أقصى غاية من ال همجية والتوحش . فإن هباية أمر الجهتين هو 
الاختلال والشقاء » وطالما افتخرت حكومة مصر في الزمن السابق باصدار اللوائح , 
ووضع القوانين » وتجديد النظامات . وتنقيح الأصول الأساسية › وسجلت ذلك في 
الدفاتر » وخلدته في بطون الأوراق » حتى كان الناظر في ذلك يظن ان بلاداً هذا نظامها 
وذاك قانونها لفي غاية من السعادة والراحة » لكنها كانت تحنو أعناقها Lede Shp‏ كان 
يظهر من أعالها وأعمال عالها ما يضاد القانون الذي وضعته » ويؤدي إلى شقاء 
البلاد التي حكمتها » ولا تؤاخذ على ذلك , وهذه خصلة لا يرضاها العاقل لنفسه , 
gel‏ أن يعمل على خلاف ما يرسم ويحدد . 

أما حكومتنا اليوم فلم تسمح بوضع اللوائح تحت المساند » ولا في مستودعات 
الدفاتر » ولا تحت تراب الإهمال والإغفال » بل لا تزال همة رجالها متوجهة إلى جعل 
القانون عنوان العمل » فلا تصدر حركة من آمر أو مأمور إلا على طبق ما رسمته في 
أوامرها العالية » فإن بقي من تلك العادة السيثة (أعني إهمال الأوامر) شيء في نفوس 
البعض من ذوي المناصب » وبلغ ذلك مسامع رئيسه الأعلى . ويه إليه اللوم 
والعتاب ¢ وأنذره إنذار من يؤاخذ بالذنب . ويعاقب على الحرم » وأخحذته الغيرة على 
قانونه الذي سنه , خوفاً عليه من الضياع » وعلى ثمرته من الفقدان » فإن تكررت منه 
المخالفة أنزله من منصبه » بعد إحالة النظر في تخالفته على المجالس القضائية » وذلك 
كله الحسن مقاصد الحضرة الخديوية » وعنايتها بإصلاح بلادها » ومهمة دولتلو «رياض 
باشا» رئيس النظار » وغيرته على الحق » وتيقظه وسهره على تنفيذ لوائح الحكومة 
ومنشوراتها (le‏ منه أن أسعد ا ا خصوصاً إن كان 
ذلك القانون عادلاً يوافق مصلحة البلاد » وأنه لا فائدة في إجهاد a‏ لوضع اللوائح 
وتأسيس المنشورات إذا لم يجر عليها العمل , E‏ عبن العمال في جميع 
اجراءاتهم . ينظرون إليها » ويسيرون في كل أحواهم عليها . 

فرغب هذا الرئيس الحليل رغبة حقيقية في تأييد حرية العمل في هذه البلاد » 
ورفع سوط القسوة الغير القانونية » وابطال عمله AUST‏ إذ لم يجعل لأحد من 
المأمورين سلطة على أحد من الأهالي إلا فيا يعود على البلاد بالمنفعة العامة » كما هو 


. الاشارة إلى أعمال السخرة‎ )١( 





شأن العدالة » وحقيقة النظام » وأعلن ذلك بالصراحة في منشورات الداخلية الجليلة 
ار ليعلمه الحاكمون ال سا > فيعرف الأهالي حقوقهم متازة ظاهرة » فلا 
يسمحون بخدشها » ويعتير بذلك aj alll sixes Oy wall‏ ف يوون d (eel‏ 
عمل من الأعمال بغير حق » وإلا فلا يأمنون عاقبة ذلك وسوء مغبته . نعم لهم الحق في 
أن يسوقوا المتقاعدين عن الأعمال التي تطلبها مصلحة البلاد » بسوط العدل الذي لا 
يرفع عن المهملين » وهذه صورة منشور جليل صدر من نظارة الداخلية في هذا الشأن , 
منبثا بغيرة دولتلو ناظرها الأفخم » وشدة محافظته على رعاية القانون . 
* 

«قد علمنا ما كتب لنظارة الداخلية من مديرية الشرقية » بالتلغراف . أنه أحذ 
جملة أنفار من أهالي مديريته وتوجه بهم إلى جهة «شالوفة» لإصلاح ما حدث من 
الخلل › وترميم ما وقع من التهدم بجسر سكة الحديد » في المسافة الواقعة بين هذه 
الجهة «والسويس» » ولما سكل عن اقدامه على هذا الإجراء » بأمر من هو؟ أجاب بأنه 
أقدم على ذلك بناء على تلغراف ورد إليه من عموم إدارة السكة الحديد » ولا رآه من 
المصلحة العامة في ذلك » مع تعهد إدارة السكة الحديد بدفع أجر الأنفار . ولا يخفى أن 
هذا الإجراء لا ينطبق على القواعد الأساسية المتبعة » ولا يوافق نصوص الأوامر السامية 
المصرّحة بأنه لا يجوز تكليف الأهالي بعمل من الأعمال إلا إذا كان عائداً عليهم بالمنفعة 
العمومية » كَرّيّ مزروعاتهم » وحفظ أراضيهم وبلادهم من غوائل الغرق فقط . نعم 
إن منفعة السكة الحديد تعد منفعة عامة » لكن هما دائرة خصوصية ترجع إليها إيراداتها 
ومصاريفها . فعليها أن تتدارك جميع أعملها من طرقها » باستعمال مأموريها أنفسهم فيما 
يلزم ها » وليس ها أمر ولا نبي على المديرين من أعمال الإدارة ولا غيرهم فيها يماثل هذا 
الأمر» ولو صدر عنما es‏ أن يجيبها أو غيرها إلى ما تطلب » 
بعد ما علم هذا الأساس المتين » خخصوصاً أن أوامر الحكومة الصادرة إلى المديرين ناطقة 
بأوضح عبارة بأن كل مأمور مكلف بامتثال أوامر النظارة التابع هو لما » فالمديرون ليسوا 
بتبعة لمصلحة السكة الحديد ولاغيرها من المصالح . ولكنهم تابعون لنظارة الداخلية » 
ولا يسوغ لهم اجراء عمل ما يشبه ذلك إلا بأمر يصدر لهم منها » فعلى المديرين والأهالي 
jae‏ هرا لكل هذه القوانين الثابتة » ويراعوها حق المراعاة » ويعلموا أنه لا 
سلطة للمدير أو غيره على أحد من أهالي البلاد في عمل من الأعمال إلا في| يعود إليهم 


0 





بالمنافع العامة فقط . وهو ما يتقرر بالجداول في كل سنة من أعمال التطهير. وتقوية 
المسور الحفظ البلاد عند فيضان النيل » وكل من يبدو منه أدنى مخالفة لهذه الأوامر. OL‏ 
يكلّف الأهالي بأداء أعال لا تجب عليهم » ولا هي في منفعتهم العامة المقررة في جداول 
العمليات › فقد أوقع نفسه تحت خحطر المحاكمة » ونفوذ أحكام العدالة فيه » ومجازاته 
le‏ يقضي به القانون » ومبذا لزم الاخطار لعموم الحهات » ومن اللحملة لسعادتكم 
تحذيرا من الوقوع في المخالفة . 





القوة والقانون() 


قبل الكلام على خصائص هذين الركنين يئة الوجود الإنساني » نريد أن نبين 
حقيقة كل منهها » ليكؤون القارىء على علم بما يلقى اليه بعد » فلا يخطىء الغرض › 
ولا يجاوز المرمى . ولا تلحقه شبهة توقعه في ظلام الحيرة وغيهب التردد. 

أما القوة فلا نعني بها إلا ما يستعمل جحلب الملائم» ودفع المكروه » سواء كان من 
شخص واحد أو جماعة متآلفة أو شعب من الشعوب أو أمة من الأمم » وسواء كانت آلة 
تحصيل الملائم ودفع المعاند هي القوة البدنية » مجردة عن سواها » كا تراه في السباع 
الضارية والحيوانات الكاسرة » أو هي منضمة إلى السيوف القاطعة والآلات المحرقة › 
وغير ذلك مما يستعمله الإنسان في مواطن الغلبة والصيال . 

أما القانون فهو الناموس الحق الذي ترجع ad‏ الأمم في معاملاتها العمومية ع 

وأحواها الخصوصية » وهيئاتها النفسانية › َعَم من أن يكون متعلقاً بروابط 00 

وعلائقها ls‏ بالسياسة الداخلية » كالإدارة المدنية » والتدابير المنزلية » أ 
عن الأحلاق الفاضلة › اشير سم لاضن 
من أضدادها.. وسواء كان في أمة واحذة أو أمم متعددة . 

وهاتان الحقيقتان هما موضوع كلامنا الآن . أما القوة فكانت شيرعة الأمم 
الغابرة » والشعوب السالفة » وقت أن كان der Obs‏ الطبع › > لا يمتاز عن غيره من 





. ه)‎ ٠۲۹۸ في ۷ فبراير سنة ۱۸۸۱ م (۸ ربيع الأول سنة‎ ٠٠۳۱ الوقائع المصرية . العدد‎ )١( 


۷ 





أنواع الحيوانات إلا بالفصل2 المميز » أعني قابلية النطق . المجرد عن نور المعارف 
وشعار التمدن , فكانت له الحاكم الفيصل » يرجع | إليها في تحصيل غرضه › ونوال 
مطلوبه » وباحتلافها وتفاوتها » اشتداداً Mia's‏ وتقدماً قرا > كانت تختلف الأمم 
وقتئذ في الشرف والضعة . والسطوة » والفقر والغنى » من غير نظر إلى شيء من وسائل 
تلك الوجوه مهما كانت طرائقها » فكان الرجل يمتاز بين قومه بصفة الإقدام وا لجرأة » 
وكثرة السلب والغبب » والبَتّك9© والفتك . وكانت القبيلة التي هي أشهر القبائل في 
هذه الصفات تعرف بالمجد لانيل » والشرف الباذخ » والمكانة العالية » فيدين لما 
مجاوروها » وتخضع لسطوتها كل أمة قرع أساعها ما هي عليه من علو المنزلة » وشدة 
الأنفة » وقوة الشمم » وتساق إليها الهدايا من تخوم الأقطار » وشاسع البلدان » وتأتيها 
الغنائم أفواجاً » يقتادها رجالا الأبطال من ساحات الصدام والنزال . ولم تزل الأزمان 
الغابرة محكومة بسلطان القوة » تقلب الأمم على جر الخوف والاضطراب » وتضرب 
بصو انها جرائيم القلوب الضعيفة ؛ فتلقي بها في مهاوي الذل وا هوان . حتى خضعت 
ا الأمم » ودانت لها الشعوب » وصارت هي الذيان المسيطر على كل شيء ‘ فإذا تمت 
لقوم تبعتها السلطة التامة » والحكم المطلق › ٠‏ فيتسلطون بقدر مُكنَتهم على ما شاء الل 
من الشعوب والقبائل » ويتخيرون واحداً منهم سلطاناً أو ملكا » قد امتاز بالتهور 
والجرأة » وجلالة Sel‏ الفا ا زمام الحكم والسلطة » ثم ينتخبون من 
عشائرهم رجالا يعدوهم حفاظ المك » وأرباب النجدة والنصرة على العدو »والعدة 
لفتح امالك والأمصار . ويتسلطون بهؤلاءعلى بقية من هم تحت سلظاههم » بالرهبة 
ee‏ فيذعنون لملكهم قهراً لا طوعاً » وينظرونه مقتاً لا 
حبا » ويحملون إليه الخراج وهم صاغرون » وذلك دون مراعاة طرق عادلة ‏ أو أحكام 
مؤسسة عل أصول المساواة » واستعمال الشفقة والمرحمة » بل بحسب ما تقتضيه الفوة 
التي سفكت الدماء » وذللت الشعوب » وانتهكت حرمات الأمم » وسجنت حرية 
الإنسان في مطمورة الرق والاستعباد . 


(۲) الفصل : مصطلح منطقي »> يعني جزء الماهية الذي ييز النوع عن مشاركيه » ويسمى «الفصل 
القريب» إذا ميز النوع عن مشاركيه في الجندس القريب » مثل «الناطق) بالنسبة للإنسان » ويسمى 
«الفصل البعيد» إذا ميزه عن مشاركيه في لجنس البعيد » كالاحساس بالنسبة للإنسان . 
ee‏ 

(۳) القطع . 





هذا ما ولّدته القوة في تلك الأعصار الخالية » التى كانت مشحونة بظلمات 
الجهالة » مسربلة بجلابيب الغباوة » مغمورة في بحار الوحشية » وما أظن تلك 
الشريعة المشار إليها كانت خاصة بأمة من الأمم , أو صنف من أصناف البشر » بل 
كانت عامة بين أبناء الإنسان على اختلاف أجناسه » وتباين مواطئه + dale (gf CASS‏ 
القبائل » وكافة الشعوب . مقسمة إلى ممالك متعددة » وإمارات متباينة » تجول فيها يد 
القوة » ويحكمها جرد الرهبة » ويطوبها الخوف وينشرها الفزع » ويشملها الاضطراب 
والاختلال » وتتباد ها أيادي السلب » يبيت ضعفاؤها غير آمنين على أنفسهم » ويصبح 
أقوياؤها غير مطمنئنين على حياتهم » فانبعثت في قلوب هؤلاء الأوزاع0؟» الذين ضربتهم 
بد السطوة بعصا القوة علة الضعف . ودبت فيها سخائم الحقد. فاختلفت 
الأغراض » وتباينت المشارب » وتفرقت القلوب » وتنوعت وحدة الإنسان الحقيقية إلى 
أنواع لا يجمعها سوى جامعة الحيوان الناطق » وتبدلت فطرته السلمية إلى أخلاق لا 
مناسبة بينها وبين جوهره المقدس الشريف . 

ولقد تمكنت سطوة القوة في قلوب أولئك الشعوب » وارتسمت صورها في 
غخيلاتهم » وتسحبث معانيها إلى resis‏ » وصارت محفوظة في خزانة حافظاتهم ‘ 
قائمة نصب أعينهم » حتى توهموها lis‏ القلوب والأحوال » حافظ القوى والأكوان › 
إليها مرجع الحوادث » وعليها تدبير النوازل والكوارث » فاحتسبوها المدبر في المكونات 
باجمعها » وصوروا تماثيل على صور مختلفة » وأنواع متباينة » تشير ظواهرها إلى القوة » 
jles lela copy‏ العظمة والسطوة » ووضعوها في أماكن عباداتهم » ليؤدوا لها فرائض 
السجود والركوع » ويقربواإليها القرابين من نوع الإنسان وأنواع الحيوان » وهذه أصنام 
العرب والصين والعجم » وآثار قدماء المصريين » وآهة اليونانيين المصنوعة على أشكال 
الحيوانات العادية والملوك العاتية » يشرح التاريخ أحواها » فلا داعي إلى الاسهاب في 
تفاصيل شئونها » ومن تتبع تواريخ هذا الإنسان الوحشي بإمعان وتبصر ء ظهر له أن 
القوة هي الي دوخت قوى الإنسان السلمية وبددتها » وأحدثت به من القبائح ما 
أحدثت » ولولا أن القانوث كسر سورتها » وذلل صعوبتها » لما أشرق نور الحق على 
صفحات الوجود » ولا تمتع الإنسان في الأزمان الأخيرة بلذة الراحة والسعادة . فالحق 
للقانون لا للقوة . 
)8( الاوزاع calel bl:‏ » وهو جمع لا مفرد له , 


۳۰۹ 





Ls OLS! (igs‏ في أغوار الاستعباد » في هاتيك الأزمنة . أزمنة القوة 
oe‏ والجور والعبث والفساد » ليس له حق يصان » ولا عرض إلا ويبتك 
ومبان » إذ أشرقت . عليه قرائح الذين جادت بهم مراحم الفضل » وعرفوا بمناهج 
الخير » فأبصر من طلائع أفكارهم ما بهديه إلى سبل الرشاد » ويوقظ فكرته إلى التماس 
الصواب من أبواب السداد » فعلم أن القوة هي منحة جليلة » ونعمة كبيرة » يستعين 
بها على حاجاته الضرورية » ولوازم معيشته المرضية 2 قن غززها الله تعالى بالاتحاد 
والائتلاف . حتى إذا عجز الفرد الواحد'عن ما لا طاقة له عليه من نفائس المطالب 2 
وجلائل الرغائب » استعان بعشيرته » ثم بقبيلته » ثم بأمته التي يجمعها دين أو مُلْك » 
a‏ وأن القوة إن لم تكن على قانون لا تتعداى وخط لا تتخطاه » 
بان استعملت على أي وجه » sl dy‏ زمان أو مكان . لايئال ثمرتها اجره وغايتها 
N‏ َف على ما كان » ونزع من رقدة الغفلة يحاول هما هذا uss‏ ابر we‏ 
بالقانون » فكان نوراً يبتدى به » وفائداً رشيداً يسلك بالانسان إلى ما اَهَل له من 
الكرامة والنعيم » فاتبع سبيله المهتدون » ومال عن سنته الضالون . 

أما الإنسان الذي ساعده التوفيق بالانقياد لأحكام القانون ا ب ا 
وظاهراً » وتمسك به غائباً وحاضراً » حتى صار ركناً من لوازم حياته » وعدة لمقاصده 
وغاياته » وملهج لسانه في بكره وعشياته . إلى أن عرف به واجباته الحقوقية » وفرائض 
معيشته العمومية وا خصوصية . وأمِنْ به من مصائب الظلم ونوازله » والجور وغوائله » 
واطمآن به على نفسه وعرضه وماله » فسكن قلبه بعد الاضطراب . وقرت عيئه برياض 
الأمن والامان » وتولد فيه أمل le‏ على ادمان العمل » فأعمل فكرته الخامدة» 
وأجرى حركته الراكدة » ولا زال يرتاد مواطن العلم ومعاهده » ويقتنص بحبالة 
الاستكشاف كل فائدة» ويستعمل قواه في حل المبهمات» ويستطلع ببصيرته ما خفي من 
مجهول الكائنات ؛ إلى أن حداه العلم إلى معرض الاختراع والابداع » فطار على جناح 
البخار بدل الشراع » واستخدم التضار<“ لقضاء الأوطار » واستعمل البرق ‏ على بعد 
الديار ل رسول الأخبار , وجعل الداع والقنابل ليبيد مها مضاديه ومعانديه » وانغمس 
في النعيم مطع| ومشربا وملبسا ومسكنا . إلى غير ذلك مما اتيح له من محاسن الحضارة » 


(5) النضار : هو الخالص من كل شيء » ويأني بمعنى الذهب والفضة » ويكثر إطلاقه على الذهب . 


۳۱۰ 





ولطائف الرفاهة والنضارة » ولا زال يضرب في تخوم البلاد » ويذلل بقوة عزمه أخلاق 
العباد » إلى أن أصبحت البسيطة في قبضة زمامه » ولا غرو فإن قائده الاتحاد 
والائتلاف » وباعثه الوفاق لا الاخحتلاف » le Bile fy [SOV gay‏ القانون بإنسان 
مقلته » ويصرف في حراسته مايدخل تحت قوته › فانه ملاك سعده » وأساس مده » 
ومنتهى جده . 

أما الذي ضرب عن القانون صفحاً , Lets ae pbs‏ فهو هو على رذلة 
أخلاقه » وبساط أفكاره » يصبح مضغة تحت أضراس الظلم › ويسي کرة لصولحان 
البخي » فليحيى صاحب القانون على بساط النعمة الحني . 

فيا أيها الذين ينحرفون عن القوانين » ويعدلون عن طرق النظامات » لغرور 
وقتي ارفقوا بأنفسكم , واعتبروا بمن يمائلكم في الصورة الإنسانية » وانظروا إلبهم كيف 
عظموا القوانين » ورفعوا شأن الحقوق . فأصبحوا في غاية من القوة والعزة » فانهضوا. 
لمجاراتهم في الصدق إن كنتم a‏ > وإياكم والتهادي dyed led‏ النفوس من الاغترار 
بظاهر من السلطة » فللأيام تغلب وتقلب » لكن صراط الحق واحد » وسالكه لا 
يضل » إن اا استقام ا أما طرق glee‏ فهي وعرة حطرة » كثرة 
الغوائل » سالكها معارض لمدبر العالم سبحانه وتعالى في أحكامه فإنه عز شأنه فد أقام 
الكون بنظام الحكمة » ورتب لكل شيء حدوداً ٠‏ هي سور بقائه 2 وسياج دوامه ۽ فان 
حرج عنه انحدر إلى مهاوي العدم والفناء . ومن تأمل الكون الأعلى وما فيه من 
الكواكب والشموس والاقمار» ثم نظر إلى العالم الأسفل وما احتوى عليه من نبات 
وحيوان » 00 في الجميع لكل نوع منها قانوناً خاصاً في سير وجوده » تقوم البراهين 
القاطعة على أنه لو انحرف عنه لحكم عليه سلطان القهر الإلمي بالعدم والانقلاب › 
وانه بباهر حكمته قد جعل للهيئة الإنسانية جا عامة » هي الشرائع وقوانين الآداب 
التي تحدد سير الإنسان في معيشته › لخاصة نفسه أو معاملته مع غيره » وقد أودعها 
العلماء والحكاء بطون كتب التهذيب والتربية البشرية » بعد أن نطقت بها الشرائع 
الإلهية » وقد شهدت التجارب بالاخبار المتواترة عن الأمم الماضية » والمشاهدة الحالية 
ف الأوقات الحاضرة » أن من تخطى حدود هذه الحقائق رماه القهر ail‏ بسهام لا 
يخطىء مرماها » فالقانون هو سر الحياة » وعماد سعادة الأمم » وأن القوة لا تأتي بثمرتها 
الحقيقية إلا إذا غضدت باتباع الشرع والقانون العام الذي أقر العقلاء بوجوب اتباعه . 


۳1۱ 





فكيف يصح لذي شوكة أو صاحب سلطة أن يغتر بعد رؤيته هذه البراهين 
الباهرة ‏ بقوته » أو يعجب بصولته » ويدع الأمور لإرادته ومشيئته » ويزدري ما 
للقانون من حفظ القوة ة ونمو الثروة في من هم تحت | إمرته » فيفعل ما تسول له نفسه » 
ويأتي كل ما يسوقه إليه حسه . فيسري الإهمال في طبقات رجاله » ويجارون حاكمهم في 
عوائده وأحلاقه » وتصير الأموال لديهم مباحة » والحقوق مبتذلة . والأعراض 
منتهكة » ووسائل الربط والضبط معطلة » وعقد الموائيق والعهود محللة eee‏ 
وليه غوائل الخسران › وينمو به جوائح البهتان » حتى تصير أفراد المحكومين 
رعاعاً » لا فرق بين كبيرهم وحقيرهم إلا بوفرة الشهوات » eer‏ 
اللذات » مع توافق في الفطرة » وتشابه في الغريزة » ولا يطول عليهم ذلك العهد حتى 

يصبح الحاكم نحاطاً بجم غفير من الغرماء » يتجاذبونه بأيد طالما نقدته من خزائنها ما 
a‏ لوسر ع تاه ااال تن Nedeali fa‏ 
تقدر أن تقله » وتمسي عمارة البلاد تنعي محاسن صبحتها أربابها » طوامس المعالم ) 
مظلمة الأطراف » ليس فيها سوى نعاب البوم وهمس الحوام » وحينئد لا تسل عن 
العاقبة فاا اسر وب وشن الال 

ذلك ما يولده الغرور بالقوة » والإعجاب بالسطوة » وترك القانون الذي عليه 
سعادة العباد » وخصب البلاد » فإذا أرادت تلك الأمة - التي تصرف ذوو البغي 
والغرور فيها على خلاف القانون » أن تعيد لها مجدها الأثيل » وعزها الأول » فلا بد ها 
من إعادة شأن القانون » فتشيد منه ما هدمته يد الغرور » وبددته سطوة الفجور » 
وتأخذ الوسائل النافعة لاستالة قوامها إلى التمسك بعراه » ومتابعة رشده وهداه » ولا 
تبارح الحيل والتدابير لهذا الغرض . وما كان أغناها عن الإصلاح بعد الإفساد. 
والتعمير بعد التخريب » ولكنها باعت القانون بثمن بخس » فكان جزاؤها أن تشتري 
ل ا لك ل 


هذا الموضوع كلام يأني بعد إن شاء الله تعالى . 


X%‏ #¥#¥ انا 


1۲ 





٠(ةينطولا‎ 


نشرنا في أحد أعداد جريدتنا سابقاً خبر رجل من أهل جزيزة Ly‏ وهب 
جميع أمواله خيرات بلاده العامة , تمس جردا AUS Felted Upto Lily‏ 
الجزيرة » وبعضها للاسبتاليات والمستشفيات التي يداوى بها الفقراء والأيتام » ومن لا 
عون له . وكان جميع أمواله التي أوقفها على سبيل المنافع العامة يبلغ مائة ألف جنيه أو 
يزيد . 

ووساقز» هذه جزيرة من جزائر آسيا » ويقال لها: «شيو ومصطكي) كثرتها 
فيها » دخحلت نحت سلطة الدولة العلية في سنة ۸۲١‏ وفيها عدد كثير من الأروام , 
ويبلغ مجموع سكانها نيفاً وثيانين ألف نفس عل التقريب. سمغت باسم القمدن حديثا : 
وتمثل به بنوها بعد أن رددته ألسنة المصريين وتحققت فيها Co LT‏ فتلت عليئا الخرائد من 
آياتها عجباً زيئا به وجه صحيفتنا من عهد قريب » وآثرته عنا بعض الصحف العربية . 


وقد حدانا إلى تكراره الآن غرض التنبيه على أن ذلك البر الفاضل «زورزي 
درومو کایتیس» م يوص بما وصى به (وما أدراك ما هر هو ميم ما (ola, oS‏ 
0-7 الحقة والمنافع العمومية إلا لكونه علم {be‏ اشا بأن ذلك الأثر الحليل لا 

شك يودع له في صدر الأعصار ذكراً رفغا تردده الألسن الإنسانية كلما تعلم جاهل أو 





. في 5 مارس سنة 18481 م (5 ربيع الثاني سنة 1۲۹۸ ه)‎ ٠١54 الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


۹۳ 





se ee te Oe CHS) ag ra) gel) on ee 
ونفوس معاشريه مثالا بحفظه الف عن السلف‎ os أوطان »> ويقيم له في أذهان‎ 
ويصوره القريب إلى البعيد مقروناً بقربان الثناء وفرائض الشكر . وتحقق أن ما ينال بنيه‎ 
ob; وأقربائه وذويه من خيرات هذا الإنفاق وفوائد تلك الوصية أبلغ 3 انتفاعهم‎ 
لنعومة بالهم من أن يكون ذلك الملل مقصوراً عليهم دون من عداهم » إذ الإنسان لا‎ 
ينال الشرف الإنساني والسعادة الحقيقية والثروة الدائمة والنعيم الثابت إلا إذا صلح حال‎ 
(Adm وطنه فتقدمت أبناؤه وتحلت نفوسهم بالمعارف وصفات الكمال » فأحذ كل واحد‎ 
وأدى الواجب عليه » وخدم العموم بجد ونشاط » وسعى في مصالح الجحميع بصدق‎ 
وأمانة . . إن بدت منفعة لأي منهم تضافر الكل على جلبها » وإن ألمت به ملمة اتحدت‎ 
قوى الجميع على إبعادهاء فحينئذ يعم النفع جميع المتواطنين» وتستتب الأمنية » وتتسع‎ 
دائرة المنافع المستديمة » فلا يخثى كاسب أن تفوته ثمرة كسبه » ولا يخاف مجتهد ضياع‎ 
غاية اجتهاده » فكل من ينتسبب إلى الإنسان من الأقرباء والأبناء والأحباء والأتباع إن‎ 
» كانوا من ذوي العقل وأولي الفضل ينالون حظوظهم في مثل هذا الوطن المعزز بأهله‎ 
بخلاف ما إذا فسد حال الوطن واختلت شئون ذويه » فإن كل واحد منهم يقف عقبة في‎ 
طريق أخيه » يسد أبواب الخير عليه ولا يتأخر عن إيقاع المكروه به متى تخيل في ذلك‎ 
› منفعة خحصوصية تعود عليه » بل ربا خان الوطن عمومه وباع قومه بمصلحته الذاتية‎ 

كما شوهد ذلك في بعض الديار المصابة بداء الاختلال . 


ولقد أعلى هذا المحسن ذكر بلاده الحقيرة القدر . الوضيعة الإسم . وأودع لها 

قاع عابي الرس » نومنزلة وفيعة في القلوب + فاصيح المطلعوث عل مثل هذا الأثر 

الناشىء عن صحيح الفكر يلهجون بذكراها » ويتساءلون عن أحواها » ولم تكن شيئاً 

يعتنى به أو يلتفث اليه » حتى أن أغلب التواريخ لم يذكرها إلا في مقام التبعية » ولم 

يوردها جل endl atl‏ في كتنهم إلا على سبيل الاستطراد مشفوعة ببعض أوصاف 

إجمالية وتعريفات عمومية لا يقف القارىء منها إلا على مجمل أحواها دون التفصيل . 
د % 


وإن بلادنا هذه المصرية © مع دخول التمدن فيها من زمن بعيد العهد وانتشار 
أنوار المعارف في نفوس نبهائها من مدة غير يسيرة وشدة احتياجها إلى الإعانة 


14 





والمساعدة » لم يصبها حظ من مثل هذا اللمبدأ الفكري الذي يترتب عليه صدور مثل هذا 
الإحسان الثابت » ومديد المساعدة بمثل تلك الصدقة الدائمة » وإن كان فيها من أولي 
البر والخيرات ما نعترف بفضلهم ولا تنكر آثارهم . . فمنهم تألفت الجمعيات الخيرية ) 
وبعنايتهم فتحت المدارس المجانية . لكن ما علمنا أن ذوي الثروة الغزيرة من أبنائها 
الذين يتمتعون بخيراتها دخلوا في هذا الباب الخيري ممبالغ وافرة كهذه » يكون لهم بها 
ذكر رفيع » يعد من أعظم الأعمال الناشئة عن كرائم الصفات ¢ hepa‏ من له منهم ما 
يتجاوز عقد العشرة آلاف فدان ء وربما كان في أوائل سنه لا يملك فترأ منها ¢ فان عليه 

a gle شكرا لبعمة البلاد‎ GLI oy 
, الإصلاح فيها » ونال من الفخر جزءاً عظي)ً له »> مع أن أمثال هؤلاء كثير جداً‎ 
جانب عظيم من الوطنية وحب صر البلاد » کر اا اتخذوا هذا‎ Je agi ويدعون‎ 
. الحب آلة لنيل كثير من أمانيهم‎ 

فهلا نعتبر بمثل هذه الطيبات التي تصدر من أهالي بلاد حقيرة » حديئة العهد 
بالتمدن جداً » ولا نخشى لوماً من أن يسبقنا إلى هذه الدرجات الرفيعة من لم تتوفر له 
أسباب التنور والتبصر مثل ما توفرت لنا . 

لا ريب أنه يسر كل وطني أن يرى في بلاده من يرتقي إلى مثل هذه المعالي 
الحقيقية > فينال في الدنيا ثناء جيل وفي الآخرة ثواباً جزيلا . أما الثناء الجميل فهو أمر 
واجب الوقوع متحقق الحصول » حيث جبلت نفوس بني الإنسان على الميل إلى من 
أحسن إليها وتحبة من أبلغها إلى أمر تكمل به وجودها وتحسن به أحوا ما » سنة الله في 
عباده من قبل ومن بعد » ولن تجد لسنة الله تبديلاً . وأي سبيل لتكميل الوجود 
الإنساني وتحسين أحواله سوى تثقيف العقول وتربية الأفهام وحفظ الأبدان من عاديات 
الأمراض ووقايتها من مخالب الفاقة وأشراك الاحتياج » وربط الجنس برباط المحبة 
والوداد » فإذا سعى امرؤ في فتح هذا السبيل ؛ وتأيبد أمره » فوقف عليه جميع ماله أو 
بعضه المعتد به » المنظور إليه » الذي له وقع في النفس وقيمة في النظر » فلا ريب 
ينجذب إليه قلب كل من امتد عليه ظل هذا اللإحسان » وتتزج محبته بحواسه » ويتلىء 
جنانه تعظياً له واحتراماً » فتنطلق الجوارح بالشكر وينطق اللسان بجميل 0 وحسن 
الثناء . وأما الثواب الحزيل فقد كتبه الله على نفسه › ووعد به على ألسنة رسله 
ا ee meee‏ 


10 


Converted by Tiff Combine 








)١(ةيئطولا‎ 


توهم قوم أنها مجموع ألفاظ ولفيف كلمات تخطفتها آذانهم من مواقعها » ومسكتها 
آذائهم فرددوا مها الألسن ولاكوها في الأفواه. وانطلقوا يوردونها في كل مقام , 
ويطنطنون بذكرها في المجامع والمنتديات . وتخيلوا أن هذا هو الحق الذي يطالبهم 
الوطن بالقيام به » والمفقود الذي يرجو منهم نواله » فاقتصروا من الأقوال على 
تردادها » ومن الأعمال على هز الرؤوس عندما يرفعون بها الأصوات ‘ فطوراً Le dale‏ 
يعمله سواهم > ويقبحون صنع من عداهم « وآونة يحقرون ما ul‏ الغير به ويعدونه 
صغيراً لا يفيد في مصالح الوطن العمومية › ولا يجلب له خيراً كثيراً » وحينا يصفون 
البلاد بأنها سيئة الحال خطرة المآل . لم تحصل على ما حصل عليه سواها من التقدم ولا 
قاربته في راحة الخاطر ونعومة البال » لعدم صدق وطنية أبنائها » وقلة سعيهم في طريق 
منافعها بالجد والاجتهاد » وزماناً يزعمون أن الأمور تنزل في غير منازلهل وتوضع في غير 
مواضعها . فتهدى المناصب إلى غير مستحقيها ويرفع إلى الرتب الرفيعة من هو جدير 
بالضعة وحقيق بالانخفاض » يمضون كل أوقاتهم في حكاية ما ذكرناه ويميتون أعمارهم. 
بالاشتغال بذكراه » ثم لا نراهم » وأظنهم يعترفون بما نقول . أنهم أقاموا من العمل 
a ١‏ نيراد الا امون سر عل الي 
الذي يرشدون إليه مع أن كل من كان e‏ (وكان تظاعره به هو 
السبب في ترقيه ورفعه إلى رتبة عالية) يدعي أنه وقف على كل دقائقه واستكشف جميع 


, ه)‎ 1١594 ربيع الثاني سنة‎ 5١( في ۲۱ مارس سنة ۱۸۸۱ م‎ ۱۰٦۹۷ الوقائم المصرية . عدد‎ )١( 


۴1۷ 





غوامضه » وعرف حقيقة مغزاه وسر مبناه » لم يجىء مثله في الأولين ولا ساواه أحد من 
المتأحرين » وكان يشار إليه من بين أقرانه في المدرسة بأطراف البنان » وإذا 
سأله سائل في عمل شيء ما يدعي معرفته كاختراع أمر أو تأليف كتاب أو قراءة علم أو 
تدريس فن يستفيد منه الطالب وتترشح به a‏ » تأوه تأوه الآسف المحزون › 
قائلاً: هذا أسهل شيء علي » وأهونه لدي » ولكن يأسف كل التأسف لانحطاط شأنه 
في هذه البلاد وضعة مقامه » إذ ليس فيها من يعرف قدره ولا ما يجب لثله من العزة 
والاحترام . 


أو يقول : إنهم قوم لا يفقهون حديثاً » فلا يدركون ما أقول , ولا يفهمون ما 
ألقيه » بل ليست فيهم قابلية للعلم ولا استعداد للفهم » فإذا اشتغلت بأمرهم أضعت 
أوقاتي سدى وذهبت أتعابي فيهم أدراج الرياح . 

أو يذكر أن أبناءها لا يصبون إلى الوطني ولا يحفلون بعمله » وإن كان أبدع صنع 
dels‏ أثر » وإما بميلون كل الميل إلى الأجنبي » ويروق لهم كل ما صدر عنه وإن كان 
صغيراً لا فائدة فيه ولا عائدة » وعادتهم أن ينظروا إلى الأمور من جهة مصادرها » ولو 
أنهم اعتبروها في حد ذاتها » ونظروا إليها في نفسها؛ . فأدركوا المفيد منها وعرفوا به 
ذويه » وأعلوا a‏ وقابلوهم بجوائر الشكر ومشوبات الاحترام لشهدت ae‏ 
والمعجب » ورأيت غرائب الحكم ونوادر الآثار . أو يعتل بأن هذا العمل يحتاج إلى 
المعاون والمساعد » وليس يوجد بين طائفته وأولي حرفته من يقتدر على إبراز عمل 
N ee ee‏ 
كان فلا يكون إلا نفورا من غيره حقوداً على من عداه » لا یود اعتلاء سواه » ولا هتم 
إلا des Wal ad‏ يمضي سائر أوقاته في البطالة والكسلء إلى غير ذلك الا 
والأعذار التي يموهون بها على الغير ويخدعون نفوسهم بحلاوة ظاهرها عندما تحس بمرارة 
ما هم عليه وتأخذ ضائرهم في توبيخهم وملامتهم وقت الاختلاء بها ومناجاتها . 

ولا والوطن ومحبته » ليست الوطنية ما توشموها » ولا الأثر ما تخيلوه » ولا ذلك 
بأمول الوطن فيهم » ولا ما يرجوه منهم , ولا تلك الاعتذارات بالمقبولة لديه » ولا هو 
يرتاح إليها . . إنما الوطنية أن تخلص المحبة للوطن إخلاصاً ينبعث عنه السعى بكامل 
الجهد في التماس ما يعود عليه بالتقدم والنجاح › وليس الأثر | إلا ما أفاد فائدة حقيقية 


1 ۹۸ 





توجب اعتدالاً في التصورات أو حستا من GEM‏ والعادات . أو صحة في الأبدان أو 
عزة للوطن أو ارتفاعاً لقامه فذلك ما تدعوه العقلاء وطنية › tiny‏ ا يعدو ادا لا 
الألفاظ المحفوظة ذات المعاني المبتذلة المطروقة , ولا التأسف وهز الرؤوس والإكثار من 
التهدات التي ليست منبعثة عن داعية في القلب ولا رنة في الفؤاد تستوجب النبوض 
لإزالة الضرر والسعي من رفع الملمات » وهل يفيد الغريق تأسفك عليه وإظهار الرأفة له 
والحنو عليه دون أن تمد اليه يد الشفقة لتنقذه » وهل يسر المريض وصفك دائه وذكر 
صحة سواه دون أن تتعهده بالدواء الكافل للشفاء ؟ وهل يريح الجائع تعداد ألوان 
الطعام وأصنافه وشرح مشتهياته ومستبششعاته » وبيان ما تتناوله الأمراء منها وما يأكله 
الأوساط دون أن تقدم إليه مأكولاً أو تأتيه بما يكسر ثورة الجوع ؟ كلا إن ذلك مما يزيد في 
آلامه ويثير كامن الأشجان عليه . 

وأما تلك المعاذير فلا نخالها قرينة الصواب . ذلك أن كل صاحب فضيلة تحقق 
فيه حب النفع العام يسعى في إبراز أثرها للعموم ما استطاع غير مبال بما يعرض له أثناء 
سعيه من الأمور المنفرة » ولا يثنيه عن وجهة خفض منزلة أو فقدان مكافأة » فإن غاية 
مطلوبة ومنتهى لذته إيصال الخير إلى وطئه » فمكافاته هي انتفاع العموم بأثره ومثوبته 
استفادتهم من عمله خصوصاً إذا كان تمن ترى على نفقات الحكومة وسيرته بمصاريفها 
الى البلاد المتمدنة ليكون لما ساعداً 5 الأعمال ومرشداً في المشكلات , 


نعم .. إن المكافأة والشكر مما يقوي الهمة ويزيد في المنافسة والاجتهاد » لكن 
عدمها لا يوجب الانقباض عن السعي عند ذوي الفضائل محبي الأوطان » على أن ذلك 
على تسليم أن ليس للعلم شأن في بلادنا وإلا فهو مرفوع الراية وذووه هم أرباب الشرف 
والاعتبار » rel‏ بنظر الرفعة » ويرفعون إلى منازل 0 en‏ ومتی رأیت 
فيها صاحب علم أشير إليه بأطراف الاحتقار إلا من يخيل إليك أنه على شيء من العلم 
وهو في الواقع من ذوي الجهل والغباوة الذين تشعر الطبيعة بحقيقتهم فتلفظهم |S‏ تلفظط 
المعدة بشع الطعام , ومثل هذا (المدعي للعلم وهو في الحقيقة خلٍ منه) لا ينبغي أن 
ع اغ ol‏ 5 وانحطاط شأن ذويها (وإن كان هو يدعي ذلك) Lely‏ يجب 
أن يستدل به على رفعة مناره في هذه البلاد وتعظيم أبنائه حيث لم يعترف أهلها من كان 
دخيلاً في بابه بعيداً عن ساته فأخرجمه إلى فناء الضعة وقذفوا به إلى حضيض 
الانخفاض . 


۳۹ 





نعم » قد يعارض بعض الفضلاء بعض العقبات في سيرهم » وتحل بهم 
نكبات » وتلم بهم ملمات ريا يسببها سعيهم في رفعة الحق وخحفض الباطل » ولكن 
ذلك لا يدوم ؛ بل ربما كانت تلك المصائب معدات لحصول الشرف والرفعة ومقدمات 
لنتيجة النجاح كما عهد ذلك في البلاد التي سبقتنا إلى غايات العزة والرفاهة والسعادة 
والراحة » فهذه سنة الله في خلقه » لا تنال الراحة إلا بالتعب » ولن تبلغ الآمال 
الرفيعة إلا بالجد والنصب » لكن .. إن التعب في المقدمات لا يعد شيئا يذكر إذا 
التفت إلى عظم الغايات . 


ومن المعلوم أن كل نفس قابلة للتأدب والتهذب » وكل امرء مستعد للكمال في أي 
زمان وجد ومن أي أرض نبت وعلى أي شكل كان ؛. كما تدل عليه التجربة ويشهد 
بصدقه العيان » فنفي القابلية عن البعض عجز 6 ورميه بعدم الاستعداد للفهم مكابرة 
في المحسوس أو عمى عن الصواب . 


أما دعواهم أن أهالي بلادهم لا يميلون إلى ما يأ به الوطني » فإنما يصح 
التصديق بها أو الاعتاد في التقاعد عليها » أن لو أتوا بعمل مفيد أو جاءوا بصنع جليل 
النظر اليهم فامتنعوا وتخيلوا فقدان مكافأبهم فأهملوا الواجب عليهم وتقاعدوا عن 
الأعيال . 

وعندنا » كما هو الواقع ¢ أن تلك الأقاريل وهاتيك المعاذير جرد تمحللات قصد 
مها أرباءبا العاكفون عليها أن يظهروا للعام هم على شيء من العلم » رجاء أن يعتقد 
ذوو الجهالة وضعفاء العقول فيهم الفضل وغزارة المعرفة فيرفعوا قدرهم ويعظموا شأهم 
ويقضوا لهم بعض الأوطار , فمثل هؤلاء كمثل خلي من العشق فارغ القلب من الحب 
يتواجد لل سباع النغيات المطربة pars‏ لدی وصف الخدود ونعك القدود « lag‏ صبا 
عمره بمحسناء ولا كلف مبيفاء 6 ولكن أراد أن يصور لرائيه أنه من قتلاء الغرام الذين 
خاضوا بحار العشق وعلقوا بالحسان فلطفت حواسهم وسلمت أذواقهم وأصبحوا أولى 
رقة وظرف وذوى خلاعة وفكاهة فيحتفل بهم أضرابهم من الناس ومن لا ذوق لهم في 
الهوى . 

وغير خفي أن مثل هذا الغرض لا يتعلق به قصد العقلاء » ولا تتوجه إليه همة 


۹ 





الفضلاء » سيا في هذا العصر الذي لا يغني فيه القول عن العمل » ولا تقبل أبناؤه 
شنشنة اللسان ما لم يؤيدها الأثر في العيان ولا ينظرون للمرء إلا من كوى آثاره ولا 
يستطلعون حقيقته إلا من مرآة أعماله وإنها يتعلق قصد العاقل بالمحمدة الحقة التي 
يذكرها الشاكرون ويوجهون هممهم إلى إظهار المأثرة النافعة التي يشكرهم عليها 
الذاكرون . 

فإلى متى يتباكى أولثئك القوم على الوطن . يقيمون المآتم الكاذبة على نضوب 
مائه وفقدان بهائه ؟ وإلى متى ينعون حاله ويصفون اعتلاله ؟ ومتى يطرحون وساوس 
الأهام التي حسبوها معارف سامية وسموها أفكاراً عالية gay‏ يعدلون إلى سبيل 
الأعمال فيفرغوا فيها الوسع كا أفرغوا في الأقوال وينيطوا إظهار الفضل بالآثار » فإنها 
تنطق بأحسن مما ينطقون وقثل تمثالهم في OLAS‏ بأعظم ما يمثلون » فا الأقوال إلا 
أعراض تظهر ثم لا تلبث أن تختفي » وقليل أن تذعن بصدقها العقول . وما الآثار إلا 
أمور ثابتة لا يسترها تقادم العهد ولا مرور الدهور ويموت المرء وتبقى هي شاهدة بفضله 
دالة على مقامه في الوجود يعثرفها كل من رآها ولا يقوى على إنكارها المكابرون . 

وفي البقين إنهم إذا وجهوا هممهم إلى الأعال يحرزون فيها قصب السبق كما 
أحرزوه في الأقوال إذا اتبعوا في العمل سبيل الذين باشروا الأعمال الرفيعة ونجحوا فيها 
فتنور العالم بمعارفهم وتشرف الوجود بآثارهم « ولا يكونوا كالغراب أراد أن يقلد الحجل 
في مشيته فعجز » Glaus ibe eas eo‏ الله 
إلى خير الأعمال وأرشدهم إلى ما فيه النجاح . 


۳1 


Converted by Tiff Combine 








خط العقلهء(!) 


إن كثيراً من ذوي القرائح الجيدة » إذا أكثروا من دراسة الفنون الأدبية » 
ومطالعة أخبار الأمم « وأحواطهم الحاضرة . تتولد في عقولهم أفكار جليلة » وتنبعث في 
نفوسهم همم رفيعة تندفع إلى قول الحق . وطلب الغاية التي ينبغي أن يكون العام 
عليها » ولكونهم اكتسبوا هذه الأفكار » وحصلوا تلك الهمم من الكتب والأخبار › 
ومعاشرة أرباب المعارف » ونحو ذلك » تراهم يظنون أن وصول غيرهم إلى الحد الذي 
وصلوا إليه » وسير العالم بأسره أو الأمة التي هم فيها بتمامها على مقتضى ما علموه هو أمر 
سهل » مثل سهولة فهم العبارات عليهم » وقريب الوقوع مشل قرب الكتب من 
يدم ‘ والألفاظ من أساعهم فيطلبون من الناس طلبا حاثا أن يكونوا على مشاربهم » 
ويرغبون أن يكون نظام الأمة وناموسها العام على Gb‏ أفكارهم » وإن كانت الأمة عدة 
ملايين » وحضرات المفكرين أشخاصاً معدودين » ويظنون أن أفكارهم العالية إذا 
برزت من عقوهم إلى حيز الكتب والدفاتر» ووضعت أصولاً وقواعد لسير الأمة 
بتامها » ينقلب بها حال الأمة من أسفل درك في الشقاء إلى أعلى درج في السعادة , 
وتتبدل العادات وتتحول الأخلاق » وليس بين غاية النقص والكمال إلا أن ينادى على 
الناس باتباع آرائهم . 

تلك ظنوهم التي تحدثهم بها معارفهم المكتسبة من الكتب والمطالعات » وإنمم 


. في 5 ابريل سنة 1841 (4 جمادي الأولى سنة ۱۲۹۸ ه)‎ ٠١19 الوقائع المصرية العدد‎ )١( 


۳ 





وإن كانوا أصابوا طرفاً من الفضل . من جهة استقامة الفكر في حد ذاته » وارتفاع 
الحمة » وانبعاث الغيرة » لكنهم أخطاوا خطأ عظيياً » من حيث أنهم لم يقارنوا بين ما 
حصلوه وبين طبيعة الأمة التي يريدون إرشادها » ولم يختبروا قابلية الأذهان » 
واستعدادات الطباع للانقياد إلى نصائحهم » واقتفاء آثارها » ولو أنهم درسوا طبائع 
العام » كا درسوا كتب العلم » ودققوا النظر في سطور أحلاقه وعاداته الحقيقية 
الواقعية » التي اقتضتها حالة وجوده ‏ بل لو قارنوا بين الحوادث المسطرة في الكتب » 
وتبينوا كيفية انتقال الأمم من بداياتها إلى نهاياتها » لعلموا أن الأمم في أحوالها العمومية 
كالأشخاص فى أحواها الخصوصية › بل | إن الأحوال العمومية هي عبارة عن مجموع 
ا وليست الأمة مثا إلا مجموع أفرادها » وليس حال ESM ab)‏ 
من تلك الأفراد إلا مجموع أحوال هاته الأفراد . 

فعلى من يريد كيال أمة بتهامها أن يقيس ذلك بكمال كل فرد منها » ويسلك في 
تكميل العموم عين الطريق التي يسلكها لتكميل الواحد a‏ ل 
الفكر الرفيع أن يودع في عقل الطفل الرضيع أو الصبي ‏ قبل رشده وقبل أن يتعلم شيثا 
من مبادىء العلوم ‏ تلك الأفكار العالية : التي ناما بالجحد والاجتهاد» وكثرة 
المطالعات ؟!. . كلا . :“بل لو آزاد أن عل مخضا من الأشتخاضن عل مثل فكرة » 
احتاج إلى أن يبدأ بتعليمه القراءة والكتابة » ثم مبادىء الفنون السهلة التحصيل ١‏ ثم 
يتدرج به شيئاً فشيئاً ؛ حتى ينتهي بعد سنن عديدة إلى بعض مطلوبه » وأن يراقب 
حركاته في أعماله » خوفاً من اختلاطه بفاسدي الاخلاق والافكار » والمائلين إلى الكسالة 
والبطالة » أو ورود موارد الشهوات » ونحو ذلك من الملاحظات التي لا بد مها » فإن 
اختل شيء من الترتيب في التعليم » بأن قذّم الاصعب على الاسهل Dee‏ أو أهمل 
ملاحظة أعماله وأحواله » اختلت التربية » وذهبت الاتعاب سدى » واستحال صيرورة 
حال ذلك الشخص Leddy ULL Atle‏ 

ولو أنه أراد تحويل أفكار شخص واحد . وهو في سن الرجولية » هل يمكنه أن 
يبدها بغيرها بمجرد إلقاء القول عليه ؟!. . كلا . . إن الذي تمكن في العقل أزماناً » لا 
يفارقه إلا في أزمان » فلا بد لصاحب الفكر أن يجتهد أولاً في إزالة الشبه التى تمسك بها 
ذلك الشخص في اعتقاداته ». وذلك لا يكون في آن واحد. ولا بعبارة واحدة + ولكن 
بعبارات مختلفة في التقريب » بعضها سهل المأخذ قريب المنال » والبعض أرقى منه » 


4 





Myles Yous‏ , والآخر برهاني29 » وما شابه ذلك » فإن لم يتخذ تلك الوسائل في 
إرشاده » امتنع عليه مقصوده » بل ربما جره نصحه إلى الضرر بنفسه » تلك هي الحالة 
المشهودة التي لا ينكرها أحد » ثم إن نجاحه في تغيير فكر واحد مع كل هذا الاجتهاد 
موقوف على أن صاحب ذلك الفكر الفاسد لا يعاشر ولا يخالط في خلال تعلمه إلا 
مرشده » صاحب الفكر السليم » ob‏ كان يخالط غيره » ممن يؤيد فكره الأول » طال 
الزمن + وربما. لم ينجح فيه الإرشاد . وأظن أن هذا يعترف به من مارس الأخلاق 
والعادات . 

إن كان هذا حال شخص واحد » إذا أردنا إصلاح شأنه » في صغره وكبره » مع 
أنه يسهل ضبط أعماله وأحواله » والوقوف على كنه أوصافه ودرجات تقدمه في المقصود 
وتأخره فيه » فما ظنك بحال أمة من الأمم . تختلف «be pele‏ وتتباين شعوبها ؟! فمن 
الخطأ » بل من الجهالة » أن تُكلّف الأمة بالسير على ما لا تعرف له حقيقة » أو يطلب 
منہا ما هو بعيد عن مداركها بالكلية » كما أنه لا يليق أن يطلب من الشخص الواحد ما 
لا يعقله أو ما لا يجد إليه سبيلا . 

وإنما الحكمة أن تحفظ لها عوائدها الكلية المقررة في عقول أفرادها » ثم يطلب 
بعض تحسينات فيها لا تبعد منها بالمرة » فإذا اعتادوها طلب منهم ما هو أرقى 
بالتدريج » حتى لا يمضي زمن طويل إلا وقد انخلعوا عن عاداتهم وأفكارهم المنحطة إلى 
ما هو أرقى وأعلى » من حيث لا يشعرون » أما إذا وضع لهم من الحدود ما لم يصلوا إلى 
كه » أو كلفوا من العمل ما لم يعهدوه » أو خولوا من السلطة مالم يعودوه . رأيتهم 
يتخبطون في السير » لخفاء المقصود عنهم » وضلال الرأي فيما لم يكن يمر عل 
خواطرهم » فيمكن أن يخرجوا عن حالتهم الأولى » لكن إلى ما هو أتعس منها , 
بحكم الاستعداد القاضي عليهم بذلك . 

مثلاً إثنا نستحسن حالة الحكومة الجمهورية في أمريكا » واعتدال أحكامهاء 
والحرية التامة في الانتتخابات العمومية في رؤساء جمهورياتها » وأعضاء نوابها , 
(۲) الكلام الخطابي » والمثالي » والشعري » هو الذي يثير حماس الجمهور واقتناعه , golly‏ في ذات 

الوقت على العواطف والمشاعر دون العقل ومنطقه . . 


(") الكلام البرهاني ؛ هو المعتمد على البرهان » وهو القياس المؤلف من اليقينيات » ومن المقدمات 
الصادقة . . واليرهان أداة الفلاسفة في البحث والاستخلاص . 


o 





ومجالسها » وما شاكل ذلك » ونعرف مقدار السعادة WE git‏ الأهالي من تلك الحالة » 
ونعلم أن هذه السعادة إنما أ تت هم من کون أفراد الأمة هم الحاكمين في مصال حهم 
بأنفسهم » لا نهم أرباب الانتخاب . وإ ار ee‏ 
لا المصالح والحقوق التي رأوها لأنفسهم » وتتشوق النفوس الحرة أن 
تكون على مثل هذه الحالة الجليلة » لكننا لا نستحسن 0 
لأفغانستان مث » حال كوبا على ما نعهد من الخشونة » فإنه لو فوض أمر المصالح إلى 
رأي الأهالي لرأب کف و ل و » فلا يمكن 
Bee Ue ha pt ll yo gle ol Jo GAN‏ + ؛ لرأيت كل شعخص 
٠ bahia oe‏ فربما ينتخبون آلافاً مؤلفة » ثم لا ينتهي الانتخاب 
لى المرغوب Sul‏ > لوقوف واحد عند انتخابه الأول » ولو وكل إليهم انتخاب رئيس 

ل 0 
الأمم التي تعودت على أن يكون زمامها بيد ملك أو أمير أو وزير يدير أعمالما بدون أن 
يكون لها دخل في رؤية مصاحها . لا يمكن أن يطلب منها الدخول في أعمالها العامة وإلا 
فسدت ء فإذا أردنا إبلاغ الأفغان مثلاً إلى درجة أمريكا , فلا بد من قرون تبث فيها 
العلوم» وتهذب العقول . وتذلل الشهوات الخصوصية» وتوسع الأفكار الكلية » حق 
ينشأ في البلاد ما يسمى بالرأي العمومي , فعند ذلك يحسن لا ما يحسن لأمريكا . 

ويا عجباً !! هل الشخص الذي توارث العوائد عن آبائه وأجداده » ومرن عليها 
من مهذه إلى كهولته » وتعود تفويض مصلحته إلى إرادة غيره » يصح أن يطلب في زمان 
واحد خلع جميع ذلك ؟! ويلقى | ليه زمام مصلحته » وهو في جميع عمره لم يفكر فيها ؟! 
إن هذا لخطأ ظاهر . 

ولكون أرباب الأفكار منا يرومون أن تكون بلادنا » وهي هي » کبلاد أوروبا » 
وهي هي », لا ينجعون في مقاصدهم . ويضرون أنفسهم بذهاب أتعاهم أدراج 
الرياح » ويضرون البلاد بجعل المشروعات فيها على غير أساس صحيح » فلا يمر زمن 

لا وقد بطل المشروعء ورجع الأمر إلى أسوأ ما كان . فيفوت الزمان وهم على 
حالهم القديم » وكان لهم إمكان أن يكونوا على أحسن منه . فمن يريد حير البلاد فلا 
بسعى إلا في إتقان التربية » وبعد ذلك يأتي له جميع ما يطلبه » إن كان طالباً حقاً . 
بدون إتعاب فكر ولا إجهاد نفس . وفي الكلام بقية أذكرها في] بعد هذا العدد . 


۳۲٦ 





) Saad ths. d كلام‎ 


تولى أمر هذه البلاد (المصرية) أناس في أزمنة مختلفة » تظاهر كل منم GL‏ يريد 
تقدمها ونقلها من حالة المهمجية - على ما يزعم - إلى حالة التمدن التي عليها أبناء الأمم 
المتمدنة » وجعلوا الوسيلة إلى ذلك أن تنقل عادات أولئك الأمم المتمدنين » وأفكارهم 
وأطوارهم > إلى هذه البلاد » وظنوا أن تقليدنا لعاداتهم » وأخذنا OV)‏ بأفكارهم 
اليومية » وتشبهنا مهم في الأطوار . كاف في أن نكون مثلهم . وإن استلامنا لتلك 
العادات » وتلقينا لتلك الأفكار أمر غير عسير . 
لم ينظروا في الأسباب والوسائل التي توصل بها أولئك الأمم إلى هذه الخال التي 
هم علیها » > يَعْتَدُوا مثلها eee‏ 
من الممكن أن تكون بداية » مع أن ما نرى عليه جيراننا من المالك الغربية لم يصلوا إليه 
إلا بعد معاناة أتعاب » ومقاساة مشاق . وسفك دماء شريفة » وثل عروش ملك 
رفيعة » وكانوا في كل ذلك يقربون من المقصود تارة ويبعدون عنه أخرى » كا يرشدنا 
إليه تاريخهم » حتى بدلت الحوادث الدهرية طبائع الأهالي » وغيرت أخلاقهم » ونبهت 
الضرورات أفكارهم ؛ وهذبت المخالطات الجهادية22 والتجارية عقوهم . 
إن بداية التقدم الأوروي في الحقيقة كان في نفوس الأهالي وأفراد الرعايا , 





. جمادي الأولى سنة ۱۲۹۲ ه)‎ ۸( ۱۸۸۱١ في ۷ ابريل سنة‎ ٠٠۸۲ الوقائم المصرية . العدد‎ )١( 
الحربية والعسكرية .. والإشارة إلى الإختلاط مع الشرق زمن الحروب الصليبية » كا سيتضح‎ )١( 
. بعد قليل‎ 


TTY 





علمتهم الحروب الصليبية سير البر والبحر . وخالطوا فيها الأمم الشرقية أجيلاً . 
وطمحت أنظارهم لغالبتهم » فدققوا في سبب قوة الشرقيبن ‏ التي كانت لهم إذ ذاك 
وبحثوا في أحوالهم » فرأوا لهم عادات جميلة » وفي| بينهم أفكار سامية » ورأوا في دوائر 
أعاهم اتساعاً » وأيدي الصناعة والاكتساب مطلقة الحرية » ولذلك كان الغنى والعز 
مستوكر |29 أقطارهم ish ٠‏ أهالي أوروبا عند ذلك تقليدهم » » لکن لا في البهارج 
والزخارف » بل في أسبابها « والموصلات اليها » وهي توسيع نطاق الصناعة والتجارة 
ونحوهما من وجوه الكسب » فكان ذلك أساساً للعمل » وَقَرَ في النفوس » وثبت في 
العقول » وبنوا عليه ما شاءوا » ولو تأملنا تاريخ سير التقدم الأوروبي لرأينا أسباب 
التقدم يجمعها سبب واحد : وهو احساس نفوس الأهالي بآلام صعبة الاحتمال » من 
ظلم الأشراف (النبلاء) » وغدر الملوك » وضيق وجوه الاكتساب » ونفرة دينية على 
المسلمين الذين استولوا على حرمهم المقدس » وهذا الاحساس هو الذي دعا الأنفس 
الكثيرة العدد إلى الخروج من هذه الآلام » فطلبوا لذلك أسباباً متنوعة . أقواها 
التعاضد والتعاون على ترويج وسائل الكسب وافتتاح أبواب الرزق » فكانت تعقد 
لذلك المحالفات ر ؛ وتتألف له الجمعيات » فكان جرثومة تقدمهم i al‏ منبثاً 
في غالب الأفراد » ومحرزاً في أغلب العقول . وهو نشاط الأهالي في اجتلاب الثروة » 
وطلبهم لحرية العمل , لينالوها » ورفضهم لتلك التقيدات التي كانت تمنعهم من طلب 
حقوقهم الطبيعية » ثم تدرجوا فيه » ينتقلون من حال إلى حال . والأصل ثابت لا 
يتغير » حتى عم التغير جميع العوائد والمشارب والقوانين » وم يكن ذلك كله إلا من 
حرص الأهالي أنفسهم على الخروج من الآلام التي كانوا يشعرون بها في كل لحظة من 
حياتهم » ويتوارث هذا الشعور وذلك الحرص أبناؤهم من بعدهم . 

أما عقلاؤنا فقد وجهوا نظرهم إلى حالة التمدن الحاضرة » والأهالي على غير علم 
منها بأنفسهم . ٠‏ فاستلفتهم العقلاء ء اليها » لكن لا بتحريك غيرتهم إلى العمل اختيارا » 
أو إلجائهم إ إلبهاقنطراراً ؛ وتسهيل الطرق لهم حتى يسير من جميع عناصر البلاد وطبقاتها 
أشخاص مختلفون في الأفكار والأحوال إلى تلك البلاد المتدمنة » ويشهدوا عاداتها 
وأحواها > وتم العقلاء مهم بالبحث عن أسباب السعادة » وموجبات الشقاء » اهتمام 


(؟) أي مستقراً في بلادهم استقرار الطائر في وكره وعشه . 


۸ 





المضطر الذي يطلب خلاص نفسه من هلاك يتو قعه . بل جلبوا اليهم كثيراً من 

تلك البلاد » تظهر عليهم الرفاهية » وترى عليهم آثار النعمة » E‏ 
(ab Oy Kits‏ لا eas‏ » فشادوا بيننا أبنية » وزينوها بما لم نكن نعهده من أنواع 
الزينة » وجلبوا الينا من مصنوعاتهم ما راق منظره » وطاب مخيره . لكننا لم نشهد 
مصنعه » ولم ندر ملبعه ورأيناهم يتزينون مبذه اللطائف التي تذهب الحزن , وتشرح 
الخواطر » ويتنافسون فيها » فأعجبتنا حاهم هذه » وقال لنا العقلاء كونوا مثلهم »› 
والحقوا بهم في هذه السعادة » ثم صاروا أثمة لنا في العمل » فأخذنا نتشبه بهم » لكن 
فيا رأيناه » وهو الزينة والبهرجة » غير باحثين عن كون ذلك هو الذي يلحقنا بهم في 
الحقيقة أم لاء ومن ذلك ترى أفكار الغالب منا دائياً » عندما يجد فرصة الإقتدار , 
موجهة إلى تشييد الأبنية » وتجويد وضعها ء واتقان ترتيبها » وتزيين بواطنها 
وظواهرها » والتوسع في لوازم لماكل والمشارب وآلاتها وأوانيها » والتفنن فيها » وجلب 
ما هو أغلى ثمناً » وأدحل في النظر » وأجلب للأنس © والتأنق في الملابس » ومحاذات 
الأوروبيين فيها » Daley‏ أن تكون على النمط الأعلا عندهم » وعلى هذا النحو تفئنا في 
أنواع المفروشات » وتأنقنا في اقتنائها من أنواع مختلفة » مما غلا ثمنه » وارتفعت عن 
الطاقة قيمه » وتنافسنا في ذلك كتنافس أسلافنا في افتتاح البلاد وتملك الحصون , 
وبالجملة فقد سلكنا مسالك المتمدنين في ثمرات تمدنهم » التي جعلوها من زوائدهم » 
فأسرفنا في الانفاق » وصار الناظر لملابسنا ومساكننا » والذائق لمطاعمنا ومشارينا » 
يشهد بأننا في ذلك بحمد الله متمدنون » فقد اشتركنا معهم في ثمرات التمدن . أي ما 
ينتهي إليه حال المتمدن من طلبه للتمتع باللذائذ »> وركونه لترويح النفس وتخفيف 
أتعاها . 


لكن من تأمل حقيقة الأمر » علم أن مثلنا في ذلك كمثل الدجاجة » رأت أن 
of ead Las Lae aed aM‏ فن كايا :تاجات شا و "أن رن 
ذلك . غير عارفة أن ذلك لا يكون إلا باستعداد » أي بأن تكون أوزة » فحبست 
ها ll Ue Ye ash ge Mada Lad cadet‏ 6 ورن ا ما شرن OIF‏ 
إفراطنا في تقليد الأوروبيين » ومجاراتهم في عاداتهم الي نظا تفوق عاداتنا البسيطة › 
فعل في نفوس غالب الأغنياء منا فعلاً غريباً » صرف نظرهم | إلى اللذائذ » واستكمال 
لوازم الترف والنعيم » وأحدث في نفوسهم غفلة ع يحفظ ذلك عليهم بل يوجب 


۳۹ 





إزدياده لديهم » وهو الوقوف على الطريق المستقيم الموَصّل إلى اكتساب المجد الحقيقي 
والشرف الذاتي » الذي يتبعه الغني والثروة والراحة المستتبعة للذة الحقيقية والنعيم 
الباقي في الحياة وبعدها . ومن هذه الجهة ‏ جهة الغفلة عن روح الثروة وحمايتها » وهو 
التمدن الحقيقي » أعني الإحساس بوجوه اللذائذ والآلام » والتنشط في طلب وجوه 
الكسب المتنوعة » وطلب الأمنة على تلك الوجوه » ومراعاة الحقوف والواجبات الطبيعية 
والشرعية ‏ فارقوا الأمم المتمدنة » فصح أن يطلق عليهم أنهم في غاية التمدن » مع 
أغهم إما في بدايته » وإما قبلها بكثير » وحق لهم ذلك فإنهم رأوا أبواب اللذات مفتحة 
قبل أن ad‏ عقلا يُقَدَّرُ لهم ما يلزم منها وما لا يلزم . 

كل ذلك نشأ من جلب تلك العوائد الترفهية إلى بلادنا » وطلب التحلى مها بدون 
ls Jy ol‏ يوضلنا إلبها من أنفسنا»..وليتنا قبل آن. نشيند :بيوتننا بالارتفاع GALEN‏ 
والترتيب المحكم ونزينها بأنواع النقوش والفرش والأثاث . أبقيناها على بساطتها ء 
وشيدنا في عقولنا الهمم الرفيعة » والحمية النيى لا تمتد اليها الأيدي » وأحكمنا طرق 
سيرنا في حفظ حقوقنا » ورتبنا في مداركنا حميع الوسائل والمعدات التي تحفظ علينا ما 
وجدنا » وتجذب إلينا ما فقدنا » وزينا نفوسنا بالفضائل الإنسانية والشرعية » من رحمة 
بالضعفاء » ورفق باللهوفين » وغيرةٍ على البلاد » وأنفة عن الصغار . 

لعمر الله لو قدمنا هذه الزينة الجوهرية على ذلك الرونق الصوري لكان العا 
بأسره ينظر إلينا نظر الراهب الخائف . أو يرمقنا بلحظ المعظم المبجل . وكانت معيشتنا 
البسيطة أوقع في نفسه من معيشته الرفيعة . وكان ذلك سهلا لو أن الزاعمين فينا حب 
الترقي والتقدم ساروا بنا من البدايات » وحجبونا عن النبايات حتى لا نراها إلا من 
أنفسنا » فنطلبها , لا لأنها أعجبت النظر ولكن لأنبها CE‏ الفكر ونتيجته » وكانوا 
يعلموننا محاذاة المتمدنين في أصول أعالهم . لا في زوائدها » فكنا بذلك نصل إلى ما 
وصلوا إليه في زمن أقل بكثير من الزمن الذي نالوا فيه ما نالوا » لكن فات الوقت ونحن 
الآن فيه » فعلينا بالعمل غير مقتصرين على مجرد الأمل . 

ok‏ كد 


ا 





Mea! ths d كلام‎ 


لسنا ننكر أن بلادنا كانت في الأزمان السابقة تحت تصرف أقوام خشنين » لا 
يعلمون للخلقة غاية إلا وجودهم الشريف › وكانوا يعدون أفراد الأهالي eal Liat‏ 
لهم يستعملونها كيفم| يريدون - (كما كان ذلك شأن سائر الأمم غربية وشرقية) - فأرغموا 
أنف الطبيعة » وحوا أنوار الإلهام الفطري الذي وضعه الله في نفوس عباده لفهم 
منافعهم ومضارهم . حيث وقفوا سداً حصيناً بين كل شخص ومنافعه » فاستأثروا 
بجميع ثمرات الأعمال » > فلا يعمل العامل وله أمل بأن يجني ثمرة عمله ) » فانه عندما 
تبدو الثمرة يسرع حاكمه إلى قطفها » وكانت حياته معقودة بغضب ذاك الحاكم 
ورضاه » فان رضي عنه فهو في فى أمن عليها > وإن غضب عليه فهو إن عاش - كمريض 
بلغ امرض غايته » ينتظر الموت في كل لحظة » فيكون في حالة تسليم مطلق » خا 
على حياته مستسلم لقضاء حاكمه » وبالجملة لم يكن لأحد من الأهالي حركة اختيارية › 
ناشئة عن فكره الخاص به في نحصيل منفعة أو درء مضرة ‏ بل كانت أعماله تابعة لإرادة 
سيده الحاكم » وكان يعتقد أنه وما ملكت يداه حل للآمر عليه » وليس لتصرف ذلك 
الآمر حد يجب أن ينتهي إليه » وهذه حالة يصعد بها تاريخ هذه البلاد أجيالاً كثيرة » إذا 
استرسلنا في طلب مبدئها قد نصل إليه وقد لا نصل . وبذلك الاسترقاق الظاهري 
والباطني فنيت الإرادة ومات الاختيار وطفىء نور الفكر بالمرة . 


1) الوقائع المصرية . العدد ٠١47‏ في 14 ابريل سئة 1841١‏ م 7١(‏ جمادي الأولى سنة 1194 ه) . 


۳۴۳١ 





وكان من جملة التقييدات العنيفة التي وَضغيا أولفك الماسلطوق :الجر عل 
أهالي المدن وغيرها في الأعمال والأقوال الشخصية . حتى كانوا من شدة التضييق 
يستعملون طريقة يقال لها «الكبسة» وهو أن مهجم رجال ا الأماكن 
ليلا ؛ ليقبضوا على من يظن بهم الاجتماع على فسق , كفحش باللساء » أو شرب 
للمسكرات وما شاكل هذا » فإن وجدوا شيا من ذلك ساقوا من يجدونه إلى حيث 
يستوفي SS edt Lae‏ 
بكلمة في مطلب علمي » أو يجادل في حال شخص »ء إلا وَيُرْمّى بكفر وزندقة » أو 
طَعْنِ في حاكم , وله عند ذلك الويل الذي لا حلص منه » كل ذلك سمعنا بعضه 
بالنقل ورأينا بعضه الآخر بالعيان . 


فتلك كانت حالة تعيسة » يجب على عقلائنا أن ينتحلوا كل وسيلة لتخليص 
رقاب العباد منها » فرزق الله هذه البلاد باناس خخالطوا الأمم المتمدنة » وطالعوا 
أحواها » ورأوا ما عليه أهلوها من اطلاق الإرادة وحرية الاختيار » فطلبوا لبلادنا أن 
تكون في أحوال أهاليها الشخصية على مثال سكان تلك البلاد المتمدنة » لكنهم أول ما 
بدأوا به أن أباحوا ‏ ما أقبحها من إباحة ‏ لكل شخص أن يعمل فيما| بخص نفسه 
بإرادته » ويتكلم فيا هو مقصور على ذاته بمقتضى فكره » وشرطوا في ذلك شرطاً ‏ ما 
أنفسه من شرط ‏ وهو أن تكون تلك الأعمال والأقوال غير متعلقة بارتباطاته مع 
حاکمه » فإن كانت كذلك فدونبا ضرب الرقاب . أو سَكَنٌ الوس » أو الجلاء عن 
الأوطان » وسموا تلك الإباحة حزية . ونادوا مها على الألسنة الظالمة » فكان حاصل 
تلك الحرية أن لا جناح على من ارتكب آي جرية » وتطبع بأي خلق HS Cea:‏ 
سيثاً » وذهب إلى أي مذهب , صحيحاً كان أو فاسداً . وإنما عليه أن يكون تحت أمر 
الحاكم ؛ ليس له حق في أن يمنع عنه مطلوباً , » أو يستقضي منه مسلوباً أي كان » فلم 
يجعلوا'للسلطة حداً معيئاً » وهو الذي نسميه بالقانون الذي يعرفه كل أحد فيقف 
عنده » بل أبقوها على ما كانت عليه » وجعلوا تلك الحرية غطاء على هذا الاستعباد » 
فهم في الحقيقة لم يقلدوا el‏ المنمدئة ني اطلاق الإرادة من جهة الارثباطات العمومية 
الثابتة » فهذا خطأ من وجه إن كان لهم مقصد اصلاح » ولم إِنْ كانوا متعمدين هذا 
التقييد » ثم أنهم قلدوها في الأحوال الحزئية الشخصية » > مع علمهم أن البلاد غير 
معتادة على مثل هذه الحرية فيهاء فلذلك اندفعت الئاس إلى انتهاب الشهوات » 


۲ 





وهتكوا حرمة الوقار » وتهالكوا على شرب المسكرات في بلادنا الحارة إلى الحد الذي لا 
يبلغه الأوروبيون في بلادهم الباردة » وكثرت لذلك الحانات » ومخازن الشراب المهلك 
للعقول والأبدان » ثم تولعوا بما يتبع تبع السكر من اللهو واللعب » وتنافسوا في الحظوة عند 
النساء الباغيات » وانسع 8 Cea‏ المداعية والملاعبة بين النساء 
والرجال في الطرق ct‏ » وتعدى ذلك المرض المعدي | إلى الحرائر » فذهب الكثير 
مهم | إلى حيث يبتغين » وافتضحت بذلك بيوت شريفة , CIE Us,‏ لذلك منعاً أو 
ل قال المولع : هذه حرية !! فضاع شأن الآداب » وانحطت قيمة الشرف 
والوقار » حيث أصبح أبناء الأغنياء وذوي المقامات يتسابقون إلى التهور في هذه الأحوال 
الرديئة > ويدعون إليها cyt‏ دونهم ومن فوقهم إلا قليلاً - ويصرفون فيها ما لا يُقدّر 
من النقود ‏ (وسأجعل لذلك (Lele epee‏ وكاد فساد الأخلاق يسري إلى كثير من 
طبقات الأهالي ‏ هذه ثنائج خرية ذلك العمل . 
وأما نتائج حرية الفكر- التي يزعمونها - فكانت خاصة بالاعتقادات والمشارب 
الدينية » فأخذ كثير من الناس يجهر بين العامة بألفاظ تناقض دينه الذي ولد فيه » فإن 
rte‏ ل > فما كل الناس يرضاه . قال : إننا في 
زمان الحرية . على ن أفكاره التي يذهب | إليها في الفة دينه ليست بأفكار مرتبة مبنية 
لم ا ا RTOS‏ م 
معناها أو طلب منه : أي وهم ساقه | إليها ؟ لعجز عن التعبير » والتجأ إلى التهوس » 
ورمى من يخاطبه بالجهل والخشونة . حيث لم يوافقه على مشربه الفاسد ؛ ثم يتخل هذه 
الخرعبلات الاعتقادية » التي Lyles‏ را وتبصرا » ذريعة لاستباحة ee‏ واستحلال 
المحظورات » Laks Cat) sal,‏ كر اة GIL‏ - والعياذ باللّه ‏ ثم سال عن 
حكمة المعراج ؟! ومنهم من نكر النبوات ويعتقد بالشياطين ؟! وما أشبه ذلك » فهؤلاء 
من الجهل كان لا يعلوهم فيه حيوان فضلا عن إنسان !!. 
فهذه الحرية البثراء » التي رمانا مها عقلاؤنا » لم تدع ها اا ی وان كان 
الأروباويون محرصون عليها » فإن استعداد بلادنا لم يكن ملائاً لثل هذا الاطلاق › 
الذي هو في الحقيقة عين الرق والاستعباد » فإن الجاهل الذي لم يتعود على تصريف 
إرادته وإعمال اختياره » إذا أطلق له العمل » وقع في أشد من الرق وأضر من 
العبودية . نعم » إنه عتق من أسر الضابطة وغل الجزاء » ولكن شهواته الخبيثة تبيعه 


۲ 





| بأبخس الاثمان إلى الاسراف والبطالة والكسل وجميع أنواع الشرور » وتودعه سجن 
الفقر وتغله بطوق الذل والعار » ويا ليته بقي تحت سيادة القانون » يسوسه حتى في 
أعاله الشخصية » «فالكبسة» على ما كان فيها من الخطر على الأنفس والأموال » 
وشناعة الصورة » لو أحسن فيها القصد لكانت أولى وأفضل » إلى زمن تتقدم فيه 
التربية » فيكون لكل شخص زاجر من نفسه » CHS‏ «الكبسة) بذاتها » ويذهب 
الناس أحراراً بطبعهم ‏ وما كان ذلك بعسير ولا حتاج إلى زمن طويل » وما ضرنا إلا 
التقليد على غير تبصر بحال البلاد واستعدادها . 

فتلك الحرية » التي سموها اطلاق الفكر » قد عنقت صاحبها من قيد العقل » 
وأسلمته إلى الجهل الأعمى » فهو يتصرف به كيف ما يقتضي e‏ 
بقي تحت سيادة العقل » يسوسه المهذبون » ويقوده المتبصرون » حت يعلم من أين 
تؤتى الأفكار » وبأي الوسائل يوفى العقل حظوظه الحقيقية » لكان ذلك خير وأبقى » 
0 إلا لتخفيف يسير في شناعات المتعصبين » وتعيين دائرة منتظمة يردد 
الكلام بين محبطها إلى زمن معين » حت تستقيم العقول » فتضرب لنفسها حداً تقف 
atic‏ ¢ ولكئنا طلينا أن نكون على مثال الأوروبيين في عوائدهم » حتى الُضرة ة بأخلاقنا 
وأعمالنا وأفكارنا . 

ويا ليت العقلاء منا في الزمن السابق”9 اقتدوا بالبلاد المتمدنة في الأزمان 
السابقة » عند إرادتهم تأييد الاستقلال حقيقة » حيث بدأوا بالمجالس البلدية . فكان 
يمكنهم أن يصنعوا لأهل البلاد قانوناً بسيطاً ينطبق على عوائدهم وأحواهم ٠‏ ويقرب 
فهمه من ادراكاتهم . ثم يفوض إلى أهل كل بلد أن تنتتخب منها عدداً معيئاً ليقوم 
بالفصل بينهم على مقتضى هذا القانون » ثم يصنعوا مثل ذلك في المدن على حسبها , 
ويذهب أشخاص من العارفين إلى القرى والمدن ليَفَهُمُوا أولئكك مواد القانون السهل 
البسيط » ويدربوهم على كيفية العمل به » ثم لا يزالوا على المراقبة أزماناً ٠‏ فلا تمضي 
مدة حتى يكون جميع الأهالي عالمين بما يجب عليهم » فتنموا فيهم القوة » وتحيا فيهم 
روح الاختيار» كما كانت عليه الجمعيات ببلاد «ايطاليا» age‏ وغيرها في مبداً 


(5) الزمن المعني بالحديث في هذا المقال هو عهد الخديو إس|عيل بما أنجز فيه وأقيم من مؤسسات 
١‏ دستورية شورية وغيرها من المستحدثات 


Pre 





تمدها , ثم يتدرجوا في القوانين إلى أرقى هما وضعوا أولاً » مع تفهيمه وتعليمه لجمهور 
الأهالي » ليعلموه فيقفوا عند حده . 

وكان في ذلك غنية عن القوانين الضخمة التي لا يفهمها إلا الراسخون في 
العلم » وهي محفوظة بين دفات الكتب وصدور بعض من النبهاء » لكن الأهالي 
أنفسهم الذين قد وضعت هذه القوانين لهم غير عالمين بها » فكيف يُطلب مهم أن 
يعملوا بمقتضاها ؟! ان هذا لشىء عجاب . غبر أن العقلاء مئا يقولون : لا بد أن نكون 
ممائلين لأوروبا في القوانين والعادات » رغاً عن الحق الذي يقضى علينا بأن نكون 
خاضعين لأحكام «LEAHY‏ وما تقتضيه طبيعة موقعنا الذي نشأنا فيه » ولن يكون ذلك 
اكا 

وإننا نخشى لو تمادينا في هذا التقليد الأعمى » واستمر بنا الأحذ بالہايات الزائدة 
قبل البدايات الضرورية الواجبة » أن تموت فينا أحلافنا وعاداتنا » وأن يكون انتقالنا 
عنها - لو انتقلنا - على وجه تقليدي أيضاً » فلا يفيد . لكن الوقت لم يفت بعد » فعلى 
من يريد بنا خيراً أن يذهب بنا طريقاً قوياً » ولا أراه إلا نشر القوانين - (وإن كانت 
طويلة صعبة المنال في وقتنا هذا وما لا يدرك كله لا يترك كله) ‏ إنما لا يكتفي بنشرها على 
لسان «الحرائد» » فإن قارثيها قليل » ولا بإرسال «المنشورات» إلى «عمد» البلاد » فإن 
LE ee Les‏ يفهم إذا قرأ » ولكن لا بد من تشكيل جمعيات في القرى والمدن لتفاهم 
«القوانين» و«اللوائح» و«المنشورات» » وإلا ضاعت الحقوق » وكثرت المشاكل › 
وصعب كبح صغار المأمورين عن الاجراءات المضرة بالحكومة والأهالي معأ » ثم وضع 
حدود قويمة للأعمال الشخصية والأخلاق والتضرفات . فإن إصلاح الأخلاق والأفكار 
والأعمال من أهم واجبات البلاد » وبدونه لا يمكن إصلاح شيء من أمورها » وليس 
بجائز أن يجعل في درجة أقل من درجة قوانين حفظ الضبط والربط . 

ومركز النظر في جميع ذلك نبهاء البلاد » وذوو الشأن فيها » فعليهم إن كانوا 
صادقين في الوطنية أن يبذلوا الجهد في طلب ذلك , والقيام بما يلزم » وإلا فإنهم 
مقلدون فقط » والله أعلم » وي الكلام بقية تأي . 


*# 6 


ro 


Converted by Tiff Combine 








إختلاف القوانين 
باختلاف أحوال eel‏ 


(عدنا إلى الكلام في القانون حسبا وعدنا) 


إن المبدع الأول جل شأنه » أودع في الإنسان قوتين : عملية › ونظرية , 
ليتوصل بها ! إلى كاله المخصوص به » وربط إحداهما بالأخرى » فجعل كمال الأول 
مترقفاً عل كال الثانية ٠+‏ فار الإنسان مفطررا عل طلب النظزيات: ». والوقوفة عل 
الحقائق » قبل أن يباشر عمل ما » فإن العمل لا بُقصد إلا إذا كان له من النتائج ما 
gait ole ce Ca‏ کل کول ينتج الفائدة ا و » بل لا بد أن يكون على 
eee‏ ال ل » مما يناط بقوة 
النظر » فإذا كملت » جاء العمل على أحسن الوجوه » وكانت الفائدة أعظم ٠‏ والغاية 
أكمل. 

ومن هل ضار كل lh Sead de Lape LL‏ "ارلا Ly‏ 
ليهتدي بها إلى مناهج أعماله » يقارفها للحصول على كمال حياته » ويميز النتائج » على 
اختلاف درجاتها في النفع , » لیضع بإزاء كل واحدة منها عمللا خصوصا » مرتباً على وجه 
معلوم » أقرب فائدة » وأسهل تناولاً » وأحكم وضعاً . 

فعلوم الإنسان هي عبارة عن الحدود التي بها الفوائد النافعة » يضبط بها طرق 
الأعال الموصلة إلى تلك الفوائد . حتى لا يخبط في سيره , ولا يختلط عليه النافع 
والضار » فيقع في الشقاء » وتنتابه أيدي البلاء . 


. في ۱۹ پونيو سنة ۱۸۸۱ م ۲۲ رجب سنة ۱۲۹۸ ه‎ ١١541 الوقائع المصرية العدد‎ )١( 


۷ 





وحيث أن أحوال كل أمة تابعة لمعلوماتها » على نسبة بينهها كنسبة العلة والمعلول » 
فهي إنما تتخذ لأعلها حدوداً » وتختار لأوضاعها قوانين » بحسب قوتها في النظر, 
ورتبتها في الفكر » بحيث لا تخرج وقتاً من الأوقات عا تسنه سجيتها من التقاليد 
والأحلاق . إلا إذا أتاحت ها الفرص الارتقاء إلى درجة أعلى في النظر وأرقى في 
الفكر . 

ولا كانت القوانين مُناط ضبط الأعمال » لتكون منتجة لجلال الفوائد » وهي ثمرة 
الأعمال النظرية » وخلاصة الأبحاث الفكرية » صارت قوانين كل أمة على نسبة 
درجتها في العرفان » واختلفت القوانين باختلاف الأمم في الجهالة والعلم . 


فلا يجوز حينئذ وضع قانون طائفة من الناس لطائفة أخرى تباينها في درجة 
ee ee‏ 
وأحلاقها » وإلا اختل نظامها » والتبس عليها سبيل الرشد » وانسد دونها طريق 
الفهم › وحسبت الصحيح اا والصواب thst‏ وحرفت الأوضاع » وبدلت 
وغيرت » فيقلب عليها دواء غيرها داء؛ » وذلك لقصر نظرها › وعدم درايتها بوجوه 
تلك القوانين » وما هي الداعية ها » والحاجة إليها ؛ فإن الحاجة هي الأستاذ المرشد , 
والمعلم الأول » go‏ علمها الإنسان حق العلم صار حريصاً عليها » مقيداً ببا فلا 
حالف ما دعت إليه » وقضت به » وإذا كان وضع القوانين بين 3( داعيته حاجتهم 
م Pa eed‏ > أما من لم تذْعهم الحاجة إليها فلا 
يرونا من الضروريات » فلا لوم عليهم إذا نبذوها » ويكون تكليفهم بها من قبيل 
التكليف بالمحال , ٠‏ بل الأجدر بهم أن يعلموا أولا : ما هي الحاجة » ليستووا مع غيرهم 
في العلية » ويتحدوا معهم في ما يترتب عليها . 


وقد جرت Bole‏ المشرعين في كل زمان » أن يراعوا في وضع القوانين درجة عقول 
الذين يراد وضعها لهم » حتى لا تكون مبهمة عليهم . فلا يتيسر لهم فهمهاء وا 
معرفة الغرض منها » وأن يلاحظوا العوائد والاحلاق ملاحظة تامة » فلا يخرجون في 
تأسيس القوانين عا تقتضيه من الشدة والتخفيف » فرب طائفة من الناس ينفع فيهم 
الزجر افيف 6 ويردعهم الوعيد بالجراء المين » إذا كانت طباعهم سهلة الانقياد , 
ونفوسهم شريفة » وحواسهم سريعة التأثر » فهؤلاء لا يسن لحم من القوانين إلا ما كان 


۳۳۸ 


| 


I 





' منطبقاً على أحوالهم » فلا يكلفون بالقوانين الصارمة , لأنبا تضرٌ بهم » شأن من 


يتتجاوز في استعيال الدواء الحد المخصوص . 

مثا إذا فرض أن واحداً من وصفناهم فعل ما يستوجب العقاب » وكان السجن 
بالنسبة إليه أمراً يؤثر في طبيعته » ويؤم نفسه على ما بها من العزة ولطف الحاسة أل 
dos‏ شق ق على نفوس عشيرته وأهل وطنه e‏ 
يكون وقوع ذلك لواحد منهم من أكبر الزواجر عن اقتراف الذنب الذي وقع منه , 
فيكون الحكم على هذا ie‏ كالنفي والطرد والأعيال 
الممتهنة الشاقة ظلاً (oy‏ > لأن ذلك رعا يفضى به إلى الوت العاجل › ويؤثر في نفوس 
eee, ie‏ ؛ ليطا اكم ويش بعد 
ذلك إلا أن تتقد نيران الفتن » وتلتهب حمية الغضب بين هؤلاء الناس » وتكون 
عاقبتهم شراً , أو تحمد النفوس . وتذل الطباع » وتنعدم الشهامة من الأفراد » وبشست 
العاقية هذه . 

ورُب امّة فطرت أفرادها على الغلظة » ومحافاة الرقة » وكانت ase‏ منطوية 
على الخسة والسفالة » ونفوسهم بعيدة عن خصال الشرف . فهؤلاء لا يردعهم عن 
غيهم » ولا يصدهم عن موارد بهتانهم | إلا القوانين لار المؤسسة على الحزاءات 
الشديدة »› فمن الخطأ البين أن يعامل مذنبهم بالسجن مغلا | إذا كانت نفسه تستخف ما 
هو أشد منه عقاباً ؛ فإن الغرض من وضع القوانين إنما هو مجانبة ما يخل النظام » ويبدد 
هيئة الاجتماع > ويضر بالمصالح الشخصية » والمنافع العمومية » فإذا لم تكن مؤدية لهذا 
الغرض فليست إلا جرد تكاليف أت عل اهل الناش cbc‏ ا ا ا 
لدائرة المغاسد » وإكثاراً للمظالم . 


ولنا شاهد على ما ذكرناه حالة بلادنا من قبل » فقد مر على أهلها زمن كانوا فيه 
همجاً لا يعرفون صالح نفوسهم » ؛ لتمكن الجهل ما وقتئذ » فكانوا لا يعتدون 
بالزراعة » مع توافر أسبامها » وصلاحية الأراضي ها » وكان الملاك لا يعرفون قيمة ما 
يمتلكونه منها ل ل ae aaa‏ 
ما فرضته Mi, SH ale‏ من المطالب » ولا يقيم في بلده مدة تناله فيها أيد 





(۲) الاشارة إلى التجربة الزراعية التي قام بها محمد علي ابان فترة حكمه البلاد . 


۳۳۹ 





الحكام » فكان أهالي البلاد بباجرون منها إلى بلاد أخرى . Lage‏ على نفوسهم من 
الزراعة والأخذ بوسائل الغنى والثروة » فاضطرت الحكومة وقتئذ أن تلزم الأهالي امتلاك 
الأراضي وزراعتها » ورتبت على المخالقين قوانين صارمة » تشتمل على مواد العقاب 
الشديد » فإذا جاء الوقت الذي تطالب فيه الحكومة بالمطاليب الأميرية امتلأت السجون 
من بقايا الذين هاجروا من COM‏ وراج سوق eel Sl‏ © فكنت ترى كافة الأهالي ما 
بين فار من بلده » ومودع في السجن » وموجع بالفئرب » وكان لخراب البلاد وعمارها 
أوقات معينة في السنة لا تتعداها » واستمرت على هذه الحالة السيئة cash Taal‏ 
أن توطدت نفوسهم على العمل » وتمهدت ممم طرق الزراعة » ودخلت في دور جديد 
geil Le‏ لها من المعدات الي سهلت طرقها . وثبتت الأهالي في البلاد » وأخذوا خطة 
واحدة في فلاحة أراضيهم »> غير مبالين بمطاليب الحكومة » لكوم ابتدأوا يعلمون أهمية 
الزراعة » ويعظمونها » ويتنافسون في -حاصلاتها > فتبدلت القوانين التي كانت تتخذها 
الحكومة لزجر الفلاح عن الفرار › 0 الزراعة » والتقاعد عن الأداء › نوعاً من 
التبدل » ثم تبادلتهم الأيدي الظالمة أمدأ ليس بقصيرء ولكنهم لم يزالوا ce‏ 
أملاكهم » فسئموا سوء المعاملة > واشتاقت نفوسهم إلى قانون ae‏ ينتظم به 
الأداء » فساقت لهم يد العناية الإلمية من لدن الحكومة التوفيقية من أسس هم 0 
عادلاً » في هذا الشأن . دخلت به مصر في عصر جديد . وارتفع من بين أهلها صوت 
الكرباج » وبُدّل جزاء التأخير عن أداء المطاليب بما لا يحط من شرف الإنسان » ورتبت 
المصالح العامة على قوانين لا تخالف مشرب أهل البلاد ٠‏ بوجه يغاير القوانين السالفة , 
وذلك مرتب على تغاير الخالتين + Soot coe pall cults‏ 2 > فلو جعل جزاء التأخير 
في الزمن السابق هو انتزاع الأرض من يد مالكها لكان أ حب شيء إليهم هو التأخير . 
ليستريجحوا من كتابة اسمهم في دفتر اللاك » وکان هذا الحزاء Uy‏ عندهم في المحقيقة لا 
عقاباً »> لكنه الآن أصبح من أشد العقاب . 


ولقد آن لحكومتنا أن تعطف عنان النظر إلى قوانين المجالس القضائية » لتجعلها 
مناسبة للحالة الراهنة » فتختار منها ما لا يصعب فهمه , ولا تحتمل عبارته معنيين أو 
جملة معان » ولا تكون مواده من قبيل القواعد العمومية التى تنطبق أحكامها على جملة 
من الجزاءات لكثير من الحنايات المتباينة » حتى لا تكون القوانين نفسها دريعة لأرباب 
الأغراض الفاسدة » فيلعبون بالحقوق كا يشاءون » مع أن من بأيديهم أزمة القوانين 


Ves 





ليسوا في رتبة المشرعين الذين يستنبطون مما ME fat‏ الظاهر » أو من القواعد 
العمومية الحكم المنطبق على حقيقة الأمر الواقع . 
على أن أرباب الحقوق منا ليسوا منزهين عن الشكوك والظئون الفاسدة » فريما 
أساءوا الظن يمن يكون «LB Matt a‏ مع خحفاء الحكم من نفس المواد 
القانونية وعدم انكشاف النص منبا » وذلك يؤدي إلى حرصهم على استئناف التحقيق 
أولاً وثانياً فيطول الأمر وتتعطل المصالح ٠‏ وتزيد النفقات » وتشتد الضغائن » وتتسع 
أبواب المفاسد , مع كثرة الوقائع والمشاكل كا هو حاصل في بلادنا الآن » فيجب حينئذ 
أن تكون مواد القوانين نصوصها صريحة ظاهرة الأحكام » منطبقة على كافة الوقائع » 
مفصلة الأبواب » سهلة التراكيب . 
أما القوانين التي كانت متناولة في بلادنا حتى اليوم » فإنها (مع كونها قاصرة . 
ا ره السا ت مو ر مروف د الان ن عا 
يعرف «بالقانون المايون» » وبعضها يسمى «باللوائح» » وبعضها يدعى «بتعلييات 
الحقانية» » والبعض يقال له «قرار المخصوصي) > والبعض الآخر «منشور الأحكام» 2 
والبعض «الأمر العالي) » الصادر في تاريخ كذا , وهكذا مما لايحصى عدده ¢ ولا يمكن 
لأحد ما حصره » فكيف يعقل أن يكون هذا التشتيت قانوناً يقف العالم عند حدوده » 
ار ولما تصوروه « oe lye aK‏ أحواهم » بعيداً عن مداركهم . 
فمن الواجب إصلاح هذا الخلل البين الذي أضاع الحقوق » وأضر بالأمن › 
ومن اللازم الاسراع به » وعدم تفويت الوقت > وإضاعة الزمن في الأقوال التي لا طائل 
نحتها » ويلزم أن تكون القوانين مستوفاة جميع القيود والشروط » ولا يحال فيها على 
کک ولا «اللوائح» ¢ تسهيلا لضبط الأحكام » وتطبيقا ها على مقتضى الحال » 
وأن تكون منطبقة على حالة الأهالي ‘ ودرجة إدراكهم ٠‏ ليمكنهم دركها » والعمل 
بمقتضاها . كل على حسبه » انف هرا عن ورف 
فقد تقرر في مدارك العلماء والسياسيين من سابق ولاحق . أن المشرعين وواضعي 
القوانين يضطرون دائا | إلى مراعاة العوائد والأخحلاق » ليتمكنرا من تأسيسها على وجه 
عادل نافع » بل إن أحوال الأمم بنفسها هي المشرع الحقيقي , والمرشد الحكيم 
النطاسى وأن القوة الحاكمة تابعة لقوة رعاياها . فلا تخطو الأولى خطورة إلا إذا كان لما 
من الثانية سائق إلى ما خطت اليه نعم لا ننكر أن إعداد الوسائل والمعدات منوط بالقوة 


۳١ 





الحاكمة » فهي ثُلزِم بها رعاياها » كرهاً أو اختياراً » لكن على قدر طاقة المحكومين » 
ke Goel‏ الحكومات » وتبدل قوالينها » تابع لما تقضي به حقوق الوطنية 6 الي 
هي في الحقيقة حالة الرعية » فإن انتقال حكومة فرنسا مثلاً من اللكية المطلقة إلى 
المقيدة » ثم إلى الجمهورية الحرة » لم يكن بإرادة أولي الحل والعقد فقط a‏ 
الأقوى حالة الأهالي » وارتفاع أفكارهم , وتنبه إحساساتهم لطلب الرقي إلى أعلى ثما 
هم عليه » مكاي رات رس ا ل 
مطلوبهم » من معرفة الواجبات الحقيقية » 0 أنهم لم يصلو إلى هذه الغاية. الشريفة إلا 
بعد قطع العقبات التي هي دون الوصول إليها يها Yc‏ بدون ذلك لا يمكن أن تنال الغاية 
ولا يدرك المطلوب . 
وحيث كانت تلك الوسائل وهذه المعدات من مزالق الأفهام والعقول » وكانت 

معرفتها 0 الصعوبة › فربما يقع في وهم طائفة من الناس 
أنهم تبيئوا لأن ينتقلوا إلى خطة أرقى في المدنية والنظامات القانونية » وليس الأمر ما 
توهموه فيتقهقروا إلى الوراء » بأن يعمدوا إلى جعل التشريع حرا » والمشاركة في 
التأسيس مباحة » وليسوا آمنين من دسائس الأغراض » ولا متمكنين من الوسائل الي 
يئه م هذا الأمر » فيفشوا الو داء الاختلاف , ويلحقهم دَجَل العناد » فلا يبتدون 

إلى الصواب ولا يبرمون رأياً » ولا يبتون حكياً » ويمضون الزمن في قيل وقال » فتفوتهم 
ثمرة الحزم » وتضيع مصالحهم , ويصدق فيهم المثل : «من عجل بشيء قبل أوانه 
عوقب بحرمانه» » وبالحملة فلبست هيئة النظام المدني لأمة من الناس سوى صورة لادة 
Bi ots‏ اكتسبتها أفرادها » من مألوفاتها وعوائدها التي نشأت عليها » سواء كانت 
ممدوحة أو مذمومة . وأن اختلاف قوانيها في معارج صعودها ومدارك هبوطها لا ينفك 
عن هذه الملكات , lege‏ تغيرت أصنافها » وتبدلت شئونها » وهذا ما جعل عقلاء الناس 
d ‘of O gl gis‏ تغيير الملكات وتبديل الأخلاق عند ما يريدون أن يضعوا للهيئة 
الاجتماعية نظاماً [Se‏ « فيقدمون التربية الحقيقية على ما سواها , ليتسنى لهم أن يحصلوا 
على هذه الغاية » بل يجعلون في نفس القوانين النظامية فصولا وأبواباً تضبط الأخلاق » 

pupil tie cist Tae oy Sty ¢ lll VLSI bad,‏ في اعبزالمنا 6 وتلترمنه 
الأشخاص في سيرها . حتى تنتقل الأعمال من حالة التكليف إلى حالة العادة والملكة › 

فتصبح الأخلاق فاضلة » والعادات حسنة . وتسير الأمة في طريق الاستقامة إلى خير 
غاية , 


Vey 





السلطة للصفوة المستييرة(١)‏ 


إن أول ما يجب أن يبدأ به : التربية والتعليم » لتكوين رجال يقومون بأعمال 
الحكومة النيابية على بصيرة مؤيدة بالعزيمة . وحمل الحكومة على العدل والإصلاح » ومنه 
تعويدها الأهالي على البحث في المصالح العامة واستشارتها إياهم في الأمر بمجالس خاصة 
تنشأ في المديريات والمحافظات . وليس من الحكمة أن تعطى الرعية ما لم تستعد له , 
فذلك Cast Skee‏ القاصر من التصرف بماله قبل بلوغه سن الرشد » وكال التربية 
المؤهلة والمعدة للتصرف المفيد esa‏ 

...... إن الأمة لو كانت مستعدة لمشاركة الحكومة في إدارة شئوما لما كان 
لطلب ذلك بالقوة العسكرية معنى » فا يطالب به رؤساء العسكرية الآن غير مشروع 
لأنه ليس تصويراً لاستعداد الأمة ومطلبها » ويخثى أن بجر هذا الشغب على البلاد 
Geet Yoo!‏ نوجل عل به الل إلى يوم القيامة . 

0 03 3 


)١(‏ كلمات الأستاذ الإمام هذه جاءت في حوار بينه وبين مجموعة من قادة الثورة العرابية ابان أحداثها 
الأولى » وكان قد جمعهم مجلس في منزل «طلبة باشا» ‏ أحد رجالات الثورة ‏ في عيد الفطر , 
وكان عراي حاضراً يشارك في النقاش » وكان الأستاذ الإمام يعارض بكلماته هذه الديمقراطية 
وإعطاء حق اختيار الحكام وإدارة شؤون الدولة لعامة الناس . وعندما أشار الأستاذ الإمام إلى 
احنمالات حدوث احتلال أجنبي بسبب الشغب » واللعنة التي ستحل على المتسبب في ذلك قال 
عرابي : «أرجو أن لا أستحق هله اللعنة » وليس الحند هو الذي يطلب مجلس النواب » ولكنه 
مؤيد لطلب أعيان البلاد ووجهائها» . 


ver 





...... إن المعهود في سير الأمم وسئن الاجتماع أن القيام على الحكومات 
الاستبدادية وتفييد سلطنها وإلزامها الشورى › والمساواة بين الرعية إنما يكون من 
الطبقات الوسطى والدنيا » إذا فشا فيهم التعليم الصحيح والتربية النافعة وصار لهم 
رأي عام . . . إنه لم يعهد في أمة من أمم الأرض أن الخواص والأغنياء ورجال الحكومة 
يطلبون مساواة أنفسهم بسائر الناس وإزالة امتيازاتهم واستثثارهم بالحياة والوظائف 
بمشاركة الطبقات الدنيا لهم في ذلك » فكيف حصل في هذه المرة » ومن أهل هذا 
المجتمع ؟ 

......هل تغيرت سنة الله في الخلق » وانقلب سير المجتمع الإنساني ؟! أم 
بلغت فيكم الفضيلة حداً لم يبلغ إليه أحد من العالمين حتى رضيتم واخترتم عن روية 
وبصيرة أن تشاركوا سائر أمتكم في جاهكم ومجدكم ؟! وتساووا الصعاليك حباً 
بالعدالة والإنسانية ؟! أم تسيرون إلى حيث لا تدرون . وتعملون بما لا تعلمون ؟! 


Vee 





مصر والحبشة(١)‏ 


لم يكن للممخاصمات السياسية بين هاتين الحكومتين شأن ينظر إليه في الأزمان 
السالفة E‏ المنتشبة بين ملوك طوائفهم » 
ار خارجاً عن بسيط أرضهم » حتى خيل لأولي ا 
الحكومة السابقة أن يجعلوا لهذا الامو كان من تصرفهم » فعمدوا إلى ele‏ 
إلى مناوشات سفكت فيها الدماء من الطرفين على ما هو معلوم ع عند أبناء بلادنا 
وغيرهم » فإن العهد قريب والأمر خطير » وصرف فيها من الأموال ما كانت البلاد أولى 
بادخاره لضروراتها الطارئة أو إنفاقه في مصا حها العامة . ثم انقضت تلك المناوشات 
بهذا الضرر » وتم أمرها على دغل في النفوس وحقد في القلوب تهب نيرانه كلا حطرت 
ذكرى الحوادث الماضية بين الحكومتين . وكثرت لذلك الاشاعات وتنوعت هواجس 
الخواطر حتى انقضت تلك الحكومة وتركت آثارها تضطرب مما البلاد وتألم ها نفوس 
العباد . 

ولا قبض ال جناب الخديوي توفيق الأول على زمام الحكومة » وألف هيئة حكومية 
من رجاها الصادقين » وجهت الحكومة فكرها إلى إصلاح الداخلية وملاقاة أمر الخارجية 
بصدق نية وخلوص طوية »> فأخذت بالتدابير السياسية مبنية على المقدمات الصحيحة 
بعزم ثابت وجأش قوي » حتى كان من أجل أعااللها انقضاء هذه النازلة على أحسن 
أحواها . 


(١)»الوقائع‏ المصرية عدد ١١191١‏ في ١4‏ أغسطس سنة 188١‏ م ١9(‏ رمضان سنة ۱۲۹۸ هم . 


fo 





فقد كان حديث الناس في شأنها على عهده في الأيام المشؤومة » أو صدى أخبارها 
يصدع آذاننا إلى أواثل هذا العام > والناس بين مصدق ومكذب ». والحكومة مجدة في 
سيرها القويم © oe‏ انجل الأمر واتضحت الحقيقة للعام والخاص » وذهبت الاشاعات 
والاكاذيب الصادرة عن أعداء السلم والاصلاح أدراج الرياح . والحبشة في حدودهم 
JAN ays J ya‏ شيئاً » ولا يبتغون سوى الرضا ء ty‏ الله إلا أن يح GA‏ 
ولو كره المبطلون . 

أرسل نجاشى الحبشة رسل المحبة والمصافة حاملين من التحف واهدايا خير ما 
لديه ليقدموا إلى الجئاب الخديوي أن الحكومة الحبشية على عهود المحبة وشروط الودادء لا 
تتمنى غاية أعلى من مصادقة الحكومة الخديوية لما تبين لها من علو مقامها ورفعة مكامها 
وانتظام أحوالها بمراعاتها جانب الصدق في أقوالها والعدل في أعمالها . والعدل أساس 
القوة والسطوة ‏ وتيقنت أنها الجار المنيع الذي يرجى خيره ويخئى ضيره ؛ ويلتمسوا من 
جانب الخديوي تعيبن مطران وثلاثة أساقفة لرئاسة الدين في بلادهم . فلاقى المرسلون 
من لدن الحضرة الخديوية ومن حضرة دولتلو رئيس النظار ورجال الحكومة الكرام ما 
شرح صدورهم من علائم الكرم ودلائل المروءة » وشهدوا من انتظام الأحوال واستقامة 
الاعمال ما أعظم أمر البلاد المصرية في نفوسهم وأكيرها في قلوبهم » ونالوا من مكارمها 
تعطف الحليم » وتفضل الكريم > وقامت عندهم الادلة القاطعة على تأكد الألفة 
وحسن القصد من الحكومة الخديوية » ومنحتهم ملتمسهم من تعيين الرؤساء الدينيين 
بانتتخاب حضرة بطريرك الكنيسة القبطية ورجعوا إلى أوطانهم شاكرين على ما منحوا من 
قضاء المطلوب وما لاقوا من إكرام فوق المرغوب . وقد ree‏ الحناب الخنديوي مبدايا 
جليلة وتحف نفيسة » Ba‏ املك هع علق اه ادا اة اة ن ا رن 

ee ee 
الأغبياء | إلى هذه الأوقات لم تكن مبنية على شيء أن جناب الملك أوعز | إلى مرسليه أن‎ 
يلتمسوا ]| إذناً من الحضرة الخديوية بشراء عدد من الأسلحة التي توجد في أسواق القاهرة‎ 
فأمر الجناب الخديوي بإهداء القدر المطلوب وهو ثاثماية بندقية من الأسلحة الموجودة في‎ 
تخازن الجهادية . فعبئت الاسلحة في صناديق هدية إلى حكومة الحبشة » وزيد على ذلك‎ 
خمسة وثلاثون بندقية لنفس المرسلين . كل ذلك لا في مقابلة شىء . فهذا برهان على أن‎ 
. العلائق بين الحكومتين على غاية من الصفاء‎ 


۳4٦ 





تلك آيات LS‏ قامت لنا على حسن عناية الحكومة الخديوية براحة الأهالي 
وحقن دمائهم وحفظ أموالهم وكال اهتتامها بالمحافظة على السلم ليتم لها تنظيم 
الداخلية وترتيب إدارتها حتى تسترجع إلى البلاد ثروتها وتتدرج بها في مراقي كالاتها . 
أيدها الله في تتميم مقاصدها السليمة ونجاح أعملها القويمة . 


FEV 


Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine - (no stamps are applied by registered version 





فى الثورة العرابية 


۳4 


Converted by Tiff Combine 








نبل امعالي ial‏ 


عثرنا في جريدة المقتطف على فصل مفيد » يحكي تاريخ الجرال «غارفيلد) رئيس 
جمهورية الولايات المتحدة في أمريكا » فكان هذا التاريخ شاهداً على ما للرجل من وفرة 
العلم ؛ وكثرة التجربة » وتقلبه في الأعمال النافعة لبلاده » ودليلاً على ما لبلاد أمريكا 
من التقدم في المدنية » حيث أن فضل الرجل عندهم يعرف » ويشهد لحم به » فلا يحول 
بينه وبين ما يؤهله له استعداده وضاعة أصوله » أو حمول عشيرته » أو فراغ يده من 
النقود » أو حقارة مسكنه » أو حشونة مأكله » فجميع هذه الظواهر التي لا دخل لها في 
جواهر الرجال ليست معتبرة علدهم > ولا هي المدار في ارتقاء مراتب الشرف 
والسيادة » وقد استفيد من هذا التاريخ : أن هذا الرجل لم يصل إلى ما وصل إليه 
بلزوم أعتاب الكبراء » ولا الوقوف be‏ أبواب الأمراء » ولم يرفعه إلى منزلة الرياسة 
العظمى صفاء لون الوجه » ولا حسن تركيب GLI‏ 6 ولا توسطه في منافع من هم أرفع 
منه منزلة » ليجذبوه من حضيض حطته إلى أوج رفعتهم » وهكذا يرتفع أبناء الأوساط 
والآحاد من الناس » في البلاد المتمدئة » بالصفات الفاضلة » وسعة المعلومات » وبذل 
الحهد فيا يعود على البلاد بالخير والفائدة . 

وهذا هو الذي يبعث كل فرد من أفراد الأمة على الجد في كسب الفضائل 
الحقيقية » واستعمال العقل الإنساني فيا خلق لأجله » من إصلاح أحوال المعيشة , 
وسعادة الدارين » وسلوك طرق الرشاد » واستخدام جميع الوسائل الالهية التي أعدها 


. ه)‎ ١194 م (ذي القعدة سئة‎ 184١ اكتوبر سئة‎ ١ في‎ ١877 الوقائع المصرية : العدد‎ )١( 





۳01 





الله تعالى نافع حلقه » ووهب مم إدراكاً يتمكنون به من اجتناء منافعهم منها . 

فأرباب الثروة وذوو المقامات الرفيعة » يعلمون أن المناصب وارتفاع الشئون تنال 
بالفضائل التي آم الله بها عباده , وهداهم إليها على لسان من اختصهم بمزايا 
الإدراكات السامية » ودم عليها بالحاجات والضرورات با ساقه اليهم من حوادث 
الكون التي هي خير أستاذ ماهر للعقول الإنسانية » والنفوس البشرية » اا 
لسعادة المعيشة » وركناً شديداً لبيت الحياة > وهي الفضائل الني دونت لها كتب العليماء 
والحكماء » وأثيتها ane‏ والسياسيون في مؤلفاتهم . ويجمعها طلب النفع الخاص 
من طريق الفائدة العامة , أ ي الوقوف في السعي لكسب المعيشة عند حد ما ينفع 
الجمعية المعنونة باسم واحد » كمصر أو الشام أو أمر TT‏ 
لاان و زه را عل cee sede‏ « لا في العاجل ولا في الآجل إلا أن 
يتوقف عليه نفع جميعهم ١‏ ويتبع هذه الفضيلة الكلية عدة فضائل › » هي أصناف وأنواع 
لها. وكل واحدة منها أصل لفضائل لا تنحصر إلا بالذوق الطاهر والفكر الدقيق » 
ويلزم لنوال كلها اتساع دائرة العقل في المعلومات ‏ ومقارنة الحوادث بعضها ببعض في 
Gall pel‏ :ونيتية كل .مما إل الآخرفي dad‏ والمضرة+ حى يكين للشحمن حسن 
الطلب على النحو الذي بيناه » ويتبع هذا الواجب نشاط في العمل المفيد للفرد 
والمجموع » واحتال لكثير من المشاق المتعبة في أوقات وان أعقبها راحة دائمة , ثم 
يشب ذلك حمل بصفات das BS‏ عن أغراض جمة » تسمى الأولى باسم الفضائل » 
وتعنون الثانية بعنوان الرذائل » فإذا تيقن الأعلون من الناس أن لا رفعة ولا ثروة إلا 
بحوز هذه الفضائل , دآبوا في تحصيلها » وبذلوا الجهد في المحافظة عليها » فيسعدون 
بما يستفيدوّن » ويسعد غيرهم بما يفيدون » إذ بجحرصون على التفنن في العلوم والصنائع 
التي يحتاجها غيرهم » فيطلبها منهم بالثمن الذي يرغبون . ويجتهدون في منع كل ضرر 
يخشى وقوعه طيئتهم الاجتاعية 2 التي هم أعضاؤها الرئيسة › فتطلبهم الأفراد للسيادة 
عليهم » جزاء لهم بحسن خصام وجميل فعاهم . 

أما الوضعاء من الناس » وذوو الأنساب الحقيرة » ومن لا اسم لهم ء 
يعلمون أن هذه الصفات الفاضلة تسوق إلى السعادة » وأن من لا قدر لهم . ولا تَعْلّم 
أمسماؤهم » لخمول ذكرهم » وحجب ستارة الفقر والاعدام شواخصهم عن أعين 
الناظرين » يعلو ذكرهم » وتتوجه الأفكار إلى معرفتهم » والقلوب إلى احترامهم » 


Yor 





وتطلبهم المنازل الرفيعة وهم في مساكنهم الحقيرة » فيجدون ويجتهدون في اكتساب ما 
يؤهلهم ويعدهم للحاق يمن سبقهم في الأعمال النافعة » والأوصاف الفاضلة aes‏ 
من رفعة الشأن مثل ما نال السابقوون » وبذلك تكون الأمة على احتلاف طبقاتها في 
حركة صعود (le‏ » فإن الغني وذا الحاه لا يريان للحفظ غناهما وجاهههما yf‏ الخ Late‏ 
إلا المحافظة على منابع الخير من ذاته » والبعد عن قواذف الشر ومطارح الضر » والفقير 
وخامل الذكر لا يجد سباك إلى الغنى ونباهة الاسم إلا المبادرة إلى أسبابه الحقيقية » وهي 
التشبه بالنبلاء والوجهاء الذين لم ينالوا النبالة والوجاهة إلا بالفضائل الحقيقية في التحلي 
بتلك lad!‏ © حتى يصبح لبيلاً وجيهاً مثلهم ؛ فتقوى في الأمة دعائم العمران » 
وتثبت فيها أصول السعادة التي وضعها الله تعالى لتحسين حالة الإنسان في Cathe‏ 
ووقايته من الخطر الذي يتوقع أن يحل به » وعند ذلك تكون للأمة الأحوال التي نسميها 
CENGA ODEN ails Salli‏ 
وغير ذلك من الصفات التي تمدح بها ويعلو شأنها . 


وهذا بخلاف ما يوجد في كثير من البلاد التي لا عناية لما بشأن الفضائل » فلا 
ينظر فيها إلى الشخص من حيث حليته الباطنة » وزينته العقلية » ولكن أهاليها ينظرون 
إلى الرونق ae‏ والحلية الصورية » ويعدون الأعراض الساقطة في المنزلة الأولى من 
الإعتبار » فلا ينزل الواحد فيها منازل الشرف | لا إذا كانت له من أبيه أو من متبوعه 

جهة الشرف » ثم إن صاحب ال جاه والشأن الرفيع لا يسقط من مقامه » فإن جاهه هو 
الحافظ له , وشأنه هو الذي يقدم أبناءه وحواشيه إلى مثل مقامه » وإن كان فافداً لكل 
فضيلة » وخالياً من كل صفة الإنسانية » فتكون الطبقات في مثل هذه البلاد على الدوام 
ثابتة » أفرادها على حال واحد في أزمئة كثيرة » فالفقراء يبقون على فقرهم . والأغنياء 
يدومون على غناهم » وقليل أن يصير الفقير غنياً » ويلزم لذلك تمكن الإستبداد والظلم 
في نفوس الطبقات العليا » وثبوت جرثومة العبودية والذل في قلوب الطبقات السفل ١‏ 
وني مثل هذه البلاد قد ينال بعض المستضعفين وآحاد الناس ومن لا شأن لهم رفعة شأن 
أو علو مقام » ولكن لا من أسبابه الطبيعية التي سنا الله في خلقه » » بل بوسائل التذلل 
والمداجاة وإظهار العبودية لمن فوقه » ولزوم اعتاہم » والوقوف على على أبواهم » أو بأن 
ينتصب لحلب منافعهم الخاصة » فإذا داوم على ذلك أزماناً رقوا له» وأخحذوا بيده › 
فدرجوه في مراقي الشرف سلا بعد سلم » حتى يلحق بهم > ويعد في حاشيتهم › 


yor" 





فيشرف بمثل شرفهم , فبهذه الوسائل تنحرف القلوب . وتميل الأفكار عن الحادة 
المستقيمة 2( ويدحل الناس dg‏ هذه الطرق فتنعدم الرغبات 3 الفضائل 2 بل تغفل 
الأذهان عنها بالكلية , فلا تتوجه إلا إلى تلك الرذائل . 

غير أن هذه الوسائل » وإن أفادت في بامها » وأتت بالغاية المطلوبة منها » لكن لا 
مضي زمن قليل حتى تسقط الأمة بتمامها » ؤينتهي بها الحال إلى الخراب » ويعم الشر 
جميع الأفراد . 

فهنيئاً للبلاد التي تُعْرَف فيها الحقوق لأربابها » وتدخل لها السعادة من أبوابها » 
وإنا ننشر هذا الفصل التاريخي ليستفيد منه المطالعون . 





قانون الوظائف المدنية 4 


كثيراً ما تحدث الناس في شأن قوانين الملكية » وما يراد منا » > مع كون التقرير 
الذي رفعه حضرة دولتلو رئيس مجلس النظار كافياً في بيان المقصد › ولهذا ر رأينا أن نزيد 
القراء إيضاحاً للقصد من هذا العمل الجليل › ؛ فنقول : تحقق مجلس نظارنا أن الطريقة 
الجاري عليها العمل في قبول صغار المستخدمين في الخدمات الميرية الملكية وتولية كيار 
الموظفين الخطط المهمة ثم رفت أولئك وعزل هؤلاء ليست قوية ,٠‏ وأن دوام السير على 
مقتضاها ما يضر بأعمال الحكومة ويعوق المصالح الإدارية شض سا فن اشم ف لل 
والاننظام » وذلك أن See ace es‏ رؤساء 
المصالح ونظارها » متى ظهر لدى رئيس القلم أو ناظر المصلحة أو من فوقهم استحقاق 
شخص لوظيفة بادر بتحويلها عليه » سواء كان في الواقع مستحقاً أو غير مستحق » 
ومتى انحرف عنه » لداع خصوصي أو أي موجب ما لا يتجاوز ز علمه »> سارع إلى رفته 
بالاستصواب أو الاستحسان أو الاستغناء أو نحو ذلك من الأسباب المتعارفة في 
الرفت . 

ولذلك كان المستخدم ولم يزل » حتى تصدر القوانين وينفذ مقتضاها , لا يراعي 
إلا رضاء رئيسه » ولا يوجه الاستقامة في العمل وامتثال ما بأمر به فقط » بل إذا احتاج 





. ه)‎ ٠۲۹۸ اکتوبر سنة ۱۸۸۱ م (۲ ذو الحجة سنة‎ ٥ في‎ ١١54 الوقائعم المصرية . عدد‎ )١( 
. وإثما هو وارد تحت عنوات (قسم غير رسمي)‎ » O pre ne والمقال‎ 


Yoo 





في إرضائه إلى طرق أخرى » من كثرة التملق وملازمة الأبواب والمشي خلف الغرض 
ونحو ذلك عتلى حسب ما يليق بشأن المستخدم ورئيسه من الكبر والصغر , oe rd ٠‏ 
إجراء ما يراه موجباً للرضاء أياً كانت صفته , فإذا أت هذه الأسباب وجد نفسه لاحقاً 
بالوظيفة لا يفارقها إلا لأرفع منها › ا Yat,‏ تجذبه Loe‏ عنيفاً وكأنه 
جزء منها أو هي جزء منه » وإن قصر في شيء من ذلك حقت عليه اللعنة ولو بالغ ي 
الاجتهاد وتغالى في الاستقامة » فإن ا ل رونا الک دی ایو pets‏ 
فيه نقائص وإن جمع في ذاته أنواع الكمال . 

هذا فيمن تقلد الوظيفة بالفعل . أما من يريد الوصول إليها فلا ينالها بمجرد 
استحقاقه في الغالب » بل لا بد أن يضاف على الاستحقاق أن يعرفه زيد أو يترجى فيه 
حالد » وكثيراً ما ي: ee‏ 
الشخص على طلب الوظيفة وهو يعتقد أن ذلك لمجرد التعيش وليس الغرض أن يؤدي 
Shee‏ من الأعمال أو يقوم بواجب عليه فيها » ومع ذلك متى وجد السند واهتدى إلى 
واسطة الخير رأيت المسعى ناجحا والبغية حاصلة . وربما يوجد من ذوي المعرفة 
والاستقامة من هم أهل لاستلام yer‏ المهام , لكن يعوقهم ويوجب mele‏ فقد 
الوسائط التي توصلهم إلى ما يستحقون . 

وهذه الأسباب جيعها كما هي أسباب لنيل الوظائف والثبات عليها » أو للحرمان 
مها » كذلك هي أسباب لإهدار مصالح الحكومة والمهاترة بأاعا هما وواجباتها » فإنها 
داعية لعدم المبالاة بواجبات الوظائف عند القيام بواجبات الرؤساء » فيقلد الوظيفة › 
ويرقى لأسمى منها من ليس بأهل للقيام بأدنى منهها » ثم يحرم منها أو من الترقي أو 
الاستناد على واسطة نافلة العمل من هو جدير للقيام بأهم الوظائف والارثقاء bed‏ 
المناصب ٠‏ فتضيع أفكاره ويذهب عمره سدی » وکم d‏ الناس من أمثال هؤلاء 
وهؤلاء » ولا يخفى ما في جميع ذلك من المضرات التي تلم بالبلاد وتذهب ببهجتها . 

فلو كان الرؤساء يعلمون أنهم مسئولون عن أعالهم هذه تحت قانون نافل 
الأحكام » لم يكن ذلك يقع منهم » إذ لا يقدمون على تعيين متوظف للوظيفة أولاً إلا 
بعد العلم التام باحتياجها إليه » وأنه كفؤ للقيام بواجباا » ثم لا يرفت إلا عند 
الإخلال بأحد تلك الواجبات وثبوت ذلك عليه ببينات واضحة » وصدور الحكم بها 
عليه من محكمة عادلة » وعلى هذا النمط يكون الترقي ٠‏ فلا يزاد في راتب شخص ما 


vor 





دام في وظيفة إلا زية ظاهرة يعلمها أهل ديوانه وتثبت له الأحقية بمقتضى القانون الحاكم 
بذلك Ley‏ عن نفوس مبغضية أو سابقية في الخدمة أو السن أو الظهور الكاذب حيث 
تكون نصوص القانون هي الناطقة بمزيته التي استحق مها زيادة الراتب في الوظيفة ذاتها 
أو استعد بسببها للانتقال عنها إلى أرقى منها . 

فعند ذلك تنصرف نفوس المستخدمين » صغاراً وكباراً » إلى خدمة القانون 
ومراعاة الواجبات التي رسمها » ويتسابقون في القيام ما لينالوا الشرف الذي أعده 
القانون جزاء على الوفاء بالواجبات » فتتحد وجهة الجميع في تقدم أعمال الحكومة 
وانتظام شئون المصالح > ويظهر عند ذلك أهل الفضل بفضلهم . فينشأ اللاحقون على 
طلب الشرف الذي ناله سابقوهم إليه › فيسري روح التقدم في البلاد عموماً » وتنحبى 
الأفكار والفضائل حياة جديدة » وتجود القرائح الصافية بما استكن فيها أزمنة مديدة وهو 
في حيز الكمون» وتنبعث النفوس الزكية ناشرة أعالها بعد أن كانت في طي الخمول» 
ومهذا تنقيض صدور الجهال وتنقطع أيديهم عن تعاطي الأعمال فينزوون في بايا الإهمال 
حتى يحل بهم العدم وبئس المصير» فيعلو شآن الكمال ويرتفع مقدار الفضل وتنطلق 
المصالح العمومية في طريق تقدم لا يعوقها عنه عائق بتيسير الله العزيز العليم . 

فلهذا كان من الواجب سن قانون واف كافل ببيان حدود الرؤساء والعال 
وحقوق كل منه]| وتحديد شروط قبول المستخدم في الخدمة وموجبات رفته منها » فأول ما 
يجب أن يرسم في ذلك القانون أن لا توجد الوظيفة للشخص › بل يوجد الشخص 
للوظيفة”› فالقاعدة الأساسية تقرير الوظائف التي تلزم في دوائر الحكومة , فإذا أوجدنا 
بيننا من ينسب إلى أمير أو يحسب على كبير» واحتاج إلى الانتظام في سلك رجال 
الحكومة » متنع علينا بمقتضى القانون أن نخلق له وظيفة جديدة لا لزوم لا ولا داعي 
إليها إلا ابتغاء مرضاة من ينسب أو يحسب عليه حتى لا نحتاج فیا بعد إلى رفته عند 
انقطاع المحسوبية . 

وثاني واجب : أن يكون طالب الوظبفة › ااا ا كنا لا 
مستعداً لأداء واجباتها » قادراً على الوفاء بمقتضياتها . 

وثالث الواجبات : أن يكون من الفطنة بحيث يفهم القانون الذي يعمل 


yoy 





وراهها : وهو الأول AVL,‏ أن بكرن مسقي Vy olga QE Y‏ رة 
الأغراض . ثم على هذه القواعد يكون الترقي والتقدم في الوظائف . حتى يترتب على 
ذلك تلك الفوائد والثمرات المقصودة من وضع القانون ومسئولية الرؤساء عمن يكون 
تحت رئاستهم . 

ومراعاة لهذا الواحب المهم رأى مجلس النظار أن لا بد من وضع هذا القانون » 
فأصدر قراره بذلك » ولموافقته للإرادة الخديوية صدرالأمر الكريم بتشكيل Mb‏ لمباشرة 
العمل فيه » وهذه عناية يدوم أثرها ويجنى ثمرها ويجب على كل وطني شكرها» 
يتحادث بها الأبناء عن الآباء ما دام فيهم مدرك يعرف قدرها . 

وسيهتم مجلس النظار بإنشاء قوانين للإدارات والمصالح تضبط بها الأعمال ؛ 
ويبخصص كل نوع منها بوظيفة يقوم بها عارف يحددها . وهذا أمر يحتاج إلى غاية الدقة 
والتبصر . نسأل الله توفيقهم لخبر الأعمال . 


o۸ 





plas‏ الحرائد) 


تنوعت أقوال الجرائد الأوروبية والجرائد التي تطبع في القطر المصري » وتشتتت 
مقاصدها في ينشر من فصوا » ومع التباين وشدة الاحتلاف يذهب أغلبها إلى وجهة 
واحدة يثبتها في كلامه ويقررها في بيانه وإن لم يكن [ab al‏ كتبه وجهة . وذلك ما يزعمون 
أن علائقنا مع الدول العظمى والباب العالي تغير وضعها ودارت على غيرها محورها 
الأول من المحبة والمصافاة » وأن فاعضو (be‏ من الحوادث التي وقعت في بلادنا 
Lol‏ قد أثر في نفوس الدول أثراً يحملهم على معاملتنا بغير ما نود » ee‏ 

نعهد » ويطيلون القول في ذلك » Los,‏ ما تنقل الجرائد العربية بعضاً من تلك 
المباحث 2 فتقيم منها Lal ef‏ موهومة وغايات غير معلومة 2 ثم يأخذها الغضب 
وتغشاها الحدة فتآتي من المقالات والجمل بما يوهم قراءها أن في الأمر خطراً أو تحت 
الات را شرا 

على أن جميع هذه المقالات وتلك الفصول المطنطنة ليست تعر إلا عن أفكا 
منشئها وما هي من مقاصد الدول ولا من مبتغيات القابضين على أزمة السياسة . 

من ذلك ما ذكرته جريدة «الفار» المطبوعة بسكندرية في بعض أعدادها من أن 
الجناب السلطاني في إرساله اللجنة العثمانية من أحص رجاله إلى مصر قد نظر إلى هذا 
القطر كأنه ولاية غير ممتازة » وانه يريد بذلك إعادة سلطته على الديار المصرية » وأن 


(1) الوقائع المصرية عدد ١740‏ في 7١‏ اكتوبر سئة 184١‏ م ( ذو الحجة سئة ١794‏ ه) . 


۹ 





دولة انکلترا ستلقى عناء شدیداً ف مقاومة الدولة العثانية وردها عما تروم تنفيذه من 
سياستها الحديدة 6 إلى آخر ما ذكرته ‘ وليس لهذا المقال من سند سوى الوهم إن صح 
أن يكون سنداً . 


الدولة العلية لما علينا حق السيادة والولاية » ولنا منها ما حولتنا من الامتيازات 
التي منحتنا إياها بمقتضى الفرمانات السلطانية العلية » وليس من قصد دولتنا العلية 
الشأن أن تقس شيا من هذه الامتيازات في زمن من الأزمان . غاية ما تطلبه منا الوقوف 
عند الأحكام والحدود التي عينتها لنا وكنا عندها واقفين في جميع الأوقات . dy‏ نزل حتى 
اليوم ولا نزال على الدوام نراعي حرمتها ونحافظ على اتباعها كل المحافظة » وقصارى 
ما تبتغیه منا أن : شؤوننا ونسلك في جميع أحوالنا سبل الاستقامة باذلين في ذلك 
كمال الجهد وغاية الطاقة بالطرق المألوفة عند الأمم > ونحن على ذلك عاملون » ولنا تمام 
الأمل فيها أن تساعدنا على ما نروم من اصلاح بلادنا وإيجاد وسائل المدنية فيها » وعندنا 
يقين لا ريب معه أن الجناب السلطاني ينشرح صدره إذا رأى بلادا كبيراً كالبلاد المصرية 
تمتعت تحث ولائه بنعمة العدل ونحسين النظام . 


ومن ذلك ما ينشره كثير من الحرائد الفرنساوية والانكليزية من الآراء والأفكار فيا 
يلزم دولتي فرانسا وانكلترا أن تتخذاه الحفظ مصالحهما في مصر , على تباين في المشارب 
ل ل ا بأن 
الدولتين لا بد أن تسلكا بنا طريق المناوا أة وأن تقفا لنا مانعاً في طريق تقدمنا ¢ معاكستين 
لنا في أعمالنا أو طالبتين الاستيلاء ء على شيء من أراضينا أو سلبنا حقاً من حقوقنا 
الشرعية » وبتبع هؤلاء قوم آخرون يظنون أن للدول الشمالية يدأ في معاكستنا » 
ويعقدون لذلك فصولاً مطولة » ولا واقع لشيء ء من ذلك . 

إن الدول الشمالية والتي تواليها على نحو خاص لا هم لما بما يحدث في (Gade‏ 
ا ا ل 
بالنظر من أحوالنا . وان مقاصدها فيا يلاطم تخومها تستفرغ الفكر فيها » > فلا تدع 
لرجالها خاطراً يتوجه الى معاكستنا في شيء » ومن يظن شيئاً من ذلك فهو واهم . 

أما الدولتان (فرانسا وانكلترا) اللتان اعترفنا للهما بحق المراقبة على ماليتنا 
فمسخابراتبا الرسمية معنا أو من إحداهما مع صاحبتها جميعها ناطقة بأن العلائق بيننا 


۳۹۰ 





وبيهها على أحسن Lely «aly be‏ مستعدتان لمساعدتنا على كل ما نروم من إصلاح 
شئوننا » بل مقالات رجال الدولتين من أولي الأمر وكبار السياسيين وخخطبهم في المجامع 
والمحافل لا تشف إلا عن غاية المودة والصفاء .. وإننا نورد في ذلك خطاب الممستر 
غلادستون في (جلادستون هول) في ١94‏ اكتوبر سنة 188١‏ ونكتفي به عن إيراد سائر ما 
قيل من مثله » حيث أن هذا الرجل الشهير هو رئيس وزارة انكلترا » وهو مع وزارة 
فرانسا على وفاق في الرأي بالنسبة إلى الأقطار المصرية » فا يأتي به يعبر عن سياسة 
الدولتين لا محالة قال : 

إن هناك بلدة قلقت بها الأفكار » واضطرمت في شأما الخواطر » ألا وهي 
مصر » التي سبق لدولتي فرانسا وانكلترا مباشرة العمل فيها بالاشتراك » ومن المحتمل 
أنكم تعلمون ذلك » ولا ريب أن العمل المذكور كان عرضة لكثير من المصاعب 
والمعارضات التي أخذنا الآن نشعر بأخطارها . على أنني أعد نفسي سعيد الطالع حيث 
ثبت لي أن سلفنا الذين خلفناهم في الوظائف قد نالوا حق الاعتبار والشهرة بالفخار بما 
أصابوا في سياستهم التي استعملوها في هذه المسألة » فإن تداخل فرانسا وانكلترا عاد 
على الديار المصرية بفوائد جمة » إذ لا ريب عندي في أن المالية المصرية عاودها الانتظام 
بعد الاختلال » وأن سكان القطر المصري مع ما لحم من حسن السلوك ولطف الطباع 
وسهولة الانقياد لسلطة الحاكم tals ley (S688‏ من الفوائد التي سببها التداخحل 
الأوروباوي بعد أن كانت سلطة الاستبداد asd‏ الظلم هي القابضة على زمامهم . 
فلهذا لا أرى في أمر البلاد all‏ { إلا رايا واحداً أظنه يقع عندكم موقع الاستحسان ٠‏ 
وهو أن نبذل الحهد في العمل بالاتحاد التام مع دولة فرنسا » التي هي حليفتنا الصادقة , 
ولا جال للشك » ولم يحدث إلى الآن موجب للريب في إمكان المحافظة على هذا الاتحاد 
واتفاق الرأي في العمل وسنبذل الجهد في منع ما عساه يحدث من المشاكل بين المتكومة 
المصرية والجناب السلطاني ‏ ( إن كان ثم مشاكل معاذ (alll‏ - ومأمولي أن ننجح في 
اجتهادنا هذا (استحسان) ‏ ولا نلتمس زيادة في تداخلنا ما لم يطرأ موجب لذلك » 
لأننا أيها السادة لا نود ولا نتمنى لكل بلد إلا تعديل أحواها وانتظام أمورها على قدر 
الامكان بما يوافق آراء أهاليها وينطبق على إرادتهم وهم أحرار في أعهالهم - 
(استحسان) - . 

غير أن ما نباشر من الأعمال في جميع الأحوال لا يكون مبنياً على مراعاة جانب 


۳۹1 





Jub, IU) SBE‏ خصوصياتا فقط د واستحسان) _ ولا بكرن تاش عن حب ذات 
SS‏ 
السادة مقدمة على جميع المصالح في القطر المصري . حتى مصالح أهاليه أ نفسهم » 
كلا . . إن قولي هذا صادر عن تام الاخلاص والصدق » بل نجعل كل اجتهادنا في 
تأييد المشروعات التي تفيد أهالي البلاد رفاهية وتكسبهم رفعة » فإننا إذا سلكنا هذا 
الطريق القويم يأتي بما يوافق مرغوبكم من تبليغ حالة القطر المصري أجل الأحوال 
المعتبرة في امالك المتمدنة وإيصاله إلى مراقى الكمال »> ونكون بذلك قد تداركنا غاية 
قصدنا ونهاية مرادنا » وهو مساعدتنا لأهالي البلاد المصرية على أهم مصالحهم . اه 
o oe‏ $ 

وليس بخاف على ذوي البصيرة من المطلعين على خطاب هذا السيامي الشهير ما 
حواه من براهين حسن مقاصد الدولتين في بلادنا » وخلوص العلائق بيئنا وبينها من كل 
E‏ الظن » فأي موجب يسوق أرباب الجرائد إلى احتلاق الأوهام في 

غير أوقاا « واختراع الأقيسة الفاسدة واستخراج نتائجها الأعرق منها في الفساد ؟؟ لا 
SUVs Ime idle act‏ ا أو يرشد إلى فضيلة » فيخشون من بقاء 
أعمدة الجرائد خالية فيملأونها من خزائن اللخيال وإن إن لم ينطبق على الواقع . ونرى الأليق 
تحرائةنا العرية أن لآ كر هله الأفكاز رلا سدرها عتواناً لقاضة الدول العظبية + ولا 
تحلها مكان الح العم ديم ع اده إلى حيث تنتهي » بل عليها | إن دافعت أن 
تزيد الخواطر هدوءا والنفوس اطمئنانا » فليس هناك الآن من يقصدنا بسوء أو يجهر لنا 
بإرادة الضر » وقد ورد في الحديث النبوي : «إذا علمت العداوة ممن يكتمها فمن السفه 
أن تجاهره مبا» . 

على أن ما يكتب وملا به الصحائف ليس شيئاً جديداً تخفل عنه الأذهان » إنما هو 
أمر لو سألنا عنه صبياننا قبل بلوغهم لرأيناه مطوياً في جوانحهم . إنما يقعدهم عن 
العمل به الجهل بالحقوق العامة والبعد عن لب المعارف الصادقة » وهذا أمر جلي لا 
ينازع فيه اثنان خصوصاً عند محرري الخرائد الذين هم نخبة الناس في الفضل › 
وعليهم أن يكونوا أعرف بالواجبات من سواهم . فأهم شيء لديها ولدى كل محب 
لوطنه هو تنبيه الناس إلى أخص منافعهم وألصقها بهم ء غير متعلقة بغيرهم » فعلى 
الجرائد التي تجعل لنفسها نصيبا من الحرية الحقيقية والمحبة الوطئية الصادقة أن تشتغل 


۲ 





بتربية العقول والأفكار تربية أساسية تنتقل بها النفوس قهراً | إلى طلب ما هو أعلى وأجل 
مما ندعي إليه الآن . وبالجملة » فسنة الله في خلقه إبداعاً وتكميلا أن لا تطلب الغايات 
إلا بعد إعداد الوسائل . ولا تدرك النهايات إلا بعد استكىال البدايات » ومن طلب 
الكل قبل الحصول على أجزائه » أو التمس الكمال دون استكال معداته فقد طلب 
محال . اللهم إلا أن يكون الغرض خاصاً قاصراً على صاحبه لا يراعى فيه حق الحكومة 
والوطن » فهذا سهل الحصول بكل وسيلة . لكنه لا يلبث أن ينكشف الغطاء عن سره 
فيظهر للناس على خلاف ما علموه . على أننا نعيذ أصحاب الجرائد الوطنية من هذا 
القصد السافل » ونطلب منهم على لسان الحكومة السنية أن يلزموا اعتدال المشرب على 
قدر الامكان . ولا يجعلوا للناقدين عليهم ا وأن يصرفوا أذهانهم الصافية إلى 
تبيين الأعمال النافعة ووجوهها ووسائل تسهيلها » ويتعاونوا على ذلك حتى يكونوا قد 
yoko‏ | الوطن نخدمة صادقة لا تخالطها الأغراض النفسية التي تختلس العقل من حيث لا 
juts‏ . متعنا الله بأفكارهم وأرانا جيل آثارهم . 


۳۳ 


Converted by Tiff Combine 








lel LL 


إن للوجود الإنساني في هذه الحياة الدنيا ثلاثة أدوار متوالية » يأخذ بعضها 
بأطراف بعض : الأول : دور الفطرة » وهو الوجود الطبيعى . والثاني : دور 
الاجتماع » وهو الحالة المدنية . والثالث : دور السياسة » وهو موضوع كلامنا في هذا 
المقام . 

فالمرء يوجد ساذجاً فطرياً يلتمس الغذاء والمبيث وسائر الحاجات الطبيعية ما تصل 

يد إمكانه إليه » ثم يدفعه الحرص على الذات إل gpl Bim‏ » وٽلجئه كثرة الحاجات 

إلى طلب الإعانة , فيتألف ويجتمع فيصير مدنياً » ثم يتقدم في هذه المرتبة فينظر في 
شئون نفسه وتم بأحوال جنسه » baller aaah‏ » وهو الإنسان المدني الكامل الحقوق 
والواجبات . 

ولا شك في وصولنا الآن إلى هذه المرتبة العالية , وحصولنا في هذا الدور 
المخطير »ما أطلق لنامن الحرية وما تقرر لنا من الحقوق السياسية عفوا وانحتيارا من دون 
غصب يلزم فيه الرد » ولا تغرير يحتمل النقص . ولكنا لا نزال في دور الطفولية من هذه 
ahh‏ « فلا بد لنا من مرب حكيم يأخل بيدنا فيا نعانيه » فلا نسقط ونحن في أول 
الدرجات » ومن دليل راشد يهدينا الصواب » فلا نضل ونحن في أول الطريق . 





. ذو الحجة سنة ۱۳۹۸ ه)‎ ١90 م‎ ۱۸۸١ نوفمير سنة‎ ٩ (الوقائع الصرية) عدد ۱۲۵۱ في‎ )١( 
: ومكتوب في صدر هذه المقالة : «وردت إلينا من أديب فاضل هذه الفصول الحليلة مبذا العنوان‎ 
: فننشرها متتابعة على أيام » وفيها تبصرة للقارثين › ققال الفاضل‎ 


0 





ولا ينوهمن محب الحرية أن الحاجة إلى المربي والدليل منافية لما تقتضيه حريته » أو 
مشعرة ببقاء الاستبداد » فإن هذه الحاجة قد عرفت والفت في أظهر البلاد تمدناً وأحرص 
الأمم على الحرية السياسية » وكانت ولا تزال من لوازم النماء والبقاء في الاجتماع 
الإنساني . ولم نبرح كذلك ما دام في الأرض علاء وجهلاء وحكاء وسفهاء وخخصاصة 
وعامة » وما دام الإنسان محل خطأ ونسيان » ولكن يشترط في المربي والدليل أن يكون 
من اجتمعت الكلمة عليهم وحصلت الثقة بهم . وإلا فهو من ذوي السلطة الناشئة عن 
القوة في جانبه والخوف أو الوهم في جانب الرعية ليس إلا 


هذا الشرط حاصل لا ريب في أولي الأمر مناء > فإن الجناب الخديوي المعظم . 
أيده الله » قد عرف بالرغبة في إ إصلاح الوطن واليل إلى إعلاء شأن الأمة والحرص على 
حريتهم » حتى صار يقال وينشر في عهده ما كان يخشى بعضه من قبله ٠»‏ فكثرت في أيامه 
الجرائد ‏ وكانت نزراً قليلا وتألفت الجمعيات الخيرية والأدبية » ولم تكن شيئاً مذكوراً , 
واطلقت للناس حرية الكلمة » وكانوا يتكلمون في ديارهم همساً ولا يأمنون . 


أما النظار الكرام فهم هم الذين اختارتهم الأمة بإرادة ذلك الأمير العلي الشأن » 
ثقة بهم ء wel [les‏ أصحاب الرئاسة الحقة والزعامة الي ن الدين يرومون 
أحياء مصر لأهل مصرء ويريدون أن يكون الوطني في مقام OLLI‏ ارا ته 
اشا بواجباته › ا ؛ غير معارض في داره » يحصد مما يزرع للعيال لا لأهل 
الاغتيال » ويجنى نما يغرس للأولاد لا لأهل الاستبداد . وقد أخذ هؤلاء الأدلاء 
ob OAL‏ ميد س ورا الات ا E‏ ا 
آخذين بأسباب التؤدة ومراعاة الأحوال » حتى وثق بهم الأجنبي فضا عن الوطني » 
وبدت مقدمات سعيهم وآثار اجتهادهم بمظاهر حسن الإدارة وإقامة العدل وتقرير 
المساواة وإصلاح الخلل السابق تدريجا ٠‏ فاستحكمت علائق الولاء بينهم وبين المتبوع 
الكريم » وتأيدت صلات الموالاة بين حكومتتهم والدول العظام كما تدل عليه أقوال 
وزرائها على منابر المجالس وكلام وكلاثها في دوائر المخابرات . 

فالواجب على الوطني الراشد أن لا يعبأ بعد ذلك بما تنشره بعض الجرائد مما لا 
مكان له من الصحة . جهلا منها بحقيقة الحال , أو ميلا مع الاهواء » أو إضلالا 
لأفكار أبناء الوطن المصري . فإن أراجيف تلك الجحرائد بديبية الفساد . 


۳۹٦ 





وكذلك يجب على الصحف الوطنية التي هي في مقام الإرشاد واهداية ألا تقلق 
الخواطر te‏ بايراد هاتيك الأراجيف على علم ببعدها من الصحة » وإن كان متها ما 
يلزم نقله بياناً لتفاصيل الأحوال السياسية فلا أقل من التفريق بينه وبين مقاصد 
الحكومات وآرائها » كراهة أن يقع اللبس في الآمور فينشأ عنه النفور في محل الائتلاف , 
والوحشة في مكان التقرب » والكدر في موضع الصفاء » خصوصا وأن الحكومة السنية 
على يقين من أن الدول المحبة لا تقصد بنا إلا ا حير ولا تنوي لنا إلا الموالاة » وأنها تتركنا 
وشأننا نصلح منه ما يحتاج إلى الإصلاح » وننشىء ما يترتب عليه النجاة والنجاح » ما 
يمس حقاً مرعياً ولا يؤثر في العهود المبرمة شيئاً » ونحن في اهتام بهذا الشأن » نسأل الله 
فيه فوزا قريبا . 

* oe & 

تبين(© في المطلب السابق ماهية هذه الحياة » من طريق الإجمال » وأنها عبارة عن 
وصول المرء في هيئة الاجتماع إلى درجة الاهتمام بأمور نفسه والنظر في أحوال جنسه فبقي 
أن يعلم كيفية سيره في ذلك السبيل » وما يترتب عليه » وما يحق له فيه ليكون على بينة 
من الأمر فيأخذ بأسبابه » ولا يدخله من غير أبوابه . 

إن هذه الحياة توجب للوطني أن يكون حرا في رأيه » متصرفاً في شأنه إلى حد أن 
لا يضر بالهيئة المجتمعة » ولا يمس شأن سواه . فهذه الحرية على شرطها المذكور , 
تقتضي العلم بالمصلحة العمومية والحدود الشخصية » وهو ما يعبر عنه بالأدب 
السيامي + ووجه الضرورة في معرفة هذا الأدب أن المرء إذا عرف مصلحة قومه سعى 
في) يوجب لها البقاء والنهاء » وإذا رأى حدود إخوانه أقام لسع ae‏ لظ سد لوحم ا 
يتخطاه » بخلاف ما إذا جهل ذلك فانه لا يأمن حينئذ أن يظهر بما يخالف تلك المصلحة 
ويفسد هذه الحدود » فتكون حريته ضرراً بأوطانه ووبالاً على إخوانه . 

وليس هذا الأدب مما يؤخذ بالمكاشفة أو يحصل بالسليقة أو يعرف بالبداهة » بل 
لا بد في تحصيله من الطلب والإجتهاد وحسن الاقتداء ودقة النظر والتبصر في أحوال 
الناس من قبل وني الحال . وهيهات مع ذلك أن يحصل بقدر اللزوم ويتم بحسب المرام 





(۲) الوقائع المصرية عدد ١١57‏ في ٠‏ توفمير سئة 1841 ه) . . . وفي صدر المقال : «تابع فصول 
الأديب الفاضل)» : (الحياة السياسية) . 


FAV 





إلا بعد توالي الأجيال وتعاقب الأعوام . يدل على ذلك أن الذين سعوا إليه من قبلنا 
بمئين من السنين سعى من شمر ذيله وأذرع ليله » مجدين ساهرين بياض النهار وسواد 
الليل لا يزالون على مراحل من غاية الكالية » يرون ذلك من أنفسهم » ویعترفون به 
tS‏ جيرا > ولا تأخحلهم عزة الأنفس في الاسترشاد بالسابقين منهم وبآحاد أهل العلم 
السياسي وأفراد ذوي الكمال المدني » فهم يشربون بأسماعهم خطب الوزراء والنواب » 
ويأكلون بأنظارهم منشورات الجرائد الوضاء . فيردون من تلك الخطب سلسبيل 
الكمة والاعتدال © ويتناولوث من هذه المتشورات غذاء الدية الوطنة + وق 

ذلك علاء تدبير ورجال حكمة وزعماء سياسيون وفضلاء رحالون يكشفون لهم حجب 
الأوهام عن أوجه الأمور , ويجلون للأفهام صور الحقائق فلا تكاد تخفى عنهم خافية 0 
ااا ا ر 


فإذا حصل هذا الأدب للوطني السياسي » وكان مع ذلك نبيل النفس » طاهر 
الذيل » صادق النية » قادرا على إيثار المصلحة العمومية » فله حينثذ (حينثذ فقط) ما 
لسائر أهل الحياة السياسية » وهي حقوق كريمة مقدسة لا ينبغي أن يمسها إلا المطهرون 
من درن الدنيئات : حرية رأي » وحرية قول » وحرية انتخاب . 


[Ss‏ من هذه الحقوق الثلائة حدء لو تعداه لكانت الحرية فيه شراً من القيد 
وأشنع من العبودية : فحد حرية الرأي أن يكون مبنياً على القياس » موافقاً للحكمة » 
مطابقا للصواب . وحد حرية القول أن يراد به الخير. ولا يجاوز فيه حد المنفعة 
والملايمة » ولا يمس شرفاً مصوناً » ولا يضر بريثا أميناً » ولا ينشر عن غير علم يقين . 
وحد حرية الانتخاب أن يراد به مصلحة الوطن العزيز ليس إلا . 


وقد عنيت حكومتنا السنية بتعزيز هذه الحقوق » وتعبين الحدود , أخذا بما يحق 
لها وما يجب عليها من ذلك » وصدوراً عن الرأي العمومي الذي اختارها لتكون دليله 
في هذا السبيل فقي عل اران الوطنينة أن تقتدي في ذلك بآثارها . وتبتدي 
بأنوارها » فتسلك بالأذهان tals alae‏ من الأفات خالياً عن العقبات » وتشرب 
القلوت ساسا اة سائ ا تفيدها عافية ولا تزيدها اعتلالاً » مجتنبة في كل 
ذلك ما يشيعه المرجفون » متجافية عما يرجف به أهل الأغراض مما لا يصح التعويل 
عليه » ولا يكون له في جانب التصديق مكان » جاعلة مصلحة الوطن نصب عينيها في 


۳۹۸ 


| 





كل الخال . عالمة أنها ممنزلة المربي للأرواح والعقول , فلا يحسن بها أن تكون من 
الممسدين . 

وبقي على الوجهاء والنبهاء والرؤساء والعلاء وسائر ذوي الحكمة النافذة أن 
يحسنوا السيرة ويطهروا السراثر وينبذوا الأغراض الذاتية نبذ النواة »> ويطرحوا الأهواء 
النفسانية طرح القذاة » ويسيروا في طرق السلامة إلى غايات المناء والكرامة » فهم في 
الركب الاجتماعي بْمقام الأدلاء » وإذا لم يبتد الدليل سواء سبيل فغاية الركب الضلال . 

وعليك أيها الوطني , كائناً من تكون » أن تحرص على شأن أوطانك حرص 
البخيل على درهمه » وتخاف على منفعة قومك خوف الجبان على دمه » وتعلم أنك إن 
أحسنت فلافسك » وإن أسأت فعليها وعلى أبناء جنسك » إذ ليس ما تتصرف فيه 
بحريتك مما يعود ذاهبه أو يمكن الاعتياض منه بسواه » وإنما هو المصلحة المقدسة 
الوطنية » فحذار أن تأخذك فيه الحدة ويتولاك النزق اغتزاراً بما وصلت إليه وذهولاً عا 
كنت بالأمن عليه + 

فأنت في أول درجة من مرقاة السياسة . وفي أول مرحلة من طريق الحرية » فلن 
تبلغ الدرجة العليا إلا إذا صعدت سائر الدرج » ولن تدرك الغاية القصوى مالم تقطع 
سائر المراحل . فإن حاولت غير ذلك لم تأمن الهبوط من الدرجة التي بلغت . والرجوع 
من المرحلة التي وصلت . بل ربما صرت على مسافة أعوام مما كنت ترجو إدراكه بأيام . 

١‏ هذه نصيحة مخلص في بتك » ومشورة حريص على منفعتك » لا يسالك عليها 
أجرا ولا بلتمس شكورا , 
فإن لم تكن لمقال النصيح E OS Na‏ 
سينبهك الدهر من رقدة الذهولء وإن قلت : لا أنتبه 
FF #‏ * 

الأدب السياسى » على ما عرفناه في المقالة السابقة > لا يحصل لأفراد الآمة 

كلهم أجمعين , ولا يكون في الذين يحصلونه سواء بمقدار واحمد لأنه من الملكات 


() الوقائع المصرية عدد ١704‏ في ١1"‏ نوفمير سئة 1881 م 1١(‏ ذو الحجة سنة ١194‏ ه) وفي صدر 
المقال : «تابع فصول الأديب الفاضل» : (الحياة السياسية) . 


۳۹ 





الصناعية العلمية » والملكة لا تحصل إلا بتكرار العمل » وإن حصلت فإنها تختلف 
استحكاماً وكمالاً بحسب انختلاف القابلية والتفرغ في الناس . 

على أن الأدب السياسي وإن لم يتيسر عمومه في الأمة | لا أنه قد يحصل لأفراد كثيرة 
منم على مقادير مختلفة » > فيمكن لمجموعهم أن يسيروا في سبيله آمنين مهتدين اقتداء 
ee)‏ »> ويتدرجوا به في مراتب الحياة Ale‏ > يتوالى التكرار ويطول الاستمرار 
فيصير فيهم من الملكات الذوقية التي تعرف ولا تعرّف . كما كان العرب في اللجاهلية 
بالنظر إلى اللغة » ينطقون بالكلام المركب بالوضع » ولا يعرفون له من قاعدة غير 
الذوق . 

وإنا إذا تأملنا أحوال الأمم العريقة في التمدن والسياسة لم نر هذا الأدب في آحاد 
مجموعها بقدر الحاجة . ولم نره في الأفراد السابقين على حد سواء » وإنما هو في عدد كبير 
من ذوي رئاستهم وأرباب الكتابة والخطابة فيهم > يعقدون له ألوية حتلفة الألوان › 
فتسير العامة تحت ظلالها فرقاً متنوعة المسالك . مع وحدة الغاية للجميع 6 الذين 
احترقت أذهانهم بنيران الحدة والطيش» وما هم بكثير. وإن كثر ما يضجون وما 
يعجول , 

ولكن مهيا بلغت الأمة من مبالغ السياسة » وكثر عدد أفرادها المتأدبين بذلك 
الأدب » فلن يكون ها نماء ولا بقاء في الحياة السياسية ما لم تكن ذات وجهة معلومة › 
ووحدة لا تقبل النزاع ا يدل على ذلك تقدم الذين انحدت وجهتهم » ply‏ 
الذين تفرقت كلمتهم من قبلنا وني هله الأيام . 

فإن قيل : ما لنا لا نرى تفرق الأمم الأوروبية أقساماً وأحزاباً مانعاً من تزايد 
ثروتهم وتعاظم قوجهم واستفحال أمرهم في الحياة السياسية ؟؟ 

قلنا : إن أولئك الأمم لا يختلفون على غايتهم المقصودة بالذات . وإما تتنوع 
الطرق الي يسلكونها إلى تلك الغاية » فإن كان الفرنسوي al ele al tomar‏ 
oe‏ فهو فرنسوى على كل حال وقبل (oles of (bale GUAT ols oly OLE JS‏ 

أو اجتماعياً فهو ألماني من وراء ذلك . وهكذا الإنكليزي والإيطالي والنمسوي وسائر 

أهل المدنية والحياة السياسية . 

وما قيدنا الوحدة اللازمة لهذه الحياة بأن لا تقبل النزاع والخلاف إلا احترازاً مما 


لون 





يحسب في الظاهر موضع ائتلاف واتحاد ولا يكون كذلك في الواقع ونفس الأمرء وما لا 
يمكن أن تجتمع كلمة الأمة بجملتها عليه لاختلاف الآراء وتنوع العقائد فيه » فإن هذه 
الجامعات وإن كانت جديرة بالاعتبار حرية بأن تحفظ وتصان . إلا أنها بعيدة من 
السياسة لتعلقها بالنظر الفكري وتجردها في الذهن عن المحسوس » فضلا عن كونها غير 
واحدة في مجموع الامة » فالجدير بأهل الحياة السياسية » من أي الناس كانوا » أن 
يجعلوا الوطن وحدتهم , لامتناع الخلاف فيه بين ذويه . 

ومعلوم أن قدر الشيء يعلو ويسفل ويزيد وينقص بمقدار ما يكون له من الشأن 
وما يتعلق به من المنافع » فإذا كان الوطن هو الوحدة التي تجتمع كلمة الامة عليها عظم 
بذلك شأنه المعنوي وتعلقت به المنافع الكلية » وصار المحور الذي تدور عليه المقاصد 
والمساعي » فيرتفع قدره ويعلو مكانه » وإذا ارتفع قدر الوطن فذلك يعود بالشرف والعز 
على ساكنيه. لانه لا حقيقة له إلا بهم وفيهم» ولا رفعة فيه إلا منهم وحم » فهم إياه , 
وهو لفظ وجودهم ومعناه . 

فيا أبناء الوطن العزيز » لثن فرق بينكم اختلاف الآراء وتنوع المشارب وتلون 
التصورات » فقد وجدتم في الحامعة الوطنية ما تأتلفون به وتجتمعون عليه » فيجعلكم 
عصبة خير متلاحمة الاطراف » متوازرة متضافرة كالبنيان المرصوص . فهلم إلى هذه 
الجامعة ننشر لواءها ونرفع منارها » ونظهر للعيان آثارها بأعمال تثبت التئزه عن المقاصد 
الدنيئة » والتعفف عن المآرب الذائية » وأقوال تشف عن صحة الأبصار والبصائر 
وحسن الأسرار والسرائر » لعلنا نقطع ألسئة الذين يرموننا بالجهل والغباوة والبعد عن 
مراتب الحياة السياسية » ولعلنا نحقق آمال الذين يتمنون لنا السعادة وحسن الحال , 
وبلوغ الأماني وإدراك الآمال » ولعلنا بحول الله نكون من المغلحين . 

وسنبين غداً ما هو الوطن » وما حقه علينا » فموعدنا قريب » وعلى الله نتوكل 
وإليه ننيب . 


۳۷1 


Converted by Tiff Combine 








الحياة السياسية() 


تقرر فبها سلف أن لا بد لذوي الحياة السياسية من وحدة يرجعون اليها. 
ويجتمعون عليها » اجتماع دقائق الرمل حجراً صلداً » وأن خير أوجه الوحدة الوطن » 
لامتناع الخلاف والنزاع فيه » ونحن الآن مبينون بعون الله ماهية هذا الوطن » وبعض 
ما يجب على ذويه . 

الوطن » في اللغة : محل الإنسان مطلقاً » فهو والسكن بمعنى : استوطن القوم 
هذه الأرض » وتوطنوها , أي اتخذوها سكناً . وهو عند أهل السياسة : مكانك الذي 
تسب إليه » وتحفظ حقك فيه ويُعْلم حقه عليك . وتأمن فيه على نفسك وآلك 
ومالك . ومن أقوالهم فيه : لا وطن إلا مع الحرية . وقال «لابرويز» الحكيم 
الفرنساوي : لا وطن في حالة الاستبداد » ولكن هناك مصالح خصوصية » ومفاخر 
ذاتية » ومناصب رسمية . وكان حد الوطن عند قدماء الرومانيين : المكان الذي فيه 
للمرء حقوق وواجبات سياسية . 


وهذا الحد الروماني الأخير لا ينقض قوهم : لا وطن إلا مع الحرية » بل هما 
الحقوق والواجبات السياسية » وإن وجدت فلا بد معها من الواجب والحق » وهما شعار 





)١(‏ الوقائع المصرية العدد ١771‏ في 8 لوفصير سنة 1881 م (محرم سنة 15494 ه) وفي صدر 
المقال : «تابم فصول الأديب الفاضل :» (الحياة السياسية) . 


۳۷۲۳ 





الأوطان التي cae‏ بالأموال والأبدان . وتُقَدّم على الأهل والخلان » ويبلغ حبها في 
النفوس الزكية مقام الوجد والهيهان . 

أما السكن الذي لا حق فيه للساكن . ولا هو آمن على الال والروح » فغاية 
القول في تعريفه أنه مأوى العاجز , ومستقر من لا يجد إلى غيره سبيلا » فإن عظم فلا 
يسرء وإن صغر فلا يسوء , قال «لابرويز) » السابق الذكر : ما الفائدة من أن يكون 
وطني عظياً كبيراً إن كنت فيه حزيناً حقيراً أعيش في الذل والشقاء خائفاً أسيراً ؟!. 

على أن النسبة للوطن تصل بينه وبين الساكن صلة منوطة بأهداب الشرف 
الذاتي » فهو يغار عليه » ويذود عنه كما يذود عن والده الذي ينتمي اليه » وإن كان 
سيء الخلق شديداً عليه » ولذلك قيل في مثل هذا المقام إن ياء النسبة في قولنا مصري 
وانكليزي وفرنسوي هي من موجبات غيرة المصري على مصر والفرنساوي على فرنسا 
والاتكليزي على انكلترة » فأنكر ذلك بعض الناس وكان في الأمر لا شك سوء فهم أو 
سوء إفهام . 

وجملة القول أن في الوطن من موجبات الحب والحرص والغيرة ثلاثة » تشبه أن 
تكون حدوداً : الأول : أنه السكن الذي فيه الغذاء والوقاء والأهل والولد , والثاني : 
أنه مكان الحقوق والواجبات التي هي مدار الحياة السياسية » وهما حسيان ظاهريان » 
والثالث : أنه موضع النسبة التي يعلو بها الإنسان ويعز أو يسفل ويذل » وهو معنوي 
محض . 

فإذا تقرر ذلك ما قلناه » وجب على المصري حب الوطن من كل هذه الوجوه › 
فهو سكنه الذي يأكل فيه هنيئاً » ويشرب مريئاً » ويبيت في الأهل al‏ وهو ما 
الذي ينسب إليه ولا يجد في النسبة عاراً » ولا يخاف تعييراً » وهو الآن موضع حقوقه 
وواجباته التي حصلت له بما أوضحناه من دخوله في دور الحياة السياسية . 

وللحب على أهله شروط محفوظة عند الأذكياء » مجهولة عند المدعين الأغبياء » فا 
تنفع فيه الشكوى ولا تقدم لصاحبه'دعوى ي ان الوا getty‏ العمل :و وما 
أحسن ما قيل : 

دلائل الحب لا تخفي على أحد كحامل المسك لا يخلومن العبق 
وله مراتب مناسبة لموضوعه » موافقة لمنشأه » فهو في الكرامة كريم » وفي النبالة 


V4 





شريف .2 وفي المأثر حميد » وفي العز والمجد رفيع » وني الوطن جامع لكل هذه الصفات 
فإن قيل في حب الحسان : 
أحبك حباً لو تحبين مثله أصابك من وجد على جنون 
لطيفاً مع الأحشاء أما نهاره فدمع وأما ليله فأنين 
فقل في حب الأوطان : 
ed Lee‏ مه pe es eit‏ 
شديداً مع الأشواق eet: et‏ 
ولقد كان بعض الناس يحاولون خلع الشعار الوطني عن ذوي الحقوق والواجبات 
في مصر › والباسهم جميعاً لباس الجهالة والذل . ولكن أبت الحوادث إلا أن تثبت لنا 
وجوداً وطنياً » ورأياً عمومياً » ولو كره المبطلون » على أن منہم فئة لا يزالون يؤلون 
اسماعنا بما يكررون من سفساف القول » من مثل : أننا تعودنا احتمال الظلم والحيف » 
E‏ رأي » ولن متدي سبيل الحرية . كأنغا هم لا 
يعلمون أن أهل الغرب أجمعين تعودوا مثل ذلك blast ak‏ « وكانوا في قديم الأيام 
على ضروب من الرق وانخفاض الجحناح » وأن العالم بأسره كان فريقين : أحرارا 
لن ع ع dost‏ ل pe‏ 
الرقيق يشتغلون في الأرض لغبرهم » ويباعون كما تباع العجماوات ؟!» أو لم يقل كاتبهم 
«فولتي» » في وسط الاثة السابقة : لا يزال في بلادنا ستون الفاً أو سبعون الفا عبيدا 
للرهبان ؟! . 


فا بال هذه العادة لم تمنع الفرنسيس من الوصول | إلى ما أدركوه من رفعة المقام ؟! 
وأن يروا أمثال «تيارس» و«جريفي» و«غامبتا» في أبناء الذين كانوا من قبل ane‏ أرقاء . 

ولئن كان من فضل هذه المائة أن يكتب في صدر تاريخها نمحرير أرقاء العصر 
السالف » فلقد رجونا ‏ وحقق الله هذا الرجاء ‏ أن يختم ذلك التاريخ بتحرير الذين 
كانوا أرقاء fe)‏ هذا العصر » وحسن ذلك ابتداء » وحسن ذلك ختاما . 


Vo 


Converted by Tiff Combine 








رفع وهم وتفصيل مجمل 
في لائحة المجالس المحلية(١)‏ 


إن لائحة ترتيب المجالس المحلية قد صارت في هذه الأيام موضوعاً للمذاكرات 
بين الخاصة . إذ حلت من النفوس محلها اللائق با » بما لما من الأهمية » وطالما انتظر 
الناس صدورها وترقبوه من وقت إلى وقت . فلما نشرتها الجرائد تلقتها الأفكار وانبسطت 
ها النفوس تطلب الوقوف على معانيها وتجول فيا تشير إليه نصوصها وتلوح به مفاهيمها 
لتكون على علم تام بما تكفله هذه اللائحة من حسن سير المجالس واستقامة أمورها 
ودخوها في دور جديد من النظام » حسب ما كانت تحدث به الآمال . 

غير أن أفكار كثير من الناس ذهبت إلى تأويل المادة الثانية والعشرين من تلك 
اللائحة على غير ما قصد منها » فوقعوا في حرج من الريب » وألم بخواطرهم سوء الظن 
بما يكون من إجراء تلك المادة » ومنشأ هذه الخواطر ما ذكر في المادة المشار اليها من أن 
القضايا التي تقع بين الحكومة والمصالح العمومية وبين أفراد الأهالي تنظر ويحكم فيها 
مجلس إداري يترتب في| بعد بأمر خحديوي » ولا جوز إقامة دعوى من أحد أفراد 
الأهالي على مأمور من مأموري الحكومة بسبب أمور وقعت منه في أثناء إجرائه وظيفته بل 
من يدعى بحصول ضرر له من إجراءات أحد المأمورين فدعواه تقام على الحكومة أو 
على وجهة الإدارة التابع لها ذلك المأمور . لا المأمور نفسه . 


ففهم المفكرون في هذا النص أن رجال الحكومة ومأموريها يمتازون بمحكمة خاصة 


, ه)‎ ١196 محرم سلة‎ ١١( م188١ في 4 ديسمير سنة‎ ١7177 الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


YY 





تقام عليهم فيها الدعاوى » ولا يدخلون تحت سلطة المجالس » وكذلك الحكومة نفسها 
تمتاز هذا الامتياز » وكان العدل بقضى بالتساوي بين الآمر وا مأمور في القضاء لا يفرق 
بيبا العنوان: هذأ الفرق الي دومن الزاجب أن يكرن القانون مما لا تخصيض :فيه من 
ا ا E OT‏ > لا يميز 
في ذلك بين الحكومة والأهالي . على أن النظام القديم Suls ols‏ بهذا الواجب » وكانت 
الدعاوي تقام في المجالس المحلية على الحكومة ومأهوريها , وكثيراً ما صدرت فيها 
الأحكام على الحكومة وها حسب الاقتضاءء فالقياس الفعلي يقضي بأن الأولى والأجدر 
بموافقة العدالة هو القانون الصادر في زمن الحكومة الشورية لكونه أدخل في باب 
المساواة » فكيف يصدر ناطقاً بالامتياز ؟! 

وزاد على ذلك بعضهم أن المجلس الإداري لا يتصور منه الحكم » ولا تحسن 
إقامة الدعوى فيه » لأنه يؤلف من رجال موظفين » فليس هم إلا إبداء الرأي فقط دون 
الحكم . 

ومن الناس من صرف ذهنه بعد تصفح اللائحة إلى مسألة المحامين (الأفوكاتية) 
متحيراً فيا يكون من أمرهم »> هل يفتح باب المحاماة لكل مدع . لا فرق بين عارف به 
وغير عارف » ولا صادق أمين وخائن مزور » وهو ضرر على الأهالي كبير» ولا يباج 
لشخص أن يتعاطى هذا العمل المهم حتى يكون عارفا بالقوانين » حسن السيرة » بعيدا 
عن كل ما يخل بالشرف . فهذا لا بد أن يكون من درسوا الفنون القانونية وأعطيت لهم 
الشهادات بما نالوه منها » ولا يوجد من هؤلاء إلا الأوروباويون الذين لا يحسنون النطق 
بالعربية » مع أن اللائحة نصت على أن اللغة التي تستعمل في المرافعات لدى المجالس 
المحلية هي اللغة العربية » والعارفون باللغة العربية لا شهادة عندهم . 

ونحن نجيب عن الأمرين » دفعاً هذه الأوهام » أما الأول فإن منطوق المادة 
الثانية والعشرين ليس المراد منه أن مأموري الحكومة من حيث أشخاصهم وما يصدر 
عنهم من الجنايات ا O‏ 
الؤإداري » حتى لو تعدى أحد هم بضرب أو قذف أو اغتصاب مال لنفسه مثلا , فلا 
تقام عليه الدعوى في المجالس المحلية » بل المراد من ذلك Shed‏ الي الصدر ميم 3 
إجراء نظام الحكومة وتطبيق الحوادث على القواعد ‏ مثلا لو أن ماموراً من مامورئ 
التحصيل ألزم أحد الأهالي بأداء ضريبة أو رسم عليه رسماً نقدياً وطالبه بذلك واقتضاها 


۳A۸ 





منه وقيدت في دفاتر الحكومة وصارت منفعتها إليها » أو طلب إحداث نظام أو هيئة 
ال ل كر وسو ع (GS‏ 
بأنه غير محق في هذه الضريبة أو خرج فيها عن القواعد المألوفة » أو حطىء في الرأي 
الذي يريد تقريره » فإنما يقيمها في الحقيقة على نفس الحكومة » فإما التي عادت إليها 
لمنفعة أو تعود إليها » فمن العدالة أن تكون الحكومة هي المسشولة عن مشل هذا 
التصرف . لا شخص الأمور , فإن ثبت الحق للمدعي التزمت الحكومة برد ما أخذته » 
وتعويض ما فات عليه من المنفعة أو وصل إليه من الضرر » ثم ترجع بما تراه على 
اا و بل للمطالب Se‏ أن 
يقيم دعواه قبل الأداء » فليس في هذا إلا أن الحكومة أخذت على نفسها المسئولية في 
تصرفات مأموريها المتعلقة بشئوبها » وهذا موافق لأصول العدل والنظام » فإن مأمور 
الحكومة عضو منها » فتصرفه هو عين تصرفها » فهي المسثولة عنه طبعاً؛ » أما لو تعدى 
الأمور بضرب أو نهب أو انتهاك حرمة أو اغتصاب حق فهو في ذلك كآحاد الناس » تقام 
عليه الدعوى في المجالس المحلية كغيره بلا فرق » فالمراد من الأعال التي تسأل عنما 
الحكومة لا الأشخاص هي الأعمال الإدارية نفسها » أي ما يدعيه المأمور موافقاً لأصول 
الحكومة وأوامرها المقررة » فالنزاع فيه نزاع مع الحكومة بالطبع . 


وأما كون الدعوى التي تقام ا ee‏ فهذا 
لكون لقوق التي يدعي أنها طرف الحكومة أو الأضرار والخسارات ae‏ 
يكون منشؤها قطعاً إلا تصرفات إدارية يدعي الخصم فيها أن تلك التصرفات أضرت به 
أو استولت بسببها الحكومة على حق هو في الواقع له . فهذه الحقيقة إنما يتولى الفصل 
فيها ذوو العمل الإداري الذين هم أعرف به من سواهم » فيلزم أن تكون محكمة هذه 
الدعاوي مؤلفة من رجال الإدارة العارفين بشئونما , المباشرين لأعا ها » وهذا من باب 
فصل دائرة القضاء عن دائرة الإدارة » بل من متمهات استقلال المحاكم عن السلطة 
الإدارية . أما كونهم موظفون فلا يصلحون لإصدار الحكم » فهذا ما لا تعويل عليه ني 
قانون من القوانين المعتيرة عندنا » وأي فرق بين موظف وغير موظف في الصلاحية 
لإإصدار الحكم إذا أناطته الحكومة بذلك » فالكل رجال الحكومة وهي التي تعين لكل 
وظيفته . 

على أنه لا داعي إلى الريب في هذا الموضوع . فإن المجلس الإداري إنما يحكم 


۳۹ 





بمقتضى أصول وفوانين توضع وتنشر وتعرف كقوانين المحاكمء غاية الأمر أنه مجلس 
مختص بالنظر في طائفة خاصة من المسائل والقضايا ىا اختص بقية المجالس كل منها 
بخصوصية يتميز مها عن GEM‏ فمن القضايا ما لا يجوز للمجالس الابتدائية النظر فيه 
ويجوز لمجالس الاستئناف . ومثل هذا الفرق موجود بين الاستئناف ومحكمة التمييز » 
وأظن الأمر في هذا ظاهر لا يحتاج إلى البيان . 

وأما الثاني : أعني الاستفهام عن حال المحامين » فلانه سيجري امتحان 
الأفوكاتية المتعاطين لعمل المحاماة في القوانين والمرافعات مخ أبناء العرب » ومن وجد 
Ue Whe apis‏ أعطيت له الشهادة من اللجنة التي ستشكل لإجراء ذلك » وليس بخاف 
أن الذين يشتغلون بهذا العمل من مدد ys‏ ور يا نجحوا في مرافعاتهم وكسبوا 
قضايا في مواضيع مختلفة صاروا على خرة بالقوانين ومعرفة تامة بكيفية تطبيقها على 
الحوادث فلا نعدم عدداً وافراً منهم يفوز بنيل هذه الشهادات » وليس بواجب أن يذكر 
هم مادة حصوصة في اللائحة الأساسية وإنغا هم حدود ونظامات تذكر في اللوائح 
الإجرائية » فإن تعيين أشخاص المحامين وامتحانهم وطريقة قبوهم لأداء هذه oe‏ 
إنما هو من الأمور الفرعية التي ترسم حدودها بعد اللائحة الأساسية . 

على أننا !ا نمنع أحداً من أن يجيل فكره ليقف على الحقيقة من العارفين بها في كل 
باب من أبواب العلم أياً كان » إذا لانم في ذلك حدود الأدب وابتعد عن الهذيان وتخل 

عن الغرور الذي يحسن له القبيح أو يقبح له الحسن (واللّه هيدي من يشاء إلى صراط 

مستقيم) . 





في الشورى slowly‏ 


تكلمت بعض الجرائد العربية بالشورى » وأشربت بعض جلها عبارات في 
الاستبداد » أوهم ظاهرها وعمومها بعض الناس أن القصد منها مدح الاستبداد الذي 
عرفوا من آثاره ما يكرهون » ولقوا من جرائه ما لا يودون » فشددوا على محررها نكيراً » 
وولوا عنه نفوراً » وقالوا : مَدَحَهُة”© Ub‏ وزوراً » وكان في ذلك من المخطتين . 

وإن ما نعهده في حضرة هذا المحرر من حسن القصد وسلامة النية » يجعلنا في 
ريب من ان يكون الاستبداد ممدوحاً له . ومقصوداً بالثناء عليه » بل ما نعتقده فيه من 
التفقه في الدين » والتضلع منه , يصور لنا أن ليس المقصود من تلك العبارات ما تدل 
عليه ظواهرها التي أوقعت في أوهام كثبر من مطالعيها حلاف ما عليه شرعنا » فأردنا أن 
ندفع هذه الأوهام ببيان حقيقة الشرع في هذا الموضوع » مؤيدين ما نقول بالآيات 
الشريفة والأحاديث المنيفة » وأقوال الأئمة الأعلام من علماء المسلمين » رضي الله 
oe‏ 6 فلقول : 

إن الاستبداد يقال على معنيين : أحدهما : تصرف الواحد في الكل » على وجه 
الاطلاق في الارادة » إن شاء وافق الشرع والقانون وإن شاء خالفها » فيكون اتباع 
النظام مفوض إليه وحده » إن أراد قام به وان م يرد لا يؤخذ عليه » وهو الاستبداد 


. محرم سنة 1199 ه)‎ 5١( م184١ الوقائع المصرية العدد 111/4 في ؟١ ديسمير سنة‎ )١( 
. آي مدح الاستبداد‎ )۲( 


¥A\ 





لا ال ا اك ا 


ومن تتبع الشريعة الغراء ونصوصها الواضعة » ووقف على حكمة تنزيل الكتب 
السباوية » وتدوين | الأحاديث النبوية » يرى أن الاستبداد المطلق ممنوع US ¢ LM‏ 
الله في تشريع الشرائع » ومُعَانّد كل المعاندة لصريح الآيات الشريفة والأحاديث 
الصحيحة الآمرة باتباع أحكام الكتاب العزيز والأخذ بالسنة الراشدة » فإنه نبذ للدين 
وأحكامه » وسعى سخلف الموى ومذاهبه » وذهاب ال کي AN als‏ العليا » وخرق 
لإجماع السلف الصالح من المؤمنين » إذ لم يبيحوا في أطوارهم أن يسول عليهم من 
يخالف الكتاب والسنة إلى أحكام شهوته وهواه » يشهد بهذا صِيغهم في dns‏ الأمر 
والعهد إلى الولاة » يقولون لمن : بايعناك على أن تكون خليفة رسول الل 
تتبع سنته » وتسلك بنا طريقته . أو أن تحكم فينا ا أمر الله » وما سن رسوله 
اة » ولم نر طائفة منهم ولا قوما أميراً على کونه يتبع هواه » وافق الدين أو 
حالفه » ويدل عليه العهود التي كان يعهد بها الخلفاء الراشدون إلى عمالهم في الاقاليم » 
فإنبا كلها مشحونة بعبارات الوصية » والحث على اتباع منهاج الشرع الشريف › 
والجري على السنة الراشدة » والوعيد على مخالفتهها » وأخصها عهد الإمام علي رضي 
الله a ge (oil ave‏ «للأشتر اللخعي» حين ولاه أمور مصر ء ويؤيده أقوال الخلفاء 
SS‏ » کقول عمر رضي 
ae alli‏ ¢ يعد أن ولي الخلافة : «أيها الناس » من رأى منكم في اعوجاجا”فليقومه» . 
فقام بعض الحاضرين قائلاً : «واللّه لورأينا فيك اعوجاجأً لقومناه بسيوفنا» . ويؤكده ما 
منتلوة عليك من الآيات والأحاديثك . 


أما المعنى الثاني » وهو أن يرجع الأمر في تنفيذ الشريعة إلى فرد واحد » فهو غير 
منوع في الشرع ولا في العقل » بل هما على وجوبه » أما الشريعة فنصوصها متضافرة 
على وجوب نصب إمام ينفذ الشرع ا ل 
العادلة على الرعية » وأما العقل فلا في قصر التنفيذ على الواحد الفرد ‏ أي إجراء 
الأحكام باسمه المخصوص - من الهيبة والرهبة » اللتين تلزمان لتنفيذ el‏ 
وإذعان الرعية لها » وانقيادها لما قضت به » ثم ان هذا لا يسمى في العرف استبدادا - 


YAY 





كيا أسلفنا ا إذ صاحبه يكون مقيداً بالمرسوم » محصوراً في دائرة المشروع » بحيث لا 
ee ees‏ 
ويحكم بما يرسم به هواه » وافق الشرع أو خالفه » ناسب السنة أو نابذها » ومن أجل 
هذا ترى الناس كلما سمعوا هذا اللفظ أو ما يضارعه صرفوه إلى هذا المعنى » ونفروا من 
e‏ 
هم النفور والاشمئزاز , إذ لم ينالوا من جرائه إلا وبالا » وم يلقوا من أحكامه إلا 
نکالا » بل شاهدوا النفوس تذهب فيه ظلاً » وتؤكل فيه الأموال أكلا aa‏ 
زوراً » وتدمر البلاد تدميراً » فلا تثريب عليهم إذ كرهوا سوقه في سياق مدح » ولو 
ale‏ رها غر 

المج جر د من عت ل رع كس 
والقانون » ومن البديبي الواضح أن نصوص الشريعة لا تقيد الحاكم بنفسها . eb‏ 
ليست إلا عبارة عن معاني أحكام مرسومه في أذهان أرباب الشريعة وعلمائها , ا 
عليها بنقوش مرقومة في الكتب » ولا يكفي في تقيد الحاكم بها محرد علمه بأصوها » بل 
لا بد في ذلك من وجود أناس يتحققون بمعانيها » ويظهرون بمظاهرها » فيقومونه عند 
انحرافه عنها » ويحضونه على ملازمتها , ويحثونه على السير في طريقها » ومن أجل ذلك 
دعا سيدنا عمر » رضي الله عنه » الناس في خطبته إلى تقويم ما عساه يكون منه من 
الاعوجاج في تنفيذ أحكام الشريعة » فقال oo‏ رأى منكم في اعوجاجاً 
فليقومه) الخ . . الأثر المشهور » وقال تعالى #إولتكن منكم أ de‏ يدعون إلى الخير ويأمرون 
بالمعروف وينهبون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» © . إذ لا يخفى أن هذه الآية 
الشريفة عامة في دعوة الملوك وغيرهم › » على معنى أن تلك الأمة . أي الطائفة من 
المسلمين » تدعو الملوك وغيرهم | إلى ott‏ وتأمرهم بالمعروف اه 
ليقوم بها الدين » ولا يخرج أحد (SL code ge‏ كان أو محكوماً » وليس الأمر هنا 
للندب - کا فهم بعضهم بل للوجوب والفرض . على ما صرح به العلماء » ويؤيده أن 
قيام تلك الأمة بذلك ما لا يتم الواجب المفروض - وهو التقيد بالشريعة - إلا به » 
فيكون واجبا على حكم القاعدة عند فقهاء الشرع «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب» 


5[آل عمران : 5 ]١٠١‏ . 


YAY 





وقالوا :هذه الظائفة ب تاليقها من أفراد الأمة وحوياً كفائياً »عل معنى A of tel‏ 
تقم فيهم امت أفراد الأمة بجملتها » واستحقت العقاب برمتها » فقد فرض الله على 
الأمة الإسلامية أن تقوم منها أمة > أي طائفة » وظيفتها «poe Spel‏ والأمر بالمعروف 
والغبي عن المنكر « cyt bey td (hie‏ تحار جه ادون gale Uap‏ 
من أن يتعالى عليها ذوو الشهوات . فينتهكوا 000 ويخلوا نظامها . إذ تحرفهم عن 
العمل بها الأهواء إذا تركوا وشأنهم . ولم يؤخذ على أيديهم في الاسترسال مع داعيات 
الشهوات » فلم يجعل الله الشريعة في يدي شخص واحد يتصرف فيها كيف شاء » بل 
فرض على العامة أن تستخلص منها قوماً عارفين » لجلب كل ما يؤيد جانب الحق , 
وتبعید کل ما من شأنه أن يحدث خلا في نظامه » أو انحرافاً في أوضاعه العادلة . 

Lal,‏ قلنا أن الملوك والسلاطين داخلون تحت من يجب على تلك الطائفة 
إرشادهم > وذلك لتضافر الأحاديث الصحيحة والأخبار الشريفة على وجوب تنصيحة 
الأمراء » قال وَل : إن الدين النصيحة» ثلاث مرات قبل لمن يا رسول الله ؟ قال : 
لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ولعامتهم) . وقال : «إن الله A‏ لكم ثلاثاً , 
ويسخط لكم ثلاثاً » يرضى لكم أن تعبدوه وحده » ولا تشركوا به شيئا » وأن تعتصموا 
بحبل lee abil‏ » وأن تلاصحوا من ولاه الله أمركم) الحديث . 

قال العلماء والنصيحة للأثمة وأولياء الأمر هي معاونتهم على ما تكلفوا القيام به 
في تنبيههم عند الغفلة » وإرشادهم عند المحفوة » وتعليمهم ما جهلوا . وتحذيرهم ممن 
يريد السوء بهم » وإعلامهم بأخلاق عمالهم » وسيرتهم في الرعية » وسد خلتهم عند 
الحاجة . ونصرتهم في جمع الكلمة عليهم , ورد القلوب النافرة إليهم » والنصح لعامة 
المسلمين : الشفقة عليهم . وتوقبر كبيرهم ‏ والرأفة بصغيرهم » وتفريج كربهم ء 
ودعوتهم إلى ما يسعدهم ٠‏ وتوقي ما يشغل خواطرهم ويفتح باب الوسواس عليهم . 
بل قال عليه الصلاة والسلام : «إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك 
أن يعمهم الله بعقاب من عنده» . فهذه الأنباء 0 وغيرها مما لى يسع المقام 
سرده » تدل بصراحة على وجوب رصد أعمال الولاة » وأمرهم بالمعروف ونبيهم عن 
المنكر » وردهم إلى الشريعة الحقة عند الاعوجاج › ومعلوم أن الأمة بتمامها لا يكنا 
القيام بهذا فوجب اختصاص ذك بمن تحتم عليها ‏ بمقتضى تلك الآية (ولتكن منكم dul‏ 
يدعوون إلى الخثير . . الخ Cie‏ استخلاصهم منها » عارفين بالواجب فيدعون إليه » 


VAS 





والممتوع [Sy owe Ogi‏ تالكر لطر اع الان اة أولبياء 
الأمور , والأخذ على أيدي الظالم مهم ؛ وانتقاء طائفة من خيارهم للهداية والإرشاد › 
ووعدتهم بقرب العقاب إذا لم يردوا الظالم عن ظلمه عند إحساسهم به » كذلك كلفت 
ولاة الأمور بأن يأخذوا آراء رعاياهم فيا ينظرون فيه من مظان المنافع ومجالبها » قال 
تعالى مخاطبا لنبيه الذي لا ينطق الهوى (وشاورهم في OGM‏ 


قال ابن عباس : قد علم الله أن ما به إليهم حاجة » ولكن أراد أن يستن به من 
بعده » وقال بعض المفسرين: ee‏ 
بالرأي أمر نبيه بمشاورة أصحابه كي لا يثقل عليهم استبداده بالرأي دونهم . وقال 
الفسرون في قوله تعالى : (فإذا عزمت فتوكل على الله ») أي إذا عزمت بعد الشورى 
are ee‏ . ومن هنا قال العلماء : من أقبح ما يوصف به 
الرجال (se‏ كانوا أم سوقة : الاستبداد بالرأي » وترك المشاورة . 

وإذا علمنا أن مناصحة الأمراء أمر واجب على الرعية » كما تدل عليه الأحاديث 
والآيات السابقة 00 وجب على ولاة الأمر أن لا يمنعوهم من قضاء هذا 
الواجب > فدل ذلك على أن الأمر في قوله تعالى #وشاورهم VI d‏ للوجوب لا 
للندب» وهو ما يؤخذ من عبارات بعض المحققين من علاء التفسير , > خلافاً لما في تلك 
«الجريدة» من كونه للندب » فوضح من کل هذا أن تصرف الواحد في الكل ممنوع 
شرعا » وأن الرعية يجب عليها أن تجعل الحاكم والمحكوم بحيث لا يخرجان عن حد 
الشريعة الحقة » وأن الولاة يجب عليهم استشارة ذوي الرأي في مصالح 00 
العباد » وأن الشورى من الأمور الشرعية الواجبة » فمن رامها فقد رام أمرا شرعيا » 
قضت به الشريعة وحتمته على الحاكم والمحكوم جميعاً » بحيث لو منعناه لاكتسبنا بذلك 

ومعلوم أن الشرع لم يجىء Oly‏ كيفية مخصوصة droll‏ الحكام » ولا طريقة 
معروفة للشور عليهم » كا لم منع كيفية من كيفياتها الموجبة لبلوغ المراد منها » فالشورى 
واجب شرعي » وكيفية إجرائها غير محصورة في طريق معين » فاختيار الطريق المعين باق 





(4)[آل عمران : 104%[ - 
(5) [آل عمران : 1959]. 


A0 





على الأصل من الإباحة والجواز » كما هو القاعدة في كل ما لم يرد نص بنفيه أو ا 
أنا إذا نظرنا إلى الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضى الله 
عنما وهو كان النبي عليه الصلاة والسلام يحب موافقة أهل الكتاب فيها لم يؤمر فيه » 
وكان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم » وكان المشركون يفرقون رؤوسهم . فسدل النبي 
ناصيته ثم فرق بعد» . ندب لنا أن نوافق في كيفية الشورى ومناصحة أولياء الأمر الأمم 
الي أخذت الواجب نقلاً عنا » وأنشأت له نظاماً خصوصاً » متى رأينا في الموافقة فقة نفعا » 
ووجدنا منها فائدة تعود على الأمة والدين » وإلا اخترنا من الكيفيات واهيثات ما يلائم 
مصالحنا » ويطابق منافعنا » ويثبت بيننا قواعد العدل وأركانه » بل وجب علينا إذا رأينا 
شكلا من الأشكال مجلبة للعدل أن نتخذه ولا نعدل عنه إلى غيره . . كيف وقد قال 
onl‏ قيم الجوزية27) ما معناه : أن أمارات العدل إذا إذا ظهرت بأي طريق كان 2 فهناك 
شرع الله ودينه » واللّه تعالى أحكم من أن يخص طرق العدل بثيء » » ثم ينفي ما هو 
أظهر منه وأبين . 
فتألف من مجموع هذا : أن الشورى واجبة . وأن طريقها مناط بما يكون أقرب 
إلى غايات الصواب . وأدنى إلى مظان المنافع ومجالبها . على أنها إن كانت في أصل 
الشرع مندوبة فقاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان تجعلها عند مسيس الحاجة إليها واجبة 
وجوبا شرعياً » ومن هنا تعلم أن نزوع بعض الناس إلى طلب الشورى » ونفورهم من 
الاستبداد » ليس وارداً عليهم من طريق التقليد للأجانب » ولا آتياً هم من ذم بعض 
الجرائد فيها هكذا جزافاً ورجا بالغيب » كا سبق إليه قلم محرر تلك الجحريدة » بل ذلك 
نزوع إلى ما هو واجب بالشرع » ونفور عا منعه الدين وقبحه العلاء »> وشهدوا من 
آثاره المشؤومة ما عرفوا به قبح سيرته » ووخامة عقباه » نعم . . لا ننکر انه رما کان في 
الطالبين النافرين من سبق الى حب الشورى وكراهية الاستبداد GURL‏ بطبيعة التقليد » 
ولكن ذلك إن کان فليس | ارا سرا ن مدان کو > فلا يصح إطلاق القول 
بالتقليد على فرض أن يجوز التخصيص . ولو قال حضرة المحرر أن كثرة ذم الجرائد 
للاستبداد وتشويقهم إلى الشورى أحضرتهم صور ما أخذوه من الواقع » وأخطرت 


(5) انظر ابن القيم [أعلان الموقعين] ج ؛ ص "لا" . ۳۷۳ » ٠۷١‏ طبعة بيروت سنة 
۳ م . وكذلك انظر [الطرق الحكمية] ص ١‏ - 19 طبعة القاهرة سنة ۱۹۷۷ م . 


ك1 





elas‏ أمثلة المشهود في العيان » فجسمت ذلك عندهم » فلذلك اشتدت كراهتهم 
فيه » وقويت رغبتهم فيها » لكان ذلك أدنى إلى الصواب » ولكن را سبق القلم إلى 
غير المراد . 

وأما قول حضرة هذا المحرر أن جواز إعطاء الحرية للأفراد في إبداء آرائهم > مع 
ال 5 » يستلزم جوازه في جانب الأمراء بالطريق 
الأول » فهو خلاف التحقيق « فإن حرية الأفراد ‏ على معنى تنفيذ ما يرونه صواباً لا 
dle‏ ها استبداد ٠ CaN ces Shel‏ فان واحداً مغهم لم يستقل بتنفيذ US oh be‏ 
هو حقيقة الاستبداد » بل إنما طلب غيره لمشاركته في الرأي » وما هو من معنى الاستبداد 
في شيء » وذهاب المحرر في هذه العبارة خلف فكره يعد من سبق القلم وجريانه بما لا 
يرجع إلى أصل علمي » إذ ليس في تشارك أفراد العامة نصرف الواحد في الكل ٠‏ بل 
تصرف الكل في الكل » أو تصرف الكل في الواحد . 

SS 
العلم بأن رأى ي الواحد ليس مثل رأي الكل ؟! إذ الأول مظنة الخطأ ولا يحتمل الثاني‎ 
حطأ » إلا احتمالاً يفرضه العقل . وتكذبه العادة والاختبار . ومن ثم قال سيدنا عمر‎ 
ابن الخطاب : «الرأي الواحد كالخيط السحيل  وهو الحبل على قوة واحدة - والرأيان‎ 
«ما تشاور قوم إلا هدوا‎ : 8B Sy كالخيطين » والثلاثة الآراء كالثلاثة لا تنقطع)‎ 
لأرشد أمرهم) . وقال تعالى حكاية عن نبيه موسى عليه السلام : #واجعل لي وزيراً‎ 

Bel ys‏ هارون اخي اشدد به أزري وأشركه في أمري4 . وقال عمر رضي الله 
ee ee‏ 
الأربعة) › ميال منه إلى الأكثر» لأن رأهم إلى الصواب أقرب . قاله السيد st‏ ‘ 
وعن أي هريرة : «ما رأيت re E‏ ل 
الحكم بأولوية استبداد ولاة الأمور ؟! لا شك أن الحكم بهذا 0 من قبيل ترجيح 
المرجوح من حيث هو مرجوح » بل من ضرب تجويز الممنوع » إن أريد الاستبداد 
المطلق « حيث علمت امتناعه مما أسلفناه لك من الأدلة 0 المسموعة . 

هذا ما أردنا ايراده في هذا المقام » دفعاً لا توهمه عبارات تلك الجريدة من تجويز 





0) [طصه : 19]. 


YAY 





ديننا للاستبداد المطلق أو إيجابه » مع كونه براء منه » ورفعاً لما عساه يتولى بعض الأذهان 
من كون حكم الشورى عندنا معاشر المسلمين الندب » مع أنه الوجوب » كا قررناء 
ولعل من يدعي أن الأمة الإسلامية لا تصلح للشورى . زعما منه أن ديننا القويم 
يأباها » يكتفي ذا المقال » فيعلم أن شريعتنا شريعة سمحة » تأبى أن يتولى أمور ذويها 
من لا يراعون للشرع حرمة » ولا يحفظون للسنة ذمة » وتوجب الشورى على كل من 
الرعية والحاكم جميعاً » ذلك هو الحق . والله هدي من يشاء إلى سواء السبيل . 


AA 





saad 


تكلمنا في العدد الماضي عن الشورى . ولكن من حيث حكمها الشرعي ¢ وقد 
أثبتنا هناك أنه الوجوب . كا تبين مما نقلناه من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة 
والآثار الصحيحة وأقوال العلماء وأئمة المسلمين » رضوان الله عليهم أجمعين 

والآن نتكلم عليها من جهة إمكانها عندنا . ومن حيث المنفعة والفائدة المترتبة 
عليها في بلادنا المصرية التي لم ترها من عهد قديم » فنقول : 

لا يخفى أن أبناء قطرنا المصري قد انتقلت أفكارهم من مركز الرقدة إلى مجال 
الجولان في المنافع والمضار » ووجوب السعي لطلب الأولى من طرقها ‘ ولزوم الاجتهاد 
في دفع الثانية مما يقطع عرقها بالمرة ة أو يخففها شيئاً فشيئاً على قدر الإمكان » وذلك بما مر 
عليهم من الحوادث المتنوعة الأشكال » ومن البين أن الأهالي إذا دب فيهم هذا الروح 
تشوفوا لأن تكون أفرادهم متساوية في القانون والمعاملات بدون تفرقة بين هذا وذاك » 
وصح أن يوجد في| بينهم قوم - (وهم الخواص الذين -حصلوا طرفاً من المعارف 
والعلوم) - يقتدرون على التفرقة بين الملايم والمنافر » ويعرفون طريق الأول الذي ميجلب 
منه » وسبيل الوقاية من الثاني » ويرضون أن يجعلوا أنفسهم في مقام العمل للباقين 
والسعي هم فيا يعود على الحميع بالمنافع والخير على قدر ما يستطيعون . 

أما كون البلاد المصرية قد صارت أهاليها على هذا الفكر فهو أمر جلي لا يختلف 


. ه)‎ ١1799 م (١5؟ محرم سئة‎ 188١ ديسمير سنة‎ ١" في‎ ١١8٠ الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


۳۸4 





فيه اثنان » ولا نخص ذلك بالمخنواص » فإن العامة . وهم أهل الأعمال البدنية المستغرقة 
لبياض النهار وسواد الليل قد انتقلوا عما كانوا فيه من قبل بكثير» وإن كان الانتقال في 
كل من الفريقين (الخواص والعوام) على درجته اللائقة به » الملاسبة لما اكتسبه من 
المعارف أو التجربة أو تأثير الحوادث أو غير ذلك من أسباب الانتقال من حال إلى أعلى 
منه في الوجود . 

وأما كون الأهالي إذا دب فيهم روح الاستبصار تشوفوا للعدل والمساواة » 
وتشوقوا حلب المنافع ودفع المضار . وأمكن أن يوجد فيهم جماعة يقدرون على القيام 
بمهام المصالح . فهو أمر من مقتضى الفطرة البشرية ومن لوازم سير الإنسان وترقيه في 
مدارج التقدم . فلو تخلف التشوف للعدل والمساواة عن التنبه والاستبصار للزم انفكاك 
الملزوم عن لازمه › essa‏ البطلان » فان معنى التنبه والتيقظ هو الإحاطة بأن 
الحالة الأولى غير مناسبة للمصلحة , والعلم التام بأن المصلحة والمنفعة لا يلائمههما إلا 
كذا من الأحوال . ولا معنى للعلم بأن ذلك لا يليق » وهذا هو المناسب » إلا ترك 
الأول والاستمساك بعروة الثاني وطلبه من جهات وسائله الموصلة إليه » فظهر أن 
التشوف للعدالة والانتظام من لوازم التنبه والاستبصار » لا تنفك عنه في أي ظرف من 
ظروف الوجود . فإذا تنبهت الأهالي علمت ...22 فيلزمها أن تخصص طائفة منها 
للنظر في منافعها وجلب مصاحها , حيث أن ذلك لا يسع جميع الأفراد » فإن منهم 
العامل والزارع والتاجر » ومن لا يقدر إلا على السعي في منافعه الخاصة به وبعائلته » 
إلى غير ذلك من المهن والصنائع والأعمال . 

فإذن قد ثبت أنه لا مانع لوجود الشورى في بلادنا من جهة أهاليها . بل إن 
حالتهم الآن تقضي بلزوم وجودها » حيث أنهم قد صاروا جميعاً على ما قدمناه من 
الانتقال من حال إلى حال » ومن التنبه والاستبصار على حسب اختلاف الطبقات وتباين 
الدرجات بين الأفراد . 


هذا من جهة الأهالي المصريين . أما من جهة ايئة الحاكمة فكذلك لا مانع 
للشورى ولا محذور في وجودها » وذلك لأن من بيده زمام الأمر والبي في الديار المصرية 
(؟ ) مقدار le‏ كليات محذوفة » يسيب (Liddy‏ الصحيفة » إد ذهب السطر الأسفل منها عند 


التجليد . 


۳۹۰ 





وهو الجناب الخنديوي المعظم ميال بطبعه إليها من بدء نشأته الكريمة » وقد شب ء أيده 
اله » على حبها وتعزيز شأنها وارتفاع منارها . ودليلنا على ذلك تأييده لبادئها من عهد 
أن ولي الأمر واستوى على أريكة الخديوية المصرية وأخذ يدير حركة البلاد » فقد رأينا 
جنابه الكريم قائ بأمر العدل والمساواة والنظر في مصالح رعیته ومهتاً کل الاهتام 
بمصا حهم وجلب منافعهم ودرء مضارهم وسد خللهم وراحة باهم » وعلمنا من سجاياه 
الطاهرة أنه لا يميل إلى الاسترقاق ولا يألف الاستعباد ولا يرضى لرعيته إلا سلوك جادة 
الخير والسعي فيا يعود عليهم بالفائدة الحقة » وأن تكون نيرة الفكرة عارفة بمصالحها 
أنفسها . تقدر على النظر في المصالح وجلب الملائم ودفع ما يعوقها عن الوصول إلى 
الكمال . ولا ريب أن من كانت هذه أحواله المشاهدة منه في كل حين من الأحيان فهو 
أحب للشورى من سواه . فإنها تؤيد مشربه وتعضد مباديه » والإنسان لا يكره ما 
يساعده على مقاصده في حال من الأحوال » فظهر أن الجناب الخديوي المعظم محب 
للشورى » بل إا من مقاصد ذاته الكريمة . ولا سيا إذا أضفنا لذلك أن جنابه المعظم 
قائم بواجبات الدين القويم حق القيام » وأنه نه أعزه الله متمسك بعروته الوثقى وحافظ 
على أوامره ونواهيه كل المحافظة » وأن حكم الشورى في ديننا هو الوجوب » فلا يشك 
أحد بعد هذا في) قلناه من أن الشورى هى من أعظم مقاصد خديوينا المعظم › 
اله ونصر به الحق وأعز به أهل هذه الديار . 8 

وكذلك لا يرتاب أحد في أن هيئة حكومتنا الحاضرة » وخصوصاً دولتلو شريف 
باشا . رئيس مجلس النظار dS be‏ إلى وجود الشورى في هذه البلاد » وقد اشتهر 
بذلك دولة الرئيس وعرف بحرية المشرب بين الخاصة والعامة > فلا حاجة إلى اقامة 
الرهان على ما لدولته من حسن المقصد وإرادة الخير للعموم » وكذلك بقية النظار 
الكرام » فإن جميعهم من المساعدين على هذا المقصد الحميل » ومعضدين لبادىء 
الجناب الخديوي المعظم ء أيده الله . 

فإذن لا مانع كذلك من جهة الحكومة › بل إنها مساعدة ومعضلة لوجود الشورى 
في هذه البلاد » فثبت أن وجودها في بلادنا المصرية ممكن » بل وواجب محتوم » حيث 
قد ثبت أنه لا مانع من إحدى الجهتين (الأمة والحكومة) وثبت أنهما (الجهتين) طالبتان 
لوجودها وتحققها في الديار المصرية التي قد استعدت للحصول على الغاية الحسئة وتبيات 
للوصول إلى درجات الكمال . 


۳۹1 





هذا ما يتعلق بالشورى من جهة إمكان وجودها في بلادنا المصرية » اما ما يتعلق 
بها من حيث منافعها فيها فهذا بيانه : 

إننا لو تتبعنا الأحاديث الكرية والآثار الصحيحة لرأيناها كلها ناطقة 
ان 7 العدول عنها وزيادة عن هذا فإن الشرع الشريف لم يأمر من اتبعه بها إلا 
وهو عالم بأن لما مزايا ومنافع لا تنحقق إلا بها ولا تحصل | oe‏ 
مصداق ذلك كله في أي بلد أو مملكة قامت بأمرها واتخلتها دليلا في جميع أعمالها » ورأينا 
أن الضد بالضد . فتبين من ذلك أن للشورى في ذاتها منفعة تدور معها وجوداً وعدماً 
بدون فرق في الموقع والزمان » وهذا أمر نظنه بيئاً بنفسه » فلا حاجة بنا إلى طول الكلام 
فيه . 

وإن بلادنا المصرية . بلا ريب ٠»‏ لا فرق بينها وبين بلاد أخرى تحققت فيها 
الشورى ونالت منافعها وعادت عليها فوائدها. من حيث القبول للمصلحة » 
والاستعداد للخير . والقدرة على التفرقة بين الملايمات والمنافرات » ومحبة الأولى وكراهية 
الشانية » والفرح بالإصلاح والحزن من الإفساد . إلى غير ذلك مما تقتضيه هذه 
الصفات . 

وقد اثبتنا أيضاً فيم| تقدم أنه لا عائق من جهة الأهالي » فإنهم لم يكونوا الآن على 
ما كانوا عليه من قبل » بل إنهم قد تغيرت حالتهم وعرفوا الضار من النافع » وتوجهت 
رغبتهم للحصول على ما ينفعهم . ولا ريب أن هذه الحالة هي مقدمة النجاح وطليعة 
الفلاح » ومن حصلت له المبادىء تطلع إلى تحصيل الغايات » وليس من غاية نافعة إلا 
وسبيها الشورى , فلا تحصل إلا بها ولا تنحقق إلا بوجودها . فالشورى حينئذ نافعة في 
ديارنا المصرية كنفعها في غيرها من البلدان » وهذا أيضاً مما لا نطيل الكلام فيه فإنه 
أجلى من أن يقام عليه البرهان . 

وأما حصول المنفعة المقصودة من الشورى بالفعل في بلادنا, فلآن ae‏ 
النواب قد تم على وجه يضمن حصوها . ويكفل تحققها , إذ لا يخلو المتتخبون من أن 
يكون غالبهم من أهل الدراية والمعرفة وأرباب النظر والفكر الذين يعرفون ما هي 
الشورى وما هو المقصد منها وما هي المنفعة للبلاد وما هو الطريق الموصل إليها » فإن 


2 مقدار ماني كليات محذوفة ۽ پسېب ذهاب السطر الأسفل من الصحيفة عند «التجليد» 1 


4۲ 





بلادنا قد انتشر فيها العلم منذ أزمان طويلة تكفي للمشتغل فيها بالمعارف أن يكون على 
حالة التنبه والاستبصار التامين اللذين يقتدر معهما على الحولان بفكره في أي موضوع › 
ويمكنه با أن یکون من النافعین لوطنه وإخوانه فيه » ولا يخفى أن مثل هؤلاء كثير جداً 
في البلاد . وقد وقع الانتتخاب على كثير منهم في هذه الرة مجلس النواب » ولا نشك في 
أن هذا العدد فيه الكفاية التامة لتحقيق منفعة الشورى المقصودة منها في بلادنا المصرية . 
فإن أي قطر من الأقطار لا يكون المجموع فيه للمشورة إلا على هذا المثال . أي يكفي 
أن غالبهم بمكان من الدراية بأحوال البلاد وعلم بطرق منافعها اللازمة فيها . وقد علمنا 
علم اليقين أن غالب المتتخبين عندنا هم على هذا الحال . فلا يضرنا والحالة هذه أن 
يكون القليل ليسوا كالكثير في هذه الصفات كا لم يضر في أحد المالك المتمدنة وجود 
مستشيريها على هذا المنوال . بمعنى أن غالبهم كالغالب عندنا والقليل منهم كالقليل منا » 
وهذا أمر مسلم لا مرية فيه ولا خفاء . ومع ذلك فقد نالوا ثمرات الشورى وحصلوا 
على فوائدها . فالقول إذن بأنهم هم ينالونها ونحن نحرم منها مع تساوي الأمر بيننا 
وبينهم ما لا يصح في الأذهان ولا تقوم عليه حجة ولا يؤيده برهان . 

فثبت من كل هذا أن الشورى ممكنة الوجود في بلادنا » بل لا بد منها فيها » وأنها 
نافعة في أقطارنا المصرية كغيرها من سائر المالك والبلدان » وقد سمحت الإرادة 
الخديوية بتحققها عندنا . فلا ريب أن تجتني أهل هذه الديار منفعتها » وتدخل في دور 
جديد يثني فيه التاريخ على OL,‏ 


€3 مقدار ثلاث كلمات محذوفة لذهامها في عملية تجليد الصحيفة . . من أسفلها . 


ray 


Converted by Tiff Combine 








الشورى والقانون() 


قد أسلفئا فيا سبق من أعداد ibd oul all of ML Ly‏ باختلاف أحوال 
الأمم . وبِيّنا الأسباب الموجبةللاختلاف . وضربنا لذلك أمثالاً لتقريب المطالب من 
الأذهان » وأن ذلك صريح في أن القوانين متعددة » وأصنافها متنوعة » لتفاوتها بحسب 
الغرض المقصود منهاء أعني ضبط المصالح › وفتح سبل المنافع › وسد طرق 
المفاسد . . والآن نريد أن نبين أقربها للغرض ؛ وأبعدها عن مساقط الإهمال » وأمنعها 
عن عبث الجهل والأغراض » فنقول : 

إن القانون الصادر عن الرأي العام هو الحقيق باسم القانون المقصود بالبيان ليس 
إلا . وبيانه أن الاجتماع بين أمة من الناس في مبدأ أمره لا يكون له داعية سوى 
الصدفة » أو أسباب أخرى قهرية لا تخرج عن الطوارق التي تلم بالإنسان فتلجئه إلى 
ملجأ من نوعه » يستعين به على دفعها » فإذا استتب الاجتماع » وسكن الأمن ني قلوب 
المجتمعين » وانقطع كل منهم في الأسباب التي توصله إلى لوازم المعيشة » نزع فيهم 
حب المسابقة في كل ما يتنافس فيه كل حي » وتولد من ذلك شدة الطمع والشره » وجر 
الأمر إلى الحسد والبغخض والبطر , فأصبحوا ‏ وهم في مكان واحد ‏ متباعدي المقاصد » 
أشتات القلوب » لا يبالي أحدهم بافتداء مصلحته بمصلحة الآخر بأي طريق سلك › 
وني رابطة الاجتماع » وواجب الاشتراك في الوطن » وتناول أشدهم عضدا مقاليد 





. الوقائع المصرية . العدد ۱۲۹۰ في ۲۵ ديسمير سئة 181 م (5 صفر سنة 1195 ه)‎ )١( 
. الوقائع المصرية‎ )۲( 
۳40 





الحكم عليهم ؛ وبث فيهم أعوانه وأنصاره بدون قاعدة تربط الأعيال » وتبين الحدود › 
فحينئذ لا ترى لاثنين منهم رأيين متوافقين › ولا قصدين متطابقين » بل لا نرى إلا 
نفوساً شاردة » وأغراضا متباينة » تسوقهم عصا الظلم » وتجمعهم دائرة الغرم » فهم 
في هذه الحالة ليس هم وجهة تربط أعالهم » وتوحد مقاصدهم » بحيث تكون حورا 
لدائرة ة أفكارهم , وغاية تنتهي إليها حركاتهم في كافة أمورهم » إذ ما نزل بهم من 
دواعي الاضطراب › وأسباب تبلبل الألباب » جعل لكل منهم شأناً خاصاً به » فلا 
يفكر يوماً ما في حقوق الاجتاع » ونسب الارتباط ؛ فكأنه أمة وحده » مقطوع العلائق 
ee‏ » وإذا استمرت بهم هذه 
الحال زمناً طويلا فسدت طباعهم . وتبدلت أخلاقهم إلى ملكات رديئة » تحملهم على 
البطالة والكسل » وتكلهم إلى الآمال العاطلة » والأماني الكاذبة » وتورثهم المخمول 
والذل والفتور » فإذا توالت عليهم الحوادث » وعلمتهم أسفار الاخبار طرفاً من سير 
الأمم , تذكروا أنه قد كان لهم من حقوق الاجتماع ما يسوقهم ! لى العيش الرغد › 
ويصون عناصرهم الشريفة من لوث النسة ودناسة الاتضاع » فتهم نفوسهم بتقويم 
دعائم الاجتماع على أصولها التي تطالبهم بها طبيعته , فتمانعهم تلك الأخلاق التي نشأوا 
بها مانعة تضعف منهم قوة العمل » فكلا قويت فبهم دواعي الاجتماع اشتدت كراهتهم 
للتقاعد عن الأخذ بالوسائل » وطفقت نفوسهم تنفض عنها درن الملكات الفاسدة , 
وتوفرت فيهم بواعث الأعمال المختلفة » وأصبحت المقاصد متجهة إلى غاية واحدة » 
وهي المعاضدة على حفظ البيئة الاجتماعية » فعند ذلك نرى من لم مزه الشفقة منهم على 
المنافع العامة » ا » يفضلها على غاياته الخاصة . Ge gly‏ 
العلم » بدون أ ن يتلقى درسها من معلم » فإن الحاجة هي الأستاذ الذي لا يضيع 
تعليمه » ولا يخيب إرشاده » ومن هنا ينشأ بين الناس ما يعبر عنه بالرأي العام » وهو 
الأساس الذي بدونه لا يمكن أن تتوجه الكلمة في أمر ما يراد التداول فيه » ونقطة 
التلاقي التي تجتمع بها أطراف الافكار المتشعبة » وتنمحي فيها الأغراض المتعددة » إذ 
ليست في الحقيقة أغراضاً ذاتية وإن تلبست بصورها واا هی ری د ا ووی اي 
os aes‏ الرأي العام » وسالكوها بلغوا درجة الاجتهاد , وکل عامل للأمة 
مشر لاء أقرب 'الظرق الال من أعناء الكلفة ٠‏ كما يشهده من وقف على مشارب 
Lit cae tae Cell oa og Sebel abel‏ ¢ تون a Dd tle‏ 
البحث عن الصالح العام . 
۳۹٦‏ 





فإذا بلغت أمة من الناس هذه الدرجة من التنور » وأصبحوا جميعاً على رأي واحد 
في وجوب ضبط المصالح » وتقييد الأعمال بحدود مقدسة تصان ولا تهان » اندفعوا 
bye‏ إل طلب هذه الحقوق: الشريفة بدوة' أن حشرا لومة ولا يفون دون أن يزرا 
بين أيديهم قانوناً عادلاً » لائقاً بحالهم . منطبقاً على أخلاقهم وعوائدهم . كافلا 
بمصالحهم » يرجعون إليه في أمر المساواة والأمن على العباد والبلاد » ولا يعجبهم أن 
يكلوا وضعه لواحد منهم يتولاه بنفسه . إذ الواحد لا يتأق له أن يشخص مصالح 
الجميع مع تباينها » وهذا أمر ينبني عليه صحة القوانين وما يترتب عليها من الفوائد , 
ولا يمكنهم أن يباشروا وضعه جميعاً » > إذ فيهم من تمنعه موانع قوية عن ذلك . فلم يبق 
إلا أن ينتخبوا منم نوابا بقدر الحاجة - للقيام بهذا الواجب » من كل جهة » ومن كل 
ذوي حرفة » ليكونوا جميعاً على علم بأحوال موكليهم عموماً »> وطبائم أمكنتهم > فإذا 
Lal‏ هذا القانون على وجه كامل شامل » بعد البحث الدقيق » وإن استغرق عملهم 
أمدذا ay (Ue ale Spall Oiladl ga ols‏ 

uf‏ علياً فلأن أحكامه كلها صارت معلومة لدى أفراد الناس جميعاً , لأن من 
وضعها هم نوابهم » ولا يخفى أن نفس المنوب عنهم لا يغفلون طرفة عين عن كل أمر 
من أمورهم يشرع النواب في المداولة فيه » ليقفوا على طريق الجدال في كل مبحث » 
ويعلموا ما تم عليه الرأي فيه » على أن صحف الأخبار التي لا يخلو منها قطر من الاقطار 
تتكفل بنشر المفاوضات والاحكام في كل مسألة . فتكون هي السفراء بين «مجلس 
النواب» وبين الرعايا على اختلافهم » ولا يضر عدم العلم لافراد منها كالسوقة الرعاع , 
والعَملة وان كثروا » فانهم كالآلات الصمء الموقوفة على الأعمال البدنية ليس إلا » فتبين 
من ذلك أن العلم بأحكام القانون الذي يضعه جملة النواب لا بد أن يتحقق بين 
الأفراد » فبعد إتمامه لا يحتاج الأمر إلى المدارسة فيه إلا لمن هو حديث عهد به . 

وأما عمل فلأن القانون عادل منطبق على المصالح » ومثله حقيق بأن يرسم في 
صفحات القلوب » خصوصاً وأن واضعيه هم النواب » والنائب لسان المنوب عنه » 
فكان من وضع الأمة بتهامها » وتلك حجة عليهم بأنهم جميعاً متعاهدون عليه » سيا 
وأخهم هم الذين تقاسموا بالأيمان على الأخذ بالأحسن من كل شيء نافع » وأن قلوي, 
طويت على المحافظة على الرأي العام وأنهم basis‏ او ly‏ كينت بعد 
هذا كله يتركون القانون حبرا على ورق بدون علم ولا عمل ؟. 


۳44۷ 





فقد وضح مما ذكرناه أن أفضل القوانين وأعظمها فائدة هو القانون الصادر عن 
رأي الأمة العام » أعني المؤسس على مبادىء الشورى » وأن الشورى لا تنجح إلا بين 
من كان لهم رأي عام يجمعهم في دائرة واحدة . كأن يكونوا جميعا طالبين تعزيز شأن 
مصالح بلادهم فيطلبوها من وجوهها وأبوابها .» فما داموا طالبين هذه الوجوه فهم طلاب 
الحق ونصراؤه » Fait va nares‏ إذا لم يأت مطلوبهم على 
غاية ما يمكن من الكمال » فإن الحصول على أقصى المراد يستحيل أن يكون دفعة 
واحدة » is‏ نقيت ails Gb Gla al US‏ أن الثيء + لا يبلغ حده في الكمال إلا 
بالتدريج » > بل اللوم كل اللوم أن يضرب الطالب صفحاً عن مطلبه , ويقصر في 
السعي » ويرضى بحالته » فيقف عندها» E RET‏ ومهد له 
الوسائل » إذ ذلك ضرب من الجهل المركب القبيح » الذي يجعل صاحبه أدن درجة من 
الحيوانات العجم . 

وأن استعداد الناس لأن يهجوا الهج الشوري غير متوقف على أن يكونوا 
متدربين في البحث والنظر على أصول الحدل المقررة لدى أهله » بل يكفي كونهم نصبوا 
أنفسهم وطمحت ا للحق » وضبط المصالح عل نظام موافق لمصالح البلاد 
وأحوال العباد » ولا يتوهم أن القانون العادل امسر هل احرية هو الذي ا 
على الأصول المدنية والقواعد السياسية في البلاد الأخرى انطباقاً ob » Lb‏ البلاد غتلف 
باحتلاف المواقع » وتباين أحوال التجارة والزراعة » وكذلك سكانها بختلفون في العوائد 
والاخلاق والمعتقدات إلى غير ذلك » فرب قانون يلائم مصالح قوم ولا يلائم مصالح 
آخرين » فيفع أولئك ويضر بهؤلاء » إذ على مؤسس القوانين أن يراعي أخلاق الناس 
على اختلاف طبقاتهم وأحوالهم > وطبيعة أراضيهم ومعتقداتيع » وكافة عوائدهم , 
ليتسنى له أن يحدد مصالحهم » ويربط أعمالهم بحدود  ee‏ 
عليهم أبواب المفاسد » وحينئذ لا يسوغ لأرباب الشورى أن يجاروا غير بلادهم في سن 
القوانين » بل عليهم أن يجعلوا أوضاع بلادهم وأحوال الأهالي الحاضرة نصب 
أعينهم . حتى يتهيأ لحم حينئذ أن يرسموا ما لا بد منه من الأحكام الملائمة » فإذا 
أمعنوا النظر ودققوا في البحث وطلبوا الحق حيث كان » وان من صغير. وكان هذا 
المقصد السائق للجميع على البحث والتنقيب . انفتحت لهم عيون المسائل » وسهلت 
عليهم صعاب المطالب » وحومت أفكارهم على ما كان يحسب أبعد خخطور بالبال 


۳۹۸ 





فتتغلغل أفكارهم في ما وراء ذلك من الأمور التي لا يكاد يكشف الحجاب عنها في مبدأ 
الأمر > حتى يحصلوا على مبادٍ أولية يتخذونها قواعد كلية لما يرد عليهم من الأبحاث , 
كأن يستعملوا قاعدة القياس والحكم على النظائر والاستدلال بالأصل والعادة والعرف 
وأمثال ذلك في محاوراتهم » بعد أن صارت لدبهم من المسلمات الأولية » وقد كانت في 
بداية الأمر من الغوامض التي يحتاجون ني حلها إلى نظر وبحث . وهكذا يتدرجون من 
الوسائل إلى المقاصد » ثم ينساقون من المقاصد التي لديهم بديبية المبادىء إلى مقاصد 
أعلى وأسمى » حتى يثبت قدمهم في الشورى كل الثبات . 

وما تقدم سرده تعلم أن أهالي بلادنا المصرية دبت فيهم روح الاتحاد , وأشرفت 
نفوسهم منه على مدارك الرأي العام. وأخذوا يتنصلون من جرم الإهمال» ويستيقظون 
من نومة الاغفال » وقد مرت عليهم حوادث كقطع الليل المظلم » ثم تقشعت عنهم » 
فطالعوا من ساء الحق ما كحل عيونهم بنور الاستبصار » حتى اشرأبت مطامعهم إلى 

بث أفكارهم في ما يصلح الشأن . ويلم الشعث 2 ets‏ المتفرق من الأمور . ليكونوا 
أمة متمتعة بمزاياها الحقيقية » فهم بهذا الاستعداد العظيم أهل لأن يسلكوا الطريق 
الأقوم » طريق الشورى والتعاضد في الرأي » فقد أزف الوقت . ولم تسمح لهم ظروف 
الأحوال ob‏ يتأخروا عن سن قانون يراعي فيه ضبط المصالح على وجه ملائم » يتبادلون 
فيه الأفكار الحرة on‏ الصائبة » فلذا أجمعوا رأءهم على تأليف مجلس الشورى ممن لهم 
دربة ودراية تامة بشئون البلاد » وصدرت الأوامر السامية بانتخابهم rs‏ حسب ما 
قضت به نواميس الرية » وانشرحت صدور الناس عامة ذا الأمر » واستبشروا بما 
يكون من عاقبة هذا المسعى الحليل bade‏ و ا ا 
ا يؤيد شأن البلاد ويعلي كلمة الوطن » ولنا أمل لا يخيب في أهل البلاد وحضرات 
اللواب » فهم أجل من أن يعدلوا عن طريق النجاح › أو يكون سعيهم إلا في حب 
الاصلاح » وهذه هي خطوة ة نعدها ‏ إن شاء الله في سبيل تقدمنا فاتحة الألطاف . 


۳۹4 


Converted by Tiff Combine 








برنامج الحزب الوطني المصري(!) 


١-يرى‏ الحزب الوطنى محافظة على العلاقات الودية الموجودة بين الحكومة المصرية 
والباب العالى واتخاذ ذلك الباب ركنا يستند عليه - ويعتقد أن جلالة السلطان 
عبد الحميد مولاهم وخليفة الله في أرضه وإمام المسلمين لا يريد قطع هذه الصلات 
والعلاقات ما دامت الدولة العلية في الوجود » ثم يعترف باستحقاق الباب العالي لا 
يأخذه من الخراج وما يلزمه من المساعدة العسكرية إذا طرأت عليه حرب أجنبية وهذا 
بمقتضى القوانين والفرمانات الشاهانية » كما يعتقد هذا الحزب . أنه يحافظ على امتيازاته 
الوطنية بكل ما في وسعه . ويقاوم من يحاول إخضاع مصر وجعلها ولاية عثانية » أي 


)١(‏ علاقة الأستاذ الإمام بهذا البرنامج وثيقة جد » فهو الذي صاغه كوثيقة تمثل وجهة نظر الحركة 
الوطنية المصرية » كي يتقدم به صديق هذه الحركة «ولفرد بلنت» إلى «غلادستون» رئيس وزراء 
إنجلترا في ٠١‏ ديسمير سنة 1881١‏ م في محاولة لمنع إنجلترا من السير في طريق معاداة الحركة 
الوطنية المصرية . . وبلنت يتحدث عن قصة وضع هذا البرنامج بواسطة الأستاذ الإمام عقب 
مقابلة عرابي لبلنت فيقول : «وكان لهذا اللقاء الأول من حسن الأثر على رأبي في الضابط الفلاح 
ما حملني على الذهاب في الحال لصديقي الشيخ محمد عبده لأفضي إليه بحقيقة هذا التأثير . ثم 
أقترحت وضع برنامج بما أخبرني عرابي به . . . ومن ثم وضعت أنا والشيخ محمد عبده وأخرون 
وصابونجي منشوراً يتضمن آراء الحزب الوطني JS‏ دقة , وقد أخل الشيخ محمد عبده هذا 
المنشور إلى محمود سامي . والذي كان وزير الحرب » وضمن موافقته عليه » وكذلك أطليع 
عرابي على المنشور ووافق عليه » . انظر كتاب « بلنت » ( التاريعخ السري لاحتلال إنجلترا 
مصر) ص ٠١5 » ٠١560‏ ففيها يبرز دور الأستاذ الإمام في وضعه وتتحدد علاقته الوثيقة به , 
والبرنامج منشور في ملاحق كتاب « بلنت » السابق الإشارة إليه ص ۷۹۸-۷۹۲ . 


4 





وله ثقة بدول أوروبا لا سيا انجلترا المدافعة عنه » ويود أن تدوم هذه المحبة حتى 
يحصل على حرية مصر واحترامها . 

؟ ‏ هذا الحزب يخضع للجناب الخديو الحالي » وهو مصمم على تأييد سلطته ما 
دامت أحكامه جارية على قانون العدل والشريعة حسب ما وعد به المصريين في شهر 
سبتمير سنة ١18481١‏ » وقد قرن هذا الخضوع بالعزم الأكيد على عدم عودة الاستبداد 
والأحكام الظالمة التي أورئثت مصر الذل » والإلحاح على الحضرة الخديوية بتنفيذ ما 
وعدت به من الحكم بالشورى وإطلاق عنان الحرية للمصريين , ويطلبون منها 
الاستقامة وحسن السلوك في جميع الأمور , وهم LS ately‏ وقلا 5%( نهم aby ht‏ 
من الاصغاء إلى الذين يحسئون اليه الاستبداد والاجحاف بحقوق الأمة ne‏ المواعيد 
التي وعد بانجازها . 


رجال هذا الحزب يعترفون بفضل فرنسا وانجلترا اللتين خدمتا مصر خحدمة 
صادقة » ويعلمون أن استمرار المراقبة الأوروبية هو الكفالة العظمى لنجاح «lel‏ 
مع قبولهم تلك الديون الأجنبية حرصاً على شرف الأمة » وإن كانت تلك الأموال لم 
تصرف في مصلحة مصر بل صرفت في مصلحة حاكم ظالم لا يسأل عا يفعل . ومعلوم 
لهم أن ما حصلوا عليه من |الحرية » والعدل كان بمساعدة هاتين Cady‏ © فهم 
يشكروهه) ويثنون عليه . 


ثم إنهم يرون أن النظام الحالي لم يكن إلا وقتياً» وإلا فإنهم يأملون أن 
لكام ی لحا سن ررم دامر د 
٠ Cie pall‏ وهم لا يخفى: عليهم شيء من الخلل الحاصل في المراقبة » ومستعدون 
اع pe B‏ بعلمو cy Las Ol‏ كتميق في تقلع الا لا يققرون حو الف 
بوظائفهم ولا يراعون Go‏ الشرف والاستقامة »> وبعضهم يأخذ الرواتب الجسيمة بلا 


(؟) يقارن هذا الرأي فيها يتعلق بعلاقة مصر بالدولة العثمانية برأي الأستاذ الإمام الذي كتبه «لبلنت» 
والذي وضعناه تحت عنوان (دفاع عن حكومة الثورة) .. مع مراعاة الاختلاف في السياق 
والمقام ‘ فالجوهر واحد والموقف متحد : 


۲ 





استحقاق » مع وجود من يقوم بعملهم من المصريين على احسن أسلوب براتب لا 
يوازي حمس راتب الأجنبي ا يحكمون بوجود الظلم وخلل الإدارة ما دام هذا 
الإسراف الخارج عن الحق باقيا . 

وهم يتعجبون من إعفاء الأجانب من الضرائب وعدم خضوعهم لقانون البلاد 
مع تمتعهم بخيرها وإقامتهم فيها » ولكنهم لا يريدون مداركة هذا الإصلاح بقوة أو 
جفوة » بل يقتصرون على إقامة الحجة » ويطلبون من فرنسا وانجلترا التبصر في هذا 
الأمر » فإنيا اخذتا على نفسيه] مراقبة المالية » فهم| مطالبتان بنجاحها باستخدام أهل 
الأمانة والاستقامة فيها , لأنهها مسئولتين عن رفاهية مصر بعد أن نزعتا إدارة ماليتها من 
أهلها وتكلفتا بنجاحها . 

رجال الحزب الوطني يبعدون عن الأخلاط الذين شأنهم إحداث القلاقل في 
البلاد إما لمصلحة شخصية أو خدمة للأجانب الذين يسوؤهم استقلال مصر » وهؤلاء 
الأخلاط كثيرون في البلاد ‏ بل هم معلومون للمصريين وهذا اشتدت النفرة منهم ‏ 
والمصريون يعلمون أن الصمت على حقوقهم لا يخولهم الحرية في بلاد ألف حكامها 
الاستبداد وكرهوا الحرية فإن إسماعيل باشا لم يمكنه من الظلم إلا سكوت المصريين » 
وقد عرفوا الآن معنى الحرية الحقيقية في هذه السنين الأخيرة فعقدوا خناصرهم على 
توسيع نطاق التهذيب وهم يرجون أن يكون ذلك بواسطة مجلس شورى النواب ‏ الذي 
انعقد الآن ‏ وبواسطة حرية المطبوعات بطريقة ملائمة » وبتعميم التعليم ونمو المعارف 
بين أفراد الأمة » وهذا كله لا يحصل إلا بثبات هذا الحزب وحزم رجاله . 

ويرى هذا الحزب أن مجلس النواب ربما أكره على الصمت كما حصل لمجلس 
الآستانة واستعين عليه بجعل المطابع آلة نموق نحوه السهام فيتكدر صفو الراحة ويحرم 
الأبناء من التعليم » ولهذا فوض الأهالي أمرهم إلى أمراء الجهادية وطلبوا منهم أن 
يصمموا على طلبهم » لعلمهم أن رجال العسكرية هم القوة الوحيدة في البلاد » وهم 
يدافعون عن حريتهم الآخذة في النمو » وليس في عزمهم ابقاء الحال على ما هي عليه » 
بل متى حصلت الأمة على حقوقها عدلوا عن السياسة الحاضرة » فان أمراء الجهادية 
عازمون على ترك التدخل في السياسة بعد أن فتح المجلس ». فهم الآن بصفة حراس على 
الأمة التي لا سلاح ها » ولحذا يطلبون زيادة الحند إلى ١8‏ آلف عسكري ويرجون 
التفات قلم المراقبة هذه الزيادة عند تقرير الميزانية . 


۳ 





ه ‏ الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني » فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة 
والمذهب » وجميع النصارى واليهود وكل من يحرث أرض مصر ويتكلم بلغتها منضم 
إليه » لأنه لا ينظر لاختلاف المعتقدات . ويعلم أن الجميع إخوان وأن حقوقهم في 
السياسة والشرائع متساوية . وهذا مسلم به عند أخص مشايخ الأزهر الدين يعضدون 
هذا الحزب ويعتقدون أن الشريعة المحمدية الحقة تغبي عن البغضاء , وتعتبر الناس في 
المعاملة سواء » والمصريون لا يكرهون الأوروبيين المقيمين بمصر من حيث كونهم أجانب 
أو نصارى » وإذا عاشروهم على أنهم مثلهم يخضعون لقوانين البلاد ويدفعون الضرائب 
كانوا من أحب الناس إليهم . 

١‏ - آمال هذا الحزب معقودة على إصلاح البلاد مادياً وأدبياء ولا يكون ذلك إلا 
بحفظ الشرائع والقوانين وتوسيع نطاق المعارف وإطلاق الحرية السياسية التي يعتبرونها 
حياة للأمة , 

وللمصريين اعتقاد في دول أوروبا الني تمنعت ببركة الحرية والاستقلال أن تمنعهم 
AS pS) ol‏ » وهم يعلمون أنه لم تئل أمة من الأمم حريتها إلا بالجد والكد » فهم ثابتون 
على عزمهم آملون في تقدمهم واثقون بجانب الله تعالى إذا تخلى عنهم من يساعدهم . 


\AA\ ديسمير سلة‎ \A 


٤ 





الناس من خوف الذل في الذل 
والناس من خوف الفقر في الفقر”» 


كلمات جمعت من درر المعاني صنوفاً » فتقلدتها الآذان 0 وعبارة حوت من 
الحكم ألوفاً » قامت لما ألباب العرب صفوفاً « فارتفعوا على أمم الأنام الوفاً ¢ Bling‏ 
alle ye cuts‏ اة وفوا eligi il gad CS‏ ا ارا 
الخوف والارتياع › فاعترت مكاناً » وأعتلت شأناً » وكانت سعيدة في الخال . وعند 
المآل » ولهذا فإنا نوردها مورد البيان » لتنجلي حقيقتها للاذهان . ولتفوز بنوال 
المأمول « فنقول : 

إن في سبيل السعادة الإنسانية » التي هي ثمرة وجود الإنسان ونتيجة خلقه , 
عقبات لا بد من قطعها لمن يريد أن يكون سعيداً , ولا يخلو اقتحامها من صعوبة تلحق 
با لمعاني بعض الالام الوقتية » وتصور تلك الآلام يقعد بالنفس عن العمل متى كان 
النظر قاصراً والهمة ساقطة . ولكن من وراء التقاعد أهوالاً صعاباً » وآلاماً شداداً تلزم 
من تلم به فيصير شقياً فقيد اللذة ما دامت الحياة . ومن ثم أويجبت الأنبياء والحكماء 
والعقلاء ء من كل أمة في كل عصر السعي في سبيل السعادة » من غير مبالاة بما يعرض 
فيه مسن المشقات . Lab (de‏ آلام وقتية عاقبتها الراحة الدائمة وغايتها النعيم المقيم › 
ونهوا عن الإهمال وإن كان فيه نوع من الراحة الآنية واللذة العرضية » لإصارته إلى 
الشقاء اللازم » وبئس المصير . 


. ه)‎ ٠۲۹۹ ربيع الأول سنة‎ ٤( يناير سنة ۱۸۸۲ م‎ ۲٤ في‎ ۱۳۱١ الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


t0 





ot La oot ne‏ الناس تعظم في وهمه صغار الأمور » وتقوى ني غيلته ضعاف 
الأتعاب والمشقات . فيخلد إلى أرض الخمول والتخلي عن الأعمال , ظنا منه أن هذا 
خير له من الإقدام على العمل المقرون ببعض التعب أو المستعقب لضرب من ضروب 
العناء » فهؤلاء الذين يصعب عليهم احتمال المشاق اللازمة لحذه الحياة الدنيا ويطلبون 
الراحة من كل ما يخيله الوهم شقاء فيقعدون عن الحد يحرمون السعادة . 

فإذا حاف الإنسان تلك الآلام الوقتية »> وهوها له الوهم » فأقعده الخوف عن 
الجد في تحصيل العزة تدركه الشقوة ويصير من الأذلاء » وما سبب هذا إلا خوف الذل 
والشقاء » ومن أجل ذلك ترى ضعفاء النفوس الذين يعلمون من ذواتهم العجز عن 
بلوغ ما يأملون » ويتيقنون من متهم القصور عن إدراك ما يبتغون تصور هم الأوهام 
حاوف في طريق الأعمال . وربا لم يكن لما حقيقة في عالم العيان » فينصاعون لحكم 
الوهم » وتحملهم الروعة على ملازمة ملاذ الكسالة » فيصيرون إلى شر ما كانوا منه 
يفرون . وكثيرا ما تحكى لنا التواريخ شقاوة الذين آثروا الإحجام على الإقدام بسبب 
المضي مع تلك الأوهام التي غالبا تكون فاسدة لا حقيقة لها . بل كثيرا ما شهدنا أناسا 
حرموا النعيم وقاموا في العناء لذهاءهم خلف ما يتوهمونه من المخاوف والمشقات الآنية » 
ولو علموا أن ما يتوهمونه تخاوفاً رما لا يلقونه في سبيل المسعى » وأن سعيهم إنما هو فرار 
من أشرار لا بد أن يجلبها التهاون والإهمال . وأنه يمكن أن يدفع الإقدام عنهم مضرات 
فوق ما لا بد من وجودها . وأن ذلك المخوف ألم وقتي يسارع إلى الزوال عند بلوغ 
الغاية . . لو علموا كل هذا لما وسعهم إلا الإقدام » ولكنهم جهلوا مقادير الأشياء , 
وخافوا ما لا ينبغي الخوف منه » فنالوا الذل والموان » وبئس المنال . 

والسر في ذلك أن الوجود الإدراكي مؤسس على ركنين عظيمين : أحدها 
جلب المنافع . والثاني إبعاد المضار فمتى عدم واحد مني| هدم الوجود بتهامه . وكل من 
الركنين لا بد لتقويمه من معاناة العمل في الطلب ومقاومة المكروه . ولنا شاهد على ذلك 
ان الإنسان إذا تساهل في حقوقه فلم يحفظها خوفاً من إهانة قوى أو معارضة عائق في 
سبيل الحفظ . فإن النفوس تستهين بشأنه فتمتد إليه الأطماع من كل الجهات تنتف 
حقوقه نتفة بعد نتفة إلى حد أن لا يكون فيه مطمع لطامع ولا منتف لناتف فيمكث 
مقصوص الحناح وهذا غاية الذل ونهاية الصغار . ومثل ذلك إذا تهاون بمصيبة ألمت به أو 
ضعف اعتراه فلم يطلب الأسباب التي تنقذه من الخطر الذي وقع فيه . فإنه لا يزال 


٤“ 





يعظم به المصاب وتتضاعف عليه النوازل حتى تهلكه بعد شقاء ربما كان لا يخطر بباله » 
وكان من السهل عليه أول الأمر أن يداوي داءه بقليل من الإقدام يجعل بينه وبين 
عاديات النقم حجاباً منيعاً فم| أوقعه في الشقاء الدائم إلا توجسه من المخيفات الوهمية 
واستتقاله لمكابدة بعض المتاعب الوقتية . 

أما إذا قاوم المغتال ورد ذوي الاغتصاب ول يبال بما يجلبه النزاع فإنه إما أن يغلب 
فيحفظ حقه ويكون قد أوقع بذلك الرعب ني نفوس ذوي الاعتداء فلا يستحلون حماه 
رلا ينالون منه بعد ذلك نيلا فيحيى محفوظ الحقوق مصون الواجبات » وإما أن تكون 
الغلبة عليه بعد تلك المشادة والمقاومة فلا تستهين به النفوس ولا توجه نحوه مطامعها 
بقوة » مثل ما إذا علمت فيه التساهل والانكاش وقلة المناكدة والمناقدة » وحينثذ J gk‏ 

أن يظفر بخصمه في ثانية ال حال إذا اعتدى عليه ‘ إذ لا يعدم من قوة الحق نصيراً » فهو 
إن فاز عاش سعيداً وإن غدرته الصدفة يوماً نصره الحق أياما » وني حين انغلابه لا يناله 
الذم والتشوير» ! A een‏ ا > بل لا يكون ذلك 
eel‏ من مقامه في النفوس وإن طال أمد الغلبة » Of‏ العقول تعرف مقداره › 
والأذهان تحفظ آثاره , بفإذا عاش مسلوب الحقوق ظل) عاش والعيون تأخذه بالاحترام » 
وتنظر إليه نظر الإكرام » عادة كل شريف النفس في هذا الوجود الشاعر الدارك.» على 
أن العيش مع سلب الحق بعيد من شرفاء التفوس ع فهم بين أن يعيشوا عظاماً و وأن 
كرتن اها ‘ يخلد لهم الجهاد عن الحق ذكرأ جميلا يتلوه ه اللسان ما بقي في عالم الوجود 
انلسان . 
وأما ضعفاء النفوس الذين يردهم خوف المكروه الموهوم عن اختلاب الرغائب 

والدفاع عن الواجب فهم إن عاشوا al‏ > وهم إن ماتوا أدنياء » لا يذكرون إلا على 
lS e‏ > حيث خافوا من الذل 
فوقعوا فيه على كيفية أذ شر مما كانوا يتوهموك . 

ولا يجمل بالإنسان pe lols Ais of‏ 59 الحصول لنع الخطر عن النفس لأجل 
ل لحان ea‏ اجو ل 
الوجود » إنا يجمل به أن يأخذ الأمور بقوابلها ويقابل بينها وبين أمثالها » وينظر إلى 
الأشياء بعين العقل لا بعين الوهم » حتى يستميت دون طلب الحق الواجب ولا يعيش 
من خوف الذل ذليلا . 


4¥ 





ويلزم على طالب الحق في کل حال أن يكون حكياً > يطلب الوسائل الممكنة بعد 
إعداد ما يقرب من المطلوب . ويأخذ بالاحتياط في جميع ‏ أعماله ؛ مستعملا للقياسات 
والادلة المنتجة للنتائج الصحيحة الصالحة لأن تكون اساسا مها ماق مقاصده » فإن لم 
يفعل ذلك كان [ble‏ متهوراً ؛ فيجتمع مع الخائف من الذل . الواقع في الذل » 
وحاشا أن يكون الحكيم ذليلً » وإِثما هو عزيز في جميع أحواله » والناس غيره من خوف 
الذل في الذل . 

(والناس من خوف الفقر في الفقر) : معلوم عند العقول أن المال يحتاج في البقاء 
والناء إلى حفظه من أيدي الطامعين . والمرابحة فيه بضروب العاملة والبدال » فإذا 
كان لدى الإنسان شيء من المال ومر عليه أحد الطامعين يريد اغتصاب شيء منه فخاف 
ربه ان حجز الطامع يمر إلى شجار وخراب أو رفع شكوى إلى حاكم تستدعي صرف 
نقود لرسوم التداعي مثلا » فيجلب من الخسارة ضعف ما كلان يأخذه الغاصب »ء 
وتأدى به هذا الخوف ! cals ad)‏ كل الاأطماع ir Aas alae‏ 
ما ملکت یداه » ویعود فقیرا Jest‏ 


على أنه لو كان ناكد الغاصب وناقده » لأمكن أن يحجز حقه , ولا يلقى في سبيل 
المقاومة والمناكدة ذلك الذي قدره الخيال » فتسد أفواه المطامع دونه » ولا تجد إلى التهامه 
سبيلا » ولكنه خاف الفقر فصار فقيرا . 

وإذا حبسه ‏ (المال) ‏ عن المرابحة فلم يستعمله فيم| ينميه خيفة أن تلم به 
العاديات فتفنيه , ومكث ينفق منه فيها تطالبه به لوازم المحياة , فلا يلبث أن يذهب 
ل ee‏ 


يستفيد منه أضعاف المصروف › لاما سمي ا 
فيها بفائدة عظيمة » وخاف على الأرض يصيبها الغرق أو يلم بها الشرق أو تجتاح نباتها 
الجائحات » وحشي على عروض التجارة أن تتدانى فيها الاسعار أو يدركها البوار أو 
تحرقها النار أو تغرقها البحار » إلى غير هذه من الآفات . ثم أمسكه بسبب هذه 
فيه الفقر مخالبه » فيعود من خوف الفقر معدماً لا يملك إلا الفقر . 


۸ 





وإجمال المقال : أن المضي مع الوهم مجلبة الوبال » فإن شأنه أن يعطي الشيء ما 
لا يستحقه , ويلبسه غير ثوبه » فلا يحسن بالإنسان أن يقبل حكمه » وإنما عليه أن ينظر 
إلى الأمور من مرآة العقل فيتبع ما يراه » ويمضي على مقتضاه » فإن أوجب عليه الإقدام 
نبذ الأوهام > واتخذ ما يلزم من الأعيال . وإذا أراه الحكمة في الإحجام أخحذ الأمر 
بالامتثال » ولبث يرقب فرص الزمان » حتى إذا سنحت سارع إلى انتهازها ودخل اليها 
من باب الإمكان . ولا يأمر العقل بترك الثابت إلى الموهوم » ولا يشير بالتساهل في 
صيانة الحقوق والتمتع بها لخوف ما عساه يكون من المشقات في سبيل الحفظ والصيانة , 
ولا ute‏ عن استعوال المال فيما Cory‏ حفظ نوعه عليه وينميه لأمور على فرض حصولها 
لا تكون اکر فر ول أف شد ألا ما لا بد منه في جانب الإهمال . إنما يأمر بالاستاتة دون 
طلب الحقوق ورعاية الواجبات » ويشير بتوطين النفس على احتال الآلام الحزئية الوقتية 
في جانب رفع أضرار كلية دائمية » ووصول إلى راحة عيش ونعومة بال » وينبى عن 
إهمال استثار المال والتقاعد عما يحفظ بقاءه ويوجب غاءه . فهو يعلم أن الناس من 
غوف الذل: ى الذل + ably‏ من ail bhi Gye‏ 


£+4 


Converted by Tiff Combine 








لا ننم لكاية الأعداء إلا بخبانة الأصدقاء(١)‏ 


سنة الإنسان فيمن يكون مكان ثقته وحل اعتاده أن يلقي إليه مقاليد أموره . 
ويكاشفه بما خحفى من أسراره » ويعتمد عليه في كل ما يحتاج ! إليه من المهمات . وسبيله 
فيمن يعرف فيه الضرار والغدر أن يحذر منه غاية الحذر » ولا يريه من أموره بادية ولا 
خافية ‏ اللهم | إل ما يلقي الرعب ٠‏ وتجعل له هبية في القلب » اوها ل يكونا ؛ عل + 
يراه » محلل 'للنقد ولا مكاناً للملام » ثم لا يقبل منه مشورة ولا يسعى خلف رأي 
OO E‏ 

ولا يتوسل الإنسان ol‏ النكاية » ٠‏ التي ص الأحذ على غرة » إلا بالتمويه 
المراد ا 8 الظاهر عن مرارة a‏ في شرك E «Sle‏ 
الاغتيال » وهذا أمر لا يقدر عليه من عرف بالغدرة وغيرها من صفات العداوة » فإن 
النفس على حذر منه وكال احتراس » ترد عليه كل ما يأق به من الأعمال خيفة أن يكون 
E ae‏ 
فذلك أسهل شيء عليه » لأن ما له من منزلة الاعتبار في قلب صاحبه يجعل رأيه 
مقبولاً » والنفس وادعة من جهته , لا تخاف منه غدرا» ولا تكتم عليه اكوا ميض 
O ee eae‏ فإذا خان الإخاء . gaily‏ 
الذمة والولاء ease‏ الأعداء من الاحتيال 2 وتمت نکایتهم بالصديق ۾ حيث يتمخذون 





. ه)‎ ١199 ربيع الأول سنة‎ VY) في ؟ فبراير سنة 1885 م‎ ١754 الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


£\\ 





sls‏ الصداقة آلة يحركونها في أيلاهم » ويدبرون المكائد والحيل » وهو يظهرها في 
مظاهر المنافع والحسنات » فيأخذها المعتمد عليه بذلك القلب السليم » وهنا نهاية 
الوبال وتام النكاية » أو يعمل لهم من الأعمال التي اباحه صديقه التصرف فيها ما يجري 
البلوى اليه » ويتركه في الخسران المبين » كل ذلك وهو مطمئن النفس غير آخخذ الحذر لا 
ثبت عنده من الوثوق بالصديق الخائن . 

إن أرباب المقامات العمومية في هذا الوجود ْم تأخذهم نكاية الأعداء » وم تنتبهم 
Lgl gi‏ إلا بسبب خيانة الأصدقاء الذين يميلون إلى الأخصام ويموهون ما يقصدونه من 
المعتمدين عليهم بأطلية المنافع ويلونونه بألوان المصالح » فيتطامن هؤلاء لهذه الظواهر 
حسبان أن فيها فوائد ومن ورائها عوائد » وإذا فيها الشقاء ومن خلفها ضروب العناء ؛ 
وكثيراً ما كانت خيانة أصدقاء أولئك الرجال سبباً في إضاعة أموال وهتك أعراض 
واختلاس أرواح وإذلال أقوام وجعلهم عبداناً للأخصام وخداماً للألداء يسومونهم 
الخسف » ويوردونهم موارد الحتف . ويسلبونهم نعيم الوجود ولذة الحياة . وهذه 
التواريخ مسودة الصفحات بسيرة أولئك الخونة الذين سقوا الواثقين بهم السم في الدسم 
وساعدوا الغادرين على ما قصدوا من الشرور وما أكنوا من الفجور حتى بلغوا مقاصد 
السوء ونالوا ما تمنوا من سيئات الأعمال . 

وإذا كانت الحال على هذا المنوال فلا يصح للإنسان أن يلتمس مكاناً لثقته إلا من 
be‏ فيه البقاء على الولاء والإخلاص في الاختصاص » وإلا نفذت فيه سهام الحيل 
وتمت نكاية الأعداء » وأدركه الندم حيث لا يغنيه شيئا » ولكن اختيار من كان على هذه 
الصفات ليس بأمر سهل ولا قريب المنال » لما في طبيعة الإنسان من الميل إلى إخحفاء ما 
فيه وإظهار غيره » تراه يظهر الشجاعة وهو جبان » والأمانة وهو خائن » والعلم وهو 
جاهل » والتواضع وهو متكبر » والأنفة وهو دنيء » والكرم وهو بخيل » والعفة وهو 
شره » والصدق وهو كذوب . . فمثله في خفاء حاله وصعوبة تمييز صفاته مثل النبات 
الجميل النظر » الزاهر الزاهي » يأخذ الإنسان شيئاً منه على أنه حلو فإذا هو مرء 
ويتعاطاه على أنه نافع فإذا هو أقتل من السم الزعاف » ومن ذلك اختاط الأمر على كثير 
من الناس ووقعوا في سوء الاختيار » ظنوا الأمانة في الخؤن فاتخذوه مكان الثقة ومحل 
الاعتماد » فلم يلبث أن خان الود ونقض العهد وجر عليهم من البلاء ما لم يكن لهم على 
بال حتى كادت الثقة تنعدم من نوع الإنسان . وحتى خيل لبعض الشعراء أنه لا يصح 


1۲¥ 





الركون إلى فرد من أفراده ولا الاعتهاد على واحد من آحاده » وضمن الكثير من ذلك في 
أبيات مشهورة شائعة على ألسنة العموم » وذلك لكثرة ما أخطأت الفراسة فيه وتخلفت 
الظنون والتوت الأفهام > ومن أجل هذا عني حكاء الأخلاق بوضع علامات يعرف با 
الأخيار من الأشرار » ومن يصح الوثوق به ومن لا يركن في حال إليه صوناً للأذهان من 
الاشتياه » والنفوس من الأخذ بالظاهر المموه » والاغترار بألوان الأخلاق .. وكل ما 
قالوه في هذا الباب يجمعه حسن سيرة الإنسان في جميع ما تقلب فيه من المراتب والشئون 
بحيث لم يبد منه في واحدة منها ما يدل على دناءة الطباع وقبح الصفات » وهي علامات 
لو تمسك بها الإنسان والتفت إليها عند احتيار مكان الثقة أمن الغدر وفاز بسخير 
الأصدقاء . 


غير أن بعض الناس تلابسهم أحوال تستولي على إدراكاتهم فيتصورون نحقق هذه 
العلامات بمجرد ما يجدون فيمن يريدون إناطة الثقة به شيئا يلائم هذه الأحوال 
فيندلقون عليه يلتمسون مصادقته ويجعلونه محل الاعتماد من غير أن ينظروا فيه نظر 
المتأمل البصير كمن يشتد به التألم من معاناة أمر له نفع من بعض الجهات » فإن شدة 
JY‏ تنسيه ما فيه من النفع وتصرفه عنه وتوجه جميع قواه إلى التماس ما يزيله, فإذا وجد 
مظنته اعتنقها وتعلق بها من غير أن يلتفت إلى اشتالها على ما كان في المؤلم من النفع 
Syl‏ وهذا مثل من يكون له صديق خالص الود » مر النصيحة » غير متساهل في 
الحض على ما يجلب النفع والغبي عما يوقع في الضر ‏ فإن مرارة النصح مع اطراده على 
كل هفوة وسقطة تورث في نفس المنصوح ألا يوجهها للنفور من النصوح » وطلب سواه 
, يلين لهامس القول ويوافقها على ما تهواه وإن جمع صنوف الشرور وضروب 
المهلكات » فإذا وجده ترك النصوح واعتنق هذا الملاين الموافق ظاناً أن ما فيه من 
المساهلة في النصح والمؤافقة على الأعال » وإن كانت مضرة يضمن الإخلاص في الود 
ويشتمل على كل ما يرتاح إليه ولا يوجب له ألما يشتد به » وما ذلك إلا لأن مرارة النصح 
وخشونة مس القول ومداومة الحث والحض أنسته ما وراءها من الفوائد وما خلفها من 
العوائد على حين لم يجرب مضرات الموافقة والمجانسة فلم تعظم لديه ولم تكبر عليه وإنما 
عظم عنده ما التصق به أله وتعدت إليه مراراته » لذلك يطلب إزالة هذا الأ غير 
مكترث بسواه ‏ فيختار من عرف بالمساهلة وإن كان موصوفا بكل ما يوجب الضرر 
ويوقع في خيانة الأعداء . 


۳ 





وهذا شأن النفوس القاصرة التي لا ترى شقاء إلا فيا التصق با من الألم الحالي » 
ولا نعياً إلا في الانتقال عنه » أي النفوس الملولة الميالة إلى لذة الجديد وطلاوة العتيد 
Gil le das‏ به من الآلام المستمرة والأهوال المهلكة » مثل نفوس الصبيان ا موا 
ol ee‏ 
غير باحثة عا اشتمل عليه من الخيرات أو ما وراءه من المضرات ٠.‏ أما ال الآمنة 
المطمئنة التي لما نفوذ في حقائق a gpa‏ ار فإن ألم الخال لا يأخذها 
عن تبين ما في الاستقبال »> فإذا رأت رافعاً لهذا الألى» وليس بعده شقاء » دأبت في 
الوصول إليه » واجتهدت في الحصول عليه » وإلا بقبت على حالما ثابتة القدم متحلية 
بجميل الصبر » مرتقبة فرص الزمان وأوقات اللإمكان » فلا تنتقل إلا على بينة من الأمر 
وعلم بحسن المصير . 

نسوق كل هذا الحديث دليلاً على أن بعض النفوس تدفعها أحواها الملابسة لما 
إلى الاكتفاء بما يلائم هذه الأحوال . غير ناظرة إلى تبدلها وسرعة تغيرها وما وراء 
الظواهر من مكنونات السرائر » وان هذه الأحوال قد توقع الإنسان في سوء اختيار من 
يريد أن يجعله مكان ثفته ومحل اعتماده . فتلم به ملمات الغدر وتتم فيه نكاية الاعداء 
الذين يتخذون هذه الأحوال د لنوال mle‏ وإدراك ما يبتغونه . كمن يكون له 
عداوة مع شخص . ويرى شريكاً له في هذه العداوة » فإنه يميل | إلى هذا الشريك ظناً 
أن ما فيه من عداوة عدوه يكفي في المساعدة على النكاية والغدر » وربما لم يكن فيه من 
الصفات الملائمة سوى صفة العداوة لذلك العدو . فيخون عهد الإخاء » وينقض ذمة 
الولاء » ويجر لمن صادفه البلاء » فيلتوي القصد وينعكس المراد » ويكون مثل من 
اختاره كمثل من طلب قرناً فأضاع أذناً ؟!. . ولن ينجو الإنسان من مثل هذه الشرور 
إلا إذا لم يقصر نظره على ما يلائم أحواله الحالية وم تذهله مقتضياتها عن النظر لغيرها 

من أحوال الاستقبال » وكان (utes‏ في الأمر غير ملول ولا متطامن لبوادر الاخلاق ولا 
متعجل في احتيار الصديق ولا متهالك على من لم يتبين حقيقة حاله ولم يطالع تاريخه بين 
عشيرته وذويه » وكل من صادقه ودخل معه في المعاملات التى تظهر ما خفى من 
الأحلاق وما استتر من صفات الإنسان » هنالك بحسن اشتیاره ويأمن سوء الالء 
وشرور نخدعة الأماني والآمال » ولا يخاف نكاية الأعداء بخيانة الأصدقاء 





إحتفال حمعية المقاصد بالتصديق على لائحة النواب(١)‏ 


نوهنا في عدد (يوم الإثنين) عن يحمل الاحتفال . والآن نتكلم عليه بنوع 

0 ' 0 
أن انتظم عقد الاحتفال عضو خصرات من ذكرناهم في ذلك Modi‏ 6 

قام حضرة الفاضل المصري عبد aU)‏ أفندي ندیم وافتتح الخطابة على كونه (Ls‏ عن 
خطيب الجمعية الرسمي ‏ (محرر هذه الصحيفة”") ‏ وتلى قصيدة غراء . رقيقة 
اللفظ » جليلة المعنى » كان ها الوقع الحميل في نفوس الحاضرين » ثم شكر للمدعوين 
إجابتهم هذه الدعوة » واحتفالهم بالتصديق على لائحة النواب بأسلوب من الكلام بديع 
التأليف » ثم دعا لمقام الخطابة حضرة أخينا الفاضل البارع إبراهيم أفندي اللقاني › 
فقام وشنف الأسماع بمقال جليل اختلب الالباب برقته » وأثر في النفوس أحسن تثير , 
بين فيه ما كانت عليه البلاد في الأزمان السالفة وما صارت إليه بهمة جناب خديوينا 
المعظم وحسن مساعي حضرات أعضاء الوزارة السامية من الحرية والشورى » فقال ما 
ملخصه : 

إن هذا الانتقال من الأمور الطبيعية .. .. ...°0 A RAD iar ange‏ 


. ه)‎ ١199 سنة‎ Ss py YA) فبراير سنة 1885 م‎ ١5 في‎ ١4 الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 

(۲ ) ومنہم البارودي » رئيس النظار . وعرابي » ناظر الجادية » وغيرهم من النظار والضباط . . 

(۴) آي الأستاذ الإمام . 

(: ) يمضي الإمام فيلخص خطاب اللقاني » ثم كلمة ثانية للنديم » ثم كلمة لأحد الفتيان ) ثم كلمة 
ثالثة للنديم قدم بعدها الأستاذ الإمام للخطابة . 


4ا٥‎ 





.......... وبعد أن جلس قام بعده الفاضل النديم مرة أخرى وامتدح حضرة 
ا لخطيب الأول » وجال في ميدان البيان وأجاد في تبيين فضل هذا العصر الجديد على 
الأعصر الماضية » وتفنن في طرق البلاغة وأفانين الفصاحة » كما هي عادته المألوفة > ثم 
دعا إلى الخطابة أحد الفتيان النبهاء » فلباه مجيبا » وتكلم ا هو من مقنضى الشبيبة 
ولوازم الفتوة » فحث على الاجتهاد في تحصيل المعارف واقتناء الفنون » واستحث ذوي 
الغيرة من الأغنياء على إنشاء بنك أهلي يستغني به الفلاحون عن تحمل أثقال الديون التق 
تزيد فوائدها عن مقادير أصوها » وانتقل من ذلك إلى النصح بالتزام خطة الاتحاد 
والسلوك في المحبة والولاء » والتحلى بحلية التعاون والائتلاف . كل ذلك بعبارة تعرب 
عن حدة الشباب وسورة الفتوة . ٠‏ 

وبعد أن انتهى من خطابه قام الفاضل النديم ثالثة وأطال بلا إملال في بيان 
التربية الابتدائية والوجوه اللائقة فيها . وأنبى كلامه بدعوة خطيب الجمعية الرسمي - 
(محرر الوقائع) ‏ فقام وقال ما محصله : 

الحمد للَّه منحنا حكومة قانونية » ومد علينا ظلاهما بعناية خديوينا الأعظم وهمة 
رجال الحكومة الحاضرة ذوي الإصابة في الرأي والحرية في الأفكار , فوقع التصديق على 
قانون نوابنا الكرام الذي اجتمعنا في هذا المكان ان a gayle yg pall oye WE U‏ 
خول نواب الأمة من الحقوق ما تبلغ به old ol‏ الل ؛ غاية ما نتمناه من الإصلاح » 
تحت dle |b‏ حديوينا العادل ووزارته السامية . 

الحكومة القانونية هي التي يكون فيها نواب عن الأمة يساعدون الحكومة في 
Laila]‏ وتنظيم شئون المحكومين بها على وجه عادل حسب) يوافق المصلحة وعادات 
البلاد » فهذا يستدعي توجيه العناية إلى : نشر العلم d‏ عموم الأمة المحكومة هذا النوع 

من الحكومات حتى يكون الكثير فيها صالحاً ومستعداً للمشاركة في التدبير الذي تتدرج 
الآأمة به في مراتب التقدم والكال:. ومن أجل هذا يجب أن تضمن الحكومة القانونية 
قانونها الأساسي تعميم التعليم ونشر المعارف والعلوم التي تؤهل إلى تلك المرتبة » مرتبة 
الصلاحية والاستعداد للمشاركة في تدبير أمور الأمة وتوجيهها إلى وجهة الكمال » وكما 
أن المشاركة على هذا النحو تستوجب وضع ذلك الأساس . كذلك تستلزم أن يكون 
الأفراد حائزين لوصف الفضيلة والشرف » أي يكونون على صفات تحث كل فرد منهم 
أن يفكر في مصلحة بلاده ووسائل تقدمها ونجاحها مثل ما يفكر في مصلحته 


٦ 





الخصوصية وأحواله الشخصية . وأن يسعى في اجتلاءها مثل ما يسعى لنفسه . وأن 
يتباعد عما يكون فيه عار على أمته أو مضرة تعود على قومه . فلا يأتي إلا ما يرفع شأن 
الوطن ويعر جانبه ويؤيد في الوجود مقامه , ولا يلتمس منفعته إلا من طريق منفعة 
العموم » شأن المترى المتأدب بمحامد الآداب . ومن أجل ذلك يجب أن يشتمل قانون 
هذه الحكومة الأساسي على وجوب تحسين التربية التي تكسب الفضيلة والشرف . 

وإن تمام التربية وكال التعليم » وترتب الفائدة المطلوبة عليهها » لا يكونٍ إلا 
بإطلاق حرية الأفكار والأقوال والأعمال » حتى لا يخاف الإنسان ملامة ولا d Like‏ 
الاشتغال بالعلوم التي تثقف العقل وتوسع دائرة الفهم وتولد فيه ملكة يقوى بها على Seok‏ 
الخير من الشر والنافع من الضار , ولا يتحاشى تعليم الغير إياه . أو دلالته على مثله › 
أو هدايته | إلى ما يراه سبيلا للنجاح ؛ وحتى لا تأخذه الرهبة من الإقدام على دفع العار , 
واجتلاب ما ينفع الديار » فلأجل هذا يجب أن يكون في ذلك القانون rea‏ 
الحكومة اطلاق حرية المجامع والمطابع والأفكار والأعمال والأقوال » على شريطة أن 
يكون هذا الإطلاق تحت قانون عدل يرسم الحدود ويبين الواجبات على تفصيل يرفع 
الإمهام » وتبيين يزيل الالتباس . 

ومعلوم أن النفوس لا تندفع إلى الكمالات إلا إذا رأت شوقاً إليها وباعثاً عليها , 
من مثل رفعة شأن وابتناء منزلة في القلوب وغير ذلك من منشطات الهمم وبواعث الغيرة 
في النفوس » فمن أجل ذلك يلزم أن يكون من أصول هذه الحكومة تقرير أمر المكافأة 
من أتى بعمل غريب وجاء بصنع بديع » حتى يكون سائقاً للنفوس على التفكر والتدبر في 
الوصول إلى ما يستحقون عليه المكافأة والامتياز . 

الحكومة القانونية يلزم أن تضبط الأعمال » وتبين الحقوق والواجبات » بأن تضع 
قوانين ونظامات تكون الحد الفاصل بين الحق والباطل والصحيح والفاسد » فإن ترك 
الأمة بدون مثل هذا القانون إنما يوقع أفرادها في الحيرة » ويأخذ على أيديها في كل عمل 
أرادت الإقدام عليه 

وهنا جمل بي أن ابشركم بنوال هذه المزايا والبلوغ إلى غايتها » فقد عرف الجناب ‏ 
الخديوي . أيده الله » بنبالة القصد وتوجيه العناية إلى إصلاح الوطن ورفعة مقامه , 
حتى كان من نتائج أفكاره وثمرات عدله ورحمته أن جعل حكومته قانونية » وأسلم 


¥ 





زمامها بيد وزارة سامية » كل أعضائها ساع في الخير على علم بما يحتاج إليه » ومعرفة 
بوجوه المنافع ومعالم الفوائد » وجميعهم على غاية من إخلاص النية في المحبة الوطنية 
وسمو الفكر ومضاء العزيمة » وكلكم يعرف هذه الصفات فيهم ويعرفهم بها . فترجو 
من الله تعالى أن يسهل لهم صعاب الأمور ويمهد أمامهم طريق الإصلاح » وندعوه 
تعالى أن يوفق نوابنا الكرام إلى ما فيه خير الوطن » وأن يجعل مساعي الكل مقرونة 


لماو ع هد هد ها وا واه وهاه ه.ا و فده قافا و قفا ودع واوا واو وار فاه فار وا عافد قاف وود ود هد م مد مد 6 0م06 6 


(0) يمضي الإمام في إيراد فقرات من خطب الذين تتابعوا على منصة الخطابة » مثل النديم الذي علق 
lho te‏ الإمام وشرح «ما توجهت إليه فكرة الشارح» Wie‏ ثم تحدث عن التعليم are‏ ثم رد 
عليه أحد رجال التعليم . . . ثم خطب أحد تلامذة الألسن . .. الخ . . إلخ . 


4۸ 





مقابلة الشكر بالشسكر() 


ب رحس ال ا و حمد أفندي 
محمود » وإبراهيم أفندي الوكيل » بالنيابة عن بقية إخواههما النواب » احتفالاً شائقاً في 
منزلهم| بقصر الشوك ودعيا إليه حضرات النظار الكرام وأعضاء مجلس النواب وكثيراً من 
الوجوه والأعيان والعلاء الأعلام » فتواردوا إلى هذا المنزل في الساعة الثانية من تلك 
ALU‏ « وعند تمام الحضور . وأخذ المحفل وضع الانتظام البديع » قام حضرة السيد 
sal‏ حمد أفندي محمود خطيباً » وأثنى على الحاضرين لإجابتهم هذه الدعوة أ ٠‏ ثم عطف إلى 
بیان ما عليه إخوانه النواب من تمام الاتحاد وكال الوفاق وما لاقوه في سبيل التصديق على 
لائحتهم الأساسية قبل تشكيل هيئة النظارة السامية » فقال ما محصلة E AAR‏ 
at nes‏ اجام م ورم م حدم ضرا BD OS) is Bah Areas‏ رن لاه Ra ee‏ 
وأبان قصده من تلك اللخطبة التي ألقاها في جمعية المقاصد الخيرية . واستدل على حسن 


. الوقائع الصرية . عدد ۱۳۳۹ فی ۲۱ فبرایر سنة ۱۸۸۲ م (۳ ربيع الثاني سنة 1149 ه)‎ )١( 
حمود . . ولقد طلب الخطيب أن يوضح الإمام موقفه من‎ sal لخطاب‎ Vee ورد امام‎ )۲( 
: مجلس النواب بما يزيل لبساً نشأ من خطابه في (جمعية المقاصد) . . قال أحمد محمود‎ 
«لقد اعترف بفضل النواب كل ذي عقل » واستحسن ما عملوه كل صاحب شعور › ولا‎ 
سيما حضرة ة الأستاذ الفاضل الشيخ محمد عبده . غير أن بعض الناس توهم في خطبة حضرته‎ 
epg rs re a Uae التي الهاي‎ 
يبن قصله من تلك الخطبة لرفع الالتباس . . فتكلم الإمام » بعد فراغ أحمد محمود من‎ 
. کلمتشه › وبعد أن تكلم أديب إسحاق » الكاتب الثاني لمجلس النواب‎ 


£\4 





إخلاصه فيما ras‏ من خطابه السابق ببراهين من نفس مقاله فساق مضمونه وبين 
معناه » مستدلا على عدم صحة ذلك الوهم بما اعترف به السامعون ووقع لدى جميعهم 
موقع الاستحسان .................. وبعد انتهاء خطابه قام حضرة الفاضل 
عبد الله أفندي ندیم وخحطب ا ثم دعي إلى الخطابة حضرة النبيه فتح الله 
أفندي زكى أحد تلامذة مدرسة التجهيزية فأجاب الدعوة وتلا مقالة غراء E‏ 
ثم قام النديم ثانية وألقى بعض جمل بديعة النظام . دعا في حتامها حضرة أخينا الوطني 
الفاضل إبراهيم أفندي اللقاني فقام وشنف الأساع بمقال بديع المثال. قال 
فيه Bak i ede ear rt‏ ا ل ل و RSS‏ فقام بعده 
حضرة ة النديم فشرح بعض عباراته ببليغ بيانه وأورد عليها من سوانح خطراته ما ناسب 
المقام » ثم دعي إلى الخطابة حضرة ة الفتى النبيه فتح الله أفندي صبري » أحد تلامذة 
مدرسة الألسن فألقى مقالة بديعة تدب كو SRS REE‏ 
قام محرر هذه الصحيفة . ثانية » وألقى Utes‏ في التربية DEM‏ والداعي لذلك 
موضوع خطابة التلميذين المتقدم aoe‏ وتكلم بصفة كونه فلاحاً pa‏ ومن dodo‏ 
العلم الشريف في الجامع الأزهر of cae‏ التلميذين المشار اليهما التمسا التربية وتعلم 
العلوم والمعارف التي تكسب غامد الأحلاق antes aan ah‏ 
os‏ كله إلى الفضيلة والعلوم الموصلة إليها) - أمر بعيد المنال أو صعب الحصول أو 

متعسر الوسائل والأسباب مع أنه De Wh as aiken cies‏ 
إليه . . قال : 

وبيان ذلك أن الفضيلة وإن تفرعت أصنافها ويصعب علينا حصرها في هذا المقام 
إلا أا ترجع إلى أمر كلي وهو الاعتدال في السير الإنساني . واستشهد على ذلك بعدة 
أمثلة صادقة واضحة لا ارتياب فيها . . ثم قال : 

إنا نرى هذا الاعتدال قائاً في الإنسان بأصل AM PLAY!‏ والوضع الحكمي © 
وضع الحكيم الخبير . فإني بصفة كوني فلاحاً كنت أرى بسطاء قومي الذين لا يعرفون 
سوى أشغال الزراعة ولوازمها . ولم يختلطوا بالذين يسمون أنفسهم متمدنين » بعيدين 
من مذاهب المكر والخديعة » حريصين على الإقتصاد وإغاثة الملهوف . ومتخلقين 
بأغلب الصفات المحمودة » وكذلك نشاهد هذه الصفات في أهل البادية الذين يقربوا ما 
يسمى حضارة » نراهم ذوي نجدة وشهامة وانفة من احتال الذل والعار » فهذا من 


۹ 





أقوى الأدلة على كون الفضيلة التي هي أساس السعادة الدنيوية والأخروية مركوزة في 
الطبيعة بمقتضى الوضع الفطري الإهي » وكا أا فطرية المامية كذلك نرى الدين 
الحمدي » على صاحبه أفضل الصلاة وأتم السلام › Le (gb‏ > بل كله مبني عليها 
مؤيد لأصوها تمام التأييد » وهذه كتبه الشريفة من أول كلمة منها إلى آخر حرف تدل 
على ما قلنا بأوضح بيان . وإذا كانت الفطرة والدين قائمين بالفضيلة فا أقربها من 
الإنسان منا وما أسهل تناولها عليه » ولكن الوهم قد يصور القريب دا فيوجب 
صاحبه إلى إعنات نفسه في التوسل إليه بالوسائل البعيدة منه ولو التفت إلى وجدانه 
وإحساساته لوجده بين يديه ومن أقرب الأشياء اليه . 

ثم بين أن الموجب لستر هذا الأمر الفطري وإخفاء أثره إنما هو مخالطة القوم الذين 
يسمون أنفسهم متمدنين » مع تهالكهم على الشهوات وتفنهم في فنون الحيلة والمكر لأن 
كثرة مشاهد: تهم الأعمال الصادرة عن هؤلاء خارجة عن حد الإعتدال 00 شدة انفعال 
E N GE Sa‏ مثلها أو أشد » ولكن إذا 
راجعت وجداما المغروس فيها بيد القدرة الإلمية وما يقتضيه الاعتقاد الديني المتوارث 
وجدت من ذلك ما يوجبها للهروب عن معاطاتها إلى البساطة التي هي مجمع صفات 
الفضيلة » فمن الواجب عليئا أن لا نبعد في طلب الوسائل التي تقربنا من غايتها وكتب 
الدين بين أيدينا مع صوت الإلهام الإلحي تنادينا بالرجوع إليها » فننال البغية وندرك 
المراد بلا تحمل شيء من المتاعب والأوصاب» وليس لنا أن نترك مراجعة الفطرة ومطالعة 
كتب الدين مع شهودنا آثار الديانة المحمدية مؤيدة في النفوس بذلك الإلهام الإلمي . 
كيف وقد انبثت في أهل الإسلام روح فاضلة بسبب مراعاتهم أصول الآداب الدينية » 
وال ee ee‏ 
وحفظت السعادة » التي هي نتيجة الفضيلة 2 ٠‏ عليهم أ لفا وثلاثائة سنة » وستدوم 
سعادتهم ما داموا يرجعون إلى أصل الإلهام الإلهي والدين المستقيم . 

وعلى هذا فلم يطلب التلميذان إلا أمراً سهلا في نفس الأمر » Line Baill ci‏ 
وإن كانت مستورة بغشاوة تلك التقاليد المأخوذة عن المثرفين » وكتب الدين عندنا سهلة 
Obst domly deol‏ 


ثم ختم المقال بالدعاء للجناب الخديوي المعظم على عنايته بشأن التربية الحقة . 


4" 


Converted by Tiff Combine 








الانحاد d‏ الرأي فرين الانحاد J‏ العمل 


إذ الراق: لا مدئ إلا مقرونا بالعمل + والعمل لا ينفع إلا منبعثاً عن الرأي » 
هذا هو المقصود بالبيان . م غير أنه يستدعي مقدمة نبدأ بذكرها » فنقول : 

ls Lol lly get Jeet YY e‏ اا 
يعوقه عنها إلا عائق طبيعي يغل يده عن العمل وفكره عن التجول في الأسباب الموصلة 
Kl‏ © 0 0 ع في عمله وفكره فلا يقعده عجز في قواه إذا كانت بواعثه الأدبية 
تدعوه إلى التوازر والاتحاد اللذين مما يبون الصعب وتسهل المتنعسرات . 

وكا أن الإنسان . وهو الحر . لا يخلو من حاجة تدعوه إلى مباشرة الأعمال التي 
يقاوم مها كل عناء ومشقة دون الوصول إلى مطلوبة » كذلك ¢ وهو أسير الاستعباد ء 
يصبح ويمسى وهو في هم الحاجة . غير أنه لا يمد يده إلى جلائل المطالب » لعلمه أنه 
رهين إرادة واحدة تفنى فيها كافة الإرادات والأعال » فهو ني هذه الحالة محبوس في 
مطمورة الخوف والحزع » تتردد المطالب في خاطره » يلوك الألفاظ بين لماته بدون أن 
يتجاوز بها ظاهر شفتيه » فإذا هون عليه الخناق وانقبضت عنه اليد القاهرة نوعا من 
الانقباض أصبح كأنما نشط من عقال فتندفع قواه العقلية والعملية لإبراز ما هو كمين في 
eT‏ إلى مبدأ السقوط فيجد من شكيمة الحاكم ما يرد جماح 
تهوره فيقف المحكوم حائرا في رأيه » وعند هذا يضطر إلى أن يأخذ بالحزم والتروي في 


. الثاني سنة 1194 ه)‎ gale 0) م‎ ۱۸۸١ الوقائع المصرية . عدد ۱۳۹۰ في ۲۳ ابريل سنة‎ )١( 


4 





كل شيء مجانباً كل ys‏ يشتم منه رائحة التهور والإفراط | لى of‏ يصل eee‏ 
hots‏ تن > فلا يسعه إلا الأخذ بما هو أليق والعمل بما هو أثبت 
فتتقرر أصول ثابتة بين الحاكم والمحكوم يتولاها عموم الناس any Ue‏ وحفظاً » » لا 
فرق في ذلك بين رئيس ومرءوس . إلا أن الصوت الغالب في هذه الحالة الابتدائية إنما 
يكون لنبلاء القوم وأشرافهم الذين يؤمنهم العامة على مصالح البلاد . 


إلى هنا ترسخ المبادىء الحرة في طباع القوم > وتضعف سلطة الاستبداد » وتتجه 
النفوس إلى توحيد الكلمة والاتفاق في الرأي > فتجتمع القلوب على ما يرونه أكثر 
موافقة لصالح هي هيئتهم الاجتاعية » ومن هذا oe‏ إلى الالتفاف والاستكناه لما هم 
عليه وما كانوا فيه من الأحوال . فيعلمون أن ما دار عليهم من تقلبات الحوادث 
الماضية » وإن كانت نتائجها غير مقصودة بالذات , إلا أنها أمور طبيعية لحركة الانتقال 
من حال إلى حال » > كما هي سنة الله في حلقه » وكما يرشد إلى ذلك انتقال الأمم الماضية 
في الأجيال الخالية » فكل من الحاكم والمحكوم كان مرشدا للآخمر ہا دار بینہ| من 
المحاورات والمجادلات التي اقتضتها سلسلة تقلب الأزمان . 

وهذه الحالة كما لا يخفى حالة ثانية ناجمة عن الحالة الأول بلا كسب ولا أختيار , 
وهي ما نسميها اليوم بالحكومة الشوروية أو المقبدة » فإما لا تكمل إلا بالتدريج » : 
عرفت » ولا يتوهم أن هذه الحالة مظنة لتتخالف الأغراض وتفرق الغايات التي تجر | 
الاختلال .> لأن الحالة ما وصلت إلى هذه الخطة إلا والنفوس ليس بها من 0 
وبواعث الغايات إلا ما كان جاذباً للنفوس إلى = bee Apu Gili aad‏ 
علائق الاتحاد » لتقوى على كل عمل جليل علمت أنه لا يصعب على الأيدي الكثيرة 
المتعاضدة صعوبته وامتناعه على المتفرقين . 


ولا كان الوصول إلى هذه الحالة الشريفة يأبى أن تفنى كل الإرادات في إرادة 
واحدة » بل تكون كل العزائم فيها متجهة إلى الخير » متعاونة على اجتلابه ٠‏ بدون فرق 
بين رئيس ومرءوس وآمر ومأمور › فلا بد أن يستتبع ذلك سهر كل فرد من الناس في 
إصلاح ما نيط به ووكل لعهدته من المصالح . إذ عرف نفسه عضوا في هذا الجسم 
الواحد المؤلف من أعضاء كثيرة » كل عضو له وظيفة يؤديها » فلا يرضى أن يكون كلا 
E N EE‏ هذا من جهة » ومن جهة أخرى فإنا نظن أنه لا يتأق التقص. 


٤ 





من فرد ما متى كانت القابلية العمومية تبعثه والحركة الكلية توجهه إلى صوب ما هي 
صائرة إليه . 


وبعبارة أقرب إلى الغرض : إن الخالة الشوروية المعروفة تبعث في النفوس آمالاً 
تتبعها أعيال عظيمة تراها الناس من قبيل المتعذر أو المتعسر في بادىء الأمر ء إلا أن 
الخال تدعوهم إليها بحكم الاضطرار إما لرواج الزراعة أو الصناعة أو توفر العرفان أو 
تحصيل ما لا يستغنى عنه من الضروريات والحاجيات والكماليات التي تدعو إليها مجاراة 
OL pt‏ الذين بيننا وبينهم علائق الارتباط ونراهم كل يوم يزيدون فيا يقدمهم على الأمم 
والبلدان » وحينقذ يدور الأمر بين التوقف عا حيناً والإقدام على فعلها » ثم بعد ذلك 
يظهر أن لا مندوحة عنه - (الإقدام) - فتجتمع الآراء وتنعقد النيات وتتحالف العزائم 
أمام جيش المصاعب » فلا يمضي غير قليل حتى تنبعث أيدي القوة بمعاول الصبر إلى 
عظيم الأعال » فتهزم كل صعوبة وينقشع كل عناء بعد أول ضربة » ثم يسهل كل 
أمر» بعد أن يعتاد كل عامل على عمله مهما كان . 


ولكل امرىء من دهره ما تعودا 


ومن هذا يتبين أن النفوس في مبدأ SS‏ 
هو عادتا . فتنقبض منه كل الإنقباض » وتراه فوق الطاقة البشرية . وأما إذا أقدمت 
عليه وأخذت في التمرن عليه سهل عليها وانقادت مصاعبه اليها » وأصبح لما عادة 
تألفه › بل تحن له وتشتاق اليه . وجما يؤيد هذا ويقربه إلى الفهم أننا كنا كذلك في أول 
الأمر » نستبعد أن يكون بين الحكومة ووكلاء العامة تبادل الأفكار في المصالح » وأننا 
بعد أن دخلنا في هذا العمل وسرنا في طريقه زال ذلك الاستخراب » ولقد بقي علينا أن 
ندخل في تلك الأعمال الجسيمة التي هي ضربة لازب » ونراها بادىء الرأي صعبة 
الاحتمال » فإننا بحكم تلك القاعدة عندما نباشرها بالفعل نستظهر عليها بقوة الاتحاد 
التي خرقت سلاسل الحبال في أوروبا ومدت السكك الحديدية تحت البحار » وتساعدنا 
على ذلك وحدة النوع والقابلية » وبذلك تكون هذه أول خطوة تحسب من تاريخنا 
الجديد ¢ وباكورة الثمرة التي سقاها من سوانا بالدم وسقيناها بماء النيل لم يتكدر صفوه 
بماء النفوس ds‏ يخالطه شيء من دمع العيون . 


{0 





ومع الدخول ني باب الأعمال لا بد من التروي led‏ يجب لما قبل الإقدام عليها . 
ثم | إذا ظهرت النتيجة وتحققت الثمرة » وجزمنا بالفائدة فلا بد أيضاً من اتباع التروي 
بالشروع في العمل وتعقيبه به » فإنه » كا قدمناه » إذا لم يقرن الرأي بالعمل فليس 
الرأي إلا حركة نفس تجلت بالصور الكلامية ثم ظهرت بلباس النقوش وخيمت في 
بطون الدفاتر » فليس ها في ذاتها فائدة مهما تنوعت مظاهرها واختلفت ملابسها إلا 
تشخص ظاهرة في الأعمال فيستفيد بها الملك والدولة والناس أجمعين . ولهذا خلق 
الاتحاد وأحسن عدة يدخرها الإنسان للأمر الجلل » وبه ساد من ساد وشاد » وهو فطرة 
في الإنسان حتى وهو في سذاجته . كما تراه في سكان البوادي الذين لم تدنس طباعهم 
بالحضارة » ولقد صدق من قال : إن ما يتخذه عقلاء الناس من التقاليد التمدنية إنما هو 
تشبه بالفطرة الأولية واستكمال لقوتي العلم والعمل » وإن هذا لاكبر سائق إلى تعزيز 
الآأراء بالأعمال . 

بنيت الشورى على الرأي العام فأكبر فائدة لها هو انقياد الناس ا يقضي به الرأي 
7 » ووكلاء العامة خواص من انحصر فيهم الرأي العام » فإذا Le faves (ntl‏ افا 

Se‏ هم امعضدين + وهم كل الناس الذين يحافظون على الرأي العام » وليس بعد 
ذلك إلا أن يكونوا يدا واحدة على هذا العمل تجمعهم دائرة الاتحاد . 

ولقد وصلنا بمعونة الله تعالى وحسن مساعي خديوينا المعظم ومن احتارهم جنابه 
الرفيع للنظر في مصاحنا | إلى هذا الحد » وتوجهت رغبات جميعنا إلى ما فيه خبر بلادنا 
وصلاح معاشنا ومعادنا وصرنا an‏ واحدة لا تكل عن العمل ولا يتعبها تواليه على مر 
الأيام . 

كنا في الزمن السالف نستقضي بعض الناس بعض ما يجب من الضرائب وهو 
كار eas‏ إل WOE‏ وهو Bo OV Gay Glin Ue Gh‏ 
علمت الحقوق وحفظت الواجبات 2 فقد هان على كل واحد أن يدفع ما يزيد عن 
الضريبة في تأسيس مدرسة ببلده يتعلم فيها ولده وأخوه . أو في بنك اقتصاد يحفظ به 

إخوانه من أطماع الربوبيين ويسهل عليهم كل عمل يعود برواج زراعتهم التي هي كنز 
غناهم وبيت ثروتهم » » فهذه دلائل كلها تطمعنا في ما وراء ذلك من الأعمال التي تتأيد 
بها شئون الوطن وتغلو قيمته » وليس ذلك على أبناء الوطن بعزيز . 





pli‏ عن حكومة الثورة(1) 


................ ماعن ترقية بعض الموظفين > التي تلغط بها 
الصحف الأوروبية » فأسمحوا لي بأن أوضح الحقائق » فأقول : 

أولاً : إن هذه الترقيات لم تعمل بناء على ا ا > ول تكن مثابة 
الرشوة للضباط لاكتساب عطفهم نحو عرابي . . فالواقع أن هذه ا 
عملت بناء على القانون الحربي الحديد الذي ل 
أو يمرضون أو يصابون بعاهة على المعاش . وقد نفذ هذا القانون في عهد شريف باشا ١‏ 
وأحيل على المعاش ۸ ضابطاً ٠‏ ثم أرسل 5 ضابطاً | Cabins ably opto I‏ 
اناگ اشرق" 4 نينا نقذ ا 
فعدد جمیع هؤلاء ٤‏ ۷۵ ضابطا › » فكان إذن من الطبيعي أن تحصل ترقيات لملء ء الوظائف 
الخالية » ولا يزال في الجيش حمسون وظيفة قد حفظت لخريجي المدرسة الحربية . 


ane 0 oe OV,‏ اه ars‏ دعر يار 


)١(‏ كتب الأستاذ الإمام هذا الخطاب في ١5‏ ابريل سنة 1881 م إلى صديقه «ولفرد بلنت» يدافع 
فيه عن مواقف حكومة الثورة في مصر » ويشرح مواقفها وآراءها ويتحدث باسم الثورة » وجلل 
حقيقة الآراء التي تتردد حول ملابسات المؤامرة الشركسية ضد اللحكومة وكبار الضباط الوطنيين 
في اليش » وهي المؤامرة التي قبض على منفذيا عند محاولتهم اغتيال الضابط عبد العال حلمي 
بك في نفس اليوم الذي حرر فيه الأستاذ الإمام هذا الخطاب . 


{YY 





العلماء أو من الفلاحين أو الصناع أو التجار أو الجنود أو الموظفين أو السياسيين .أو غير 
السياسيين يكره الأتراك ويمقت ذكراهم » ولا يستطيع مصري أن يفكر في نزول الأتراك 
بلادنا بدون أن يشعر بعاطفة قوية تدفعه إلى امتشاق سيفه وال هجوم على هذا المعتدي . 


إن الأتراك ظلمة » وقد تركوا في بلادنا من آثار السوء ما لا تزال قلوبنا تضرب 
منه ضربان الجرح » فلسنا نريد رجعهم ولسنا نريد أن نعود إلى معرفتهم » وكفى 
الأتراك ما هم من حقوق الفرمانات » فعليهم أن يقفوا عند هذا الحد ولا يتعدوه . 
ولكنا إذا علمنا بأخهم يحاولون دخول بلادنا فإننا نتلقى هذا الخبر بشيء لا يخلو من 
الترحيب » ولقد شعرنا نحن بشىء من هذه النية عند الأتراك » وكان هذا الشعور سبب 
استعدادنا » فإننا سنغتنم هذه الفرصة لكي نحقق استقلالنا التام . 


هذا» وساسة البلاد وقادتها يتريبصون لخركات الأتراك في مصر » وسيقفوما إذا 
رأوا أنها قد عدت طورها » ولست أنكر أن في مصر أتراكاً وشراكسة يدافعون عن الباب 
العالي » ولکہم قليلون في جانب أولئك الذين يحبون بلادهم . 


هذا » وبيخصوص المؤامرة الشركسية لاغتيال عرابي » أخبركم أنها ليست ذات 
حطر » فإن” المخديو [ إساعيل قد مضت عليه مدة طويلة وهو يضع الألغام لكي يدمر 
حكومتنا » وهو يعتقد pee Ul dary foal Lule ol‏ ولكن الله القدير قد دد اما 
في المواء » لأن كل مصري يدرك أن رجوع إساعيل لا يعني سوى خراب مصر . 


فهذا الفرعون قد أرسل إلى مصر أحد المنفيين . وهو «راتب باشا» » الذي حصل 
لا الجر ع بو اع سيل يد قر سام سيك نعل سيد رعيو. الى 
طلعت» lsd‏ » ثم استخدم أيضاً «يوسف بك نجاتي» » و«محمود بك فؤاد» ابن 
احت «خسرو باشا» و«عثان رفقي باشا» ‏ وكل من هؤلاء شراكسة ‏ وهؤلاء أخذوا في 
نشر دعوتهم وهي قتل الوزراء الحاليين ثم قتل كبار الضباط في الجيش » ولكن هذا 
الجرء الأخير قد اضطروا إلى تأجيله حتى يجدوا من العلل ما يبررون مها عمله . ثم 
حدث أن تسعة من الضباط الشراكسة رفضوا الذهاب إلى السودان » فاحذت عصابة 
«راتب باشا» في إغراء هؤلاء الضباط واقترحت عليهم أن يرفضوا الذهاب إلا بترقية . 


وكانت الوزارة تعرف منذ زمن شيئا عن هذه الحر کات فمنذ جى ء «راتب باشا) 


4۸ 





e‏ » رئيس الوزراء الآن ء وزيراً للحربية » فطلب من شريف 
باشا أن ينفيه إلى خارج القطر , ولكن شريفاً على الرغم من تحذير محمود سامي رفض 
أن يأمر بنفيه » وسبب ذلك أن «راتبا» زوج ابنة شريف باشا » والبعض يظن أن الاثنين 
متواطئان على رجوع اساعيل . 

وحدث أن عصابة «راتب» دعت age its‏ يدعى «راشد أنور أفندي) لكي 
ينضم فأبى أن تكون له + بهم أية علاقة » فلم| ترك المتآمرين قام توا وذهب إلى عرابي 
وكشف له المؤامرة » 7 القبض عليهم وقدموا للمحاكمة العسكرية . 


وقد أحدثت ثت هذه الحادثة قليلاً من التهيج بين العامة » والجميع يعرفون أن حياة 
عرابي مثل tle‏ أي إنسان آخر » وليس بين الناس أحد مها كان عظي)| يستطيع أن 
يجذب اليه قلوب الجميع دون أن يكون بينهم من يريده بسوء » ولكننا جميعاً نضحك إذا 
قيل لنا : إن انجلترا على وشك الفوضى لأن أحد المجانين قد حاول قتل الملكة ؟! 


إن عدد الشراكسة في الجيش لا يزيد عن 6١‏ ضابطاً » ولا يمكن لعاقل أن يتصور 
أن مثل هذا العدد يقدر على قلب الحكومة . 


0 FR Fk 


أما عن تجارة الرقيق فنبلغكم بأن الوزارة e‏ 
الإسلامي لا يعارض في هذا الإلغاء » بل بالعكس نرى أن أوامر الدين تمنع من اتخاذ 
الرقيق إلا من الكفار الذين يقاتلون المسلمين › » فالعبد هو في الواقع أسير قد أخحل في 
حرب مشروعة » أو هو أحد حد أفراد أمة ليست على صفاء في علاقاتها بأمراء المسلمين 
وليست بينها وبيغهم معاهدات أو محالفات تحميها . زد على ذلك أن الكافر الذي ينتمي 
إلى أمة متحالفة مع أمير مسلم لا يمكن أن يؤخذ في الرق .. ومن هنا يتبين لكم أن 
اد لاا ا بمارت ئ اغا ارک » "كي هو الحادت لتقل الارام » ٠‏ 
يوافق على استمراره . وأولئك العلماء الذين لا يوافقون على هذا الرأي » في انجلترا أو 
غيرها ؛ عليهم أن يأتوا إلينا ويعلمونا نحن شيوخ الأزهر أصول إياننا ‏ » فإن مثل هذا 
العمل يصير من المناظر المدهشة » OB‏ العالم الإسلامي بأحمعه سيصعق ويلعقد لساله 
عندما يعلم أن مسيحياً قد أخذ على نفسه تعليم [Le‏ علاء أكر جامعة إسلامية أصول 
ديانتهم وكيفية شرح القرآن . 


£¥4 





هذا » وستصدر فتوى من شيخ الإسلام إعلاناً بأن إلغاء الرقيق يوافق روح 
القرآن والسنة . وستجتهد الحكومة المصرية في إزالة جميع العوائق في سبيل هذا 
الإلغاء 8 ولن يبدأ باها حق تمحي هذه التجارة من جميع الأراضي المصرية 7 


f 





ترجمة ثائية هذه الرسالة 


(القاهرة) في ۲۵ ابریل ۱۹۸۲ 

... أماما يتعلق بترقية الضباط التي تضخمها الصحف الأوروبية كثيراً 
فاسمحوا لي أن أجلو الحقائق 

أولاً - لم تتم الترقيات بإرادة عرابي ورضاه » ولا جاءت على سبيل الرشوة لكسب 
عواطف الضباط نحو عرابي » وإنما تمت بمقتضى القانون العسكري اللي ley ead‏ 
TT‏ » أو 


ta tts 44 lus] وتم‎ 5 (te OOA anne oe ae 4 باشا‎ 


عام إلى حدود الحبشة وزيلع وغيرها , > في حين تم نقل ٠٠١‏ ضابط من الحدمة إلى 
الوظائف المدنية . وبذلك بلغ عدد المحالين إلى التقاعد ۷٠ ٤‏ ضابطاً . وهكذا كان من 
الطبيعي إجراء الترقيات لشغل الوظائف الشاغرة . وما زالت هناك مسون وظيفة 
شاغرة مخصصة لطلاب المدرسة الحربية . 

وم يفرض السلطان رتبة الباشا علي عرابي » وإنما فرضها عليه الخديو الذي أصر 
على أن يكون جميع وزرائه من الحخائزين على الرتبة . 


1) للرسالة السابقة ترجمة قام بها الدكتور علي شلش . . ورغم ندرة الشروق + آثرنا إثباتها هي 
الأخرى ‏ انظر كتابه [سلسلة الأعيال المجهولة ‏ محمد عبده] ص ٠ OV‏ . 


4۳۱ 





أريد الآن أن أزيل من الأذهان ا أو الحزب 
eee maa a‏ أدوات في أيدي ra tds ae‏ , 
ويمقت ذكراهم ا ولا يوجد مصري يخطر له أن ينزل ‘of,‏ ري دون أ 
بشعر بنبض يدفعه نحو سيفه ليخرج به الدخيل . 
نستطيع أن نتمنى عودتهم أو نتمنى أن تكون لنا بهم صلة . وما استقر الأتراك بمصر إلا 
عن طريق الفرمانات . ولا بد من إيقافهم عند هذا الحد فلا يتخطوه . ولكن إذا حاولوا 
تخطي حدودهم فلن يكون نصيبهم سوى الرفض التام . وقد مر بنا شيء من ذلك » 
وأدى إلى أن نستعد له . وسوف نستغل أي محاولة من هذا النوع في الحصول على 
استقلالنا التام . وإن ساستنا الأذكياء ليرقبون الآن كل حركة تقوم مها السياسة التركية في 
هذا البلد حتى لا تتجاوز حدودها . ولا أنكر أن في مصر أتراكاً وشراكسة يناصرون 

وأما ما يتعلق بالمؤامرة الشركسية على حياة عرابي فهي لا تشكل في الحقيقة خطراً 
oe 0 00 0 me‏ 
بعمله هذا العودة آل ولكن الله lal‏ عل كلقي ياد آماله ahi cis‏ 
فكل مصري يعرف أن عودة اسماعيل معناها خراب مصر . ل 
als easier E e‏ إلى اك عضري ادي 
طلعت البكباثي , ثم انضم إلى خدمته بعد ذلك يوسف بك Gad‏ 6 ومحمود بك فؤاد 
ee‏ 
من عرابي باشا sel aI ie gases Et‏ 
لامر ٠‏ ولم لجار ا ازاز سر ودار ها ارم 
السوذان , وأصبح حزب اع باشا Gis‏ بلا كان ال الموقف كي 


۲ 





يوحى للشراكسة التسعة بأن يرفضوا الذهاب إلا بشرط الترقية . 

وقد كان لدى الوزارة 2 منذ فترة طويلة » شك في سوء التدبير الدائر . فمن فترة 
d‏ بداية عودة راتب إلى البلاد طلب محمود سامى ‏ رئيس الوزراء du!‏ ووزير dy Al‏ 
وقتها . Ss‏ ال ل ل eS‏ 
eter le etd oa‏ جا ار أن يقع 
توما ما فی عدر التق اد يران cSt WANS Rupee‏ أن راتب صهر شريف » وربما كان كما 
يعتقد الناس ‏ شريكه في التخطيط لعودة اسماعيل . 

لقد حدث على أي حال أن دعا حزب راتب أحد الضباط الشراكسة » ويدعى 
راشد افندي أنور » إلى الانضمام إليهم » فرفض الضابط أن يكون له شأن بخطتهم , 
ثم تركهم وجاء على الفور إلى عرابي وأفضى إليه بالخطة . ومن ثم صدر الأمر بالقبض 
عليهم وتقديمهم للمحاكمة أمام محكمة عسكرية . 

ولم تؤد الحادثة إلى إثارة كبيرة بين الناس . فالجميع يعرفون أن حياة عرابي » 
وحياة الآخرين » معرضة للأخطار كل يوم . وليس من الممكن لأي محلوق . مهما بلغ 
1 لت 

ل ا ل 

عددا صغيرا كهذا قادر على قلب الحكومة . 

uf‏ مسألة تجارة الرقيق فإن الوزارة الراهئة تبذل جهدها للقضاء على الرق 
O TS‏ د 
س أن يتملكوا العبيد إلا إذا وقعوا أسرى حرب مع 
الكفار . وهؤلاء في الحقيقة إما أن يكونوا أسرى أو سجناء حرب مشروعة » أو يمتون 
للكفار الذين يعادون أمراء المسلمسين ولا نحميهم عهود ولا مواثيق . ولكن لا يباح 
للمسلم أن يسترق غيره . وهكذا فإن الدين الإسلامي لا يعارض القضاء على الرق كما 
هو كائن في العصر الحديث فحسب » وإنما يدين استمراره أصلا . وأما أولئك السادة 
العلياء في انجلترا وغيرها تمن يؤمنون بغير هذا الرأي فيجب أن يأتوا اليناء وأن 


“yy 





00 لحن شیوخ الأزهر , bos ae‏ اوه هذا dst neta‏ بالألياب : 


أصول الدين الإسلامي وتة وتفسير القرآن لعلماء St‏ جامعة إسلامية ee 7 d‏ 
وفقهائها . 

وبعد أيام قلائل سوف يصدر شيخ الإسلام فتوى تثبت أن القضاء على الرق 
مطابق لروح القرآن والتقاليد الإسلامية والسئة المحمدية . 

وستحاول الحكومة المصرية أن تزيل كل عقبة في الطريق . ولن يبدأ لها بال إلا 
ly) be‏ ارف فى La pall‏ 


4 





سلطان بين الخديو والثورة() 


ليس هناك خلاف بين سلطان باشا والبرلان . My‏ الذي ذكرت لكم 
اعتقادي اشتراكه في المؤامرة الشركسية قد ثبت الآن أنه مشترك فيها . ومسائل الخلاف 
المهمة قد عرضت على الأعضاء . وليس هناك ما يخثى منه على الأمن العام . 





)١(‏ عندما رفض الخديو توفيق ‏ بإيعاز من القنصل الونجليزي «ماليت» ‏ التوقيع على أحكام المحكمة 
العسكرية بنفي المتأمرين الشراكسة إلى البحر الأحمر » استدعى محمود سامي البرللان إلى اجتماع 
غير عادي » متخطياً بذلك سلطة الخديو الذي له وحده هذا الحق » واجتمع البرلان لذلك 
الغرض مرتين بشكل وري وغير رسمي » وظهرت فيه بوادر الانقسام 2 وفي الاجتماع الثاني 
وقف «سلطان باشا) رئيس الرلان إلى جانب الخديوي » وكانت هذه بداية خيانته للثورة 2 
وهذه برقية بعث بها الأستاذ الإمام إلى صديقه «ولفرد بلنت» في ١4‏ مايو سئة 187 م يطمئنه 
فيها على وقوف سلطان إلى جانب الثورة  dy‏ يكن بعد قد أعلن موقفه الجديد ‏ وانسجام موقفه 
مع موقف البرلان المؤيد للحكومة ضد الخديو . 

(؟) أي الخديو السابق إسماعيل باشا . 


{o 


Converted by Tiff Combine 








Oy pl الاتحاد‎ 


جريدة تطبع في «لندرة) الحضرة محررها الكاتب البليغ القس لويس الصابونجي 
وقد تصفحناها فألفيناها جريدة رقيقة العبارة » دقيقة الإشارة ء بليغة الأسلوب . سامية 
الموضوع . قصرها محررها الفاضل على بيان مزايا العرب وفضائلهم وما فيهم من النباهة 
الغريزية والقابلية التامة للتمدن وما تقلبوا فيه من مراتب التقدم وتنقلوا إليه من درجات 
GLI dS‏ وتاريخهم وسيرهم وعوائدهم وأخلاقهم ومبدأ ظهور الديانة المحمدية 
وكيفية انتشارها فيهم وما أكسبتهم من القوة والمجد وما تميل إليه أتمهم في هذه الأوقات 
وما تتوجه إليه رغباتها » والمدافعة عن حقوقهم والذود عن حوضهم ورد كلام الاعداء 
د . . كل ذلك بعبارة فصيحة رقيقة الألفاظ وإنا نأمل من حضرة صاحبها الفاضل 
أن ينقل تواريخ العرب وحكايات اخلاقهم من الكتب العتبرة في النقل » الجامعة 
لصحيح أخبارهم وصادق أنبائهم ‘ وأن لا يعتمد في حكاية حال آمهم الحالية ومطامح 
نفوسهم على حديث من لا يكون خبيراً بالأحوال ولا ذا نظر دقيق في حقائق الأمور وما 
أكنته الصدور ء وإنما ينظر إلى الأمر نظر الخبير ويدقق فيه تدقيق البصير حتى يأني قوله 
حاكياً لل في النفوس محدثاً لما تميل إليه القلوب حكاية الصدق وحديث الحق ولا يعدم من 
الكتب العربية عمدة في باب التاريخ وحجة في الاخبار» بل ذلك كثير الوجود قريب 
ul fee dtl‏ الفدا والمسعودي وابن خلدون والكامل وابن الأثير وغيرها ما حوى 
الصادق من أخبار العرب وأحوالهم في الأزمان الماضية . 


. ه)‎ ۱۲۹۹٩ في 5؟ مايو سنة ۱۸۸۲ م (۸ رجب سنة‎ ١418 الوقائع المصرية . عدد‎ )١( 


يفيف 





وإنا لا نشك في أن هذه الجريدة تحوز قبولاً عند العرب وأولياء الأدب ما نسجث 
على هذا المنوال وسلكت ذلك السبيل » فللعرب شغف كلي بمطالعة تواريخ أصوهم » 
وفيهم الميل الأكيد ! إلى قراءة ما مدت عن أخبارهم ويروى طم ما صح من أنبائهم فتنشر 
في انحاء بلادهم وتروج رواجاً يولي صاحبها شكراً وثناء . 


۳۸ 


jed by registered version 





مصر وإسماعيل باشا 


۳۹ 


Converted by Tiff Combine 








الفصل الثالث 


في سلب الأملاك من الملاك(1) 


لم يكتف إسماعيل باشا بتغلبه على جميع إيراد الدولة (وإنما حرم”) جيع الأهالي 
(إلا بعض أعوانه) من نتائج أتعام وثمرات أعم اهم » مع بقاء الأراضي مكلفة 
بأسمائهم . بل شرهت نفسه وولعت بالاستيلاء عل .ذا ا الأطان محا 
وصورة كما استولى عليه معنى وحقيقة » ظا منه ان الاستيلاء المعنوي دائم بدوام الحبار 
لس لي كين لاس رار اليد 
الناس . فأراد أن ينتزع الأملاك من أيدي مالكيها , حتى لا يتيسر لهم الانتفاع مها في 
عهده ولا في عهد غيره ممن يأني بعده , إلا بأن يكونوا خدمة مستعبدين في أعماها الشاقة 
بأجرة زهيدة ربما لا تكفي لسد رمقهم » ويكون معنى الملكية والاختصاص بالتصرف 
منحصرا في عدد معين من أخصائه وآل بيته . 

وكأنه كان يتلذذ بأنين المظلومين وحنيهم وتضرعهم وتأوههم وتلملهم 
وتضجرهم » ويبتهج بتخيل ذلك وتصور وقوعه في المستقبل » فبث أعوانه أهل السوء 
فى الجهات يتخيرون له الأراضي الحيدة التربة > الخصبة الطينة » القريبة من المياه » 
الوافرة المحاصيل » فانتشروا في الأنحاء تحت اسم العمال والمأمورين » وهم اللصوص 
السارقون » من كل صخري الفؤاد » وحشي الأخلاق » دنيء المنبت » سيء dy pl‏ 6 





. نشر هذا الفصل في الطائف ”5 مايو سئة 1885 م (شهر جمادي الثانية سنة 4 م(‎ )١( 
. (؟) مكانها «خرم ) بالصحيفة . فأكملنا العبارة من عندنا ليستقيم السياق‎ 


13 





ل كر » فانتقوا له خير 
البقاع في أفضل المواقع » وكلا أنبأه أحدهم بشيء من ذلك طلب إليه آهل البلد التابعة 
00 عل شرظ lesb tyes of‏ » فإن لم يفوهوا Le‏ 
اخحتياراً أكرهوا عليها » وجيء بالمشايخ من أهالي البلد وجيرته وأحضروا لدى القاضي 
لأداء الشهادة بالمبايعة وإسقاط المنفعة على مبلغ معلوم من النقود لا يساوي معشار القيمة 
الحقيقية » ويسجل ذلك في المحكمة الشرعية على أنهم قبضوا الثمن . 

Vee ade داعي‎ CLES a J 
تسل ................ ينظر في شأنهم فإن كان عليهم متأخرات من‎ 
الأموال والمقابلة أو أي نوع من أنواع الضرائب التي قدمناها أقيم ما لهم من الثمن فيا‎ 
عليهم من المتأخر , وذهبت الأراضي من ع أيد بهم بلا عوض . فإن لم يكونوا كذلك‎ 
» أعطيت هم الأراضي رأ ي التي أحذت منهم ) ا السنة التي انتقل فيها الملك‎ 
فإنه كان يجري المبايعة بعد أن تخدم الأرض وتزرع ويترعرع فيها النبات ويقرب من بدو‎ 
فيمنحهم أحذ‎ N | dole الصلاح › والناس في‎ 
مزروعاتهم التي زرعوها في ملكهم على أن يؤدوا له الإ يجار في تلك السنة » بحيث‎ 
تساوي قيمة الإجارة مبلغ الثمن . فيقام لحم الإيجار في الثمن » ويخرجون من ملكهم‎ 
. كأن لم يكونوا مالكيه‎ 

هكذا كان يفعل في جميع الجهات التي جدد فيها ملكا في الأراضي الزراعية. له 
ولآل بيته » ولقد فعل d‏ أراضي «الشباسات» و«قونه» و«البكتوش» و«سخا» و«قلين» وما 
والاها من البلاد فعلا وحشياً ‘ وهو أنه بعد نهبها من أصحابها قلب من أراضي القمح , 
وهو متهي ء لاإخراج السنابل ما أراد أن يزرعه قطناً وأجر الباقي لأربابه كل فدان بستة 
جنيهات وخصم بقية الثمن فيها كان عليهم من أموال تلك السنة » وقس على ذلك 
أراضي «الصافية» و«كفر البطيخ» و«كفر 4 ghy (ge yg «el‏ كبير) و«القرشية» و«تل 
حرين» و«مشتهر) و«بردين) وغيرها من الأراضي كأراضي الوجه القبلي الي اغتصبها من 
ملاكها ثم أعدمهم في زراعتها بلا أجر 

(ولل يعمل هذا العمل القبيح بنفسه » وإنما استعان على الأهالي بالأدنياء الغلاظ 


(۳) مکانہا «نحرم» بالصحيفة مقداره سطران في عمود متوسط کلاته تسع ANS‏ 


4۲ 





الذين يتذمرون الآن ویزجرون عندما يقرأون فصول طائفنا » إذ يرونها ee‏ 
وشجاً في حلوقهم وسهاماً في أفئدتهم وفضيحة لأعمالهم التي تشهد عليهم أهمم 
يصلحون ساسة للدواب والأنعام ولا قادة للحيوان er‏ عن الإنسان ٠‏ ثم ى لا 
ينكرون علينا ما نذكره من فضائحهم وقبائحهم » وهم الآن يجلسون على موائد 
السحت يأكلون لحوم المصريين ويشربون من دمائهم شرب الهيم » وينامون على أسرة 
تنادي بأغهم ولدوا في حفر كانوا ينامون فيها على التراب » لا يجدون من اللباس إلا ما 
يستر Sp ll‏ ولا من القوت إلا أرذل العيش » ولا يستطيعون إقامة الحجة على أنهم 
ورثوا ما عندهم من الأطيان والعقار عن آبائهم أو أجدادهم » إذ لا طريق لوصولهم 
إليها إلا النبب والسرقة والبرطيل وسوء المعاملة » وسيلقون عذاب اون با كانوا 
پصنعون) . 


ومثل ذلك كان يعمل | إسماعيل باشا في العقارات التي يريد أن يمتلكها لينشىء فيها 
he‏ وسرايات » كما فعل في جزيرة العبيد المجاورة لقصر النيل » وغيرها من 
الأماكن » حتى صار له بطريق الملك في الديار المصرية مالم يكن لسلطان قبله » فضلا 

peas ee yy 
Us فدان وكسور من أجود الأراضي وأختصبها » وهو خمس زمام القطر المصري إلا‎ 
ity على أنه يحسب ثلث الزمام اة ر ها اغا فة ورك ره ال إل‎ 
. أراضى القطر » فهذا كان تحت تصرفه » وإيراده له‎ 


وكلما آل إليه مقدار من الطين » قليلاً كان أو كثيراً » صيره عشورياً بعد أن كان 
خراجياً » فينقص إيراد الحكومة OL,‏ نقص معنى » وحرم مليون من أهالي 
البلاد من الانتفاع Me AN ARA e e‏ 
شرعي وإن كان صورياً بعد أن جعل نفسه نفساً لجميعهم تتصرف فيهم كيف تشاء › 
إلا أنها لا تمس بالامهم » فلا يتحركون حركة إلا بإرادته » ولا يميلون إلى مرغوب ولا 





)4( العبارات بين القوسين دليل على أن عبد اللّه النديم قد «تصرف» أثناء نشره لفصول كتاب الأستاذ 
الإمام عن (مصر وإساعيل باشا) . 

(0) خخرم في الصحيفة مقداره كلمتان . 

(1) خرم في الصحيفة مقداره ثاني كلمات . 


£ty 





ينفرون عن مكروه إلا بإشارته » وجميع ما يكسبونه واصل إليه » كما تقدم . 
dy‏ يقف في ذلك عند حد» بل لو امتدت به الأيام وثمادى به الزمن لآلت إليه 
جميع الأراضي » وعاد جميع الأهلن خدها وعدا ومو اجر ين ولكق نسيم الألطاف 
الإلهية هب على البلاد المصرية ة فقشع عنها سحابة الظلم وصرف عنما جبارا لا يستعطفه 
البكا ولا يستميله الصراخ . 
ولو أنه في نفسه لم نبال به » ولکن کان معه قومه اللائذون به » المزينون له سوء 
عمله . المقربون من ساحته . وهم كثير من سفلة الاغراب وقليل من أدنياء الوطنيين 
وجهلتهم » فلو أوقفوه عند حده لما تعدى , ا ee‏ 
والسلب ٠‏ فكانوا يتصرفون في الأمة مثل تصرفه . فمن صار منهم ا امور al‏ 
U OS Lolo of Lats of Utne‏ 
الناس وأعمل الفكرة في الاحتيال لسلب ما في ملكهم الشرعي . 
وأقرب الطرق القويمة الواصلة بين نقطتي المقدمة والنتيجة وضع سيف القهر في 
الأهالي » إما بتكليفهم بأداء ما لم يكن عليهم من الضرائب والرسوم في غير وقتها . 
باختراع أعمال يضطرهم على القيام بها لتكون وسيلة لاستعمال وسائل الإذلال والتضييق 
حتى يجنح الأهاني إلى مفارقة أوطاءهم Polly‏ عن أملاكهم أو تقديمها إلى حضرته بزهيد 
الثمن ودنيء القيمة فيأخذها سحتا ويستعمل مالكيها فيها خدمة ومؤاجرين . 


ولقد كنت ترى الرجل منهم يتولى الوظيفة وهو فقير مسته يد الضر » وحقير لا 
يأتي تحت شعاع النظر > ثم لا يلبث أشهراً إلا وقد صار ثريا غنياً يسرف في النفقات يمينا 
وشمالا » ويتوسع في الأملاك » ولا تعر عليه سنة إلا وقد تجاوزت أطيانه عقد الألوف » 
وهكذا أصبح السفلة من حواشي إسماعيل باشا » الذين استعملهم في أغراضه السيئة 
مستولين على غالب أراضي القطر بلا حق شرعي ولا قانون مرعي » وباتوا سادة بعد 
أن کا ع ا کا الأهالي ul‏ 
الغني فقيراً » والعزيز ذليلا » والرفيع وضيعا فاا ضول ولا ف ل 

ولا تعن Le‏ أضيت عه كدر من الملاك ف أطراف القاهرة عند انتزاع أملاكهم . إذ 
أخرجوا من أماكنهم مكرهين قبل أن يتخذوا لهم مسكناً يأوون إليه » فأقاموا أياماً بل 
أسابيع في جوانب الطرق والجسور مع نسائهم وأبنائهم وأثاث بيوتهم على حالة ينفطر لها 


4 





الماد > كما لا نسبى ما نزل بأهالي وصفت الملوك» بمديرية البحيرة » عندما أراد البرنس 
حسين باشا ضم خمسائة فدان من أراضيهم إلى أراضيه الكائنة ببلدة ال ..: Peas‏ 

لتكون قطعة واحدة على حد واحد ومن الحودة e‏ 

ER E ek pos 3f sles ye Ala 

EET ETE مساقط رؤوسهم‎ dg إقامتهم‎ 

000 ace اشا لشكرى‎ felon! 

dls}‏ المشاحيق dled‏ ...... وكاد يتم الأمر لولا ورود لجنة حا قر 
إسماعيل باشا فكفت . ..... وخيفة من عدم 'ترتب الفائدة كا تحقق فيا بعد بالتنازل 
العام . ولو أننا تتبعنا الحزئيات لأتعبنا القلم و . ... المقال . وقد احتال في جعل 
الحكومة في صورة التقييد ..... رغبة في إظهار الإصلاح وإبداء الإخلاص 
ls‏ . . ... الأهالي وتكتسب ميل الأجانب وتستميل ٠...‏ . الأوروبية لتقرر أعيالها 
وتثبت على الولاية ..... لفساد نية إساعيل وشيعثه وسوء .... الحكومة إذ ذاك 
عا طبعوا عليه من ..... إلى الأملاك واستخدام الحيل في سلب ..... وذلك فيا 
بين الانقلابين أي انقلاب . . . .. إساعيل باشا من منصب الخد "ولا یت 
عن الأذهان .... إذ باع عشرين الف فدان :وتشرت الكزاقد: العربية 
ذلك ..... وقد تفنن إسياعيل باشا في طرق ..... غاشمين على الأهالي » وجعل 
وا عدر led Le dll Je Olle byw GIy Gt‏ الأملذكه 
باسم ناظر جهاديته إذ ذاك » كما احتال نعم ا ف اا و 
باشا gees‏ إذ كان لا يترك قريباً ولا غريباً إلا مد يده ..... وقد كان ذلك الخسف 
ولك اة وتام old‏ قو اا بره را فاا .. ...عليه 
دفاتر الكومبانية العزيزية بما يسلخها ..... الإنسانية على أا ليست إلا صحيفة 
سوداء . . . .. الأزرق في ذلك الزمان الأغبر » فقد كان ..... الحكومة وصنادلها في 
أعمال الكومبانية . . . . طرف الحكومة وربح العمل يضاف ..... للمشتركين نجاح 
أعال الشركة حق . . ... البحرية إذ ذاك وانكشف من حال الشركة . . ...وله فیها 
من الاختلاسات ما لا يخفى ..... وأظن أنه لم يبرح عن الأذهان أعال 020 





(۷) الفراغات المتكررة الآتية مكانها «خرم» بالصحيفة . 


0 


E mre‏ على وجه يكشف ال مخباً ويظهر الخفي 


44 





ولا نحيب . gle OLS‏ الأغبياء 


الإنسانية وهو ببيم وتظاهر 





الفصل الرابع 


فى السخرة . . . . . الأبدان بلا شفقة ولا bus‏ 


قدمئا أن ما سلبه إسماعيل ...:. فدان» وما استولى عليه ee‏ 
الأعمال . . . غير قادرين على القيام بها لو كانوا من ee‏ هم قليل جداً فلا بد من 
استعبال الأهالي .... ... الواسعة والعبارات المائلة الببى كانوا .... تؤخحل 
مصاريفها من ثمرات كد ..... من نتائج كسبهم وتمزج موادها mod oo...‏ 
ٻالرهان أن الأهالي لا يسأمون من العمل ولا يكلون من التعب ولا يمسهم من ارتكاب 
المشاق ضجر ولا نصب » فهم ‏ على زعمهم ‏ حيوانات يتحركون بالإرادة » لكنهم 
غير ..... وهم أرواح ذات قوى تنبعث عما أعمال اختيارية ..... لايدركون » 
فأنتج لهم هذا التصور عدم الاحتياج إلى ... الشفقة والرحمة بهم » بل على ا مالك أن 
يسوقهم إلى العمل » وعليهم أن يقوموا به » وليس لحم حق في طلب أجرة أو رجاء 
محمدة من فئة لا تعترف بدخول الفلاح تحت نوع الإنسان وإن أدرك وتكلم . . . أحسن 
الذكاء والنباهة على جانب لا يصل إلى بعضه واحد ..... الظلم وعصبة الضلال . 
وعلى هذا كان إسماعيل باشا.... على زعم أحبائه الذين يصعدون الأنفاس 
ene‏ عدم دوام السلب والهب) يسخر الفلاحين في .... فظيع تقشعر الأبدان من 
ساعه فضلا عن . . . . كان عماله يسوقون الولد والوالد لا يفرقون بين . . . . للأعمال 
يحفرون الترع إنشاء ويطهرون .... الخاصة بزراعتهم في حدة القيظ من .... من 
فصل الشتاء من غير مراعاة . . . . الشمس وحفظ أبداهم من قار البرد . . . . الليل لا 
يفترون عن العمل . ... . ولا يروق هم أن يتركوهم .... بل يسومونهم سوء . 
حتى يضطر الفلاح . . . . يدفع مبلغ له ونحو ذلك . . . . حلتهم وجميع . . 





هو من مال الشغال ينفقه . . . إسماعيل باشا وأعوانه ولا يدري ..... النفقات 


وتفرض عليه تلك vos Ge Of ee IP ¢ Slpdely ly lil ieee‏ الأرز 


وبحصاده اشعلت النيران في القرى JULY aod ane‏ والفتيان والبنات هذا , . . . 

تكليفهم بحمل أزوادهم من بيوتهم .... إذا ذهب إلى محل العمل يحرص 
على ..... النقود لا لينفقه في منفعة نفسه بل لدفعه . . . . ليدفع عنه سوط العذاب 
أو ليأمر السائق . . . . كان الزمان زمان شتاء ولا بد من المبيت . . . . من الليل لم تكن 
لهم أماكن يأوون . . . . كانوا ينامون تحت السماء ليس بينهم . . . . أمطار وتصب على 
رؤوسهم واليرد والخليد ..... ولا يستطيعون الهرب فإن .... هربوا لسبقتهم 
الأوامر إلى بلادهم .... اشرب بما يزهق الأرواح . 


..... يشتغلون في زراعة (ديروط) في .. . . في المياه والأوحال فإذا جاء 
وقت.... ولم يؤذن لهم بالجلوس أو الاستراحة ..... الخبز اليابس وهو حامل 
حزم ...... فإذا جَنَّ عليهم الليل أو خلوا في .... . بلا سقف والسماء تصب 
عليهم ... . يخرجون فزعين مرعوبين من شوب ان 


... في عملية رياح الخطا De ee ee ee ee ee es‏ 
المأمور أو شمروخ الخولي » وعندما كان يمر في العملية يخرج قواص على حصانه يعلن 
المديرين والمأمورين بأن المفتش سيمر » فلا تسل عن أتباع المديرين إذ يقطعون الأغصان 
الغليظة من الأشجار وينزلون 5 عل أجسام الفلاحين العرايا » فلا Cos‏ إلا بكاء 
ونحيباً وصراخاً » ee ee ee‏ 

الوحول وتضرب على الوجوه قال للمدير : ( أفرين أفرين) فيقول له : (كل ده بنفسك 
يا سعادة المفتش) » فما يمر ويرجع إلا وقد مات ثلاثون أو أربعون من الضرب والغرق في 
الوحول . 

ورأيت طفلا يبلغ من العمر نحو UIE‏ أو تسع سنين وقف على الجسر في طريق 
النيل يتفرج على المفتش: فتناول أحد الساقة من يده وألقاه في الترعة فمات لوقته » فتبسم 
المفتش لذاك السائق استحسانا لفعله . 

وعلى هذا المنوال كانت الأفعال في مزارع إسماعيل باشا وأتباعه ورجال حكومته , 
من pale‏ اريم إل وزير جنابه الكريم > وكانت البلاد مقسمة بين أولكك الذوات 


££A 


1 





والأغوات والحريم » فكل بلد من بلاد زراعتهم المعروفة بجفالكهم بخصص لا بلد أو 
بلدان أو ثلاثة على حسب اللزوم من البلاد الأخر » فإذا جاء وقت الأعمال ‏ (وكانت لا 
تنقطع) ‏ ينزل النظار والمأمورن على تلك البلاد ‏ (نعوذ بالله من غضبه) ‏ فيطلبون منها 
ما eas‏ فين العدد » فإذا نطق أحدهم بأي عدد كان نطقه كأمر سماوي لا يقبل 
تغييرا ولا تبديلا » سواء كان من قبيل الممكن أو المحال » اللهم إلا إذا بذل لهم المشايخ 
والفلاحون مبلغا من النقود فإنه يقوم حينئذ مقام عدد من الأنفار المطلوبة . 

وما شاهدته أن أحد النبلاء طلب منه ثلاثون نفراً » وهم فوق طاقته » فبعد 
التهديد والضرب لم يمكنهم أن يزيدوا على العشرين . فلم يقبل منهم عذر حتى دفع 
المشايخ عشرة جنيهات للمأمور الذي كان يطلبهم . ورأيت مثل ذلك في وجهات شتى 
من مديرية الغربية والبحيرية والمنوفية في أراضى إسماعيل باشا وأمرائه وحاشيته الذين لو 
عددتهم لم يزد ذلك شيئاً في علم الناس بهم » فإنهم لم يزالوا أحياء وآثار ظلمهم باقية 
تشهد عليهم بسوء أعمالهم والأخبار المفزعة التي كانت تأتي إلينا من جهات الصعيد 
يحملها الهاربون من هول الأعمال تفيدنا أن المصائب في تلك الجهات أعظم والتسخير 

فهذه الأعمال على ما فيها من المشاق التي تنال الأهالي في أبدانهم » والنفقات التي 
تلم بأموالهم كانت موجبة لتعطيل جميع أشغالهم التي يحتاجون اليها في خدمة أراضيهم 
حتى يتحصل منها ما يسدون به رمقهم ويؤدون ما عليهم من الضرائب الخارجة عن حد 
الطاقة » إذ كان يساق الرجل مع ولده إلى السخرة ويترك زراعته محتاجة للسقي أو 
الحرث أو الحصد » فيفوت عليه وقت الزراعة » ويحدث ضرر كلي » إذ لا يتحصل مما 
يزرع متأحراً عن وقته ما يكفي لحاجته , ورا تلف المزروع إذا تأخر حصاده فيلهب 
تعبه هباء منثورا . 

وهذه الملايين من النفوس التي كانت تشتغل في تلك المزارع كما كانت محرومة من 
أجرة العمل كا كانت معطلة أيضاً عن اكتساب ما يقوم بها من طرق أخرى » فكانوا 
كلا على أعناق الباقين من إخوانهم وثمرات اكتسامهم بأسرها عائدة إلى إسماعيل باشا 
وأمرائه وحواشيه . 

pic Laat Ye Ls dell عنها حرمائهم من ملاحظة أشغالهم‎ US وکا‎ 


££4 





كفايتهم لوفاء الأعال العمومية ¢ كحفر أمهات الترع وتطهيرها » وإحكام الجسور 
elas‏ لوازمها 6 lag‏ أشبه ذلك . فكانت المصالح العمومية عاطلة کا كانت الخصوصية 
باطلة . إلا بالنسبة hel‏ وأشياعه » فعم الاضمحلال والتلف جميع الحهات ¢ وكثر 
وقوع الغرق والشرق وأورث تراكم الأعمال من سنة إلى سئة عجز الأهالي عن القيام بها 
حتى الآن . فطم الفقر وأحاط الاختلال بأنحاء الحكومة وكان من عاقبة ذلك ما كان . 


ومن توابع التسخير ما كان يكلف به الأهالي ek MIEN gg‏ من أنواع 
ly oil‏ ا isthe‏ كل بلد يحسبه » فالذي ..... وستة من 
الحمير ومن ..... الدواب إذا اشترى الأهالي تلك المطلوبات لم تعد إليهم مرة ثانية › 


فإن أولياء الأعمال في تلك الزراعات ممن نزعت من قلوبهم الشفقة والرحمة » فيحملون 
الدواب وأربابها ما لا طاقة لها به » مع عدم إعطائها حقها من العلوفة , فتأخذ في 
الضعف تدريها حى إذا : تم العمل تمت آجاها أيضاً . وكانت هذه المطلوبات تعد عند 
الأهالي كضريبة باهظة 0 من مصائب الحكومة وبلاياها ويتضجرون منها كا 
يتضشجرون من نفس السخرة وأداء السدس والثلث والشخصية وما شاكل ذلك من 
الضرائب بلا فرق . 

ولنكتف بهذا القدر المجمل في شأن التسخير » ونقول : إن حكومة إسماعيل باشا 
على سعتها وتباعد أطرافها كانت «كليان» أعد للمذنبين » ومحبس جزاء هيء لأرباب 
الجرائم والخاطئين » ولو أن سائحاً جوياً صعد في درجات اهواء إلى حد يرى ويسمع من 
تحته من أهالي الديار المصرية إذ ذاك لرأى أمة تتقلب على حمر العذاب على غاية من 
الاختلاط والاختباط » تتحرك تحرك الذر على غير نظام » ولسمع ضجة عامة » وصيحة 
صاخة » تزعج السامع > وتستفز orl‏ > وتفتت قلب من أودع ذرة من الإحساس 
الإنساني » وما هي إلا مزيج نفثات تقذف بها الصدور الموقرة والقلوب الممكتثبة , 
فتصعد با الأنفاس المحترقة . 

اللهم إنا نعوذ بك من بلاء مثل هذا يصب على البلاد مرة ثانية بعد أن ذاقت 
حلاوة الحرية وتمتعث بنعيم العدالة . 


, الفراغات الآنية مكانها «(خخرم ) في الصحيفة مقداره مس عشرة كلمة متفرقة‎ (A) 
= عقب هذه الحملة نجد : (ا لفصا الخامس 3 الأموال وملحقاتها . موعدنا به العدد الآتي‎ )4( 


46 





elt‏ يو يو ي في ي و 


هه و و ي ي ي و و و و و و وض ي س يو و مي يو في ي يو و ي يو ي ي ي ي ي يو يو ي ي يو و 





= (نديم) . . .» ولكن العدد لمشار إليه مفقود . . وليس في بقايا (الطائف) ذكر لفصول هذا الكتاب 
غير هذين الفصلين اللذين أوردناهما هنا . 


4٥١ 





لا يوجد خلاف بين سلطان Lal‏ والبرلمان : Mos SSI‏ ¢ الذي زعمت اشتراكه 
في المؤامرة الجركسية . في خطابي لصابونجي22 . هوفي الحقيقة شريك في الجريمة هناك 
حلاف متباين بين أعضاء الرلان 1 الأمن العام لا Ody‏ خطر) : 


)١(‏ أرسلها الأستاذ الإمام إلى بلنت في ٠٤‏ مايو سنة ۱۸۸١‏ م .. أي قبل شهرين من ضرب 
الإنجليز للأسكندرية . 

(9) إشارة للخديوي المخلوع إساعيل . 

(۴) لويس صابونجي » القس اللبناني ‏ الصحفي ۔ سكرتير بلنت . 


fo 





مفكرة الأحداث العرابية 


for 


Converted by Tiff Combine 








مفكرة الأحداث العرابية(') 


)١(‏ الدائنون يريدون أن تدفع لحم الفوائد على فداحتها » فعدل سير الإدارة على 
أن يؤدي إلى هذا الغرض » ورسم على المصري أن بخضع لاستبداد إداري مختلط » بل 
هو في الحقيقة أوروبي لا شائبة للعدل فيه » وهو الاستبداد الذي اقتحمه الخديو 


المعزول . 

(0) كل الأمم من كل الأديان تغتني من عمله (أي الفلاح المصري المشار إليه في 
الجملة الأولى) وعلى نفقاته وهو في ذلة الفقر والفاقة . 

(۳) ما يقصر عن أداء الديون من الدومين والدائرة السنية يوفى من الخزينة (تدبير 
ولسون) . 
أ إسنة [VAAN‏ 


)٤(‏ في أواخر سنة ۱ قصد (MRE‏ إرسال 6 الف عسكري لتقرير 





)1( هذه النقاط Gago‏ الأستاذ الإمام إبان اشتداد أحداث الثورة العرابية » فجاءت أشبه باليوميات التي 
سجلت العديد واشهام من الأحداث » ويبدو أنها كانت مادته الأولية 3 مشروعه الذي لم يتمه ¢ 
والرامي إلى كتابة تاريخ مفصل لهذه الأحداث » وأرقام هذه النقاط من وضع الشيخ رشيد رضا » 
وكذلك بعض عناوينها الفرعية » وهو الذي اطلع على خطوط الأستاذ الإمام » وأثبته بنصه . 

(۲) تول رئاسة الوزارة الفرنسية في 6 نوفمير سئة 1841م » ولعب دورا في الاتفاق مع إنجلترا على 
التدخل المشترك ضد الحركة الوطنية في مصر . 


£00 





النظام في مصر مع أنه لم يكن حصل فيها ثيء . وكان ذلك في وقت المخابرة بين فرنسا 
وانجلترا في عقد معاهدة تجارية . 

(ه) البارون «درنج) رأى الفرصة مناسبة لتقرير نفوذ فرنسا في وادي النيل » لكنه 
على حكومته خطر استقلال المراقبة الثنائية ولحطر مركز الخديوية (لعل «غمبتا» قلع بما 
قاله «درنج» ا ' 

(5) في 5 فبراير سنة 14174 نشر منشور ضد رياض باشا طبع منه عشرون ألف 
نسخة وفيه مطالب وطنية « ولم يعثر على ناشره وكاتبه . ونسب إلى الحمعية التى تألفت 
لمعارضة رياض باشا (جمعية حلوان) شريف . شاهين . عمر لطفي » راغب . ويقال 
إن سلطان باشا كان فيها . 

(0) يقول شريف باشا بعد حادثة عابدين : أنه لا يقبل الوزارة حتى تكون لديه 
ضانة تكفل أنه لا يعتدي الضباط أو att‏ على النظام مرة أخرى ‏ كأنه لم يعلم بسير 
الفتنة مع أنه كان من مدبريها . 

(8) حصل سلطان باشا على عرائض ممضاة من الأعيان والعلاء قبل حادثة 
عابدين وأطلع عليها عراي ¢ وأ عرابي إلا أن تكون تحت يله ¢ فهرب سلطان إلى 
المنيا » وبعد الحادثة ظهرت Ail all‏ والمحاضر . 

)4( م ببق داع لبقاء (Maal‏ ف آوروبا » فألغيت Lally‏ 63( وأعيدت على 
نه جديدة وفي موضوع جديد , وكوفيء محررها بتعيينه رئيس قلم ترجمة أولا ثم 
سكرتيراً لمجلس النواب بعد ذلك . 

وصاح الخديو عند امضاء الأمر بتعيينه من شدة الفرح : «الحمد لله الذي 
خلصني من رق شخص كنت أبغضه» . 

(V5)‏ 1 يذهب عرابي إلى «رأس الوادي» إلا بعد أن صدر الأمر بتشكيل مجلس 


(۴) هو أديب إسحاق . 
)٤(‏ جريدة القاهرة التي كان يصدرها أديب إسحاق . 


40٦ 





النواب على طريقة جديدة . وقد كان الخديو حاول أن يستدعي أعضاءه على مقتضى 
النظام القديم فأبى إلا نظاماً جديداً » وعند سفره ألقى على مودعيه خطاباً طويلاً شكا 
فيه من العقبات التي تصادفها مطالب الشعب › ومن وضع دستور يكفل له الحرية 
ويؤمنه من الاستبداد . وصرح فيه بأن الخديو والنظار ومن على شاكلتهم كلهم لا يميلون 
إلى مساعدة الأمة على ما تطلب . وبأن أعداء الأمة هم الدائنون ومعاونوهم من 
الأجانب » يدفعهم الطمع إلى الاستيلاء على جميع موارد الرزق في مصر . وأن من 
الافتراء أن يقال أن البلاد تريد سلب الأموال والاستتثار ae‏ وسلب حقوق 
الداثئين ء وإنما الحق أن هناك شعباً يطالب بأن يكون على أثر بقية الشعوب تحت حماية 
قانون عادل يؤمنه من الاعتداء على الأشخاص والأموال . 
تواطؤ فرنسة والكلثرة على المصريين : 

)١١(‏ قال «غمبتا» في محادثته مع اللورد «ليون» فيم) يتعلق باستدعاء مجلس 
النواب : «قلبي قل وف 2 لس قد اوور لكو عزن نا واه قر ردنا 
يسمى «بالحزب الوطني» » من الجائز أن يعمد | SpE he‏ 


الأوروبيين . لا أجد وسيلة ae ae eee‏ أفضل من إفهام المصريين أن 
انكلترة وفرنسا لا يمكنها أن تحتملا شيثاً من هذه المطالب ولا تلك النزعات) . 


اتفاق «غمبتا» و«اللورد ليون») من التعصينام إذ لم يعرف مثل هذا الإتفاق على 
اسبانيا واليونان مع كثرة دیو | Lely‏ [أقل حظاً(*»] في الوفاء من مصر . 
ب [YAAY So] ow‏ 

(19) في ١١‏ يناير سنة ۱۸۸۲ سأل اللورد «غرانفيل قاليت» : Geral‏ 
الحمعية العمومية » والشروط التي تطلبها ؟ 

فأجابه في ۱۴۳ منه : 

مرتبات الموظفين الذين لم يكن تعيينهم بعقود مع الحكومة تكون تحت مراقبة 


)9( عبارة مسودة الأستاذ الإمام لا تؤدي gal‏ 3 إذ هي : وأحط شر) i‏ 


£oV 





المجلس . وعلى ذلك يمكنه أن يلغى مصلحة المساحة مثلاً لأنها لم يكفل تشكيلها باتفاق 
دول ¢ ويمكنه الاستغناء عن عدد كبير من موظفي الأوروبيين في الإدارة المصرية . 

NYY)‏ قال «ماليت» (في ديسمبر سنة 81) إذا حاز مجلس النواب حق تقرير الميزانية 
فقدث المراقبة سطوتها في الأمور المالية , 

)۱٤(‏ في ١‏ يناير سنة ۱۸۸۲ قال «ماليت»: إنه قد تقرر عنده أن المصريين قد 
دخلوا بحق أو بغير حق في طريقة الدستور › وان اللائحة التي يريد المصريون تقريرها 
لمجلس شوراهم تمثل في الحقيقة شرائط حريتهم » وحيث قد تقرر هذا المجلس بحالة 
نبائية فلا شيء يمكن أن يبطله ولا أن يلغيه إلا أن يكون تداخل » وهو آخر ما ينتهي اليه 
العمل . 
مقاومة فرنسة وانكلترة لمجلس اللواب فى تقرير الميزانية : 

)٠١(‏ «سلطان» أكد لقنصل انكلترة أن النواب لم يوافوا إلا آمال الشعب وليس 
من ضغط عسكري » ولا يمكنهم أن يعدلوا عا يوافي رغبة الأهالي . 

فأجابه : لا انتظار لأدق مساعدة بما يختص بهذه المسألة (تقرير الميزانية) لا في ذلك 
من الخطر. وما تقولونه lg] ade, bey‏ لا طريق لئيله إلا القوة » واستعالها اعلان 
للحرب . وقد عَلِمْتَ إرادة الكلترة وفرنسا فيا يتعلق بذلك . 

(15) في ؟ يناير سئة 18857 في مجموعة أعمال البرلمان ثمرة 77١‏ » " تلغراف من 
«مالت» في ٠‏ يناير سنة 8١‏ إذا تمسكنا بإبائنا على مجلس النواب أن ينظر في الميزانية 
كانت المداخلة الحسكرية أمراً اضطرارياً » فإن إصرار مجلس النواب على رأيه في ذلك 
جزء من مشروع تام أعد للثورة . 

(۱۷) في ۱۷ يناير سنة ۸۲ قدم المراقبون طلبهم فيم| يتعلق بمجلس النواب 
ومطالبه قائلين : إن الأوامر الخديوية السابقة قد ربطت الإدارة المالية بدولى فرنسا 
وانكلترة 6 فاليها يرجم Chel‏ للمجلس بحق إعطاء رأيه في الميزانية وعدمه » وهما لا 
تسمحان بذلك . لا ظهر من مقصد المجلس في تنقيص عدد الموظفين الأوروبيين » وفي 
۷ منه أمضوا المذكرة بذلك باسم الدولتين . 


(۱۸) في ۲ فبرایر سنة ۸۲ استعفى شريف وعين محمود سامي . 


1: 





)١9( |‏ مجلس النواب قرر تعيين لحنتين لتحقيق بعض الشكاوي التي رفعت على 

مصلحة المساحة وعلى إدارة الحارك » وظهرت وجره الخال في أعمال الموظفين 
الأوروبيين » وتحقق ما كان مخشاه المراقبون من مقاصد المجلس » وقد رفض موسيو 
«كاليار» مدير الجارك ان بحضر جلسات التحقيق وعارض في أعماله . 

)۲٠(‏ وقف المجلس على تقرير قدم للمراقبين من أحد موظفي الدومين المسمى 
(روفسل) يطلب فيه مراقبة المجلس حيث أعطى الفلاحين آمالا في أن يصلوا بالطفرة 
إلى ما يقال من حريتهم » واشتكى من أن المدير لا يحبس في الحال من يطلب منه 
حبسهم لتوقفهم عن العمل » ومن أن كل شخص يبس بغير أمر قضائي يرسل 
بالتلغراف إلى نائبه » وعلى ذلك يسأل المدير عن السبب في الحبس » وهذا تظاهر من 
الأهالي بالأحوال الجديدة التي ينون عليها حريتهم وخلاصهم . 

: ۱۸۸۲ «غوردون باشا» يكتب إلى «التيمس» في يناير سنة‎ )7١( 

يقال إن مصر تسرع في الغبى والسعادة [وانها00)] فرحة مسرورة . ولا أظن أن 
شيئا قد تغير عما كان إلا ما كان من dle‏ الدين فانها اليوم أوثق » أما الحبوس 
(السجون) فغاصة بأولئك المساكين من الفلاحين . 


مسألة الشراكسة وغش القنصلين للخديو : 

(77) في مسألة اللتراكسة قدم عرابي الحكم وطلب العفو بتخفيف العقوبة فأرسل 
الخديو (الحكم) إلى الآستانة فطلب السلطان الأوراق » وكان ما فعل الخديو Fhe‏ على 
نصيحة القنصلين . ساء الوزارة ذلك وبدأً الخلاف » وطلب من الخديو تسوية المسألة 
فأشار عليه القنصلان بالإصرار وطلب استعفاء الوزارة 

(۲۳) في ۲۰ مايو۔ أرسل موسيو «سنكوينس» (؟) أحد موظفي القونسلاتو 
موسيو «مونج » عند عرابي ليذاكره في المسائل الحاضرة 0( فكان من قول عرابي إن المجلس 
الآن هو الحاكم 6 وهو أول خاضع له ‘ ونقل هذا مسيو «مونج» إلى رئيسه . وعند ذلك 
ابتدأ القنصلان في المخابرة مع سلطان باشا . 


)5ن J‏ مسودة الأستاذ الإمام 1 وإنه ‘ وهو Uno‏ غير مقصود بالطبع : 


£04 





وفي 75 مايو قدموا المذكرة التي ذكر فيها أن المجلس بلسان رئيسه نصح عرابي 
بالابتعاد عن الأقطار المصرية حيئاً من الزمن . 

سألت النظارة سلطاناً فانكر . 

ولكن الخديو قبل المذكرة فاستعفت الوزارة بعد إقامة الحجة على كل ما جاء 
فيها . لم يقبل أحد النظارة فرجع عرابي ناظراً للجهادية وأحيلت أعمال بقية النظارات 
على وكلائها . 


ج ‏ رما يتعلق بالمأكرة التى استعفث الوزارة عقبها» : 


)۲٤(‏ جاء في الكتاب الأزرق الانكليزي أن مستر «ماليت» كتب أولاً : أن رئيس 
المجلس لا يمكنه بعد الآن أن يعتمد على أعضائه , فإن كراهتهم لكل تداخخل اجنبي 
تزدادكل يوم عما قبله . 

ثم يقول في رسالة أخخرى : ان المذكرة التي قدمها لم يطلب فيها إلا تنفيذ ما أراده 
أعضاء مجلس النواب » وقد صرح المجلس بإرادته على لسان رئيسه سلطان باشا . 


J, (Yo)‏ ان قنصل الروسيا موسيو «ليكس») نصح ne‏ أن أحسن طريقة 
لمعاقبة الشره الأوروبي كان امتناع الأهالي كافة عن اعطاء الضريبة الخ . 

لكن كان عرابي ورفاقه يثقون بالدول غروراً » ولا يعلمون ما كان يجري حوهم 
(كذ! يقول القنصل) فقد كتب موسيو «ماليت» في ۷ مايو سنة ۱۸۸۲ » قبل وصول 
المراكب » يقول لحكومته : «ليس من الممكن الوصول إلى أي حل كان للمسألة المصرية 
قبل أن تحصل أزمة شديدة في البلاد» . 

(5؟) حصلت مذاكرة في المذكرة الي قدمها وكلاء الدولتين بحضور سلطان باشا 
والنظار فوضع سؤال : هل يمكن لنا أن نجمع المجلس ؟ فأجاب سلطان : أظن أن 
ذلك لا يكون إلا بأمر الخديو . فنسأله في ذلك . ولا ريب أنه يوافق عليه . فقال له 
أحد النظار : الخديو الذي كنت تطلب خلعه ان لم يمكن قتله قبل أيام ؟ 

(قبل هذا جاء كلام في الخديو في جلسة » فطلب سلطان uly 6 ALS LAL,‏ 


aD 





عرابي » وكان سلطان يقول : اقتلوا الثعبان سلالة الجناة الناهبين الذين باعونا 
للأجانب") ٍ 

هذا هو سلطان الذي كان رئيس (الحزب الوطني) وهو لا يريد الآن إلا جاملة 

coat Se Ae et‏ ونحن نوابه » ولا د لنا أن نطاب النواب 
إلى القاهرة حتى لو أراد عرابي أن يوافي ما ib‏ من إبعاده ارضاء للسياسة الأجنبية 
فليفعل » أما نحن فلا نخضع لثل هذه المطالب مهما أدى | إليه الخلاف , 

سلطان رجح عن رأيه إلى رأي الحاضرين › مع الحيرة فيا وعد به الخديو 
والقنصلين » وفي) اضطر إليه من موافقة الثائرين 

)۷( يؤكدون أن ضرب الاسكندرية م يكن خطر ببال الوزارة الانكليزية ولا 
وضع في مداولاهما إلى الرابع من شهر يوليو سنة 87 ء وإنما وضع بعد ذلك انتقاماً من 
مؤتمر الآستانة 2 وليس من البعيد أن يكون السبب صلات عرابي مع الأستانة . 


د المشبر درويش باشا مندوب السلطان: 


(۲۸) مقاصد الآستانة من إرسال درويش باشا : )١(‏ إطالة زمن المخابرات 
(؟) أن يطمئن قلب المراقبة وتوفيق من جهة تأكيد سلطة الخديو () أن يستمال طلب 
عرابي وإخوانه بطريقة أبوية إلى زيارة الأستانة قصد التنزه عل شواطىء ء البوسفور . 
)٤(‏ تقرير سلطة الباب العالي بمصر . وكان من السهل إدراك ذلك كله لو أرسلت من 

هو أقوم من درويش الخ . 

(۲۹) درویش يذكر بسلطة السلطان . ويثي على الخديو» وينصح ae‏ 

ee eas‏ ويقتصر على قوله : أ 





(/) كتب الأستاذ الإمام هذه العبارة في شكل إضافة في حاشية المفكرة . 


ev 





سامي ¢ وقد حصل خلاف بين الرسالتين في المركب عند المقابلة لتكدر ذو الفقار : لكن 
درويش استقبل كليهها بالبشاشة . 
| جاء الاسكندرية في يونيو وسافر إلى القاهرة في 8 منه . 
(rt)‏ أقوال بعض العلماء في إظهار مطاليب في رأمهم وتصريحهم لدرويش بما يجب 
أن يفعل أغضبه » ومن ذلك الوقت مال إلى توفيق » فلما أحس بذلك (أي الخديى) 
OLS ods be ah fash‏ 


(المحاورة بين درويش باشا التركي وعرابي باشا ونحمود سامي باشا) : 


(7") في يوم السبت ٠١‏ يونيو قابل درويش باشا عرابي ومحمود سامي لأول مرة › 
فجرى الحديث بيغا على ما سنذكره . 
(قال درويش) نحن جميعاً رجال جند , يحترم بعضنا بعضاً » وأنتم أولادي لمكاني 
من السن . وقد أرسلني مولانا السلطان لتقرير الاتفاق بين عائلته المصرية العزيزة › 
وستسهلون علي هذا العمل . أنا أعلم شكواكم » > ستشكون » صبراً قلیلا » سيكون 
هذا العمل بعد رحيل هاتين الدونانمتين"“ اللتي تضايقاننا د ؛ فقبل كل شيء يلزمنا 
إبعادهما » هذا ما أتكفل به لو عضدقوني فيه : أنا أرى جيداً من جهته وقع الخطا » 
ليس الخطأ . من قبلكم » يجب التوسل إلى المطلوب مع الحزم والبصيرة . 
ثم التفت إلى عرابي وقال له : أنت » أنت وحدك الآمر الناهي في مصر . أنت 
مع كونك لست إلا ناظر الجهادية بيدك السلطة العليا بأسرها . هذا ما أغضب الدول 
المتحدة . يلزم أن يرين المساهلة معهن . وما بقي بعد هذا عملنا فيه بيننا وحدنا » 
استعف من وظيفتك العسكرية بحجة حضوري حيث اني «مشير» مرسل من قبل 
السلطان » وكن نائباً عني ماموراً تحت Gold‏ لكي تسهل علي المخابرة مع الأجانب » 
عليك أن تذهب مع الضباط الكبار من اخوانكم إلى الآستانة » حيث أن مولانا الخليفة , 
العادل يرى ألخير في مفاوضته معكم . 


(8) الإشارة إلى الرشوة التي قدمها الخديو توفيق إلى «درويش باشا» والتي بلغت ٠١,٠٠١‏ جنيه » 
وحليا قدر ثمنه بنصف هذا الى 


(4) الإشارة إلى الأساطيل البحرية لكل من إنجلترا وفرنسا . 


4۲ 





فأخذ محمود سامي يترجم المقال وعرابي يسمعه » ثم قال : 

(عرابي) مشروعكم هذا في غاية الحسن » وانا نختاره مع الشكر » لست حريصاً 
على السلطة التي تريد أن تنسبها إلي . هي سلطة غير مختصبة › الأمة هي التي أفضت 
إل ا + 'فالواجب اذ ينظن إلى Lal Sf Sing HM‏ 

اعترف بأن يديك أبرع من يدي في العمل لتذليل المصاعب التي أمامنا الآن . 
سيفي ووظيفتي تحت تصرفك . أنا مستعد للانسحاب واتباع نصيحتك انما اشسترط 
شررطا واحذاً : أعطني باسم السلطان واسم الخديو واسمك كتابأ تصرح فيه ببراءة ذمتنا 

من التبعات جميعاً في كل ما جرى إلى الآن , كائناً ما كان » سواء كان ذلك مني أو من 

إخواني » وحيث أني تعهدت للقناصل بحفظ الأمن في الديار المصرية » وتحملت ثقل 
ذلك على كاهلي فأرجوا أن تعفيني من ذلك بطريقة رسمية معروفة . 

أطلب ذلك لأن الأحوال إن جرت على وجه حسن لم يعرف لنا فيها صنيع » وإن 
جرت غل Sb! LS AUD oye Kell‏ 

«مالت » و«كولفني» و«سندويش» عاملونا معاملة الخارجين على النظام » وذلك في 
بلادنا » وهم الأجانب الذين لا يحترمون لنا شيئاً » ونحن نحترم لهم كل شيء؛ . 

فوعده درويش بانالته مطلبه يوم الاثنين ؟١‏ يوليو وهو اليوم المحدد الجلسة يحضرها 
درويش باشا تحت رياسة الخديو . وانما طلب أن يعلن هذا القول الذي جرى بينهها من 
قبلهما جميعاً » وطلب من عرابي أن يكتب إلى الاسكندرية ذلك بالتلغراف » فأبى عرابي 
أن يعلن شيثاً | dad LS yo al gall oN! GUS dk ot on YY‏ 


ه ‏ «استعداد الأوروبيين وتسلحهم استعدادا للمذابح» : 


(TT)‏ مسألة تسلح الأوروبيين وإسام موسيو 959 CO? pS‏ أن حوادث 
ستحدث , 


)۳٤(‏ «مالت» أخبر حكومته نقلا عن سكرتير ا لخديو الأوروبي (كودار بك) أن 
)٠١(‏ قنصل إنجلترا في الاسكندرية . 


۳ 





محمود سامي وعرابي دخلا ثاني يوم استعفاء وزارة سامي والسيف في يد كل de‏ الخديو 
dt‏ خياته . 

Gals paw (WO)‏ «التيمس» من عرابي قبل ضرب الأسكندرية : أنه يحترم 
OILS‏ ما م حرق العدو حرمة البلاد Vs‏ هدمه » ولكنه ضعف عن ذلك وقت 
الحرب . 

(5”) أكثرت الجرائد والتلغرافات من الاشاعات التى أفزعت الأوروبيين 
وأخافتهم من المصريين » وطلبوا من مديريهم في الأعيال أن يأذنوا هم بالتسلح 6 فمنهم 

Unde (HV)‏ (لأسترن تلغراف) طلبوا التسلح فأب رئيسهم » فكتبوا له عريضة 
فعرضها على رئيس d (OM ESSN)‏ «لندرا» فاذن بذلك ) وسمح بشمانية وثلاثين 
(لوفلفر"') » وعائلات الموظفين أرسلت إلى قرص على نفقة «الكمبانية) . 

(۳۸) الأوروبيون أصبحوا متأكدين من عداوة الشعب لهم 2 لاحساسهم من 
gape‏ چو ف ا 


بدء المذبحة في الأسكندرية في ١١‏ يونيو سئة 1841 : 


١١ )9(‏ يونيو سئة 1887 كان يوم الأحد . والقهاوي كانت غاصة بطالبي 
الراحة من الأشغال » الطالبين للهو باللعب والسكر . فحدثت مشاجرة على قرب من 
«قهوة القزاز» في آخر «شارع البنات) نحو الساعة واحدة بعد الظهر » حيث يوجد 
إزدحام كثير من الكرامي والطرابيزات » وأشخاص منهم القائم والقاعد : مالطي » 
يقال أنه خادم مستر «كوكسن) , أخل عربة وطاف بها من محل إلى محل » يشرب 
ويتنزه » إلى أن وصل إلى خارة أحد مواطنيه وهو سكران » فطلب منه «العربجي» 
الوطني أجرته » فأعطاه المالطي قرشأ واحداً ودخل القهوة » فتبعه العربجي » وتبودلت 
الكلمات بينها » فتناول المالطي سكيناً كانت معلقة في مائدة الدكان معدة لقطع الجبن » 
)١١(‏ الإشارة إلى قئال السويس . أي احترام حيادها , 

. الشركة‎ )1١( 
. نوع من المسدسات , وكانوا في الريف المصري ينطقون اسمه هكذا : الفرفر» بكسر الفاء‎ )١11( 


٤ 





وطعن بها العربجي فسقط لا حراك ca‏ فاجتمع بعض الوطنيين wer‏ من أقارب 
العربجي » وأرادوا القبض على القاتل » فجاء يوناني حار OP Ue‏ يض 
مواطنيه بالسكاكين والطبنجات وأخذوا يضربون ييناً وشمالاً » ومضى نصف ساعة قبل 
أن تصل عساكر المستحفظين من «قراقول» اللبان . 

أول من جاء منهم مع المعاون قتل » فجاء آخرون وصارت معركة عمومية ولكن 
ل يتداخل العساكر في القبض على الحناة فتمكنوا من الفرار (الأروام والمالطية) وكان 
يكفي لحسم المعركة تداخل المحافظ لو اهتم بذلك لغيبة الضابط لمرضه . 

وبعد نصف ساعة حصل نزاع بين العامة وعساكر المستحفظين » فتفاقم 
الخطب » لأن كلا منهها كان يريد أن يفترس الآخر (وذلك لعدم القبض على الجانين) » 
لكن مسألة الجانين لم Ge‏ لما ذكر في أذهان المتنازعين وإنما بقي النزاع . 

(4:0) والمسلمون والمسيحيون دخلوا ne:‏ 0 أهل الدينين » وأخل 
الأروام والمالطيون يطلقون الرصاص من أعلى البيوت » مع أنهم كانوا في مأمن من 
وصول الشر إليهم . ei ny hy‏ مسلحين » 

بعضهم بالعصي والبعض بأرجل الطرابيزات أو هشيم الكراسي » وبعضهم بالنبابيت 
كيد من المخازن القريبة » وز صا فن Gx‏ الحديد . 

في هذه الحالة رؤي موسيو «كوكسون») نازلا من بيت أحد المالطيين بلباس 
ملكي » ومعه قواصه » فتبعه المتشاجرون وضربوه ضرباً خفيفاً عندما أراد أن يركب 
العربة » ففر ونجا منهم » وصحبه (عمر لطفي(4)) في أثناء الطريق . 

(41) لم يكن المسيحيون مدافعين بل كانوا يهاجمون أيضاً وقد طارت الغوغاء » 
ورؤيت عربة تمر حاملة قتلى من عساكر المستحفظين . وعلى القرب من شارع الميدان 
جاء جماعة من الأروام المسلحين على حسب الأوامر المعطاة لهم » وأخذوا يطلقون 
الرصاص على الجموع بدون تمبيز . 

. يأت أحد من العساكر ولا من البوليس (ولا المحافظ) لاطفاء النار‎ ds 


)٤۲(‏ على القرب من تمثال محمد علي حيث لم توجد مقتلة وجد نحو اثني عشر 
قتيلا ليس فيهم أوروبي إلا واحد . 





5 





(4) وعلى القرب من زيزينيا رؤى (عمر لطفي) » فسأله سائل : كيف تكون 
هنا والمذابح على خطوات منك ؟ فقال : لست بقائد » وهذا لا يعنيي . فسأله : لم لم 
ee‏ ل ا 
وبذلك كان الأمر ينتهي ؟ فأجابه : انصرف ليس هذا من شأنك » وهل أ نت محافظ 
البلد ؟ 

وبعد ذلك مر أحد موظفي المحافظة > فسئل : ماذا يفعل الضابط ؟ فقال : إنه 
مريض » وقد طلب من المحافظ مراراً أن يرسل العساكر فلم يفعل . 

)٤٤(‏ سليان سامي ls‏ دا لارسال العساكر إذا ورد له الأمر من نظارة 
الجهادية ,» ولكن لم يكتب أحد بذلك إلى النظارة لأن الأمر بيد المحافظ » وقد بدأ في 
المخابرة التلغرافية مع القاهرة من بدء الحركة ولا جواب على ما يظهر . 

)٤٥(‏ ذهب «نینه» عند قنصل الروسية وحدثه بما رآه من المحافظ فعجب وقام 
للمخابرة مع إخوانه القناصل » وبعد ذلك كتب للخديو ودرويش وعرابي وكانت 
الساعة ٤‏ بعد الظهر . 

(45) نحو الساعة ه بعد الظهر قابله من أخبره أن عرابي أرسل الأوامر لإعادة 
النظام ¢ كانت الشواوع gle Sb dole‏ « والأوباش يحملون الاسلاب ويصيحوت 


)٤۷(‏ لم تقتصر المذبحة على «شارع البنات» » بل وقع ذلك جهة «الجمرك» 
و«شارع رأس التين» و«أبو العباس» » واتفق مع ذلك أن بعض المسلمين في هذه الحالة 
خلصوا نساء أوروبيات وأوصلوهن إلى بيوتمن . 


(8؟))يقال أن أخوين انكليزيين كانا مسلحين بلوفرفیر (مسدس) » ولم يكونا 
يحسئان استعماله قتل أحدهما بضربة عصا أطارت سلاحه من يده . 


)£4( 42 في tel‏ الثاني أن عدد القتلى الوطنيين كان ١7‏ غير من أخفاهم 
المتشاجرون إذ حملوهم سراً من وسط المعركة . 


ومجموع ما وجد من جثث المسيحيين أوروبيين وغيرهم 0 كثير منهم مصاب 
برصاص في قمة رأسه فمجموع القتلى 718 . 


gv 





(0ه)لم يصل الخبر عرابي إلا الساعة أربع وربع بعد الظهر » مع أن القليل' من 
موظفي التلغراف الذين يشتغلون بعد الظهر لم يكن عندهم وقت للعمل إلا في 
تلغرافات (المحافظ) » حتى أن رسالتين مهمتين من أحد الميرالايات في اسكندرية م 
تقبلا لاشتغال العِدّة بتلغرافات (المحافظ) . 


jas (01)‏ باشا لطفي طلب إنزال عسكر انكليزي لعجز عرابي عن الأمن . 


۲ پونيو سنۀ ۸۱ 
(09) موسيو «كليكن كويسكي» القائم بأعمال قونسلاتو فرنسا رجع إلى عقله 
وبعد هذا امتنع الأعضاء الأوروبيون من العمل » وألح الوطنيون على التحقيق 
مع حبس من تظهر الشبهة عليه من الأوروبيين » فعارضص 3 ذلك مندوبو اليونان 
والانكليز وأى مندوب فرنسا الحضور » وطلب بعض وكلاء الدول شنق عشرين شخصا 


و- ١١‏ يونبو 

or bab diy of ee بلك توركل الشتابظ رمت فيل‎ dale جيش‎ (oY) 
تعلييات الضبطية لأن (عمر لطفي) كان يعمل بعكس تلك التعليهات » وبعد ذلك عين‎ 
وكيل حكمدارية السودان بناء على توصية (عمر لطفي) » فهل لابعاده حتى لا يشهد ؟‎ 
أو مكافأة له على المشاركة في الحناية ؟‎ 

(04) بعد الحادثة نبه القناصل على الرعايا بالهجرة » مع الطلب من كل أن 
يكتب ما عنده ¢ فكتبوا دفاتر وزادوا فيها ما شاءوا » ذلك أن القناصل كانوا يعتقدوكت 
أن البلد ستضرب » وأرادوا أن يربح رعایاهم ما پشاءون(* . 





)١6(‏ للأستاذ الإمام كتابات عن مذبحة الاسكندرية هذه وردت في غير هذه المفكرة : ونحن نوردها 
هنا ء ثم نواصل إيراد النقاط التي دوجا في (مفكرة الأحداث العرابية) . 


۷ 


Converted by Tiff Combine 








مذبحة الإسكندرية 
١١‏ يونيو سلة ۱۸۸۲ 


لا وقع الخللاف بين الخديو ووزارة مود سامي باشا شاع ف القاهرة أن الخديو 

سیسعی بواسطة بعس أتباعه ليحدث Lad‏ في نفس القاهرة ¢ إلى سحل أن الوزارة 
احتاطت ek‏ الفتنة » وبالغت في ذلك طول مدة قيامها بأعباء الأمر ء واستدعى الخديو 
aa at aes e‏ 
إليه - ففعل - وبالغ الخديو في حسن استقباهم » وأكثر هم من المواعيد › ثم أوعز إلى 
المدير أن يأمرهم بحشد "٠٠١‏ بدوي 6 وباحضارهم إلى العاصمة بطريق الحيزة 
ليحدثوا فتنة في البلد لعدم 299 النظام بينهم » ولكنه تعذر على المشايخ حشد العدد 


المطلوب من gtd‏ 6 فحذف هؤلاء من المعسكر . ولا فشل مسعاه هذا أرسل تلغرافاً 
5 (شفرة) إلى محافظ الاسكندرية هذا نصه : 


«قد ضمن عرابي أمر الأمن العام » ونشر ذلك في الصحف . وجعل نفسه 
مسئولاً لدى القناصل . وإذا نجح في ضانه هذا وثقت به الدول وصغر شأننا » أما الآن 
وأساطيل الدول في مياه الإسكندرية » وعقول الناس متهيجة » فوقوع الخلاف بين 
الأروبيين وغيرهم أمر محتمل » فاختر لنفسك إما خدمة عرابي في ضانه أو خدمتنا» . 


)١1(‏ من مذكرة كتبها الإمام عن هذه الأحداث . وأوردها المحامي الذي دافع عنه وعن عرابي في 
محاكيات المشتركين في الثورة بعد فشلها » وهو المسثر «برودلي» (8:0016 .34) صاحب كتاب 
(كيف كان دفاعنا عن عرابي (How we defended Orabi‏ . 


4 





dy‏ يوم هذه الحادثة توجهت إلى إلى السراي فرأيت موظفيها في جذل عظيم مما 
حدث ) وكانوا يبالغون 3 رواية الأخبار » ويضحكون من عهد عرابي بالمحافظة على 
الأمن العام . ومن المعلوم أن موظفي السراي لا يقولون إ إلا ما يسر الخديو , فإذا كانت 
الأخبار سارة تكلموا وضحكوا وإ وإلا تظاهروا بالحزن والكآبة جهدهم . 


وبعد ١7‏ يوماً من هذا التاريخ كنت في الإسكندرية فسمعت الئاس أجمع يقولون 
إن المحافظ (عمر لطفي) سمح بانتشار الفتنة | إلى هذا الحد > لأنه كان مقي في البلد» 
dy‏ يصدر SET Lal‏ إلى مكان الفتنة إلا بعد مضي وقت › ds‏ يطلب 
مساعدة العسكر النظامي مع أ: هم كانوا على مقربة منه . وأجمع الناس على أن عمله هذا 
00097 اها انه ل كانت ملاح SN‏ 
المحافظ يتمشى من مكان إلى آخر » وإذا بأوروي في شباك وني يده مسدس فقال أحد 
البدو : أأرمى هذا الرجل يا باشا ؟ فقال له : «أرمه» » فأطلق البدوي عليه الرصاص 
فقتله . وكثير من المبوبات دخلت بيته وبيوت أقربائه في ذلك اليوم الأسود . 


وقد سمعت أيضاً أنه حرّض بعض الناس آثناء المذبحة وشجعهم على ذلك . 
وأنه أشار إلى البوليس (المستحفظين) أن لا يتداخلوا قائلاً : «دعوا أبناء الكلاب 
يموتول) . 


وم تسأل اللجنة التي تألفت للنظر في أسباب هذه الفتنة عمر لطفي عن شيء مما 


كان عمر لطفي محافظ الإسكندرية زمن الفتنة » ا Sls‏ 
العام »> على أنه هو الشخص الوحيد المسئول عنه . هذا إذا لم نقل نقل إنه هو المحرض 
عليها ‏ فإذا كان فعل ما فعل | إطاعة لأمر عرابي كما أدععى مع أن وظيفته تابعة رأساً 
إلى الخديو- لأن کک خصوصاً صرح فيه أنه بعد استعفاء وزارة سامي 
أفضت أمور الداخلية وشكو لى السراي - فكيف تعلل تعبينه (أي عمر لطفي باشا) 
ae Ed Par‏ الخديو؟ وإذا كان الأمر [همالاً منه 
فكيف يصح مع اهماله وعدم كفاءته تعيينه وزيراً للحربية ؟ وماذا لم يسأل سؤالاً واحداً 


هف 





عما جرى . مع أنه كان يجب أن يكون أول من يسأل ؟ 


ظهور أن الخديو بالاشتراك 
لا ریس فى أن استقراء سير هذه الحوادث يظهر أتم الظهور أن الخديو بالاشترا 
LOM LI dow te ere :‏ 
مع عمر لطفي كانا سبب هذه الفتنة » ی مدد 0 3 
س E‏ 3 





)۷( انتهى هذا الجزء الخاصن ow dc‏ الاسكندرية من المذكرة الي كتبها الأستاذ الإمام ونقلها as‏ 
محامي العرابين المستر «برودي» 5 


۷1 


Converted by Tiff Combine 








اضطرابات الإسكندرية 


01401441 يونيو سنة‎ ٠١ 


قبل حادث ١١‏ يونيو بأيام قلائل أعلنت جريدة «المحروسة» - وهي جريدة تعبر 
عن رأي عمر لطفي أن الأوروبيين في الإسكندرية يعملون استعدادات حربية » ولم 
تعلن ذلك لأهالي الاسكندرية فحسب بل للقطر المصري بأجمعه » وعينت في الوقت 
نفسه عدد الذين يسلحون أنفسهم . 

وقد دفعت غرابة الخبر- إذ لم يكن هناك أي داع هذه الاستعدادات ‏ بعض 
الأعيان إلى سؤال أحد محرري الجريدة عن الأمر . فقال إنه أمر بنشره » ولكنه لم يبح 
باسم الشخص الذي أرسله إليه . 

وقد ذهب يعقوب سامي - وكيل نظارة الحربية ‏ إلى الإسكندرية قبل اطياج بمدة 
خمسة أيام ليستقبل درويش باشا . وحينما وصل إلى هناك سمع أن برقية من القاهرة 
تقول إن الخديو ذبح » وحينما بادر إلى السؤال بالبرق من القاهرة عن حقيقة الأمر أبلغوه 
أن الخديو قتل حقيقة وأن العاصمة في هياج والمذابح قائمة ضد الأوروبيين » فارسل 
برقية ثانية وهو في حالة شديدة من اليأس والذهول إلى مكتب قصر fell‏ فاستلم Ny‏ 
مناقضاً للأخبار التي سبق له سماعها » وتبين فيا بعد أن هذا الخبر المكذوب أرسل من 





(۱۸) کتب الأستاذ ee‏ هذا التقرير عن هذه الأحداث وهو في منفاه بالشام a ply NAAY dine‏ 
«بلنت» ضمن مجموعة من الوثائق والتقارير الخاصة بهذه الأحداث في ملاحق كتابه (التاريخ 
السري لاحتلال إنجلترا مصر) ص 1۷۲ - 18١‏ . 


4T 





مكتب الأزبكية بالقاهرة وقصد به إثارة الخواطر بالاسكندرية » ولكن وجود يعقوب 

وقبل الاضطراب الحقيقي ببضعة أيام شوهدت حركة غير عادية بين الأوروبيين 

في الحي المجاور للميدان الأكبر ‏ ميدان القناصل ‏ وقد وجه أحمد أفندي نبيه » رئيس 
بوليس الناحية » أنظار الضبطية والمحافظ إليها بدون أي جدوى . 


وكذلك قدم طاهر أفندي الكردلي » من ضباط البوليس » تقريراً عن معلوماته 
الخاصة عن هذه الحركة » ولكن عمر لطفي لم يتخذ أية احتياطات . 

بل إن عمر لطفي نفسه كان من أهم الشخصيات الظاهرة التي اعتادت حينئذ 
على عمل الولائم لرجال الحربية حيث كان يدعو الخطباء إلى منزله » وهناك كانوا 
يحضون على اعتناق مبادىء رجال الجيش » فهو الذي سن لغيره الخطة وتبعه كثيرون من 
ذوي الجاه والنفوذ في عقد مثل هذه المجتمعات » وكان هو أهم من يدعو إليها . 


وكانت هذه المجتمعات تطرق من الخطباء والصحفيين والأجانب وغيرهم , 
وكانت تلقى الخطب فيها دون أن يظهر أقل إشارة تدل على رغبته في منعها » وأول شي 
سمع عنه في سبيل هذا المنع كان تصريحه الذي نشر بعد ذلك . 

ولكن سعادة المحافظ عاد أخيراً وادعى أن اياج تسبب عن خطابات نديم » مع 
أن خطابات نديم في ذلك الوقت كانت تعتير من المسكئات » لأا كانت تدعو الناس 
إلى عدم الاشتباك في مشاجرة حتى ولو أسيئت معاملتهم 00 بواسطة أوباش 
الأوروبيين » منبهاً إياهم أن تلك هي الغاية التي كان يرمي إليها الخصوم لإعطاء 
الانجليز حجة يتمكنون بواسطتها من إطلاق النار على الاسكندرية . وهناك كثير من 
الأعيان يشهدون بذلك , والحقيقة أيضاً أن نديم لم يكن في الاسكندرية عند حدوث 
الهياج » بل كان في القاهرة . 

| د * 


بدأ المياج عند الساعة الواحدة بعد الظهر » في شارع إبراهيم » على مقربة من 
مركز البوليس © بين وطني أسمه «العجان» ely‏ من الخنسية المالطية ¢ صرب الأول 
وألقاه إلى الأرض مضرجاً في دمائه . وحينا أراد شقيقه أن يستعين ببوليس إيطالي 


4V6 





للقبض على المعتدي لم يكن من هذا إلا أن ضربه وأساء اليه » وعندها قابل هذا الشقيق 
إهمالا البوليس الإيطالي بالمثل . وتجمع الناس » وأصيب أحد رجال البوليس بضربة من 
شقيق المعتدى عليه . 

وكان رجال البوليس من القلة بحيث لم يتمكنوا من تفريق المتجمهرين , ولكن م 
تكن إلى هذا الوقت قد وجدت مشاغبات بمعنى الكلمة إلى أن أطلقت أعيرة نارية من 
النوافذ بواسطة فريق من الأوروبيين . 

وقد هاجم نفر من الأوروبيين المسلحين بعض أوباش الاسكندرية الذين قابلوا 
ذلك بجمع كل ما وقعت عليه أيديهم من عصي ومظلات وكراسي من الحوانيت وقوائم 
الطاولات وغبر ذلك » ولكن سعادة المحافظ لم يخف إلى مكان الحادث إلا بعد ساعتين 
ونصف الساعة من ابتدائه » وعندها أرسل للقنصل الانجليزي المستر «ركوكسون» لكى 

يلحقه إلى هناك بدون داع نعرفه هذه الدعوة ء فما كان من القنصل إلا إن خف راا 
يشق صفوف الاه اة فرصا abl ale‏ 

bel يبادر عمر لطفي حينئذ إلى دعوة هذا الفريق من البوليس الذي كان‎ ds 
وا الخاصة . ولم يكن له علاقة ما بنظارة الحربية إذ كانت مرتباته‎ Goby ae AU 
. وأنظمته كلها في أيدي الإدارة دون سواها‎ 

وحينما اضطر أخيراً إلى دعوته - البوليس ‏ طلب إليهم أن يحضروا غير مسلحين مما 
أدى إلى اقتناعهم أن المحافظ يرغب في زيادة الاضطراب . ولذلك حضروا إلى مكان 
الحادث بهذه الروح وعلى هذه العقيدة واشتركوا مع الرعاع في القتل والنبب وكانوا 
يرسلون ما تظفر به أيديهم إلى بيت سعادة المحافظ . 

وحينا رأى المحافظ أن الحالة أصبحت من الخطورة بحيث أن مسئوليته الجنائية 

محققة أرسل في طلب الأسلحة » وأمر أن ترسل في عربة من عربات الحكومة » ولكنها لم 
TT‏ الذي كان قد تشتت حين وصوها . ' 

ولقد كان معسكر الحنود النظامية على مقربة من الحادث » ولكنه ترك أربع 
ساعات طوال تمر دون أن بهم بدعوتهم . وحينا أرسل في دعوتها كانت رسالته شفوية , 
غير قانونية » فخاف رئيس الفرقة «مصطفى عبد الرحيم» من المسئولية » وأرسل يطلب 
أن يكتب إليه الطلب بالطريق الرسمي المعتاد » وحين| أرسل هذا الطلب خرجت الجند 


{Vo 





وفرقت اللجاهير وأعادت الأمن » بشهادة جميع قناصل الدول الأجنبية أنفسهم . 

وكان يقصد المحافظ من إهمال الأنظمة والأصول العسكرية أن يطول الحدل بينه 
وبين قائد الفرقة » وبذلك يساعد نيران الاضطراب أن تمتد وتنتشر . وقد قيل إن 
سعادته كان يحرض الناس على الغبب , وحين سثل عن ذلك بواسطة أحد ممن وصلتهم 
الإشاعة» قال : نعم » فعلت ذلك لكي أحول أنظار الجماهير عن القتل . 

(ea eh che i "آله ات‎ 

رفي أثناء اهاج طاف أحد حدم المستر «كوكسون». القنصل الانجليزي » على 
الأروبيين وحرضهم على التقدم وأن يثابروا على النضال . 

amy‏ كان المحافظ وقائد القوات العسكرية ووكيل الضبطية جلوساً في ديوان 
المحاكم المختلطة بعد المغرب بساعة واحدة وصل إليهم خبر فحواه أن عربة مملوءة 
بالأسلحة كانت متجهة إلى دار القنصل LG lees cog sles!‏ المحافظ هذا الخير بدون 
أي اهتمام قام قائد القوات العسكرية وأوقف العربة وأفرغ ما بها في ديوان الضبطية . 

وحينما تبين قائد القوات العسكرية الموجودة في «باب شرقي» أن «عمر لطفي» 
نفسه يحرض على الاضطراب » هم بالقبض عليه » ولكنه لم يتمكن من ذلك OF Le‏ 
القطر لم يكن تحت الأحكام العرفية حينئذ » ولذلك انتظر حضور وكيل نظارة الحربية 
يعقوب سامى لكي يفضى إليه بحقيقة المسألة » ولكن فكرة القبض قد تلاشت حين 
وصوله إلى الاسكندرية . 

وحوالي الساعة السابعة مساء وصلت أخبار إلى الأميرالاي مصطفى عبد الرحيم 
أن زوارق تسرع إلى الشاطىء وعليها جنود بريطانية بقصد إيصاهم إلى البلدة » وفي 
الحال أخطر المحافظ الذي استبعد ذلك كل البعد » ولكنه لم يقتنع » وتوجه إلى القنصل 
الفرنسي الذي رافقه مع فريق من الضباط وشرذمة من الجند إلى شاطىء البحر » وهناك 
تأكدوا من صحة الخر وتوجهوا توا إلى القنصل الانجليزي » وبعد شيء من الجحدل 
صدرت الأوامر إلى الزوارق بالرجوع ثانية بمن عليها . 

وقد احتج أغلب من قبض عليهم من المنهمين في اليوم التالي للقبض مباشرة بأن 
الذنب ليس ذنبهم فقط » با أن سعادة المحافظ نفسه أمرهم بالغهب والاعتداء ولو أنه 
حصل تحقيق في هذه الأيام القلائل الأولى لانحصرت الشبهة بناء على أقوال الأغلبية 


۷٦ 





الساحقة من المتهمين 3 شخص المحافظ . ولكن الأميرال «سيمور) لم يسمح بمثل هذا 
التحقيق لثلا يتلاثى السبب الذي اعتمد عليه في إطلاق النيران على الاسكندرية . 

ولقد كانت عند السيد قنديل أوراق تبين كيف أن الأمر نظم بواسطة المحافظ 
والخديو . ودبر بالاتفاق بينهما » وحينا قبض عليه أجبر على نيم هذه الأوراق » ومع 
ذلك لم يوجه أي سؤال إلى عمر لطفي » بل على النقيض من ذلك رقي إلى أعلى مراتب 
الدولة . 

وحينا قامت المذبحة في طنطا ذهب «إبراهيم باشا أدهم» مدير الغربية إلى بناء 
الحكومة وجمع بقية الموظفين والكتاب والسكرتيرين وأغلق عليهم الأبواب تاركاً الأهلين 
وما يفعلون » وبذلك انتشر الاضطراب » وكان لا بد أن ينتشر أكثر من ذلك لولا أن 
sal‏ بك المنشاوي وأخاه - ولم يكونا من موظفي الحكومة ‏ أخمدا الاضطرابات وانقذا 
أرواح اليهود والمسييحيين والأغنياء من الرعاع ومهاجري الاسكندرية > ومع ذلك لم 
ا المدير أيضاً عن شيء » وأ عيد إلى وظيفته بعد الحرب . 

ألا فليسجل الله عنده في في أم الكتاب وزر من كانوا سبباً ني إراقة هذه الدماء .... 

۰ وفضلاً عن ذلك فإن من بين الأحكام التي صدرت في هذه الأيام حكم صدر من 

محكمة الإسكندرية ضد عبد الرزاق علوان » وكيل مديرية البحيرة أثناء الحرب ؛ قاضياً 
بنفيه خمسة عشر عاماً إلى «مصوع» وذلك لمعاونته وتحريضه للثوار في دمنهور. ويعلم | 
وكل إنسان يعرف كيف أنه عرض حياته للخطر في سبيل خدمة الناس والمحافظة على 
أموالهم . 

والسبب الحقيقي في هياج دمهور هو إبراهيم بك توفيق . المدير - الذي رغم 
فصله من وظيفته في اليوم السابق على المياج » عمل على تنفيذ خطته قبل أن يستلم 
المدير الذي عين بدله أعماله ‏ ومع ذلك ا ا البحيرة عقب انتهاء 
الحرب .. وقد أخحذ هذا الرجل أيضاً ما يقرب من الاثنى عشر ألفاً من الجنيهات رشوة 
من الأهالي . وعلى العموم فيا عمله من سيئات كان يستلزم زمناً طويلاً لإصلاحه . 

وإني أعتقد أن الحكومة الانجليزية كانت مستعدة أن تعفوعن أى جريمة إرضاء 
للمحتمي بها . الجناب العالي الخديو . 

ويظهر أن مهمة «إعادة النظام» التي تتقلدها الآن الحكومة الانجليزية تنحصر في 


VY 





تجسيم مطامع سموه واثارة رغبته في الانتقام هو ومن حوله » مضحية في سبيل أهوائهم 
يرن ntl Oda Wl‏ . وتعتقد Late] gall co af‏ عل لبان الصحك أن إعنادة 
النظام ونشر لواء العدل كان بفضل الخديو ونظاره والجيش الانجليزي . 

وليست هناك أية حاجة لسؤال المصريين عن مبلغ آمالهم » إذ يكفي في ذلك أن 
تنصت إلى تأوهاتهم وأحزانهم . 

OG (08)‏ الأسبوع التالي للحادثة أ شیع حبر خير أن «سيمور('") لايعتقد أن للحزب 
الوطني دخلا في الواقعة , فاهتم الخديو , اعم لذي أن يخبر «سيمور» أن تعهد 
عرابي بالأمن أصبح لا يعتد به . ويخئى من مذبحة أخرى . ففعل , لو 
شافياً (أحر الكاتب نيئه عرابي بذلك وطلب منه عزل (عمر لطفي) وم يتيسر) 

(5ه) ثم عينت وزارة راغب » وأصدرت عفواً عن الحرائم السياسية › ا 
القناصل لم يعترفوا بها تبعا لقنصلي فرنسا وانكلترا . 

(01) [بعض7١"2]‏ ضباط سيمور Zot‏ الطوابي وانها ليست بشيء (هذا الباعث له 
على الضرب) . 

(0) عساكر الطبجية كانوا في بلادهم بتعلة الاقتصاد » كان في الطوابي ماثة 
مدفع وواحد . منها 194 كانت في موضعها الحربية والباقي كان مرميا بعضه بجانب 
بعض وذلك من نحو اثنين وثلاثين سنة قبل الواقعة . 

وأما «البمب» (أي القذائف أو القنابل) فلم يفارق مخازن الترسانة » قبل الضرب 
بيوم واحد م يكن جهز مدفع من المدافع بما يلزمه من بارود «ويمب» . 
غيرة الأهالي يوم الضرب : 

PIS jes EF (04)‏ ونيران المدافع كان الرجال والنساء من أهالي 
الإسكندرية هم الذين ينقلون الذخائر ويقدمونها إلى بعض بقايا الطبجية الذين كانوا 
)14( نعود من هنا إلى مواصلة إيراد النقاط التي دونها الأستاذ الإمام في (مفكرة الأحداث العرابية) . 
)1١(‏ قائد الأسطول الإنجليزي في مياه الاسكندرية . 


. في المفكرة : بعد‎ )١١( 
. القذائف المشتعلة‎ )١9( 


£VA 





يضر بونها » وكانوا يغنون بلعن الأميرال ومن أرسله . 

)٠١(‏ لورد نور ثبروك أرسل البروفسور «بلمير» (بالمر) ليغوي قبائل عربان «غزة» 
من شهر يونيو » وقابله (نينه) وكان لا يذكر اسمه لتذكره 3 وقال له يوما قبل الضرب 
بمدة : ليهاجر فإن المدينة ستضرب . 

٠ قبل الضرب بمدة صدر أمر من مدير شركة التلغرافات الانكليزية بتعديل‎ )5١( 

مدير الشركة في «لوندرا» طلب من وكيله بمصر في شهر مايو أن يتغيب بالإجازة 
إلى أن تنتهي الحوادث . فإن ميله إلى الوطنيين قد يضر به عند الغالبين إذا حدث 
جرب 

(؟5) قنصل الروسية أكد «لنينه» أن الإسكندرية ستضرب » وسأله أنْ يسعى 


أراد الخديو . 


ز- شهر يوليه سلة ۱۸۸۲ 

تحرش الأسطول لضرب الإسكندرية : 

(۳) في 4 يوليه : كتب «سيمور» لطلبة (باشا) في شأن وضع المدافع ونجهيز 
الدفاع ¢ وتوعد بالضرب 

(54) في ٠١‏ منه : كرر ذلك الاشتكاء وقال : إنه سينفذ مهديده إن لم يسلمه 
طابية «رأس التين» لتجريدها من السلاح ‏ (لم يكن شيء من التجهيزات قد وصل في 
ذلك اليوم) ‏ فأرسل إليه قرار من مجلس النظار تحت رياسة الخديو حضره أيضا كثير من 
الأعيان محصله : أن مصر لا يمكنها تسليم موقع من مواقعها إلا قهرأ . le Kd Oy‏ 
يذدعيه past d‏ من يوم صدور أمر السلطان بمنع ذلك . وما کان قد حصل [OMe]‏ 
من الترميمات السنوية » وأن المدافع لم تزل على حاهها من سنين . 


(۲۳) مزيدة لربط الأسلوب . 


۹ 





bes‏ الجواب إليه ضابط قال له : إن شاء فليزر بنفسه الطوابي وليتحقق ما يدعيه 
فأجاب بأنه مصر على وعيده » ube Oly‏ لم يزل يحول بيئه وبين مصر الخ . 


ح - درأي الخديو توفبق باشا في ضرب الإسكندرية وإحراتها» : 

١١ )58(‏ يوليه : أحد اليرالايات الذين في معية الخديو قال له : ما مصير 
الإسكندرية لو ضريها الإنكليز؟ 

فقال الضابط . لكن السكان سيحرقوما , فأرجو أن تتوسط لدى الأميرال 
والوقت م يزل يسمح بذلك 3 استدع ذو الفقار وأمره ils of‏ على المديئة فعنده من 
الرجال الكفاية . 

فأجاب (أي الخديو) فلتحرق المدينة جميعها ولا يبقى فيها طوبة على طوبة » 
حرب بحراب » كل ذلك يقع على رأس عرابي des‏ رؤوس أولاد الكلب الفلاحين » 
وسيذوق الأوروبيون الملاعين عاقبة هروبهم مثل الأرانب . 

(55) الخديو ذهب من رأس الشين إلى الرمل » والمحافظ وموظفو المحافظة 
انسحبوا واحتفوا . 


ط ۔ «حرق الإسكندرية وضرما والمهاجرة منها» : 

(5) بين من حرقوا الاسكندرية أروام بلباس عرب رؤيت جثثهم بتلك الثياب 
أثناء الحريق » ومنهم عربان من «أولاد علي» ممن كانوا على صلة بالخديو. ومنهم من 
أهالي الاسكندرية ممن يخشى عليهم . 

(58) في ١١‏ يوليو سنة ”188 الساعة /ا صباحاً ضربت الإسكندرية » وكان قد 
أوصى عرابي ضباطه ألا يضربوا إلا بعد خامس طلقة من المراكب . 

(19) قتل كثير من النساء وهن حاملات أطفالهن على أيديين ومات الأطفال أيضاً 
وحمل النساء والأطفال وهن على هذه الحالة . 

. هدم المسجد الذي في طابية قائد بك عمدأً وجهت إليه النار على قصد‎ )7١( 


A" 





المهاجرون من الإإسكندرية : 

)۷١(‏ نحو ماثة وخسين ألفاً من السكان مجردين من كل شيء أخذوا في الحركة 
لغير قصد ولا لمأوى . الموت والفزع ملء نفوسهم . على شطوط المحمودية إلى دمنهور , 
وجسر السكة الحديد من دمنهور إلى القاهرة : 

كانت المهاجرة تكون خطوطاً سوداء تارة عريضة وأخرى رقيقة » متحركة في كل 
جهة » أشبه بسلسلة إنسانية طويلة » هنا ينزلون . هناك يمشون بہطء › لا وقاية » ولا 
عيش » على طرفي تضاد مع سماء صافية وأرض خضرة نضرة . 

pall 89 96‏ اني يوم : 

(۷۲) في ثاني يوم الساعة ۸ صباحاً عاد الضرب إلى الساعة الحادية عشرة ؛ 
وأصاب «الاستبالية) » وهجرها كثير من المرضى والحرحی » وكان عليها العلم vee‏ 
با هلال الأحر . 

(۷۴) «طلبة» بعد أن رفع العلم الأبيض على نظارة البحرية ذهب إلى الأميرال 
يسأله عن سيب عودة الضرب ؟ فأجابه أحد الضباط عن لسان الأميرال ا أنه يطلب 
تسليم الطوابي والقشلاقات أيضا . «طلبة) أراد المخابرة مع مجلس النظار , hl pal‏ 
d‏ المدينة » أحذ العساكر في إخلائها » هلع الناس وأخحذوا ثانية في المرب . 

isy db je دحل «أولاد علي» للهب . سليمان سامي سلم‎ )۷٤( 
الأوروبيين"» إلى عساكر الرديف الذين لم يكونوا أفضل من العربان » فانضموا إليهم‎ 
. في الهب آخر النهار‎ 

ي - (عود إلى وصف المهاجرين من الإسكندرية» : 

)°¥( أما الماربون فكانوا كالأعاصير . أو كماء انكسر سده فاندلق .» يتصل 
بعضهم ببعض مزدحمين متراكمين ) في حالة عقلية أشبه بالجنون » سائقين أمامهم أو 
حاملين على ظهورهم ما خف حمله من أمتعتهم : حيوان » أثاث fee‏ ثياب رثة » 
حتى بعض المفروشات التي لا قيمة ها . 





: المراد التي الأوروي‎ (v8) 


£A\ 





في هذه الحالة ‏ حالة شعب طرد من بيته - كان الحر شديداً » وغيم من الغبار سد 
الأفق » وأظلم الجوء نساء يبحثن عن أولادهن » يتشاجرن بعضهن مع بعض » 
يتضاربن . في أخلاط لا يمكن التعبير عنه , عربات بلا عجل استعملت مساکن » 
عربات من كل نوع بعضها ساقط في المحمودية » بعضها مقلوب » بعضها بخيل » 
بعضها بغير خيل . روائح شي اللحم . صياح على المارة : الخيز الخيز . 

. مساء من ثاني يوم الضرب‎ ١١ الحريق في المدينة الساعة‎ Taal (VW) 

(70) ني "17 يوليو توجه الخديو من الرمل إلى رأس os‏ » وعسكر عرابي في كفر 
algal‏ 

d (VA)‏ 4 يوليو عندما وصل عراب لكفر الدوار اجتمع عليه النساء والرجال 
يلعنون العالم ويطلبون الخبز , فوعدهم بالقوت وبما يحملهم نجاناً إلى داخل البلاد » وقد 
أرسلوا مع تواصي للمديرين ليقيتوهم ويضعوهم في أعمال بقدر الطاقة . 


ك ‏ «كتاب تاريخي من الخديو إلى عرابي ورد عرابي عليه : 

(۷۹) في مساء ذلك اليوم ١5(‏ يوليو) ورد لعرابي كتاب من الخديو محصله بعد 
العنوان . 

سعادتلو عرابي باشا ناظر الحربية في معسكر كفر الدوار 

«إنك تعلم أن الاميرال الانكليزي لم يرد حرب مصر » وإنما أطلق المدافع على 
الطوابي بسبب ما كان جارياً من التجهيزات كا انذر به » وقد اعلننا أنه يجب إعادة 
العلائق معنا ء وانه مستعد لتسليم الاسكندرية جيش منظم مطيع » فإن لم يكن فإلى 
جيش عثاني » وقد قرر مؤتمر الآستانة أن للسلطان وحده حق المداخلة بقوة السلاح في 
المسألة المصرية . فعليك أن تحضر مع رفاقك إلى رأس التين للمداولة في ذلك » وآمرك 
بالكف عن التجهيزات التي لا فائدة منها بعد الآن» . 


فأجاب عراب بعد التعظيات : 


«أن الأميرال إنما أطلق المدافع بعد التأكيدات من الوزارة ومن سموكم بأنه لا 
تجهيز ولا تحضير» وقد عددنا جميعاً (وسموكم معنا) أن إنذاره بالضرب إهانة لمصرء 


AY 





واعلان بحربها بلا سبب » ومع ذلك فلم يقتصر الضرب على الطوابي ‏ كما قال - بل 
قذف قنابل مفرقعة على الأملاك » حتى قتلت ودمرت كثيرا » Oly‏ عسكركم المنظم 
مستعد لأن يأتي المدينة عند الاقتضاء » وأنا لا أرفض أي مخابرة في الصلح . لكن يلزم 
أن يتذكر أن التعدي وخرق سياج السلم وتدمير المدينة إنما جاء من المراكب الانكليزية › 
وإن الطوابي لم تجاوب إلا بعد خامس ضربة من المراكب » حسب القرار الصادر من 
المجلس المرءوس بسموكم » وحضور درويش باشا . 

ومن المعلوم أن انكلترة أصبحت بذلك محاربة لمصر » إذ بعد اطلاق النيران اثنتي 
عشرة ساعة واضطرار العساكر المصرية لاخلاء المدينة » واشغاها بعساكر انكليزية , لا 
يمكن أن يقال إن البلد في غير حرب . 

سموكم يعلم أنه في هذه الحالة لا يكن أن تكون مداولة حرة ما دامت المراكب 
الأجنبية في مياه الإسكندرية» بل يجب أن تبعد عنهاء فإذا حصل ذلك فإني مستعد 
VL aye GLY‏ . أما التجييدراتك peed of Gand‏ إلى SIM Lag of‏ ن 
التي يشير اليها سموكم » وهي جمع ۲٠‏ ألف مقاتل » هي 
التي أمرتم بها » وما أنا إلا منفذ لأمركم» : 
ل «عزل الخديو لعرابي باشا» : 

(واتفاق الناس على خالفته واستمرار الاستعداد للحرب) 

» بعد أيام صدر الأمر بعزله » ووزعت بذلك منشورات هذا السبب‎ )۸٠( 
. وصرح فيها بأنه كان ناظر الحربية إلى تاريخ الدعوة إلى رأس التين‎ 

)۸١(‏ طبعت نسخ من تلك المخاطبات ووزعت في البلاد » فجاء الناس لعرابي 
طالبين بقاءه » والاستمرار في الاستعداد » وأحذت الهدايا تتوارد عليه من كل جانب . 


ثم شرع في بناء الاستحكامات » وأغرق الجانبان من جهة CM‏ وانتهت 
القلاع في قليل من الزمن » وساعد على ذلك أن العدو لم يكن يعمل شيئا . . 


م- «الجيش المصري والمتطوعون فيه , والجيش الإلكليزي» : 


. مدفعاً من «كروب)‎ ole كان اليش مؤلفاً من ثانية آلاف منظمة مع‎ (AY) 


AY 





وكان يوجد في أبي قير ثلاثة آلاف وحمسيائة » والفان وخمسمائة في رشيد » وخمسة آلاف 
في دمياط » المجموع أحد عشر ألفاً » أما الخيالة فلم يكن لهم وجود | إلا قليلاً . 

(8) كان من عمل المراكب أن تهدد في حركاتها النقط المذكورة لتمنع عرابي أن 
يرسل جيشا إلى الوادي . 

(85) أدخل العربان في الجيش على علم من عرابي بمضرة دخوهم . شرع في جمع 
عساكر الرديف ولم يكونوا يصلحون لشيء re aed ete‏ . ودخل كثير من 
المتطوعين ولكن لم يكن يكفي لجعلهم جيشاً صالحاً للدفاع وراء الجدران أقل من ثانية 
أشهر مع الاجتهاد › وأما في الفلا2'*0 فلا أقل من سنة لعسكري Jul‏ ومن سنلتين 
لعسكري النكليزي . 

(86) قالت «التيمس» : أرسلت الحكومة الانكليزية ٠٠‏ ألفاً » وستبلغها ثلاثين 
Gat‏ لمقاتلة الجيش المصري . 
ه ‏ «طلاب التطوع في الحيش المصري من الأوروبيين» : 

(85) كثير من ضباط «التليان» و«الألمان» و«السويس7"'») عرضوا أنفسهم , 
ومعهم عدد وافر من المتطوعين . والبعض كان يطلب وسيلة للنقل › والبعض لم يكن 
يطلب (كالألمان) إلا تعيين الضابط الأكبر باسم رفيع في الجيش » أما الفرنساويون فجاء 

غير أن البحر كان مأخوذاً تحت مراقبة المراكب الانكليزية » والمواصلات كانت 
منقطعة تقريبا بين مصر وأوروبا . 

س - «آراء عرابي في حالته وفي عدم الثقة بالفرنساويين» : 

(۸۷) لم يكن بهم عرابي عندما رأى في بعض الحرائد الفرنساوية والانكليزية 
Angi‏ = بعاص - إلا of ase‏ يصدر بذلك «yl‏ وكانت له ثقة بالسلطان 2 إلا إذا 
أكره : وتذكر البارون «درنج ) وكان يلومه على عدم مساعدته له عند حكومته مع أنه كان 


. الصحراء والخلاء‎ )7١6( 
. أي السويسريين‎ )1( 


At 





موظفاً في خارجيتها , ثم بعد ذلك أخذ يذكر مصائب الاحتلال الفرنساوي في مصر أيام 
نابليون » وما احتال به هذا و«منو» على المصريين من الأكاذيب > وما حصل من 
الفرنساويين في تونس » واستنتج أنه لا يمكن الاعتاد على فرنساوي في شيء . 

(۸۸) عندما ضبط الأسير, الانكليزي» واستنطقه عرابي وسأله عما كان مكتوباً على 

بعض الكلل من اسم «اسكندريا» ؟ فأجابه : حصل تحريف والحقيقة re‏ 
ie‏ المركب » فاعتذر عرابي بعدم معرفته الانكليزية . ثم قال له : لعلك رأيت 
يخالف عما قرأت عن المصريين ؟ فأجابه : نعم un ieee aes‏ 
ع «انخداع عرابي بغش دلسبس في تركه القنال» : 

(89) عرابي اعتمد على «دلسبس» في حاية القنال » ae‏ القنال 

بيج عليه جميع الأمم » لهذا ترك تلك الناحية عوراء ؛ وعندما أحس «دلسبس» بأن 
ل درك اج ita abies al‏ !من المستبحيل أن 
عساكر الانكليزي ثمر من النقال . 

وبعد واقعة مهمة في ناحية كفرالدوار جاء الخبر عقبها بأن اثنين وثلاثين مركباً 
توجهت إلى القنال » فورد تلغراف من «دلسبس» يقول : لا تشرع في شيء يمس 
القنال ! لا يمر عسكري انكليزي إلا ومعه جندي فرنساوي ! أنا مسئول عن كل ما 
يحصل . فأجيب بأن هذا غير كاف ٠‏ وتقرر ارسال جيش . ثم أرسل الجواب ببطء , 
وقبل أن يتحرك عسكري إلى ناحية القنال كان اليش الانكليزي قد احتله » وذلك 
لتأحر الجيش ٠١‏ ساعة في حابرة «دلسبس» » ويظهر أنه كان في الحاضرين خونة حملوا 
الاخبار وابطأوا في المخابرة . 

(40) قال «ولسلي» : لو قطع عراب القنال كما قرر لم يكن لنا إلا حصر مصر . 
والضرب في البحر أربعة وعشرين ساعة خلصتنا وأنجتنا 


ف «أخبار القتال بين المصريين والانكليز وضعف عرابي وجيشه» : 


YY (44)‏ و5١‏ أغسطس كانت واقعة («نفيشة» › وأسر محمود فهمي » فجاء 
سامى بنفسه وطلب من عرابي أن يذهب إلى ناحية الوادي . 
(؟4) جيش الجهة الشرقية كان أغلبه من العساكر المجموعة حديثا لا يساوي 


Ao 





(eat‏ > خحسارة مود فهمي كانت جسمية لا تعوض » وليس السهل تعويضه . عرابي 
وجميع الضباط » ومحمود سامي شعورا بالضعف والوهن عدد ذلك:: 

(4) قررت مشورة حربية إغراق المنطقة الشرقية نما وراء الزقازيق » ذلك أخحاف 
عرابي وأرهبه فلم ينفذ . وتقرر سحب بعض الضباط من دمياط ورشيد » وارسال مثل 
عبد العال | إل جهة الوادي » فنفذ شيء وأوقف شيء > ول يحضر عبد العال » وكان 
حضوره 2 

(44) ذهب عراب إلى الوادي في حزن وانكسار قلب » وقد اعترف أنه في مدة 
الستة أسابيع لم يأت اجتهاده بتنظيم قوة من المشاة يكن الاعتاد عليها . أرسلت عساكر 
إلى الرادي » وجاء إلى كفر الدوار من عساكر الرديف الحرمون OMI pil‏ : 

)40( ف رخات اليش المتوالية » وتلك الدهشة المستولية » كان النظام 
والخضوع مستوليا على الجميع . 

ص («خيالة سلطان باشا» : 

(45) في ۲۷ أغسطس جاء حر بأن فارسين حرجا من الاسكندرية وتوجها من 
الناحية الشرقية من البحيرة وهما بدويان من قبيلة «أولاد علي» من عائلة شهيرة بالفيوم › 
فقبض عليهم| عند مرورهما على قريب من معسكر كفر الدوار » ووجد معهم| منشورات 
من سلطان باشا ورسائل منه إلى رؤساء قبائل وبعض الضباط يدعوهم إلى ترك عرابي 
والالتحاق بالجيش العثاني الذي جاء لاخضاع العصاة . 

استنطقوا فاعترفوا بكل شيء : وذكروا أن جندياً بحرياً انكليزياً يسمى (جيل) 
حمل ثلاثين الف جنيه من «سيمور» ليلحق بالأستاذ (بالمر) يستميل معه عربان «غزة» » 
وحمل معه رسائل من توفيق ومن سلطان باشا إلى رؤساء العربان في الشرقية » Oly‏ 
مبلغاً لا يقل عن المبلغ السابق سيصحب القائد الانكليزي إلى الزقازيق » وبعد أن سلم 
الضابط أوراق المرور إلى القائد ذهب إلى السويس لمقابلة بالمر ء وقد قطع سلك 
التلغراف الذي يصل بين مصر والآستانة . وكان كل ذلك حقا » فإن قائد الفرقة 
البحرية في القنال أخذ المبلغ من (جيل) وسلم منه أ ربعة آلاف جنيه إلى (بامر) » وحجز 
الباقي على حسابه » وأرسل معه «جيل» Lage (pleat oT flakes‏ بين العر بان . 


(۲۷) مفردها مؤف » من أصابته عاهة وآفة . 


۸٦ 





(۹۷) مركز الدسائس والمخابرات كان في اسكندرية في مكتب يسمى (قسم 
المخابرات العسكرية) اجتمع فيه كثير من الانكليز من موظفي الحكومة المصرية ومن 
المقيمين بمصر . 

وكان روح الجميع سلطان باشا . 

(۹۸) عرف سلطان باشا أن توزيع النقود باسم الانكليز لا يفيد » وعرف مقدار 
سلطة النقود على الأرواح » فأخذ في التوزيع باسم الخديو والسلطان » واختار لبث 
الأفكار «الحاوي الطحاوي» أحد ثقاة عرابي » فكان الحاوي يعظ إخوانه العربان 
بعصيان عرابي » وقوة الجيش المحارب » ونحو ذلك » وكانت القيم التي تدفع إلى 
الأفراد تتفاوت من جنيهين إلى ثلاثة . ولم يكن عرابي يقتنع بخيانة العربان » وكان 
«الحاوي» مع ذلك يخبر عرابي ببعض حركات العدو على وجه الصدق » وعرابي كان 
يفضي اليه بجميع ما عنده . 

(99) في واقعة «القصاصين» كان الرسم |S‏ ينبغي » وكانت العساكر المصرية 
يجب أن تزخحف في الساعة الثانية بعد نصف الليل على الجيش الانكليزي » وما راع 
القواد المصريين إلا وجود الفرق الانكليزية زاحفة وآنخذة جميع الطرق في الساعة 
واحدة , وجرح على فهمي وراشد باشا eels‏ اليش . وما ذاك إلا من الحواسيس 
العربان . وكانت الخيانة وصلت والنقود قد وصلت إلى قلب الحيش وإلى كثير من 
الضباط بسعي سلطان باشا ومراسلة العربان . 

١١ ELE)‏ سبتمبر جاء عرابي مراسله ينبئه بخيانة العربان » فاب قبو ما قائ 
إنهم مسلمون (!!!) . 

)1١1(‏ في 17 سبتمبر أنبيء عرابي من المنبع نفسه (بعض رؤساء العربان أيضاً) 
بأن الانكليز سيضربون التل الكبير ويرمون الى بلبيس - (جهة حصنا الفرنساويون من 
قبل) ‏ ليأخذوا هذا الموضع ويفتحوا طريق القاهرة . اقتنع عرابي بصحة الخبر » فأرسل 
إلى «طلبة» يطلب منه إرسال فرقة من الجنود لتكون في التل الكبير صباح الثالث عشر 
من شهر سبتمبر » جاءت الفرقة ماشية » وصلت الزقازيق في صباح اليوم المذكور بعد 
ال مزيمة . 

(؟١٠)‏ يقول أحد الضباط أنه في الساعة الثانية بعد نصف الليل لم يشعروا إلا 


AY 





بصياح العربان » وبضرب الثيران ء dy‏ يعرف من كان هم من عليهم »› ووقع 
الاضطراب العام والجیوش الحديدة اہزمت » فكان الاتكليز يقتلوهم كأنهم 3 
الصيد » وقاوم ثلاثة آلاف فني نحو نصفهم 6 RUS‏ الضباط كان في عجز عن المئى 
[Oe]‏ الفرار لثقل النقود التي كان يحملها فنبب من بعض السودانيين . 

ODS A يقال إن عرابي كان يحب إطالة زمن‎ )٠١*( 


COLE سلطان‎ 


فهذا الام الوطني الذي أوقد نار الفتنة في البلاد » وجمع لها وقودها وحطبها 
حتى أمتد لهبها وعم جميع الانحاء » ثم هرب من طريقها عندما خاف أن يلذعه لسان 
هبها > جاء في آخر الأمر ف ا ة الخديوية في حبس كثير من الناس » ولم يفرق 
بين الابرياء وغيرهم . نال المكفأة من الجناب العالي'" بالإحسان جزاء إيقاد الفتنة ثم 
المرب منها » ليتعلم كل مصري هذه الطريقة المفيدة لكسب الشرف ونيل الاحسان أولا 
وآحرا ؟! . 

إلا أن العدل orl‏ سيقوم بمجازاته حق ا على ما صدر منه أول الأمر 
وآخره » > Shee Ue GAB SY Ik Say Je Mb Ga‏ اَی 
Sa. She nd JET Yh‏ أضلَني عَنْ الذكر بَعْدَ | إذْ QUI SULA S55 gett‏ 
4 » وكا أن العدل سيأحذه با قدم من عمله » أظن أن محاكم العدل 
والإنسانية تبين له حطأه في زعزعة راحة البلاد المصرية في أول الأمر . 


(18) في المفكرة : عن . 

(9؟) علل الأستاذ الإمام سبب رغبة عرابي هذه برجاء عراي أن تتدخل الدول في المسألة قبل وقوع 
الطزيمة للمصريين . 

)7١(‏ مسودة كتبها الأستاذ الإمام عن سلطان باشا » ووجدت في أوراقه الخاصة مبتورة من كتابات 
يبدو أنه قد قدمها عليها . وأغلب نقاط هذه المسودة تدور حول موقف سلطان باشا . 

(1”) أنعم الخديو توفيق على سلطان باشا بعشرة آلاف جنيه عقب احتلال الإنجليز للبلاد لقاء تخليه 
عن الثورة وخذلانه للعرابيين . 

(۳۲) [الفرقان : ۲۷] . 


£AA 





في رمضان سنة ١748‏ دعا شريعي 277 للتوجه معه إلى الخديو لطلب مجلس 
النواب » فامتنع ونصحه بأن لا يسعى في ذلك (حاكي الحكاية سليان أباظة » وكان 
فيمن دعاهم لذلك) . 

قال سلطان في بيت علي باشا مبارك بحضوري : أن مصر يمكنها أن تجمع ثلاثماثة 
ألف عسكري فتحارب أي دولة كانت . وأجابه علي بعدم كفاية المالية » وانتهى الأمر 
بقوله : «نسمع gall‏ أحسن» . 

علي باشا رأى الضباط يهربون من أودة إلى أودة في بيت سلطان » وحكى لي 
الحكاية ثلاث مرات . 

#٭ جاء شواري عند محمود سامي وهو ناظر الداخلية وقال : إن ot‏ النواب 
متكدرون من تعيين فريد باشا مأمورا للدائرة البلدية . 

# تكدرت النواب جداً لأني أشرت بانتخاب سليان باشا أباظة وكيلاً للداخلية » 
وذكر لي ذلك أحمد محمود فتبت على يديه الخ . 

# تعدى مجلس النواب ما ضرب له من الحد . وتذاكر في إبطال مصاريف 
الإبراهيمية مع أا داخلة في إيراد مديرية أسيوط المرهونة للدين الموحد » وردت المالية 
القرار » ثم حكم المجلس بتوقيف الأطباء الذين كانوا في الكورنتينة بناء على عرض 
حالات قدمت إليه » وظن سلطان أنني الذي أبين هذا الخطأ للنظار مع أنه كان بحيث 
يفهمه الصبيان » فاشتكى سلطان باشا إلى ناظر الداخلية مني » وقال له : قل للشيخ 
محمد عبده لا يبدي ملحوظات على محاضر النواب . 

كتب سلطان وهو رئيس النواب كتابة رسمية يطلب فيها من إدارة المطبوعات أن 
تعترف أن (TO BUS) Baye‏ هي لسان النواب المعير عن أفكارهم » فاعترفت 
الإدارة بذلك تنفيذاً لأمره » ونشر ذلك رسمياً بأمر ناظر الداخلية (وزارة سامي) » ثم 
إنني عطلت «الطائف» شهراً لتهييجه ومع ذلك لم يكتب الباشا ما ينقض WPS be‏ 
وهو الذي حمل النواب على الاشتراك في ذلك الجرنال » واكتتبوا له بمبلغ كبير . 





ge (PT)‏ شريعي باشا . ار 
)٤(‏ التي كان يصدرها عبد الله النديم ؛ من أبرز دعاة الثورة العرابية » والناطقين باسمها . 


۸۹ 





* إشارتي بعدم الاهتام بمسألة الحراكسة ‏ تقرير راغب باشا يطلب العفو عن 
جميع من اشترك في الحوادث ما عدا الجانين في مذبحة الاسكندرية ‏ وقبول الخديو 
وصدور العفو . 

* يوم الحرب ذهبت للتكلم مع ناظر الداخلية في طريقة نشر جريدة «المونتيور» 
الفرنساوية الرسمية لسفر محررها . 


3 


¥ 


7 


£4\ 


jed by registered version 





Converted by Tiff Combine 








رسالة من السجن إلى أحد الأصدقاء 


++ GRIF 
تقلّدتني الليالي وهي مُدبرة كأنني صارم في كف مُنهزم‎ 
هذه حالتي !! اشتد ظلام الفتن حتى تجسم » بل تحجر » فأخذت صخوره من‎ 
مركز الأرض إلى المحيط الأعلى » واعترضت ما بين المشرق والمغرب . وامتدت إلى‎ 
القطبين » فاستحجرت في طبقاتها طباع الناس » إذ تغلبت طبيعتها على المواد الحيوانية‎ 
أو الإنسانية » فأصبحت قلوب الثقلين كالحجارة أو أشد قسوة » فتبارك الله أقدر‎ 
وتدهورت الشموس والأقمار » وتغيبت الثوابت‎ » ew الخالقين . انتثرت نجوم‎ 
النيرة » وفر كل مضيء منهزماً من عالم الظلام » ودارت الأفلاك دورة العكس » ذاهبة‎ 
إلى عوالم غير عالمنا هذا » فولى معها آلمة الخير أجمعين « وتمحضت السلطة لالهة‎ Lele 
. الشر فقلبوا الطباع « وبدلوا الخلق . وغيروا خلق الله » وكانوا على ذلك قادرين‎ 
في ليلة داجية عطي فيها‎ « al bf رأيت نفسي اليوم في مَهِمَهٍ لا يأتي البصر على‎ 
لا أرى إنساناً » ولا أسمع ناطقاً »ولا‎ ٠ lis, وجه السماء بغمام سوء . فتكائف ركاماً‎ 
تزأر » وكلاباً تنبح » » كلها يطلب فريسة‎ (lady » أسمع ذثاباً تعوي‎ . Let أتوهم‎ 
وقد خويت بطون الكل»‎ cdl be واحدة هي ذات الكاتب» والتف على رجي تئينان‎ 
تقطع‎ ٠ وتحكم فيها سلطان الجوع › ومن كانت هذه حاله فهو لا ريب من المالكين‎ 
حبل الأمل > وانفصمت عروة الرجاء » وانحلت الثقة بالأولياء > وضل الاعتقاد‎ 
» بالأصفياء » وبطل القول بإجابة الدعاء » وانفطر من صدمة الباطل كبد الساء‎ 


۹۳ 





وحقت على أهل الأرض all dad‏ والملائكة والأنبياء وجميع العالمين »> سقطت الهمم » 
وخربت الذمم » وغيض ماء الوفاء »> وطمست معام الحق »> وحرفت الشرائع » 
وبدلت القوانين ء ولم ي ببق إلا هوى يتحكم . وشهوات تقضي » وغيظ يحتلم » وخشونة 
مدع كلك بي لدو ably‏ لا يهدي كيد الخائنين . ذهب ذوو السلطة في بحور 
الحوادث الماضية › pac aes ell Saye‏ ومقذوفات من التهم »› 
وسواقط من اللمم » ليموهوها بمياه السفسطة » ويغشوها بأغشية من معادن القوة » 
ليبرزوها في معرض السطوة » ويَغشوا با أعين الناظرين » لا يطلبون ذلك لخامض 
يبينونه أو لمستور يكشفونه » أو لحق حفي فيظهرونه » أو حرق بدا فيرقعونه » أو نظام 
فسد فیصلحونه » کلا . . بل لیشبتوا ہم في حبس من حبسوه غير مخطئين . وقد 
وجدوا لذلك أعواناً من حلفاء الدناءة » وأعداء المروءة » وفاسدي الأخلاق » وخبثاء 
الأعراق » رضوا لأنفسهم قول الزور وافتراء البهتان واختلاق الإفك » وقد تقدموا إلى 
مجلس التحقيق بتقارير محشوة من الأباطيل ES‏ 
لم تأخذني فيه دهشة ee‏ أنا على أتم أوصافي التي تعلمها » غير مبال 
بما يصدر به الكم. أو يبرمه اشام عا بان کل ماسو القدر وما ساقه من البلاء 
فهو نتيجة ظلم لا شبهة للحق فيه , OF‏ الله يعلم - |S‏ أنت تعلم ‏ أنني بريء من كل 
ما رموني به » ولو اطلعت عليه لوليت منه رعباً أو كنت من الضاحكين . نعم حلقني 
الخم » وأصمى فؤادي الهم . وفارقني اللوم ليلة كاملة عندما رأيت اسمك الكريم 
واسم بقية الابناء والإخوان المساكين تنسب إليهم أعمال لم تكن » وأقوال ل تصدر 
عنهم » قصد زجهم في المسجونين . ولكن اطمأن قلبي . وسكن جأشي » عندما رأيت 
تواريخ التقارير متقادمة , ومع ذلك لم يصلكم شرر الشر » فرجوت أن الحكومة لم ترد 
أن تفتح باباً لا يذر الاحياء ولا الميتين . 

قدم فلان وفلان(١2‏ تقريرين » جعلا فبهم| تبعات الحوادث الماضية على عنقي › 


)١(‏ في التحقيقات مع العرابيين ذكر إسماعيل باشا محمد » وكان عضواً بالمجلس العرفي » أن الأستاذ 
الؤمام والشيخ العدوي وحسين الدرملٍ كانوا Sears‏ «الجهادية) في جمعياتهم السرية › ely‏ 
كانوا متحدين معهم إتحادا ظاهره كخافيه . . كيا أشار كل من ie‏ ا م لي 
العرفي » والبرنس أحمد باشا إلى دور الأستاذ الإمام في أحداث الثورة » وكيف جلس في إجتماع 
الدانحلية الذي عارض أمر الخديو بعزل عرابي » جلس وسط المجتمعين يقرأ «أوراقاً مضمونها أن 
العرابي يعمل [ إصلاحاً في البلد » والجانب ا لخديو يريد عزله» . . الخ . .الخ . 


£4% 





ول يتركا شيئاً من التخريف إلا قالاه » وذكرا أسماءكم في أمور أنتم جنيعاً أبعد.الناس 
عنها. لكن لا حرج عليهاء فإني أراهما من المجانين» ae‏ د ا 
إذ يعملان مثل هذا العمل القبيح > ويرتكبان هذا الجرم الشنيع > ولكن أخحذني 
العجب » كل العجب » غاية العجب » بالغ ما شئت في عجبي » إذ أخبرني المدافع 
عني ٠‏ بتقرير قدمه فلان » الذي أرسلت اليه السلام » وأبلغته سروري عندما سمعت 
باستتخدامه وأنا في هذا الحبس رهين » إلى هذا الوقت لم يصاني التقرير » ولكن سيصل 
oo a‏ أنه شهادة بأقبح شيء » لا يشهد به إلا عدو مبين . هذا اللئيم 
الذي كنت أظن : AV Ab at ob‏ © ويأخذه الأسف لخالي » ويسذل وسعه أن أمكنه في 
المدافعة عني » فكم قدمت له Lei‏ و ارا Colle‏ 
الحاكمين ؟! . كم سمعني أقاوم هجاء الجرائد وأوسع محرريها لوماً وتقريعاً » وأهزأ بتلك 
الحركات الجنونية » وكان هو عل في بعض أفكاري هذه من اللائمين , كان ينسب فلانا 
لسوء القصد اتباعاً لرأي فلان وأعارضه أشد المعارضة » مم أنقض له عهدا » ول 
أبخس له ود » وحقيقة كنت مسروراً لوجوده موظفاً فا باله Ger‏ 
آه ما أطيب هذا القلب الذي يلي هذه الأحرف!! ما أشد حفظه للولاء» ما أغيره 
على حقوق الأولياء , ما أثبته على الوفاء » ما أرقه على الضعفاء , ما أشد اهتامه بشئون 
الأصدقاء » ما أعظم أسفة لمصائب من بينهم وبينه أدنى مودة » وإن كانوا فيها غير 
صادقين . ما أبعد هذا القلب عن الإيذاء ولو للأعداء » ما أشده رعاية للود » ما أشده 
محافظة على العهد , ما أعظم حذره من كل ما توبخ عليه الذمم الطاهرة » ما أقواء 
إقداماً على العمل الحق والقول الحق » لا يطلب عليه جزاء » وكم اهتم بمصالح قوم 
وكانوا عنها غافلين . هذا القلب الذي يؤلونه بأكاذيبهم هو الذي سر قلوبهم بالترقية , 
وملأها فرحاً لد > ولطف خواطرهم بحسن المعاملة › شع صدورهم بلطيف 


المجاملة , ودافع عنهم ا : ا هذا اللئيم . . a‏ الصدور وهم 
يحرجون !! ونشفي ا وهم يؤلون !! ونفرحها وهم يحزنون !! تالله قد ضلوا وما 
كانوا مهتدين . 


هذا القلى ذابت معظمه مرء الأسف على ما يلم بالهيئة العمومية من مصائب هذه 
ب ذاب من من مصائب 





(؟) هو المستر برودلي M.Broadley‏ . 


440٥ 





التقلبات . وما ينشأ عنها من فساد الطباع الذي يجعل العموم في قلق مستديم » وما بقي 
من هذا القلب فهو ني خوف على من يعرفهم على عهد مودته » فإن تسللوا جميعاً بمثل 
هذه الأعمال » وأصبحوا من مودته خالين » واتخذوه وقاية لهم من المضرة » وجعلوه eee‏ 
يعرضونه لتلقي سهام النوائب التي يتوهمون تفويقها إليهم » كا اتخذوه قبل ذلك سه 
يصيبون به أغراضهم فينالون منها حظوظهم » فقد أراحوا تلك البقية من الفكر فيهم . 
والله يتولى حسابهم وهو أسرع الحاسبين . آه ما أظن أن تلك البقية تستريح من شاغل 
الفكر في شؤون الاحبة » وان جاروا في تصرفهم . . إن طبيعة هذا القلب كطبيعة ناعم 
الخز إذا اتصل بذي الود وان كان Late‏ » فصعب أن ينفصل ولو مزقته خشونته » وان 
هذا القلب في علاقته مع الأوذاءٍ كالضياء مع الحرارة » أيما حادث يحدث . وأيما كبياوي 
يقن pos Gea E OB eae‏ 
المتحقين . 

أي عزيري . 

الآن وصلني تقرير اللثيم فقرأته بأول نظرة ع ووجدته كما بلغي » وسأرد عليه في 
بضع دقائق بما يسود وجهه ويخجله إن كان إنساناً » ولكن تصادف فراغ الحبر من 
الدواة » فسأنتظر بالرد عليه وتتميم رقيمي إليك بعض ساعات » فكن معي من 
المنتظرين . 

oo 6‏ ا 

رددت على التقرير » وكان كل ما فيه الغش والتغرير » وذكر فيه فلاناً بأشنع ما 
يؤاخذ به إنسان في هذه المسألة » كما ذكره الخبيثان قبله » ولكن دفعت ما قاله في جانبه 
أيضاً » وأخذت على نفسي كل مسئولية تنسب إليه أو إليكم » فما عليكم إن سئلتم إلا 
أن تكونوا منكرين . ربما يسألكم (القوسيون)29 عن معلوماتكم في شئوني أيام 
الحوادث » فلا يدخل عليكم غش السؤال . والإرهاب . ولكن عبروا عم كنتم 
تشهدون وتعلمون من أفكاري وأقوالي التي كانت تهزأ بالحكومة (الفلانية2؟») ومن كانوا 
ها من الطالبين . إلى هذا الحد قفوا فإن سئلتم فقولوا ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين . 


(١‏ هو «قومسيوت» التحقيقات d‏ أحداث الثورة العرابية 3 إسماعيل أيوب 
)8( المراد حكومة الثورة برئاسة محمود سامي البارودي ‘ وحذف الإسم من عمل الشيخ رشيد رضا ۹ 


£44 





في هذا الوقت وصلني الرقيم فشر ببقائكم في مركزكم » فقمت ورفعت يدي 
ووجهي وناديت : الحمد لله رب العالمين » وأخذني الأسف على حبس فلان » لكن دل 
إطلاقه على حسن حالة الباقين . 


يا عزيزي . . أعود إلى ذكر ما لأولئك القوم » كأئما قذف بهم من شاهق جبل 
فسقطوا على رؤوسهم » فغشيهم من شدة الصدمة ما غشيهم . فقاموا ينطقون با لا 
يعون » ويتكلمون ولا يفهمون . ما بالهم يقذفون من أفواههم أخلاطاً أقذر من 
البلغم » Daly‏ من الصفراء »> وكأئمها جرعوا جرعة من السم فقلبت أمعاءهم , 
فاستفرغت من حلاقيمهم أخبث ما يحملون ؟! ما بال دِنان قلومهم تفيض من اللؤم أشد 
من Oye Obed‏ تقذف بسائلات بشعة الطعم. خبيثة المنظر كربهة الرائحة» 
تضطر معانيها للفرار منها » لكن أعضاء التحقيق من زكام الحوادث الأخيرة لا 
يشمون . ولا يذوقون » ومن ظلياتما لا يبصرون . 

هل بطل يا عزيزي ما جاء على لسان النبوات : «الإنسان أسير الإحسان ؟!) هل 
نقض ما جاء من ذلك «المعروف بذر المحبة يغرسها في أعياق القلوب» ؟! i‏ 
قاعدة «أن الحيوان يقاد بالزمام والإنسان يقاد بالصنيعة» ؟! هل كان خرافاً ما قرره 
Aken‏ من الفصول الطويلة تقسيرا للمحبة » وبياناً لفضائلها ومنافعها في الاجتماع 
الإنساني الخبيث ؟! هل كان خرافاً ما حوته الكتب متعلقاً بموجبات روابط النوع 
البشري LP‏ أم صح كله لكن الناس به جاهلون ؟! 

هل أتأسف أن كنت سباقاً إلى الخيرات ؟! هل أتأسف أن كنت مقداماً في 
المكرمات ؟! هل أتأسف أن كنت شجاعاً في الدفاع عن ذوي مودتي ؟! هل أتأسف أن 
كنت أبيا با أغار أن ينسب مكروه أو ذل لأولي صلتي ؟! هل أستحق العقاب على حبي 
لبلادي » والناس لها كارهون ؟! كلا واللّه لن يكون ذلك » ول أزدد في سبيل الفضيلة 
إلا بصيرة « ولم أزدد في المحافظة عليها | إلا ثباتاً » ولئن عشت لأصنعن المعروف › 
ولأغيثين الملهوف . ولأنقذن الهاوي في حفرة الغدر , ولآخذن بيد المتضرع من ضغط 
الظلم > ولأتجاوزن عن السيئات » ولأتناسين جيع المضرات › ولأبينن لقومي انم 
كانوا في ظلمات يعمهون . ولأظهرن الصديق في أجمل صورة › ولأجلونه للناس في 


(5) بثر ببحضرموت . روى أنما شر بثر في الأرض . 


4۹۷ 





أهج حلة » ولاثبتن هم ببرهان العمل أنه فكرك الثاني في روحك الواحدة » وأنه 
جسمك الآخر في حياتك المتحدة » وانه صاحبك إذا طال ليل الكدر » ومصباحك إذا 
أغسق دجی اموم » تستضيء به في حل ما انعقد . وتستعين بقوته في تيسير ما عسر » 
وتذهب به إلى أوج المعالي » والناس من معجزات الصديق يتعجبون !! . 


إنني اليوم أعجز من امعد عن طلوع النخل » ومن المفلس عن حرية التصرف » 
وقد صار سقوط الجاه كمرض يصيب الجميل الفاتن » فينحف الجسم » ويغير اللون » 
ويقلص الشفاه ويضعف القوى » ويقعد عن الحركة » ويبعد عن نيل المطلوب » ويثقل 
على الأهل والعشائر في التمريض » ويسئمهم ان طال من معاناة العلاج » فيصبح 
المريض: منهم في أدن المنازل وقد كان ربا وهم له ساجدون . يذهب عنه البهاء » 
وينكسف من وجهه الضياء » وتنكره عند الرؤية أعين العشاق » وتمجه طباع ذوي 
الأذواق » وتمحى من جبينه تلك الاسطر الحليلة العبارة » الصادقة النسبة » الناطقة 
بالحق . القائلة : ههنا كنز الرغبات . ههنا منال الحاجات . ههنا ما يُروّح الروح » 
ههنا من يقضى وطراً في الأنفس . ههنا من يخشى منه على الأرواح والأفئدة » فينحرف 
عنه السالكون إليه » وقد كانوا قبل على آثار غباره يتدافعون . وقيسوا على مرض 
ال ر احا و ااا و 


لكن أقول لكم إن الحوادث المريعة سوف تسى » وإن هذا الشرف سوف يرد » 
ولئن أبت طبيعة هذه الأرض بخستها أن يكون ها من عوده نصيب فليعودن في بلاد خير 
منها » ولاجذبن إلى المجد أحبتي . ومن إلى المجد ينجذبون22 . كل ذلك إن عشت 
وساعدتني صحة الجسم » ولا أطلب شيئاً فوق هذين سوى معونة الله الذي عرفه 
بعض الناس وبعضهم له منكرون . 


أطلت عليكم الكلام فلا تسأم وأظنه آخر كتاب مني إليك في السجن » إلا أن 
يحدث حادث يسمح بالكتابة مرة أخرى » فإن تلاقينا بعد اليوم كانت المشافهة أزكى 2 


(1) إشارة تحدد أن الأستاذ الإمام قد كتب هذه الرسالة وهو على وشك تنفيذ حكم الإنجليز عليه 
بالنفي من البلاد . 


۹۸ 





وإلا كانت المراسلة أجل وأعلى » ولا تجزع فليس في الأمر ما يفزع وهو أهون مما 
يتوهمون . وأسأل الله أن يغض عنكم أبصار الظالمين « ويحفظكم من نكاية الخائنين » 
ويسر قلبي بالطمانيئة عليكم وعلى سائر الإخوان والأبناء أجمعين . 


£44 


Converted by Tiff Combine 








هل يقدرأ حد أن يشك في كون جهادنا وطنياً صرفاً » بعد أن آزره رجال من جميع 
الأجناس و الأديان » فكان يتألب المسلمون والأقباط والإسرائيليون لنجدته بحاس غريب 
وبكل ما أوتوه من حول وقوة » لاعتقادهم انها حرب بين المصريين والانجليز ؟ 
x * 0‏ 
. وحينئذ أصبحت وسلطان باشا والبلاد المصرية قاطبة من أتباع أحمد 
عرابي . 
# # # 
0 إنني لم أعلم أنه قيل : إن الخديو كان يحارب جيشه » بل المعروف عند 
الناس of‏ الحرب وقعت برضاه وبأمره > وقد رسخ هذا الاعتقاد عندما علم الناس أنه 
أقال عرابي من منصبه لأنه لم يمتثل أمره بالاستمرار على المقاومة وتحصين بعض المراكز 
اتقاء لنزول غزاة من البحر . 
dy‏ أثناء ذلك طفق العلماء يقرأون البخاري في الأزهر ومسجد سيدنا الحسين 
ويدعون بالنصر لعساكر عرابي واغزيمة للانجليز . وكان إمام الخديو الشيخ الصالح 
العالم الوبياري في طليعة الملتهبين غيرة ووطنية » فنشر قصيدة إبراهيم دريد في غارة 


(۷) من مذكرة الأستاذ الإمام التي كتبها في السجن يدافع بها عن نفسه . 


أنه 





التتار على بغداد في أيام الخليفة العباسي المستعصم » وهي عبارة عن دعاء وابتهال وقد 
أضاف إليها أبياتاً من نظمه » فكان من الناس من يقرؤها ويتلوها بعد قراءة البخاري » 
وقد طلب إل أن أنشرها في الحريدة حتى يطلع عليها الجيش ايضاً . وقد كان عمله 
هذا مشروعاً » إذ أن المعروف عند الناس ان هذه الحرب حرب إسلامية ضد الكفار . 
وعند رجوع الخديو إلى مصر بعد انتهاء الحرب خطب هذا الشيخ حاثاً الناس على 
طاعته ؟! 

وقد تبرع الأمراء والأعيان والعلماء وسائر أفراد الحاشية الخديوية ‏ حتى النساء - 
بالخيل والحبوب والتقود والمبرة اللازمة للجيش > وأظهر المديرون والموظفون على 
اختلاف مراتبهم والكتبة غيرة وحمية في جمع الميرة المطلوبة وحشر المتطوعة للجيش ولسائر 
الشاك العسكرية, 

وقد أرسل عثان باشا غالب » مدير «أسيوط» » في ذلك الزمن » ورئيس شرطة 
العاصمة الآن بضعة ألوف من أرادب الحبوب من مديريته ما عدا الخيول وغيرها من 
الحيوانات » وقام بأمر التجنيد بهمة ونشاط استحق عليهما ثناء وزارة الحربية » وها هو 
ذا كما قلنا آنفاً «رئيس بوليس العاصمة» بأمر الخديو ؟! 

وهذا شأن خليل بك عفت الذي تعين مديراً بأمر وزير الحربية » فأظهر غيرة 
ونشاطاً استحق عليهها الشكر الجزيل في الجريدة الرسمية » وها هوذا ثراه الآن مدير 
«المنيا» بأمر الخديو ؟! 

وقد بذل من أذكر أساءهم فيا يل أموالهم بسخاء في سبيل الحرب » إما مباشرة 
وإما بواسطة دوائرهم » وهم : 


الرنسس حميلة 005 أخحت الخديو وحرم المرحوم سعيد باشا . 
خيري باشا ... الأمين الأول . 

OV dager DULY وز‎ ae علي باشا مبارك‎ 

يوسف باشا جددي ae‏ أحد أعضاء لحنة التموين . 

محمود بك 2 كاتب (أو أمين) أسرار الخديو . 

(8) الوقائع . 





على حيدر باشا e‏ وزير المالية (الفعلي) 

وأساء هؤلاء وردت في أعداد الجريدة الرسمية . وإذا كانت سجلات المديريات 
لا تزال موجودة فيمكن استقراء ما تبرع به كل واحد منهم بالتحديد . 

» رأيت الناس من فلاحين وبدو ذاهبين إلى الحرب برضاهم واختيارهم‎ By 

قبن لمقاتلة الانكليز » وقد شمل هذا الحماس الأقباط . وكان يشجعهم على ذلك 
a‏ . وكان شبان القاهرة يمرحون في المديئة ليلا يتغنون بمديح عرابي » وفي أي 
اجتماع ذكرت فيه الحرب كان الناس يدعون al‏ طالبين النصر لحيوشنا . 
ل eo‏ 

... إن وطنيتي ووطنية سلطان باشا واحدة » وكلانا عمل وفكر تفكير الرجل 
الواحد » وقد أصبح سلطان باشا ذا لقب سير » وحصل على مكافأة قدرها عشرة آلاف 
ا ت أن تكون وطنيته حسنة وأهلا للثناء عليها ؟!!. . إذن يكون سلوكنا 

كلينا all) Stal‏ عليه ؟! فلماذا يا ترى أَزّجّ في السجن منتظراً حاكمتي على وطنيتي بينا 
يصبح سلطان باشا حائ ار الشرف الإنكليزية وحاصلاً على مكافأة قدرها عشرة 
آلاف ليرة ؟! 


Converted by Tiff Combine 








رسالة للأسرة 


ولدنا العزير 

بلغنا أنكم نقلتم تم إلى بيت آخرء فإن شاء الله يكون مبارك ٠‏ ويكون متسع 
ونظيف » E‏ تخبروني عن موقعه وهيئته وعدد المحلات فيه . أجرة البيت القديم 
كانت العادة أن نسلمها للسيد مصطفى الديب الماوردي بالحمزاوي » وهو يسلمها 
aie bial agin‏ » فأظن لو عملتم مشل العادة في تسليم المفاتيح 
والأجرة يكون أحسن . المبلغ الذي طرف الشيخ الباجوري إذا حضر يستلمه منه الشيخ 
الذي «بالشيخ و « والكمبيالات وورقة الحساب التي بخط الشيخ الباجوري في 
جيب الشنطة › dy‏ حالة الاستلام ole OS‏ وتحسبوا المبلغ على حسب ورقة 
المساب e‏ العام إن كان هناك فرق بحسب 
ذمة الشيخ الباجوري وصداقته » وبعد الحساب إما أن يبقى المبلغ بطرف الشيخ gt}‏ 
اشع لان عل سيل لأ سکم ب وسا قطي جب اخ » وإما أن 
تسلموه لجماعتنا في البيت وتوصوهم بالمحافظة عليه » cee‏ أخبرتك سابقاً بأنه يبقى 
طرف الشيخ الباجوري يشتغل فيه لاخر مدة القطن › > لکن رأ yg bash ley af ey‏ 
فالأصوب استلامه عند حضوره بالطريقة المذكورة » Le‏ تلزم المحافظة عليه » وأن يكون 
حاضراً تحت الطلب . 





)4( الشيخ سلامة إسم شارع من شوارع حي السيدة زيلب بالقاهرة ‘ 


0:0 





إسئل الجماعة عن المبلغ الذي تركته بيدهم في البيت » هل جرى عليه شيء من 
ضياع أو نحوه ؟ 


إذا تصرفتم في المحار فلا يكون بأقل من عشرين «بنتو'»» وأظن أنه يساوي 
أكثر إذا كنتم ملتفتين إليه في الأكل والشرب والنظافة » ومع ذلك فتخبرونا بما يرمى 
عليه » ونعطيكم الرأي . 

(حاشية ابن عابدين) حمسة أجزاء » كانت في الدولاب » وأظن جزء منها كان 
على الترابيزة » اتركوا الحزء الأول وهاتوا بقية الأجزاء عند الخواجة «برادلي» للزومها 
له » وإذا وجدتم جرء منها غائب فيمكن إنه طرف الشيخ داغر . والكتب التي كتبت 
لك عنها في المكتوب الذي كتبته من مدة يومين لم تحضر » ولم يجيء لي بخبر عن الجواب 
الذي كان بصحبة ذلك المكتوب هل أرسلته أم لا ؟. 


كتاب (الأحكام السلطانية) الذي اخبرتك أنه عند سعد رما تجده في الكتب التي 
كانت في الديوان , أو عندنا في البيت » وعلى أي حال لا بد من وجوده مع (شرح 
المواقف) و (شرح العقائد النسفية) › لازم من الاسعاف ف تقديم الكتب المطلوبة 
كلها . 


ويلزم أن عرف مصطفى بيت الخواجة (dol yo‏ 6 ويمر عليه كل يوم ¢ At Ley‏ 
مكاتيب من طرفنا يوصلها لك . 


والذي Sos‏ به دائ »> وتوصوا به الجماعة » هو الحذر من السارقين والخونة 
من النساء والرجال » ويلزم أن يكون محل نوم الجماعة في مكان بعيد عن الطريق › 
ويكون ذلك المحل مغلوقاً » مع التحفظ على المفتاح » ويكون إقامتهم في النهار أوده 
أحرى غير التي فيها هذه الأشياء » واشتروا لي نتيجة أوقات من حساب سنة ٠۳٠١‏ » 
واسرعوا بشراء قاش الفئلا بمعرفة من يعرف فيه » وفصلوا لي جلابية وخيطوها بالسرعة 
عند محمد عبد النبي أو غيره » وأرسلوا الوقائع من بعد ٠١‏ الحجة. | أخبرتكم 





فرنكاً . 


or 





سابقاً . وحيث أن الأوقات أوقات زراعة شتوي وخدمة صيفي فدرويش يسافر ويطمن 


what 
)١1(هرحم غرة‎ 


(قولوا" ٠"‏ للجماعة يخرجوا الثياب اجوخ والتبيت لأجل تبهويتها خوفاً من العتة) . 

gles COMO)‏ مكتوبكم 

أرسلو ثلاثة ayo wk,‏ مصطفى الخدام أجرته شهر شوال والقعدة والحجة ,2 
بعد أن تسألوه هل يرسل لهم أو يبقى AUS OSs Od Lb ae‏ يصحبة درويقن عندما 
يسافر . إذا كان يمكن للشيخ الذي «بالشيخ سلامة» أن يساعد نجا في الشهادة فلا بأس 
بذلك9١)‏ . 


Lest‏ عبده 





. هجرية‎ ٠۳٠١ أي من عام‎ )۱١( 

. حاشية ملحقة بالرسالة‎ )١۲( 

(17) حاشية ثانية ملحقة بالرسالة . 

)١5(‏ هذه الرسالة هي الوثيقة رقم ۸ في أوراق «برودلي) cgtlell[M.Broadle]‏ الإنجليزي الذي 
دافع عن عرابي . وهي الأوراق التي بيعت إلى عضو مجلس الشيوخ المصري قرياقص ميخائيل » 
ثم آلت إلى دار الوثائق القومية المصرية سنة 1961م . 


ory 


Converted by Tiff Combine 








رسالة إلى برودلي عن المعاملة بالسجن 


إنني مع احترامي لعظمة الخديوي المعظم » حفظه الله » أقول : إن إبراهيم آغا 
التتونجي دخل عندي يوم الخميس ob YO‏ القعدة , وشتمني » وكان معه جملة من 
شاويشية المعية السنية » جاءوا لأجل تفتيش OM gagty‏ وبعد التفتيش بغاية الدقة , 
أخذوا من عندي ثلاث مجلدات : مجلدين من كتاب (العقد الفريد) في علم الأدب » 
والمجلد الأول من (تاريخ ما توسط من القرون) ترجم من الفرنساوي للعربي بطبع 
مصر . 

ولا سألت حامل المجلدات : إلى أين تأحذ الكتب ؟ وقلت له : إن كان ولا بد 
من أخذها فأوصلها إلى بيتي » قال لي : وهل لك بيت ؟! 

ومكثت بعد ذلك ثانية عشر يوماً لا يدخل عندي مكتوب ولا مقروء من أي نوع 
کان » حتى جاء عندي أحد رجال الدولة الإنكليزية يسأل عن حالي » فطلات منه الإذن 
بدخحول المصحف » فأذن لي به » فكان لي بذلك فرح کاني حرجت من الحبس !. 


حمد Oe‏ 
٤ا‏ ذو المحة سن ۱۲۹۹ ہے0 


. أي حجري . . وهي الزنزانة‎ )٠١( 
. هجرية : 77 أكتوبر سنة 18417 م . [والرسالة من محفوظات مجموعة أوراق برودل]‎ )15( 


هده 


Converted by Tiff Combine 








OM gow YI خضر‎ 


س : أين كنت مستخدماً . 

ج : في الوقائع المصرية » بوظيفة محرر الوقائع ورئيس قسم إدارة المطبوعات العربية . 

س : قد طلبئناك الآن لاستشهادك عا Jb‏ : وهو أنه في يوم من الأيام » أثناء وزارة 

محمود سامي . دعا شخص يسمى عمر رشدي ». من أركان حرب ء جملة 
أناس إلى منزله » هل حضرت ؟ 

: لم أحضر . 

س : عقب الدعوة » تجمع ضباط العساكر لحد رتبة بكباشي في قشلاق عابدين » 
وتحالفوا » وطلبوك » وأعطوك المصحف وكلفوك بتلقين اليمين » فبين لنا صورة 
اليمين › ومن حضر ؟ 

ج م أتوجه لدعوة عمر رشدي . أما مسألة اليمين » فهي : أن محمود سامي دعاني 
ELE mE E e‏ 
هياج » ويريدون إعمال خلل بالبلد » والغرض اجتاع الكبار مهم وتحليفهم يينا 


6 


)١(‏ في يوم الاثنين © أكتوبر سنة 1887 م (75 ذي القعدة سنة ١15949‏ ه) استدعى «قومسيون) 
التحقيق في أحداث الثورة العرابية الأستاذ الإمام من السجن » ووجهت إليه عدة أسئلة بواسطة 
رئيس «القومسيون» إساعيل أيوب » وأجاب الأستاذ الإمام على هذه الأسئلة » فكان ذلك 
«المحضر» الذي نثبته هنا . 


o\\ 





مل اا ee | taal‏ خلل في البلد . Sot‏ أنهم / يعلموا كيفية حلف 
ف ا علي باشا فهمي 2 vis,‏ محمود 5 oe‏ 6 وحلفوا (oe‏ 07 
مصحف أحضروه ورخ على «الترابيزة) ووضعوا أيديهم علڀه » وها هو 
مضموت اليمين والله العظيم ثلاث سرات ١‏ قاهر السموات والأرض © 
المتسلط على القوي CAB y‏ وحق ما فی کتاب الله تعالی أنني وأنا فلان لا أخون 
وطني ولا أخون نفسي » ولا أغش أحداً من أهل بلادي » وأحافظ على عرضي 
وعلى ديني » وعلى عرض أهالي بلدي » ما دمت قادرا على منعه » وإنني أحافظ 
على النظام وعلى القانون العسكري Le JS‏ يمكنني » وبقدر کک lly‏ 
حنثت بيميني هذا , فأكون مستحقاً لقطع الرقبة وشق الصدر وأ ly # ost o‏ 
من مزايا الإنسانية والآداب . 
i‏ علم من التحقيق 0 يكون الضباط يدأ واحدة وعصبة واحدة 
“ls eat | :‏ 
: هل حصل ذلك في دفعة أخرى ؟ 
: لم يحصل ما ذكر ! SY‏ في الدفعة التي كنت حاضراً فيهاء وكان الغرض من اليمين 


الذي بيئته : المحافظة على القانون العسكري وعدم الإخلال به , كما أفهمني 
محمود باشا سامي . وسبب ذلك هو أن محمد عبيد كان يريد محاصرة سراي 


الؤسياعيلية » فلمنع ذلك أراد حمود سامي Lab‏ جمع الضباط وتحليفهم هذا 
اليمين لمنع الخلل . 


س : من هم رؤساء العسكرية الذين كانوا حاضرين ؟ 


: عرابي » وعبد العال. وطلبة» ويعقوب سامي » وعلي الروي » وعلي فهمي › 
وحمد عبيد © وعبد الغفار »> والزمر › وحسن جاد » وعلي يوسف . ومحمود 
فهمي » ولم يحضر أحد من النظار غير من ذكروا » وتحمود سامي الذي حلف 
لعي ا 

: هل تتذكر التاريخ ؟ 


٩‏ بم > بم > م 


ع 





4 لم أتذكره . 
: حيث أن اليمين كان قاصراً على العساكر لعدم حدوث خلل » فلاذا حلف 


حمود سامي ؟ 


: حلف معهم كي إذا أرادوا فعل شيء يشاورونه فيه » كما أنه يشاورهم . 

: هل حلف مثلهم أو كان بمينه قاصراً على ما ذكرته في جوابك . 

: جميعهم حلفوا بصوت واحد . 

: لم أحلف معهم, بل كنت ملقناً الصفةء ول أجر ذلك إلا لأنه أخبرني أن 


الغرض منع الخلل . 


: أنت d‏ قلم الوقائع وهذا الأمر ast‏ بالأزهر 2 فلماذا التخبك مود 


سامي ؟ 


: لکوني معه في «Ol gl‏ ويعلم أني من آهل العلم» وأقرب الناس Cle‏ أوامره 


لكونه رئيسا . 


: هل حصل حلف بين مثل ذلك في منزل عرابي بين الضباط ومشايخ العرب ؟ 


وهل كنث حاضراً في هذا الحلف أيضاً ؟ 


: ماكنت حاضراً . 


س : هل كان موجوداً السيد قنديل210 عند حلف اليمين بقشلاق عابدين ؟ 


١ OM oy ae ا لم يكن‎ 





. كان مأمور ضبطية الاسكندرية‎ )١18( 
نقرأ عبارة : «أعيد بعد ذلك إلى السجن» ثم توفيعات أعضاء‎ ol pret YI (ast) ي خحتام‎ )۱۹( 


«القومسيون» وهم : «محمد مختار» و«مصطفى خلوصى» و«سلیان يسري» و«مصطفی راغب» 
ووحمد حمدي) و«سعد الدين» ور محمد زکی» و«یوسف شهدي» و«علي غالب» . . وأيضا توقيع 


رئيس القومسيون» «إسماعيل أيوب) . 


اهم 


Converted by Tiff Combine 








و 


مواجهة 


ج [الأستاذ الإمام] 
س [للأستاذ الإمام] 
ج [الأستاذ الإمام] 


س [لمحمود فهمي باشا] : 
: أقول : إن هذا لم يحصل . نعم .. توجهت «للقشلاق» 


ج [محمود باشا] 


س [للحمود باشا] 


: لما سألناك الآن عما إذا كنت توجهت «لقشلاق» عابدين » 


وا nce LBS‏ هناك ينا حضو 
محمود باشا سامي آم لا » فیاذا قلت ؟ 


: قلت : نعم » حصل . 
: محمود باشا أنكر ذلك ؟ 
في مدة وزارته توجهنا «للقشلاق» » وكان معي محمود باشا , 


وصار تحليف الضباط › Saat on‏ 
ماذا تقول يا محمود باشا ؟ 


مراراً ولكن لم يكن الشيخ محمد عبده معي . 


: صار تحليف الضباط أم لا ؟ 


(١0)في‏ التحقيق الذي اجري C‏ حمود سامي باشا البارودي في يوم 0 اكتوبر سئة \AAY‏ م5 ذي 
الفعدة سنة ١١994‏ ه) أنكر البارودي الواقعة الني حكاها الأستاد الإمام في التحقيق معه » 
والخاصة بوجود البارودي في «قشلاق عابدين) عند حلف الضباط لليمين . فاستدعي الاستاذ 


الإمام من السجن وتمت مواجهته بمحمود سامي » وسجلت محاضر التحقيق هذا الحوار الذي 


نثبته هنا . 


e\o 


اج [محمود باشا] 
س [المحمود باشا] 
ج [محمود باشا] 
س [للأستاذ الإمام] 
ج [الأستاذ الإمام] 





لم يحصل ذلك البتة » والشيخ محمد عبده يكذب . 


: ماذا تقول يا شيخ محمد ؟ 
أقول : إنه طلبني » وتوجهنا » وحلف الضباط اليمين على 


مصحف كان موجوداً هناك » وجميع الحاضرين وضعوا 
أيديهم عليه » وبالجملة هوا" , 





١١؟)‏ في محاضر التحقيق أن الأستاذ الإمام عندما أعيد إلى السجن . بعد هذه المواجهة » استصوب 
الاستشهاد بيعقوب سامي » فتمت مواجته بمحمود باشا سامي » حيث ذكر الواقعة كا ذكرها 


الاستاذ الإمام . 


كاه 





فصيدة فى الأحداث العرابية9") 


Gaal‏ ليلي كملسوع تساوره 
الجسم في ألم والروح في قلق 
وما ذنوبي لدى دهري سوى شمم 
سريت للمجد هُونا غير ذي عجل 
مجدي بمجد بلادي كنت أطلبه 
Sls‏ أحس عدأة الفضل مشيتنا 
فأوقفوني شهورا في مقاومة 
وازددثت بسطة جاه م ae‏ مها 
أنزلت نفسي مقاماً لا يحف به 





رضا . 


/ااه 


دهرٌ يبالغ في ad ds one‏ 
زرف الأفاعي وقد شدت أياديه 
والقلب في فزع من خوف آتيه 
يأبى الدنايا وأفكار تضاهيه 
على أساس من التقوى أراعيه 
وشيمة الحر تأبى خفض أهليه 


قاموا على قدم : هيا نناويه 
نجوت ما بعزم هيب ماضيه 
سوى مضيم ومظلوم أنجيه 
إلا الفضائل تعليه وتغليه 
نورا وكان غام الظلم يخفيه 


(۲۲) هذه القصيدة نظمها الأستاذ الإمام وهو في السجن عندما قبض عليه عقب فشل الثورة العرابية» 
وفيها يصور مذهبه في اللإصلاح » ومذهب العرابيين » ثم علاقاته بهم أثناء الشورة » ثم ما 
حدث للثورة من فشل ولحيشها من هزية . ولم يقل الأستاذ الإمام شعرا سوى هذه القصيدة 
وأبيات قليلة أخرى عندما أحس بدنو أجله في مرضه الأخير . ولقد نقلها عنه الشيخ رشيد 


زر لكي كدر انع سراد 
وصحت بالظلم لا تطرق مغانينا 
فخر كل غشوم واجفاً صعقا 
وكنها اميس بل ل مخطالينة 
أنعم به من ee‏ كنت الفه 
وكان لي أمل في وضع قاعدة 
sill Leh‏ طراً في مناهجهم 
حتى يكون نظاماً كل سيرهم 
ويأخحذ العلم والتهذيب مأخذه 
صي الخال ا وا 
وتستفل بلادي في حكومتها 
ويشمل الخصب أنحاها بجملتها 
نقضي Une‏ ونغثى من يشازعنا 
هذا سبيل خببت(57") السير فيه على 
ما كنت أسعى لنفسي في مصالحها 
وكنت أنجح قومي في مكالمة 
Gaels‏ العزم آقوالي ولا عجب 
أقاوم الصعب في سيري فأخفضه 
وإنما الفكر يغني نفس صاحبه 





وزين النطق باهيها بحاليه 
(رياض) راع وعقلٍ من حوارية9") 
وارتج كل ظلوم خحيفة «الهية)*") 
ونثر در لتبيان أوفيه 
وأبغخض الشمس تنثي عن وصاليه 
لكل نوع من الأعمال تحويه 
أن لا يجوروا عن المشروع أو فيه 
بمقتضى الإلف مع فهم يزكيه 
من النفوس فتزهو من دراريه 
ويشهد الكون أنا من مواليه 
ety‏ الترك مفروضاً نؤديه2*؟» 
ويثري القطر قاصيه ودانيه 
بصوت فضل يرج الكل داويه 
رغم الأنوف من البله المعاتيه 
مع الرئيس لاخلاص بتنويبي 
شراب حق وروح الفضل ساقيه 
ولا حسام ولا رمح أرؤيه 
عن الجيوش إذا صحت مباديه 


aK aie ok 


وبينا آنا gals 3 oY‏ ضع المعالي أقول : «الأمر ما (4d‏ 


(1) الإشارة إلى رياض باشا BU‏ النظار » وكان الأستاذ الإمام من أنصاره » grad‏ فط فكري 
متقارب في ar‏ الاصلاح ٍ 

. صوت كان من لوازم «رياض باشا» ناظر النظار » يردده دائم) في حديئه مع جلسائه‎ carn (TE) 

)٠٠(‏ أي تقطع مصر عن الآستانة الجزية التي كانت تدفعها (الويركو) » وتستقل مصر عن تركيا 
العثمانية . 

(15) الخنب : ضرب من العدو يراوح فيه السائر بين يديه ورجليه . 


o۱۸ 


قامت عصابات جند في مدينتنا 
ذاك الذي أنعش الآمال غيرته 
قاموا عليه لأمر کان سید OM‏ 
كان الرئيس حليف العدل منقبة 
جروا مدافعهم صفوا عساكرهم 
فنال ما نال وانفضت جموعهم 
تعالب الشر هبت من مراقدها 
تفلت الحكم من أيد مدبرة 
مانوا XS eo‏ وتضحكني 
حديثهم صخب أسرارهم لحب 
أما سبيل فقد سدثت منازعه 
رجعت أجري على حوف لبداء 
i‏ وراموا خفض منزلتي 

عجت أسأل ماذا في حقائبكم 
7 الرؤوس جواباً أي نعم معنا 
فولولت مهجتي حزناً على وطني 
فأنكر الجهل ضوء gent‏ ضاحية 
لووا رؤوسهم Line‏ بقوتهم 
= بالهزل جدي عل يعجبهم 

عجم القول طورا في مناصحتي 





لرل کی ی کے را 
وخلص القطر فارتاحت أهاليه 
يبخفيه في نفسه AUP‏ مبديه 
وسيد القوم بوي الجور يأتيه 
نادوا بأجمعهم سل ما ترجيه 
أما النظام فقد دكت مبانيه 
وأفسدت من قوام العدل باقيه 
وصار فوضى شتيت الناس يجريه 
حرية ونظام ale eu‏ 
لا عقل لا فهم أين النجح نبغيه 
طبعاً وعز صعودي في مراقيه 
اناد قومى تعالوا لا نعاديه 
تفلف ل Ei Gils: less‏ 
هل ثم فكر وفكري لا يوافيه ؟ 
سياسة السيف فيها الفصل نقضيه 
وقلت[خطب](*)لعلي أن أجليه 
هذا المصاب الذي et.‏ مرازيه 
وظلمة الغي وارت ما تواريه 
واستكبروا النصح أن يصغوالصافيه 
كوالد الطفل يلهيه بمرضيه 
كساحر أمٌ مصروعاً ليرقيه 


(۲۷) الاأشارة 
١1م‏ 

. أي سيد الجند , والمراد أحمد عراي‎ )١8( 

(۲۹) مكانما في المسودة كلمة «سال» » وهي من تصحيحات الشيخ رشيد رضا . 


o\4 


وها سنك البلوق ار wh‏ 
فلم يصيخوا وعجوا في محاضرهم 
by‏ يزالوا حيارى في ترددهم 
وحم حرباً صلاها من بني وطني 
وسح كل غني ماء ٹروته 
وعج كل فقيه في تضرعه 
والمسلمون وكل القبط في نيج 
نادوا بأجمعهم هذي مواطئنا 
Loos‏ الظفر معقود بوحلتهم 
واستدبر اليش واستدعى للتضرته 
وقال أقدم فلا حرب ولا خرب 
فرابه الريب وانهارت عزائمه 
وخالف الأمر واستعصى بقوته 
عازن aside ts To ha‏ 


فانحل عقد نظام (tale OLS‏ 


هذا وهذا إلى ما كان من دحل 
وزاد في الضعف ضعفاً ان Lig‏ 
وقائد dod}‏ شهم في مكالمة 
يستطلع الرأي والتدبير في حلم 
ما كان أحسنه شيخا بزاوية 
أما البلاد فوا غمى لحالتها 
واستنزفت طلبات الحند ثروتها 





(0*) أي اقطعوا . 
(WY)‏ القامة . 
١‏ انظر في (مفكرة الأحداث العرابية) الفقرة «ك» ففيها خطاب الخديو توفيق إلى عرابي ورد عرابي 





هذا الخراب فقدُوا(*" قل( "© باغيه 
قولاً هراء بلا فعل يماليه 
حتى دهاهم gl‏ الهيجا بداهية 
من لا يهاب المنايا إن تغشيه 
كم همي دمع عبني من مآقيه 
كما تفطر قلبي من عواديه 
مع اليهود كأن لا دين يأويه 
eth‏ ای ا 
مال الأمير لأمر كان ينويه 
زعيم عسكسره يبلو مغازيه 
لفت ليش 3 yy,‏ 
إذ كان جيك gill dual‏ منالية 
وناصب الشر مول القطر والب 
وقوة الملك تحمي وجه عاديه 
وبدد الرأي وهم كان يوهيه 
ol J‏ من dy gles Wl LS‏ 
ناس يُرى ضبطهم Lave‏ تلافيه 
أشل قلبا إ إذ ALS Lined!‏ 
من المنامات جل الله هاديه 
يدس سماد سرعلل تان فاته 
م يبق فيها سوى أمر وثنبيه 
واستأسد الدب واشتدت عواديه 


على الخديوي , فإلى هذا الحديث يشير الأستاذ الإمام هنا . 


o۹ 


حكام أريافها هاضوا بأجمعها 
مهاجرو الثغر زادوا في مصائبها 
ماذا أحمل نفسي في مداركتي 
idle ob cls tne bl‏ 
وسقت من منطقي جيشاً أروع به 
حوائج الناس هالاات على قمري 
وينجح الحد مني في وقايتهم 
ولا جزاء أرجيه سوى ألم 
etd AP gad Ons ally‏ 
وبينها الناس أحزاب وأغلبهم 
ساق النظام على الأشتات عسكره 
منا قتيل ومنا هائم جزعا 
في موقع الشرق كانت شر هزمتهم 
وقائد الحلد وافانا بلحيته 
وسلم السيف واستجدى بغفلته 
3,8 الذل فاستدعى مطيته 


N QQ‏ و اع اواو راع ورد وها مدا وا مدا ماع د ود و6 .و 


فهاص في قرم من ضل سحنته") 








واستفرغوامن فقا رالظهر شكويه9"») 
قوم جياع وباع العقل شاريه 
هذا البلاء بتخفيف يسريه ؟! 
مع الأهالي لدى من هم مراميه 
قلب الكمي فأهيه وأدهيه 
ولبين في الناس إل قائل «هیه» ؟! 
ويقشع الظلم مذعورا طواغيه 
يلم بالقلب والانجاز يشفيه 
من [ المنيفين ]0 "© يشدو باسم مسميه 
فصبح التل“ طود من سواریه 
قلبي الجريح فهلا من يداويه ؟! 
والشرق ضأن وذئب الغرب راعيه ! 
يسيل رعبا وثوب العار كاسيه 
عفوا من الحيق المغزو خديويه 
ركضا إليه فوفاه موافيه 


(WA) 


أخرجت من ضغنه أخرى مخازيه 


(۳۳) أي كسروا عظام أهلها وأخرجوا ما لديهم حتى النخاع الشوكي لعظم الظهر ؟! 

(4") هكذا بالمسودة » ونشرها هكذا الشيخ رشيد رضا ووضع أمامها علامة استفهام .. ولعلها 
المؤيفين » المصابين بالآفات » ولقد سبق ان استخدم الأستاذ الإمام في (مفكرة الأحداث 
العرابية) في الفقرة «ف» لفظ «المؤفون» جمع مؤف . وهو من أصابته آفة . 

(5") الإشارة إلى موقعة التل الكبير بين الانجليز وجيش عرابي . 

. هنا حذف الشيخ رشيد رضا بضعة أبيات من القصيدة قاها الإمام في الطعن على سلطان باشا‎ )۳١( 

(۳۷) هکذا رواه الشیخ رشید رضا . 


o1 


الم كن عضي 10 ")غير حتجب 

بى الزمان Ley S‏ وشيله 
نعم له معنا فيهم مداركة 
هذا الزمان زحمناه فذل لنا 
Gt pat beat,‏ لا اشاق 
أحارب الدهر وحدي ليس ينفعني 
تعلم الدهر مني كيف يطعنني 
وليس يعجزني عن كسر فيلقه 
إن المنايا سهام الله سددها 





Je‏ يصلصل کک 
واس 0 ما لست أبقيه 
tof‏ به 0 عيب كنت ا 
فخاب ظنا e es‏ 
إلا Ll‏ 0 فتحميسه 


EH al 


إقبال النولة ؛ حناية عن سلامتها وعلوها ء كأغها مقيلة عل صاحبها تطلبه للخل 
بزمامها » وإن لم يطلبها , وعلو الدولة يعطي العفل مكنة الفكر ويفتح له باب الرشاد 
وإديارها يوقع العقل في الحيرة والارتباك ( فيذهب عنه صائب الرأي : 


(۳۸) العضب السيف القاطع » ويوصف به الرجل الحديد الكلام . 

(۳۹) من معانيه السيف القاطع : 

(4) هكذا رواه الشيخ رشيد رضا . 

. ملاجئة ومحابئة » والمزكا الملجاً‎ )٤١( 

(؟4) من تعليقات الاستاذ الإمام في cet)‏ البلاغة) على قول الإمام علي بن أبي طالب : «صواب الرأي 
بالدول . يقبل بإقبالها ويذهب بذهابها» . انظره في ص 5٠5‏ من الكتاب . 


o۲ 





كتاب 
تاريخ الأحداث العرايية 


ory 


Converted by Tiff Combine 








إل مليك مصر المعظم عباس حلمي (SUL‏ 


مولاي . 

هذا مقام الذاكر لنعمتك » العارف بقدر منتك »› 000 DUAN‏ نيد 
شكرك » التالي في سره وجهره لآيات حمدك » طوقتقى بي إحساناً لم أكن کن أتأمله » إذ أمرتنى 
أمرأً ما كنت أتخيله » مر u‏ ل ل 
في الحوادث العرابية من عهد نشأتها إلى نهايتها . مع بيان أسبابهاء وإسناد الأعمال إلى 
أربابها » سمحت بأن تكون الحقيقة بادية الرواء » حاسرة نقاب الرياء » أي منة أعظم 
من الإذن للحقيقة أن تتجلى بعد أن أنسجت عليها العناكب ..وتدافعت عنا المناكب » 
وسترها عن الأبصار عثر) الأهواء » وحجبها عن البصائر ضلة الاعلياء , 0 
الضعفاء » حتى أنكرها من شهدها . وخبط فيها من سمع خبرها , من تولى كبرها , 
من لم يقف على سرها » ولم يميز لها من خمرها ؟ أي إحسان eee‏ 


)١(‏ هذا هو الخطاب الذي قدم به الأستاذ الإمام الفصل الذي كتبه عن مقدمات الثورة العرابية وأسامها 
إلى الخديو عباس حلمي» وكان قد طلب إل الأستاذ الإمام تحرير كتاب عن أحداثها » وذلك إبان 
الفترة التي حسنت فيها العلاقة بيه| » ولقد توقف الأستاذ الإمام عن إتمام عمله هذا لاسباب 
أهمها سوء علاقته بالخديوي ما جعله يتحرج من مواصلة الكتابة حتى لا يضيف حديثه عن الخديو 
توفيق المزيد من التوتر الذي ساد العلاقة بينه وبين الخديو عباس . ولقد اطلع الشيخ رشيد رضا 
على مسودات هذا الفصل فنشره بأسلوب الأستاذ الإمام أحياناً وبتتخليص منهو هو حيناً . ونحن 
سنشير إلى ذلك في مواطله . 

(؟) العثير (بكسر العين وسكون الثاء وفتح الياء) هو التراب والعجاج . 


مه 





في كشف الغطاء عن حادثة ألمت بعرش الدولة » واضطربت لا أركان الحكومة » وتغير 
لها وجه السلطان . وظهرت بعدها البلاد في شأن جديد ؟ 

علمّ بعوامل هذه الفتنة يقرر تبعة الخطيئة على من اقترفها » ويبريء منها من رمي 
بها » وقد كان الساعي في تسكينها » وحاث التراب في وجهها . وقوفٌ على دخائل هذه 
النازلة يبعد بالعقل الرشيد في مثلها عن الاغترار بظواهر ليست لا سرائر » وصور » إثما 
تنكشف عن غير وعبر » ويجنب الفكر السليم عن ما يشبهها في الزلل في مزالق الخطل » 
ويضيء لأهل العزم » مسالك الحزم » فلمولاي المنة على الحقيقة ومظهرها » حتى قدرها 
Ge‏ قلايها + وانتضاء Gately Laing‏ ينونه + 

مولاي ee‏ ارس ور 
راجع إلى مقال سبقني به غيري » اللهم ! لا إلى بعض الأوامر الرسمية » أو شيء من 
المخابرات السياسية » التي يضطر في بيان الوقائع إلى الإشارة إليها » إذ لا غنى للقارىء 
عن الاطلاع عليها . 

أرفع إلى كرم مولاي المعظم ما استطعت أ ن أعرض على مقامه الفخم . امتثالاً 
لأمره الكريم » معترفاً بقصوري عن إبلاغه منزلة كتاب يستحق النظر » أو عمل من 
الأعمال يليق به أن يذكر » إلا إذا شملته عناية الجناب العالي بحسن القبول فعند ذلك 
تعلو قيمته » وتستكمل له زينته » ويرتد LSS] AS are‏ 6 ان 
الحاسد . أبن الله اطي ركنا ومو و ا و ا 


o 





مصر قبل الافغاني 


ذلك أن أهالي مصر قبل سنة 291791 كانوا يرون شتئونهم العامة » بل 
والخاصة . ملكا لحاكمهم الأعلى ومن يستنيبه عنه في تدبير أمورهم » يتصرف فيها 
حسب إرادته » ويعتقدون أن ا وشقاءهم موكولان إلى أمانته وعدله أو alo‏ 
وظلمه ولا يرى أحد منهم لنفسه UL‏ بحق له أن يبديه في إدارة بلاده » أو إرادة يتقدم بها 
إلى عمل من الأعبال يرى فيه صلاحاً لامته » ولا يعلمون من علاقة بيغهم وبين الحكومة 
ى Ope Ke wel‏ مُصرّفون في) تكلفهم الحكومة به وتضربه عليهم وكانوا غاية في 
البعد عن معرفة ما عليه الأمم الأحرى سواء كانت إسلامية أو أوروبية . 
ومع كثرة من ذهب منهم إلى أوروبا وتعلم فيها على عهد محمد علي باشا الكبير إلى 
ذلك or‏ م الذي ee‏ ‘ وذهاب العدد اما إل ما 0 3 البلاد 
ap‏ رن التي اكتسبث مها . 
ك o‏ 
o SITS NaS Ve a ee‏ 





[فرة هجرية الموافقة لعام كلامام ; 
(١‏ هجرية الموافقة لعام PAV‏ : 





هذه الميئة الشورية لأن مبدع المجلس قيده في النظام وني العمل . . أما في النظام فلأنه 
قد نص فيه على أن نظر المجلس منحصر فيه تراه الحكومة من خصائصه . وما يعن لا 
أن ترسله إليه للمداولة فيه » وأما في العمل فلأنه كان يرسل من قبله عند المداولة من 
يخبر الاعضاء بإرادة جنابه فيقررون ما يريد بعد مداولة صورية » فكانوا يشعرون بأن 
الإرادة المطلقة هي التي كانت ولا تزال تُصَرّفهم في آرائهم . . هل كان لأحد أن يعمل 
على خلاف ما يأمر به ؟ هل كان يمكن لشخص أن بميل بفكره عن الطريق التي رسمت 
له أو الوجهة التي يتوجه إليها الحاكم ؟ لو حدثه الفكر السليم بأن هناك وجهة خيراً من 
تلك هل كان يمكنه أن ينطق بما حدثه به فكره ؟. . كلا . . فإنه كان بجانب كل لفظ 
نفي عن الوطن أو إزهاق للروح أو تجريد من المال . . 

1 وبینا الناس على هذاء لا كانتب ينبههم » ولا خاطب يعظهم » إذ عرض آمر قلا 
يلمت إليه أو تحزم الأفكار حواليه » وإن كان ما يعرض في كل مكان » جرت به السنة 
الإهية في كل زمان . 


o۸ 





جرت سنة الله في خلقه بأن عظائم الأمور تتولد من صغارها » كا أن ضخام 
الأشجار تسق من بذورها » جاء إلى هذه الديار في سنة ۱۲۸1١‏ رجل غريب » بصير 
في الدين عارف بأحوال الأمم » واسع الاطلاع » جم المعارف . جريء القلب » وهو 
by pall‏ بالسيد حمال الدين الأفغاني » وركن إلى الإقامة في مصر . فتعرف إليه في بادىء 
الأمر بعض طلبة العلم » ؛ ثم اختلف اليه كثير من الموظفين والأعيان » ثم انتشر عنه ما 
تخالفت آراء الناس فيه من أفكار وعقائد فكان ذلك Le Gye a ele YI Gl! Les‏ 
علده . 


ثم اشتغل بالتدريس ببعض العلوم العقلية وكان يحضر دروسه كثير من 
العلم » es‏ ن العلياء وغيرهم » وهو في جميع أوقات a‏ 
الناس لا يسأم من الكلام فيا ينير العقل أو يطهر العقيدة أو يذهب بالنفس | je dl‏ 
الأمور » أو يستلفت الفكر إلى النظر في الشئون العامة مما يمس مصلحة البلاد وسكانها . 
وكان طلبة العلم ينتقلون بما يكتبونه من تلك المعارف إلى ديارهم أيام البطالة . 
والزائرون يذهبون بما ينالونه ! لى أحبائهم » فاستيقظت «pelts‏ وانتبهت عقول » 
وحف حجاب الغفلة في أطراف متعددة من البلاد » خصوصاً في القاهرة . كل ذلك 





(0) هجرية الموافقة لعام 1859م . وفيها كانت زيارة الأفغاني الأولى لمصر » ولم يمكث بها كثيراً ولكنه 
عاد إليها ثانية ١۱۸۷م‏ . حیٹ عاش ہا حتی سنة ۱۸۷۹م . 


۹ 





والحاكم القوي ني علو مکانه » أرفع من أن يناله هذا الشعاع في ضعف شأنه » ولا زال 
هذا الشعاع يقوى بالتدريج البطيء » وينتشر في الأنحاء على غير نظام إلى أن نشبت 
الحرب بين الدولة العشانية ودولة الروسيا في سنة 1۲۹۳ . 

وجد الئاس من نفسهم لذة في الاطلاع على ما يكون من شأن الدولة العثمانية 
صاحبة السيادة عليهم مع دولة الروسيا » فتطلعوا إلى ما يرد من أخبار الحرب » وكثرة 
الأجانب في هذه البلاد سهلت ورود الحرائد الأوروبية إلى طلاما من الأوروبيين » 
ومخالطتهم للعامة والخاصة مهدت الطريق إلى العلم بجا فيها > فزاد تشوق الناس إلى 
الوقوف على حوادث تلك الحرب » وسرى هذا الشعور إلى بعض ال حرائد العربية التي 
كانت لا تزال إلى هذا العهد قاصرة على ما لا يم » فانطلقت في ايراد الحوادث 
ونشرها » وظهر فيها الميل إلى إطراء ما كانت تأتي به العساكر الروسية » وازدراء ما كان 
ينسب إلى الجنود العثمانية » فوجد في الناس الناقم على تلك الجرائد والناصر لها , 
وحدث بين العامة نوع من الجدال لم يكن معروفا من قبل » ثم استحدثت جرائد كثيرة 
لباراة ما سبقها في نشر الأنخبار » ومناوأتها في المشرب » واندفعت الرغبات إلى الاشتراك 
فيها إلى حد لا يمكن منعه » وقضى سلطان الوقت على سلطان الارادة القاهرة . 

لم يكن ما ينشر في الجرائد محصوراً في حوادث الحرب » بل اجترأ الكثير منها على 
نشر ما عليه سائر الأمم في سيرتهم السياسية والمعاشية » وزادوا على ذلك نشر ما كان قد 
بدأ في الحكومة المصرية من سوء الأحوال المالية » وكثر المتحدثون بما ينشر في تلك 
الجرائد » وأخذ الشيخ جمال الدين الأفغاني في حمل من يحضر مجلسه من أهل العلم 
وأرباب الأقلام على التحرير وإنشاء الفصول الأدبية والعلمية في مواضيع مختلفة لا تخرج 
جامعتها عن إصلاح الافكار » وتهبذيب DIEM‏ 6 فتسابق الى ذلك الكتاب » وتبارت 
الأقلام » وأخحذت الحرية الفكرية تظهر في الجرائد إلى درجة يظن الناظر فيها أنه في عالم 
خيال » وأرض غير أرض الخبال » ومن يطلع على «جريدة مصر» و«جريدة التجارة» 
وجريدة «مرآة الشرق» و«الأهرام» وصداها » يرى حقيقة ما ذكرنا . 


(7) هجرية الموافقة لعام 181/5م . 


o۰ 





خلاصة ما كثية ( tll Glad‏ رة الى dal‏ 
به ف wl‏ الثورة العرابم 


Mf,‏ الأستاذ كتابه هذا بوصف حالة البلاد المصرية وحكومتها السوءى عندما 
تنازل إسباعيل باشا عن إمارة مصر ووليها توفيق باشا ‏ فبين أولاً بالإيجاز ما كان من 
تداحل دولتي فرنسة وانكلترة في شئون البلاد المالية وغيرها » ومن تأثير المحاكم المختلطة 
في إضعاف سلطة الحكومة » Yad d Gi palll‏ وثروة الأمة » ومن سوء أحوال رجال 
الحكومة وأحوال الجند » ومن تصرف الربويين في استنزاف ثروة الأمة بالربا الفاحش » 
زمساعدة الحكومة هم » ومن الاضطراب العام ف البلاد » وإشرافها على المجاعة › 
وبين أيضاً ما كان عليه أهل مصر إلى ما قبل سنة ۱۲۹۳ من توكلهم على حكومتهم 
في كل شيء » وتسليمهم کک العامة وكذا الخاصة أيضا » إذ كانوا يرون 
كل شيء ملكا لها » Guy‏ أن ن أكثر من تعلم في أوروبة من المصريين من عهد محمد علي 
الكبير إلى ذلك التاريخ لم يغير شيئاً من هذه الحالة » ولا أثر فيها مجلس الشورى الذي 
أبدعه إسماعيل باشا سنة 7117481 ٠‏ لأنه قيده في النظام والعمل » فكان يقرر ما يوعز 
إليه بتقريره » فظل الناس معه على اعتقادهم أنهم عبيد للحاكم لا رأي لهم معه ولا 
أمر . 





(9) كثير من العناوين الفرعية هنا من وضع الشيخ رشيد رضا . 
(8) هنا يعرض الشيخ رشيد رضا ما كتبه الأستاذ الإمام . 

(9) هجرية (سلة 1481/56م) . 

. )م۱۸١١ هجرية (سنة‎ )٠١( 


ااه 





ثم انتقل من هذا إلى Oly‏ مبدأ المضة المعنوية في مصر بإرشاد السيد جمال الدين 
الافغاني وسعيه » فبينْ بالابجاز ما [كان] من تربية نابتة جديدة وترقية أفكارها 
وأقلامها » وما كان من تأثير ذلك في ارتقاء الجرائد العربية » وما أشرق عليها من نور 
الحرية » ومزج هذا بذكر بعض الحوادث الكبرى وتأثيرها في قلوب الناس وأفهامهم , 
كالارتباك الشديد في المالية المصرية الذي أفضى إلى تأليف اللجنة المالية المختلطة , 
وتعيين ناظر انكليزي للالية وناظر فرنسي للأشغال العمومية .» وكأحكام المحكمة 
المختلطة على الخديوي وحكومته . وما تلا ذلك من انطلاق الألسنة والأقلام بالأفكار 
الجديدة «الجحالية) » وما كان من تأثير ذلك في ارتقاء الجرائد العربية » وما أشرق عليها 
من نور «الجالية» » كبيان أنواع الحكومات الاستبدادية والدستورية” ٠‏ » وتأثر ذلك في 
طبقات الأمة » ولكن الشعور بحقوق الأمة في أمر حكم نفسها ومراقبة أعمال حكامها لم 
يسر في هذه النابتة من المصريين إلا وقد صحبه رؤية التصرف الأجنبي في حكومتهم » 
فتعلقت آمال البصراء من الئاس بإصلاح عظيم ولكن لم يبتدوا سبيلا يسلكونه اليه لسوء 
حال الحكومة الوطنية وفساد رجالا » وسوء الظن بالسلطة الأجنبية والخوف من مآلا . 

لم بین أن المخنديو اساعيل ضاق ذرعاً بالوزيرين الأوروبيين » وأخذ يسعى إلى 
الخلاص مہا » فكثرت الإشاعات عن سوء مقاصدمما بإيعاز منه كما كان يقال . وفي 
أثناء ذلك دعي مجلس شورى النواب إلى الاجتماع » فوفد أعضاؤه إلى القاهرة وفي 
أنفسهم ذلك الشعور الشديد بشر الأحوال » ويلوح في أفكارهم الميل إلى الخلاص منه 
eu‏ المجلس في أوائل سنة 290١595‏ في موج من التشويش شديد الاضطراب , 
واتفق أن الحكومة لم تقدم إليه من المسائل التي تطلب نظره فيها إلا ما لا قيمة له“ . 
فكثر الانتقاد على الحكومة . ولما أمرت بإقفال أبواب المجلس سلك بعض النواب 
مسلك الشدة في الجواب عن ذلك الأمر . وحاولوا التوقف عن الانصراف حتى يعلموا 





. مزيدة من عندنا ليتصل الأسلوب‎ )١١( 

)١١(‏ كانت للأفغاني مقالة شهيرة في جريدة (مصر) التي كان يصدرها تلميذة «أديب إسحاق» عن 
(الحكومات الشرقية وأنواعها) . 

(۱۳) هجرية (سنة ۱۸۷۸م) . 

)١4(‏ ما بين القوسين نص كلات الأستاذ الإمام » وبعد ذلك يعود الشيخ رشيد رضا لعرض كلامه 
وتلخيصه . 


oY 





من أحوال الحكومة ما ينبئون به منتخبيهم , وكانت هذه أول مرة ظهر فيها لبعض 
النواب رأي يخالف رأي الحكومة . ولكن الخديو كان يشد عضد أعضاء المجلس في 
المعارضة هذه المرة . 

ثم ذكر قلق ضباط العسكرية من تأخير رواتبهم » »> وإحساسهم بانحراف الخديو 
عن ا مکوت i‏ وضرب لناظرها الانكليزي ٠‏ وإهانتهم 
لرئيس النظار نوبار باشا » وقبض أحدهم عليه من شاربيه » وتصديهم لإهانة سائر 
النظار لولا آن جاء الخديو بنفسه وصرفهم » CAS Lely‏ حركتهم بتحريك منه توسل بها 
إلى اسقاط وزارة نوبار باشا » فتم له ذلك » ولكن لم يمكن اسقاط الناظرَيّن الأوروبيين 
فأدخلا في الوزارة الجديدة التي تألفت برياسة توفيق باشا ولي العهد » وزاد تضييقهها على 
ا لخديو في التصرف » فتوسل إلى عزهم| بوسيلة أحرى وهي طلب أعيان البلاد » لذلك 
اجتمعوا في دار السيد البكري ووضعوا اللائحة الوطنية المشهور أمرها » التي تعهدوا 
فيها بوفاء ديون أوروبة العظيمة › eels‏ ضامئون لا . 


وقد بين الأستاذ ما في هذا العمل من الخطل وقصر النظر . وأنه «أحدث في 
الناس شعوراً بقوة لم يكونوا يعرفونها من قبل » فقد أيقنوا أن الحاكم القوي السلطان قد 
صار في حاجة اليهم » ولا قوام لأمره إلا بالاعتياد عليهم ٠‏ فزادهم ذلك ولوعاً بما كانوا 
يميلون اليه من وجوب اث شتراكهم في أعمال الحكومة دفعاً للمضار التي نشأت عن استقلال 
الحاكم بالرأي » (OP MSL ool ily‏ 

ثم بين سيرة إساعيل باشا بعد ذلك في العود إلى التصرف بأموال الحكومة › 
وتبذيره » وسوء الحالة العامة » وذهاب رياضض باشا ونوبار باشا إلى أوروبة بقتصد 
الاقامة فيها » وسعي الثاني إلى اقناع فرنسة وانكلترة بالسعي إلى خلع الخديو اسماعيل . 
ثم إرسال فرنسة مسيو تريكو مندوباً حاصاً (فوق العادة) ليتحد مع وكيل انكلترة ة في مصر 
في مطالبة الخديو بالتنازل عن الخديوية لولي عهده » واستشارة الخديو لحاشنيته في 
الأمرء واشارة أجهلهم بالسياسة عليه ان لا يتنازل » والجيش حاضر يؤيده » واشارة 
من كان يقال أنه أعلمهم بأن يتنازل . وبين بعد هذا » أن جمهور العقلاء يرون أن رأي 
ذلك الجاهل كان عين الصواب » وأن الخديو لو ظهر لمندوبي الدولتين بجلد الأسد الذي 


)0( 4 بین القوسين نص كليات الأستاذ اللإمام 4 لم يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص : 
oY‏ 





كان يلبسه للمصريين » وعلموا أن دون التنازل حمل السلاح » لأمكنه أن يرضيها 
بوسيلة أخرى مع بقائه على العرش 

«ولكن كان الناس كافة في شوق إلى رؤيته (أي إساعيل) بعيداً عن كرسي 
الخديوية » وطلاب ارب هى الأهان كالوا يترددون عل رتيين الؤزارة المصرية يظهرون 
له اليل اتناف Bilis ty CS. allay si Be gad‏ 
جمال الدين مكالمات ومخابرات في هذا الأمر فسعى هو والكثير من الأعيان عند شريف 
باشا حتى يقنع الخديو الأسبق بوجوب التنازل 3 الخديوية) » وقد فعل » فأشار عليه 
بأن رفض الطلب لا يفيد . وأن الدولتين لا بد أن م ا 
والفكر في الحرب رأي طائش فان الناس Lajas‏ في الحراف عنه » فإذا حصل حرب 
خذله الجيش في أول واقعة وكانت عاقبة ذلك أشنع » وان أمس شيء بالصواب أن يحول 
الأمر على السلطان . 

ثم ذهب وفد من المصريين ومعهم السيد حمال الدين إلى وكيل دولة فرنسا » 
وأبانوا له أن في مصر حزباً وطنياً يطلب الاصلاح ويسعى إليهء وأن الاصلاح لمصر لا 
يتم إلا على يد ولي العهد توفيق باشا . وانتشر ذلك في القاهرة وغيرها . وتناقلته 
الحرائد ٠‏ وهي أول مرة عرف فيها اسم «الحزب الوطني ا 

ثم بين أن السيد جال الدين كان بينه وبين ولي العهد توفيق باشا مكالمات في هذا 
الأمر » وأنه سعى مع الكثير من الأعيان إلى شريف باشا الكبير OL‏ يقنع الخديو 
بالتنازل » وأن أحسن ما يجيب به مندوب الدولتين تفويض الأمر إلى السلطان . وأن السيد 
جمال الدين ذهب بوفد من المصريين إلى وكيل دولة فرنسة وكاشفوه بأمر الحزبالوطني الحر 
الذي يطلب الاصلاح ويرى أنه لا يتم إلا على يد ولي العهد توفيق باشا » وأن ذلك 
تأيبد لرأي شريف باشا في اقناع الخديو بما ذكر آنفاً » فأقنعه فحول الأمر إلى السلطان 
فقبل السلطان تنازله » ونصب توفيق باشا حديويا بدله . 


. ثم يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص‎ » pled القوسين نص كليات الأستاذ‎ Oy Le CV) 


ov’ 





شئون البلاد الصرية في شهر رجب سنة 01171945 


تول ال جناب الخديو السابق توفيق باشا بعد أن تداخلت دولتا فرنسا وانكلترا فى 

شئون البلاد المالية » وارتبطت الحكومة معههما| بعقود ووعود عدت قوانين وأصولاً يجب 
احترامها . وبعد أن كان قد أفضى الأمر إلى تعيين وزيرين ع أحدهما انكليزي للماليةوالآخر 
فرنساوي للأشغال العمومية ف أواخر عهد اسماعيل باشا. وبعد أن كادت أحكام 
المحاكم المختلطة تؤدي بتنفيذها إلى إشهار إفلاس الحكومة » وأدت بالفعل إلى انتزاع 
أملاك كثير من ذوي الثروة من الأهلين . وبعد أن كان موظفو الحكومة من أية طبقة 
كانوا في اضطراب من حالتهم المعاشية لتعود ا حكومة على تأخير ee‏ المرتبات لأرباها 
أشهراً . وبعد أن صار رجال الحكومة في درجة من الغفلة عن مصالح البلاد إلى حد أنهم 
كانوالا يفهمون للوظائف معنى إلا أنها وسيلة لتحصيل النقود من الأهالي بأية طريقة 
Gal‏ منبا شيء في جيوب المباشرين للتحصيل ويرسل الباقي إلى خزائن الخديو أوإل 
صناديق بعض المحتفين به والمقربين إليه . وبعد أن صارت الحندية في البلاد صورة لا 
يعقد بها دفاع ولا حماية » وإنما يراد بها الظهور بعظمة الملك , > فلم يكن فيها تربية 
عسكرية ولا تذدريب حربي » وكثيراً ما كانت تستعمل في حفر الترع وإقامة المسور 
للمنافع العامة أو الخاصة » وكان E‏ إلى ضباط من الأجانب كانوا 
أركان حربها » وعليهم المعول في أغلب Mag‏ 


. هجرية (سنة ۱۸۷۹م)‎ (NY) 


ovo 





وبعد أن فتح على الأهالي أنفسهم باب الاسراف والرفه في المعيشة rants,‏ 
للمقربين من مسند الخديوية ومن يليهم ٠‏ وذلك قبل أن يعرفوا لنفقاتهم ميزاناً صحيحاً 
يعادلون به بين ما بأيديهم من الأموال وما ينفقون في اللذات . وبعد أن نشأ عن هذا 
وعن شره الحكام في التحصيل وعدم رعايتهم لما عليه الأهالي من غنى وفقر » واستع اهم 
أشد العقوبات في سلب ما بأيديهم» أن اضطر الأهالي إلى التداين بالربا الفاحش حتى 
كان صاحب الأرض يأخذ من المرابي المائة بمائة في ثلاثة Lae WS dion OS dy « peel‏ 
ولا يخشى عاقبة » فإن أمامه القدوة العظمى » وهي الحكومة » تستلف النقود بالغ من 
الفائدة لا يكن لعقل عاقل تصديقها لو نسبت إلى حكومة ما لولم برها بعينه . وبعد أن 
صار للربويين بذلك سلطة على الأهلين وطمع في أموالهم يفوقان سلطة الحكام 
وطمعهم . وبعد أن تعود كثير من الذين يسمونهم أكابر البلاد وأعياما » أو ذوات 
الحكومة وأمراءها > على أن يناوا BP OS GAN EN ig pst le MSE ys‏ 
صادفوا کا من رف الخديو أو بعض القربين إليه » فكانوا يسخرون الأهالي في 
أعمالهم الخاصة ويتصرفون فيهم كما يتصرف الراعي في ماشيته بدون أن يراعي أحد 
US‏ نظاماً ولا عدلاً ولا استبقاء منفعة من يوم إلى يوم آخر » وتعود الأهالي على 
الشكوى الى الله وحده من ضيق ال حال وخود العزائم وانطفاء مصابيح الرشد في جميع 
الطبقات . وبعد أن صار كل واحد من الناس في خوف دائم NET‏ 
نفسه وما بيده » | إذا تكلم تعتع في كلامه » وإذا قصد «gla nb de ad] Uae [yf‏ 
يتلفت وراءه خوف مفاجأته بمايكره . وبعد أن كانت الفاقة قد شملت جميع الطبقات 
الدنيا والوسطى حتى خيف القحط العام لو استمرت الحكومة على سيرها الماضي شاخصة 
إلى ما عساه ينزل من الساء ليمدهم با معونة على الخروج مما هم فيه . 

هذه كانت حالة البلاد عندما تولى المرحوم توفيق باشا مسند الخديوية فيها. هذه 
كانت شدائد مهلكة » وظلمات حالكة » يضل فيها الرشيد » ويتعثر فيها العزم 
الشديد . 





الأسباب امباشرة للثورة من سيرة توفيق Lal‏ 


حالة البلاد والترائي بالإصلاح 


Ula ab aay Se‏ أن البلاد دخلت في عهد توفيق باشا في طور جديد من 
الحياة » فقد كان لما من ارشاد السيد جمال الدين وتعاليمه وسعي الحزب الوطني الذي 
ألفه فيها ما فتح أقفال القلوب والعقول لتدرك كنه أعمال حكومتها وما يجب أن تكون 
عليه » وسيرة الأجانب فيها وما يخشى أن تنتهي اليه . فقد تولى هذا الأمير ولاية أمة غير 
الأمة التي كان يتصرف فيها والده تصرف الراعي المالك بالمواشي » ولكن هذا الأمير لم 
يكن شرهاً ولا مسرفاً بل كان عفيفاً رحياً » فكان لطلاب الاصلاح فيه آمال كبيرة › 
حال دون تحقيقها نوع آخر من الضعف فيه وسوء سيرة حاشيته . 


وقد كان أول عمله أن كنب إلى شريف باشا في اليوم الثاني من ولايشه أمرا 
بتشكيل الوزارة » بعد قبول استعفائها » صرح فيه برغبته في تحقيق آمال الأمة فيه , 
واخراجها من الحال السيئة التى هى فيه بالاقتصاد القانوني في نفقات الحكومة , 
والاستقامة في الوظائف العامة » واصلاح القضاء والإدارة » ثم كتب في اليوم الخامس 
أمراً آخر إلى مجلس النظار LOS‏ فيه ما يحقق الآمال بجعل الحكومة شورى » ونظارها 
مسئولين » وتوسيع نظام شورى القوانين » واصلاح المحاكم والمجالس ٠»‏ والسعي 
لتعميم التربية والتعليم ٠‏ وتوسيع دائرة الزراعة والتجارة » ومنح الحرية للعاملين في 


ov 





أعاهم » وصدر ذلك الأمر في ٠١‏ رجب سنة 29015945 , 


(18) وبين الأستاذ أن كل ما ورد في هذا إنما إنعكس على فكر توفيق باشا من الحال الجديدة التي كانت 
عليها خاصة رعيته . 


ofA 





Vere Ys الأجانب‎ 


«وتظاهر الأجانب بالرضاء عن الإصلاح المشروع فيه » وأنشئت جمعية في 
الإسكندرية باسم (مصر الفتاة) لم يكن فيها مصري حقيقي بل كان أكثر أعضائها من 
اشبان الإسرائيليين المنتمين إلى الأجانب . وقد رفعت هذه اللجمعية لائحة إلى الخديو فيها 
من مطالب الحرية ما يستحق الاعتبار » وأنشأت بعد ذلك جريدة (مصر الفتاة) فكانت 
تنشر فصولا حادة الانتقاد وشديدة الموعظة » على حين كان أولئك الأجانب في ظل 
الاستبداد يقرضون الفلاح المئة بمئتين في بضعة أشهر . وكانوا يتصرفون في المصريين 
ene es‏ 

«لكن ما حظ الأجانب في مصر من اطلاق الحرية Or pa‏ وتخؤيلهم 
الاصلاح المرغوب ؟ لو صح شأن المصريين واستنارت عقولهم وكان لحم رأي في إدارة 
بلادهم » هل تزيد الضرائب ويُضيّق على الفلاح في إدائها حتى يأخذ المائة بمائة في 
بضعة اشهر ؟ وهو إنما يأخذها من الأجنبي ؟! ولو وضع نظام ثابت للحكومة المصرية 
يكفل للأهالي سعادتهم » هل يمكن للأجانب أن يتمتعوا بالسلطة والنفوذ الذي يتمتعون 
به تحت السلطة الاستبدادية ؟ وان يكونوا حكاماً في اقتضاء ديونهم واستخدام المصريين 
في مصالحهم ؟! ماذا أصاب الأجانب في عهد الاستبداد ما لا يحبون حتى يطلبوا 


(19) من هنا حتى الحديث عن (مبدأ الفوضى في الجند المصري) كلمات الأآستاذ الإمام بنصها , 
جمعناها ورتبناها لتكون هذا الموضوع الواحد . 


۹ 





الخلاص منه ؟ نعم قد يصح هذا إذا أمكن أن يكونوا ملائكة قديسين يؤثرون سعادة 
المصريين على سعادتهم . ويزهدون في المنافع الخاصة بهم إذا جلبها ضرر عام يصيب 
غيرهم » وأن يكون ذلك الطلب مبدا توبة عما أتوه من قبل("© . 

«وسواء صحت هذه الأقوال أو لم تصح فالمحقق الذي لا ريب به أن وكيل دولة 
فرنسا عندما أحس بمقاصد الخديو وميله إلى مشايعة الإحساس العام أخذ يسعى في إقامة 
الموانع دون ذلك ء ودعا وكيل دولة إنكلترا للإتفاق معه في إقناع الخديو بمضرة هذه 
الأوضاع الجديدة في الوقت الحاضر » وقت الإرتباك في المسائل المالية » وأن دخول 
النواب في تصحيح الموازين ونحوها ما يعوق حل المشاكل الموقوفة > لتشتت الآراء › 
وإفناء الوقت في المداولات » لو تم ذلك وبقاء هذه العقد في الحكومة بدون حل سريع 
قد يؤدي إلى الضرر بسند الخديوية كا حصل من أيام . وساعدهم على ذلك بعض 
الوطنيين من حاشية الحناب الخديوي > ولقرب حادئة الخديوي الأسبق من الأذهان » 
وظهور السبب فيها تأثر الخديو الحديد ببذه الأدلة » ومال إلى غير ما أظهر للعامة في أول 
الأمر »> وصمم على رفض مشروع الإصلاح الجديد لو عرضه شريف باشاء وعندما 
عرض عليه رئيس النظار ما وضعوه في مشروعهم Lae‏ غير رسمي ظهرت عليه 
علامات النفور منه »> غير أنه لم يقطع بعدم قبوله إلى أن جاء الفرمان وتلٍ في إحتفال 
عظيم » وذهب المندوب السلطاني إلى الإسكندرية ليتوجه منها إلى الآستانة يوم الأحد 
غاية شعبان سئة 22571797 . فبعد غروب ذلك اليوم دعا الخديو حضرات النظار 
فوفدوا عليه » وبعد قليل قدموا إستعفاءهم » فقبل وإنصرفوا » والسبب الصحيح 
لوستعفائهم أن شريف باشا صمم على تنفيذ لائحة الإصلاح » ورأى حضرة الخديو 
of OM GLI‏ الإصلاح على هذه الصورة سابق وقته » فلم يقبل ما عرض عليه › 
فاستعفت النظارة وشكل الخديري نظارة جديدة تحت رئاسته» . 


SLI (+)‏ الإمام يعمم هنا الحكم على الأجانب » والذي يطالع (مصر للمصربين) لسليم نقاش 
يجد وثائق تثبت تأيبد العيال الأجانب بمصر مثلا للثورة العرابية » وبرقيات من جمعية (العملة 
الطليان) بالإسكندرية مثلاً إلى السلطات الثورية يومئذ وأجوبة من الحكومة تحبي فيها هذه 
المنظيات ومواقفها إلى جانب الثورة . 

(۲۱) سنة ۱۸۷۹م . 

(۲۲) الخديو توفيق . . فهذه المذكرات كتبت في عهد الخديو عباس حلمي الثاني . 


Oge 





«وبذلت مساع كثيرة في في إخفاء حقيقة سبب الإستعفاء » حتى لا تشعر به الأنفس 
الطاممة ١‏ الإصلا اده ٠‏ الحقيقة سطعث رغ هذه المسا » وكثر الْفَي 
إلى 2 من عي 
والقال في ذلك» ١‏ 


نفي جال الدين من مصر 

وكان وكلاء الدول أرباب النفوذ في مصر يظنون أن محرك هذه الأفكار وباعث 
الأنفس على طلب الحرية ووضع أصول للنظام إنما هو الشيخ جمال الدين » فتقدموا إلى 
الجناب الخديوي بإقامة الأدلة على خطر الرجل » وأخافوه منه » كما أخافوه من النظام 
نفسه » وكان التخلص من النظام بإستعفاء الوزارة . أما التخلص من الشيخ جمال 
الدين فكان بنفيه سادس Mole,‏ أخذ في الطريق آخر الليل وهو ذاهب إلى بيته 
هو وخادمه ٠‏ » وحجز في الضبطية » ولم يمكن من أخذ ثيابه » وبعد أن انتشر ضياء 
الغبار حمل في عربة مقفلة إلى محخطة السكة الحديد . ومنها ذهب تحت المراقبة الشديدة إلى 
السويس » ومنها أنزل في البحر ليسافر إلى «بمباي») » فقطع المسافة بقميص واحد على 
ا اا ا او ا ار ور 
ثلاث جنيهات عثرانية وبعض قروش من الفضة . وهذا المبلغ أخذ منه في السويس » 
فنزل البحر وم يکن معه شيء . ولا شعر بذلك «أحمد بك النقاوي) . وكان قنصل دولة 
إيران في السويس » ذهب لتشييعه » وعرض عليه مبلغاً وافراً من النقد فأبى أن يأخذ منه 
شيعا » هذا ما رواه «أحمد بك النقاوي» ووافقه عليه الشيخ جال الدين عندما سثل عن 
ذلك بعد عودته WAI cy‏ إلى أوروبا . وثاني يوم سفر الشيخ جمال الدين ذهب بعض 
تلامذته إلى بيته فوجدوا بعض أعوان الضبطية يعبئون كتبه » فدهشوا ورجعوا . وكان 
عنده كتب كثيرة في فنون شتی » فاختار منہا أعوان الإصلاح وحفظة الأمن ما إختاروا 
لأنفسهم وحشوا بالباقي بطون الصناديق وأرسلوه إلى بندر «أبو شهر» من بلاد إيران ظنا 
0 لى ذلك الثغر » وبقيت الكتب في حزن الحمرك هناك 
إلى أن أكلها العث هنيئاً مريئاً . 


«أذكر هذه الحادثة لما كان لما من الأثر السىء في أفكار العامة » فقد ذكرتهم بالأيام 


(۲۳) سنة ۱۲۹٩‏ ه (أغسطس سنة ۱۸۷۹ م) . 
)۲٤(‏ هو العارف أبو تراب . 





السالفة » وأحيت ما كان قد مات من ذكرى حوادث المفتش2©*2 وغيره » وفجعت 
آمالهم بشدة هائلة وقسوة شديدة نزلت يمن كان يقول له اللخديوي قبل الحادثة بأيام على 
مسمع من الحاضرين ؛ «إنك أنت موضع bl‏ في مصر أيها السيد) ؟! 
«فاین موضع هذا العمل من الإصلاح الذي كان ينادي به الجناب الخديوي في 
أوامره العالية » وينعش بذكره أرواح الخاصة من الماثلين في حضرته » ويجتهد في إبلاغ 
الشزئ به إلى الكافة ؟ أليس من أول مبادىء الإصلاح تقرير الأمن على الأنفس › 
وكفالة الحقوق بالعدالة ؟ ومتى يكون الأمن إذا م تحقق التهم » ولم يسأل المتهم » وم 
تتضح ال حناية بادلتها الصحيحة » ولم تقدر العقوبة بقدرها» ؟! 
ولا ريب أن الإنزعاج بنفي الشيخ dle‏ الین کان عام wily‏ كان LG‏ 
ولكن الجناب النديو أظهر سروره نما فعل » وتحدث به في محضر جماعة من المشايخ على 
مائدة الإفطار ني رمضان » فأظهر الطرب بذلك من كان لا يعرف لنفسه قيمة في العلم 
والفضل في محضر الشيخ dle‏ الدين » وألزمت الحرائد بنشر الأمر الصادر بالنفي وفيه 
من التقريع See ge‏ ؛ كما أنه كان فيه تشنيع جارح بمن كانوا 
يجتمعون عليه(”2 ٠»‏ فنشره البعض » وأبت إحدى الجرائد نشره لآن محررها كان 
تلامذته «BLAS ode OF de | (Mead‏ } تزد الأفكار إلا حدة > ولا الألسن إلا 
جرأة » ولا الإحساس بضروة الإصلاح | eM‏ وظهورا : 


مبدأ الفوضى في الجند المصري 
ثم بين أنه في حوالي هذه المدة » وقبل | pel ete by ti‏ عله 


عظيم من الجند إلى بلادهم » وتقرر جعل الحيش العامل إثئي عشر ألفاً فقط » وأن 
جماعة من الضباط قدموا بعد ذلك عريضة إلى جناب الخديو يلتمسون فيها عزل ناظر 


(ه٠)‏ الإشارة إلى إسماعيل المفتش الذي استبد بالأمر زمناً على عهد الخيو إسماعيل ge‏ تخلص الخديو 
منه بمؤامرة أودت بحياته . 

(1؟) الإشارة إلى قرار مجلس النظار الذي جاء فيه عن الأفعاني : (إنه رئيس جمعية سرية من الشبان 
ذوي الطيش » مجتمعة على فساد الدين والدنيا» . انظر الأعمال الكاملة لمال الدين الأفغان . 
ON Ge‏ 

(71) الإشارة إلى جريدة (مرآة الشرق) وصاحبها «إبراهيم اللقاني» . 


of 





الحهادية » وبنوا ذلك على أسباب منها : رداءة الماكل وضررها بصحة العساكر » ومنها 
سوء حال المستودعين وعدم النظر في إصلاح معاشهم » فوعدوا بإصلاح الحالة . وبعد 
أيام إستعفت الوزارة ولم بنظر في حال الضباط ولا العساكر بعد ذلك » ولم يتوجه الفكر 
إلى هذه الحركة الفوضوية بالبحث في أسبابها » وإستثصال عواملها من الجيش قبل أن 
تأخذ قوجها ويظهر أثرها بمثل ما ظهر به من بعد" «وإنما قلت إا فوضوية لأن للضباط 
حق الشكوى مما يصل إليهم من الأذى أو ما يجدونه من الضرر » ولكن لا حق هم في 
طلب العزل والنصب » ف) فعلوا كان خارجا عن حد النظام » لهذا كان جديرا 
بالإلتفات) . 


لفوذ الأجالب وأسبابه وغايته 


قفى باستعفاء الوزارة ونفي السيد جمال الدين غرض أرباب النفوذ من الأجانب 
وبعض الوطنيين في منع الإصلاح وإرهاب النفوس الطامحة إليه على ما ظنوا . وبعد 
ذلك أحذ القناصل في إقناع الخديو بأن هذه الوزارة الجديدة تحت رئاسته لا قدرة لها على 
تذليل المصاعب الحاضرة » ومن الضروري أن يوجد مساعدون من الوطنيين والأجانب 
في الوزارة حتى تقوى بذلك على التخلص من الضيق الذي تعانيه الحكومة » وأشاروا 
إلى عودة «ولسن» و«دبلنيار» » فأظهر هم أن ذلك غير ملائم للمصلحة وأنه لا يرضى 
البتة بأن يكون في النظارة أعضاء أوروبيون » لأنه يشوش أفكار المصريين ويؤدي إلى 
ا خبط في الأعال » قال ؛ > ومع ذلك فلو صممت الدولتان على إرجاعههم| وزيرين 
فإني مستعد للإشتراك معهما في العمل وقبول ما يشيران به » وأحسبه| صديقين › 
ولكننى OSB, WS dar oe Lat‏ إنني لا أنكر حاجتنا إلى معونة الأجانب ولكني 
أريد رجالا مثل بارنج 277 » يشتغلون بإصلاح المالية ولا يخلطون الإدارة بالسياسة » 
ويكونون في وظائف سامية غير أنهم لا يكونون وزراء » فأشاروا إلى نوبار باشا فأظهر 





. من هنا حتى علوان (وزارة رياض باشا وتأثيرها في الثورة) كلمات الأستاذ الإمام بنصها‎ )١8( 

(19) أي الخديو توفيق . 

)أي المنديو توفيق . 

)٣٣(‏ هو الذي عرف بعد الإحتلال البريطاني في مصر بإسم اللورد كرومر عندما ولي منصب المعتمد 
fle pS‏ بمصر . 


ofr 





غاية التمنع من قبوله › بل uf‏ أن يسمح بعودته من أوروبا إبعاداً لدسائسه . كما عرف 
ذلك كله وشاع بين العامة وتناقلته الجرائد في حينه » فأشير إلى رياض باشا فأبان شدة 
ميله إليه » وقال : إنه الصديق الحميم والصادق الأمين » وإنتهى الأمر بإستدعائه 
فحضر في النصف الأخير من رمضان » ثم عهد إليه برئاسة النظار في ه شوال سنة 
2215 ., 

collet als‏ العادومة الات الطديوى الرياضن بان الؤذن ety‏ زا 
للنظار يشف عن كمال المودة وتأكيد الثقة وخلوص السريرة في الإعتماد على أمانته » وفيه 
التصريح بأنه لم يقصد بترأسه على مجلس النظار مدة الشهر الذي مضى أن يعيد السلطة 
الشخصية » بل كان ذلك لقتضى الأحوال (رفض لائحة النواب"' » ونفي الشيخ 
جال الدين » إذ لم يظهر حال يقتضي التفرد بالسلطة سوى هذين الأمرين)» . 

ومن المعلوم أن أهم المسائل لدى الحاكم والحكومة في ذلك الوقت هي المسألة التي 
لأجلها أجبر خديو واسع السلطة » مدرب على الملك المطلق سبع عشرة سنة أن يتنازل 
عن مقامه . ويهبط من عرشه » ویترك ملکه » وھ عن اذم ا ا 
والنحيب » ولأجلها ولي خحدیو جدید ناشیء في العمل » لا بأنف لذة الملك » ولا أمهة 
السلطان » وله الحق الكامل في المحافظة على ما وصل إليه بأي الوسائل الممكنة » وآماله 
في المستقبل تستدعيه في كل آن لحل ما وجده من العقد » ووضع حد لتلك المصاعب 
التي جرّت إلى مثل تلك الحادثة العظيمة والإنقلاب الذي لم يكن في حسبان » وتلك 
هي المسألة المالية التي كان يريد الجناب الخديوي أن يأتي على حلها قبل كل المسائل › 
ويفض مشكلها قبل جميع المشاكل » على أنه لم يكن مشكل سواها لولا ما أعقبها ما تولد 
مها . 

لم تكن عقدة الاشكال فيا يمس حالة المصريين وعلاقتهم مع الحكومة في الأمور 
المالية » إذ لم تكن لهم حاجة إلى أمور جسام وأعمال عظام فيا يتعلق بشأنهم مع الحكومة 
من هذه الوجهة » فقد كان يكفي أن تنظم أوقات التحصيل على وجه ما نظمت عليه 


. 1۸۷۹م(‎ daw) dy mem (YY) 
مارس ۷۹م يرفضون فيها التسويات المالية‎ ٩ الإشارة إلى لائحة النواب التي كتبوها ف‎ (TT) 
: ويطالبون بإحترام حقوق الرلان‎ 


ot 





SS 
فيا بعد » وما كان أسهل هذا الأمر في ذاته » على أنه لو بلغ من الصعوبة أقصاها وكان‎ 
فيه من المشاكل ما يصل بين الأرض والساء لما أخذ من إهتمام الحكومة جزءا من المثة بل‎ 
من الألف مما أخذت المسألة المالية في ذلك الوقت . ولما كان خوف العاقبة يتعهد قلوب‎ 
أولي الأمر من وقت إلى آخر . ويحملهم على أعمال ربما لم يكونوا بقصدونها » على علم‎ 

منهم بأنها تبعد عنهم قلوب الرعية وتصرف عنهم ميلها . 


كان معظم الإهتام منصرفاً إلى إرضاء الأجانب » ووضع أساس مكين يضمن 
لهم وفاء ما كانوا ينالون من فوائد الدين الباهظ . ظهر عجز الحكومة عن تأدية بعض 
أقساط من دينها في أوقاتها المحددة في سنة 1817/5 » ولكون الخديو الأسبق كان يريد أن 
يكون ذلك العجز معروفاً عند الدول ذات النفوذ » clay of Udy‏ أيضاً في تحديد 
وجوه eli‏ وطق اليا قدا مه يانه م Ay pall ASU pmo ted‏ عن اذاه 
الدين » ولم يبق من وجوه الوفاء ما يكفي له أعلنت الدول قطع مرتب الآستانة . ونادت 
به ملكا مستقلاً على مصر لا يؤدي خراجاً إلى سلطان آخر ء وكان يسره فیک ا 
ولو على بلاد خربة ورعية ضئيلة وبين خليط من الأجانب يصرفونه في داخلية بلاده 
حسب ما يريدون . ثم لم يكف الخديو الأسبق عن تصرفه الخفي في المالية المصرية بما 
يزيد إرتباكها » وكل| تقدم الزمن ظهر الإختلال فيها age‏ الدول السياسيين 
للتداخل في إصلاحها . ثم هم يجيبونه إلى ما يدعوهم إليه تمكيناً لحق التداخل في 
الشؤون المصرية » إلى أن جر الأمر إلى تعيين لحنة التفتيش العليا ولم يكن فيها إلا 
مصري واحد وسائر أعضائها من الأجانب . وأخذت تتناول البحث في الشؤون المالية » 
وتصل بها ما شاءت من الأمور الإدارية » وكانت أحكام المحاكم المختلطة LY‏ 
الديون السائرة على الحكومة من أشد الضربات عليها . ووقع الحجز على كثير من أملاك 
الخديو , وطلبت الحكومة سبيلاً للتخلص من بعض ورطاتها » فعقدت سلفة «روشيلد)» 
نحت شروط شديدة» ورهنت بعضص أملاكهاء وضمنت ما تعجز الأملاك ae‏ 
وفائه » كانه هن (cae tee‏ على ULL‏ © ومشکلا فوق المشاكل » فقد 
ای بیت روشيلد أن يؤدي بقية السلفة بعد ما دفع شيئاً منها » وطلب شروطاً أخرى » 
yf Ly po uth alls‏ لها سن law‏ عن تلك السلفة » وبذلك وقع الخديو 
الأسبق في شباك من حبائل السياسة التي ألقى بنفسه فيها إخيتاراً لا يشوبه شيىء من 


ago 





الإضطرار » وصدق فيه القول القائل «إنه صرف مائة مليون من الجنيهات أخذها 
بأفحش الفائدة » وأنفق معها ماثتين وحمسين E‏ تناولما من الرعية بأشد أنواع 
العذاب » وقضى مع ذلك مدة سبعة عشر سنة في سلطة تامة وكلمة نافذة ‏ كل ذلك لآن 
يعد بلاده ومهبيئها لنفوذ أجنبي يسوسها » ولأن يسجل عليها إستكانة وذلاً يتعذر 
الخلاص منهها » بل كان يبيء نفسه WL‏ والسلطان للسقوط تحت سيطرة مسيطر لا 
يرحم » ورقيب يعجز عقله الذكي عن إخفاء شيء دون علمه » بل قاهر شديد يضعف 
سلطانه القوي عن مناوأته . وهكذا كان يبذل جهد المستطيع في إضاعة نفسه » وهو 
يظن أنه ساع إلى الإستبداد بالملك والوصول إلى الإستقلال به » وهذا سمح بأن يأتي 
وكلاء عن أرباب الديون ليبحثوا في شؤون المالية » وأظهر لحم قبول ما طلبوه بعد 
بحثهم » وعين مراقبة من الأجانب على عموم حسابات الالية . ولم يكتف بأن يكون 
شأنه مع دائنيه يا هي القاعدة المعروفة في كل مالك العام بل حول المسألة من مالية إلى 
سياسية » وأدخل فيها القناصل والوكلاء السياسيين ليصل بهم إلى ذلك الغرض السامي 
الذي كان يتخيله » وهي فرصة لا يضيعها أهل البصائر النافذة من وكلاء الدول ذات 
المصالح السياسية والتجارية في مصر . 


ومن المقرر عن الأوروبيين أن العادة قانون » وأن العادة تتأصل بمرة فها بالك 
بالرات الكثيرة » فلهذا إنقلبت المسألة المالية آخر الأمر إلى سياسية محضة » وما أخذه 
الأوروبيون من حق التدخل في شئونها أ صبح أمراً مقرراً وقانوناً واجب الرعاية » ول يعد 
لأحد من حكامنا أن يفكر في yT‏ وجد الأجانب من الأدلة 
ما يحجون به المنازع إذ كانوا يقولون : «لا : ثقة بوعد » ولا إعتماد على عهد » فقد وعد 
الحاكم السابق وأخاف . وعقد ونقض » ولم نره يوماً تى بعمل تكون النية فيه خالصة 
لنفع بلاده , ولم نر له ثرا في البلاد تساوي قيمته ما صرف فيه » والحاكم Cade hl‏ 
العهد لا نعلم ما يكون منه » ولا نريد أن نقع في التجربة مرة أخرى . فلا بد من أخحذ 
الإحتياط الشديد من بداية الأمر » ولا كان توفير امال الذي يقوم بوفاء الدين وضبط 
حسابه موقوفاً على ضبط جميع الإدارات والمصالح . »> فلا بد أن يكون لنا نوع من المراقبة 
عليها » حتى نكون على ثقة من أن حالتها لا تنقص الإيراد ولا تزيد في النفقة » ولما كان 
الفلاح هو العامل الفرد في سوق الأموال إلى الخزينة ومنها إلى الدائنين » فشأنه مرتبط 
بشئون الداثنين ولا يثمر عمل الفلاح إلا إذا كان آمناً على نفسه وماله » فلنا حق 


of 





المراقبة على كل ما يتعلق بالفلاح من هذه الجهة . والنتيجة التي لا شبهة فيها بعد تسليم 
هذه المقدمات أن لنا حق السيطرة على الحكومة المصرية بجميع فروعها لكن تحت اسم 
المراقبة المالية» وزاد نفوذهم شدة تدخلهم في خلع إساعيل باشاء فههنا كان موضع 
الاشكال » ومن هذا كان ينبوع المخافة والإضطراب على المسند الجديد . 

قبلت الدولتان ما طلبه جناب الخديو السابق في عدم تعيين وزيرين أوروبيين » 
ولكنبيا صممتم) على تعيين مراقبين عموميين يقيمان في نظارة المالية ونفوذهما يشمل جميع 
الإدارات المصرية ء وراتبهما ينالانه من الحكومة أوفر بكثير من راتب وزيرين » وصدر 
الأمر بتعيبهم| قبل توسيد رئاسة النظار إلى رياض باشا بأيام » ولا تعين رياض باشا رئيساً 
للنظار وجد بسيو «بارنج» (اللورد كرومر) rece Lule‏ بقلم الويرادات . وموسيو 
«دوبلنیار») محاسياً عمومياً لقلم المحاسبة وإدارة الدين العمومي » ولم يبق الكلام إلا في 
تحديد وظائفها » كأن عنوان الوظيفة لم يكن oi SiS‏ معناها » وبعد قليل قدم 
قنصا دولتي فرنسا وإنكلترا لائحة تحدد وظائف المراقبين » وبعد مداولة طويلة في مجلس 
النظار ونزاع شديد بينهم قبلت اللائحة كما قدمت تقريباً » وصدر الأمر بتحديد وظائفهه| 
على وجه أن لما في الأمور المالية حق المراقبة قبة غير المحدودة على جميع المصالح العمومية » 
وعلى الوزراء والمأمورين من أي رتبة كانوا أن يقدموا إلى المراقبين كل ما يطلبانه من 
الإفادات . وعلى ناظر المالية أن يقدم إليها كل أسبوع كشفاً مفصالً عن دخل نظارته 
ونفقتها » وعلى كل إدارة أن تقدم كشفاً مفصلاً كذلك في كل شهر » ويتقاسم المراقبان 
النظر في المصالح العمومية التي يكون من شأن) مراقبتها والإشراف عليها بمقتضى 
الحقوق المثبتة لما في ذلك الأمر الخديوي , وتقرر لهما مقام في مجلس النظار برأي 
TO cyt‏ 6 وتقرر أن لا يعزلا إلا بموافقة حكومتيه| » ولما أن يعزلا وأن ينصبا جميع 
الموظفين في إدارة التفتيش . وأن يعينا لهم الرواتب , وهما اللذان يضعان برنامج 
(ميزانية) التفتيش على حسب ما يريدان » وعلى الحكومة أن تصرف لما ما يطلبان صرفه 
بلا معارضة » ومن هذا ترى أن تحديد الوظائف كان عبارةعن رفع كل حد يوهمه عنوان 
وظيفته| » وإطلاق حق المراقبة عن كل قيد . 

وقد ذكر في ذلك الأمر ما نصه : «أن حكومتي فرنسا وإنكلترا قد رضيتا بأن 


(5) أي أن لما حق حضور مجلس النظار والإشتراك في مناقشاته » دون حق التصويت . 


o۷ 





المراقبين العموميين لا يتداخلان في الوقت الحاضر في إدارة المصالح الإدارية والمالية » 
فالمراقبان يقتصران الآن أن يقدما إلينا ‏ «الخديو» ‏ وإلى وزارائنا ما تبديه) إليه مراقبتها 
من الملاحظات) . فهذا التقييد «بالوقت الحاضر) يدل على ما كان بين الدولتين 
والحكومة من المخابرات . واعتذار القنصلين بإسم دولتيهما بعد صدور الأمر الخديوي 
عن ألفاظ «الوقت الحاضر) و«الآن» المسطورة في الأمر الخديوي وتأويلها على وجه لم يزد 
القصد إلا ظهورا « يشير إلى أن الأمر سطر برأي القنصلين» وأن الحكومة تضجرت من 
هذا الوعيد بعد صدور الأمر كا تضجرت منه قبله » ولكن لم يتعطف القنصلان 
لورضائها إلا بعد إمضائه » وكانت الترضية عبارة عن إبقاء الألفاظ وتأويلها بما لا يفهم 
منها ليجري حكمها يا وضعت . 
لم يمر ذلك على الأنفس والعقول بلا أثر خادش وهزة أسف عامة لكل من كان 

يلوح في قلبه شعاع الفكر » ويدور في خلده خيال الميل إلى استقلال البلاد » ووضع 
الإصلاح فيها على قواعد سليمة » وإحاطته بما ينقي أعمال السلطة العليا من كل قصد 
إلى غير مصلحة الرعية » ويصوها عن كل غرض يسوق إلى تأييد السلطة الأجنبية › 
بعدما عرفت آثارها وتمكنت من النفوس النفرة منها . وقد تحدث الناس بذلك بمجرد 

تعيين المراقبين » وأكثروا الإنتقاد عليه قبل مجيء رياض باشا » وقبل أن تبين حدود 
المراقبة على هذا الوجه > وبعد أن نشر هذا الأمر وعرفه العام والخاص لم يدع ge UL}‏ 
أنطقه نطقه » ولا قلا حتی أطلقه » وجرائد ذلك التاريخ شاهدة به . 


وهنا أترك تسلسل الحوادث وتوارد الأسباب التي جرت إلى الثورة حتى أفرغ من 
ذكر ما تم من الإصلاح مدة وزارة رياض باشا وما تحولت إليه أحوال المصريين وما 
عرض على أفكارهم ما بحسب تقدما وتأخراً > آتي على ذلك بإجمال يغني عن تفصيل إن 
شاء الله » ثم ترى بعد ذلك سلسلة الحوادث قد إتصلت حلقاتها Ue‏ ذكرناه سابقاً بدون 
حاجة للتنبيه إلى العود إليه . 





وزارة رياض باشا وتأثيرها في الثورة 


Say‏ الأستاذ : أن رياض باشا حفظ لنفسه وزارة الداخلية أصالة لإصلاح ال حال 
العامة » ونظارة المالية نيابة مؤفتة لحل مشاكلها مع الأجانب » وأنه سار في الإصلاح 
سيرة حميدة لا عيب فيها إلا محاولة تعميم العدل والمساواة فيها بسرعة . 
إلغاء رياض باشا للسخرة 

كان أول إصلاح aa‏ به إلغاء «السخرة الشخصية» وكان التسخير في = 
المصرية نوعين : : bales ile‏ . أما العام فهو إكراه الحكومة الأهالي على العمل بغير أجر 
في المصالح العامة » كإقامة الحسور (الحواجز) على الأنهار العظيمة » وحفر Syl‏ 
الكبيرة » وتشييد كل بناء يقام باسم الحكومة . وأما الخاص فهو إلزام الأعلياء من دونهم 
العمل في منافعهم الخاصة بغير أجرة » ؛كالعمل في المباني والأراضي بجميع أنواعه » 
فكان جميع الوجهاء , on‏ موظفي الحكومة يرهقون الأهالي بهذه السخرة . ويقرنونها 
بالضرب والإهانة. حتى أن بعضهم كان يضرب DIS OV) (ORAL > anh Cue DUI‏ 
كل ذات من الذوات الفخام له بلاد تتعلق به » يستخدم سکاا في أراضيه بأشخاصهم 
وماشيتهم في جميع مواسم الزراعة » على شرط أن يحمل العاملون أزوادهم وأقواتهم 
وأدوات العمل وغذاء ماشيتهم من ديارهم » إذا كانت البلاد قريبة » فإن كانت بعيدة 





(10) العبارات بين القوسين تلخيص من الشيخ رشيد رضا لكلمات الأستاذ الإمام . 
(") هنا تبدأ كلمات الأستاذ الإمام بنصها . 


4 





سمح مم بغذاء الماش شية دون غذاء الآدميين » ولكنه لا يسمح هم بأماكن تقي من المطر 
والبرد في في أيام الشتاء » ولا بمستظل يقيهم ا لحر في أيام الصيف . فكان القر يقتلهم شتاء 
el‏ يذيبهم Mine‏ وبين الأستاذ ضرر ذلك في الأنفس وقتله الشعور والإستقلال 
والإرادة . 


شدد الوزير في إلغاء السخرة بنوعيها وبالغ في ذلك“ , «حتى أنه آخل مدير 
القليوبية مرة في إرسال بعض أشبخاص من أهاليها لحفر الترعة التوفيقية التي تصل. إلى 
أراضي القبة لأنها خاصة بالخديو. ووبخ المدير توبيخاً شديداً » وعرض الأمر على 
الخديو فاستحسنه . ولكن لم يذهب بلا أثر في نفسه . فإن مبالغته في العدالة إلى هذا 
الحد مما لا يلتئم مع السلطة العليا في مصر مها كانت منزلة الحاكم من الكمال ‏ فانظر 
ماذا يكون في نفوس أكابر رجال الحكومة السابقين بل والحاليين من رياض بعد حرمانهم 
من منافع أبدان الرعية بغتة بلا تدريج . 

ثم أن رياض باشا شرع في وضع نظام لتوزيع الإعانة على الأعمال العمومية يكون 
wo Vay‏ السخرة |S‏ أشارت لحنة التفتيش العليا من الأجانب ‏ وكان أساس هذا النظام 
التخيير بين العمل البدني ودفع بدل نقدي » فخف الويل عن كثير من الفلاحين » 
وشعروا بأن أوقاء ا ك 
Lie‏ فريد باشا مدير الشرقية لإرساله مئتي رجل لإصلاح ما جرفه السيل من سكة 
حديد السويس إذ طلبت مصلحة سكة الحديد العمومية منه ذلك حسب العادة » هذا 
وأن فريد باشا كان من رجال رياض الذين يحبهم ويحبونه » وبيها شبه قرابة » وم 
يكتف بذلك حتى كتب منشوراً عاماً لجميع المديرين يحذرهم من مثل ذلك » وقد كتب 
ون ها اور کت اا ار م رک غ ا ف صورة ا اا 
بغرضه من التسوية بشأن الأهالي > وآخحر الأمر دعاني لتحرير ذلك المنشور فكتبته 
وذكرت فيه COVELL‏ وأتذكر منه هذه الفقرة «وليعلم المديرون والأهالي as‏ 
والمأمورون) Lage‏ أن الأهالي ا ا لأحد » ولا لأحد عليهم سلطان إلا في يتعلق 


. هنا 00 كليات الأستاذ الإمام ويبدأ 5 تلخيص الشيخ رشيد رضا‎ (YY) 

(78) هنا تبد أ كليات الأستاذ امام بنصها . 

(9) الإشارة إلى مقال الأستاذ الإمام في (الوقائع المصرية) العدد 407 في "١‏ اكتوبر سئة ٠18١م‏ تحت 
عنوان (احترام قوانين الحكومة وأوامرها من سعادة الأمة) انظره في هذا اللحزء . 


00۹ 





بمنافعهم عامة أو حاصة » وهذا تصر بح من رئيس الحكومة النائب عن الحلاب الخدير 
بإعتاق الأهالي من عبودية التسخخير . بل من العبودية للحاكم الأعلى على وجه 
الإطلاف» > وهذا ما لم يعهد له مثيل من قبل . 


العدل في توزيع مياه النبل 


واهتم رياض باشا بأن توزع مياه النيل بالقسط . وقد كان الفقراء لا ينالون من 
النيل أيام هبوطه إلا فضلات ما يزيد عن حاجة الأغنياء » وشدد رياض باشا على نظارة 
الأشغال العمومية في تنفيذ ذلك » على الكبير والصغير('؟». وذكر الأستاذ من الشواهد 
على ذلك تنفيذ عمل يحول دون ما كان يستفيده «بوليئو باشا» من آلة بخارية له يبيع الماء 
الذي ترفعه للفلاحين حتى في أيام الفيضان التي يجدون فيها الماء بغير ثمن » وأن «بولينو 
باشا) جاء برجاله مسلحين ليمنعوا فتح الترعة النى يسقي منها الأهالي » فأمر رياض 
باشا بفتح الترعة ولو بقوة السلاح » ففتحت تحت حماية العساكر المصرية . 
إلغاء ضرائب وترك بقايا 

لم تمض على وزارة رياض باشا بضعة أشهر حتى ألغي ثلاثون ضريبة ونيف من 
الضرائب الصغيرة كانت أضرت بالمصنوعات والأعمال التجارية والصناعة الخاصة 
بالوطنيين وبحال المزارعين » وزيد مئة وخمسون ألف جنيه على ضريبة الأطيان العشورية 
تعويضاً لما فات بإلغاء تلك الضرائب » فخف بذلك عن الفقراء ما ثقل على الأغنياء » 
وهو نما Y‏ يمحي أثره من أنفس الفريقين > وذهب الأفواج من التجار والصناع ليعلنوا 
شكرهم للجناب الخديو على إلغاء تلك الرسوم ولكن الكبراء لم يحفلوا بذلك ولا 
شاركوا الشاكرين » ثم عفت الحكومة عا عجزت عن تحصيله من الرسوم والضرائب 
المتأخرة إلى سنة ۱۸۷١‏ . 


وضع ميزانية الحكومة والتحصيل 

EMD‏ ثم نظم برنامج الإيراد والمنصرف من مال الحكومة » وشكلت BL‏ لسماع 
(40) هنا ينتهي نص كلءات الأستاذ الإمام ويبدأ تلخيص الشيخ رشيد رضا . 
)51١(‏ النص من هنا هو للأستاذ الإمام : 


أمه 





شكايات المطالبين بالضرائب وانصافهم » ووضع نظام للتحصيل في الأوقات المعينة على 
حسب مواسم الزراعة» وعرف الفلاح ما له وما عليه » . وضع هذا طبقاً لما أشارت 
ل 

ثم ظهر عقب ذلك مبدأ المساواة بين الأغنياء والفقراء » والوطنيين والأجانب في 
التحصيل . وكان الأغنياء يماطلون عدة سنين » وكثيراً ما يعفى عنهم بعد ذلك . وظهر 
عند التنفيذ أن بعض أغنياء الأجانب كان في ذمته ضرائب سبع سنين فحصلت منه بقوة 
الحكومة » وهذا جما لم يكن يسمع به من قبل . 


إبطال الكر باج 

صدر الأمر بإبطال الضرب بالكبرباج في deat‏ الأموال الأميرية » فعجب كثير 
من الناس لذلك وقالوا : كيف يمكن أن يحصل مال من الفلاح بدون ضرب ؟ وأنكره 
كثير من المديرين » وظنوا أنه قد هدم ركن عظيم من سلطان الحكومة . 
إبطال الحبس في تحصيل الحقوق 

صدرت الأوامر مشددة es‏ ابس لتحصيل الحقوق سواء كانت أميرية أو 
شخصية » ولقي تنفيذها مصاعب ومقاومات شديدة » لتمكن الميل إلى الظلم من أنفس 
ast‏ الحکام » ولکن لم تأت آخر مدة رياض باشا حتى كان قد محى إلا ما ندر “١‏ . 
ومن غرائب آثار تعود الظلم ورؤيته ملازماً للسلطة بمصر أن الذين حفظت أبدانهم من 
الضرب والحلد وأرواحهم وأجسامهم من الحبس في سبيل اقتضاء الحقوق ‏ سواء 
كانت للحكومة أو للأفراد ‏ كانوا يعدون تلك الأوامر مخالفة لما يجب أن يعاملوا به » وأنه 
لا يفيد إلا الكرباج » كما لا يزال قوم منهم يقولون ذلك ee‏ هزأون بتلك 
da I‏ 6 اللهم إلا الذين لمع في عقولهم روح الفهم , ووصل | لى أبصارهم شعاع 
الإحساس Le‏ للإنسان من حق التكرمة التى خحصه الله ا . 
قانون التصفية 

بعل wl ple‏ طالف مدتہا ر بين الحكومة المصرية والدول العادلة الفخيمة » قبلت 
)٤۲(‏ من هنا يبدأ الشبخ رشيد رضا العرض والتلخيص لكلام الأستاذ الإمام . 
)٤۳(‏ الحديث من هنا للأستاذ الإمام بنص كلماته . 


aoyY 





الدول تشكيل لحنة لتصفية الديون المصرية التي استدانها شخص إساعيل LBL‏ ولا 
يعرف في البلاد من آثارها في المنافع العامة إلا القليل » قبلت الدول العادلة أن تؤلف 
لجنة من رجاها ليقضوا للدائنين من رعاياها على الحكومة المصرية » dy‏ يكن في اللجنة 
من المصريين إلا عضو واحد » قضت عدالة الدول المتمدنة أن تصادف المخابرات في 
ذلك صعوبات . وحتى يكون القبول مقروناً بالتفويض التام » وخضوع الحكومة 
المصرية لكل ما يطلبه وكلاء الدائنين » وصدر الأمر بتشكيلها تحت رياسة السر «ريفرس 
ولسون» في 7١‏ مارس نة ۱۸۸١‏ وبعد مدة أصدرت اللجنة قانون التصفية الذي اشتهر 
أمره ولا يزال من أصول الحكومة المصرية إلى الآن» . 


)6( ثم ذكر الأستاذ أ هم مسائل هذا القانون » وكيفية توزيع الحكومة 
ودحل بعض الأملاك على cn‏ ومنها أنه قدر لنفقات الحكومة أربعة ملايين 
و٩٩‏ » ۸٩۷‏ جنيهاً وفيها وويركو)(*4 الآستانة وفوائد قنال السويس »وتكميل النقص 
الذي يحصل في الإيرادات المخصصة . وسنوية المقابلة » وما بقي من مالية القطر 
المصري فهو للدين وفوائده . 

بعد أن أطال في مسائل هذا القانون , ذكر أن تأثيره كان حسناً وعلى ما فيه من 
غبن ل ين الحكومة وجعلها تحت مراقبة الأجانب وتصرفهم فقال : 


ر«کان یوم أمضى هذا القانون من الأيام المعروفة في تاريخ مصر . وقد احتفل 
له في الإسكندرية جماهير من أهالي القطر المصري » وعد الناس ذلك اليوم من الأعياد 
الوطنية في ذلك الوقت » وقالوا إنه فاتحة الطمأنينة وضهان من الإضطراب الذي كان 
ght‏ منه » وني الحقيقة کان هذا القانون فاصلا بين ماض قلق مشوش » كان يتعسر 
السير فيه » وبين مستقبل واضح معروف كما lL gf‏ الخديو وصرح مرارا من أنه 
يريد فصلا بين الماضي والمستقبل - وأهم ما غنمته الحكومة منه رضاء أوروبا عن الحالة 
التي قررها » واطمئنان الأهالي والجناب العالي على مسند الخديوية » وانقطاع المخاوف 


أ الشيخ رشيد رضا من هنا في العرض والتلخيص لكلام الأستاذ الإمام . 
)٤٥(‏ آي الحزية التي كانت تأخحذها من مصر باعتبارها ولاية عثانية ذات وضع خاص . 
ot (£71)‏ الكلام هنا للأستاذ الإمام . 


oof 





التي كانت المشاكل الالية تثيرها في الأوهام عندما يخطر بالبال حادثئة فصل إساعيل 
باشا » وبتلك الطمأنينة كان الفرح ها كالإحتفال . 
عمل المؤلف في المطبوعات 

كانت الجريدة الرسمية توزع على المأمورين وعمد البلاد توزيع الضرائب . ترسل 
إلى من ترسل إليه بغير طلبه » ويجبر على دفع قيمتها بالوسائل التي كان يجبر بها الممولون 
على الدفع . فأراد رياض باشا أن يجعل للجريدة الرسمية قيمة في ذاتها تحمل الناس 
على طلبها رغبة فيها ليقفوا على ما تضمنته من الأوامر واللوائح » فيكونوا على بصيرة مما 
تريده الحكومة بهم ومنهم » من غير إكراه من الحكومة لهم على ذلك . وكان قد أحس 
بتوجه الأفكار إلى طلب شيء من طلاوة العبارة » ووفرة المعنى » وحسن الإنتقاد . أما 
أوامر الحكومة وحدها فلم تكن مما تحرك النفوس للإطلاع عليها في الجريدة الرسمية , 
لأن المأمورين يعرفونها من طريق أخرى . والأهالي لم يكونوا قد تعودوا معاملة الحكومة 
بما تنشره » ولا على أن تكون طاعتهم لما منحصرة فيا يكتب وينشر بوجه رسمي . ولا 
على الثقة بأن الحكومة تقف عند ما تحده في أوامرها , لهذا لم يكن لحم اهتمام في الأغلب 
إلا بأشخاص الحاكمين دون ما يكتبونه » وم يكن في الجريدة الرسمية وراء أوامر 
الحكومة إلا مدائح للجناب الخديو وبعض كبار المأمورين » على الطريقة القدية » وهذا 
مما كان ينفر من رؤيتها » فطلب رياض باشا وسيلة لتغيبر طريقة التحرير » وتحريرها 
على وجه يستميل الناس للإطلاع عليها » ورغب مع ذلك أن تكون يومية » فهداه بحثه 
إلى تعيين (الكاتب)"“ في تحرير تلك الجريدة » وكان الجناب الخديو في انحراف عنه 
لأسباب غير معروفة » وإنما قيل عنه إنه كان موضع ثقة الشيخ جال الدين » فاجتهد 
رياض باشا في استرضائه فرضي بتعيينه » sett day WU Le ced‏ ذاكره في 
الطريقة التي يمكن بها إصلاح الجريدة » فعرض له ما رآه في تقرير واف » فأمر بأن تنظر 
في التقرير الحنة تؤلف من وكيل الداخلية » ومدير المطبوعات » وكاتب التقرير » ثم 
توضح لابحة لقلم المطبوعات وتحرير الجريدة الرسمية » فوضعت اللائحة في قليل من 
الزمن » وأمضاها رياض باشا » وعين صاحب التقرير رئيساً لقلم تحرير الجريدة 
الرسمية العربية » فانتخب نحررين مجيدين تستميل الناس أقلامهم » وتنبعث الرغبات 


)¥( أي الأستاذ الإمام : 


oof 





إلى النظر فيا يقولون » فتحول حال الجريدة الرسمية إلى ما حمده العامة والخاصة . 

«وقد يقول غير العارف بسير الحوادث» : وما مكان الجريدة الرسمية من تاريخ 
مصر ؟ سعادتها أو شقائها طمأنينتها أو قلقها . تقدمها أو تأخرها ؟.. فنجيبه : بأن 
تاريخ مصر إن كان مجموع حوادث Gad‏ ها حياة سياسية وأدبية وعقلية » فلتغيير سير 
الجريدة الرسمية وتحرير إدارتاها » مكان رفيع من تلك الحوادث ء ومقام سام من ذلك 
التاريخ كما سنبينه » وإن كان تاريخ مصر تاريخ مادة جسمية حيوية تنمو وتغتذي 
وتموت 2 فالبحث فيه من خصائص علم التاريخ الطبيعي » ولا علاقة لنا به الآن › 
وربما تبسم استخفافاً بالأمر بعض الغفل الذين ل يتعودوا النظر في طبيعة ترقي را 
js‏ إحساسهم إلا الصادعة » والعواصف القارعة ؛ وهم من موضوع التاريخ 
الطبيعي كم قلنا . 

واضع لائحة الجريدة الرسمية » لم يكن من أرباب المنازل السامية في مصرء 
ولکنه نٻٽ في تربتها» واتصلت حياته بحياتها » وأشربت مداركه الإحساس 
بحاجتها . فكلما تناول عمل ما له علاقة ب بشئونها العامة فتح له هذا الإحساس باباً من 
المعرفة بطريق إيصال منفعة من المنافع إليها › ٠‏ فلما دعي لوضع اللائحة أودعها Lilet‏ 
غريبة في باءها » يعجب الا الناظر فيها , خضوضاً إذا كان من أبناء الشعوب المتمدنة » 
أو من المقلدين للمتمدنين » ولكن لكل بلاد طبيعة خاصة بها » ولكل قوم حاجات 
تختلف باختلاف البقاع والأزمان . 

تضمنث اللائحة : أن جميع إدارات الحكومة ومصالحها الكبرى والمحاكم 
(المجالس الملغاة) ملزمة بأن تكتب إلى إدارة المطبوعات بجميع ما لديهاء من الأعال 
ee‏ 
أحكامها , وأن لإدارة الجريدة الرسمية حق الإنتقاد على أي عمل من الأعمال عندما 
ترى له وجهاً » حتی أعال نظارة SS‏ كانت الإدارة را ا وإذا 
CS‏ عربية أو أجنبية » ذاكرا لخلل في عمل أو سوء 
تصرف في Cas OF GSI GUL‏ بواسطة نظارة الداخلية إلى النظارة و الإدارة الي 
oe‏ فاق کان ا Sof ay hl as‏ اط : 
بواسطة رؤسائه » وأشعرت إدارة المطبوعات بذلك » ونشر في الجريدة الرسمية » وإن 
كان باطلً كلف صاحب الجريدة إثبات ما ذكره » وإن من حق رئيس تحرير الجريدة أن 


o00 





يكتب فيها تحت عنوان (قسم غير رسمي) ما يعن له أو ما يرد إليه من الفصول الأدبية مما 
له مساس بالأحوال العامة » وقد منح رياض باشا هذه السلطة لإدارة الجريدة إما ثقة 
منه بالعامل فيها » وهو واضع اللائحة » وإما علا منه بأن ذلك من مصلحة البلاد 
وحاجتها الحاضرة . 

وأول ما بدأت الحريدة بانتقاد طريقة التحرير التي كانت متبعة في النظارات 
والإدارات » فأخذت تبين وجه الخلل فيهاء. وأضرارها بفهم المعاني المطلوبة , 
واقتضائها أطول المخابرات في الاستفهامات التي لا طائل تحتها » ثم ترسم الطريقة 
الفضل التي يجب السيرعليها , فلم تمض أشهر قليلة حتى ظهر فضل ذوي الإلمام باللغة 
العربية من موظفي الحكومة » وخخصهم رؤساؤهم بمكاتبة الجريدة الرسمية سترأً لعيوب 
الإدارات » واضطر الحاهلون باللغة والتحرير إلى استدعاء المعلمين أو المبادرة إلى 
المدارس الليلية ليتعلموا كيفية التحرير » وعم ذلك المديريات كا عم النظارات . وذلك 
هو تاريخ إصلاح التحرير في مصالح الحكومة » ولا زال يتقدم إلى اليوم » وهكذا كان 
شأن الجرائد » كانت تتسابق إلى إظهار مزاياها في التحرير حتى تعجب إدارة المطبوعات 
أو العامل فيها » وصلح بذلك كثير من أساليب الجرائد التي لم تكن لما عناية بتهذيب 
العبارات » وتسابقت الأقلام في تنقيح الألفاظ وضبط المطالب » فتمت بذلك نبضة 
التحرير التي كانت بدأت من سنين قبل هذا » وكان الضعف يقعدهاء والخوف 
يرعدها » فقضي ها أن تظفر على يد من كان له دحل في نشأتها . 


سهلت بذلك المواصلات بين الأنفس في الأفكار » وحف عليها التعبير عما في 
الضمائر» كثر الكاتبون» وغزرت مادة المتكلمين» وتيسر التعارف بين المتباعدين » ونشأ 
في الناس نوع من الألفة » أحدثه الشعور بجامعة اللغة > وبعد أن كان نظر الواحد 
منهم لا يجاوز شخصه . أصبح وهو يشرف على فضاء يسع بني أمته » وأخذ يشعر بأن له 
حركة عامة إلى المقصد العام . كما أن له حركة خاصة إلى الغرض الخاص » وفي هذا 
من تواصل اللذائذ والآلام ما لا يخفى على عاقل , وله من الأثر في إمباض النفوس إلى 
طلب ما يصلحها ما لا يذهب إلا على غبي جاهل . 


كانت تبمحث إدارة المطبوعات أو دائرة التحرير فيها في جميع منشورات الحكومة 
ولوائحها ‘ diel,‏ المديريات 6 وأحكام المحاكم » وتبدي رأمها في جميع ذلك وتنشره d‏ 


كمه 





الجريدة الرسمية » وكان ما ينشر من الآراء يأخذ مكاناً من الإهتمام عند رجال 
الحكومة » ويوضع موضع البحث ويبنى عليه التعديل أو التغيير » ويبادر إلى نشر ما تم 
من ذلك في الجريدة الرسمية . 

كانت داثرة التحرير تبحث في الجرائد عامة » وما كان فيها متعلقاً بانتقاد بعض 
عمال المصالح كتب عنه من إدارة المطبوعات إلى المصلحة التي كانت موضوع القول , 
وسثل العامل عها نسب | إليه » فإما أوخدذ إن صحت النسبة أو أنذر صاحب الحريدة | إن م 
تصح عملا بنصوص لائحة إدارة الجريدة الرسمية كا سبق . فارتفع شأن الجرائد في 
أعين e‏ واشتد حرصها على تحري الصدق من جهة 
عر م O‏ 
en‏ أو لم يشتك ,2 » لإخلاله بالآداب العامة » فكان ذلك من أسباب تأديب 
المأمورين » وحثهم على السير في طريق الكمال » 0 الأعمال » ومن 
وسائل #بذيب الجرائد وإلزامها الوقوف عند حدود الوقار فيا تكتب . مع إطلاق الحرية 
لها في تبيين الحقائق . وكشف وجوه الخطأ والصواب » بدون خوف ولا تعتعة(*؟) . لم 
يبق عامل ولا رئيس مصلحة hoe ee‏ إلا كان يحب أن تظهر محاسن أعماله في 
صفحات الجريدة الرسمية » ويخشى أن تكون له سوأة فتبدو بنفثة من نفثاتها . 

ومن فكاهات ذلك التاريخ أن مدير بي سويف (! . بك) بعد أن ضاق صدره من 
شدة انتقاد الجريدة الرسمية » ومؤاخذة نظارة الداخلية له على بعض خطأه أصدر أمره 
بمنع دخول الجريدة الرسمية في مديريته» وكتب بذلك محرراً غير رسمي إلى صديقه مدير 
المطبوعات » فوقع المحرر في يد رئيس التحرير لأنه كان ae‏ وحده في الإدارة » 
فنشرت تلك الفعلة في منشور عام له ety‏ المديرين © وأدرج النشور في+اجريدة 
الرسمية ؟! » فانظر إلى لى أثر ذلك في أنفس العامة والخاصة . وهذا مما علّم الناس طرق 
الإنتقاد على أعبال الحكومة » وأفهمهم أنها قد أقامت من نفسها مراقباً عليها » يبين 
مواضع الضعف فيها . ويرشد إلى طرق التدارك لما يقع من الخلل » وهومما يرفع الهمم 
إلى إعمال الفكر في معرفة الحق . ويسوق العزائم إلى طلبه 


)٤۸(‏ من معانیها الح ركة العنيفة والقلقة › والتردد في الكلام بسبب العمى والعجز › والأخير هو المراد 
هنا , 


ooV 


1 





لم يضيع رئيس التحرير فرصة في انتقاد نظارة المعارف » وسير التعليم » وإظهار 


| معايب التربية » وما يجب أن يؤخذ به من وسائل الإصلاح . فغضب لذلك ناظرها 


2 .! . باشا) . وكان بطيء الحركة خامد الفكر » بعيداً عن الاحساس بحاجة 
الوقت » فاشتكى إلى رياض باشا من اقتفاء الجريدة الرسمية له » وتنقيبها على مواضع 
الخلل من أعمال نظارته » فلم يسمع منهء بل أجيب إلى أن الحق أولى بالتأييد » فإن 
كان ما ذكرته الجريدة الرسمية غير صحيح فما على الناظر إلا إقامة الدليل على ذلك » 
وشن كعد الشره + فسكك + OS TL ad OY‏ هو ارفك لتقد في chew‏ 
ا :وبع addy SE ON‏ ی ت 
الإهمال الذي لا يغفر . ذاكر يوماً رئيس التحرير في ذلك » وفي الوسيلة إلى إصلاح 
نظارة المعارف » وقال : أما تغيير الناظر فغير مكن لأن له مكانة في نفس الجناب 
الخديوي من جهة ومن جهة أخرى فنحن كحزمة ضمت أعوادها برباط واحد فلا يحسن 
البدء من الآن بحل ما عقد بيننا » فلا بد من النظر في طريقة أخرى . فعرض عليه أن 
يشكل مجلساً أعلى يكون هو القاضي في إدارة المعارف العمومية وما على الناظر إلا 
التنفيذ . فلم يمض على إبداء هذا الرأي بضعة أيام حتى صدر الأمر بتشكيل مجلس 
المعارف الأعلى . وعد في أعضائه كثير من أكابر الأجانب والوطنيين وكان رئيس تحرير 
الجريدة الرسمية عضواً فيه » ولم يحل تشكيل هذا المجلس من الإنتقاد لكثرة عدد 
الأجانب من أعضائه » غير أن رياض باشا كان يريد بذلك أن تكون قراراته معروفة 
حتى عند رجال الدول الأجنبية ذات النفوذ في مصرء فيسهل تنفيذها بدون معارضة من 
المراقيين ولا غيرهم فيها » خصوصاً إذا قضت بصرف النقود وتوسيع النفقات . وقد 
كان لهذا المجلس أعمال مشكورة لا ينكر أثرها في حالة المعارف العمومية » ولم تضر به 
كثرة الأجانب فيه » فإن حمية بعض الوطنيين من أعضائه كانت تحبس بعض الأغراض 
السياسية في نفوس أربابها » فإن بدت . وجدت من المقاومة ما يبددها . وكانت 
القرارات تصدر جميعاً في مصلحة البلاد وما يجب أن يتبع في سير التعليم فيها . 


قلما كان يخلو عدد من أعداد الجريدة الرسمية العربية من فصل في انتقاد عمل من 
الأعمال العمومية » أو طلب إصلاح عادة من العادات الرديئة » أو الأخذ بفضيلة من 
الحكومة بلسان العامة , لهذا كان لكلامها من الآثر في الأنفس مالم يكن لكلام غيرها 


مهمه 





من الخرائد» ومن يطلع على أعداد تلك الحريدة جد من نفسه هذا الأثر حتى اليوم , وما 
كان المقال لإظهار براعة أو الافتخار بمعرفة ‘ بل كان يكتب ما يكتب انتظارا لأثره في 4 
الأنفس لا غير » وما كان الأثر مختلف عله . 


بهذا وبما سبقه تنبهت الأفكار وبدأت الحياة الإجتتاعية تدب في جسم أمة فرقها 
الظلم وأماتها الجور » وانبعثت النفوس تطلب ما شعرت به من حاجاتها » فتألفت 
بعض الجمعيات الخيرية » إسلامية وقبطية » لمساعدة الفقراء بالمعونة المادية وأولادهم 
بالتربية » ولم يكن يسمع بمثل ذلك في مصر من قبل . 
دار الكتب العربية ودار العلوم 

ad |‏ عزم نظارة الأوقاف إلى الأخذ بوسيلة من أجل وسائل الإصلاح > وهي 
تقريب الكتبخانة العربية ومدرسة دار العلوم من المتامع الأزهر » وتوسيع نطاق المدرسة 
إلى أن يمكن احتواؤها على خمسمائة تلميذ » وأن يترتب التدريس فيها على طريقة تؤدي 
إلى تكثير الأساتذة المهذبين لكل نوع من أنواع المعارف اللازم تعميمها في الأمة » ولكل 
طبقة من طبقات المدارس » بل إلى إعداد عدد كبير من أهل الذكاء لإدارة كثير من 
الأعمال الإدارية والقضائية في البلاد » وقد قدرت فوائد هذا المشروع في عشر سنين بما 
يعظم مقداره ويتجاوز حد ما يتصوره المهاترون في هذه الأوقات » وممذا كان يتسنى 
لنظارة الأوقاف أن تقدم للأمة المصرية -خدمة لاحقة بذمتها , بدلا من صرف نقودها بين 
لماء والطين » وبناء معابد قلم) يوجد فيها من المصلين أحد » بل بهذا كانت تقيم المياكل 
الإلمية في قلوب المؤمنين » وتزيد في عدد المصلين الحقيقيين » فإن ضاقت بهم المساجد 
وجدوا بأنفسهم الوسائل لتوسيعها . وإقامة ما تدعو إليه الحاجة منها » وكان 0 نظارة 
الأوقاف إلى هذا المشروع بناء على ما عرضه رئيس تحرير الجريدة الرسمية أيضا 
إصلاح نظام العسكرية 

وجهت الحكومة عزيمتها لإصلاح في نظام العسكرية » فبعد أن قررت مدة 
الإقامة في القدمة العسكرية بتخمس ستين + ورجوع العشكرى إل أهله بعد ذللف تيث 
الإحتياط مدة ست سنين » ثم محو اسمه بعدها من دفاتر العسكرية » رأت أن الضباط 
الكبار منهم لا يمكن أن يكونوا من العساكر المقترع عليهم , لأن المدة المقررة للجندية لا 
تكفي في أن يصل العسكري الساذج الخالي من المعارف الجندية إلى درجة تؤهله لأن 


004 





کو کا ا pad of ue‏ ديت الغا فعن Sly‏ شارف اة اا 
في المدارس الحربية لا غير . وهو رأي معقول في نفسه » ولا يخطىء مصلحة البلاد في 
إصلاح المحاكم 

Shs‏ 9 الأستاذ اهتام الحكومة بإصلاح المحاكم القضائية وإعداد الوسائل 
لذلك ودعوة القناصل إلى المداولة في أمر المحاكم المختلطة لتنال شيئاً من حق المساواة 
بين الوطنيين والأجانب . 


(59) هنا يبدآ الشيخ رشيد رضا العرض والتلخيص لنص الأستاذ الإمام . 


0۰ 





سيرة ال حكومة 00 جمال 
والخديو توفيق باشا والوزير رياض باشا بشىء من التفصيل 


sol بين الأستاذ سيرة الحكومة بالإجمال » وأنها كانت موجهة إلى ما فيه‎ ee 
لصر وأهلها » ولم يكن بناؤها على أساس الأثرة وقاعدة الإستبداد بالسلطة لقضاء شهوة‎ 
الحاكمين وأعوانهم . وذكر من مناقب الخديو توفيق باشا العفة واللين » والتحبب إلى‎ 
بالسياحة في المدن الشهيرة » وبعده عن السرف . واأكتفاءه من‎ a الرعية وتعرف‎ 
. النساء بأميرة واحدة » وترفعه عن ارتكاب ما كان يرتكبه غيره من الأمور الفاضحة‎ 

«فاجتمع” “© له في أن نفس الرعية المحبة والمهابة وهما أقوى سند للحاكم وأشد 
ركن يعتمد عليه » وهما البقية التي تحفز إليها الهمم» وتحث نحوها العزائم » وتطير دونها 
الرقاب » والسعيد كل السعادة من الحاكمين من هيأ له القدر أن يناها» . 


oye ©") Shy‏ سيرته في حكومته اتفاقه مع نظارها وسائر كبارها > على ما حفف 

عن الرعية أثقال ها » ويرقي عقوها وآدابها » ويفتح أبواب السعادة في في المستقيل هاا مع 
شدة تمسكه بحفظ مسنده » وتقوية سلطته » وأن هذا رفع قدره في نظر الأجانب انشا 
وأن الناس تناسوا مله المسيرة ما ا تاه في أول حكومته من النفى بغير محكامة » والمسارعة 
إلى تعيين المراقبين من الأجانب وإعطائهم الحقوق الواسعة» وكادت تندمل تلك الجراح 
ap fe yd Ca das sll‏ 


(50) النص من هنا للأستاذ الإمام . 
(01) يعود هنا الشيخ رشيد رضا فيعرض ويلخص نص الأستاذ الإمام . 


اده 





ثم ذكر من سيرة النظار العمل فيها يعود على البلاد بالمنفعة أيضأء "© ولم يكن 
لحد منهم شهوة الإستبداد بالأمر في عمله > لمحض إعلاء سلطته ¢ ووضع من دونه 
تحت قهره » واستعباد الرغائب والارادات لرغبته وإرادته » وجمع ما تيسر له أن يجمع 
مدة استعلائه على كرسي الوظيفة"» » وقد استشنى منم واحدا قیل إنه كان يمد يده إلى 
بعض الحطام في بعض Sle‏ الحزئية التي لا يظهر لا أثر في كلياتها » وآخر كان يطيع 
العصبية الجنسية » وسيأتي ذكره . 

ثم بين الأستاذ حسن تأثير هذه السيرة في الناس » في نشاط العقول وتحفز ال همم 
والإحساس بالجاذب إلى مطلب البلاد2؟ ”2 . «وهو أن يكون فيها من قوة الإرادة ونفاذ 
ee‏ من حفظ ما بقي هم » واسترداد ما ذهب منهم على مدى الزمان ‏ 

قد قنع العقلاء من طلاب الحرية . العارفين بحاجات البلاد . الناهضين بقدر 
te‏ إلى البلوع بها أقصى أمانيها .» مع نفوذ 00 في شؤونها » رضي هؤلاء 
بما شهدوا من أعيال الحكومة وانضموا في العمل إليها . وقبلوا ما كان في جسم 
ال فن اال ااا لات ار رن رو ى ار و ن 
الشفاء» . 

OP) 3,‏ أن ضياء الآمال كان يسطع على وجه كل أحد » حتى الساخطين على 
الوزارة » إذ أحس هؤلاء السانحطون بشيء جديد من القوة » وأن مطالبهم على ما فيها 
من الطيش سهلة المتناول . 

fal CVO sy‏ الإصابة في الرأي يتمنون لو استمر سير الحكومة في سبيلها ذلك 
عشر سنين على الأقل . فيأخذ الشعور بمنافع البلاد مكانه , ويستوي سلطان الإرادة 
السليمة على عرشه › وترسخ الملكات الحسنة في نفوس المستبدين بمقتضى الفطرة [الميالة] 
لإقتنائها » وكانت زعازع الإستبداد تحيد بهم عا أعدهم له الكرم “ah‏ وتعود إلى 
النفوس سكينتها بعد ذلك الإضطراب الشديد » وعند ذلك كان يتهيا لأهالي البلاد أن 


(09) النص هنا للأستاذ الإمام . 

. هنا يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص لنص الأستاذ الإمام‎ )٥۳( 
. النص هنا للأستاذ الومام‎ )6 5( 

apy (00)‏ الشيخ رشيد رضا هنا فيلخص نص الأستاذ الإمام . 

(05) النص هنا للأستاذ الؤمام . 


ony 





ينزعوا إلى نظام أكمل مما أعطي هم . وأن يطلبوا سبيلا إلى تخفيف شيء هما كان لا يزال 

«ولكن وأسفاه 1 حال دون بلوغ تلك الأمانن أمور (منها) ما كان منشأه رياض 
باشا في نفسه وبعض النظار (ومنها) ما له علاقة بالجناب الخديو (ومنها) ما سببه امتداد 
السلطة الأجنبية |الحديدة (ومنها) 207 هوض الساخطين لإستعمال ما وجدوا d‏ ذلك من 
الوسائل BUY‏ الفتنة لقلب وزارة رياض باشا . 
شمائل رباض ومعارفه Ma aby defy‏ 

رياض باشا حير من طبقته من المصريين بلا نزاع » والمنازع في ذلك مکابر » وفيه 
من حامد الصفات ما لا ينكره العدو المنصف » ولكن يصحب هذه المزايا ما قد يؤاحذ 
عليه . 

رياض باشا ذكى بالفطرة وقد اكتسب بالتجربة في الأعمال الإدارية ما لم يكتسبه 
سواه ولكن معارفه جزئيات متفرقة يعوزها US‏ يرجع إليه » ولم يكن لديه علوم كلية ترد 
إليها الجزئيات » فقد كان يقيس الحزئي على مثله » وربما لا يكون جامع الشبه بينه) تاما 
فيقع في الخطأ . 

فيه همة وقوة عزم لا تتكر» ولكن قلم| بحوط ذلك بالحزم وبعد النظر في العواقب 
ليتجنب ما يكره منها . 

صادق النية » مخلص السريرة في خدمة البلاد , ولكن لا يبالي في تأدية ما يراه 
واجباً عليه بما يجمرح القلوب ويؤلم النفوس » ويظن أن من الواجب على كل أحد أن يعلم 
حسن نيته وأن يبينها هو. وأن يرضى بعمله وإن لم تظهر الغاية الصالحة منه . 
بعض نصيب الكليات . 
(01) كلمة (منها) المكررة هنا هي من زيادات الشيخ رشيد رضا على مسودة الأستاذ الإمام . 


كان قد أبقى ما أبقى بأسلوب الأستاذ الإمام . 


ony 





ليس عنده قاعدة يبني عليها ثقته , فتارة یش بالأذكياء العارفين وبالصادقين وتارة 
بأضدادهم . 

إذا غضب على أحد مزج في غضبه بين إحساسه الخاص وما يتعلق بالعمل 
العام » فيسقط من نظره وإن كان فيه من الفضيلة ما يعترف به العالم أجمع . ويفوته 
الإنتفاع ar‏ ¢ ولهذا ere‏ أحانا من لا يستحق الإحترام »> ونحتفر من يستحق 
الإكرام ويذم المتعصبين للأوهام وجل الكثير من أفرادهم ‘ 

«نظيف("2 القلب بعيد عن الحيلة » إذا مال إلى شىء أو نفر منه ظهر ذلك في 
قوله وأسرة وجهه وحركات أطرافه . فتراه يميل إلى إخفاء سره » وطهارة نفسه تحاول 
إظهاره » فتكون الغالبة . 

يهاب ذوي النفوذ من الأجانب » ولكنه كان يجد السبيل لمقاومة بعضهم إذا وجد 
من آخر سندأ » وهو أمثل طبقته في ذلك . 
رجع إلى أقصى ما يمكن أن يبلغه الإحتراس فينقطع العمل . . 

لم يكن يخالج فكره ريبة في سكون المصريين إلى الطاعة في كل ما يؤمرون به , 
حملا هم على سالف عهدهم » فكان ني غاية الطمأنينة من ناحيتهم » فلم ير أنه يجب أن 
ينظر فيا عساه أن يثيرهم من جهة المقابلة في تنفيذ السلطة أو من ناحية الساخطين عليه 
من الوطنيين . 
علمان رفقي باشا 

كان رجلا ساذجاً . محدود الإدراك » بعيداً عن التبصر في الغواقب . لم يكن مهمه 
بعد قبض راتبه الشهري سوى أن يرضي ميله ويروي ظمأه إلى حصر السلطة العسكرية 
في بني جلدته من الجراكسة » وتجريد من ساء حظهم بالولادة في مصر منها» مع 
معاملتهم بالإحتقار . كان يطيع في ذلك تلك العصبية الممقوتة التي يبطنها بعض الغفل ' 





(09) العبارة من هنا بأسلوب الشيخ رشيد رضا . 
)1١(‏ يعود النص من انشاء الأستاذ الإمام . 


٤4 





من الحراكسة المقيمين في مصر » كأن مصر وأهلها جنوا عليهم جناية ممست آباءهم أو 
تعقبت آدبارهم » أو ols‏ أهل مصر سلبوهم شيئا تما كانوا يملكونه , أو منعوهم حقا 
كانوا أهلاً لأن ينالوه ؟! . 


oye 


Converted by Tiff Combine 








تأثبر سبرة رياض باشا وشمائله في مقدمات الثورة 


بعدما تبين من موجز سيرة رياض باشا وهذا البعض من نظاره » يمكنك أن تسمع 
بعض ما أثمرته تلك السيرة : 


١‏ إن إبطال رياض باشا للسخرة كان عدالة لا تنكر , ولكنه أحنق عليه جميع 
الوجهاء الذين كانوا يستغلون أبدان الرعية وأموالهاء وم يكن ذلك ضارا لولا ما صحبه 
من استعلائه عليهم وتعريضه بسوء ماضيهم » حتى رأوا أنه ينبغي لهم التخلص ما 
يمس كرامتهم » فشكلوا لمقاومته جمعية تسمى (جمعية حلوان) كان فيها م . ش . Lal‏ 
وش . باشاوع . ل . باشا) وغیرهم » فلا خاب سعيهم تربصوا به الدوائر. OlS'y‏ 
قد اشتد على بعض الجرائد فألغاها بأسباب لم تكن بالقوية » فمنح بذلك خصومه آلة 
تیج الآراء لمقاومته » فذهب (أديب اسحق) أحد محرري تلك الجرائد الملغاة إلى 
أوروبا » وأنشأ جريدة سماها «القاهرة» م يكن لها موضوع سوى رمي رياض باشا 
بالإستبداد والظلم والرغبة في بيع البلاد إلى الأجانب حتى كانت تسميه (رياضستود) 
وكان ينفق على تلك الجريدة الخديو الأسبق (إسماعيل باشا) ور . باشا وم . ش . باشا 





(١-ة).‏ 
(19) استبدال الأسماء بالحروف الرامزة لها من عمل الشيخ رشيد رضا الذي نقل عن مسودة الأستاذ 
اللإمام tlw Vy.‏ المرموز ها هي : شريف باشا » وشاهين باشا » وعمر لطفي باشا 


۷ 





وع . ل . باشا''2 وغيرهم . وكان الكثير من الساخطين يتلذذون بتلاوتها ىا يتلذذ 
المريض بحكاية علته ووسائل شفائه . 
۲ - زاد حنق أكثر الأغنياء عليه بزيادة مئة وخمسين ألف جنيه في أموال الأطيان 
العشورية › وهو لم يبين الضرورة الداعية إليها ليتضح عذره » فانتهز الفرصة نوبار باشا 
وألب كثيراً من الأعيان للمظاهرة بالشكوى من الظلم والخسار الذي بحل بهم » وكثر 
الإجتماع لذلك . ونفى من كان واسطة في إثارة المتظلمين وهو حسن موسى العقاد » 
وبرح نوبار باشا مصر بتنبيه يقال إنه صدر إليه » ولكن جرح الأغنياء لم يبرأ أله بذلك . 


٠"‏ - وثق بمن لم يكن أهلا للثقة من المديرين » فأساؤوا إلى وجهاء البلاد » ولم يكن 
يسمع الشكوى فيهم لإعتقاده أن أولئك الوجهاء هم أصل شقاء البلاد . وهذا صحيح 
في الأغلب » ولكن ليس من الحزم جعله عاماً . ولهذا وقر في نفوس الأعيان أن رياض 
باشا عدوهم » يريد إسقاطهم » وإقامة من دونهم مقامهم . 

» اهتم بتقرير الأمن » كعادته في كل وزاراته» كأن البلاد في حرب دائم‎ - ٤ 
وأعطى المديرين في ذلك سلطة أساءوا في استحم اها » فأخذوا بالظن » ونالوا من كثي.‎ 
بالشبهة » فأزعج ذلك نفوس الباقين » فخافوا أن يصيبهم ما أصاب غبرهم بغير حق‎ 
. ولا عدل‎ 

إذا صوبنا النظر إلى ما دون المرتبة العليا من مراتب الإنسانية وهي المرتبة الني 
يصل فيها إلى منازل الملائكة في كمال الصفات » وأخذنا الإنسان من وجهته البشرية رأينا 
أن المنافع العامة مهيا عظم مقدارها وعم أثرها لا تصرف الشخص عن نفسه » ولا 
تلسيه منافعه ومضاره الخاصة به » فا الظن بقوم تنقصهم التربية وتعوزهم البصيرة › 
وقد شعروا بشيء من القوة لا يدركون كيف يستعملونه ؟ فمن مسه ظلم الأمورين وم 
تسمع شكواه . ومن يترقب أن يؤخذ بما أخل به غيره بغير محاكمة عادلة » ومن نكبته 
ee ee‏ 
فينال ما نال صاحبه » كل أولئك وإن كانوا لا ينكرون فضل الحكومة فيا أتته من 
الإصلاح كانوا يطلبون تغيير هذه الحال بما هو أدعى للسكينة والإطمئنان وتوفير المنافع » 
وأنزه الناس غرضاً كان يؤمل أن رياض باشا ينتبه إلى ذلك من نفسه بما تكشفه التجربة 





5 المرموز نها هي لكل من راغب باشا » وشريف باشا » وعمر لطفي باشا » على التوالي‎ slew (AN) 


۹۸ 





في زمن قصبر أو «hsb‏ » أما الضجرون ومن لا تبلغ المصالح العامة من نفوسهم مبلغ 
أدنى مصالح الخاصة » فضلا عن أقصاها , فقد كانوا يتمنون سقوط وزارة رياض باشا 
من ساعة إلى أخرى » ولا يكفون عن الطعن فيها والتنديد بها مهما استطاعوا . 

تلك الرغبة التي كانت تلعب بالنفوس وتجيش في القلوب آخر عهد إسماعيل باشا 
والأيام الأولى من حكومة جناب الخديو السابق رحمه اللَّه عاتللف ع ل تاسيين 
الحكومة على قاعدة الشورى ومنح بعض منتخبين من الأهلبن حق المشاركة 00 
أعمال الحكومة ‏ ذلك الظماً وجد مسكناً من مبادىء الإصلاح فاطمانت النفوس إلى 
عدل الحكومة ف القضايا العامة » وفترت تلك الرغبة Lals‏ قد وجدت من حسن نية 
الحاكم عوضاً عن اشتراك الرعية في الحكم . لكن تلك النزعة انبثت مرة أخرى بعد مدة 
من الزمان هذه الأسباب التي سبق ذكرها » ولأسباب سنذكرها »> فرجع التحدث بين 
الناس إلى ما كان عليه » وأخذ الناس يقولون لا صلاح في الإستبداد بالرأي وإن 
حلصت النيات › فرأي واحد عرضة للخطأ وإن تحققت نزاهته من الغرض . 

رياض باشا لم يكن يعرف أن في البلاد من يطلب هذا الأمر طلباً صحيحاً » لأنه 
م يختبر الئاس , 6 Sencar‏ » وكان يعتقد أن في مجلس 
الشورى aga‏ عن الإصلاح المطلوب ؛ لأن أعضاءه 8 الخيرة بالأحوال السياسية 
والإدارية» فلا ينتظر منهم إلا المعارضات وإطالة البحث في أمور تجب فيها السرعة . 
وكان يوافقه في هذا الرأي كثير من العقلاء » ويتمنون مع ذلك أن يبدأ بشفاء هذا 
الغليل بعد حل المشاكل المالية ووضع قانون التصفية وتشكيل المراقبة الثنائية وبت أهم 
المسائل السياسية ٠‏ إذ > ¢ يبق بعد ذلك إلا الشئون الداخلية والقضائية » وكان يمكن 
تخويل المجلس بعض الحقوق التي منحها الأمر العالي من قبل » والتوسع فيها بعد ذلك 
ل cp a‏ 
«ولو أنه أجاب بالرفق ووضع المسألة موضع البحث وطاول في بتها سنين ‏ لكان قد 
أرسل الآمال تسرح في فسحة من النظرة » ولم يكن قد دعاها بالشدة إلى الإنضمام إلى 
من يؤلب عليه » ويثير الأحقاد حواليه) . 


4 


Converted by Tiff Combine 








سيرة الحديو توفيق باشا 
المفضية إلى الثورة 


بعد إمضاء قانون التصفية » وإطمئنان الحكومة من ناحية الأوروبيين 
ومشاكلهم . وجد الجناب العالي فراغاً من الزمن يمكن أن يسمع فيه أو يلاحظ ما له 
مساس بسلطته التي كان ينبغي أن تكون له من جهة ما هو خديو وحاكم أعلى في مصر . 

لين عريكة الحناب الخديو » أو رعايته لجانب والده » أو حسن ظنه فيمن سبقت 
لهم أعبال في خدمة العائلة الخديوية ‏ شيء من ذلك حسن لديه إبقاء الكثر من كانوا في 
خدمة حضرة الخديو الأسبق في معيته السنية » وأغلبهم كانوا ممن لا يقيمون لمصالح 
الرعية وزنا » ولم تألف قلوبهم وجدان الرحمة والشفقة على الأهالي » وهم مطامع لا Faye‏ 
بعدما ذاقوا من لذائذها الماضية ما ذاقوا . هؤلاء يغث؟' عليهم أن يروا السخرة 
الشخصية قد أبطلت » والسلطة الإدارية قد قيدت » وتحول مجراها عن رجال المعية إلى 
ناحية النظارات » ولم يبق لهم التصرف المطلق في الأعمال والمصالح كما كان لحم من 
قبل » بل أحسوا بأن من الأحكام العمومية ما يجري عليهم ىا يجري على أفراد 
الأهالي » وهذه غضاضة في نفوسهم لا يسهل عليهم الصبر عليها » فوجدوا من ذلك 
على رياض باشا ظناً منهم أنه هو السالب لتلك الحقوق المكتسبة . 

د د 

ميل الجناب الخديوي إلى أن يكون محبوباً من رعيته كان يبعثه على إفاضة 

الإحسان بالرتب والنياشين على من يراهم أهلا لولائه » أو على الوعد بإجابة بعض 


(1) أي لا يوافقهم ولا يرضيهم . 


0۷١ 





المطالب المعروضة عليه من ذوي وجاهة أو من متوشحين بوشاح ضرورة » وعهد جنابه 
بالسلطة الخديوية أن لا تعارض في مجراها » خصوصا إذا كانت متجهة إلى ما لا ضرر 
فيه بالرعية » حسب اعتقاده , ولا يمس مصالح الأجانب . لكن رياض باشا كان يجد 
Oe ee ed‏ 
يستطيع اخخفاء ما في نفسه من غيظ أو ضجر مما لا يراه حسناً ٠‏ فكان يظهر في أقواله ما 
ربما يخدش في نفس الجناب الخديو oe‏ 
بالأجانب ووكلائهم كما أخبرني به الصادق في روايته ورأى ى الرابضون حول الأريكة 
الخديوية لوائح الإنفعال تظهر مرة بعد أخرى على وجه جنابه » ففتح لهم بذلك باب 
يلجونه لشفاء ما في نفوسهم . فأخذوا يستنزلون الجناب الخديوي إلى بث ما في نفسه 
فيفيض با كان يجده. وهم يفيضون في شرح الأقوال وتوسيع دائرة المقصود منها 
وتحميلها ما لا تحتمله . كاأ: نهم مشايخ محققون » يلقون دروساً على طلبة في الأزهر 
مدققين . والجناب الخديو يسمع منهم ويستريح إلى ما يقولون . وقد انتهى به الأمر 
رهه all‏ إلى أنه كان يسمح لبعضهم بتقليد رياض باشا في كلامه وحركاته أثناء خطابه 
وهيئة جلوسه وما يرى في مشيته من دلائل ايلاء في زعمهم » وما شابه ذلك . و 
رحمه الله يجد في ذلك نزهة لخاطره » ونوعا من التسلية تسر بها نفسه » ويمضي با وقته › 
وكان غيظه يزداد على رياض باشا كلما بدت منه معارضة في أمر صغير أو كبير بما كان 
eat gel OT ayy:‏ باشا علائم الإنفعال اشتد ضجره » وكلما 
اشتد ضجره وظهر في قوله أو فعله إلتهب غضب الجناب الخديوي عليه » وإِن لم يكن 
0 أقل من سنة بعد امضاء قانون التصفية إلى أن الجناب jbl‏ 
م تكن له أمنية إلا عزل رياض باشا » لكنه كان يظن أن قناصل الدول خصوصاً قنصلي 
فرنسا وانجلترا يعارضون في عزله لو أراده » فأخذ يلتمس الوسائل لفصله من وجه 
يحمل الدول على الرضاء به بدون معارضة . فاستلفت بعض من حوله نظر جنابه إلى 
الحادثة ا 
الأسبق فرآها أنجح الوسائل . 
إثارة الخديو الضباط على رياض 

Gl OLLI bel‏ من ذلك العهذ يستذني منه أمير الألاي الأول الذي كان 
يحرس السراي وهو عل بك فهمي » ويستدعيه إلى مجالسه الخاصة . ويمازحه ويزج به 


oY 





في الحديث على اختلاف شئو نه » ويظهر له أمانيه في الإحسان عليه وعدم وجود السبيل 
إلى ذلك » حتى قال له مرة : of Gl:‏ الإنعام عليك بألف جنيه ولم يمكن ذلك لمعارضة 
رياض باشا . ومرة : إني أردت الإحسان عليك برتبة اللواء فلم يقبل رياض باشا . 
وأمثال ذلك حتى اعتقد علي بك فهمي أن الجناب الخديوي ساخط على رئيس نظاره , 
وأن رئيس نظاره عدو منفعته ومنفعة اخوانه » وعلى المألوف عندنا لم يخف شيء من ذلك 

بقية الضباط الكبار » بل ولا على كثير من الخاصة ومن يحبون الوقوف على حقائق ما 
كان يجري حولم . 

كل هذا والمرحوم عثان رفيقي باشا يشتد في معاملة الضباط الذين جنى عليهم 

آباۋهم بولادتهم في مصر » ومبيء المشروعات لإراحة القوة العسكرية منهم » فاذا كان 
يدور من الحديث بين على فهمي » وبين إخوانه الضباط الفلاحين ؟ وماذا يتصورونه في 
منزلة رياض باشا من لخديو ؟ وماذا يتخيلونه في ميل جنابه إلى فصله ؟ وماذا جسمته 
أوهامهم من معاداة رياض باشا للضباط حت اقتنعوا بأن كل ما يقع من عثمان رفقي LB‏ 
هو من رئيس النظار ؟ ولينظر ماذا بيجسون به من وسائل التخلص من رياض باشا 
ورفقي ٻاشا معاً على ob‏ أنهم لو فعلوا شيئاً من ذلك فإنما يفعلون ما يرضي خديوهم » 

ثم تأمل في الأعاليل التي يمكن أن يتخذوها حجة على أن ما يعملونه في هذا السبيل 
افق للصواب آت على وفاق الشرع . 
سيرة الأجانب من أسباب الثورة 

00" عقد الأستاذ ههنا فصلا في بيان كون نفوذ الأجانب كان من أسباب الثورة › 

بدأه ببيان أن الضباط e‏ انف سحت آما هم في استکال 
الشفاء » وبهذا التنبيه 03 أن قانون التصفية وضعه الأجانب لمصلحة الأجانب » 
وأنه حرم البلاد حريتها » وأن الأجانب يتقاضون رواتب فاحشة من الخزينة في إدارة 
المراقبة العمومية وصندوق الدين ae‏ والدائرة السنية وسائر المصالح التي وظفوا 
فيها مع | إدعاء فقر الخزينة والبلاد . وأنهم هم أصحاب الكلمة النافذة في الإدارة 
والمالية» وإثما يعملون لمصالحهم لا لمصالح البلاد » فالحكومة الخديوية أصبحت تابعة 
لحكومات أخرى لا تبتم بسعادتها ولا شقائها إلا من وجه ما تبقى قادرة على تأدية ديون 





)10( الأسلوب هنا للشيخ رشيد رضا يعرض به نص الأستاذ الإمام ' 


ovr 





رعاياها » وتقديم الرواتب الوافرة إلى المندوبين من قبلها » فقسوة الأجانب الربويين 
وسيرة ة المحكمين منهم ما أوقع وار الملمين بذلك 210 إن حقيقة الظلم واحدة » 
وإنما طورها الجديد أرسخ (sland aly Gh loll‏ الالو فاد ن 
عنه . فلو استطال سلطانه » وامتد من دائرة إلى أخرى » آل الأمر إلى وقوع البلاد في 
شدة منظمة » وضيق حکم الحلقات)» . 

۷“ وذكر في هذا الفصل أن ما كان يقوله الساخطون على رياض باشا » وما 
ينشرونه في الجرائد التي تطبع في أوروبا »> وما ظهر من المنشورات والرسائل الدالة على 
أن الحزب الوطني يرى ما قررته لحنة التصفية وما و اا 
وأمانيه للبلاد . . كل ذلك كان ببيء الفرص للناقمين على رياض . وذكر أيضا 
ا ارده لم ع 
نزاع بینه وبين البارون «درنج» قنصل فرنسا الجنرال بشأن قانون المحاكم المختلطة » إذ 
كان الباشا يريد تخفيف امتيازات الأجانب فيه والبارون يأى ذلك » dot‏ يسعى في إيجاد 


الطرق لفصل رياض باشا . 


(17) يعود النص هنا للأستاذ الإمام . 
oyu (TY)‏ الشيخ رشيد رضا هنا للعرض والتلخيصس لنص الأستاذ الومام : 


ove 





أسباب تألب الضباط الذي أنضى إلى OME gh‏ 


«تقدم أن بعض الضباط رفعوا عريضة إلى وزارة شريف باشا التي سبقت وزارة 
رياض باشا يلتمسون ما عزل ناظر الجهادية تعللا برداءة الطعام وعدم النظر في أحوال 
المستودعين وأرباب المعاشات . فناظر الجهادية م مهتم بالبحث في ذلك ولا في أسبابه , 
ولم يسع لتفريق من جعتهم تلك النزعة › ولم يسلك مسلك رئيس النظار في المصالح 
التي تولاها بأن يحمل العسكر على الأخذ بالأعبال العسكرية وتعاليمهاء ولم يلزم 
الضباط إحياء الآداب العسكرية وإعادة النظام السليم إليها « بل اشتغل بتقريب زيد 
والتحامل على عمرو › وزيادة التفرقة بين المصري والجركسي 6 وترك كبار الضباط هملا 

ولا جاء وقت وضع الميزانية » وعزمت الحكومة على تنقيص الجيش في أواخر سنة 
٠‏ ميلادية » وحصر ترقي الضباط في المتعلمين بالمدارس الحربية » اضطربت أنفس 
الضباط المصريين ( واعتقدوا لسوء ظنهم بالوزارة أن هذا النظام إنما أحدث لقضاء 
شهوة ناظر الجهادية , فاجتمعوا للتشاور في أمرهم : 
عبد العال بك وعلي فهمي بك 
عرابي مقامه . واتفق أن انحرف الخديو عن علي فهمي أمير الألاي الأول » وأبدي 





(18) يعود النص هنا إلى الأستاذ الإمام . 


ovo 





رغبته في نزع سلطته عن بلك الموسيقى الخديوية وفرقة المراسلة - وهو يعلم من سخطه 
رياص بإشا ما يعلم ويول أن سلطته لا تمض بالتخلص منه فخاف أن يحل به 
ae E edule |‏ إلى من مسهم الظلم » وكشف لهم 


cage Gi] pial Se RSL oye GL) J] By ats eh Ue sel‏ كان 
تتم اوم لاف وى ee eae‏ 
كانوا يد يتمتعون برواتبها ونفاذ الكلمة فيها » وربما لم يكن مخطثا في الكثير منهم ¢ وكان 
أجراً إخوانه gal he‏ وأقدرهم على إ إقامة الحجة » فلما شرعت نظارة الجهادية في 
عملها الجديد . وبدأت باستيداع عبد العال غلب على ظنه أن ما يصل إلى عبد العال 
اليوم يصل إليه غداً . فيحرم مما يرى نفسه أحق بالتمتع به » ووجد هو وإخوانه فيا 
كشفه علي فهمي من النفرة بين الخديو ورياض باشا سبيلا للجرأة على مقاومة تلك 
المشروعات . ففزع إلى رئيس النظار » وشكا إليه ما مس عبد العال » فقبلت شكواه 
بعد تردد استمر مدة أيام » وأبقى كل في وظيفته . 
أحمد بك عبد الغفار 


كان (قائمقام سواري) » وكان بيله وبين ناظر الجهادية منافرة لأمور أهمها تقاريهم| 
في درجة الفهم . وتزاحمهما على هنة واحدة » فكان كل يطلب الخلاص من الآخر ولا 
يجده . وعرف الخديو ما بينهها » وشكا إليه عثيان رفقي تصرف أحمد عبد الغفار معه , 
فكان من ثمرات ذلك أن الخديو كان يستدعي أحمد عبد الغفار في طريق منتزه الجزيرة 
ويستوقفه ويحادثه الزمن الطويل ا ل إليه › ويسمع شكواه من عثان رفقي 
ويعده باشكائه ورفع ظلامته . وهذا ما كان يشجعه على مناوأة رئيسه » ويزيد في حقد 
OM ade Aad‏ 


وبعد أيام كان عرابي وبعض شركائه في الخوف من نظارة الجهادية في وليمة ببيت 
(59) هنا يشير الشيخ رشيد رضا إلى أن الأستاذ الإمام قد ذكر حادثة ضاعفت من عداوة أحمد 
عبد الغفار لعثيان رفقي » ولکن الشيخ رشيد لم يذكر هذه الحادثة , 


كلاه 





نجم الدين باشا» دعاهم إليها إثر قدومه من gl‏ . وبينما هم على المائدة قال 
إسماعيل كامل باشا : إن ناظر الجهادية أتى اليوم عملا لا يحمد عليه » عزل أحمد 
عبد الغفار من قائمقامية السواري . وعين بدله محمد شاكر بك فلم يتم أحمد عرابي 
ee‏ ا ع ا اي ال ل 
وعبد العال » ودعوا أحمد عبد الغفار, وكتبوا تقريراً ذ ضمنوه الشكوئ من عزل 
Ig pS3y c GpLall de Je dese Ye WLAN ae wal‏ اا ا نولا 
واستبدل مهم شیوخ فانون أو جهلة دوبهم في المعارف العسكرية » وعددوا من سيق من 
الضباط الوطنيين إلى السودان ونحو ذلك . وطلبوا إحالة القضية على مجلس عسكري 
ينظر في جنيع أطرافها » فإن كان لهم حق منحوه . وإن استحقوا عقوبة قبلوها » وطلبوا 
عزل ناظر الجهادية لإختلال أعماله وميله عن النظام طاعة لميل خاص . 

رفعوا نسخة من هذا التقرير إلى الخديو وأخرى إلى رياض باشا بإمضاء أحمد 
les abe‏ في وعد العال حلي ابالنيابة عن جميع الضباط المصرريين +. نبقي التثرير 
٠‏ يوماً تحت المداولة بين الخديو ورئيس نظاره » وكان من رأي رياض باشا أن يجاب 


طلبهم في تشكيل المجلس العسكري ولكن الخديو لم يقبل ذلك . 


مظاهرة الملأ المصري للضباط 


شاع هذا الخبر بين الناس على حسب العوائد في مصر » علم الكثير من الأعيان 
والعلماء والموظفين بإصرار الضباط على طلب ماس بالوزارة » وأحسوا بخلاف بين 
الخديو ورئيس نظاره 2 فهب عند ذلك جميع الراغبين في تغيير الحال من علماء وأعيان 
وذوات كرام ومقربين من الجناب العالي » واتحدت وجهتهم في الغاية وإن اختلفت 
الدواعى والبواعث » فطلاب مجلس النواب يؤملون في التغيير أن ينالوا تشكيله » 
ارون من استبداد بعض الأمورين » والخائفون من أن يؤخذوا بالشبه يرجون 
بالتبديل كشفاً لكربتهم وأمناً على أنفسهم » والواجدون على السلطة الأجنبية يرجون 
شفاء شيء من وجدهم > والذوات الكرام الطامعون في رجوع سلطتهم على أبدان 
الرعية وأموالمها يطمعون في إرضاء شرههم . والأجانب الربويون يتطلعون إلى انقلاب 
تزيد به الشدة المالية حتى تتسع لهم طرق الكسب الماضية » وقنصل فرنسا البارون 
«درنج) يسعى في الإنتقام من رياض باشا ale gh of ty‏ له يمكنه مجاراته في ١‏ 


ovy 





مطالبه » والحناب الخديو لا يكره أن يتخلى رياض باشا عن رياسة النظار » بل تدث 


wish‏ هذه العوامل جميعها تشتغل لتقوية جانب الضباط » وتشجيعهم على 
الإلجاح في الطلب » وكل من وصل إليهم من أولئك بنفسه أو أمكنه أن يبعث إليهم من 
يعبر عن أفكاره يؤيد لهم عدالة الطلب « وموافاته للرغائب الوطنية « وأن ما يأتيه ناظر 
الحربية لا يمكن الصير عليه » ري الأخبار بأن الحناب cpt!‏ لا يأبى 
إجابة طلبهم › oe‏ أن يکن هم أ منيتهم » وإنما رياض باشا هو الذي لا يريد 
AUS‏ « واللّه أعلم من أ ين كانت تأتيهم هذه الأخبار » مع أن رياض باشا كان يريد 
تحقيق الأمر حسب ما طلبوا في تقريرهم كا قدمنا . 


زاد هذا كله في جراءة الضباط » [Sy‏ طالت مدة التردد في حسم المسألة كثرت 
الإشاعات » وقويت عزائم المحركين » وغلب الظن بضعف الحكومة » وقد حصلت 
عدة مقابلات بين رئيس النظار وبينهم قال دولته في إعداها لعراي :ومن كان معه + إن ما 
أودعتموه في تقريركم من طلب عزل الناظر يعد محروجاً عم| حدده لكم القانون ٠‏ وتلك 
مهلكة سياسية » فقد يخشى أن يعد الأجانب ذلك سبيلاً لزيادة تداخلهم في الحكومة 
واشتداد وطأتهم عليها . 

وأحس بذلك البارون «درنج» فأرسل إلى aml‏ عرابي وإخوانه يقول هم : 
يسره ما يراه من صلابتهم في عزيتهم » واشتدادهم في المطالبة بالعدل فيهم 
أن يثبتوا | في مطالبهم ولا يضعفهم ما بهددون به » فهو بصوت حكومة فرنسا يسند 
المطالب العادلة , وليس في الإمكان أن حكومة متمدنة تقيم الموانع في سبيل الناهضين 
بطلب حقوقهم » الساعين في الإنتصاف لأنفسهم ولأبناء بلادهم) . 


OVA 





by‏ الثورة بحادثة قصر hdl‏ الشهرة 


جع ('2 الأستاذ هذه الحادثة تمهيداً بين فيه أن الضباط كانوا يتوهمون أن رياض 
باشا مؤيد في منصبه بقناصل الدول ذات النفوذ بمصر  »‏ وإن الخديو نفسه كان يظن 
ذلك ونتيجة ذلك أن مقاومة وزارته مقاومة للدول » فلا يتعرض للا إلا بوسائل الرفق 
واللين » فلا قال قنصل فرنسا الجنرال لعرابي ما قال «" انكشف ذلك الوهم » وتحول 
السير من سؤال الخاضع » إلى إلحاح المضارع» > فأخذ) أحمد عرابي وعبد العال 
وعلي فهمي يدعون سائر الضباط للإتفاق معهم على مقاومة كل ما تسنه نظارة الجهادية 
من نظام ضار بهم » وطلب عزل ناظرها مثار تلك المخاوف . 

علا نداء الضباط بذلك وكثر الإضطراب » فانعقد مجلس النظار برياسة الخديو 
للإسراع بحل هذا المشكل وحضره بعض رجال المعية . 29 فكان من رأي رياض 
باشا أن يحال تحقيق ما في التقرير على مجلس عسكري . وكان من رأي ناظر الجهادية 
القبيض على الضباط الثلاثة » عوامل هذه الحركة , والحكم عليهم بالعقوبة التي 
استحقوها elas‏ هذه » ووافقه بعض النظار وجميع من حضر من رجال المعية » وكان 
الجناب الخديوي من هذا الرأي . واستمر الجدال ذلك اليوم إلى أن جاء وقت الظهر وم 
)۷٠(‏ هنا يلخص ويعرض الشبخ رشيد رضا نص الأستاذ الإمام . 
)۷١(‏ العبارة هنا للأستاذ الإمام بالنص . 


(۷۲) يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص . 
(/) النص هنا للأستاذ الإمام . 


ov4 





يتقرر شيء » فقاموا إلى المائدة » وبعد الفراغ من الطعام » وقبل الرجوع إلى المداولة , 
جاء أحد رجال المعية : (طلعت) باشا إلى رياض باشا وأسر إليه أن بعض الناس يتهم 
دولته بمجاراة الضباط والأخذ بناصرهم طمعاً في أن يملك قلوبهم ثم يستخدمهم في 
الإستيلاء على الخديوية المصرية . فليا عادوا إلى الجلسة لبث رياض باشا ساكتا , 
وصارت الأغلبية على رأي الجناب العالي » وإنما سأل رياض باشا ناظر الجهادية : هل 
تتحمل تبعة هذا الأمر ؟ فقال : نعم . وصدر الأمر بالقبض عليهم وسجنهم في "١‏ 
يناير سنة 188١‏ . هذا ما حدثني به أحد النظار في ذلك الوقت ولا أظنه إلا صادقاً . 
م ينفذ الأمر الخديوي بقوة الحكومة وسطوتها | جرت به العادة » ولكن سلك في 
تنفيذه طريق الحيلة والغدر» . 
و(" ثم بين الأستاذ ذلك بما حاصله : أن ناظر الجهادية كتب إلى الضباط الثلاثة 
يدعوهم إلى ديوان الجهادية للمذاكرة في ترتيب حفلة زفاف الأميرة حميلة شقيقة الخديوي 
أول يوم من شهر ربيع الأول سنة ۱۲۹۸ - وهو اليوم التالي ليوم صدور الأمر العالي 
بحبسهم ‏ فلا وصلت إليهم الدعوة دهشوا لأن موضوعها لا يحتاج إلى مداولة ثلاثة من 
أمراء الألايات . ولا مثله بمعتاد » ففطنوا للحيلة في تلك الدعوة في ذلك التاريخ » 
فدعوا من يثقون به من الضباط وأطلعوهم على ورقة الدعوة » فقنع الجميع بأن خطراً 
سيحل بالثلاثة ثم بكل من يشايعهم ‏ أو بكل ضابط مصري على ما كان يخيل إليهم - 
2 فحملهم الحرص على وظائفهم . وأقدم بهم العلم بضعف الحكومة عن الإنتقام 
منهم لكان الإختلاف الواقع في أمهسات عناصرها » وما هاجهم من وساوس ذوي 
الكلمة في مصر . وما كانوا يتخيلونه من رضاء الكافة عما يفعلون . . على أن يقاوموا 
الشر المنتظر بالقوة إذا اقتضت الحال ذلك . غير مبالين بعاقبة » وكان من الضباط 
الحاضرين كل من محمد عبيد بكبائي في الألاي الأول آلاي الحرس ‏ وخضر خضر 
بكباشي في ألاي السودان » فأخذا على عهدتم) انقاذ الضباط الثلاثة إذ سقطوا» . 
بعد هذا التمهيد ذكر الأستاذ حادثة قصر الئيل المشهورة» وملخصها : أن 
ages (VE)‏ الشبخ رشيد رضا هنا ليعرض ويلخص نص الأستاذ الإمام . 
(5) النص الكامل هنا للأستاذ الإمام . 
)۷٦(‏ هنا يعود الأستاذ رشيد رضا ليعرض ويلخص نص الأستاذ الإمام . 


OAs 





الضباط الثلاثة جاءوا قصر النيل يتبعهم - على بعد بعض العيون من جند الألاي 
الأول » فإذا الديوان غاص بالضباط وأمراء العسكرية » فلا وصلوا إلى حيث الناظر تل 
عليه الام الاد مس «وحركوا من سيرفك” والقزا فى الميجن OMY‏ وتقاذنت 
عليهم الشتائم » وكان أكثرها وأبلغها في التحقير كلمة (فلاح) » فعاد المقتفون لأثرهم 
وبلغوا ضباط الألاي الأول ما رأوا » فنبض محمد عبيد بالعسكر الذي تحت قيادته 
لإنقاذهم » فاعترضه القائمقام (خورشيد بك بسمى) فلم يسمع له قولاً » وشاهد 
الخديو حركتهم فأمر (بروجي الحرس) بأن يدعو ضباط الحرس إلى السراي » فدعاهم 
فلم يستجب له أحد . وانطلق بهم محمد عبيد إلى قصر النيل » فهجموا على الديوان 
فيه » فأطار الرعب قلوب الأمراء فيه ومنهم الناظر والوكيل » ووثب كل منهم من نافذة 
يطلب الخلاص لنفسه . فمنهم من كسر ومن جرح » وفتح الجند مستودع الضباط 
الثلاثة عنوة فخرجوا ظافرين » وأرسلوا إلى ضباط ألاي العباسية ».وهو ألاي عراب » 
وكانوا قد قبلوا أميرهم الجديد الذي خلفه بعد حبسه » والتمسوا العفو عنم » ثم 
بلغهم ما حصل فوقعوا في حيص بيص . وقد خطب عراب في العسكر والضباط 
المجتمعين . وأثنى على إخحلاصهم في حب أمرائهم » ثم أمرهم بوضع السلاح » وأخحذ 
يكتب إلى القناصل ويستعد لمخابرة سراي عابدين . 
ak ok F‏ 

كان رياض باشا قد بلغه الخبر وهو في نظارة الداخلية فجاء إلى سراي عابدين . . 
وعرابي يرسل شكواه إلى البارون «درنچ» قنصل فرنسا الجنرال » ويلتمس منه أن يبلغ 
جميع القناصل أن الضباط لم يأتوا عملا إلا ما يقي أرواحهم ويضمن لهم إقامة العدل 
فيهم » وأرسل إليه ورقة الدعوة إلى ترتيب الزفاف » وبسط له الحيلة التي دبرها ناظر 
الجهادية للإيقاع بهم . وشرح له ما حصل لهم من سلب السيوف وال حبس » على أنهم لم 
يأتوا جريعة سوى أنهم طلبوا عزل ناظر الجهادية » وهو طلب Sole‏ لسوء تصرفه . فورد 
له الجواب من (البارون درنج) بالثناء على عزيمته وثباته في مطالبه العادلة » وبشره بأنه لا 
خحوف عليه ما دام الحق في جانبه » فسر عرابي بذلك . أما باقي القناصل فلم يجيبوه 
بشیء) . 


(۷۷) النص هنا للأستاذ الإمام . 


۸1 





ثم ذكر أن الخديو أرسل إلى عرابي يسأله عن سبب هذه الفتنة » فأجابه بأنه 
لا يريد إلا عزل ناظر الجهادية » فقبل منه » وعرض عليه عدة أشخاص على أن يكون 
أحدهم خلفاً للناظر فلم يقبل أحداً » إلى أن عرض عليه محمود سامي باشا ناظر 
الأوقاف فقبله . فعين في الحال ناظرا للجهادية » فأرسل عرابي يشكر الخديو على 
ذلك . وطلب العفو عن العساكر والضباط فيا فعلوا فعفا عنهم » وصدر إليه الأمر بأن 
يصرف العساكر في الحال . فلم يتمثل » بل أجاب بأنها تنصرف في صباح الغد . 
وانتهت بذلك الحادثة التي تعرف بحادثة قصر النيل . . 


(۷۸) يعود الشيخ رشيد رضا ليعرض ويلخص نص الأستاذ الإمام . 


كمه 





نتبجة ما تقدم 


وتباين أفكار عرابي ومشايعيه ورياض باشا والخدبوي فيه 


› باشا » بل وأكبر من ذلك‎ gels يمكن لعرابي أن يطلب فصل‎ WIS) 
ذلك الوقت ‘ وانحصار القوة فيا بيذه » ولكن الأمر كان غير‎ a الضعف‎ Ji Saw 
Le مدبر » فإن طلاب التغيير لم تكن لهم ثقة بعرابي ومن معه حتى كانوا يفضون إليه‎ 
» بل كانوا يظئون أن مجرد المقاومة » والنزوع إلى نيل مطلب ما بالعنف‎ ٠ بريدون‎ 
والوصول إليه بالقوة يكفي في أن يقدم رياض باشا استعفاءه . ولا حاجة إلى التصريح‎ 
به لعرابي ومن معه خوف الإخفاق فيزداد عناؤهم إذا انكشف أمرهم . فكانت‎ 
. الوساوس منحصرة في تزيين ما هم به الضباط من طلب حقوقهم‎ 

أما عرابي فلم يكن يخطر بباله ولا بهتف به في منامه أن يطلب إصلاح حكومة أو 
تغيير رئيسها , فذلك مما كان يكير على وهمه أن يتعالى إليه » وإنما الذي أحاط بفكره 
وملك جميع مقاصده هو الخوف على مركزه » مع شدة البغضاء لمن كان معه من أمراء 
احراكسة , والمنافرة من عشان باشا . فلم يكن له هم سوى الأمن على مقامه , 
والإنتقام من ذلك العدو» والتغلب على ما كان بيك الجراكسة من الوظائف العسكرية 
قصد التمتع بما كانوا يتمتعون به من رواتب أو نفوذ » لأنه هو وإنحوانه أبناء البلاد أحق 
من غيرهم بمزاياها الخاصة بأمثالهم . 

وجميع المحركين له إنما يأتونه من هذا الباب , dy‏ يستلفتوه إلى أمر آخر » فظن أن 


(۷۹) النص هنا للأستاذ الإمام . 





مقال الأعيان والذوات الفخام » وما يأتيه من الجانب الأعلى » وما يسمعه من العامة ممن 
بلغهم خير طلبه من استحسانهم له وتصويبهم للثبات عليه إنما هو لعدالة الطلب 
واعتدال الرغبة » فخيل له أنه بعمله هذا يرضي الجناب الخديو والكافة وقنصل فرنسا 
أيضاً بتطهير الحربية من ظلم ناظر الجهادية والجراكسة » فانحصر طلبه في عزل عثان 
باشا » وما بقيى من سلطة الجراكسة تسهل إزالته بعد ذلك » فانقضى أرب عراب ولم 
مدت رياس UBL‏ 


أجال رياض باشا فكره في أسباب هله الجرأة التي أقدمت بهؤلاء الضباط على 
تمزيق حجاب الهيبة المضروب بيهم وبين الحكومة » مع أنهم ليسوا إلا مصريين قد 
عرفوا بالإستكانة للسلطة » وتنزيه الحاكم عن أن تتطاول إليه الأوهام بالمقاومة > فضا 
عن الألسن والأيدي , فانحصرت كل الأسباب عنده في البارون «درنج ) قنصل فرنسا 
الجنرال » وأن صفته هذه وجهره بتعضيده هو الذي نفخ فيهم هذا الروح › ولولاه لم 
ينبض فيهم عرق » ولم ينطق مم لسان » لهذا سعى لدى الجناب الخديوي ني أن يطلب 
من رئيس الحمهورية('*) استدعاءه من مصر » فورد الحواب بقبول الطلب Lil Cues‏ 
له موسیو «(ستکوفیش» . 


لم يدر في خلد رياض باشا أن البارون «درنج» كان العلة المتممة » وأن هناك 
أسباباً أحرى سبقت سعيه » وهي ظهور الإنحراف عنه من کل جانب » وأن الفتنة لا 
تسكن ما دام في الوزارة غير مرضي للجداب الخديوي › Lalas‏ ان حفرة بد Li‏ 
الح ى اش ا الات 0 ا 
للذوات الفخام بلا مجاملة , غير ناظر إلا إلى ما يراه حسناً » وما يعده خيراً للبلاد بدون 
التفات إلى ما يخفف مرارة الحق إن كان محضا » ومجلو حال النية إن كانت صالحة » 
ولهذا قد اكتفى بعد إبعاد البارون «درنج» بالتفويض لناظر الجهادية الجديد في إزالة 
أسباب الشقاق المخيم في المراكز العسكرية, والأخذ بزمام هؤلاء الضباط وردهم إلى 
النظام » وتسكين نفوسهم إلى الطاعة » وأما ما بقي من الأسباب الحقيقية للفتنة » وهو 
ما في نفوس أهالي البلاد من الميل إلى تغيير شيء من السيرة الحاضرة » وما تمكن في قلب 


(60) الجمهورية الفرنسية . 


CAE 





الجناب الخديوي من النفرة منه فلم يلتفت إليه » لسقوط ذلك كله عن منزلة الإهتام 
من نفس رياض باشا . 

لم يكن يخطر ببال الجناب الخديوي في ذلك الوقت أن الأمر يصل إلى هذا الحد » 
وإنما كان يظهر لبعض الضباط انحرافه عن رياض باشا » ويلمح إلى أن رئيس النظار 
جو فدرم وهو الساعي في تقليل القوة ة العسكرية » by‏ إيجاد النظامات 
کثیرا من أبناء البلاد ثمرة أعمللهم في الجندية ونحو ذلك » ثم بميل في مجلس النظار إلى 
أخذ الضباط الثلاثة غيلة » وتجريدهم من سيوفهم قبل محاكمتهم » كل ذلك حتى 
يحدث شيء من الإلزام يعز على رياض باشا قبوله فيستعفي . كان الجناب العالي ينتظر 
أن يستعفى رياض باشا بمجرد الإصرار على صدور الأمر بحبس Bre fe BOW‏ 
أيه » فلم يستعف » كان يظن بعد ذلك أن غاي ما يؤدي إليه حبس الضباط الثلاثة أن 
يجتمع جاعة من الضباط ويتجمهروا حول رئاسة النظار يطالبون بالإفراج عن 
ete ee,‏ 
الخديو الأسبق , ثم تنتهي بذلك الحادثة ويعود النظام إلى مقره . 

وغاب عن الأفكار أن آثار الحركة على وزارة نوبار باشا كانت لم تزل تشاهد في 
الجندية » تخفي وتظهر حسب اقتضاء الأحوال > كا يعرف من العريضة التي قدمت في 
وزارة شريف باشا السابقة على وزارة رياض » ثم لو كان الجناب العالي أظهر رغبته في 
عزل رياض فؤلاء الضباط » ودبر الأمر معهم » وقال هم : إن هذا الرئيس يرتكن على 
الأجانب وهم يسندونه فلا بد من إيجاد سبب يقنع الأجانب ظاهره » لكان ما أتاه 
الضباط صادراً عن أمره » ولبقيت هيبة المسئد الرفيع في نفوسهم » ٠‏ مع اطمئنائهم عل 
أرواحهم ومراكزهم من ناحية جنابه » ولا وجدت نفوسهم في الظفر بمطالبهم شيا 
جديداً سوى الإمتثال لأوامر الحاكم وإن كانت سرية » ولا استشعروا بتلك القوة التي 
اندفعت بهم إلى خرق ذلك السياج eel‏ الذي يحول isle‏ بين النظام والفوضى » نقول 
أن ذلك كان أقل خطراً فقط » أما سوء عاقبة مثل هذه الأفاعيل فمم| لا محيد عنه غالباً . 

ثاني يوم الحركة استشعر الجناب العالي أن في الحادثة ما قد يمس سلطته » وأن 
الضباط قد جنوا عل مقامه » فأصبح في مين عظيمين بعد أن كان في هم واحد - هم 
رياض باشا وهم الضباط ‏ فبادر إلى أخذ الإحتياط لأضمها خطراً وأشدهماء وهو 
الثاني « فاستدعى علي فهمي أمير GY‏ الأول وذكره بما كان له من الزلفى عنده . 


ممه 





وأظهر له غاية الرضى عنه » وأمره باستدعاء جميع ضباط الألاي إلى سراي عنابدين 
ليقسموا للجناب الخديوي يمين الطاعة والفداء » ويقسم لهم جنابه يمين التأمين من كل 
عقوبة على ما مضى . 

أراد بذلك الجناب اللخديوي أن يتتخذ هذه الفرقة من الجيش قوة يخيف بها ما بقي 
منه » فإذا أراد أن يريح نفسه من عبد العال مثلاً » لم يستطع آلايه أن يفعل مثل ما فعل 
الآلاي الأول مع الضباط الثلاثة » لوجود من يقاومه » وهكذا لو أراد أن يبعد عرابي » 
ثم إذا استراح من كليهه| رجع على علي فهمي وضباطه » وبذلك ينتهي القلق . لكن 
عرابي أحس بالأمر فالتمس من الحضرة الخديوية أن يدخل فيما دخل فيه علي فهمي من 
يمين الأمان » فدخل برضاء الجناب الخديو ‏ أو على غير رضاه ‏ في رابع يوم الحادثة 
وتقاسا الأيمان . 


إلى ما قبل الحادثة بيوم كان عرابي يخاف على مركزه في العسكرية ويخشى Tb‏ 
أعدائه من الجراكسة مضطهديه . فكان كل همه ى) ‏ قدمنا ‏ أن يأمن على وظيفته ويتقي 
من عدوه » ومع هذا فقد دفعه طلاب تغيير الحال إلى إعداد الضباط لفعل ما فعلوا يوم 
قصر النيل . أما وقد هتك حرمة القانون وقلب قوة الحكومة . وحولما عن وجهتها 
وجعل الآلة فاعلاً , والفاعلة آلة » وذلك نما يعد جرماً في نظر كل واحد . حتى أن 
سريرته مهما عميت لا يمكن أن تغفل عنه » ثم رأى GUL oy‏ الخديوي تخصيصاً لعلي 
فهمي بتقاسم اليمين معه » فقد ولت عنه السكرة » وآبت إليه الفكرة » ومثل له جرمه 
وشعر بأن حاكمه لا يسمح له بقوة تعلو قوته » والنظام يقضي بإهلاك هادمه » وخيل له 
أن المخاطر تهدد روحه بعد وظيفته » ولا ريب أن الروح عليه أعز » وأن الشماتة بعدها 
أدهی وأمر » وأن دخوله في ين الخدیو لا يکفي في وقايته » لأنه ۾ يکن جهل قيمة 
الأيمان » ولو كان اليمين عنده يلزم الحالف با حلف عليه لما جاء هو بما نقض الأيمان 
العسكرية التي حلفها عند استلام علم الإمرة على فرقته » فأخذ يحتاط لنفسه ولمن 
شاركوه في الجرم ويلتمس العضد من كل طرف » ويفر من الموت في كل سبيل . 
ركب به الحبن طريقاً عمياء » يخبط فيها خبط العشواء » ويسوقه الرعبء 


ويقوده الوهم » وضعف الحكومة يمده . والرغائب الخرقاء تساعده إلى أن أودت به 
وبالبلاد خطيئته . 





أول ما أخذ به من الإحتياط أن أقام الحرس على بيته وبيوت مشاركيه ليلا » 
ليحموهم من الغيلة المبتذلة في أرض مصر » علمته حادثة قصر النيل كيف يلاقي ما قد 
يوجه إليه من سلطان الحكومة » فلجا إلى ضم القوة العسكرية إليه وإخلاء الوظائف 
والجندية من كل من حدثته نفسه بالريب فيه » وسلك في ذلك مسالك علمت صغار 
E‏ أنفسهم كيف يخرجون عن النظام الضابط لهم وكيف يتداخلون في 
ليس من شأ نهم أن يتداخلوا فيه كما ستراه فيا بعد» . 

۳ ثم بين الأستاذ ما طلبه عرابي باشا لإستمالة الضباط والعسكر إليه » ومنه 
زيادة رواتبهم زيادة كبيرة » وصدور أمر عال بتشكيل لجحنة مؤلفة من عشرين أميراً من 
كبار الضباط هو أحدهم للبحث في أنظمة العسكرية والمدارس الحربية وترقية الضباط 
وتسوية أحوال المستودعين » ولكنه لم يسلك في ذلك طريق النظام بجعل ناظر الحربية 
هو الذي يعرض ذلك على الحكومة بل كانت العرائض تكتب في بيته أو بيت أحد 
شركائه"“ «ثم ترسل إلى الآلايات ليختم عليها الضباط صغاراً وكباراً » وبعض 
0 ثم تقدم من قبل ضابط ألاي إلى نظارة الجهادية أو إلى رياسة مجلس 

ر . فلينظر بم كان يشتغل الضباط والعساكر » وفيم يصرفون أوقاتهم ؟ وكيف 
is‏ تموت رغبتهم في الأعمال العسكرية » ويتولد فيهم حب التطاول إلى ما هو خارج 
عن الحق المخول لهم بمقتضى القانون وعوائد النظام» : 

7 ثم ذكر أن محمود سامي باشا أراد أن يتخذ سرور الضباط بإعلاء مرتباتهم 
ogra Ul‏ رديه لالد ا درن أنفسهم من معاداة by eh Sh‏ مولا 
صدر الحكومة من الريب في مسلكهم . فاحتفل لتلك المنحة احتفالاً باهرا في نظارة 
الحربية بقصر النيل . دعا إليه النظار والمراقبين وأمراء العسكرية » وخطب على المائدة 
(ab dae‏ نالته البلاد من الإصلاح ؛ ونسب ذلك إلى همة الخديو وإخلاصه » وصدق 
عزيمة رياض باشا وجده » وسائر النظار ورجال الحكومة . وبين أن هذه النعمة لا تحفظ 

إلا بالشكر . وهو الطاعة والخضوع للأوامر . ثم خطب رياض باشا Gad‏ الفرق بين 
ا لحالة الحاضرة وما قبلها » وخحاطب الضباط فذكر همم ما نالوه » وذكرهم بوظيفتهم من 
(81) هنا يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص لنص الأستاذ الإمام . 
(۸۲) النص هنا للأستاذ الإمام . 
(8) هنا يعود الشيخ رشيد رضا للعرض والتلخيص لنص الأستاذ الإمام . 

OAV 





حيث هم قوة الحاكم وآلته في تنفيذ أوامره » وقام بعدهما عرابي فصدق ما قالا » وقال 
بلسان الجند والضباط : إنهم مقيمون على طاعة الحاكم الذي هو مصدر هذا التقدم » 
وأهم آلته المنفذة في قبضة يده يديرها كيف شاء . 

0" كل مطلع على ما قيل في ذلك الإحتفال يجد منه أن الحكومة كانت تريد أن 
تقنع الضباط بوجوب الطاعة › وأن عرابي كان يعدها بذلك بنفسه وبالنيابة عنهم » وهو 
دليل على أن القلق كان لم يزل مستمراً إلى إلى ذلك الوقت » أي ما بعد حادثة قصر النيل 
بنحو ثلاثة أشهر » وقد كان يؤخذ من حالة عرابي عندما كان يجيب رياض باشا ومحمود 
سامى باشا أنه كان ينطق بخلاف ما يضمر » وأن حجاب الطمأنينة كان يشف عن 
كامن القلق والإضطراب . 


مسلك الخديو وحاشيته مع الضباط 


قلنا أن الجنات الخديو أصبح بعد حادثة قصر النيل يطلب الخلاص من أولئك 
الضباط وسطوتمم النافذة في جيشه » فشغله ذلك » وأخذ يدبر الوسائل › > لکن لا مع 
ab cll ye caltelly atl jy‏ کر ل مم ایت رفن رال ناون كان 
يختصهم من خدمه » ذلك مهب البلاء على كل حاكم » ومنيع الشقاء لكل أمير : أن يتخذ 
لنفسه عمالاً في الخفية غير الذين أقامهم على الأعمال في الجهر اك sel‏ رن عليه ان 
يستشير كل من رآه أهلا لأن يشير متى وثق من عقله » واتضح له حسن السابقة في 
أعماله » ولكن من المفروض عليه أن يكاشف بذلك رجال حكومته الذين ألقى عليهم 
مقاليد أموره وفوض إليهم تدبير شئونه في رعاياه » فإذا أقروه على العمل بما أشير به عليه 
ols‏ كفنا ai acs‏ الا تقاف و إلا دو ال أدخروه لوقت آخر » أو عزل من لم ير رأيه 
وأقام مقامه من هو أقدر منه على تنفيذ أوامره المنطبقة على مصلحة البلاد » بعد التروي 
في جميع ذلك » والثقة بسلامة العاقبة » فإن اختلس لنفسه شيئا من التدبير بإنفراده مع 
بعض خاصته على غير علم ممن ملكهم زمام الأمر من الحكومة تباينت المسالك » 
واخحتلفت الغاية > وفسد بذلك نظام الأعال »> وسقطت البلاد في الفوضى وهجرتما 
الطمأنينة وتولاها القلق وظهر ضعف الحاكم وباد سلطانه . . عواقب قضت بها السنة 


. النص هنا للأستاذ الإمام‎ )۸٤( 





الإهية على كل أمة تضاربت فيها القوى » وتخالفت النيات » واستبد كل من الوازعين 
فيها برأيه » ومضى على ما تزينه له نفسه . 

لم يأخد المرحوم الخديو السابق بذلك الأصل الذي وضعه اللَّه نظاماً لكل 
حكومة » بل أخذ يعمل مع بعض خاصته للوصول إلى ما همه من التخلص من سلطة 
الضباط في الجنود الذين تحت إمرتهم » فبدأ بعبد العال ظناً منه أنه كان أجرأهم 
وأشدهم نفوذاً في عساكره » وأفضى بسره في ذلك الوقت إلى يوسف باشا كال وكان 
ناظر دائرته الخاصة . فأخذ يوسف باشا على عهدته موافاة إرادة مولاه . 

استخلص يوسف باشا من صف ضباط آلاى السودان باشجاويشا شركسياً : 
ودعاه إلى بيته في أوائل شهر مارس نة ۱۸۸۱ » وأكرمه » وكلفه أن يلوى العساكر 
phn a eid pee E al)‏ إلى حادثة مثل -حادثة 

قصر النيل » وأن يقنعهم بأن ضباطهم لا يريدون بهم خيراً » فإذا صدر الأمر بنقل أمير 
ألاهم أو غيره من كبار الضباط إلى ألاي آخر فعليهم أن لا يعارضوا في ذلك » 0 
يقبلوا كل ضابط يعين لهم . فذهب الأحمق وكتب عريضة ضمهها أن العساكر والصف 
ضباط لا يحبون ضباطهم ولا يريدون أن يكونوا تحت قيادمهم . وإذا نقل أي واحد منهم 
إلى أية جهة فلا يعارضون أمراً من الأوامر التي تصدر بذلك » وطلب من أفراد الجند أن 
يختموا عليها قائلا إها عريضة طلب فيها زيادة المرتبات لهم » فختم الكثير منهم عليها 
لأنه لا علم لهم بالقراءة والكتابة » وقد ألفوا تلك العادة التي عودهم عليها رؤساڙهم › 
من أن المطالب التي يطلبها الجند من الحكومة تكتب بها عرائض ويطلب من الضباط أو 
العساكر إيقاع الأختام عليها » غير أن أمين أحد البلوكات اطلع على العريضة فأخبر بها 
اليوزباشي سليم أفندي الزيدي » وسلمها إليه » وهو سلمها إلى عبد العال » فقدمها 
عبد العال إلى نظارة الجهادية » فأوصلها الناظر إلى الجناب الخديوي فأمر بالتحقيق 
لإظهار منشأ هذا الفساد » فصرح الباشجاويش بأن يوسف «opal AE tal‏ 
فصدر أمر الجناب العالي بفصله من نظارة الدائرة الخاصة ظناً منه أن ذلك ينفي الشبهة 
في أن لجنابة يدا في الحادثة » ولكن الضباط كانوا على يقين تام من أن ناظر الدائرة 
الخاصة لم يعمل عملا إلا بإرادة مولاه » ويقال إن عزل يوسف باشا كان بناء على طلب 
عبد العال ومساعدة عرابي له . 


قال بعض كتاب الحوادث في تلك الأوقات إن العريضة كانت تحتوي على التياس 
24 





العساكر والصف ضباط أن يعفو الجناب العالي عنهم فيما أتوه من السير إلى ميدان 
عابدين يوم a aT‏ 
ولكن ذلك تأويل للحادثة بما لا ينطبق على الحقيقة » على أنه ظاهر السخافة, فإن 
الجناب الخديو قد أصدر أمر عفوه عما 3 في تلك الحادثة عن جميع eT‏ 
وانتهى الأمر فيها . ولم يكن يخطر بالبال أن ن أحدا سيؤاخذ على ما فعل » ولم يحدث من 
جانب الحكومة ما يوجب الريب في ذلك حتى يلتمس العفو » بل كانت الظواهر جميعها 
متضافرة عن أن الرضاء من جانب الحكومة على الجند ورؤسائه تام عام . 


وفي أوائل شهر إبريل سنة ۱۸۸١‏ حدثت حادثة أحرى » وذلك أن رجلا يسمى 
فرج بيك الزين من أمراء الآلايات المستودعين كان يسكن في طرة بجوار مركز ألاي 
السودان » وكان من خدم جناب الخديو السابق رجل يسمى إبراهيم ET‏ التوتنجي » 
فكان من رأي إبراهيم آغا أن يلقي yT‏ أمير الألاي عبد العال 
بواسطة فرج بك الزين » فاتفق معه على الأمر » وكان لفرج بك صهر يساكنه في بيت 
واحد فاتخذه آله لتنفيذ ما یرید » فتعرف إلى شاويش يسمى عبد الخير فدعاه 
إلى فرج بك فاكرمه وطلب منه أن يكثر من التردد عليه هو وإخوانه » فلهب عبد 
الخير وأخبر البكبائبي خضر خضر با وقع له فسمح له بالتردد . وأمره أن يخيره بما يكون 
ففعل . واجتمع عند فرح بك اثنا عشر من صغار ضباط السودان ني ليلة من ليالي شهر 
إبريل سنة ۸١‏ فأبلغهم فرج بك سلام جناب الخديو وأن جنابه يريد أن يؤمر عليهم tal‏ 
سودانياً منهم (وهو فرج بك) » وأنه متى صار الأمير منهم رقي الباشجاويش إلى 
بكباشي » والجاويش إلى قول أغاسي » والأونباشي إلى ملازم » ولا يتم ذلك إلا أن 
تعملوا على ما أشير عليكم به » وموعدنا للكلام في ذلك الليلة الآئية بعد العشاء على 
شاطىء البحر » فتلقوا ذلك منه بالقبول » وانصرف عبد الخير وأفضى بالأمر إلى خضر 
خضر فأذن له بموافاة الموعد , ومتى ظهر همم من كلامه ما يشير إلى الفتنة فعليهم أن 
yT‏ ل لان » فطلب منهم 
فرج بك أن يرفعوا على ضباطهم شكاية من تصرفهم إلى الحضرة الخديوية ليبني عليها 
ذلك التغيير » فعندما سمعوا ذلك قام واحد منهم وقال day Vide‏ بدا يرا وعلينا أن 
نكرهه على الوقوف بين يدي ضباطنا في الحال » ؛ فاتفقت كلمتهم على ذلك » وطلہوا منه 
أن يسير معهم فأبى . فاحتمله عبد الخير وساعده إخوانه حتى أحضروه عند خضر 


0۹۹ 





حضر » فكتبت الواقعة بالتفصيل إلى أمير الألاي » فحضر وطلب محاكمة فرج الزين » 
فحوكم وظهرت معه رسائل من إبراهيم أغا تدل على أنه مصدر هذا الشغب » وحكم 
على فرج بيك بإنزاله عن رتبة القائمام إلى رتبة البكباشي وبنفيه إلى السودان » فعفا عنه 
الجناب الخديوي وأرسله إلى السودان موظفا في وظيفة تليق به . 
تأثبر دسائس الحاشية الخديوية في عرابي 

قدمنا أن سلطان الخوف ملك قلب عرابي بعد حادثة قصر النيل » ودخوله في يمين 
الأمان مع على فهمي لم يخفف شيئاً من قلقه » وقد زاد في اضطرابه تكرر هذه الحوادث 
والوقوف على مصادرها » وأن خاصة الجناب العالي هم العاملون فيهاء وهم لا 
يصدرون إلا عن رأيه السامي » فأيقن أن العفو الصادر واليمين السابقة لم يكونا إلا 
ألفاظاً قصد بها إلهاؤه وإهاء إخوانه عما يراد بهم » وأن الإنتقام على ما صدر منهم ضربة 
لازب » وأن ما اتخذه من وسائل جلب الحند إليه » وجمع كلمتهم عليه » لا يحميه من 
الغيلة » ولا يؤمنه من السقوط في فخاخ الحيلة . 

لهذا أخذ ينقي الجيش من كبار الضباط الذين لا يثق بهم » ويخشى أن يكونوا 
عوناً على تدبير كيد يكاد به » فأوحى إلى ضباط ألاي العباسية (الاي عراي) أن يخالفوا 
أوامر البكباشى (ألفي أفندي يوسف) » وأن بهينوه إذا عرضت الفرصة » فتجاوزوا الحد 
في سوء الاما د إلى أن كلفوه و بتقديم استعفائه فأ » ودافع عنه يوزاباشي 
يسمى خليل أفندي علي » وانتهى الأمر إل عرابي فألزم البكباشي بأن يستعفي وحوكم 
اليوزباشي فحكم عليه بالسجن مكبلا بالحديد » ثم استودع مع القضاء عليه بأن لا 
يعود إلى الخدمة العسكرية أبداً » وكذلك أشار إلى ضباط ألاي القلعة فطلبوا إلى النظارة 
عزل أميرهم حمد بك صدقي فعزل وعين بدله إبراهيم بك حيدر » وكذلك فعل ضباط 
ألاي الطوبجية فعزل حاكم الألاي حسين بك وعين بدله إسماعيل بك صبري ٠‏ 
وحصل كثير مما يماثل ذلك ولا فائدة في الإطالة بذكره . 

6 د مد 

أفراد الجند كثير » وعدد الضباط عديد 6 وقوة الجناب الخديوي أعلى من قوة 
عرابي » وليس في الإمكان لضابط مثله أو لأعظم منه أن يملك مفاتيح القلوب ومغاليقها 
في جند مثل هذا مهما قل عدده » حصوصاً بعد أن ألف أفراده وضباطه مناوأة أرباب 


٥۹۱ 





الإمرة فيهم » وعرفوا في أنفسهم القدرة على رفع التقارير بالشكوى منهم بحق وبغير 
حق » وبعد أن ذاقوا لذة النجاح فيا يسعون إليه من ذلك » فمن الممكن القريب أن 
الحضرة الخديوية أو الحكومة نفسها توحي إلى بعض أرباب الكلمة النافذة من الضباط 
العظام بل إلى بعض أفراد الجند أن يوقع بعرابي وصاحبيه وأن يأخذهم في مأمنهم على 
غرة منهم » فإن لم يكن ذلك بإزهاق الأرواح كان بإفساد القلوب عليهم وهم لا 
يشعرون » ولو اتفق الحناب العالي مع حكومته على ذلك لتم لما ما أرادا » ولكن كان 
القضاء وسوء التدبير يسوقان البلاد إلى ما صارت إليه . 





طلب عرابي مجلس نواب وسببه 


تلك المخاوف استلفتت عرابي إلى أن يخرج من حوله وقوته الشخصيتين » وأن 
يلتمس قوة تعلو سلطته وسلطة الحكومة معأ . وها من الشأن في مراقبة أعمال الحكومة 
ومناثقتها اكات عل ما ابطلار ما خارسا عق الدسدور أو'غالناً للعذل We‏ مشي 
عواقبه وتتقي مصايره » وكان يطالع في الجرائد وفي بعض الكتب المترجمة من اللغات 
الأوروبية ويسمع من بعض المطلعين على أحوال مالك أوروبا أن مجالس النواب في تلك 
امالك هي القائمة بحفظ أصول النظام » وهي القاضية على كل حاكم بالتزام حدوده » 
SF les‏ الإستبداد في الأرواح والأموال » وحفظت الحرية الشخصية في الأعمال » 
ولعب بعقله هذا الخبال » وظن أنه لو كانت في البلاد تلك القوة النيابية » ولو أن 
حكومتها كانث حكومة شوروية لكانت الشورى أو مجالس النيابات غاصباً لحياته , 
حافظاً لحقوقه في وظائفه » ومامناً يلجأ إليه » إذا حوم طائر الإنتقام عليه » ولم يعلم أنه 
لو كانت في مصر حكومة دستورية يقضي فيها القانون ولا يستبد فيها الرأي لأوخذ عرابي 
ومن معه أشد المؤاخذة » ولقضي عليهم بجزاء ما هتكوا من حرمة القانون » وما أدحلوا 
في الجند من الميل إلى الفوضى والإستهانة بالسلطة العليا » وإنما الذي استبقى حياتهم 
بعد ما فعلوا تلك الأفاعيل نهو ضعف سلطة القانون وعجرها عن إيقاف الداخحلين تحتها 
عند حدود أحكامه » وميل صاحب الرأي الأعلى في الحكومة إلى تلافي الأمر بما ظنه أسد 
وأنجح مما حدٌّه النظام > ولو كان ذلك الحاكم مقيداً بدستور أو بآراء نواب أمته لامتنع 
عليه أن يذهب إلى ما ذهب إليه » ولقامت الأمة بلسان نوامها تطالبه أن يحل أشد العقوبة 
على من اعتدى على حدود ما شرعته لجندها » ولكانث قوة الأمة قد قضت على قوة 


o4y 





الجيش وأبادتها لو خالفتها » ولكن تلك معارف تعلو أن يتطاول إليها فكر كفكر عرابي 
ومن كان معه . وغاية ما نوهم أن مجلس النواب هو من أبناء البلاد وهم لا يسمحون 
بأن يقتل واحد منهم أو يعزل عن وظيفته وإن تعدى حدود كل نظام ما دام يطلب طلبا 
Yole ye ail,‏ 0 
مجلس نواب يكون له من الحقوق ما لمجالس النيابات في أوروبا » ثم تخيل أنه نه إذا أ نشيء 
هذا المجلس عرف أعضاؤه ومستنيبوهم فضل من كان السبب في تشكيله فيهتمون 
بالمحافظة على حياته وعلى نفوذه بما يستطيعون » بل وثق بأنه يستعمل النواب كما 
يستعمل ضباط الجند ويسوقهم إلى الغاية التي يريدها مهم . ولم يخطر بباله أنه إذا فعل 
ذلك فقد سقط بالقوة التي يلجا | ae‏ ل ل ا ا 
باب الإستهانة بأمرها » فيسهل عدم المبالاة بسيطرتها » وإذا قهرها على أمر فقد مهد 
السبيل لمن هو أعلى منه سلطاناً ني نظر الأمة أن يكرهها على عكسه » فتنقلب عليه بعد 
أن كانت له » وإذا كان المجلس تحت سيطرة الحند ف الفائدة من إنشائه مع وجود 
الجند » فليستغن عنه بالقوة العسكرية ولتكن هي الملجأ دونه » فكيف يتصور أن يطلب 
تشكيله ليكون واقياً مما لم يقو الجند على الوقاية منه ؟ . 

وهذه أحاديث عقل ينبو عن فهمها ذهن شخص مثل عرابي تمثلت له جنايته في 
eeu‏ فاغرة الأفواه حددة الأنياب » ولزمه خياها في يقظته وام فهو في فزع 

ائم يخيل له العزل والموت في كل شيء براه » يلتفت ینا وشمالاً فلا یری إلا سيوفا 
ل أوحبالاً منصوبة » ولا يسمع من هواجس نفسه إلا صيحة واحدة : الخلااص 
الخلاص الحرب الحرب . ولم يتمثل في مخيلته مهرب أوفى له من طلب تشكيل مجلس 
اك 

وشد أمله في نيل أمنيته أن أغلب أهل الطبقة العليا من الناس ككثير من أهل 
القليقة ارط عزنا 0 3 JUL jets lil‏ مق إذارة زواضى باك لعزا 
البلاد وسياسته فيها للمآرب التي بيناها » فأخذ يتحسس ما في النفوس . ويتسمع ما 
تنطق به الألسن . فوجد أن أمنية تغيير الحال لم تزل تجول في صدر كل واحد ممن كان 
ينتابه » ولو قيل لطلاب التغيير: أن لا سبيل إليه إلا باستدعاء جناب الخديوي الأسبق 
إسماعيل باشا أو استحياء إسماعيل باشا صديق لاستسهلوا طلب ذلك بعد ما ذاقوا على 
عهدها ما ذاقوا » فقد نسي الماضي واحتدمت الشهوة في التلمص من الحاضر » وكلمة 


44 





ley‏ النواب) كانت لم تزل دائرة على الألسنة » وفي وهم الكثير » ممن نظروا في 
سير الأمم الأوروبية» أن علاج كل داء ينحصر في تحقيق معنى هذه الكلمة (تشكيل 
مجلس نيابي وحكومة شورية) فلا نطق عرابي » وهو صاحب النفوذ في الجند » بأنه يريد 
إنشاء مجلس النواب سمع دوي الإستحسان من كل جانب » وصفقت له الأحشاء بين 
الجوانح قبل أن تصفق له الأيدي . فاشتد بذلك عزمه وإزداد طمعه » وخيل له أن 
الأمة ستكون سنده . 

ولعلمه آن علاقة مصر بالدولة العثانية قد لا تسمح له أن بجاهر بإيجاد شكل في 
الحكومة المصرية ليس معروفاً عند السلطان العثاني . بد RIT‏ 
وعدد كبير من الضباط تحتمها بالشكوى من استبداد الحكام d‏ الأقطار المصرية » وأن 
ذلك الإستبداد قد أضعف الأمل في الأمن على الأنفس والأرواح » كما عاد بالقوة على 
نفوذ الأجانب حتى أصبحت مصالح البلاد في أيديهم وتحت تصرفهم » وكاد اسم 
(الدولة العثانية) يسبى . واشرفت علاقتها بمصر على الإندثار والإنمحاء . فورد له 
الجواب من بعض رجال (المابين) يحمل إليه تحية الخليفة العثاني » ويحكي له أقاصيص 
رضاه السامي عن كل ما في مصر لمقاومة نفوذ الأجانب في إدارتها ومصالتها . 

أخذ عرابي بعد ذلك يجهر بطلبه هذا » وخاطب رياض باشا في شأنه ob‏ عليه › 
فأخذ يخالط ar‏ العلماء ويكاشفهم بمقصده من ثلم النفوذ الأجني ورد ما سلبته أيدي 
الأجانب إلى أربابه » وني أثناء ذلك كان يصور لهم السلطة الأجنبية الحاضرة إذ ذاك 
كأنها نسر حوم في جوها لإختيار خير الفرائس لينقض عليها » ثم اختار من بينا الدين 
SS‏ 
لقضى على الدين وسننه »> وني خلال هذا كان يزين لكل ذي شهوة منهم ما تميل إليه 
نفسه ويمينه بنيله إذا تغيرت هيثة الحكومة الحاضرة » فوجد من (حضرات امشابخ) - 
وهم على ما نعهد من السذاجة والبعد عن معترك السياسات ‏ إصغاء لقوله ices‏ 
لرأيه ؛ وكذلك كان يخالط بعض الأعيان ومشايخ العربان ويقرر لكل من لاقاه أن لا 
سبيل لمبتغاه | إلا بتأاییده في طلب مجلس النواب › يحل اذهاناً مقتنعة » وإرادات 
مستسلمة » وذلك لأن القوة في يده ولأن نفوسهم نظن منتهى راحتها في التغيير على أي 
صورة جاء . 

استحثه الحرص على إدراك المطلب أن يفضي به إلى ضباط الجيش ٠‏ وأن يثير في 


۹۵ 





أحلامهم الضعيفة تماثيل الأماني من العزة والسلطان » والصعود إلى أعلى مراقي الرتب 
والمناصب » وأن ¿ كل ذلك لا ينال ! إلا بمجلس النواب » ولم يكفه أن يكون ذلك مظلباً 
لهم يشتهونه ويساعدون عليه عند القيام للإلرام به ولكنه كان يطلب إلى gan‏ 
الضباط أن يكتبوا به عرائض يبينون فيها ضرورة إنشاء المجلس . وإنما يقام الدليل على 
تلك الضرورة بالطعن في هيئة الحكومة , وبيان عدم كفايتها في كفالة الأمن على الأنفس 
والأموال والأعراض ٠»‏ وبينا هو في ذلك إذ أحس الجناب الخديوي بممسعاه » وعرفه 
بعض حاشية جنابه الكريم » وبعد قليل ظهرت مسألة تسمى (مسألة التسعة عشر 
ضابطا) . 
مسألة ال 18 ضابطاً 

كتب البكباشي عبد al‏ أفندي الكردي ا أمضاه هو وضابط (قول أغاسي) 
وستة عشر من اليوزباشية وملازماً وقدمه | إلى ناظر الجهادية » ومحصل ما فيه الشكوى من 
تصرف عرابي ومحالفيه » وتعدبهم حدود القانون » واشتغالهم بيث الدسائس بين ضباط 
الجيش » وحملهم على تقديم عرائض للجناب العالي يطلبون فيها فصل وزارة رياض 
باشا وتشكيل مجلس الأمة وزيادة عدد الجيش والتصديق على القانون الجديد . وأن 
عرابي قد صرح لهم يما معناه : أن القوة في يدنا » والعلماء والأعيان ومشايخ العربان 
يعضدوننا » ولا مندوحة للخديو عن إجابة طلبنا » فإن لم يفعل خلعناه وأقمنا «حكومة 
جمهورية مستقلة) . فلا وقف الناظر على ما في التقرير أمر بتشكيل مجلس عسكري 
لتحقيق ما زعمه الضباط » فقالوا : إنهم لم يكتبوا إلا ما سمعواء وزادوا على ذلك أن 
في الجيش كثيرا من المظالم والخيانات » وطلبوا تحقيقها ,» ثم قدمت إلى المجلس 
العسكري تقارير من ضباط الألايات تنسب فيها هم كثيرة إلى هؤلاء الضباط الواقفين 
موقف المخاصمة مع عرابي وجماعته » وانتهت المحكمة بإثبات ral‏ كانوا مدفوعين من 
إبراهيم آغا التتنجي على كتابة ذلك التقرير» فحكم عليهم بعقوبات شديدة » قابلها 
الجناب الخديو بعفوه الكريم » غير ممم فصلوا من الجند . 

وفي أثناء هذا الإضطراب كان محمود سامي ورياض باشا يخطبان فيها يجب على 
الجند أن يؤدوه للحكومة » وعرابي يجيبهما بتصديق ما قالا . وينادي بأن الجيش آلة 
الحكومة المنفذة . . كلا الطرفين خادع مجدوع a‏ 

eR 1 


۹٦ 





في حوالي تلك الأيام كان قيام ضباط الألاي الرابع (ألاي عرابي) لطلب انفصال 
(ألفي بك) البكباشي لأنه المانع للألاي من الألايين الآخريين يوم حادثة قصر النيل , 
فحملوه على الإستعفاء فاستعفى . وأحيل على الإستيداع » وكذلك فعل ضباط ألاي 
القلعة في طلب عزل أميرهم محمد بك صدقي فعزل » وعين بدله إبراهيم بك حيدر » 
وتبعهم ضباط ألاي Gg a‏ وعين بدله 
إسماعيل بك صبري . كل ذلك ليستوثق عرابي لنفسه » وليأمن على أن القوة الجندية 
بأسرها معه . 
على أن ذلك لم يفتر عزيمة المخلصين من حاشية الجناب العالي » فقد قيل أن بقية 
مما ترك جناب الخديو الأسبق إسماعيل باشا من الجواري السود كانت تحت تصرف 
الخاصة من الخدم » فأخذوا يزوجوهن ببعض العساكر والضباط من ألاي السودان ‘ 
وكان أغوات سراي الإساعيلية يدعون أولئك العساكر ويمنحون الواحد منهم نقوداً لا 
تعطي عادة لأمثالهم » بحجة أن ذلك مساعدة لهم على معيشتهم مع زوجاتهم عتيقات 
السراي » ولكن العساكر كانوا يقولون لضباطهم أن الأغوات يغرونهم بقتل رؤسائهم , 
فيهيج غضب الضباط » وتضعف ثقتهم في الأمن على أنفسهم » ويشتد الرعب في قلب 
عرابي ومن معه » وسواء صح قول العساكر أولم يصح فأثره في إزدياد القلق 
والإضطراب لا ريبة فيه » والإشاعات التي Uys‏ عنه لا تقل قيمتها عن الحقائق 
ey Bye Sie‏ ال ا يقال ats eS‏ 
ê ê‏ 
في 75 يوليو سلة ۱1 حدث أن عجلة (عربة) لأحد تجار الإسكندرية » وده 
قائد أوروي » كانت ثمر في الشارع المؤدي | إلى سراي رأس التين » فصدمت جندياً من 
عساكر الطبجية فقتلته » فاجتمع رفاقه على أن يحملوه إلى السراي حيث يقيم AN‏ 
الخديو ويلتمسوا منه الإهتيام بمعاقبة الجاني » فحملوه محالفين في ذلك رؤساءهمء 
وساروا به في ضجة وولولة » وصاحوا بطلب الإنتقام من القاتل » فكبر الأمر على الخديو 
ورآه تطاول غالفاً لآداب الحندية - وله الحتق فيا رآه - فأمر العساكر بالانصراف 
فانصرفوا ظانين أن شكواهم قد قبلت . وبعد أيام صدر الأمر بتشكيل مجلس حربي 
لمحاكمتهم » وحوكموا وصدر الحكم على الجندي الذي بدأ بدعوة رفقائه إلى الإشتراك 


0۹۷ 





في حمل الميت إلى السراي بالأشغال الشاقة مدة ثلاث سنوات » وأن يقضوا مدة العقوبة 
في السودان » ثم يكونوا بعد ذلك من أفراد الجند في الأقطار السودانية » ثم قدم الحكم 
إلى ناظر الجهادية فرفعه إلى الجئاب الخديو فأمر بإنفاذه » وسيق المأنبون إلى السويس 
ومنها إلى سواكن ثم إلى داخحل البلاد السودانية . 

بعد هذا كتب عبد العال حلمي أمير الفرقة السودائية تقريراً طويلاً يشكو فيه ما 
أصاب هؤلاء العساكر من قسوة الحكم » ويبين قلقه من الحوادث التي تجري في ألايه 
والفتن التي لا تنقطع ولا تجف ينابيعها » وأظهر استغرابه لشدة الحكم في حادثة مثل 
هذه مع مقابلة الجانين بالعفو في هو أعظم منها وأهم (كحادثة فرج الزين وغيرها) . 

قدم التقرير إلى ناظر الجهادية » رفعه الناظر إلى الحضرة الخديوية » اشتد كدر 
الخديو لذلك وعده جرما لا يقل Le‏ اجترمه حاملو القتيل وملتمسو عقوبة القاتل »› 
فاستدعى النظار من القاهرة بالتلغراف » فاجتمعوا في حضرته فتداولوا في الأمر وقرر 
(أي جنابه) ووافقه الأغلب من رجال النظارة » على أن بقاء محمود سامي في نظارة 
الجهادية » مع ميله إلى عرابي ومن معه , هو منشأ هذه الفوضوية , وأن لا سبيل لإيقاف 
سير هذا الداء ورد المتطاولين على السلطة العليا إلى الحد الذي رسمته لهم وظائفهم إل 
عزل محمود سامي . فقدم استعفاءه فقبل في الحال » وعين (داود باشا يكن) ناظرا 
للجهادية » وأعقب ذلك صدور أمر آخر بعزل (أحمد باشا الدره ملي) من ضبطيه 
Lay oll‏ وين Jb yl Ob SoG te‏ ْ 

هنا أذكر ما أخحبرني به بعض الثقات وهو : أن أسباب ميل الجناب الخديوي إلى 
استعفاء وزارة رياض » أنه كان ينتهز الفرصة لتعيين داود باشا يكن ناظراً للجهادية › 
لكان المصاهرة الجديدة » وأنه لم يتمكن من ذلك في حادثة عابدين لم يزل يتخذ له 
الوسائل حتى يتهيأ له أن ينفذ ما عزم عليه من هذه الحادثة التي لا تمتاز في شيء عما سبقها 
من أمثالها » ومع ذلك فقد أظهر جنابه شدة قلقه من رياض باشا ء وأشيع في 
الإسكندرية بل by‏ القاهرة أنه قدم استعفاء لتحققه من عدم رضي مولاه عنه » وعلم 
رياض باشا بعد انصرافه من سراي رأس التين بضجر الخديوي من بقائه على ما أخبره به 
بعض الأوروبيين » فرجع إليه وسأله في ذلك فأكد له أن لا صحة لما سمعه . وأنه في 
المحل الأعلى من رضاه » فأظهر رئيس النظار اقتناعه بجا سمع » مع قيام آلاف من الأدلة 
على ما يخالفه . 


o4A 





من العبث أن يقال أن رياض لم يكن يحس بوجود الخديو عليه ورغبته في اعتزاله 
للسلطة » ولكن لذة المنصب والشغف بالرئاسة وثقة دولة الرئيس بنفسه وظنه أن لا 
صلاح للبلاد إلا إذا كان هو صاحب سياستها والقائم بتدبير شئونها » كل ذلك كان 
يغالط إحساسه ويدافع وجدانه » ويلتمس له العذر في البقاء » ويصرف نظره عن أدلة 
bas Je ce la‏ > ويقبل به على موهمات الركون إليه على ضعفها › ولو حكم. 

عقله وأنصف نفسه وبلاده لانصرف عن مقام السلطة ee‏ قبل أن ينصرف عنها 
را فقد كان من المحتمل أن لا تبلغ الفوضى بالبلاد مبلغ ما وصلت | إليه » لولم 
يضطر الضباط إلى حشد الجنود في ساحة عابدين لإكراهه على التنازل عن رئاسة 
النظار . 

أراد داود باشا أن يقوم ما أعوج من النظام » أو يرمم ماتقوض منه » فأخذ يصدر 
الأوامر الشديدة إلى الألاليات يلزم بها أمراءها وضباطها كافة بأن لا يفارقوا مراكزهم 
العسكرية » ويحظر بها على جميعهم ما اعتادوا عليه من الإجتاع في المنازل ٠‏ والتردد على 
المحافل » ويطالبهم بإيفاء الأعمال العسكرية حقها من الدقة » وأمر بإنشاء مكاتب في 
مراكز الألايات لتعليم القوانين العسكرية ظناً منه بأن ذلك يذكر الضباط والعساكر 
بأحكام النظام فيقبلوا عل طاعته » وتأخذهم الرهبة من مخالفته » وكان يذهب بنفسه 
إلى كنات العسكرية ليا ner‏ ليراقب تنفيذ تلك الأوامر › واهتم سعادة مأمور 
الضبطية بمعرفة حركات ضباط الجيش » خحصوصاً الرساء مهم » وهم عبد العال 
وعرابي وأحمد عبد الغفار ليخبر ناظر الجهادية بما يكون من أمرهم خطوة بخطوة » فأرسل 
العيون والجواسيس على بيوت الرؤساء منم وكبار الضباط » ولم خف شيء من ذلك على 
عرابي ورفاقه . 


rr)‏ الي اعتمد عليها ناظر الجهادية ومأمور الضبطية 

ما القوة التي كان يستند إليها 1 ae‏ في إصدار أوامره » ومأمور الضبطية 
في بث جواسيسه ؟ هي القوة التي يشير | سم الوظيفة (ناظر جهادية . مأمور 
ضبطية) وهي من القوى المعنوية 0 أثرها | إلا بعد اليقين بأن قوة الجند من 
ورائها عند التواء الأمور عليها » كسائر الوظائف في الحكومة لا تخضع الأنفس للقائمين 
عليها » إلا ومثال القوة القاهرة منتصب أمامها » وما تلك القوة القاهرة إذا لم تكن 


۹4 





اسلاح الجند ؟ فإن كان الحند ‏ وهو حافظ الوظائف ني كل حكومة ‏ خصياً لها أصيبت 
STS‏ 
ومأمور الضبطية عن هذا الأصل المعروف عند الأمم كافة » وظنا أن اسم الوظيفة له من 
السلطان في إنفاذ الأوامر ما يغلب قوة الجيش ويخمد نيران مدافعه وبنادقه » وربما صار 
هذا السهو من) مثالا حذا حذوه كثير من السذج في مصر فيا تأخر من الزمان . نعم قد 
لا يبالي بقوة اليش متى استعصى على النظام إذا قامت الأمة بأسرها للمحاماة عن 
TS‏ 
الرعية عن قوة أفرادها (وهم الجند) وأنحذ لذلك من الوسائل ما هوأ Lif us‏ من كتابة 
المنشورات » ونشر الوريقات » ووسوسة الجواسيس » وحشد الأحبار يتراكم كاذبها على 
صادفها » ويغلب باطلها على صحيحها » ليكافح بذلك حشد الجيوش وصلصلة 
السلا: 

لكن الأمة كانت لا تزال في النقاهة من مرض التفرق وشلل الورادة » (وأرجو أن 
تكون اليوم قاربت الشفاء) » فهي ي إن حكمت على متمرد فإئما تحكم أفذاذاً » كل يصدر 
حكمه لصديقه همساً يرجو أن لا يسمعه ثالث , وقد يبالغ الأغلب فلا يقضي قضاءه إلا 
في نفسه » وإن جهر بالقول لم يبلغ من نفوس السامعين إلا جرد استحسان » قد لا 
ينطق به لسان » وإن نطق كان على طريقة القائل : فربما اجتمعت أصوات » وعلت 
ضوضاء » ولكن كل في مكانه لا تتحرك قدماه » ولا تمتد يداه » وأول صيحة من مدفع 
تخرس لها جميع الألسن , وتخفت جميع الأصوات . ويتبدل الزثير بالأنين . 

ذلك شأن كل أمة لم تقوم نفوسها بالتربية السليمة . ولم تثقف عقوا بالمعارف 
الصحيحة . وم يبلغ بها حب وحدتها الملية أو الشعبية | إلى حد أن يسهل عليها بذل المال 
والروح في سبيل صيانتها . كل أمة تفرق المطامع ب بين أفرادها » ويصرف كل منهم شأنه 
عن شأن مجموعها » ويلهيها العاجل عن الآجل » ويذهب بها الحاضر عن المستقبل » 
فلا سبيل للإعتاد عليها في دفع غائل » ولا ني مقاومة صائل » وعلى ولي أمرها أن 
يبتدىء فيها قبل كل عمل بتهذيبها وإصلاح طباعها » حتى تلشأ فيها الثقة بنفسها , 
وتعلو منزلتها في نظرها » ويغلب لديها أمر عامتها على أمر خاصتها » عند ذلك تكون 
ينبوع سعادته في السلم » وسياجه المنيع لصد عدوه في الحرب . 

كان الجند طوع عرابي ورفقائه » لا تحت طاعة الناظر ولا المأمور » وكانت الأمة 


ae 





على حاا التى ذكرنا طالبة لتغيير الحال | قدمنا » فالجند والأمة كلاهما كانا في جانب 
عرابي . أرقام المنشورات وأشباح الجواسيس قامت عند عرابي وإخوانه مقام إنذار لهم 
بسوء المصير » فاشتد جزعهم » فاستجمعوا كل قواهم deat‏ أرواحهم ومناصبهم . 
وكانت الليالي ليالي رمضان تكثر فيها الزيارات » وتتيسر الإجتماعات » وتنتشر 
الإشاعات » فازداد عرابي ومشايعوه من الحراس تحفظاً مما عساه يقع من CAB‏ 
وواصل اجتاعه مع اخوانه ومع كثير من أعيان القاهرة » وتابع رسائله إلى بعض من' 
يظهم على ولائه في الأطراف . وهو ني كل ذلك يدعو إلى تشكيل مجلس النواب . 
لتوهمه أنه الوسيلة الباقية لاتقاء شر الحكومة » وكان يتردد في أغلب الأوقات على منزل 
سلطان باشا ويستمد منه المغونة بالقول والفعل . 


سلطان باشا لم يكن من أغبياء الأغنياء في هذه البلاد » بل کان فيه شيء من 
الفطنة يزينه الغنى » وتعلي قيمته مظاهر الثروة » كان يفهم ما يقال » ويرضي السامع إذا 
قال. ولكن هيهات أن يكون له بصر بالعواقب أو علم بمصاير الإنقلاب في 
الحكومات » وثغير الأشكال عليها » وما يصيب الأمم في مجاري الحوادث من تقدم 
وتقهقر . أفادته مناصبه السابقة أيام إساعيل باشا شهرة وعلو صيت . حافظ على 
مكانته في النفوس ببسطة في الكرم امتاز بها على أمثاله » فكان ينتاب منزله الأعيان 
pee cite sash,‏ وكان يجد في نفسه لهذا علواً على أقرانه . كان مثله مثل 
الكثير من الأعيان في استثقال يد رياض باشا فيم| استأثر به من السلطة , وني استنكار 
تلك البدع التي جاء بها في وزارته » حصوصاً إبطال السلطة الشخصية » والأخذ على يد 
الأقوياء أن تطاول إلى استخدام الضعفاء رغم إرادتهم » ووضع حدود يلزم الأعيان 
وأهل الثروة بالوقوف عندها في علاثقهم مع غيرهم » فكان ممن بأل هذه القيود ويعدها 
من الضربات التي أصيبت بها البلاد على يد رياض باشا وشركائه . توسم الفرج 
والخروج من هذه المضايق والوصول إلى مقام تعلو فيه كلمته على كلمة مشل رياضص 
باشا » ويتمكن فيه من أن يعيد نفوذه الشخصى فيمن دونه من عامة أهل بلاده » عندما 
لأت له يرارق القورة ولعي بعينه الزن القت call poly Gale of pol late‏ 
على إنشاء مجلس النواب لوقاية روحه ومنصبه » ظن ‏ وصدق ظنه ‏ أن عرابي لا بد أن 
يصل إلى ما يريد يوماً ماء فمن الحزم أن يتفق معه في البداية » ليكون له النصيب 
الأشرف من الفائدة في النهاية › فكان أول من مد يده إليه » ووائقه على التعاون في 


ue) 





طلب مجلس الشورى , وأخحذ سلطان باشا يستنزل بعض أعيان الوجه القبلي والبحري 
في رأيه » ويحثهم على الإجتماع لتأليف وفد يطلب إلى رياض باشا ويلح عليه في الطلب 
أن يستصدر من الجناب الخديوي أمراً باستدعاء مجلس النواب . وتخويله حق النظر في 
وضع قانون يضمن له البسطة في حقوقه . حتى يكون كمجالس النيابات في أوروبا » ثم 
يكون ذلك دستورا للبلاد تمضي عليه حكومتها . فانصاع له بعض وعارضه آخرون » 
ولم يتم له تأليف ذلك الوفد » ولم ير من الحزم أن يتولى الطلب بنفسه من رياض باشا 
حشية النيبة » فانقلب إلى عرابي وحالفه على أن يجمع له أعيان القطر من الوجهين 
البحري والقبلٍ . وعلماءه على تعضيد طلبه متى انفصل رياض باشاء ثم بارح سلطان 
باشا مدينة القاهرة وتوجه إلى المنيا في أواخر شهر رمضان سنة ۱۲۹۸ وقت اشتداد 
الإضطراب وتلاطم القوى(*” . 

كنت معروفاً بمناوأة الفتنة » واستهجان ذلك الشغب العسكري » ونسوئة رأي 
الطالبين لتشكيل مجلس النواب على ذلك الوجه وبتلك الوسائل الحمقى » وكنت أذهب 
لزيارة سلطان باشا أحياناً » فأرى من لدن الباب عرابي وبعض رفقائه جالسين معه 
ورؤوسهم بادية من النوافذ » فإذا استأذنت للدخول وسمعوا اسمي أسرعوا بالفرار من 
محل الإستقبال العام إلى محل آخر ليختفوا ثم ينصرفوا . ESE OVALS) cee cy‏ 
يوم عيد الفطر » فسمعت جلبة » ورأيت بعضاً من صغار الضباط يجولون من جانب إلى 
آحر من البيت » فدخلت للزيارة فوجدت عرابي وجعاً غفيراً من الضباط » ووجدت 
معهم أحد أسانذة المدرسة الحربية (ل . بيك س .)”© وكان من الناقمين على 
الوزارة لأمر لا يستحق الذكر ‏ فجلست واستمر الحديث في وجهته » وكان موضوعه 
الإستبداد والحرية » وتقييد الحكومة بمجلس النواب 6 وأن لا سبيل للأمن على الأرواح 
والأموال إلا بتحويل الحكومة إلى مقيدة دستورية » فأحذت طرفاً من البحث ae‏ 
على الجدال ثلاث ساعات كان عرابي والأستاذ من طرف » والكاتب من طرف »› 
يقولان : أن الوقت قد حان للتخلص من الإستبداد وتقرير حكومة شوروية › 
يقول : علينا أن نهتم الآن بالتربية والتعليم بعض سنين » وأن نحمل الحكومة على 


(۸۵) منتصف سنة ۱۸۸٩١‏ م 
ttl bl dof cee Ab (AN)‏ . 
(AY)‏ إختصار الاسم من عمل الشيخ رشيد رضاء والإشارة هنا إلى (لطيف بك سليم) . 


ay 





العدل بما تستطيع » وأن نبدأ بترغيبها في استشارة الأهالي في بعض مجالس خاصة 
بالمديريات والمحافظات . ويكون ذلك كله تمهيداً لما يراد من تقييد الحكومة » وليس من 
اللائق أن نفاجىء البلاد بأمر قبل أن تستعد له فيكون من قبيل تسليم امال للناثىء قبل 
بلوغ سن الرشد يفسد المال ويفضي إلى التهلكة » وختمت قولي بأنه لو فرض أن البلاد 
مستعدة لأن تشارك الحكومة في إدارة شئونها فطلب ذلك بالقوة العسكرية غير مشروع » 
فلو تم للجند ما يسعى إليه ؛ ونالت البلاد مجلس شورى لكان بناء على أساس غير 
شرعي » فلا يلبث أن ينهدم ويزول » وأرى أن هذا الشغب قد يجر إلى البلاد احتلال 
أجنبياً يستدعي تسجيل اللعنة على مسببه إلى يوم القيامة » فتبسم (عرابي) ابتسام 
الساحط وقال : أبذل جهدي في أن لا أكون مورد هذه اللعنة » وليس الجند هو الطالب 
aS‏ 
تعتمد ؟ وممن أخذت اليثاق على ذلك ؟ فهمس إل بصوت لا يسمعه إلا ثالثنا : إن 
سلطان باشا قد عاهدني على أن يجمع أعيان القطر من الوجهين ليتقدموا us‏ 
سقطت وزارة رياض باشا » ثم انصرفنا . 

بعد أن استوثق عرابي لنفسه من سلطان باشاء وأيقن با وعده أن أهالي البلاد 
وأرباب الكلمة فيها سيكونون معه » وبذلك يتحول عمله من عصيان غير مشروع إلى 
طاعة للأمة غير ممنوعة ‏ فقد تخيل أن يضع نفسه ومن معه من الضباط موضع الآلة 
المنفذة لرغبة الأمة » كأن الأمة هي التي استعملتهم › > فالئورة ثورة الأمة لا ثورة الجند › 
وكل ما تأني به الأمة في سبيل حريتها وتقويم ما أعوج من حكومتها لا يصادف Sin‏ | ولا 
لكركن عقا هذا هو الحجاب الممزق الذي كان يسد على أعين الناظرين إليه › 
والحجة الساقطة التي يقيمها للناقدين عليه - وبعد أن استحكم هذا الخيال من نفسه 
أخذ يترقب الفرصة لجمع رجاله لإلزام رياض باشا بتقديم استعفائه » وكان يصل ليله 
بنهاره في التفكير والتدبير والمشاورة مع | إخوانه » وكلما عقدوا عزماً على شيء عرض لهم 
ما ينقضه . 

كل ذلك والجئاب الخديوي بالإسكندرية » وهم ينتظرون عودته » وكان يزيد 
قلقهم ما كان يبلغهم من أن الجناب الخديوي استمال ألاي الحرس وأميره علي فهمي › 
وعاهده على أن يكون قوة تقضى على من يخالف الأوامر من بقية الألايات » وقد كانت 
الإشاعات في ذك لا تخلو من صحة » فقد أخبرني المرحوم علي باشا مبارك يوم مجيئه من 


1۳ 





الإسكندرية في معية الجناب العالي أن افتراق ألاي الحرس عن بقية الألايات واستعداده 
لتنفيذ ما يصدر إليه من الأوامر مما لا ريب فيه » وأنه عما قليل سيؤخذ في تقرير أمر 
ش فاصل تنحسم به هذه الفتنة وتباد به جراثيمها . 

عاد الحناب الخديوي من الإسكندرية في أوائل شهر شوال » وبعد عودته بأيام 
تجلى ذلك الأمر الفاصل الذي سمعت خيره من علي باشا مبارك » فإذا هو من غرائب 
التدابير بل من عجائب الألاعيب . ذلك أن الحضرة الخديوية بعد أن استمالت علي 
فهمي ورجاله وأعدتهم لمغالبة من يستعصي عليها من سواهم ٠‏ استمالت أيضاً أمير 
الألاي الخامس الذي كان (is‏ في الإسكندرية بجهة (باب شرقي) فأرادت أن ينقل 
الألاي الثالث الذي كان فيا بقلعة المعز بالقاهرة إلى الإسكندرية » وأن يؤق بالألاي 
الاس ال مر بدلا عه وبذلك يكون في مصر ألايان تحت طاعتها , Al‏ أعلم 
ماذا أرادت الحضرة الفخيمة بعد ذلك أن تفعل GY ad‏ بعد استقرارهما في 
مصر . 

هل كان الخديو يريد أن يصدر أمراً بالقبض على رئساء الفتئة »فإذا قامت 
eld proper‏ صدرالأمر بالحرب والقتال بين الطائعين والعاصين ؟ ما أظن أن ذلك 
حطر بالبال » ولو مر ذلك بذهن جنابه لسهل عليه حسم الفتنة ثاني يوم واقعة قصر 
النيل » ولكها هواجس كانت تجول في الأذهان » ثم تصدر عنما حركات وأعمال لا 
يدري صاحبها نفسه ما الغاية التي يريد منا . 

ولا استحكم اليأس من نفس عراب » وظن أن الخطر محيق به » كتب هو وجماعة 
من الضباط عريضة إلى السلطان يشكون فيها من الظلم ويلتمسون | إرسال مأمور خاص 
لتحقيق ما يشكون منه » وكان ذلك قبل حادثة عابدين بثلاثة أيام . 


55 





حادثة عابدين 


أصدر ناظر الجهادية أمرين في يوم واحد أحدهما إلى إبراهيم بك حيدر أمير 
الألاي الثالث الذي كان يقيم في القلعة بالتوجه إلى الإسكندرية » والآخر إلى حسين 
بك مظهر أمير الألاي الخامس أن يبارح الإسكندرية إلى القاهرة لبحل محل الألاي 
الثالث » ثم أصدر أمراً إلى أمير الألاي الثاني أن يرسل من الضباط من يستلم المخافر 
من ضباط ألاي القلعة عند سفرهم »› فعندما وصل الأمر إلى إبراهيم بك حيدر , 
وعرفه الضباط » أسرع اثنان منهم إلى عرابي وأخبروه به » ففزع لذلك هو ومن معهء 
وهاهم الأمر » وتمثل لهم سوء العقبى » وأيقنوا أن في ذلك القضاء عليهم › فأمر عرابي 
أولئك الرسل أن ينادوا في ضباط ألاي القلعة بعدم التسليم » وبالإقامة في مواقعهم , 
وأن يمسكوا من يأتي إليهم من الألاي الثاني للإستلام » ففعلوا واجتمعت كلمتهم على 
ذلك » وعندما حضر ضباط الألاي الثاني كتب محمد أفندي الرملاوي ومحمد أفندي 
السيد إلى عرابي بما محصله : «إن أربع بلوكات حضرت لإستلام مواقع الألاي » وأمتعة 
أبنائكم قد ربطت فاحضروا بنصف ألايكم وإلا فنحن قائمون » أما النصف الآخر 
فيبقى تحت قيادة محمد أفندي الزمر إلى العصر ثم يحضر . 

عند ذلك كتب عراب إلى نظارة الجهادية ينبئها بأن جميع الألايات ستكون في 
ميدان عابدين في خباية الساعة التاسعة من ذلك اليوم وهو يوم الخامس عشر من شهر 
شوال في سنة 8501749" بعد أن كتب إلى جميع الألايات أن توافيه في الموعد » وكتب إلى 


. سبتمير سنة 1845 م‎ 4 (AA) 





الجناب الخديوي يحيطه بذلك علا » وإلى قناصل الدول يؤكد لهم أن الغاية من جمهرة 
الجند داخلية محضة . لطلب أمور عادلة . فليكونوا مطمئئين على أرواح رعاياهم 
وأموالهم وأعراضهم . 

أرسل الجئاب الخديوي رضا باشا ليسأل عرابي عن السبب في اجتماع العساكر 
بساحة عابدين » فأجاب عرابي : أن للجند مطالب يريد انفاذها » فجاء رضا باشا 
وعرض الآمر على الخديو » فأرسل طه باشا ليطلب | إلى عرابي أن ن يسكن ويرجع عما عزم 
عليه » ويحذره العاقبة . فكان الوقت قد حضر, فقام الألاي بحضرة ة طه باشا وقام معه 
ألاي الطبجية . أما الجناب ae‏ فقد توجه بنفسه إلى ألاي الحرس (الألاي الأول) 
وأخذ ينصح الضباط » ويذكرهم بأ eel‏ أبئاءه وحرسه الخاص ) وينذرهم بعواقب مثل 
هذه العصبية » عصبية الجاهلية » فصاحوا جميعاً : نحن جميعاً فداء لولي نعمتنا . فعند 
ذلك أمر جنابه أمير الألاي أن يوزع العساكر داخل السراي وأن يقيمهم على نوافذها 
ليقوها من الهاجمين عليها » ثم استصحب رياض باشا وذهب إلى القلعة » وعند وصوله 
طلب الضباط وسألهم عن الحامل لهم على تخالفة الأمر الصادر إليهم » فأنكروا 
المخالفة » فالتفت إلى أمير الألاي إبراهيم بك حيدر يستفهم منه فأجابه أن (فودة بك 
حسن) هو الذي أغرى الضباط بالمخالفة , ومنعهم من التسليم » وكان فودة بك على 
القرب من رياض باشا فجذبه من طوقه وقال له : مثلك يقاوم أوامر الحكومة ويمنع من 
تنفيذها ؟ وبينا هم 3 الكلام إذ ضرب أحد البروجية نوبة (سنکي ديك) فأسرعت 
العساكر إلى تركيب الحراب على البنادق » وأحاطوا بالخديو ورئيس النظار »> وصاحوا : 
ae ea ane‏ ا : «ألست خديويكم ؟.أ لست ولي 
I‏ 
أو نحوه ؟ فلم جهرمم بالعصيان وخالفتم أوامري ؟ . 

فأجابوه بقولهم ؛ «نحن جميعاً مطيعون لأوامر ولي نعمتنا» ولكن قيل لنا أن 
الغاية من الأمر بسفرنا هو إغراقنا في البحر عند مرورنا فوق كوبري كفر الزيات» , 
فأسف الخديو لذلك » وانصرف على أن يذهب إلى العباسية لمنع عرابي من المجيء إلى 
ميدان عابدين » فبلغه وهو ني الطريق أن الألاي قد سبق إلى ساحة السراي ؛ فرجع هو 
ورياض باشا فوجد الساحة غاصة بالعساكر من كل فريق . فدخلا من الباب الشرقي . 

وأول من حضر من الآلايات ألاي السواري تحت قيادة أحمد عبد الغفار » ثم 


53 





ألاي عرابي » وألاي الطوبجية تحت قيادة | ee ae‏ 5 ثم الآلاي الثاني تحت 
قيادة البكباشية , لأن أميره محمد بك شوقي أ بى أن بحضر معه » ثم ألاي عبد العال » 
وهو ألاي السودان تحت قيادة أمير الألاي . وفرقة المستحفظين يقودها إبراهيم بك 
فوزي واجتمعوا جميعاً في مبتدأ الساعة التاسعة حسبما كتب عراب . 

ey‏ عرابي يقود ألايه ومعه ألاي الطوبجية تتخلل بطاريات مدافعه فرق 
العساكر وهو ممتط جواده شاهر سيفه ويحيط به عشرة من ضباطه شاهري السيوف 
كحرس له . أنبأه بعض الضباط أن علي فهمي قد أدخل عساكره في السراي للدفاع 
عنها إذا دعت الحال » وقد ادخر كمية وافرة ما يحتاج إليه لذلك » فاستدعى علي 
فهمى . واشتد في توبيخه . ورماه بالخيانة » فأعتذر بأنه فعل ما فعل مداراة منه للخديو 
كديرا thd‏ اسيابية عم ابرهالنداء ل الآلاق بالتروةء فيلك Lage SL‏ 
واصطفت في الساحة مع بقية الجنود . 

كانت قناصل الدول ومستشاروا الحكومة ونظارها قد حضروا إلى سراي 
عابدين » وعندما رأى عرابي أن الجيش قد اجتمع بأكمله ما عدا ألاي القلعة ‏ فإنه 
بقي في مقره بأمره ‏ أمر بإقامة الخفر على أبواب السراي لمنع من يدخل إليها ومن يخرج 

أشرف الجناب الخديوي على العساكر . وأمر بإحضار عرابي » فحضر راكبا 
جواده سالا سيفه محفوفاً بضباط السواري يحرسونه . فأمر بإغاد سيفه والنزول إلى 
الأرض وإبعاد الضباط عنه » ففعل » ثم أخذ يخاطبه : «ألم أك سيدك ومولاك ؟ ألست 
الذي رفيتك إلى رتبة أ مير ألاي ؟) فيجيبه عرابي : «نعم» ثم سأله : ولم حضرت بالجند 
إل هنا؟ «فقال : لطلبات عادلة > وهي عزل وزارة رياض باشاء وتشكيل مجلس 
النواب » وزيادة عدد الجيش » والتصديق على قانون العسكرية الجديد » وعزل شيخ 
الوسلام (الشيخ العباسي)» فقال الخديو : «كل هذه المطالب ليس من شأن الحند أن 
يطلبها) . فسكت عرابي ولم يجب بثيء . 

ثم أشار القناصل على الخديو بالرجوع إلى داخل السراي خوفاً مما عساه يعقب 
هذه المخاطبة ما لا يحمد . ثم تولى (المستر كولفين) المستشار الإنكليزي في المراقبة 
الثنائية وقنصلا الكلترا والنمسا أمر المخابرة مع عرابي في مطالبه ومطالب الجند » فقال 
المستر «مالت» قنصل انكلترا لعرابي + «إن عزل الوزارة من خصائص الخدير » وطلب 


1۷ 





تشكيل مجلس النواب من حقوق الأمة لا الجند » ولا ضرورة لزيادة عدد اليش فإن 
البلاد آمنة مطمئنة وليس في الآمم من يريدها بسوء » أماالتصديق على قانون العسكرية 
فسيكون بعد اطلاع الوزراء عليه » وأما عزل شيخ الإسلام فقد يحصل بعد بيان 
أسبابه) . 

أجاب عرابي ؛ «يا حضرة القنصل إن ما يتعلق بالأهالي من هذه المطالب لم أعبض 
إليه إلا بالنيابة عنهم . فقد أقاموني نائباً عنهم في طلبه وتنفيذه بواسطة هذه العساكر 
الذين هم أبناؤهم واخوتهم » وأعلم أننا لا نفارق هذا المكان ما لم تنفد جميع تلك 
الرغائب التي أبديتها» . 

قال القنصل : «تصرح بأنك تريد الوصول إلى ما تطلب بالقوة » وهذه هي 
الحمجية التى تمر الخطر إلى بلادك ؛ وربما تفضى إلى ضياعهاء » فقال عرابي : «وكيف 
ذلك ؟ ومن الذي يعارضنا في شعون داخليتنا ؟ ولئن تحرش لذلك أحد فاعلم أننا نقاومه 
بكل ما لدينا من الحول والقوة » ولو أدى ذلك إلى فنائنا عن آخرنا» . فقال «مالت» : 
«وأين هي الفوة التي تكافح مها وتناضل عن بلادك ؟» فقال : «أستطيع أن أحشد في 
زمن قصير مليوناً من العساكر كلهم يسمعون قولي ويتبعون إشارتي » فإن كانت دولة 
انكلترا eee‏ 
حياتها فيه) . فقال القنصل : «وماذا تفعل لو لم نجب على طلبك ؟) فقال : 
واحدة أقولها» فأجاب «مالت» : ما هي ؟) فقال عرابي : «أقوها عند اليأس aa‏ : 


ثم انقطعت المخابرات بين الجئاب الخديوي وعرابي مدة ثلاث ساعات » 0 
فيها الضعف على جميع من كانوا داحل السراي من نظار وقناصل وغبرهم . وظنوا أن 
من وراء هذا الإجتماع نيرانا تلتهب » rer‏ تشب » لذلك أفضت مداولاجهم إلى 
التسليم والرضى بإجابة عرابي إلى ما يطلب » لكن على شريطة التدريج في التنفيذ , 
وأرسلوا إليه يخبرونه بذلك . فقبل ما عرض عليه » واشترط أن تعزل الوزارة قبل 
انصراف العساكر » فجاءه الخبر في الحال بقبول استعفائها »> فطلب أن يعين شريف 
باشا رئيساً للنظار ومحمود سامي باشا ناظراً للجهادية » فقبل شرطه وانصرف العساكر . 


استدعى شريف باشا لقبول رئاسة النظار فتردد في ذلك أياماً لإحساسه بالضعف 
عن القيام بأعباء الوظيفة إذا استمر الجند على مناوأته للحكومة واستبداده بالسلطة فيها 


THA 





يطلب واستعداده عند الإبطاء في موافاة مطلبه إلى إحاطة كرسي الحاكم بالسلاح » 
وتبديده بالوثبة عليه إذا لم يسارع في سوق رغائبه إليه » ولظنه أن دولتي فرنسا وانكلترا 
ريما كانتا معضدتين لرياض باشا وہمه| أن يبقى في مسند الوزارة » فإذا تولاها غيره 
خشى أن تنصبا له المكايد وتقي| له العثرات في سيره » ولسابق علمه بالمخابرات الق 
ع نالا ون اع ا م من الحا عليه وه وراش انا 
على طرفي نقيض » فرياض باشا هو مثل النفوذ الأجني في مصر وشريف باشا هو الإمام 
المنتظر لتخليص مصر من ذلك النفوذ وإعلاء الكلمة العثانية فيها » ويخشى أن تظهر 
الحوادث عجزه عما يؤمل فيه . 

كان شريف باشا رحه الله من أقوى عوامل هذه النهضة التي انقلبت إلى قتنة ء 
كان من القائلين بأن النفوذ الأجنبي قد بلغ حداً لم يكن يمكن أن يبلغه لو م يتساهل 
رياض باشا بالتسليم للأجانب في كل ما يطلبون . كان شريف باشا يقنع جلساءه بأنه 
إذا ملك فيها أرقف الأجانب عند حدودهم وسار بالوطن code [uae (bys‏ كان هو 
ورؤساء الفئلة يتراسلون ويتواعدون » وهذا طلبوه 55 للنظار » ولو عرض عليهم 
سواه لما قبلوه » كان وجه الرئاسة بيش له على بعد . وجمالها يمخدعه وهو منها على موعد › 
حتى إذا دنا منها ألفاها شكسة شرسة) . 


1۹ 


Converted by Tiff Combine 





1۱ 


Converted by Tiff Combine - (no stamps are applied by registered version 





Converted by Tiff Combine 








OO Bl موقفى من‎ 


لا نفي الشيخ ل سي لياه 
أبرح القاهرة » وكنت استاذاً في مدرسة المعلمين » وطلب إلي أ ن أذهب إلى be‏ © 
وكان خلفي في المدرسة الشيخ «حسن» » وكان أعمى . 

فسئمت وجودي ‘gid‏ وأردت الذهاب إلى الإسكندرية , وكان البوليس 
othe‏ © فذهبت خفية إلى طنطا » وأحذت أجول فيها مدة طويلة › ثم رجعت إل 
القاهرة sul‏ في أ ن أقابل محمود سامي » وکان صديقي » وکان في ذلك الوقت وزيرا 
للأوقاف 2 UE als as,‏ فذهبث إلى علي باشا مبارك » eS‏ 
cb Lass OLS‏ ولكنه قابلبي أسوأ مقابلة » ونصح لي في ذلك الوقت بألا أمكث 
في القاهرة لثلا يساء الظن بي ly‏ تهم بالإشتراك مع العصبة التي تألفت من شاهين باشا 
وعمر لطفي وغيرهما من حزب إسماعيل ضد رياض » فذهبت انيا إلى قريتي . 

2 تولاني السام ثانية » لأن القرويين كانوا لا يفتأون يتشاجرون » فعزمت 
على أن ن أرجع إلى الأزهر لكي أدرس فيه » وكان رياض لا يجد أحداً LSI ws‏ 
بالعربية لتحرير الخريدة الرسمية » فاستشار محمود سامي فأخيره بأنه لو كادي ضر 
ثلاثة مثلٍ لنجت البلاد » وكذلك قال بهذا الرأى ي الشيخ «حسن» الذي عين خلفاً لي 
بمدرسة المعلمين . 

)١(‏ كتب الأستاذ الإمام هذه الحقائق عن موقفه من الثورة العرابية إلى صديقه «بلنت» في ۲۲ ديسمبر 
سنة ۱۹۰۳ م . 


11۳ 





وعلى ذلك عينث في آخر رمضان ‏ أكتوبر سنة 188٠‏ محرراً ثالثاً للجريدة 
الرسمية » ولكن المحررين اللذين كانا هناك أحسا بالغيرة مني فلم يتركا لي شيئاً أكتبه » 
وعلى هذا لم يتحسن تحرير الريدة » فاستاء رياض من ذلك وأجرى تحقيقاً كانت نتيجته 
أن غييت رئيس التحرير » ثم رقيت بعد ذلك إلى رئيس المطبوعات . وكان هذا قبل 
١88٠ daw Ole‏ . 
وكانت أول مرة لقيتك ٠‏ فيها عندما زرتك مع «روجر» في فندق النيل » وقد 
أرسلت لك محمد خليل”2 . وهو الذي جاء بك بعد ذلك لزيارتي في منزلي » وكنت 
أنتقد الحكومة بشدة في الجريدة الرسمية » وكنت لا أضيق على الجرائد باعتباري رئيس 
قلم المطبوعات . 
ولكن لم تكن الثورة من رأبي ٠‏ وكنت قانعاً بالحصول على الدستور في ظرف 
حمس سنوات » فلم أوافق على عزل رياض في pete‏ سئة 188١‏ » وقبل مظاهرة 
عابدين بعشرة أيام التقيت بعرابي في دار طلبة عصمت . وكان قد جاء مع عرابي لطيف 
بك سليم ‏ وكان هناك عدد كبير من الزائرين فنصحت لعرابي بالإعتدال » وقلت له ؛ 
cal‏ ا و ge eek‏ 
في ذلك . 
فأجابني عراب أنه يرجو ألا تقع هذه اللعنة عليه » وأن سلطان باشا وعده بأنه 
سيحضر له عرائض لطلب الدستور ممضاة من جميع الأعيان » وكان هذا صحيحاً . . 
ل ee‏ 
Dee eer‏ أباظة | إلى الثورة لأنه كان يعتقد أنه لم يئن أوانها بعد » وكان 
الشريعي باشا ضد الثورة أيضا 
ولكن لا منح الدستور انضممنا جميعاً إلى الثورة لكي نحمي الدستور”*» » ولكن 
(۲) المخاطب هنا هو «ولفرد بلنت» . 
(۳) من elle‏ الأزهر المستدرين » وأحد تلامذة الأستاذ الإمام » وتتلمذ عليه «بلنت» في دروس للغة 
العربية كان يأخذها عندما جاء إلى مصر . 
(4) وكان صدور هذا الدستور في /! فبراير سنة 181 م وهو مكون من ثلاثة وخمسين مادة . انظره في 
ملاحظ كتاب «بلنت» (التاريخ م السري لاحتلال انجلترا مصر) ص [AVA-ASY‏ .6 وهذا 
التاريخ هو تقريباً تاريخ ورود ai‏ الإنجليزية الفرنسية التي اعتبرت تہديداً لمصر بان الدولتين - 


515 








عرابي لم يتمكن من ضبط الحيش . وكانت عند الضباط مطامع عديدة . 

ولم أكن أعلم شيئاً عن مظاهرة عابدين » ولم أخبر عنها قبل لإعتقاد أن من حزب 
رياض » ولكن المظاهرة دبرت برأي سلطان باشا وشريف باشا . وكانت آراء الخديو 
كثيرة التقلب من جهة عرابي . وقد انضم إلى رياض وإلى داود باشا في محاولتههما سحق 
عرابي » ولكن المتظاهرين أخبروا الخديو عن المظاهرة قبل حدوثها بيوم » ووافق عليها 
لأنه كان يرغب في عزل رياض . 


= ستعملان معاً ضد الحركة الوطنية فيها بدعوى حاية الخديو توفيق » ولقد كانت هذه المذكرة وذلك 
التهديد سبباً في انحياز الأستاذ الإمام للثورة دفاعاً عن مصر .. ومن ثم نستطيع أن نؤرخ بشهر 
فبراير سئة 1887 م كبدء لمرحلة انحياز الأستاذ الإمام للثورة العرابية . 


516 


Converted by Tiff Combine 








ملاحظات 
على بعض أحداث الثورة(“ 


+ في أواخر أيام إسماعيل حاول البعض إدخال ولا إلى مصر . وكانت 
جميع المحافل المصرية متصلة بالمحافل الأوروبية » وقد أنضم نضم الشيخ مال الدين إلى أحد 
ee‏ 0 إسماعيل باشا قد أخل يشجع 
الحركة بنية الإستفادة منها وذلك عندما وقع في أزماته » ولكن «الماسونية» لم تبلغ 57 ما 
مركزاً قوياً في مصر 

#* ومن المؤكد أن الشيخ عبيد قتل في التل الكبير » فقد سمعنا إشاعات تقول أنه 
حي يرزق في سوريا » وما كنا في المنفى في «بيروت» كنا نرسل إلى دامحل البلاد للسؤال 
عنه » ولكنهم كانوا يرجعون ويقولون إن رواية وجوده كادبة . 

# وكان محمود سامي دستورياً من عهد إساعيل» وكان صديق شريف, وكان 
كلاهما ينشد آمالاً سياسية واحدة » ومن الأرجح أنه نه أنذر عرابي بإزماع القبض عليه › 
لأنه كان في ذلك الوقت عضواً بمجلس الوزراء ‏ ولا بد أنه كان يعرف هذه النية » Lf‏ 
بعد مسألة قصر النيل فإنه كان مع عرابي والضباط قلباً وقالبا » وكان هذا هو السبب في 
أن رياضاً تخلص منه وعين داود باشا مكانه . 





(5) كتب الأستاذ اللإمام هذه الملاحظات في صورة نقاط أجاب بها عن أسئلة لصديقه «بلنت» حول 
بعضس أحداث الثورة العرابية في ۲۹ مارس سنة ۳ م وهو نفس التاريخ الذي كتب فيه 
ملاحظاته على رأي عرابي في الثورة الذي كتبه «لبلنت» أيضاً . 


“1۷ 





# وكان رياض لا يقدر أهمية عمل عرابي » ولكنه بعد ذلك صار يخشاه » فابتداً 
باحتقار الحركة والتقليل من شأها لآن هذه كانت عادته » إذ كان لا يعتقد أن للفلاحين 
شان يذكز في السياسة .. 

* واستقال شريف باشا في فبراير سنة 1885 ء لا لأنه تشاجر مع عرابي » بل 
لأنه كان يخشى تدخل أوروبا » وكان يعارض مجلس النواب في طلبه مناقشة الميزانية ؛ٍ 
واستقال لهذا السبب » وكان راغب باشا من أصل يوناني » ولكنه كان مسلا وكان رئيساً 
للوزارة في عهد إسماعيل » ولكنه كان دستورياً . وقد عين بعد اللائحة ‏ البلاغ الأخير 
الذي أرسله القناصل للحكومة ‏ للحربية في هذه الوزارة » وكانت علاقته بعرابي 
شريفة » وقد بقي مع الحزب الوطني مدة الحرب . 

* ويقول «بتلر» : إن أول عريضة قدمت كان تاريخها ٠١‏ مايو سنة ۱۸۸١‏ » 
والراجح أن هذا التاريخ صحيح . 

* وكان إبراهيم الأغا من أقدر تلاميذ جمال الدين وأفضلهم في الأزهر » وهو لا 
يزال حياً » وهو موظف في المحكمة . 

# لا انعقد مجلس النظار لكي ينظر في عريضة عرابي التي طلب فيها عزل وزير 
الحربية عثمان رفقي ارتأى ا لخديو هو وعثان رفقي أن يقبض على عرابي وينفى إلى البحر 
الأبيض > ولكن رياضاً طلب القيام بتحقيق أولاً » وبعد ارفضاض المجلس قابل طه 
باشنا رياضا وار يانه إذا اصطنع الرفق مع عرابي فإن الخديو يظن أنه نه - أي ریاض - قد 
انضم إلى الجنود ضد الخديو طمعاً في الخديوية لنفسه . فلم سمع رياض ذلك سكت 
عن المعارضة . وقد أخبرني بهذا بعد ذلك محمود سامي » وكان وزيراً في وزارة رياض » 
وكان إبراهيم أفندي الوكيل وحسن الشريعي وأحمد محمود زعماء الأحرار في مجلس 
النواب . 


(1) هكذا في ص 554 من ملاحق كتاب «بلنت» (التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر) » وأعتقد 
Jolly Yous of‏ الأبيض» » فهناك كان المنفى » ولم يكن هناك مكان للنفي بالبحر الأبيض . 


51 





ملاحظات 
على رأي عرابي في الثورة0) 


أولا بخصوصن Blas of dst chs de ttl‏ راي gb lao Le Babe‏ 
عن علي فهمي » فإن الأمر الذي أعطى له بإطلاق النار على الطلبة لم يكن يقصد منه 
التنفيذ » فكان علي فهمي » إطاعة للأوامر » يطلق النار في المهواء©» . 

وقد أمر نوبار بالقبض على لطيف بك بعد انتهاء الشعب » ولكنه أفرج عنه بعد 
ذلك لأن «الماسونيين» طلبوا ذلك » وكان لطيف عضوا في الجمعيات الماسونية » وكان 
يصرح بما قام به في هذه المسألة . 


آما ما قاله عرابي بصدد خلع إساعيل » وأنه اقترح ذلك > فأقول : إنه من المؤكد 





0 في ١١‏ مارس سنئة ۱۹۰۲۳ م استکتب «ولفرد سكاون بلنت» أحمد عرابي باشا صفحات في تاريخه 
ورأيه في أحداث سنتې ۱۸۸۱ » ۱۸۸۲ وذلك بعد عودة عرابي من منفاه . . ثم عرض «بلنت» 
رأي عرابي هذا على الأستاذ الإمام » فكتب عنه هذه الملاحظات في ٠١‏ مارس سنة 140 م 
ص 1۳١‏ ۔ ٦٤١‏ من کتاب بللٹ . 

8) عبارة عرابي باشا التي يعلق عليها الأستاذ الومام تقول : «.. . وذهب الخبر إلى إسماعيل باشا كي 
مهدىء الشغب » فذهب ومعه عبد القادر باشا وعلي فهمي بك الملازم في حرسه . فأمره بأن يطلق 
النار على الطلبة » ولكن علي فهمي أمر باطلاق النار في الهواء فلم يجرح أحد» فالخلاف حول 
مقصد الخديو إساعيل » یری عرابي آنه كان يريد من علي فهمي القتل للمشاغبين » ويرى 
الأستاذ الإمام أنه أراد منه مجرد التهديد .. انظر رأي عراب في الملحق الأول لكتاب «بلنت» 
(التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر) الطبعة العربية ترجمتها خنة بجريدة (البلاغ) وأعيد 
طبعها في سلسلة (اخترنا لك) ص IYO 51١8‏ 


11 





ern er‏ ل م ل ا 

أن أقتل إسماعيل » وكان يمر في مركبته كل يوم على جسر قصر النيل . ولكن كل 
نيه د عمسن أنا موافقاً الموافقة كلها على قتل إسماعيلء 
ولكن كان ينقصنا من يقودنا في هذه الحركة . ولو أننا عرفنا عرابي في ذلك الوقت فربما 
كان في إمكاننا أن ننظم الحركة » لأن قتل إسماعيل في ذلك الوقت كان يعتبر من أحسن 
ا ا أوروبا . ولكن لم يكن من المستطاع في ذلك الوقت 
تأسيس جمهورية إذا نظرنا إلى حالة الجهل الذي كان سائداً على العقول . 


أما عن قول عراب إن إسماعيل أخذ معه إلى «نابولي» ٠١‏ مليون جنيه » فليس 
هناك من يعرف الحقيقة » وإنها المعروف أن المبلغ الذي أخذه معه كان كبيراً جداً . 
وكان إسماعيل يدخر الأموال في الأشهر القليلة التي سبقت خلعه » فكانت الأموال التي 
عن امن الديرياك لكي ترسلها :إل JEL AI aig‏ هو لتقي > 


isu‏ : أما عن قول عرابي إن توفيقاً كان Leb‏ الهدايا والرشا من مقدمي العرائتض 
لوالده أيام كان إسماعيل خديوياً ‏ فقد يمكن أن يكون صحيحاً » ولكن لم أسمع هذه 
الإشاعات » وهذا العمل لا يتفق مع سلوك توفيق لما صار [Ste‏ » فلذلك لست أصدق 
هذا القول . 


ثالعاً ٠‏ أ ا ولكن ظلمه لم يكن 
يبلغ سفك الدماء فإنه كان على الدوام يكره ذلك » فلم أسمع أنه كان يأمر بالفتك 
بالناس سراً » ولم يكن هناك على أي حال خوف من ا 
النيل» ولكنا سمعنا أقوالاً وروايات عن محاولة قتل عرابي وغيره من الضباط في صيف 
dow‏ ۱م . 


رابعاً : أما عن حادثة أول فبراير سئة 184١‏ في قصر النيل فأرى أن رواية عرابي 
مرتبكة وغير صحيحة » فإن العريضة الأولى التي قدمها عرابي وسائر الضباط كانت 
تتضمن الشكوى من الحيف الذي يقع مهم من عثهان رفقي » وكان هذا العمل سبباً في 
غضب وزير الحربية فعقد نيته على أن يتخلص منهم . وكان هذا أول ما لفت نظر 
القناصل إلى عرابي . 





وكان البارون «دي رنج“» في خصام مع رياض » فاهتم لذلك بمسألة 
الضباط » أما العريضة التي يقول عرابي إنه قدمها بنفسه إلى رياض في يناير فلم تبين 
فيها أية إشارة إلى الدستور أو إلى زيادة الجيش إلى ٠۸‏ ألف جندي » فإن هذه الطلہات 
لم تقدم إلا في سبتمر » بعد المظاهرات . 

وكانت عريضة قصر النيل لا تزيد عن أن تكون شكوى من مساوىء عثمان رفقي 
وطلب عزله من الوزارة » وكان رياض في المجلس الذي عقد عقب المظاهرات موافقا 
على عمل تحفيق عن هله العريضة ‏ وكان هذا التحقيق يتطلب محاكمة الضباط Laity‏ 
عثهان رفقي أمام المحكمة العسكرية ‏ وكان رياض يكره العنف 6 ولكنه لما أوضح له أنه 
إذا لم يستعمل العنف سيعد سكوته دليلاً على تشيعه مع الضباط ضد الخديو اضطر في 
النباية إلى أن يترك المسألة لعثمان رفقي يتصرف فيها LAS‏ شاء . 

خامساً : أما عن مظاهرة عابدين في 4 سبتمبر سئة GIB VAAN‏ أقول أن السبعة 
الأشهر التي كانت بين مسألة قصر النيل ومظاهرة سبتمير كانت مفعمة بالنشاط السياسي 
الذي شمل جميع الطبقات .. فقد صار عرابي محبوباً عند الأمة » واتصسل بالحزب 
الوطني » ب أباظة وحسن الشريعي ‘ وعرفني أنا serial‏ 
نحن الذين طلبوا الدستور » وقد هتنم هو بالدستور لأنه رأى فيه ضاناً من انتقام الخديو 
أو وزارثه منه كما كانوا ون ا ا الضباط . وقد قال لي هو ذلك جملة 
مرات » وبناء على ذلك قدمنا العرائض نطلب الدستور . وحملنا في الصحف حملات 
عديدة في هذا الصددة'2 . 

وكان عرابي يزور سلطان باشا كثيراً في ذلك الصيف . وكان سلطان مثرياً فكان 
يرسل إليه الحدايا من الغلات والخيول وغير ذلك لكي يعتمد' على قوة عرابي وتعضيده 
هذه الحركة الدستورية » وحدثت مظاهرة عابدين بالإتفاق مع سلطان » وقد أصاب 
عرابي في قوله of‏ سلطان كان يطمع في أن يكون وزيراً بعد سقوط وزارة رياض . 


(4) قنصل فرنسا في القاهرة . 

)٠١(‏ قبل ذلك كان الأستاذ الإمام يرى التأنٍ في طلب الدستور » They‏ في بعض كتاباته إلى «بلنت») 
قوله : : «وكنت قانعاً با لحصول على الدستور في ظرف حمس سنوات » فلم أوافق على عزل رياض 
في سبتمير سلة ۱۸۸۱ . 


“1 





ولكن شريف باشا » الذي صار رئيساً للوزارة » لم يفكر في تعيين سلطان . وبعد ذلك 
أمكن مصالحة سلطان بإعطائه رئاسة مجلس النواب » ولم يتشاجر مع عرابي إلا بعد 
اللائحة » أي البلاغ الأخير الذي أرسله القناصل إلى الحكومة » فإن عرابي جرد سيفه 
هنا في وجه سلطان ووجه أعضاء المجلس عندما ch‏ منهم تردداً في رفض اللائحة › 
وكانا إلى هذا الوقت يسيران ۳ بيد , 


ورواية عرابي عن توفيق من أنه أرسل يقول له : «أنتم ثلاثة جنود وأنا رابعكم) 
صحيحة » وهي تظهر مركز الخديو أمام الضباط . وكان «كولفين20 مع الخديو في 
عابدين ولكنه لما كان لا يعرف العربية لم يلتفت عراب إليه » وكان الكلام مع 
«وكوكسون”"'2) . وكان البارون «دي رنج») قد استدعته حكومته بناء على طلب رياض 
الذي شكا تشجيعه للضباط . 

سادساً : أما عن الشغب في الإسكندرية فإن عرابي صادق في روايئه عن عمر 
لطفي والخديوء فهما اللذان دبرا الشغب قبل حدوثه ببضعة أسابيع > ولکن روايته عن 
«سيد قنديل» غير صحيحة » فإنه کان ضعيفاً فلم يقو على | إخاد الشغب › اا 
مخطىء في) ذكره عن «كوكسون» » فإن الأسلحة التي وردت إلى القنصلية إنما جيء بها 
ale‏ المالطيين وسائر الرعايا الإنجليز » وقد حكم بالنفي على «سيد قنديل» عشرين 
عاماً ولكن عفى عنه بعد ذلك فرجع » وهو الآن في داره في الريف في مصر › وكثيراً ما 
تحدثت معه في هذا الموضوع . 

وعرابي صادق في قوله إن حسن موسی العقاد وعبد الله نديم لم يشتركا في أحداث 
الشغب . فإنه قد ذهب إلى الإسكندرية لإلقاء خطبة » أما العقاد فقد ذهب في مسألة 
مالية . 


. . هو السیر آولاند كولفين ين » المراقب ال مالي للحكومة البريطانية في مصر‎ )۱١( 
. قنصل انجلترا في الاسكندرية‎ )١١؟(‎ 


“YY 


٠ 
ا‎ 


“۳ 


jed by registered version 





Converted by Tiff Combine 








رسالة إلى حمال الدين الأفغاني 


مولاي الأعظم حفظه الله وأيد مقاصده 

ليتني كنت أعلم ماذا أكتب إليك . وأنت تعلم ما في نفسي كما تعلم ما في 
نفسك . صنعتنا بيديك » وأفضت على موادنا صورها الكمالية » وأنشأتنا في أحسن 
تقويم . فبك عرفنا أنفسنا . وبك عرفناك . وبك عرفنا العالم أجمعين . فعلمك بنا كيا 
لا يخفاك علم من طريق الموجب . وهو علمك بذاتك , وثقتك بقدرتك وإرادتك , 
فعنك صدرنا » وإليك إليك المآب . 


أوتيت من لدنك حكمة أقلب بها القلوب وأعقل العقول » وأتصرف بها في 
خواطر النفوس . ومنحت منك عزمة أتعتع بها الثوابت » وأذل بها شوامخ الصعاب , 
وأصدع بها جم المشاكل » وأثبت بها في الحق للحق . حتى يرضى الحق . وكنت أظن 
قدرتي بقدرتك غير محدودة ومكنتي لا مبتوتة ولا مقدودة . فإذا أنا من الأيام كل يوم في 
شأن جديد . تناولت القلم لأقدم إليك من روحي ما أنت به أعلم » فلم أجد من نفسي 


" رسالة بعث بها الأستاذ الإمام » من بيروت » عندما نفى . وهي من الرسائل الهامة جداً في‎ )١( 
موقف الأستاذ الإمام من الثورة العرابية . وني هذه الطبعة العبارات التي حذفها الشيخ رشي‎ 
,[ من هذه الرسالة  عند نشره لها ومصدر هذه الاضافة الدكتور على شلش - انظر كتابه‎ 
الأعمال المجهولة  محمد عبده] ص 47 - 07 » ولقد صححناها  ونحن نراجع تجارب ال‎ 
ه [مجموعة اسناد ومدارك جاب نشده د‎ ١757 على الأصل الذي نشرته جامعة طهران سنة‎ 
. سيد حمال الدين]‎ 


“Yo 





سوى SY‏ والقلب الأشل واليد المرتعشة والفرائص المرتعدة » والفكر الذاهب 
والعقل الغائب . كأنك يا مولاي منحتني نوع القدرة . وللدلالة على قوة سلطانك 
حصرته في الأفراد فاستثنيت منه ما يتعلق بالخطاب معك والتقدم إلى مقامك الجليل 
هذا . مع أنني منك في ثلاث أرواح لو حلت إحداها في العالم بأسره وكان جماداً الال 
إنساناً كاملل . فصورتك تجلت في قوتي الخيالية وامتد سلطانها على حسي المشترك ومعي 
رسم الشهامة وشبح الحكمة وهيكل الكمال . 

فإليها ردت جيع محسوسات . وفيها فنيت امع مشهوداتي » وروح حكمتك 
التى أحبيت بها مواتنا » وأئرت بها عقولنا » ولطفت بها نفوسنا » بل التي بطنت بها فينا 
فظهرت ني أشخاصنا » فكنا أعدادك وأنت الواحد » وغيبك وأنت الشاهد . ورسمك 
الفونغراني الذي أقمته في قبلة صلاتي رقيباً على ما أقدم من أعرالي ومسيطراً علي في 
أحوالي . وما حركت حركة ولا تكلمت كلمة » ولا مضيت إلى غاية » ولا انثنيت عن 
نهاية حتى تطابق في علمي إحكام أرواحك ومعي ثلاثة ثة فمضيت على حكمها سعياً في 
الخبر وإعلاء لكلمة الحق وتأييداً لشوكة الحكمة وسلطان الفضيلة . ولست في ذلك إلا 
آلة لتنفيذ الرأي المثلث . ومالي من سوائي إرادة حتى ينقلب مربعاً . 

غبر أن قواي العالية تخلت عني في مكاتبتي إليك » وخلت بيني وبين نفسي التزاماً 

لحكم أن المعلول لا يعود على علته بالتأثير أن ما يكون إلى المولى من رقائم عبده 
ليس إلا نوعاً من التضرع والإبتهال › اع ا 
ومع ذلك فإني لا أتوسل إليك في العفو عما تجد من قلق العبارة وما ترى ما يخالف سني 
البلاغة بشفيع أقوى من عجر العقل عن إحداق نظره إليك » وإطراق الفكر خشية 
منك بين يديك . وأي شفيع أقوى من رحتك بالضعفاء وحنوك لمغلوبي حياء . 

إن لا أحدثك يا مولاي عن شيء مما أصابنا بعد فراقك فقد تكفل ببيانه أخي في 
حبكم إبراهيم أفندي اللقاني سوى بعض ما تركه في كتابه من انقلاب بعض القلوب من 
خحاصتك » وتحول أحوالهم بعد نزول ما نزل بك . فقد تغلب أعوان الشر وأنصار السوء 
عقب جلائك بقوة جاههم وشدة بأسهم » فأرغموا العقول على الإعتقاد بالمحال » 
وألجأوها للتصديق با لا يقال . حتى إ:نهم غيروا قلب دولتلورياض باشا على تلامذتك 


(5) الرعدة . 





الصادقين أياماً معدودة ركن فيها إلى العمل بالشدة والأخد ممبادرة الحدة . ولم يلبث أن 
وصلت إليه بعدما كانوا حجروا علي في بلدي » وحظروا علي الدخول في المدن نحو 
أربعة أشهر .. لقي أل إتصال برياض cig LBL‏ عليه الأمر ؛ eats,‏ له من التقيقة 
ما خفي . حتى زال ما لبّس المبطلون » وبطل كيدهم وما كانوا يعملون . ونزلت عنده 
منزلة حسدني عليها الكافة من العلاء والأمراء ورجال الحكومة »> بل وكثير تمن كان 
يدعي الإنتماء إلى حضرة مولانا المعظم : وقعدت من,كل أمير مقعد النفس فلا ينطق 
إلا بما تريد حكمتك » ولا يعمل إلا ما نشاء إرادتك . فكأنك وحقك كنت وأنت في 
الهند بين أظهر المصريين ساعياً فيهم إلى مقاصدك العالية » طالباً بهم أوج السعادة 
وذروة المجد والفخار . 

وهكذا ضممت إلى كل من كان ينتسب إليك » صادقاً في الإنتساب أو كاذباً 
تحسيئاً للظن وإيثاراً لجانب العفو والكرم . لهذا ألقاني لم أتأخر عن مساعدة أولئك 
الأشقياء الأدنياء أديب | إسحق وسليم النقاش وسعيد البستاني والملباوي ومشاكليهم من 
اللئام » فأصلحت هم القلوب » وفسحت همم من الصدور › وفتحت عليهم أبواب 
التقدم إلى المنافع الغزيرة (لكنهم لم يرعوا عهدا ول محفظوا ودا . ولا حاجة لي الآن إلى 
إيضاح ما صدر منهم خيانة ولؤماً > فان مولاي أعلم بمسيحبي الشوام > وجميعهم مع 

بعض المصريين من إصطبل واحد) . 

وألفت لحبك من حرم الشرف بلقائك قبيلا ليس بالقليل . يجلون قدرك , 
ويعرفون لك فضلك . وكنا وإخوائنا من المكانة في قلوب الناس كما شرح لك إبراهيم 
أفندي . ولكن هذا م يلهنى عن طلب الإنتقام لك والأخذ بثأرك من الوغد اللثيم 
Modal,‏ العظيم . وكدت أصل إلى البقية ما قصدت من طريق مألوف ومذهب 
معروف وغير معروف ., لولا غلبئا على الأمر قطاع طريق الخير » اللابسين ثياب الأنبياء 
والسالكين مناهج الجبارين » اللافظين لفاظات العلماء » المتبطنين طباع الجاهلين , 
انتحلوا طريقنا في الدعوة إلى الحرية . وتمكنوا بقوة السيف وضعف الحكومة من إقناع 
العامة بكونهم دعاة الحق وحماة القانون وهم رسل الفوضى وجرذان النظام . وكانوا في 


2 القدم ‏ بفتح الفاء وسكون الدال - العيي عن الكلام 2 ف رحاوة وقلة فهم - والإشارة إلى 


1Y 





بداية أمرهم أشد الناس تعصباً عليك وعلى تلاميذك . واشتد معهم في التعصب أولئك 
الأنذال الذين قدمنا ذكرهم » عندما رأوا بعض رجال الحكومة يميل إلى أهوائهم . 
J ty‏ بعضن غيهم . غير أن مدتهم في العناد كانت قصيرة ولم يض 0 
حصناً من قلوبهم وجلونا من بصائرهم . فكادوا يشيمون ضياء الحق » لولا أن أحاطت 
بهم ظلمات الغرور والغي . ومع هذا فكنا نستعملهم لما نريد ونديرهم كالآلات لغاية ما 
نحب بقدر الإمكان والإستطاعة » إلى أن غلبت عناصر الفساد , وعم DI‏ 6 
فطلبنا بأولئك الثائرين أن تخلص البلاد من الشقاء , وينقذ العباد من طول العناء . 
ورجونا تأبيدهم على ذلك من ع سكان الأرض والسماء » وكنا ندرك بهم خلاصاً Lene‏ 
وانتقاما شريفاً » الکن لسوء-البخت كان امد غرابي كبا وضف“ الصاي آبا تغلب بن 
مدان عندما قاتله عز الدولة بن COMM jee‏ » وهزمه » حيث قال فيه | إنه لم يلق لقاء 
الباضع بالطاعة » المعتذر من سالف التفريط والإضاعة » ولالقاء المصدق في دعواه في 
الإستقلال بالمقارعة » المحقق لزعمه في الثبات للمدافعة » ولا كان في هذين الأمرين 
بالبر التقي ولا الفاجر القوي . بل جمع بين نقيصة شقاقه وغدره وفضيحة جبنه وخوره » 
قد ذهب عنه الرشاد » وضربت بيئه وبيئه الأسداد .اه 

وأزيد على ذلك مع توفير الأسباب وتفتح الأبواب . وظهور الأمر للعيان . 
وانجلائه لأذهان الصبيان » واجتماع جميع القلوب عليه » ونزوع الأهواء على اختلافها 
إليه » ISG NT‏ 
إذا أردت يا مولاي أن أقدم لك به تاريخاً ختصراً رما يكون مفيداً فأنا رهين الإشارة . 

ونحن الآن في مدينة بيروت نقضي بها مدة ثلاث سنوات على ما حكم به الشفي 
الغبي » « لا لذنب جنيناه ولا جرم اقترفناه . فقد قضت حكمتك القائمة منا مقام الإلهام 
في قلوب الصديقين أن ننال الحق ولنا الحجة الباهرة » ونصيب الغرض ولنا البراءة 
الظاهرة والذمة الطاهرة . وإنما ذلك أثر الحقد القديم نتيجة الرأي ي العقيم الله يا 
وی فا ی او ا و ان کا ا ر sai dl‏ 


)٤(‏ هو الأمير البويي ۹٦۷-4۳۲1‏ م] الذي أدخل BULL‏ العباسية تحت النفوذ البويبي 
371 946م] an‏ بو تغلب بن حمدان » من he gh! el yal‏ الذين لأ إليهم وإلى حمايتهم الخليفة 
العباسي المتقي [1” ه] وظلت الخلافة في حمايتهم ee wal gm‏ ل بغداد , 


۸ 





شراباً ما کان لنا مفر من غدرته عند قدرته » قاتله MU‏ . فها نحن سالكون في سنتك 
وعلى سننك . وكنا كذلك ولا نزال إلى إنقضاء الآجال . ولولا أطفال لنا رضع ونساء لنا 
طوع أبينا لحم الذل وأنفنا لهم الضيم فأتينا مهم معنا إلى حيث أقمنا لكنت أول من تلقاك 
في مدينة باريس » لأسعد بالاإقامة في حدمتك » وأفخر بذلك على العالين . 

ولا أعلمه من نضسى وما أتيقنه من يقينك . وما أيدته أعمالي وأعمالك وأقوالي 
وأقوالك لا أتكدر نما أشرت إليه في كتابك إلى أي تراب“ حيث طعنث في ثقنك 
بالمصريين » وبالغت حتى سحبت الطعن إلى خادمك كاتب الأحرف وإبراهيم أفندي 
وزدت ني المبالغة فأنفذت طعنتك بالداهية الزرقاء » والبلية الحمراء . أما اختلال ثقنكم 
بالدواهي والبلايا فقد صادف خلا . فقد نقضت عهدك وحالفتث عدوك فاستبقته في 
الوجود وأنت موجود » أرغم الله أنفها وجعلها طوع يدك ترمي بها من تشاء من 
أعدائك . أما ما يتعلق بنا فإني على بينة من أمر مولاي , وإن كان في قوة بيانه ما يشكك 
الملائكة في معبودهم والأنبياء في وحيهم , ولكن لبس في استطاعته أن يشكك نفسه في 
نفسه » ولا أن يقنع عقله الأعلى بالمحالات . وإن كان في طوعه أن يقنع بها من أراد 
من الشرقيين والغر بيين 

وما حكم به سيدي من سلب الوفاء عن المصريين ربما تضافرت عليه الأدلة , 
وتشهد لنا وله عليه الحوادث » غير أننا لسنا أولئك . فقد أنخرجنا المولى عن طباعنا 
وأنبتنا نباتاً حسناً غريباً لا يغتذي بغذاء تلك الأرض » ولا ينمو بهوائها » وإنا ينضر 
حيث يتيح له القدر من مثل عناصره ما يقوي به قوامه ويزهر زهره ويحلو ٹمره» والا ذبل 
ومات واستؤصلت جذوره » ورمی به إلى خارج البلاد . 

وإني أعلم أن كلامي لا يزيد في يقبن مولاي شيئاً » وسكوتي لا ينقص منه , 
فلنعد عن هذا » ونستمنح من كرمه الواسع أن يمن علينا بأمرين » أحدهما إرسال رسمه 
الفوتغرافي الحديد » فإن هذا اللخادم كان عنده نسختان من الفوتغرافية الأولى إحداهما 
أخذها أعوان الضبطية من بيتي عندما أودعت السجن كا أخذوا كتاب الماسون بخط 
مولاي المعظم » والثانية كان استجدانيها سعد أفندي زغلول » وهو من خواص, 


(ه) الراجح أن الإشارة هنا إلى الخديوي توفيق . 
)1( خادم الأفغاني 


1۲۹ 





محسوبيكم ١‏ ولشفقتي عليه تركته له أياماً ليعيش عليها أعواماً . والثاني أن يتابع إرسال 
ما ينشره من فصوله السياسية والأدبية في الجرائد أيا كانت . فقد أعددنا دفاتر متعددة 
لنقل ما يوجد منها في أي جريدة » وكتبنا ما نشر في جريدة النحلة وأول ما أدرج في 
البصير . وإلى الآن نبحث عن مقالة الشرق والشرقيين . ولا نجدها . 
BB aig:‏ 
التي جاء بها فكر سيادتكم . ثم إنا نخبر سيادتكم خبرأ تسرون به . وهو أن أعيا 
cal‏ من أهالي بيروت وأمراءهم لم بألوا جهداً في فى إكرامنا والإحتفاء بنا . ونخص 
ve SUL‏ منهم السيد عبد القادر أفندي القباني وأعضاء عائلته » وهم من ذوي ى البيوت 
57 » رغياً عن أنف صاحب الجوائب . والحاج محي الدين أفئدي حماده رئيس 
eters el al a ee So a‏ 
ميلا إلى الحرية . وقد آلى على نفسه أن لا يموت حتى يراكم ما لم يفاجاً . وأما الأمير 
اشن ید القادر دري فش آم abd ly. Wa Kale zap of oly‏ ».وما 
كل هذا إلا من آثار فضلكم . فلكم الشكر على نعمة وصلت أو تصل إلينا وإلى أعقابنا 
من بعدنا . ونرجو من سعة كرمكم أن تمنوا على خادمكم بأسطر من خطكم الشريف 
بحفظها حيث بحفظ سرك » ويودعها ني مستودع حبك . والله يحفظك ويتم مقاصدك . 
والسلام . 
خادمكم محمد عبده 
ه gale‏ الأول ۱۳۰۰ 


)۷( ويوافق هذا التاريخ 1١ Spal‏ مارس سنة ۱۸۸۳ م 


۳ 





رسالة ‏ ثائية ‏ إلى حمال الدين الأفغاني 


مولاي7“المعظم أيده اللّه . 
اليوم عرفت نفسي وكنت بها سيء الظن أرى ما سيق إلى أو يساق من الكرامة بين 
الناس إثما 0 البخت والإتفاق وغرور من السذج بنسبتي إلى خدمة المول 
الحليل . وكنت أ: نيه على العالمين بتلك النسبة » وهي عنوان Lise « een‏ 
برسوخها في نفسي وتقررها في الأذهان » وأقول دعوا الناس في غفلاتهم ينرق الله 
بعضهم من بعض . أما الآن وقد حسبني الجناب العالي نتيجة لأعماله > فاي أصدع 
بأفكاري قواعد الملكوت » وأزعزع gor‏ أركان سطوة الحروت » وأدعو إلى الحق دعوة 
الحكيم » وأذهب بأهل الرحمة مذهب الأب الرحيم » خدمة لمقاصد مولاي . وإ يوم 
السعادة عندي أن يظهر لهذه الخدمة أثر أو ينشر عنها خبر . أما نبي السيد لعبده عن 
العقوق في الحقوق التي أوجبتها القرائح الذكية » فمن حيث صدوره عنه أدب تتفجر 
منه ينابيع الخير والبركة » ولكن من حيث توجهه إلى الخادم الأمين فهو من قبيل مي 
الحق عن أن يكون باطلا » والنور عن أن يكون ظلاماً والكبال عن أن يكون نقصاً . بل 
نبى الإنسان عن أن يكرن ارا : 
سبحان الله ما أسهل أن غائله وأيسر أن ندين به حتى يبلغ الكتاب أجله . بلغنا 
)١(‏ أرسلها الإمام »> من بيروت » إلى أستاذه » عقب النفي . . وبعد أشهر من تاريخ السرسالة 
السابقة . انظر : الدكتور علي شلش [سلسلة الأعال المجهولة ‏ محمد عبده] ص 57 06 . 
ولقد صححناه على الأصل المخطوط . 


1۳۱ 





قبل وصول كتابكم الكريم ما نشر في الدبا"“ من دفاعكم عن الدين الإسلامي (يا لها 
من مدافعة) 5 على مسيورنان فظنناها من المداعبات الدينية تحل عند المؤمنين محل 
القبول فحثثنا بعض الدينيين على ترجمتها . لكن حمدنا الله تعالى إذ لم يتيسر له وجود 
أعداد الدبا حتى ورد كتابكم واطلعنا على العددين ترجمهما لنا حضرة الفاضل حسن 
أفندي بيهم فصرفنا ذهن صاحبنا الأول عن ترجمتهم| . وتوسلنا في ذلك بأن وعدناه أن 
الأصل سيحضر فإن حضر نسر ء ولا لزوم للتريمة , فاندفع امكروه » والحمد لله نحن 
الآن على سنتك القويمة : لا تقطع رأس الدين إلا بسيف الدين . ولهذا لو رأيتنا لرأيت 
sy fale isla;‏ ستحدا ل يعضون اللا أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . ما أضيق العيش 
لولا فسحة الأمل . 


أسفت وتكدرت مما رأيته في كتابكم إلي وإلى أبي تراب من اللوم الشديد على 
إبراهيم أفندي . وعلمت أن ذلك من سوء تبليغ أبي تراب , علياً أن إبراهيم أفندي 
ليس موضعاً للتهمة بما يشير إليه المولى في كتابيه. وإني أحلف بحرمة سيدي | 000 
ا أو يخل بحقوق مولاه . فإن انتقاله من البيث الذي كان فيه لم يكن 

بعد أن ظهر أ ا 
eda‏ كان بعلل ان اک اليف طدمرنة 5 ريسي ل As cs WADE.‏ 
فسهل عليه الأمر » فأ » وصمم على البقاء . ولم يكن تعلله صحيحاً في الحقيقة وما 
العلة الحقيقية هي ما تعهدونه فيه من الإحساسات الصبيانية . أما السيد إبراهيم فقد 
قام بخدمة أبي تراب أحسن قيام . كان يرافقه في شدة البرد وكثرة الأوحال إلى منازل 
الحكاء ومعاهد الأطباء مرارا عديدة قبل حضور مصطفى بيك . وكان يصحبه els‏ 
صديق ينظر إليه ويعامله معاملة المتساويين من جميع الوجوه . ولم يصرف عند الحكاء إلا 
ران فقط ورفن Aly Hal gh UE pals‏ وبع حضون مصطفي بلك كان 
العلاج جانا يلون اج jody Goll gj ale au‏ شيع ته ى اغلا 
الأوقات . وإبراهيم أفندي بعد انتقاله كان يأتي إليه من قبل شروق الشمس | إل الساعة 
الرابعة من الليل » ولا يتركه إلا وقت النوم . وكانت ثياب إبراهيم وكتبه وجميع لوازمه 
في أودة أبي تراب . ولم يكن في أدوته الأخرى إلا فرش النوم لا غير . ثم إن أبا تراب 


(۲) صحيفة فرنسية . 


1۲ 





معنا في جميع الأوقات إلا ما قل وإنا نعده كواحد مناء منزلته منزلتناء» إن مسه أحد 
بكلمة حسبناها في أعراضنا SS‏ تراب بالتردد 
عليه فلعل فيه حكمة تخفي على عقولنا . ورأيكم أعلى وأرفع . على أني أرى في الإجتماع 
spol Vy ale‏ أي تراب » من حيث تغلب شهوته ال حيوانية على قوته العقلية , 
فالأول به أن يكون بعيداً غن مثار الشهوات . وزادي كدر أن آبا تراب عندما ذهب 
ليبلغ أديباً سلامكم أطلعه على المكتوب . فقرأ منه ما ذكرتم في شأن إبراهيم أفندي . 
وكان كدر إبراهيم على هذه أشد من كدره على سوء ما بلغ عنه . وأبو تراب عجول في 
أخباره »» لم يخل من طيش الشرقيين . فالأمل أن لا تثقوا بما يكتب إليكم فيما يتعلق 
oly‏ أتباعكم فقد يغضبه ما لا يغضب ويرضيه ما لا يرضي . وليس بين غضبه ورضاه 
إلا ىا بين ضحكه وبكاه » وهو ما بين لمحات البصر leo‏ 
ge‏ وأنا في حبس الحكومة المصرية قبل أن يراني كان متلقياً له عن محسن الجزار مع أني 
ما رأيته من نحو ثلاث e Use‏ 
ds‏ يسألني عن شيء يتعلق بسيادتكم . وا ظن أن حالة أي تراب في الأخبار التي تكون 
ee vL ES‏ 
بتصديقها . فليس سهلاً على الصادقين في الإنتاء إليكم أ أو WS ed ob‏ 
خاطركم من جهتهم وإن كان غير منطبق على الواقع . وتلتمس من واسع كرمكم أن لا 
تقطعوا عنا ما نطمئن به على صحتكم . واللّه يحفظكم . 
محمد عبده 
م شعبان ۱۳۰۰ 


يمدي لسيادتكم مزيد السلام ويقبل أيديكم إبراهيم أفندي على اللقاني والشيخ 

أمين أبو يوسف من أهالي دمياط منفى في الحوادث المصرية » والشيخ أحمد القباني من 

أفاضل oe‏ والشيخ أحمد عباس من نبهائها وأرباب الأفكار الحرة) » وحسن 
أفندي بيهم وكل من له ميل إلى الحرية ودمتم في حفظ الله . 

حمل 

١7٠١ شعبان‎ 8 


(0) وهذا التاريخ اللهجري يوافق ١4‏ يوئية سنة 1887 م . 
(4) في الأصل المخطوط «حرة» بدون الألف واللام . 


1۳۳ 


Converted by Tiff Combine 








رسالة إلى بلنث- ١‏ - 


بيروت227 في ١1"‏ رمضان ۱۳۰۰ . 

إل السيدة أن Gab‏ ¢ عفنا الله اها 

أما بعد » فمن بين أولئك الذين لديم معلومات عن الشغب في الإسكندرية 
يوجد مصطفى عبد الرحيم. وقد شهد الشغخب » ومنع تفاقمه بالجنود النظاميين التابعين 
لسلیان سامى (عليه رحمة cal‏ . وهو مستعد للإدلاء بشهادته إذا طلب منه ذلك . وقد 
أبلغنى مبذا الليلة , 
وأعوانه 6 لتكدير المدوء والسكيئة ي مصر > وإثارة المسلمسين على المسيحيين › 
والمسيحيين على المسلمين » فيوجد منهم هنا أحمد بك المنشاوي . أحد أعيان مصر . 
وهو رجل ثري ذو عزم واستقامة لا مزيد عليها . وكان قد قام بحاية المسيحيين أثناء 
حوادث الشغب في طنطا » وكذلك في المذابح الأحرى التق جرت في مديرية الغربية › 
في عهد مديرها إبراهيم باشا أدهم » صنيعة الخديو الذي عين في ذلك المنصب عقب 
صرب الإسكندرية ١‏ والرجل (الماشاوي) على استعداد للإدلاء بالشهادة ضد الخديو 


)١(‏ أرسل الإمام هذه الرسالة إلى بلنت ‏ عبر زوجته ‏ لأا قارثة للخط العربي . وتاريخ كتابتها يوافق 
۸ يوليو سنة 18417 م . ولقد ذكر بلنت أنه تسلمها في أغسطس سنة ۱۸۸۳ م . انظر د. علي 
شلش [سلسلة الأعيال المجهولة ‏ محمد عبده] ص 5١‏ . 


٥ 





وعملائه أمام أي قضاء » أوأي محكمة حتى في مصر . وهو لا يخئى في ذلك آي شيء 
ولا بهدده أي خطر . وقد كان في of ag‏ يكتب باختياره خطاباً إلى المستر بلنت > کي 
يعبر له عن استعداده » ورغبته الحارة في وضع ما يعرفه من أمور أمام الإنجليز وكل ذي 
ميل إلى العدالة والمساواة . وهو مقيم الآن في بيروت . وإذ ا شئتم استدعاءه فلن 
at‏ 
أرجو إبلاغ تحياتي إلى المستر بلنت » ونقل جزيل الشكر | إليه على همته وأعماله 
الحليلة e‏ وکل آلچلیزئ أيضاً . كا أرجو إبلاغ تحيتي إلى 
السيد صابونجي ٩‏ 
عمد عبده 


(۲) [۱۸۳۸- ۱۹۳۱ م] صاحب مجلة «النحلة) [لالام١ا  188٠‏ م] وهو قس لبناني » اشتغل 
بالصحافة . 


1 





رسالة إلى بلنت ۲ ۔ 


باريس()ني ١١‏ إبريل 1884 . 

إلى صاحب السعادة صديقي العزيز » صديق المسلمين » ومعين العرب والمدافع 
عن الأمة المصرية . 

بعد التحيات إليك وإلى المهذبة الفاضلة الليدي آن بلنت ‏ وصلتنا رسالتك 
بالأه س . ولا قرأناها وجدناها مفعمة بالحكمة والنصائح النافعة للمسلمين . وقد 
أكدت ثقتنا فيك كصديق لهم . ْ 

يقدم لك التحية السيد جمال الدين . وسوف يكتب - على وجه اليقين ‏ إلى أهل 
لهند في حيدرباد وغيرها » وينصحهم بالتزام الهدوء » ويسكن ألبابهم على نحو ما 
اقترحث . ويسط هم الفكرة التي صغتها بوصوح d‏ رسالتك > ويضع أمامهم 
التفاصيل بأفضل أسلوب وأبسطه . 

أما بعد . 

فقد اغتبطنا للنصيحة التي تكرمت بها عليئا » ووعدك بمساعدة صحيفتنا (العروة 
الوثقى) وقد كان هذا أملنا فيك . وما من شك في أن الله عز وجل قد خلقك لفعل 


(") كتبها الإمام جواباً على رسالة لبلنت » من لندن في ۷ إبريل سنة ۱۸۸٤‏ م - انظر د. علي شلش 
[سلسلة الأعبال المجهولة ‏ محمد عبده] ص 1۲ . 


1۳۷ 





'الخير ومساندة قضية الحق والزود عن المظلومين . وهذا هو الوجه الحقيقي لصحيفتنا » 
فضلاً عن خدمة تلك الأفكار التي تشقى من أجلها » أعني الحفاظ على استقلال الأمم 
الشرقية » ونصح الحكومة الإنجليزية حتى تتخلى عن مسلكها الذي يشقى عقول 
الملسلمين › وتسرع بمد يد الصداقة إليهم » حتى تضمن وقوفهم في صفها . 

ونحن » في الحقيقة › لا نحب تلك الدول الكبرى الأخرى التي أشرت إليها في 
رسالتك › ولا نحن نسير في ركاب أي مہا" . 

وعليكم السلام و رحمة الله وبركاته : 

صديقك المخلص 


OLS Los 





cob als (1)‏ قد تحدث ؛ في رسالته . عن فرئسا وروسيا والنمسا وإيطاليا ؛ مقارناً بين موقفهم 
وموقف الإنجليز من أمم الشرق . 


1۴۸ 





رسالة إلى Mook‏ 


a‏ طالعنا تصريحاً للرائد (الميجور) ماكدونالد نشره في الكتاب الأزرق (مصر 
4 . وفنئد فيه الخطاب الذي نشرته صحيفة «التايمز» للمستر بلنت . وقد لاحظنا 
عليه بعض الأمور التي تستدعي التعليق . 

ولست أدري هل يمكن أن تكون فترة الأسابيع العشرة التي قضاها مع المستر 
كاميرون في طنطا كافية لتمكينه من فهم ال حالة الحقيقية للأوضاع التي كتب عنا . 

لن أناقش هنا تاريخ فصل إبراهيم أدهم من منصبه كمدير ؛ ولكني أزعم أنه 
كان يجلس يوم مذبحة طنطا في الطابق العلوي' من حكمدارية الشرطة »› وأنه كان 
يراقب القتلة والمقتولين من نافذة ذلك الطابق » وأن أولئك الأشخاص قد قتلوا في فناء 
المديرية تحت بصره » وأنه هو نفسه أمر السقائين بتنظيف أرضية مبنى المديرية من 
الدماء . (وقد أدلى السقاءون بشهادتهم حول هذه الواقعة أمام هيئةالتحقيق في 
الحوادث) . 

أما ما يذكره ماكدونالد حول تقاطر كثيرين من الأوروبيين على حكمدارية الشرطة 
بحثاً عن الأمان فليس من الصحة في شبىء » فيها عدا أن الشخص الذي قام بحايتهم 
كان علي أفندي لبيب مأمور شرطة المديئة » الذي أنقذ أرواح الكثيرين » ولكنه اعتقل 





(۳) کتبها الإمام من باريس . . وتلقاها بلنت في ١‏ أغسطس سنة ۱۸۸٤‏ م . انظر د. علي شلش 
[سلسلة الأعمال المجهولة ‏ محمد عبده] ص 15-51 . 


1۳۹ 





بعد الحرب » وزج به في السجن . حتى ماية التحقيق » ثم حكمت عليه المحكمة 
بالأشغال الشاقة لمدة عام بعد الكثير من الشفاعة . 


والآن » أي ذريعة وراء القبض على هذا الضابط » الجدير بالثقة وقد شهد 
بحايته للمسيحيين الرائد ماكدونالد (الذي فهم الحقيقة كلها في عشرة أسابيع) ؟! 

أما إبراهيم أدهم فهو كردي لا شركسبي - كان يشترط على الحكومة . في كل مرة 
يتولى فيها Leas‏ ؛ أن يخول استخدام «الكرباج» مع الفلاحين والعمد في المنطقة . 
أجل ! فحين كان مديراً للمنصورة في عهد وزارة رياض باشا الأولى علم الأخير بأنه 
يسىء معاملة الناس بالكرباج » فكتب إليه بما يلي : «عليك بالإحتكام إلى القانون , 
واستخدام الرأفة في الإدارة. وإذا استخدمت الكرباج فسوف FE‏ على نفسك التعنيف 
الرسمي .» وحين تسلم هذا الأمر قدم استقالته من منصبه . وأبى ألا يدير أمور الناس 
بالرأفة وطبقاً للقانون . 

وكانت استقالته في عهد وزارة محمود سامي لهذا السبب أيضاً . وما أعاد الخديو 
تعبينه مديراً للغربية + بعد الحرب + استمر في إذارته دون أن يغير قسوته المعهودة ...فليا 
إزداد عدد أعدائه فيا بعد. ونفد صبر أهالي مديريته . حتى لم يعودوا يحتملونه , 
غضبت عليه الحكومة . وفصلته » وعينت مكانه حسين باشا سراي . 

لقد كان إبراهيم أدهم من مؤيدي حركة عراب الأولى » ولكن حين وقعت 
مذبحة طنطا علم عرابي أنه شارك فيها » بالتحريض أو بالفعل » فأمر بالقبض عليه . 
ولم يقبض عليه بسبب عدم اشتراكه في الفتنة » ولكن الحقيقة أنه قبض عليه في ثالث 
أيام المذبحة » قبل معرفة ما إذا كان سيؤيدها أم لا . والحق أن التلغرافات الرسمية 
ذات اللهجة الجازمة التى كان يبرق ما إلى وزارة الحربية إنما تكفى للإشارة إلى أنه لا 
يستحق الثناء الذي أغدقه عليه الرائد ماكدونالد.. ورما أثى عليه بعض الضباط 
الإنجليز » ولكن لا أعد هذا كافياً لتبرئته من أعمال العنف التى ارتكبها وإذا شاء 
أحد أن يلم بدرجة الوحشية التي مارسها إبراهيم أدهم فليسأل في ذلك tl‏ = إبراهيم 
حفظي بك . 

أما فيا يتعلق بالتعس يوسف أبو دياب فقد وصل إلى محطة السكة الحديدية يوم 
المذبحة » بعد ثلاث ساعات من بداية الشغب . ولم يقم بالتحريض على أي شخب (ولا 


Vhs 





أي شخص) »2 وإنما أنقل فتاة مسيحية » ونقلها إلى المديرية » ثم قام بتأنيب المدير » 
وآخذه على الجلوس في المديرية والساح بقتل الناس . ولهذا السبب شئق الرجل 
التعس . 

وأما أولئك الأوروبيون الذين يسجل ماكدونالد شهاداتهم فكانوا في حالة فزع 
شديد » إلى درجة أنهم لم يتعرفوا على أولادهم , وكانوا يجرون بحثا عن أي pour‏ 
يختفون فيه فكيف إذن تأتي لهم أن يتعرفوا على يوسف أبي دياب وتميبز وجههه أو 
كلامه ؟ 

لقد شهد ناظر المحطة ومكتب التلغراف ببراءة يوسف أبي دياب في البداية ولكن 
المدير إبراهيم أدهم هلد جميع الناس بالإعتقال والموت إذا لم يدلوا بشهاداتم على هواه . 
وهكذا غيروا شهاداتهم بالإكراه . وترتب على ذلك أن الأقوال التي أدلى مها الأهالي قد 
صدرت حميعا تحث ضغط الخوف . ولكن لحان التحقيق تلك وتصرفاتها جزء لا يتجرأ 
من تصرفات الحكومة المصرية الإنجليزية بعد الحرب » وهي تصرفات تجيز التحقيق 
والتحري . ولحن نعرف حقيقة مجراها وأفعالها 1 ولا يوجد عاقل يؤمن مباء oe YY‏ 
ذلك الصنف الذي مجلس فيه العدو ليفصل ويحكم على عدوه . وإذا تكلمنا عنها 
لاستلزم OF oY‏ نروي كل شيء عن تصرفات الحكومة بعد (معركة) التل الكبير , الأمر 
الذي يؤدي بنا إلى الإفراط في الإسهاب ‏ بغير طائل . 

وقد اعترف أقارب القتلى براءة يوسف دياب » والتمسوا العفو عنه من اللورد 
قبل نفاد الوقت المحدد لتنفيذ الإعدام . فلم تصل أنباء العفو إلا بعد التنفيذ . 

رما استطاع ماكدونالد إقناع الأوروبيين - من فرنسيين وانجليز وغيرهم ‏ ولكننا 
نعرف قيمة مثل هذه الشهادة . ولو كانت عندنا حكومة حرة وعادلة لتوصلت إلى 

لقد نشر السيد Mol be‏ مقالة طويلة في ML'Intransigeant da>ee‏ : وضمنہا جميع 
الحقائق . وكذلك فمن المعروف للبعض أن أول رئيس للجنة التحقيق في طنطا أراد 


99 الاشارة إلى عثان غالب - احد أنضار القورة العرابية + والمشاركين فيها , 
(۳) صحيفة فرنسية . 


54١ 





إجراء التحقيق بعدل وإنصاف . وأن يستجوب المدير إبراهيم أدهم حول مدى تورطه في 
حوادث الشغب . ولكن الحكومة . التي تثق فيه » فصلته وعينت مكانه محمود باشا 
الفلكي الذي كان يوجد ني طنطا بالإسم في حين كانت الإدارة توجد في القاهرة 
بالفعل . 

وهكذا تم إنقاذ cpa gull‏ المحاكمة و شتلق يرف آي ديات بدلا مته لعل 
من الأفضل الصمت عن تصرفات الماضي , لأن الحديث عنها سيفتح الباب على 
مصراعيه أمام توجيه اللوم للحكومة الإنجليزية التي تبغي إقرار العدل في مصر . 





رسالة إلى برودلي من ببروت 


جناب المحترم المستر برودلي المتشرع الماهر . حفظه الله . 


نحن في غاية الشوق لمشاهدة جنابكم . ونسآل الله تعالى أن ينحنا ذلك في 
أوقات سرور وهناء . ثم إننا من يوم oye Le‏ القاهرة ونحن نقاسي LT‏ ومصاعب 
إلى هذا الوقت » وإقامتنا الآن في مدينة بيروت » وقد رقمنا إليكم هذه الأحرف راجين 
أن تشرفونا ببعض مكاتبات من طرفكم حتى نطمئن على صحتكم » وبعد ذلك يمكننا 
أن نفيدكم بأحوالنا السيئة ونخبركم بأفكارنا المضطربة » فقد علمنا أنكم بمكانة عليا من 
الإنسانية » ودرجة قصوى من مكارم الأخلاق . ولسنا نسى ما صنعتم معنا من 
by pall‏ والمروءة » ونسأل الله أن يقدرنا على القيام بشكركم على ذلك » وإذا كتبتم 
إلينا فاكتبوا هكذا على ظرف المكتوب : إلى بيروت . يصل للشيخ حسن الكتبه بسوق 
النجارين بيته بشارع الولاية . 


واقبلوا مني العناق المثلث ودمتم في حفظ الله . 


بكم حمد عبده 


8 فبراير سنه ۸۳ 


14 





إذا('»كنتم تعلمون أين صديقي رفعت بيك فابلغوه مني كثير السلام . 


(محمد) 


oS pak pal‏ مزید الإحترام ( وأهدي إليكم وافر السلام 2 وأرجو تشريفي 
بمكاتبة من طرف تكم » ودمتم في حفظ الله . 
توقيع وختم 


)1( حاشية ألحقها الأستاذ الإمام بالرسالة . 
(۲) حاشية كتبها أحمد عبد الغفار ‏ وكان منفياً ببيروت كذلك ‏ على رسالة الأستاذ الإمام . 
(۳) هذه الرسالة هي الوثيقة رقم ٤۸۷‏ في أوراق «بردلي» . 


55 





أفكار الأستاذ الإمام 


|S)‏ صورها في رسالته إلى برودلي من بيروت) 


ما أحب أن يكون الحاكم فيها تركياً ولا جركسياً » OF‏ استعداد أهل بلادي 
للحكم أقوى من استعداد هذين الجيلين » ومظالمهم في البلاد كان لما فيها سرائر » ولو 
كانوا مصلحين لأصلحوا في بلادهم التي اخحتلا هما أشهر من أن يذكر » وهذا فإنني متأم 
القلب من وجود الأتراك على أبواب السجن مع أن الأفراد من أبناء بلادي لم تصدر منهم 
جناية يستحقون بها الحرمان من مثل هذه الخدمة الصغيرة . 

كنت أحب أن يكون الرؤساء في عموم مصالحها وإيراداتها من أبنائها » وما كنت 
أود أن يتولى الرئاسة في الكثير من المصالح أجنبيون من أجناس مختلفة » بل كنت أتحرق 
من الغيظ عندما أرى فيهم الجهلة بأعمال ما تولوه » وأرى جميعهم ينال مبالغ وافرة من 
إيرادات البلاد » ولا نسبة بينها وبين ما يناله الوطنيون الذين يؤدون عملا أكثر من 
otlel‏ وأجود . 

لكني كنت أعلم أن أدوار الإختلال الإداري والماللي » وظلم الحكام السابقين 
وتغافلهم عن مصالح البلاد دعا إلى مثل هذا بمقتضى الضرورة » فكنت أتنى إزالة 
ذلك بالطرق الإدارية والسياسية » بالحكمة والتدريج واستعمال القوة العقلية لا القوة 
البدنية . : 

كنت أحب أن لا ينفق درهم من إيراد بلادي إلا فيا يعود عليها بالمنفعة » بل 


“£ 





كنت أود أن تكون المنفعة أكثر مما ينفق فيها , ؛ لكن ظلم الحكام السابقين وإسرافهم 
ea‏ على البلاد بأن ينفق معظم إيراداتها لأرباب ديون أجنبية » وصار ذلك أمرا 
محتوماً 8 وأستتبع ذلك وجود موظفين من الأجانب كثيرين بمرتبات زائدة » وهذا ما 
يكدر محب بلاده بالطبع ‏ » لكني كنت التمس 0ك 
وأن يعتنوا بتنمية ثروتهم » وأن يتعاونوا على شراء أوراق الديون لأنفسهم حتى تكون 
saat Cys‏ 

كنت أحب أن لا يكون في بلادي إدارات منفصلة عن حكومتها ولما إيرادات 
وافرة ثم تكلف الحكومة في كل سنة بدفع ما ينقص إيرادها عن المطلوب منها مبالغ وافرة 
مثل إدارة «الدومين» ونحوها » ثم كان ما يضيق صدري عندما أسمع باختلاها الزائد 
عن الحد وكثرة المصارف في غير اللازم مع عدم الخجل من درجها في الميزانية السنوية , 
ولا يوجد أحد يطالب بإزالة هذا الإختلال أو يسأل رؤساء الإدارة عن أسبابه » لكن 
كنت أرى ذلك الضرر البين ما جرت إليه الحوادث السابقة » فلا بد لإزالته من الأخل 
ا الساطية والعوار Apt ASU‏ 


كنت أرى وأسمع في أعمال موظفي الأوروباويين : أي إدارة وأي مصلحة 
استبداداً or‏ يفوق استبداد الشرقيين وجورهم 2 وكنت أ سمع بتساهل منهم في 
الأعمال » بل وأعمال تأباها الذمة الطاهرة أكثر ما ينسب إلى الوطنيين من ذلك » ونشر 
من هذا كثير في جريدة (الوطن) القبطية » وغيرها من الجرائد » وكنت أتعجب من عدم 
مؤاخذتهم على ما يصدر منهم » لكن كنت أحب تنبيه أولي الأمر على ذلك ليتخذوا له 
الطرق الإدارية في إزالته . 


كنت أتأسف عندما أرى استبداداً في الحكام » وفقد نظام للإدارات ¢ واختلالد 
قد ييا سانل احالس Diol asl‏ 
المختلطة » واندفاعا من الربويين على الفلاحين يأكلون أكبادهم » يدفعون لهم المائة 
ليأخذوها مايتيين بعد ثيانية أشهر , وازدحاماً من الأهالي على أبواهم » لكن كنت أرجو 
وأسعى أن يجتهد أولو الأمر في تخفيف هذه المصائب بالطرق u‏ 
السياسة . 


كنت أتأسف عندما أرى تناقصاً في المعارف وتغافلً عن تسهيل سبلها وتوسيع 


555 





دائرتها وإتقان طرق تحصيلها › وكلت أطلب من الأغنياء أن يبذلوا من أمواهم ما 
يستطيعون لإنشاء المدارس وترويج العلوم » والتمس من الحكام أن يوجهوا همهم 
لإرتفاع شأن العلوم ونشرها Ow‏ العموم 2 وإصلاح طرق التعليم والتعلم : 


كنت أنظر بعين الأسف إلى كثير من الصنائع التي كانت في البلاد ويتعيش منها 

قسم عظيم من الناس » آمل شأها واندثرت » والورش التي أنشأها محمد علي باشا 
بأموال البلاد تخربت » وكنت أتمنى أن تحيي الصناعة » خصوصاً ما تحتاج إليه الزراعة » 
Stee en gras Sl aa‏ الجديدة كالآلات البخارية وغيرها » 
وكنت أرجو أن بهتم الحاكمون ذا الأمر » وسهل عليهم ذلك . 

كنت اب أذ تك بلسي حرة ستل ae‏ حت تنو ع لا غت 
تصرف هوی نفسه وأهواء حاشيته » وأن بكرن قادرا غلل تحفظ القانون + وعبا أرعيية 
شأن كل حاكم يحب الخير لنفسه وبلاده ويطلب بقاء الذكر بالآثار الثابتة لا بالالفاظ 
السيالة المنقضية بمجرد النطق » وكنت التمس الوصول إلى هذه الغاية أيضاً بالتدابير 
والطرق السياسية . 

هذه أفكاري وقواعد أعمالي وأقوالي » وكان يوافقني عليها كثير من الناس » ومنهم 
بعض الأمراء القائمين في الحكومة الآن بأهم الوظائف . وكان ينطق بموافقتها الجمهور 
الأعظم من أهالي البلاد . ثم تحرك إليها بالفعل أعيان البلاد وتبعهم عامتها » فكان 
الكل متحدين في المقاصد » ولكن يوجد بينم بعض اختلاف في الوسائل » فمنهم من 
كان يفضل طرق الحكمة وسبل السياسة » ومنهم من كانت تحمله الحدة على نيل المقصد 
في أقرب وقت » فحالتي كانت بينهم : الإتفاق في المقاصد السابقة إذ لا يصح لمحب 
وطنه أن يخالف في شيء منها وإلا كان غبر مصري . 


LY‏ عندما كانوا يتفقون في الوسيلة » حاكمهم ومحكومهم ٠‏ ويسيرون جميعاً إلى 
الحق لينالوه » كنت أول من يتقدم في الطريق » وإذا افترقوا في المقاصد وصار البعض 
يفضل الظلم على العدل أو الجهل على المعرفة أو العبودية على الحرية كنت في الجانب 
الذي يوافق مقاصدي السابقة » وتركت الجاهل في جهله › وإذا افترق أرباب المقاصد 
3 الوسيلة إليها » وصار البعض يفضل المخاطرة على مراعاة الحكمة » كنت في جانب 
الحكاء » وتركت المخاطر وشأنه . 


“4¥ 





وإن الذي أعلمه بعد انعقاد مجلس النواب المصري أن حاكم البلاد وحكومتها 
ونوامها وضباط عساكرها كانوا يطلبون هذه المقاصد الحقة » ولم يزل الجمهور الأعظم من 
الأهالي والنواب والعسكرية على ذلك إلى أن انتهى OA‏ ولم يكن الإختلاف إلا في 
الوسائل فقط . فالحزب الوطني موجود حقا » والإحساس بالام الإحتلال وتكدر 
النفوس من قسوة الحكام أو من تفوق الأجانب أمر محقق لا ريب فيه » وشوق العموم 
إلى أن تكون لهم حكومة حرة عادلة » وطلبهم لذلك مما لا يشك فيه أحد . 

غير أني وبعض الناس كنا نعلم ما يترتب على استعمال القوة والاستناد عليها في 
القول والطلب من المصائب التي تعيق عن المقصد المحمود , مع أننا جميعاً نطلب 
الوصول إليه » وكنا نود دوام اتفاق الكلمة من الحاكم والحكومة والأهالي في الثورة وقطع 
الثعبان بالسير العقلى والتدبير السيابى » لكن الحكمة الإلحية قضت JOEL‏ الأفكار على 
حسب اختلاف الأشخاص » وغلب رأي الجمهور الأعظم من الأهالي والحكام فوصلت 
الحالة إلى ما وصلت إليه . واللّه أعلم . 

ae ais ae 

إكنت أحب أن لا يكون للدول ولوكلائهم تداخل في إدارة البلاد أكثر مما 
جرت إليه الحوادث المالية السابقة» ولهذا عندما قدم القنصلان بلاغهم إلى الخديو ونظاره 
كنت أختار أن الخديو يرد تلك اللائحة على القنصلين » ثم يعزل النظار أو يكلفهم 
بالإستعفاء » ويستعمل في ذلك العزية التي استعملها بعينها عند قبول استعفائهم » 
ويجري بعد ذلك جميع إجراءاته التي صدرت منه فيم بعد الإستعفاء » من أخحذ 
العسكرية تحت قيادته ونحو ذلك)29 . 


. حاشية أضافها الأستاذ الإمام بعد أن ختم الرسالة‎ )١( 
. (؟) هذه الرسالة هي الوثيقة رقم 5 في أوراق «برودي»‎ 


TEA 





رأيت في جريدة (الوقائع المصرية) » وهي جريدة الحكومة الرسمية » جملة معنونة 
ب «انجلاء الفتنة» » ذكر فيها أن الخديو » لبه في خير بلاده» اتخذ الوسائل المقربة 
للإصلاح » ودفع ضرر هله الفتنة العسكرية وإسكاتها في أقرب وقت . ثم رأيت فيها 
oe ee ae tal‏ باشا عشرة آلاف 
جنيه مكافأة له على مقاومته للعصاة في ave‏ طلباتهم 0 يت فيها جملا متعددة في 
مدح سلطان باشا ووصفه بأنه من عظاء رجال العالم لما أتى به من الأعمال الجحليلة . 


فأخذني العجب وغلب علي الضحك من هذه الأقوال والأعمال التي هي أقرب 
للسخرية والمزاح من الجحد » وراجعت تاريخ الحركات والإنقلابات لعلى أجد فيها رائحة 
لما نوهت به تلك الجمل والأوامر» فرأيت أن الخديو هو الذي جهل طبيعة الفتدة في 
مباديها وهي شرارة تنطفىء بأضعف نفس 2١‏ ولم يتخذ لها طريقة لإزالتها قبل Of‏ تصير 
ise‏ » (وكان يعاكس تدبير ناظر داخلیته في إطفائها) وامتنع من تحقيق شكوىٍ الضباط › 
ثم أصدر أمره بحبسهم وتجريدهم من سيوفهم بدون تحقيق » ثم كان OS ou Sale‏ 
we GV‏ المقيم تحت سرايته » أو «dns hate Gls‏ فكانت عساكره أول من توجه 
لتخليص الميرالايات من الحبس » ثم هو الذي أهمل في تحقيق قضيتهم » وأصدر عفواً 
عنهم , وتحالف معهم » كما يفعل مشايخ قبائل العربان بعضهم مع بعض » ثم هر 
الذي كان يخيفهم بدسائسه التي كان يستعملها لقتلهم من جهة » ثم يجذرهم من وزارة 
رياض باشا من جهة . حتى أوجب قيام جمعهم في حادثة عابدين » ولم يوجد تحت أمره 


44 





ولا عسكري » ثم لم يتخذ بعد ذلك أدنى تدبير يعتد به العقلاء ء سوى أنه بعدما أعطى 
السلطة التامة بأوامره الرسمية لرؤساء العصبة وجعلهم UI‏ قانونيين قال للقناصل : 
إن حياتي وحياة الأوروباويين على خطر . وبرهن بهذا على نمام عجزه وضعفه » وكان 
كلامه هذا موجباً لجلب مراكب الدولتين » وهو أوجب تبييج الأفكار الذي نشأت عنه 
حادثة ١١‏ يونيو المفزعة2 . ثم هو الذي أصدر أمره بلزوم الحرب إذا ضربت 
المراكب » ثم هو الذي ترك جميع بلاده وحكومته ودخل تحت حماية اليش الذي أمر 
بمحاربته » وهو الذي ناقض أوامر نفسه بنفسه » ففي بعضها قال : لا حرب بيئنا وبين 
الإنكليز . وفي الآحر قال ؛ إنني أمرت بالمقاومة » ورئيس الجيش تأخر » وهو الذي 
ببذه التصرفات أوجب تعطيل الأشغال وتبديد الأموال وقتل الرجال » ودخل البلاد 
بعساكر أجنبية » نفقاتها على مالية البلاد » ومدد إقامتها » ولا يدري ماذا تكون النتيجة 
في حالة البلد السياسية والمالية . 
فإن كانت هذه هي الوسائل المقربة للإصلاح فعلى إمبراطور روسيا أن يتغافل عن 

حرکات Opell‏ حتى تقوى شوكتهم ثم يسلمهم زمام البلاد بأوامر رسمية » ثم 
يعاكس سيرهم » فإذا ضعف عن مقاومتهم وحدث خلل من المنازعة بينه وبينهم في 
عموم البلد. يذهب إلى حدود ألانيا فيحدث اضطراب على الحدود يضطر ألمانيا 
Cee Mala!‏ ويفتح 0 وبعد يومين ينضم إلى الجيش الألماني ويدحل 
Le ai od‏ لعساكر روسيا حتى يقبض على رؤسائهم في بطرسبورج » اقتداء بهذه 
السياسة الحليلة التي اتخذها الجناب الخديوي توفيق الأول في إطفاء الفتنة ببلاده 
المصرية !! وعلى سائر ملوك الدنيا أن يسلكوا هذه الطريقة المفيدة إذا حدثت اضطرابات 
في بلادهم أولى من طول المدة وتعب الفكر في التدابير السياسية أو الإدارية السلمية . 


أما سلطان باشا فهو الذي كان يجتمع عنده الضباط سراً قبل حادثة عابدين » 


)١(‏ هي الفتئة الي حدئت بين الوطنيين والأجانب بالاسكندرية في ١١‏ يونيو سنة 1887 م بتدبير من 
الخدير وأعوانه كي تتخل ذريعة لتدخل قوات الاحتلال . وتفاصيلها في كتابات الأستاذ الإمام 
بالجرء الأول من هذه الأعيال . 

(۲) هم العدميون والفوضويون . وهم الذين كانوا يطلبون تحرير الفرد من كل سلطة بصرف النظر 
عن نوع هذه السلطة » ومن ثم كانوا يدعول ن إلى إلغاء «الدولة» باعتبارها أ كبر كير أعداء الفرد 
وسيب الشرور الإنسانية . 


0 





وللتدبر في طريقة لعزل رياض باشا » وكان يتكلم في المجالس بأفكارهم . ويقول 
بلسان طلق : إن مصر يمكنها أن تعد ثلاثيائة ألف عسكري تحت السلاح . وتجادل في 
ذلك مع بعض وزراء وزارة رياض » وكان يساعد أفكار الضباط بكل قوة » وهو الذي 
دعا بعض الأمراء إليه ليتحد معه في طلب تشكيل مجلس نواب من الخديو على حسب 
رغبة الضباط له > وهم ١‏ يوافقوه على هذاء وهو الذي بعد حادثة عابدين ‏ جمع 
العمد والوجوه والعلماء وساعد الضباط على جميع طلباتهم » وكان عرابي ورفقاؤه لا 
ينقطعون من بيته لا ليلا ولا هارا » والولائم مستمرة في بيته لحم » كا أنه كان لا ينقطع 
من بيوتهم » وكلما ارئقى أحد منهم إلى منصب أو رتبة كان أول مهنىء له . ثم كان في 
مجلس النواب ييل مع فكار المتهورين منهم » كا بعلم من الإطلاع على محاضر ذلك 
الملجلس » ثم هو الذي بسبب تردده في طلب عقد مجلس النواب بأمر من الخديو للنظر 
في الخلاف بين الخديو وبين النظار أوجب الحالة الرديئة والفوضوية التى نشأت من هذا 
الخلاف , ثم لما نسب إليه القنصلان أنه رأى استعفاء الوزارة ونفى بعض رؤساء 
العسكرية أنكر ذلك رسمياً » وسمعته ينكره مراراً على ملأ العامة والخاصة » وهو الذي 
جمع نوابه بعد استعفاء نظارة محمود سامي في بيته وطلب عرابي ليكلفوه ببحفظ الأمنية › 
وهو الذي اجتهد في عودة عرابي لنظارة الجهادية حسب رغبة الضباط وغيرهم » وجمع 
الوجوه والأعيان والنواب في بيته وكلفهم بطلب ذلك من الخديو . 

lel ole‏ سلطان باشا كلها موافقة لرغبة الذين يقال لحم عصاة » ثم بعد هذا 
توجه لبلده في الأرياف » ثم طلبه الخديو إلى الأسكندرية فأقام معه بها 6 كما أقام شريف 
باشا وسليمان باشا أباظة وراغب باشا وغيرهم » فالعمل الجليل الذي أتى به هذا الرجل 
ell‏ الحازم الغيور هو ركوبه في السكة الحديد بدرجة «بريمو» من المنيا للإسكندرية 
وإقامته بجوار الخديو مدة الحرب ليسليه على أحزانه الى جلبها على نفسه بسوابقه !! 
dyed Vf agle ody Y foal lela d| th! Gy‏ الرسال ¢ ضر وملا ار ان 
كان بطلب الخديو نفسه , لا من تلقاء إرادة سلطان باشا ء ee Vy‏ أنه لم يكن ممتازاً به 
بل كان معه غيره ؟! . 

GIT bho age Goats LOL عملا اح من هذا لسسادة شلطان‎ oS OV 
بعد شهر أو شهرين » وهذا العمل سينتج من‎ alll جنيه أخرى « يصدر بها الأمر إن شاء‎ 
. سير الوادت السابقة وتتافجها‎ 


"6١ 





إن الخديو الذي لم يخطر بباله في وقت من الأوقات أن يتفكر في مصلحة بلاده , 
Lely‏ كان غاية همه .أن يكون مطلق التصرف » ولشخصه أوامر يصدرها بدون واسطة › 
نظاراً ومأمورين » ويعرف بين الأهالي بتلك السطوة التي كانت لوالده » وكان يحب 
لذلك أن ينفى ويقتل بدون تحقيق » كما وقع منه مراراً » ويستعمل الأهالي في أر 
سخرة بالإتفاق مع المديرين , لما رأى نفسه مقيدأ بالوزارات » وتحولت السلطة من يده 
إلى القانون » ولم يكن لوالدته ولا زوجته ولا لحاشيته ذلك البطش الذي كان هؤلاء مدة 
لفطل Ol slag get ad dyad Us! Gola ald GLY, all Slap‏ 
حكومة مصر لا تكون آمنة من الإضطراب إلا إذا أطلق فيها التصرف للخديو JZ dy.‏ 
مساعداً له على ذلك بالطرق الخداعية أعظم من سلطان باشا الذي لديه ظاهرة وعمل 
معروف في كل انقلاب » ولا انتهث الإنقلابات بالحرب, وانتهت الحرب بأن الخديو له 
SS‏ وأطلق له التصرف في هذا » وامتلأت 
الحبوس من أعيان البلاد » وفي أمنيته منيته أن يقتل بعضهم وينفي بعضهمٍ > کان فی هذا 
و onal ayy de Al ge‏ ر poets [ply Ue lids‏ 
هذا جم الخفير من الناس » باسمه لا باسم النظار » وذلك كان بسعي سلطان باشاء 
ومبذا ب يستحق المكافأة بعشرة آلاف جنيه من مال البلاد » والتي تخربت بسعيه ! ويا ليتها 
كانت أديت له قبل حلول دولة انكلترا العادلة مهذه البلاد ! . 

AU abe dey Slat abl eld of,‏ تاها غد الد فة م بالا واه 
الدولة الإنكليزية » كا كان سابقاً مقيداً بالنظارة والمراقبة الفرنساوية الإنكليزية , 
يستعمل سعادة سلطان باشا في فتنة أخرى ؛ تحدث انقلاباً آخر » ويكون منشأها عربان 
الصعيد وأهاليه الخشنين الذين كانوا ولم يزالوا يذعنون لنفوذ سلطان باشا ويتحركون 
بإرادته (ولهم سوابق في العصيان مراراً وإقدام في المحاربات0©) خصوصاً بعدما رأوا 
نفوذه في هذه الأيام » SS‏ ناثباً عن 
الحديو إلى هذا الوقت » ولا يستطيع أحد منهم أن يرفع شكواه خوفاً من أن يبلك مع 
اهالكين . 

فلتتنبه دولة انكلترا لسير هذه الحوادث بغاية الدقة حتى لا ترى لها مشكال جديداً 





() في الامش الأيمن للرسالة أضاف الأستاذ الإمام العبارة الموضوعة بين القوسين . 


"oY 





في مصر يحدثه الخديو وسلطان باشا اللذان لا يباليان بعهب الأموال ولا سفك الدماء ولا 
خراب البلاد » وما داما متمتعين بالنفوذ الوحشى في أهاليها » خصوصاً وقد ذاق سلطان 
باشا لدة دخوله في الإنقلابات ومساعدته على إشعال نيران الفتن ثم تخلصه منها بإنضمام 
حفيف للخديو حيث نال المكافآات الوافرة على ذلك في هذا الدور الذي أراه أحق 
الأدوار الآتية إن بقي الخديو وسلطانه في البلاد(؟» . 


)٤(‏ وتلك هي الوثيقة € في أوراق برودلي . والمحفوظ في آوراق برودلي هو صورتها الزنكوغرافية 
بخط الأستاذ الإمام » ومسطرة ورقها ٠١,٠١‏ سم × ۳٤,۵‏ سم ' 


soy" 


Converted by Tiff Combine 








الخديو يسلم أرض الوطن 


إذا كان الخديو أمر عرابي بتقوية العسكر الموجودة في طوابي «العجمي» و«المكس») 
و«الدحيلة» بناء على قرار المجلس المنعقد تحت رياسته من منع تسليم أي قطعة أرض إلا 
بعد ورود الأوامر السلطانية » وعرابي لم يمتثل وتقهقر بالعساكر إلى كفر الدوار » فيسئل 
الخديو: هل كان دخوله في أرض الحرب المشغولة بعساكر محاربة لأنها خرجت إلى البر 
بدون إذن السلطان وبدون إذن الخديوى) هو منطوق كلامه » كان باستئذان السلطان ؟ 
of‏ كان باستثذانه فليبرز الأمر الصادر له في ذلك التاريخ » مع أنه لو كان صدر له إذن 
بذلك ما كان يتأخر عن ذكره في منشوره العمومي , وإن لم يكن باستثذانه » فكيف أنه 
بعدما شغلت العساكر المحاربة الأرض » التي منع تسليمها إلا بأمر سلطاني » يتوجه 
بنفسه إليها بدون حرس ميمه » بحيث يقاوم العساكر المحاربة ويدفعها عن الأرض › 
ثم يدعي بعد ذلك أنه باق على حكمه في البلاد ؟ مع أن من شرط حاكم البلاد أن 
تكون له قوة تحمي سلطته » من نفس بلاده التي هو حاكم فيها ؟! . 


فا کان من اا عليه أن يطلب Gol‏ وهو في جيشه » وبعل ذلك pa‏ 
الطرق في إطفاء الحرائق أو إبطال الحرب بالكلية ؟ وكان يمكنه ذلك وهو في سراي 


إذا كان الخديو يريد الحرب رأساً » كما يظهر من بعض دعواه . فكان من 
الواجب عليه أن يخالف رأي المجلس الذي انعقد تحت رياسته أولا » فيخلي نفسه من 


100 





المسؤولية » ثم كان يخالف رأي المجلس الثاني tal‏ ی ی 
الطوابي وغيرها في) بعد . 

يا عجباً إذا كان مقتضى أمره أن لا تسلم قطعة أرض مطلقاً إلا بأمر سلطاني » 
فكيف انحاز إلى الجيش المحارب وسلم في تبوته أي قطعة أرضية ليتخذ معسكره فيها 
oh‏ جهة كانت وصدرت أوامره للأميرال أن يتخذ أي نقطة في السواحل وفي القتال 
تكون مركزاً حربياً له » وسمح لهذا الجيش أن يدخل في الأراضي المصرية » هل كان 


ذلك بأوامر السلطان.؟! . 
إذا كان أهالي البلاد يعلمون أن مجلس النظار والخديو. وهم في حريتهم . لم 
پسمحوا تسليم قطعة من الأرض إلا بأمر السلطان . وأن عرابي تقهقر لكفر الدوار , 


أفلا يرون من الواجب عليهم اتباعاً لهذا الأمر أن يدفعوا igh Slane‏ دولة عن بقية البقاع 
المصرية التي هي غير ثغر سكندرية حتى ترد لهم أوامر سلطاني' ؟! وهل يصح لعرابي 
وغيره في هذه الحالة بعدما صار الخديو ونظاره تحت الحرس الإنكليزي أن يصرفوا 
العساكر ويتركوا الأبواب منفتحة يدخلها أي عسكر كان » وتحل العساكر المحاربة أي 
بقعة كانت » سوى التي امتنع الخديو من تسليمها إلا بأمر سلطاني ؟ 

لا شك أن ما فعله عرابي وأهالي البلاد كان مدافعة حقيقية عن شريعة البلاد » 
وعلى قاعدة اعتبرها الخديو نفسه وأقرها » وهو في حريته » وبعد انحيازه لدار الحرب لم 
يقف الأهالي على حقيقة سره » وهل مجبور هو أم تار فيا يقول ويفعل ؟ ومن القواعد 
الشرعية المسلمة أنه لا يجوز ترك اليقين بالمشكوك . 
bile ols (Lil (abl joey‏ سكندرية في واقعة ١١‏ يونيو. وكان هو المسئول 
bs 32 8‏ واي lee‏ ا صب رك ا ل 
واحدة » مع وجوب حبسه واستنطاقه قبل كل أحد » لأنه الذي أهمل في تدارك الواقع 
حتى حصل فيها ما حصل » ولأي شيء كوفيء على هذا الإهمال بتعينه bb‏ جهادية 
وبحرية » ثم يحبس «السيد قنديل» الذي كان مريضاً في ذلك الوم » ويتهم فيها 
أشخاص ربما لم يكن لهم بها علم أصلا ؟! . 

في ثان يوم الواقعة كان مستخدموا المعية جميعهم في غاية الفرح والمسرة » 
ويبالغون في فظائع الحادثة أكثر من الأوروباويين أنفسهم » ويسخرون بتكفل عرابي 


5م" 





بالأمن العمومي . يعلم من هذا أن حقيقة الأمر أن الخديو أوعز إلى عمر لطفي أن يوقد 
هذه الفتنة » ليكون ذلك وسيلة إلى خدش تعهد عرابي » وتوجيه اللوم عليه وعلى 
العساكر بما أنه كان ناظر جهادية ومتكفلا بالأمن العمومي . ولولا أن للخديو دخل في 
هذه المسألة ما كان يثرك «عمر لطفى») بدون مسئولية وما كان يبادر بتعيينه ناظر جهادية 
ليكون ذلك وقاية له من المسئولية التي را تكشف الحقيفة٠‏ . 


)١(‏ وتلك هي الوثيقة ۲۲١‏ في أوراق برودلي » وهي صورة زنكوغرافية لمخطوطة الأستاذ الإمام » أما 
مسطرة ورقتها فهي ۲٤,۵ × pw ٠١6‏ سم . 


ov 


Converted by Tiff Combine 








قسم تنظيم العروة الوثقى(٠‏ 


أقسم ali‏ العالم بالكلي والجزئي » وال حلي والخفي » oa eu‏ 
كسبت » الآخذ لكل جارحة بما اجترحت » لأحكمن كتاب الله تعالى في أعمالي 
وأحلاقي بلا تأويل ولا تضليل . 

ولأجيبن داعيه فيا دعا إليه ولا أتقاعد عن تلبيته في أمر ولا في نبي » ولأدعون 
agile 6 8 pail‏ عا ما دمتعي انا ا ييا مالالا ولد 

أقسم بالل مالك روحي ومالي » القابض على ناصيتي » المصرف لإحساسي 
ووجداني » الناصر لمن نصره » الخاذل لمن خذله , لأبذلن ما في وسعي لإحياء الأخوة 
الإسلامية » ولأنزلنها منزلة الأبوة والبئوة الصحيحتين , ولأعرفتها كذلك لكل من ارتبط 
برابطة العروة الوثقى وانتظم في عقد من عقودها , ولأراعينها في غيرهم من المسلمين , 
إلا أن يصدر عن أحد ما يضر بشوكة الإسلام » فإني أبذل جهدي في إبطال عمله المضر 
بالدين » وآخذ على نفسي في أثره مثل ما آخذ عليها في المدافعة عن شخمي . 

أقسم بهيبة الله وجبروته الأعلى أن لا دم إلا ما قدمه الدين » ولا أؤخر إلا ما 
idly Lad peut Vy o gpl 7‏ أتوهم فيها ضرراً يعود على الدين جزئياً كان أو 
كليا » وأن لا أخالف أهل العقد الذين ارتبطت معهم بهذا اليمين في شيء يتفق رأي 





)١(‏ هذا القسم من النصوص النادرة التي بقيت لنا من الوثائق Le‏ الداخلية لهذا التنظيم الذي 
رأسه حال الدين الأفغاني وعمل الأستاذ الإمام فيه نائبا للرئيس 


1۹ 





أكثرهم عليه » وعلي عهد اللّهِ وميثاقه أن أطلب الوسائل لتقوية الإسلام والمسلمين عقلاً 

وقدرة بكل وجه أعرفه , وما جهلته أطلب علمه من العارفين , لا أدع وسيلة حتى 

أحيط بها بقدر ما يسعه إمكاني الوجودي . وأسأل اللّه نجاح العمل » وتقريب الأمل. 
وتأييد القائم بأمره » والناشر لواء دينه » آمين . 

النائب 

محمد عبده 


جريدة العروة الوثفى9) 


إن الأفكار في (العروة الوثقى) كلها للسيد”” » ليس لي منها فكرة واحدة » 
والعبارة كلها لي » ليس للسيد منها كلمة واحدة . 


السياسية9؟) 


السياسة : حفظ الثيء بما يحوطه من غيره » فسياسة الرعية حفظ نظامها بقوة 
الرأي Joi,‏ بالتدود : 





(؟) هذه العبارة سمعها الأمير شكيب أرسلان من الأستاذ الإمام » ورواها للشيخ رشيد رضا . 
(۳) جمال الدين الأفغاني . 
(5) من تعليقات الأستاذ الإمام في (ميج البلاغة) . انظر ص YAO‏ 


1 





لائحة العقد الرابع 
من عقود تنظيم جمعية العروة الوثقى) 


لهام الفكرية والسياسية والتنظيمية 

(1) ينعقد بثلائة يقسمون اليمين المعهود . 

؟) مذاكرة المجتمعين عن الإلتثام المعتاد تكون في أمور : التذكبر بآيات الله - 
النظر في حالة الإسلام عند بدئه وما كان عليه النبي وخلفاؤه Ohi‏ البحث في 
السبب الذي امتدت به سطوة الإسلام Sr‏ صال على يح الأديان وكاد يبتلعها dg‏ زمن 
قصير ‏ كيف انقلب الخال وآل إلى ما نراه ؟ . 
أن يطلبها ف غيره ¢ O ylang‏ بين حاله وحال السلف بوجه الدقة والإنصاف ‘ 





(0) المواد الثلاثون الواردة هنا تشخذ أهمية خاصة » لأنها تكاد أن تكون النص الوحيد الذي عرف 
وبقي لنا من القوانين التي كانت تحكم عمل جمعية العروة الوثقى من حيث التنظيم والعمل 
الداخحلي . ولقد كانت رئاسة dott‏ تسمى (العروة الوثقى) » وتحتها مستويات تنظيمية » 
يطلق على كل مستوى منبها اسم «العقد» » وما هنا بعض من أصول «العقد الرابع) كتبها الأستاذ 
الإمام بصفته نائب رئيس الجمعية ‏ مال الدين الأفغاني ‏ الذي كان العقل المدبر لهذا العمل 
الكبير . ولقد وضعنا لهذه اللائحة العناوين الفرعية التي تحدد وتقسم أغراض موادها . 

(1) إشارة إلى أن التجربة التي تستلهم ويقاس عليها هي تلك التي انتهت بانتهاء عهد الخلفاء 
الراشدين . 


۱ 





(4) مدارسةأحكام الجهاد ‘ وحقوق المسلم » وما هو مكلف به في معاملة غيره 2 
وما يفرض عليه إذا زحف الأعداء الخنضد95» شوكة الإسلام : 


(ه) النظر في حال المسلمين لهذا الوقت أخذاً من أقوالهم وأعمالهم للوقوف على 

(5) كتب كل فكر وتدوينه مفصال ثم جملا مع ما تستقر عليه الآراء . 

)¥( العمل 3 الدواء بالقول (وفيه الكتاب والتاليف) > وبذل الال ف مساعدة 
من يقوم بنصر الدين » وحمل السلاح للمقاتلة بين يديه عند المكنة . 

(۸) كل واحد من أهل العقد مكلف بالعمل » وإعداد أسبابه » وما لا يتم إلا 
به » Beds‏ الناس إلى عقذه والإرتباط به ٠‏ مع الإحتراس التام من كل ما يفيد أن 
هناك عقداً . والثقة بمريد الإنضام إنما تتحقق عند إتفاق آراء أهل العقد عليها . 


(۹) يكون معظم الإهتمام بضم الصالحين للأمر من ذوي المكانة على اختلاف 
طبقاتهم من علماء » وأمراء ورؤساء عشائر وغيرهم . وفريضة كل مم أن يعمل 
للوسلام فيا خوله اللّه . 


)٠١(‏ في كل حالة يراعى تمكين الفكر وتأسيس الإرتباط .» حتى يكون عند كل 
واحد أن مصلحة الكل بمنزلة مصلحة الشخص أو أعلى » ولا يقبل قول من قائل حتى 
Aylin af ob oy vast ae Oy‏ العمل بذل المال والروح » والأول أقرب 
الدليلين . 


Shy » على أهل العقد أن يرسلوا رسلا إلى نواحي الوطن الحالين به‎ )١١( 
. المواطن المستعدة من غيره » متى أمكنهم ذلك‎ 

)١9(‏ لا يكون التتخض رسولة حق: بكون سين العقد ملكة رالسيكة كيه + ويكوق 
على قدرة كاملة في تصريف القول 2 وتوفيق النصح مع طباع المنصوحين وحالة السلطة 


العارضة عليهم » ٠‏ فيكون حكياً في عمله لا يحتاج لوصية من غيره . ولا لقيم يلاحظ 
عمله . 





(۷) آي کسرها . 


1Y 





(18) يسمح للعقد أن يبعث رتملا من الخارجين عنه على أنهم وعاظ يعلمون 
المعروف من الدين ويؤيدون مناطيق القرآن » وعلى العقد أن يرسم لهم طريق النصيحة 
بدون أن يعرفوا أن هناك عقداً . 

)١4(‏ على الرسول إن كان من أهل العقد أن يكاشف عقده با يجس به من 
إنفعالات الناس » وما يأخذ قوله من قلوب السامعين لدعوته » وما أثر تعليم الوعاظ 
المبعوثين من طرف العقد ؟ . 

(15) من استحق بإستعداده الدخول في العقد فعليه أن يقدم ونا غالبا als alat‏ 
فرنك وأوسطه مائتان وأكثره ثلانائة . ولا يستثنى من ذلك إلا عالم أو معتقد عند الناس 
لا يستطيع أداء على شريطة أن يبذل العام وسعه في تبيين الحق وبثه » والعتقد جهده في 
حمل معتقديه على العمل في مقاصد العقد » فإن استطاع هذان الصنفان تأدية النقد فهم 


أولى الناس بها . 
(15) يجتمع أهل العقد في كل أسبوع مرتين للمذاكرة فيهما سبق بيانه في الفصل 
الأول وما بعده . 
ae aie ak‏ 
النظام المالي للعقد 


PP ey)‏ أن يؤدي في آخر كل جلسة مقداراً من النقد على 
حسب استطاعته قليلاً أو كثيراً » يدور على الحاضرين من ah ee‏ 
له فوهة ضيقة يضع فيها كل واحد ما تيسر خفية حتى لا يعلم من أدى أقل ومن أدى 
asi‏ « لا يستثنى من ذلك cdot‏ ويسمى هذا الصندوق «(صندوق «eel‏ 

)١(‏ يحفظ النقد المجتمع من الرسوم الوبتدائية والتبرع عند من ينتخبه العقد 
أميناً . 

(19) يودع في ظرف تكتب عليه هذه العبارة : هذا مال حق التصرف فيه «لعقد 
الإحلاص» تحت رئاسة فلان (يذكر اسم الرئيس) . 

)2 يستعمل هذا امال في النفقة على حل الإجتماع ولوازمه 3 Bs‏ سبيل نشر 


TY 





OPAL‏ . وإرسال الداعين إلى الحق . وفي et COED ce pall BE]‏ منهم 
فائدة لمقصد الجمعية ,2 وما يفضل عن ذلك فالنظر فيه للجمعية العليا (حمعية العروة 
الوثقى) إما مباشرة أو على يد أحد نواءها . 

)7١(‏ يكون للعقد أربعة دفاتر : (أحدها) pad‏ أسماء رجاله (ثانيها) لأسماء 

(۲۲) إذا توفر في الصندوق مبلغ من النقد وافر » وأمكن تنميته على وجه شرعي 
مأمون المسارة » فعلى أهل العقد أن يدبروا yal‏ نموه . 

(۲۳) على القائم بضبط الحساب في الإيراد والصرف أن ينبج الطريقة المعهودة في 
مركز العقد . أن يضعوا لها حسب المعروف في بلادهم . 

)١5(‏ لا يصرف شيء إلا بقرار من أهل العقد . يتفق عليه جميعهم أو أ 
الفرصة بفرات الوقت › واحتيج إل نفقة تقتضي زيادة عن الموجود › وجب على أهل 
العقد أن بيذلوا ما في وسعهم لثماء العمل . 

a ae ak 
: أحكام عامة‎ 
ا" وأهله‎ ee ومذاكراتهم‎ 
. إلا لمن حصلت الثقة بحاله عند رجال العقّد‎ 

(10) على رجال العقد أن يحمي بعضهم بعضاً , وبعين كل منهم باقيهم بقدر 
الإستطاعة . 
اة ن ال الي لا يعادمتها ل 

ak ok & 


(۸) أي أهداف التنظيم ودعوته . 
(9) في الأصل : مما , 





(9؟) إذا رأى أهل العقد أن يزيدوا شيئاً فيها وصلهم من قانون الجمعية حسب 
حالة بلادهم فعليهم مخابرة من يتولى مواصلتهم في| يريدون . 
og lal (+)‏ الداخلي للإجتاع يضعه أهل العقد . 


110 


Converted by Tiff Combine 








رسائل سياسية 


31 

لوندرا('» في 71 يوليو سنة 1١885‏ م - ۲۸ رمضان سنة ١7١١١‏ ها. 

سيدي الأمير الأخطير » سعادتلوا أفندم » حضر تلري . . 

السلام على نفسك الزاكية » وهمتك العالية » وأفكارك السامية » إنني عهدت 
فيك ما لا أتوسمه في سواك , لهذا وجهت إليك روحي في هذه الأسطرء تندب 
همتك » لا هو من أحكام ذمتك > لا أنبئك جا فرض الدين » ففي علمك به أصدق 
الأنباء » ولا أنبهك لما غفلت عنه عين سواك Vy oe ye As el Gb‏ 
ال E GE‏ ير 
ولا أذكرك با نسي غبرك » ففي شهامتك أ: نفع الذكرى . 

ساق اليقين oye dele‏ المسلمين إلى السعي في خير هذه الملة المغلوبة » واعتصموا 
باللّه » وليس على الله بعزيز أن ينجح سعيهم . يسعون في إرجاع الوحدة الملية » وتئبيه 
الحاسة الدينية » ليمكن للملة أن تتقي الضيم » وتخلص من الذل » وهم في هذا 
السعي طرق عديدة » منها ماندبونا إليه » وقد علمت خبره ‏ وللّه الحمد على ظهور 
ثمرته في أقطار كثيرة ‏ أفلا ترى من الواجب أن يكون لهمتك نفحة في مساعدتهم 
وتعضيدهم في سعيهم . أنت تعلم أن الأعبال العطيمة في هذا الزمان » وفي كل زمان » 





05 رسالة سياسية » يدعوه فيها الأستاذ اللإمام للونضمام لجمعية (العروة الوثقى) . 


11۷ 





إلى التضافر في الأفكار والتعاون في النفقات » كل با يقدره ا ولست 
أخحشى أن أقول لك أنك سيد القادرين على الأمرين » لا يخطر على بالي أن يمنعك من 
لد حر ساس يكن MES E‏ 
وقرأت التاريخ › وشهدت مساعي الأوروبيين » ووقفت على حقيقة لا يكابر فيها 
أحل .. أن الكثير من القليل » والكبير من الصغير » وآن النجاح مقرون بالأمل 
والثبات في العمل » فإن ل يكن يقيننا aby‏ كافياً في حياة آمالنا » e‏ 
شئون ل ل ل ل ل 
لا يحفرون عملا » ولا يقطعون Sul‏ ولا يأخذ أحدهم رهبة في إداء le‏ 
أو وطله . 


SS 

بعدما رأيت ما نزل بها » واستطلعت ما سيطرأ علي عليها » واللّه لا يضيع celal of‏ © 

إنني اليوم في «لندرا» دُعيت إليها مراراً فتمنعت » وبعد الإلحاح أتيت . والمأمول أن 
يكون في الأمر خير . 

الرجل الذي نالت مصر في عهده ما OF OW Ss WE‏ يعود Lge‏ ؛ ولا أظن 

أن هذا يوافق مصلحة مصر » وأحب ب أن أقف على رأيكم فيه . فإن جزءاً من عملي في 

«لوندرا» متعلق بالسؤال عنه » والمخابرة تكون بالعنوان الآتي إلى باريس » ومنها يصل 

إل » rR Maw cow‏ أزكى السلام وسلامي عليكم وعلى من تحبون all,‏ 


() الإشارة إلى الخديو إسماعيل » وكان في المنفى بعد عزله قبل الاحتلال الإنجليزي لمصر . 
(”) حمال الأفغان . 


53 





500 


gall ULE‏ على فراقك » ولم يجر القلم بمراسلتك » حتى شل مكان للظنة 
ومثار للريب . aired,‏ الل > لي من شهائلك روح بروحي ومن همتك قلب بقلبي ١‏ 
فلست أنساك حتى أكون معزل عن نفسي » ولكن حولتني مهمات الشرق عن الغرب Le‏ 
رآه المولى tell‏ من فرصة العمل في هذه الحوادث المتتالية » فخليته عونا لنا حيث 
هو وتحولت إلى مقربة من معاقد العروة ومكامن القوة . فكانت المدة من يوم فراقك 
متبددة في أسفار متلاشية في هواجس أخطار » واليوم أكتب إليك من وراء ستار » فلا 
gle‏ من «MSI‏ 2 أن يرد إلي من قلمكم ما يرجوه القلب من ودكم , 
وسيدي السيد يهديكم أ تم التحية» والوسيلة تصل إليكم » وسلام الله عليكم وعل 
كل مغلص واللّه يحفظكم . 


ON NOY dew ١ لاج‎ 


)٤(‏ كتب هذه الرسالة من منفاه بباريس إلى (ش. ي.) وهي مرسلة من الأستاذ الإمام بصفته أحد 
قادة جمعية (العروة الوثقى) » وإلى ش. ي . باعتباره عضوا في الجمعية . 

(5) السيد جمال الدين الأفغاني . 

(5) إشارة رمزية إلى وصول مجلة (العروة الوثقى) لسان الجمعية إلى العضو؟! 

(0) ؟7 فبراير سنة 1880 م . 


114۹ 





5 

alli Yd] YO‏ عق لأ شريلك الدنوية اكول والقوف؛ 

السلام عليكم » تحية أخ ميزه الشوق إليكم » وبعد فقد تلقيت اليوم كتابك , 
فشممت به ريح الحمية » والنعرة ة الدينية » وأرجو أن تصل بك بدايتك | إلى ما يختار الله 
لك من حسن النهاية » ولم يكن ظني في متك دون ما تبينت من عبارتك » فليکن 
سرورك بنفسك » على قدر شفقتك على دينك » وحركة ميلك للأخذ بيده » وتقويم 
أوده » فإنغا هو الدين المتين الذي أطلق العقل من قيده » وأحذ على الوهم في كيده » 
وهز النفوس إلى نيل الفضائل » ونكب“ بها عن مشايعة الرذائل » حقى ساد به 
الضعفاء » وذلت لسلطانه الأقوياء » وسبق وعد اللّه بأن يظهره على الدين كلف ally‏ 
منجز وعده لأهله » وإنما خلقنا الله وكلفنا بصرف همومنا إليه » وتعويلنا في شؤوننا 
عليه » وليس لنا من الحق في أنفسنا وأموالنا « إلااما تبذله في تأريد دينناء :ولا حاجة لله 
فيمن لم يكن له من نفسه وماله نصيب . 

داوم قراءة القرآن » وتفهم أوامره ونواهیه » ومواعظه وعبره » کا كان يتلى على 
المؤمنين والكافرين أيام الوحي » وحاذر النظر إلى وجوه التفاسير إلا لفهم لفظ مفرد 


(8) رسالة سياسية إلى أحد أعضاء جمعية (العروة الوثقى) وهو (ش. ي.) . 


¥ 





غاب عنك مراد العرب منه » أو ارتباط مفرد بآخر خفي عليك متصله » ثم اذهب إلى 
ما يشخصك القرآن إليه » واحمل بنفسك على ما يحمل عليه » وضم إلى ذلك مطالعة 
السيرة النبوية . واقفا عند الصحيح المعقول » حاجزاً عينيك عن الضعيف والبدول 
واعتبر بما قاسى النبي وأصحابه من الجهد والعناء لنصر دين اللّه ‏ وما ركبوا من 

اسع وري جد ع لم فلك »لور دا لم ل دا جه يله لل وشت ايوم 
ما تقدم من ذنبهم وما تأخر . واجعل عيشك للآخرة . واستعد لا وعد الله فإن سعادة 
أبدية لا تنال إلا بسيرة محمدية » ولن تنال بنوم مُوسّد » على فراش مهد » واعلم أنك 

es ee 
الله تور‎ ada ا‎ thee IS O98 OF geats ¢ thle Cul Wy كات للف‎ 
بسعى بين يديك إن شاء الله . أما ما ذكرت من مسالة الشيخ الصغير » فبودي لو وجه‎ 
إلى الله كل مسلم » واعتصم بحبله كل مؤمن » فا بالك بشيخ من جال الوصف على‎ 
ما ذكرت . ومن علو المنزلة على ما بينت ؟ فإن تيسر لك السبيل فتقدم لدعوته وادخل‎ 
إليه ابتداء من طريق لا يعرفه . وتلطف له في القول . وإن شئت اطلعته على شيىء من‎ 
. مقالات (العروة الوثقى) فإذا انتهيت به إلى ما يعرف . وآنست منه الميل والرضاء‎ 
oF Bi oi th J i, fae amend aa Lats 
وأسأله أن يكتب إلي بالعنوان الذي به تصل إلبه كتبي » فإنني قد أذنت‎ . . . “٠ ( الشيخ‎ 
lapel ببعض المواد الأصولية التي يجب اعتبارها أساساً للبناء » كما‎ ie أن أبعث‎ 
الآن في‎ ail المستمسكون بالعروة في كل قطر ليتحد المسيرء وإلى الله المصير » ثم‎ 
وأقيم مها زمنا فإذا كتب فليكن العنئوان(١١».. ولا حاجة للا يزيد عن ذلك.‎ (CI a) 

فإنه يصل إلي بمجرد هذا العنوان . وبادر للكتابة والسلام . 


6 ذي الحجة ‏ سنة ۱۳۰۲ ھ١١‏ 


)٠١(‏ اسم لم يذكر حفاظاً على السرية والمصلحة 
(۱۱) عنوان لم يذكر لسريته . 


. سبتمير سنة ۱۸۸۵ م‎ YO (VY) 


“۷1 





as 

VY ote alll Ya] Y OD‏ ريك له ويه اللو :لقره 

حضرة الأخ العزيز 

ورد إلي كتابكم » والحمد لله على صحتكم » وكنت أود المبادرة بإجابتكم من يوم 
وروده Ns.‏ أن رقيمكه(*4١2‏ صادفني على علة في عي اا 
والكتب . وللّه الحمد على ما خف منها » اشتد أسفي على فقد الشيخ الصالح ‏ | 
a all‏ و ب os (oak‏ ل ل له 
وإن كان لا أسف على من يلاقي ربه بمثل ما لاقى الشيخ» انتهيت دنياه بغضب 
ee)‏ ا ل ل م 
لضاقت بنا منازل الحياة » وغصصا بأهنا لذاتها . وشرقنا بأعذب كؤوسها . 
ال اك ل فقد كان كتابك السابق بث ا 
بك » على أنه لو لم يكن فيه مثل ذلك IHS [eb gpl) este WU‏ ا د 
ورم » بل على ال مليء به سقطت . وإن ظني بك لفوق ما تروي عن نفسك . ولكن دع 


)١11(‏ رسالة سياسية من المنفى . مرسلة إلى (ش. ي .) عضو جعية (العروة الوثقى) تتحدث في 
شئونها » وفي اختيار خلف لأحد قادتها في ذلك البلد بعد وفاته . . إلخ . . إلخ . 


. خخطابكم ورسالتكم‎ )١4( 


“Y1 





عنك ما استصعب من الأمر › واخبرني عن اسم الشيخ المشهور به › واسم بلده » 
الله ني خابرته بنفسي » بأسلة قلم أو لسان رسول » ولا تبطئوا علي في الإفادة » والسلام 
عليك وعلى إخوانك الأبرار » والله يتولى إعانتكم والسلام . 

ce ٠١١۳ ربيع أول سنة‎ YY 


Y4 (10)‏ دیسمبر سنة ۱۸۸٥۵‏ م . 


"YP 





9 أيها المؤمن Lam‏ 

لا أدري هل أخاطبك بالأخ الصالح أو بالإبن البار » ولكني أعلم أنك مؤمن 
ببلادك » هياك Sala) abil‏ ؛ تلقيت بيميي بمينك » وضممت إلى يقيني يقينك » بارك 
الله لك ني عزيتك » وحاطك باليمن في نيتك » ولقد تيت في عملك هذا نة المؤمنين 
من قلبك > سارعت إلى مغفرة من ربك » oT Ste‏ كتابك المنزل على نبيك » 
وات ال من الله وان 

رويت لي عن صاحبك دون ما أملت فيه » ولكني أرى رأيك في استبقائه › 
والإرجاء بالياس .منة +: فلعل :بارفة من RAM Gal‏ تترع به به إلى ما هو خير له » إن شاء 
الله . Oe‏ واللّه إ إنا لنتصفح قلوب المؤمنين في هذا الأمر. تصفح الناشد 
مواضع الضالة » لعلنا نصيب من قلب حكمة » أو نستفيد من عقل بصيرة » وإننا لنتبع 
في ذلك أثر النبي وَل » وأثر أصحابه والآخذين بسنته » الحقنا الله بهم » > فا باله- 
all amp‏ - يضن با يراه » إن كان للحق طالباً ؟ ولكن لا تحزن » إن الله معنا » ولا 


)١11(‏ رسالة سياسية مثل سايقتها » أرسلها الأستاذ الومام من منفاه إلى أحد أعضاء جمعية (العروة 
الوثقى) السرية (ش. ي.) » تتحدث عن شئون الجمعية . 
olds (Vv)‏ حذفها الي رشيد رضا من الرسالة . 


ع" 





gal‏ درجات الوجود» ds‏ يزد في حاله أن يكون كأشبادٍ colic‏ يفوقون عدد الحخصباء. 
عاشوا في أغلفة من الخمول »› « لا يبتدي إليهم الذاكر » ولا ينصرف نحوهم شكر 
الشاكر . هذا بعد أن يكون قد أصاب حظه من المقت اهي الكامن في قوله : #رضوا 
ot‏ يُكونوا مع الخوالف وطبع على فلوم چ۰ و alte mtd Gl‏ عن هذه المنزلة › هذاه 
الله . 

ذكرت اسم الشيخ القاضي نحبه › فلم تذکر ناسیاً » ول تنه لاهياً » زاد بذلك 
ا a‏ 
اا مصيبةٌ قالوا إنا ol Gly‏ عي أولئك عليهم ارت من رم ins‏ 
وألئك هم المهتدون ٤‏ 5 على مذهبك » وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة 
الحسئة » وجادهم gh‏ هي أحسن » وذكر بآيات الله > فلأن هدي الله بك Shey‏ 
Leal gm eye AW pot Lua,‏ 





(۱۸) [التوبة : ۸۷] . 
(19) [البقرة : 165] . 


Wo 





ا 

lip ded ag eal le را الل بوتوي‎ NO 

سرني ما نقل إلي كتابك ؛ أنك استجبت لربك فيم| دعا إليه عموم خلقه بقوله : 
#قل سيروا في الأرض و" وإغما يستجيب إليه أهل الرغبة فيه ولقد حمدت الله أنك 
لم تجعل سيرك سير الغافلين » ول تمر على ما لا قاك مرور الذاهلين » بل استعملت 
ا ل O E‏ 
الإستعداد لقبول الحق . والميل للرجوع إليه » وما أظنه ذهب عليك أيام كنت تقلب 
عين اعتبارك في أطوار للك المحجوبين” "2 , إن ما هم ior a‏ 
المكذبين » الذين يأمرنا الله بالنظر كيف كان عاقبة أمرهم » وما أحل الله بدارهم من 
بوار » وما melon GET‏ من دمار » وما ألصق بذكرهم من عار وشنار » كيف يختلف 
الخال عن الحال ؟ وإنما التكذيب أثر غيم يغشى عين القلب فيواري عنها وجه الحقيقة › 
فتعمه ظلمة أشبه بظلمة الخسوف » تعلو وجه القمر › > فإذا أظلم القلب » وهو مستودع 
السر الذي به كان الإنسان إنساناً » فقد أظلم الإنسان كله »> وذهبت قواه تخبط في 


)1١(‏ رسالة سياسية . مثل سابقتها » مرسلة كذلك إلى (ش. ي.) » وتتعلق هي الأخرى بأعمال 
جمعية (العروة الوثقى) . 

(11) [الأنعام :1 النمل : 59 » العتکبوت : ۲۰ » الروم : [EY‏ 

(70) المحجويين » تعبير صوفي , والمراد المحجوبين عن نور الحق » البعيدين عن الطريق الصحيح . 


“۷٦ 





أفاعيلها على غير هدى » وتعسّر عليها أن تلزم طريق الحق والصراط المستقيم » وهذه 
ال حال كما نراها فيمن ینکر الحق بلسانه » ويكذب الداعي إليه بإنكار بيانه » نراها بعينها 
في هؤلاء المخدوعين الذين يزعمون أنهم آمنوا باللّهِ وبرسوله وبكتابه » ثم هم في أعراهم 
وآماهم أبعد الناس عن سنته وسننه » وأشدهم التواء على أمره ومبيه » وقد علمت أن 
الله لم ينظر إلى قوم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم » وأن اليهود لم ينفعهم أن آمنوا 
بموسى وخلفائه من الأنبياء » أو بما جاءوا به من الوحي الإلحي إيماناً SIH‏ ما يدعيه 
المسلمون في هذه الأوقات . كان اليهود يعرفون موسى نبباً هم » والتوراة وكتب الأنبياء 
5 » كما يعرف المسلمون ذلك في كتاب الله تعالى » ولكن الله 
لينا أحوالحم في مزاعمهم فقال Guill food‏ حملوا التوراة ثم لم يحملوها JA! fas‏ 
hte Gut eae‏ القوم ul tyds epi‏ الله واللة “لا دى القوم 
الظالين ٠"4‏ . فقد جعل تأويلهم التوراة , وصرفهم لألفاظها إلى غير ما أراد الله 
بها » وحيدانهم عن العمل بما دعت إليه » ٠‏ تكذيباً بآيات الله » وجعل نقضهم لما حُملوا 
من أحكامها مروقاً منها » حيث قال (لم يحملوها) وجعل تصديقهم بها على هذا الوجه 
a‏ ساي و ESE‏ 

أفليس هذا lt ae Lal‏ عن أحوال المتحلين اسم الإسلام في هذه الأيام ؟! pels‏ 
لوا القرآن ثم لم يحملوه , إلى آخر الآية ؟ ألم يكن ني ظلم fal‏ هذا رو 
وجمودهم عن حدود الله ما يستحقون به تسجيل الضلالة عليهم كما سجلت على اليهود 
em eee Bi‏ 0 
. ألا يصدق عليهم أ نهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأغهم لا يعلمون !! 
اه ماري لاف N‏ شتی( 0 

Sylora oe‏ الكتاب إلا لا أماني وإن هم | إلا يظنون234 ؟ ! أي 
مهم لا يعلمون منه | 9 “Ks ail Be lb Ds ot we‏ 

. إلا ظناً‎ ey 


کک O‏ 
cf (vey‏ أهل البلد المرسلة إليه هذه الرسالة . 
(ه؟) [الحشر : 15] . 
(5؟) [البقرة : ۷۸] . 


"YY 





إن أستلفتك إلى أولئك الذين يتناولون مصاحف القرآن الكريم بأيديهم . 
خصوصاً في شهر رمضان » ثم يطفقون يلوكونه بالسنتهم » ويزعمون أنهم يتقربون إلى 
abs‏ بترغهم » ويصعدون إلى منازل القرب عنده بنغاتهم » ورنين أصواتهم > ويجعلون 
كل همهم في هز رؤوسهم . والتوفيق بين الهزات وتموج النغهات . وما شاكل ذلك من 
لواحق الصور والهيتات » ما قد يعجب له عرفاء الدين » ويستغرب حدوثه في المسلمين 
al‏ اليقين » لبعد النسبة بينه وبين دينهم . والمثافرة الثابتة بينه وبين مقتضى إيانهم » 
حتى إذا انصرف أولئك القارئون . والتمسوا من قلوبهم عبرة مما قرأوا » أو عظة مما 
سمعوا » لم جدوا من ذلك قلي ولا كثيراً » بل رجع كل منهم إلى هواه وآوى إلى قعيدة 
نواه » وما کان قد انصرف عن وساوسه » ولا انقطع [Le‏ استحكم سلطانه في نفسه من 
شياطين آهوائه » إلا في ظاهر ما يرى للناظر » وإذا سئل أحدهم عن شيء من معنى ما 

قرأ التجأ ! إلى الجهل » أو خبط في مضلة من الوهم » وإذا قيس عمله إلى أحكام ما يقرأه 
وجدت تبايناً > كا بين الإسلام والكفر : ٠‏ فبالله | إلا ما أجبتني 0" 
وبين اليهود فيا قص اللَّه عنهم في قوله وميم أمَيُونَ» الخ ؟ ألا تجد الوصول إلى 
القترق: نزر!الوسائدل place‏ الذرائع ؟! ولو سردت من أحوال اليهود والنصارى 
لكر كين » الي ص لله علي اير لا من ادنس جلها“ ey‏ 7 
pel pays Wolpe gS ob Opole‏ المسلمين سيردا HP pet ie‏ 
الضالين ؟! . 


أصبح المسلم في هذه الأيام حُجُة للكافر على كفره » وفتنة له يضل بها عا أقام 
الحق من أعلامه . فإذا قيل : إن الإسلام خير الأديان بل هو دين الله a del oi‏ 
الأمم السابقة » فضلوا » فضربهم بأنواع من عذابه في الدنيا » واستبقى هم ما لا نهاية 
له من الشقاء في الآخرة . وظهر فيهم بصور مختلفة » جاء في في أكمل صورة ببعثة خاتم 
الأنبياء » مستتيأ لنوره » مكملاً لأمره . لتقوم به الحجة . وتتضح به المحجة. 
وأصحب هذا القول بألف دليل » كلها أوضح من الشمس » وأنفى للشك من ضوء 
البدر لظلام الليل - رأيت علة واحدة تهدم كل ما بني من الأدلة » وهي ؛ لوكان 
الإسلام ديئاً صحيحاً ما وجدنا أهله المستمسكين به - في زعمهم ‏ على ما نرى من فساد 
الأخلاق وسقوط الهمم وضلال العقول . هكذا أبها الحبيب أصبحنا فتنة للذين كفروا ۽ 
واللّه ينبهنا على ما صرنا | إليه بتعليمه إيانا كيف ندعوه إذ يقول ؛ «رينا لا تجعلنا فتن 


58 





للذين كفروا#ه"” . وما كان تعليمه الدعاء إلا لنتوسل بالعمل إلى ما نطلب مله ثم 
ندعوه المعونة على ما نقصد من موافقة رضاه فلو فقه المسلم لابتعد -جهده عما يجعله فتنة 
للكافرين » وجعل ورده ليله وخهاره إربنا لا تجعلنا فتنة للذین کفروا) » ولکان همه في 
أن يكون بكاله قذى في ne‏ أعدائه , لا أن يكون حقيراً في أعيغهم ضحكة هم في 
محافلهم . 

لقد حدث في هذه الأيام الأخيرة أن قسيساً انكليزياً هداه البحث إلى شيء من 
محاسن دين الإسلام "© . فأخذ يبث ما علم في الجرائد الإنكليزية » وني المحافل 
الدينية في انكلترا , إلا أنه يصعب عليه أن يعلن إسلامه » ويصرح بحقيقة إيمانه » لأنه 
يخاف أن تطول إليه أيدي الإعتداء من قومه » وهو يدعو إلى الإسلام تحت حجاب أنه لا 
يخالف المسيحية الحقيقية » بل هو متمم لها . وله فيا يدعو إليه شيعة تنمو في «لندرا) 
وبيننا 0 خاطبات لتشجيعه وتقريبه من حقيقة الإيمان » ولا نعلم اليوم ماذا يكون من 
نهاية أمره » وله معارضون كثير من الإنكليز packs‏ ؛ وإذا تقصيت البحث في جميع 
حججهم لا تجد في مقدماتها | إلا ما يكون راجعاً إلى ما عليه المسلمون الآن من الأخلاق 
aa‏ الرجل لهم بشيء من أحكام كتاب اللَّه » أو بأثر من آثار 
المسلمين الأولين » رأيت أولئك الجاحدين يقابلونه بأحكام يعدها المسلمون من حدود 
دينهم ) أعا هم » CS oe oA Rowallan‏ » ساقطة بهم عن أدنى 
مراتب الرجال » فكلا ردهم | إل الله ورسولة رده إلى اخوال المتسين إلى هذا الذين 
القويم وعم عاره » وبهم بهدم مناره » وتخفى آثاره , لو بقي في أيديهم أمره , غير أني 
أرى الله سيحول أمر ديئه عن هؤلاء الذين لبسوا على iit‏ نفسهم » وانقلبوا فتنة لغيرهم , 
ثم ينتقم منهم بأيدي الظالين والصالحين «وفإن كر هلاه فد رقنا فلم 
بہا بکافرین ۰'74 «إوإن تتولُوا يستبدل قوماً «OG Seal Sas‏ 
لمن أعد نفسه › ل فشحل همته » وطهر نيته » د 
عزيته » للقاء ركب الله الذي سيفد عليه › » فبكون إما راجلا في مشاته أو فارساً من 





(۲۷) [الممتحنة : ۵] . 

(۲۸) هو القس إسحاق طيلر » انظر مراسلات الأستاذ الإمام إليه في الحزء الثاني . 
(۲۹) [الأنعام : ]۸٩‏ . 

( ۳۰ [ محمد : ۳۸] . 


1۹ 





كياته أو خادماً في حاجاته أو سيداً في رياساته » ولا يكون شيئاً من ذلك حتى يكون الله 
ورسوله أحب إليه من نفسه ع gos‏ يكون كتاب الله أصدق الشاهدين له لا عليه » 
وحاشا كتاب الله أن يشهد | إلا لمن لبى دعوته » وقبل شهادته . ونصبه إماماً في محراب 
الوجود » يتبعه بصره » ويحذوه في سيره » يقوم إذا قام » ويقعد | إذاقعد » يعظم: ما 
عظم » ویجحقر ما حقر » ویطلتق ما أطلق » ویقید ما قيد » ثم أقام له من زواجره خطبباً 
على قلبه » وواعظاً يصدع بأمر ربه على منير لبه > يعلمه إذا جهل » ويوقظه إذا غفل › 
ويذكره إذا ذهل » وه إذا كسل .2 ويسرع به إذا أبطأ » ويهضه إذا تلكأ . ويستلفته 
إلى الصواب إذا أخطأ > بهديه إذا تحير » ولا يعدو به الخير إذا تخير . يرد جماحه إذا 
جمح . ويكف من غربه(21 إذا طمح . حتى يقيمه على الصراط السوي . ويصعد به 
إلى المقام العلي , وكيف يستعمر القرآن قلباً تشغله الأهواء الناطلق ON, 5 guy‏ 
الرغائب الزائلة ؟ ! ( إن القرآن طاهر لا يجاور إلا (lew‏ وقويم ube‏ أن يساكن 

راع زكي لا يأنس للإرجاس . علي يأنف من مقاربة الأدناس ع فلا عجب إذا 
استويل 5 المقام في هذه القلوب المحتشية بالعيوب . وتركها وشياطين الوساوس تخبط 
ها في مخازي الدنيا ومهالك الآخرة . 

يا عجباً لمن يدعي الإسلام وهو يعرف من نفسه أ 3 أهر ا ا من أصغر الحكام 
عليه بلغة غير لغته لما قرت له راحة. ولا اطمأنت به نفس» حتى يقف على ترحمته. ولا 
يكتفي بمترجم واحد حتى تكون ثقته به كثقته بنفسه » وإلا راجع BUS Wey WE‏ 
المعانٍ . حتى لا يفوته شيء مما حواه أمر آمره فيقع في مخالفته إلى غير هواه » وكلما عظم 
مكان الآمر jn‏ الحرص على استجلاء مراده » خشية الوقوع في حداده(*” , أو ما 
يبعث الظن إلى التحرش بعناده» وقد يكون الأمر بما يضره ولا ينفعه. ويخفضه ولا 
يرفعه » كل ذلك للبعد عن مساخطه , والورتباح إلى مراضيه , هذا وهر يزعم 
الإعتقاد ob‏ القايض على ناصية أ مره هو الله سبحانه وتعالى » وهو المقلب لقلبه ع 
والآخذ بعنان إرادته » ثم هذا أمر سام » ورد له من علي متعال » رب الأرباب » وخضع 


, الغربة : الحدة‎ )"١( 

(۳۲) تستوکره : تتخذه وكرا . 
(۴۳) رآه وبيلا . 

, معاداته‎ )۳٤( 


“As 





الرقاب » قهار السموات والأرض › الذي لا ترد مشيئته « ولا تخالف إرادته : الكتاب 
المجيد 2 > يتجلى به في منازل الرحمة » ويستفيض منه ديم النعمة » ويقيم به على السعادة 
أعلاماً ويضع لإجتناء ثمر الكرامة أحكاماً » ويعد المستجيبين لأمره هذا وهو القادر 
عل کل شيء - أن كن همم في الأرض » ويخدمهم ا هلها » ويجعلهم الأعلين فيها » وأن 
تكون عزتهم مقرونة بعزة الله ورسوله » وأن لا يبيد سلطانهم . ما ثبت By tle]‏ 
يشبه كفرانهم » كما قال إوعد الله الذين آمنوا نكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنهم في 
الأرض كما استخلف الذين من قبلهم Sods‏ شم دنهم الذي ارثضی هم وليبدلنہم من 
بعد خوفهم Y gine bel‏ يشركون gy‏ شيا ومن كفن ,بعلا ذلك ely‏ هم 
الفاسقون و" , 

وليس في المواعيد السماوية أصرح مما وعد الله في كتابه المبين » ولا أقطع للشبهة 
مله » ثم زادهم على ذلك نعي ا ل ارما 
سرمدياً » والذين يكفرون » وسجل عليهم أ نهم الفاسقون » هم الذين تبطرهم النعم 
فتستزلهم عن مقامات الشكر , > ثم تنتابهم الغفلة فيعدلون عن سبيل الذكر الحكيم » 
ومن فسق عن أمره أحل به غضبه » وانفذ فيه عامل انتقامه » وسلبه ملابس إنعامه , 
أما بشقي مثله > أو ولي من أهله » ثم ضاعف له العذاب يوم القيامة » وأخلده فيه 
Yj « be‏ أن يتوب فيغفر له ما قد سلف . ويعلم المخدوع أن صاحب هذا الأمر العلٍ 
مطلّع على السرائر » بادية لعلمه صفحات الضمائر » ومع هذا وذاك لا يتفهم أحكامه « 
ولا يتبع أعلامه » وينبذه وراء ظهره » كأن لا علم له بعبيه وأمره » ويمني نفسه أن ينال 
ما ادر الله لأوليائه إذ قصرت همته عن نيل سعادة الدنيا - ليتنعم به في الآخرة » شهوة 
تحول دونها أعماله » وأحلاماً تنافي صدقها أحواله » وما أعجب حال من يزعم الإيمان 
abe‏ ولا تفنى أهواؤه في إرادته » ولا تضمحل نشزات طبعه للمهباته » ولا تتضاءل عزائم 
نفسه لعظمته . ولا يجعل القسم الأعظم من حياته للسعي في مرضاته . ولا يبذل من 
نفسه وماله ما لا يخسره في مأله . 


حدثتني عن اليائسين من Mian Abe‏ وأشباههم » فهؤلاء لم يبأسوا من الله حتى 


(5") [النور : ه 
(5") إشارة إلى اسم البلد المرسلة إليه الرسالة » حذف لدواعي السرية والمصلحة . 


۸1 





ساء به ظغهم » وما ساء ظنهم حت انتقض إمانهم » فحالهم حال القائلين فإما وعدنا 
الله ورسوله إلا غرورا ٩۷‏ » ورويت لي عن أهل النفرة OO ed BE‏ فهؤلاء 
بقيت فيهم بقية لا بد أن يؤيدوها بالعمل ١‏ ولا مكمل لا بقي فيهم | لآ رجوعهم | إلى الله 
ورسوله » ولن يرجعوا إليه حتى يكون مزاج وحدتهم وحبل اعتصامهم كتاب الله بيزون 
به همهم » ويلمون به شعثهم ¢ ويشهدون eel aly‏ نصروه 3 الأحوال والأعيال » 
فينصرهم في مواطن الخلاد ومواقع الحدال . 

إن كنت وثقت بشيخ الإسلام الذي ذكرته فخل العهد عليه؛ وسق إليه ببعض 
كتابي هذا أو بكله > إن رأيت ذلك ملاثياً لحاله ٠‏ وإلا فزدني فيه بصيرة فأكتب إليه بما 
ea‏ اللة... 


وافيني بكتبك بما أمكن من السرعة ولا تبطىء علي بعد الآن . والسلام . 


90" [الأحزاب : ]١١‏ . 
(YA)‏ إشارة إلى اسم بلد ۽ > لدواعي السرية والمصلحة . 


VAY 





57 

billy Dylan cl tld VY ا إله إلا الوحت‎ 840 

أبها الأخ الصادق أيده الله . 

طال عهدنا بك لم نر منك كتاباً » وم نتلق عن لسان إخخلاصك خطاباً ٠‏ وإبطاؤك 
عنا , ما يقلق الخواطر منا » لا خوفا على إيمانك , ولا ريبة في درجة إحسانك ‏ نعوذ 
باللّه - ولكن خشية أن يكون عرض لك من العوارض الجسدائية » أو خالطك في 
الأحوال المعاشية » ما قبض من يدك , أوفت في عضدك ‏ حماك اللَّه ‏ فرجاؤنا أن لا 
تفوت فرصة تمكنك من سوق خطابسك إلينا حتى تنتهزها . فإن لسكون القلب 
بالإطمئنان على سلامتك قيمة علية في نفوسنا , فقد لا يخفاك أنكم في مكان مخافة ؛ 
ومحل مضيعة » “تضطرب عليكم منه القلوب » وتذهب وراءكم فيه النفوس . وإن 
صادقا مثلك لمحدير أن حرص عليه » وأن تعنى الأرواح بالتطواف حواليه('““ . 

كان لكتابك المفصل وقع جيل » ولك على القيام بتحرير مثله الشكر الجزيل » 
فليكن العمل على ذلك المذهب حتى يصفو المشرب » ويتضح المطلب » إن شاء الله . 
أما وصيتي إليك فأقتصر منها اليوم على ما أوصى به رسول الله ية معاذاً رضي الله عنه 


(4) رسالة سياسية , مثل سابقتها » إلى نفس الشخص (ش. ي.) » تدور حول ذات الموضوع . 
)4٠(‏ توحي هله العبارة إلى أن مقام (ش . ي.) هو مصر ء التي كان الانجليز قد احتلوها يومد . 


۸۳ 





إذ قال له (أوصيك:بتقوئ Cd! Grey alll‏ والوفاء بالعهد وآداء الأمانة LAI A sy‏ 
وحفظ الجوار ورحمة اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وحسن العمل وقصر الأمل(ني 
الدنيا) وقصد العمل ولزوم الإيمان والتفقه في القرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب 
وخفضص الجناج وإياك أن تسب حلياً أو تكذب صادقاً أو تطيع (it‏ أو تعصي إماماً عاد 
اوی ارا ات all lah‏ ع JS‏ ر رچ ودی ty‏ دت کل ات 
لوق ال اروا با 


هذا جماع من مكارم الأخلاق يعم ما نحن فيه وما وراءه » والخير في جمعه . 
فالدين بناء وهذه أعراقه , ولا يتم أعلاه حتى يتم أدناه» ثم لا تنس قول عائشة 
الصديقة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن : فقد أبقى الله سبحانه في نبيه اة مظاهر 
من صفات البشرية تبدو ها آثار » تلحظها البصائر والأبصار » ثم حددها في كتابه , 
وهذما في محكم خطابه » تعلي) لأمته » وإرشاداً لتبعة ملته > فكان في ذلك أعظم 
BB asd‏ حيث قال «أدبني ربي فأحسن تأديبي» , ولا بركة لنا في شيء من أعمالنا إلا 
باع سنته» والسير عل الأثور من سيره ٠‏ والتخلق بأخلاقه اناس خلا » ity‏ 
أعلاقه > هذا صلاحنا وهو سلاحنا «إن تنصروا als‏ ينصركم ويثبت أقدامكم 174 4» _ 
#قل إن ن كنتم تحبُون الله فاتبعوني يحببكم CDA‏ .. وعلى هذا فليكن دأبك » حتق 
بظون الله أمره » ويعلن سره » وإياك والملل » فالخطب جلل وقضاء الله أجل » ومع 
هذا كتاب من الأمير بر أوصله إلى صاحبه » حسب رآيك » والسلام عليك وعلى كل 
صادق الإيمان ثابت الحنان . 

CM mw ١7١60 صفر سلة‎ " 


. ]۷ : محمد‎ [ )٤1( 
. ]"١ : [آل عمران‎ )55( 
. ۱۸۸۷ آکتوبر سنة‎ ۲٤ )٤۳( 


“Af 





ate 


dbl aye olay call Yay eo‏ وال 

تلقيت رقيمك على قلق من تباطؤ أخبارك » فقر خخاطري بالإطمئنان على 
صحتك» تأكدت الثقة من خحلوص إرادتك. وما كنت لأرتاب في عهدك بعدما أعطيت 
ee‏ 1 
وفائك لكان غمزاً مني على إيمانك . وأعوذ باللّه أن ن أغمز على مؤمن وهو مخلص في 
إيمانه » أما حنوي عليك وإخفائي السؤال عنك . > فهو ما توجبه عل gle‏ بك 
والإرتباط بميثاقك . بل ذلك أي يسر الحقوق عندنا » وأوجبها في ذمتنا » وما أنا بالمتفضل 
في أدائه » وما أنا منجاة من اللوم إن قصرت في ! إيفائه » ستعلم الحقيقة من هذا إذا سنى 
الله لعصابته أن تظهر . وأذن لما أن تسفر . 

بعد هذا هل ري ا Se a‏ 
ووعيده وقصصه وعبره ؟ هل ذهبت بنفسك إلى ما قبل ألف وثلاث مئة سئة ووقفت بين 
يلاف تيد alll GS gle yas © Creel‏ عل yale‏ لون فت كا مرا 
وفهمت على مثال ما فهموا » وزججت بروحك ني مجامع تلك الأرواح الطاهرة التي 





ارال الا 


A 





آزرته وآوته ونصرته ؟ هل خرقت حجاب المحدثات . وفرقت ستائر البدع » وخالطت 
أهل النور » وصافحت قوماً صدقوا ما عاهدوا الله عليه ؟ | ن لم تكن فعلت فإليك أن 
تفعل والوسائل مثوفرة لديك - عقل وحسن يقین » وکتاب الله فيه تبيان کل شيءَ وفيه 
سيرة نبيه كله والذين معه #محمدٌ رسول a‏ والذين معه أشداء على الكفار رحماء 
بيهم °4“ » peel LEB‏ © الذين إذا ذكر الله وجلت قلومهم وإذا تليت عليهم آياته 
زادتهم إيماناً وعلى رهم يتوكلون » الذين يقيمون الصلاة وبما رزقناهم ينفقون»423) . 

لا يميل بك عن طريق الحق قلة السالكين فيه » فواللّه | إني لأرى المؤمن في جيش 
من يقيته + رحن من لقند :بريه ت چا ف الرالق: 6 eile (nee Lalas‏ 
المهالك » وإنه لفرح به إذا حزن الناس » ومبتهج فيه إذا اشتد البأس » واستحكم 
اليأس » وإني لأرى المنافق في مزعجات من وساوسه » وموحشات من خسائسه . 

كريشة في مهب الريح ساقطة لايستقر ها حال من القلق 

وإنه لسريع الهزيمة » قليل الغنيمة » وما كنت لآتي في وصفه شيثاً بعد ما قصض 

الله عنه في كتابه » وكتاب الله حي لا يوت » شاهد على الأحياء كا شهد على 
الأموات » وما كان المنافقون زمن نزول القرآن ليختلفوا في الحقائق والصفات عن 
أشباههم من أهل هذه الأوقات » فتوخ من نفسك ما ثنی الله عليه » وتن بها عا وجه 
باللائمة إليه » وإياك والأعاليل » وفاسد التأويل . فإنها حبائل الشيطان ومذهبة 
الإيمان ء نعوذ باللّه . 

كنت سألتني عن العمل في العقد المالي فأشرت إليك أن تبعث به إلينا في بيروت » 
ثم لم يكن له ذكر في كتبك من بعد » وإني أعيذك من الضن بيسير مثله في سبيل ربك » 
ترجو ثوابه وتکتفي حسابه » وأبعدك عن مرامي النداء الإلمي في خطاب قوم «ها أنتم 
هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله » »> فملکم مل يېبخل » ومن يبخل فٍغا پبخل عن 
ل الله الغني وأنتم الفقراء › وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا 
MS‏ « وکن اتسس لك سن ت نفسى أعذاراً تخيلها الثقة » وتمثلها المحبة » فلو 
علمت الحق فيا أبطأ بك أذ فهمت القوم عذرك . 
)٤٥(‏ [الفتح : ۲۹] . 


(5:) [الأنفال : 9ع . 
)٤۷(‏ [حمد : ۳۸] . 


A٦ 





أما ذلك الشيخ › » فإن نكث فإغا ينكث على نفسه » غرته الحياة الدنيا وغره باللّه 
ور لتر اه ال ا مر وا عاد ل 
شريفة بثمن بحسن »و وأ باد ا يتاع فيل واد اين ال أدبارهم من 
بعد ما aS‏ مم الهدى » الشيطان سول هم و رامن شي جات باجم قالوا للذين كرهوا 
ما نرل الله سنطيعكم في بعض الأمر واللّه يعلم إسرارهم » فيكف ف إذا توفتهم الملائكة 
يضربون وجوههم وأدبارهم » ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط اللّه وكرهوا رضوانه فأحبط 
أعمالهم 48) بشره بأن سيؤخذ من مأمنه » ويزلزل من مسكنه » ومن أعان ظالاً beh‏ 
عليه » ومن يخذله الله فلا ناصر له » ولئن أمهل أياماً فواللّه ما أهمل » ولقد كان خيراً 
له لو ابتعد ولم يعد » وباعد قبل أن يعاهد , ولكنه أقبل ثم ولى » وأ مسك ثم خلى » 
فلصى به عار الغادرين وحقت عليه جرية الناكثين #إوسيعلم الذين ظلموا أي منقلب 
oy Ula Ae eg O eee‏ 
are.‏ هل ظن أ ato ca ee aoa‏ , 
cid pill nls ¢ 18 lgsly Cail dle ge Lle ebb AW‏ 


فالعا ةف و هد قاو د واوا ود وا واوا و اث مث ار عم 6ه 





det] (fA)‏ 2 58-16؟]. 
(59) [الشعراء : -LYYV‏ 
(50) كلمات محذوفة من آآخر الرسالة . 


AV 





Ns 


a 


١‏ أكتب إليك واللَّه أعلم بما أنْبَتَ فضلّك في قلبي من الود » وما يبيج أدبك في 
فؤادي من الشوق » وبودي لو أن عبارة تحمل ما في نفسي إليك » ولكن حكمة الله في 
قصور العبارات أن يكون الفضل لثقة الكريم وفراسة الحكيم . 


قد يكون لك ظن فيا أبطأ بي عن مراسلتك هذا الزمن الطويل من فراقك › 
وحاشا أن يكون تساهلل في الحق , أو تغفلا عن فريضة الود » وإنما هو أرقط0» 
الحوادث وثب على أوقاتي فمزقها . وغول الكوارث انبسط فيها فضيقها. من يوم 
فارقتك ما استقر بي مكان حتى الآن . ذهبت إلى باريس فا عبدت أن تلقيت من الرأي 
الجديد أن أنحو جهة الشرق » حيث مسيل الحادثات . وخرق الذاريات » فمررت على 
بلاد كثيرة منها مدينة (كذا)9© » عملت في جميعها على إحكام العروة(*”» وتمكين 


(01) هي رسالة سياسية مرسلة إلى أحد القادة في الشرق . . وواضح من عباراتها أن الأستاذ الإمام 
يطلب فيها من المرسل إليه أشياء من بينها الدعوة لجمعية «العروة الوثقى» وضم الأعضاء ها . . 
والرسالة مرسلة إلى (س. س. ) . 

(05) ثعبان . . والأرقط هو الذي تعلوه نقط صغار سوداء أو بيضاء أو حمراء أو صفراء . 

(01) لم يذكر الشيخ رشيد رضا اسم المدينة » حفاظاً على سرية تحركات الأستاذ الإمام في مهامه 
تلك » حتى بعد أنقضاء ذلك العهد » لأن في كشف هذه الأمور ما يضير آخرين حرصوا على 
بقاء علاقاتهم السابقة بالجمعية سراً من الأسرار . 

(04) جمعية العروة الوثقى . 


SAA 





عقودها ثم أصعدت بعد ذلك إلي : 

(بلد خلعت به عذار شبيبتى 2 وطرحت في كف المخطوب عناني) 

وأنا اليوم فيه Satly 6 opegll Gal‏ للعيوة 63 راان الله clas‏ العمل 
وإقبال الأمل . 

E e‏ ل ون 
ربك بالحكمة والموعظة الحسنة » فإن فناءً في الحق لهو عين البقاء » وإن نعي في الباطل 
هو الشقاء . فاستكثر من الإخوان . ونقهم من الخوٌان » واثبت بهم على أصول 
الشريعة » وارجع بهم إلى سيرة صاحبها عليه الصلاة وأتم التسليم » وليكن القول من 
مولاي eect: Gales‏ لو ولا تكونن كلمة إلا وغايتها عقد يبرم » ورباط 
کہ ع استغفر الله auf of‏ يقظان . أو أهدي البيان معدن العرفان » “sl‏ ذلك 
حديث (gu‏ لنضسي » وخطاب قلبي لقلبي» ومن علي بأنبائك » وما يكون من آثارك, 
ألما مشهدي منك عن طلبي لترجمة حياتك » فلو تفضلت بإرسالها من قلم أحد 
تلامذتك لتثبت في صحائفي دخيرة لي ولخلائفي . 

وإذا رأيت . . 7©© فنبئه أن قوة الإتحاد في الجنوب أفزعت قوة النيران في 
شال , وأن نيران القلوب أذابت مدافع الكروب » وما النصر إلا من عند al!‏ 
يؤتبه الصادقين » ويوليه المخلصين «إن تنصروا الله ينص ويثبت أقدامك#(5” , 
aly Lal‏ إن غلب المسلمون عن تفرق وتخاذل فلن يغلبوا عن ضعف وقلة » ولكن OA‏ 
ye‏ الله فهو امتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً٠ ao‏ 

the OMI‏ السلام .» وقد أخذت في ترجمة رسالته في نقض مذهب 





(5ه) أي أنه مختفياً عن العيون . عيون الجواسيس » يتحرك في سرية . 

(07) وهو يطلب مئه إقامة «تنظيم) لا جرد الدعوة لفكر الجمعية . 

. المعني هنا » حفاظاً على السرية والمصلحة‎ Wares ated 
. إشارة إلى أثر ثورة ة السودان على الاحتلال الإنجليزي لصر‎ )08( 

(09) [ععمد : 7] . 

(50) [الكهف : لا١].‏ 

: السيد حمال الدين الأفغاني‎ 5١١ 


3۸4 





cual‏ » وعند تمامها أبعث إليك بها » فإن حسن لديك طبعها في حاضرتكم 
فذلك لكم » والوسيلة تصل إن شاء الله إليكم " » وسلامي على روحكم الزكية » 
وعلى كل نفس صادقة » ورجائي سرعة الإجابة والسلام . 

۷ ادي الأولى ‏ سنة ۱۳۰۲ ه2 


(10) هي رسالة.الرد على الدهريين للأفغاني » ترجمها الأستاذ الإمام بمساعدة «العارف أبي تراب» تابع 
الأفغاني . . وكانت الترجمة عن الفارسية . 

(1۳) إشارة رمزية لوصول (جريدة العروة الوثقى) سرأ . 

. م‎ ۱۸۸٩ سنة‎ phd YY (18) 


14۰ 





ا١‎ 


58 لا إله إلا الله وحده لا شريك له » وبه الحول والقوة . . 
بسم الله الرحن الرحيم 

«وقل اعملوا فسيرى اللَّه عملكم ورسوله والمؤمنون وستردُون إلى عالم الغيب 
والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون34© , 

كتبتم إل بأنكم ‏ اجتمعتم » جملة من الصادقين وأهل الحمية » للنظر في تقويم 
ديئنا » والأخذ با يرضي إهنا ويقر عين نبينا » ثم حدثت بعد ذلك الأحداث » وتلك 
سنة الله في الأولين والآخرين » منه بداية كل عمل صالح مقبول لديه » محفوف بالعناية 
منه » ولم يمنعني حدوث ما حدث عن مخابرة من نوب عنهم بما كان من إجتماعكم , 
ثقة مني بهمتك» وصدق عزيمتك» فورد لي الاذن بتسمية مجتمعكو 227 , وإرسال بعض 
القواعد التي يبتدأ بها العمل" . واليوم أبعث با إليكم » وأملي أن تكون في حرز 


(14) هذه الرسالة مرسلة إلى من أرسلت إليه الرسالة السابقة (س. س.) .. وهي من الرسائل 
الهامة التي تلقي ضوءاً على سبيل جمعية (العروة الوثقى) في الدعوة والتنظيم . . 

. ]٠١6 : [التوبة‎ )15( 

(1۷) إشارة إلى القيادة العليا للجمعية تمثلة في حمال الدين الأفغاني . 

(18) أي اعتهاد هذا الفرع كجزء من تنظيم الجمعية . 

(19) هي أهداف الجمعية ونظامها وسبلها في الدعوة والعمل . 


۹۱ 





الصيانة » وأن تكون مرجع الأعمال إن شاء الله » فإذا وصل إليكم ذلك » فخذوا 
عهدكم على القسم المذكور') » وانتخبوا رئيسكم . وعجلوا الخبر بما انتهيتم إليه › 
وفصلوا أسهاء من معكم » وألقابهم » ومواضع إقامتهم » وسموا لنا رئيسكم » ESS‏ 
السر أول وصيتي إليك » وهو نبايتها » والسلام على على أهل العقد الرابع من عقود العروة 
الوثقى › ally‏ يتولى إعانتكم و الرد على الدهسريين شرفت على of ale‏ 
الترجمة » وستطبع في بيروت إن شاء الله » ومتى تمت أرسلنا إليكم منها . 


. هو القسم الذي كان يقسمه أعضاء الجمعية » انظره في هذا الجزء‎ )7١( 


“4Y 





Wf‏ الله Gl ob‏ © العمل با وهبك » bbe‏ تبر به أفثدة 
السذج من قومك » وترد به جماح الغاوين من عشائرك , ويقين في الدين يمبضك إذا 
قعد المرتابون > ويشد عضدك إذا ضعف الوامون 2 ومكانة في قلوب أشياعك » تمكن 
الثقة بك » والإستمساك برأيك » وسعة في البيان » تقطع بها طريق الشيطان » agi‏ 
عزمك للنصيحة » وجادل بالتي هي أحسن » وإذا أخذت من أحد بحبل فلا ترسله , 
Al cca gang yay‏ ا قلا و ر ا ا ا ل ا 
وكن على ثقة من الفوز › ويقين من النجاح ما دام هدي النبي هديك » وسعي 
الأصحاب سعيك » وإن شكل عليك أمر » واشتبهت لك المنافذ » فإخوانك كثيرون › 
وهم بعونة الله ني عونك » كا أنه لاغنى حم عن الإستعانة برأيك") » ومقامي pol‏ 
في بلد ما كنت أحتسب الذهاب إليه وإن كان أوفر لحفي عليه » ولكن مكاتيبك تصل 
إلي إن شاء الله بالطريقة التي تراها صحبة هذه الأسطر”© » وسلامي على قلبك 

الطاهر » وشوقي للإجابة وافر» والوسيلة تصل POY‏ والسلام . . 
۷ جمادي الأولی سنة ۱۳۰۲ ه() 


. هي رسالة سياسية إلى أحد أعضاء جمعية (العروة الوثقى)‎ )۷١( 

(۷۲) إشارة إلى العلاقات السياسية بين العضو المرسلة | إليه الرسالة وباقي أعضاء الجمعية . 
(7) إشارة هامة إلى أن الجمعية قد اتخذت سبلا سرية منظمة للمراسلة (شفرة) . 
(14) إشارة رمزية إلى وصول جريدة (العروة الوثفى) سراً للعضو . 

(۷۵) ۲۲ فراير سنة 18488 م . 


1۹۳ 





»\¥. 


۲ السلا م عليكم ‘ AU oes‏ ناظرة إليكم 6 وبعل » فقد وصلني اليوم ALLS‏ 
محمد منك Ady gb ee‏ « واختصاصاً alll‏ حويته ‘ ويشكر منك استعداداً لمالآة الله 
على أمره » ومظاهرة لإقامة الحق ونصره » ويثني على معرفتك ما ناك الله من الحول » 
وما رزقك من الطول ء. ونزوعك لشكرك إياه على ما آتاك » بالعمل فيه لآخرتك 
ودنياك ۽ وم يفتك الوعتبار بقوله تعالى ؛ إن الله اذ شترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم 
أن هم qed‏ : الآية : ولا بقوله «وذلك Y etl‏ يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا 
مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطتاً يغيظ الكُمَار ولا ينالون من عدو نيلا | إلا كتب لهم 
به عمل صالح ٠‏ إن الله لا يضيع أجر المحسنين » ولا ينفقون Hai‏ صغيرة 
ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا CS‏ هم ليجزيهم الله اخسن ما كالوا 
يعملون "42 . ولن يعجز مؤمن وإن ضعف حاله . وقل ماله « Gh of‏ واحدة مما 
ذکر الله > فكيف بك وقد آتاك الله بسطة جاه في قومك » » تستطيع بها تقويم طباعهم » 
Cadets‏ عقوم » وردهم إلى ما انحرفوا عنه من طريق الشرع القويم » وتنبيههم لا 
غفلوا عن رعايته من طلب الشهادة » وعدها أفضل ty aU of, ¢ Boland! sles‏ عندك 


. سياسية إلى أحد أعضاء جمعية (العروة الوثقى)» وهو نفسه المرسلة إليه الرسالة السابقة‎ Slay (V7) 
, ]١١١ : [التوبة‎ )۷۷( 
.]١5١ 11١ : [التوبة‎ )۷۸( 


14۹4 





ما آتاك » ولست تأمن مكره في حفظ نعمته عليك لعقبك » إن أمنت ذلك لنفسك » 
ا لا ال 
وإعلاء كلمته , والجهاد للحق حتى يظهر » وني الباطل حتى يدحر » فأوصيك 

eae. للوصية أن تجعل كتاب الله إمامك » وأن تأتمر له‎ clog cal 
يسامحنا الله دونهم » وليس بين الله‎ dy bisa al وأصحابه يأتمرون له . > فلم يكلفهم‎ 
» وبين أحد من خلقه هوادة في فريضة فرضها > أو سلة سنا » وإياك وتعلات النفوس‎ 
» وأهاويل الأوهام » فإنها من مضلات العقول » ومداحض الملكة » وجند الشيطان‎ 
, لله مك » > فتكون يد الله على يدك‎ Gals og of وليس بينك وبين الحق إلا‎ 
يؤيدك 6 وياشل للحق. بك +. والله لا يعين ادل »ولا يشيع عملا اخلض 'له.,‎ 


file cya cal hc Milo the Le ce ttl 5 allt ay . ألا أيها الشيخ الجليل‎ 

› بها بلا عوض » لقيامها على قواعد الإتعاب » وقوائم الأوصاب » بدايتها ضعف‎ alt 
ونهايتها عجز . وما بينهها خروج من أحدهما دخول في الآخر . ما فات من لذاتها يولد‎ 
الأسف على فراته > وما حضر مشوب بالجزع على ذهابه » واللهف الدائم على تحصيل‎ 
ما يؤمل منهاء « فليس فيها حال تخلو من آلام » وقد وعدنا ربنا حقاً أن يعوضنا عنها‎ 
ولا ازج دوه كدر » وذلك‎ cdf سعادة أبدية , في حياة أبدية » لا يشوب لذاتها‎ 
عندما تسلم له السلعة تامة في نهاية الأجل » > فإن لم نقبل بيعة الله في ذلك كنا‎ 
لمغبونين » وإن لم ندفع له سلعته خالصة كنا الخاسرين » حياتنا ذاهبة إلى الفناء رغا‎ 
lta فانظر إلى رحمة اللّه في شرائها منا‎ ٠ عنا . وليس لنا من إمكان للخلود فيها‎ 
الغوض » وتعظيمه حتى كأنه يساوما ملكا لنا... وفي سعتنا أن تستبد به علية» وتمنعة‎ 
ca ga le ale bed Vy al Gab جلت عظمته  ووسعت رحته. آلا‎ ٠» مرادة منه‎ 
ساقك » وأحسر عن ذراعك » واذهب‎ ye jad » ولا نغرٌ بإملائه لنا ء ومطاولتنا عليه‎ 
بخير الذخائر » وهو تأليف عباده على الحق واستجاشة قلوبهم للدين › وتأليبهم‎ alll إلى‎ 
على تلبية داعي الؤيمان . واللّه يتول إرشادك في جيم الأحوال » أما حادثة الشيخ فقد‎ 
مسنا منها ما مسه » وم يكن ما وجدنا منه أقل نما وجده » ولم يغب عنا شيء من‎ 
أطرافها » وقد جهدنا فيها ما استطعنا › وربما رأيتم أو سمعتم بما أطالت به جرائد‎ 
(باريز) في المدافعة عن الشيخين » وتعنيف الحكومة على ما فعلت » وذلك بمحاورة من‎ 
تعلمون هناك » ولقد تنازعني في هذه الحادثة مسرة وحزن » أما المسرة فلأن الشيخ قام‎ 


140 





على طريق الصديقين يتلقى من الإختبار الإلمي ما تلقوه » لينال من رضاء الله - إذا 
احتسب ما نالوه » وأما الحزن فلما عمبى أن يكون قد خالط قلبه من ألم المحنة » 
والأسف على المصيبة » والحمد لله على رجعة من غيبة » وأسأله وقايتكم جميعاً من كيد 
الغادرين » وعدوان الظالمين » وأن ينزع بخواطركم إليه » ويؤلف قلوبكم عليه » وبعد 
e‏ 
اذلف ا ث إليه ببعض القواعد التي ينبغي أن يرفع البناء عليها » وإذا كتبتم إلي 
فليكن بعنوان . . . "“ وعجل بالاإجابة ما استطعت والسلام . 

ذي الحجة سنة 1١05‏ ه١‏ 


. عنوان سري » ل يذكر حفضاً للسلامة والمصلحة‎ (V4) 
. م‎ ۱۸۸٩۵ سہتمبر سنة‎ YO (At) 


“44 





.\ - 
Ya)‏ إله إلا الله 2 وحده لا شريك له » وبيده الحول والقوة : 


ثم وصلني كتابكم وكتاب أخي الفاضل محمد 00 > وقد آسفني ‏ واللّه 
يعلم SUS AGRE ae‏ لا أن ذلك مصير لا بد من 
الإنتهاء إليه » وإ ن عظم الأسف عليه » وفيم| عند الله سلوة الأبرار Uf‏ ما ذكرت في 
كتابك من اسم الظاهرية » فلم يكن ليخطر على بالي توجه فكركم إليه » > فإن المذكور في 
القسم تحكيم كتاب الله في الأخلاق والأعمال » بلا تأويل ولا تعليل » ومن الظاهر البين 
Sed oye al tl of‏ عزائمها من الجهاد ني الله حت جهاده » وبيع النفس في مرضاته » 
والسعي لإعزاز دينه » والقيام ب بحفظ أوامره ونواهيه . التي يكفر جاحدها » 
الحائد عنها » ويشهد بذلك اقتران الأعمال بالأخلاق . فكيف ذهب خاطر سيدي إلى 
العقائد أو أعمال الفروع ؟ وليعلم سيدي أننا سنيون أشعريون أو ما تريدون » وأننا في 
أعمال العبادات دائرون بين المذاهب الأربعة , فمنا المالكي والشافعي والحنبي 
والحلفي » وفي المعاملات على مذهب حاكم البلاد » إن وافق واحداً منبا » فإن كان 


الفكرية لجمعية (العروة ans 2 reas‏ بالذاهيت الإسلامية »> وهي هامة d‏ القاء الضوء 
على هذا الموضوع . 
(۸۲) رمز للقب > استغنى به عن الاسم الحقيقي » حفاظاً على السرية والمصلحة . 


۹¥ 





على غيرها توقينا المرافعة إليه ما أمكننا » وإنما ذلك القيد ليخرج الداخل معنا من 
حكم قوله تعالى : (أفتؤمئنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض EOD‏ . . وليمتاز 
المؤمنون بالكتاب عن الذين يزعمون الإيمان به , ولا يأخذون بشيء من أحكامه إلا 
صوراً من الأعبال لا ينظر الله | ليها » وأولئك قوم عرفناهم وعرفتموهم › ونون على 
أنفسهم ضيم الدين , لا يحزنون لذله » ولا يعملون لبايته » ويتعللون بالييأس , 
ويحتجون بالبأس . يفرون من الله فيم ألزمهم عمله » ويسألونه المعونة على ما نهاهم 
عنه » ويركئون في ذلك | إلى التأويل والتفسير » ولو أن شيئا من المكروه أصابهم لرأيتهم 
يطيلون الأحزان » ويحشدون الأشجان , ولو عن هم حطام من الدنيا رأيتهم يشدون 
المآزر » ويشمرون عن السواعد » كأنهم للدنيا خلقوا » وكأهم فيها بخلدون . 
لعل في ily‏ هذا كفاية » ولو وسع الوقت أطول منه لأتيت بما تملك تلاوته , 
وأما ما ذكرته في أمر المواد . من أنها لا توافق بلادكم > فلم أعرف له سبيا ‏ » فإنها مواد 
عمومية » جرب العمل بها في أقطار مختلفة . والحمد لله صادفت نجاحاً » » فإن كان 
ذلك كما ذكرتم فابعثوا بها إلي في أول بوسطة . وأقسم Dy ale‏ الآخذ بناصيتي 
وناصيتكم أن تنقلوا ها صورة › ولا تنسخوا من موادها مادة » لأردها من حيث 
جاءت . ثم ابعثوا إلي بما تجدونه موافقاً لكم لنطلع عليه » » فإن رأيناه موافقاً سألنا لكم 
إقراره“ والسلام عليكم وعلى من يتصل بكم . 





(۸۳) [البقرة : ]۸٥‏ . 
(Ag)‏ تلك إشارة هامة إلى مرونة ة ain‏ الجمعية ونظرتها لاختلافات واقع المجتمعات الإسلامية . 


۹۸ 





-١4- 


6 بسم الله الرحمن الرحيم . 

lal L>‏ الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد 
كفروا بما جاءكم من الحق477 . وذلك الذي وفد إليكم من القسم الذي puny sha‏ 
الله لا «المنافق العليم اللسان» » وهو جاسوس للحكومة القائمة في دياركم , 
فا حذروه › ولكن وليكن حذركم حذر الحكماء ‘ لا يتبين منه علمكم بحاله » وتحفظوا 
منه كل التحفظ › وإياكم ومكاشفته بشيء مما أنتم عليه , فلقد وجدته يدنو من 
السيد "© أيام إقامته «بباريس» ويسعه من السيد لين جانبه » وحاجته إلى ترجمان في 
بعض شئونه » فلم| كثر اجتماعي به تبينت فساده » فأقصيته من السيد » وباعدته عنه » 
وبعد أن كان يترجم لنا بعض الأخبار في بداية اشتغالنا بنشر آراء (العروة) كردن ‘ 
استعاذة من خبث سريرته » فتعوذوا منه تعوذكم من الشيطان » حتى يفرق الله بينكم 


وينه . 


وم 


(85) هي مرسلة إلى أحد أعضاء الجمعية في بلد غير مصر . وهي وان لم تكشف عن اسم البلد إل 
of‏ مضمونها يقطع بأنه نفس البلد الذي منه العالم الذي أرسلت إليه الرسالة السابقة . 

. ]١ : [الممتحنة‎ )85( 

(۸۷) جمال الدين الأفغاني . 


144 





اه 
الكتاب التي كتبت من صفحة كتابي . فلم أجديي إلا عزّيت الشيخ أولا » ثم كشفت له 
عن وجه الشبهة في استفهم عنه , ثم قلت : - وإني لصادق - أنه ما كان يخطر ببالي 
توجه فكره إلى الرأي الذي care Shay‏ وما ates Bs atest‏ ا لا 
ولكن نبهث على ما أعلم » وليس وراء ذلك غاية » وفي الحق إني لو كنت أعلم أن 
العبارة توهم ما استفهم عنه » لكنت وضحت المراد في كتابي الأسبق » وم أحوجه إلى 
الإستفهام » هذا ما أردت . ولعل تطويلي في بيان المراد أوهم شيئاً ما قلتم » ولست منه 
في شيء . . نعم إنني طلبت منكم نسخة المبادىء إن لم تريدوا اعتمادها » وهذا ما يوجبه 
sage Ue‏ الذي أنا فيه . 

أما عدم ثقة الشيخ مهمة من ذكرتم فمما له الحق فيه » وهكذا أمر هذه الأمة في 
جميع أقطارها » وهذا احتجنا إلى معاناة الإضمار » ومقاساة الإسرار » والإستخفاء بما 
OF abit al‏ يعلن ويظهر““ » غير أن القليل ممن يكون على الشرط كثيرء وقد 
صرحت تلك المبادىء بأن الرشد والنصيحة العامة من الواجبات على القائمين بأمر 
م الم ا ا al ep eed‏ 
OVE‏ وهم بمنزلة القوة العاقلة في البدن لا بد أن يكونوا على الشروط المعروفة 

عند أصحاب الرابطة » فسلموا على الشيخ سلاماً طيباً وأكدوا له أنني لم أقصد في بياني 
ل ا أعيذ نفسي من توجيه اللائمة على من دون منزلة 
الشيخ من أهل الإيمان الصحيح » وأعود إلى تحذيركم من الجاسوس الجديد . فلا 
يتسقطكم بمظاهره إلى علم شيء من سرائركم » واللَّه يتولى رعايتكم والسلام . 


٠ إشارة إلى اضطرار ا جمعية للعمل السري‎ (AA) 
. هم الأعضاء العاملون بالجمعية‎ )۸4( 


Vee 





60أس 


af‏ الحمد على هبته من الإخلاص » ومنحته من الإنابة إليه » وأشكر الله 
إليك على ما وفر لك الحظ منهها . ما أبطأ بي عن مواصلتك غفلة عن ذكرك » أو إهمال 
ني الواجب عل لحقك , فلي من همتك منبه لا يغفل » ولديّ عن مروءتك جميل لا 
> لكن صرفني القدر الإلهي فيا أراد الله > وصرفني إلى حيث سبقت مشيئته » 
cuablar‏ ادت ال ى مرا ا مال مها تر ال عل امتا 3 

Sil as‏ وأحذت صور عقباها بمواقع النظر « فلقيت من الأمر الجديد أ 
YS‏ ا الا ا كن 
بالبيان جهالات » فتعرف أنفس ما ادخر لها العمل » وتلحظ أبصار ما دنا من الأمل » 
وتنبعث عزائم لتناول ما حضر لديها وإبراز ما كمن فيها , ٠‏ فعناية الله باسطة أكفها 
إليهم . رافعة صوتها عليهم . وهم في غشية من الجهل لا يصافحونها » وغطيط من 
الغفلة لا يسمعونها . هذا ما اندفع بي إلى بلاد استعين الله فيها على تجديد عهوده , 
والتوقيف على حدوده » عسى أن يتواصل التقاطعون » ويتناصر المتخاذلون » وما 





)4( کتبها من منفاه بباريس » إلى صديق . . ولم يذكر الشيخ رشيد رضا- الذي اطلع على 
مسودتما - اسم ذلك الصديق Jo lye om‏ سلافته من اضطهاد السلطات يومئذ . . وهي من 
الرسائل التي كان يرسلها الأستاذ الإمام بحكم مكانه في جمعية (العروة الوثقى) السرية . . 

alti (44)‏ » الثورة المهدية في جنوب مصر » السودان . 


۷۰1 





توفيقي إلا باللّه وما اعتمادي إلا عليه » فكانت أوقاتي من فراقك في أسفار » واليوم 
سكن بي قرار » te Gly‏ طواني ببلاد أكتب إليك اليوم من : 

بلاد بها فض الشباب تمائمي وأول أرض مس جسمي ترابها 

غير أنه لا يراني من أهلها إلا المخلصون ولا يعرفني فيها إلا العارفون » وإن لك 
بيغهم ذكراً يليق مهمتك » ومكانة تجدد ها عزيمتك ٠‏ ولقد أبلغت السييد9؟؟) من حبر 
صنيعك ما وفر لك شكره وأخلص لك سعيه » ورجائي أن يوافيني من لدنك ما يطمئن 
Ce ale‏ وي لحري ب a oe ag eee‏ 
أحيا الله بك موات الهمم وأقرٌ بك نواظر الفضل . وسلامي عليك وعلى أنجالك وآل 
ودك » والله يديم رعايته عليك والسلام . 

OM ae ۱۳۰۲ سنة‎ ١ لاج‎ 


(؟4) السيد جمال الدين الأفغانٍ . 
(19) ج ١‏ تعني الاختصار لحرادي الأولى سنة ١7٠5‏ ه 7١‏ فبراير سنة 1880 م) . 


070, 





سكاه 


OPELS IL‏ ولم يفارقني مثال من كالك » وضياء من عرفانك » وإني على البعد 
عنك لم أنس ما أفادني القرب منك » ولي في كل لحظة شوق إليك » وفي كل بقعة 
حللتها ثناء عليك »> ورجائي أن lle Jt‏ من الإطمئنان على صحتك » وسلامي على 
و السيد أخيكم ومن سعد بمحبتكم والله يتولل رعايتكم والسلام . 


۷ حمادي الأول - سنة ۲ 9 )80( 


)48( يشر الشيخ رشيد رضا إلى المرسل إليه . . . وهذه الرسالة هي الأخرى من رسائل جمعية 
العروة الوثقى . . . ويستفاد من تاريخها أنها قد أرسلت مع عديد من الرسائل في نفس التاريخ 
إلى مجموعة من الأعضاء والأنصار . 

7١ )460(‏ فيراير سنة ۱۹۸۸٩‏ م . 


vey 





~\V. 


أ ااج من راك حرماق من تغاضيرة اذالك © والاقفاين من انرا 
فضلك . وتعرف الصواب من صائب رأيك » وإما يخفف ألم البعد عنك أن أكون بمكان 
من فكرله + واضيب حظأ من :مراسلتك: غ:وحدير بكرمك أن قصل واصلا ٠‏ وتيب 
سائلاً . وسلامي عليك وعلى أنجالك الصا حين ally ٠‏ ينفع المسلمين بسعيك , 
وخالص نيتك » والسلام . 


۷ ادي الأولى سنة ۱۳۰۲ ° 


(45-حن وسائل اطمعية البناسية » ايضا , 
7١ )۹۷(‏ فبراير سنة ۱۸۸٩‏ م . 





-\A. 


تبيبي 2140 من جلالك يمنعني الدنو من كىالك . وكل ما عددت من فضائلك › 
de gallo cel My Allee AL 398‏ ل عله ساك : 
ومنزلة لم يسم إليها غيرك » وما أنا بالمختار في ذلك » وإنما فضلك أنزلك حيث شئت » 
AS «38 age‏ اننا عليه : ووجهن وجوه إلية » فلك الدين ويا 
افترض ‏ والحق وما اقترض «إإن تقرضوا الله قرضاً حسناً يضاعفه لكم ويغفر لكم 
ally‏ شكور حليم )7 قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني 
وسبحان الله وما أنا من المشركين7#' وزی الله ان ن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم 
مهم Boge‏ واللّه قدير واللّه غفور رحيم 4" © إن الزمن من يوم فراقك کان في سفر م 
تسنح لي فيه فرصة لأداء حق المواصلة » ورجائي في عفو هو أقرب إليك من الظنة » 
وأجدر بك من التهمة » وإن كتابي هذا يصلك من خلوة يستضاء فيها مهديك » وتتى 
فيها آبات ذكرك » وإن هذا الداعي والمخلصين في السير على طريقك » يؤملون ورود 


ll floes oy (4A)‏ ای ا 
(49) التغابن : ١9‏ . 

. ۱٩۸ : افسوي)٠٠(‎ 

, ۷ : الممتحنة‎ )١١١( 





الخير من جانبك » وأرجو أن يكون فيا تكتب إلي شيء من حال الشيخ . . والشيخ . . 
ومن وصل إليه سعيك » وكتبي سر لديك » وسيدي الأستاذ حيث تركته يبديك أزكى 
السلام 4 والله يحفظكم برعايته . 

لاج ١‏ سنة ۱۳۰۲ ه0 ١‏ 


(؟١٠) 7١‏ فبراير سنة 1886م . 





۹ 


OD‏ فتر حب أثارته صنائعك » ولا خمد شرق هاجه ذكرى شائلك » ولکن 
تعس زمان شخل يدي » وأخذ بأصغري وأكبريٰ حتى أبطأ بي عن مواصلتك » وقصر بي 
عن مراسلتك » هذه مدة من فراقك نهبتها الأسفار . وغالتها مقارفة الأخطار » حولتنى 
صروف الحوادث عن الغرب إلى الشرق » حيث يقصد إحكام او 
بالقوة » ولي في ذكر حضرة الوالد شأن . وني تعديد أوصافه ك| سمعت بيان » 
وسيدي الأستاذ© )١١‏ يهديكم il‏ السلام » d uly‏ انتظار لنبأ منك عن صحتك 
وصحة السادات أشقائك . والوسيلة واصلة إليك إن شاء اللّه(ه 2١‏ وسلامي عليك 
OM edges dey‏ ی ال کے ون وو دوا يتولى رعايتكم 


السلام . 
الج | سنة ۱۳۰۲ ھ0 


)1١1(‏ هي رسالة سياسية تتتحدث عن أعمال جمعية (العروة الوثقى) . . وأسفار الأستاذ الإمام إلى بلاد 
بالمشرق لأعمال التنظيم الخاصة بالجمعية . 

. حمال الدين الأفغان‎ )٠١4( 

LAL (10)‏ رمزية لوصول جريدة (العروة الوثقى) سراً إلى المرسل إليه 

. اسم لم يذكر , > حفاظاً على السرية والمصلحة‎ )1١5( 

, اسم لم يذكر, حفاظا عل 'السرية والمضلاحة‎ )٠١0( 

. فبراير سنة 18/6 م‎ 5١ )٠١4( 


بادلا 





ا 


٠٠ 4)‏ لله ما أودعت نفسي من الود لك لك ٠‏ وما ملا قلبي من الإجلال لقدرك , 
ذلك ay at‏ ال ووا وهال slaty. able‏ ا وتويك de Adie‏ 
أكاتبك من يوم فراقك . لأن المدة تقفضت في سفر وانتقال » وهذه أول فرصة سدحت 
لأداء حق المودة » وفريضة الأخوة » ورجائي أنه لا يزايل فكرك ما تفارقنا عليه » وسبق 
الكلام فيه مراراً » وأن يرد إليّ من سيادتكم ما يبشرني بسلامة حالك , وجمل الحاصل 
من سعيك . قدّم سلامي إلى حضرات الأميرين الجليلين » وسأكتب إليهما على وجه 
آخر عند ورود خبر من جنابك إن شاء الله . حولتني الحوادث من الغرب إلى الشرق 
لتكون المواجهة أذ شد أثراً من المكاتبة » وهذا ما عاقني عن مباشرة ذلك العمل المعهود في 
هذه الأيام » ولكن حول لله على وحدة القصد وسلامة الغاية all,‏ يسمعني عنك 
أفضل ما أحب لك والسلام . 


)١١9(‏ من رسائل العروة الوثقى السياسية التي تتحدث عن أعيلها وأسفار الومام إلى بلاد الشرق 
لأعال تنظ تنظيمية - وهي غير مؤرخة - 2 ولكن مضمونها يضعها في سنة ۲ هھ ويؤخذ ذلك 
من مقارنتها بغيرها من الرسائل المؤرخة في جمادي الأولى سلة ٠۳١۲‏ ه . سنة 18486 م . 


VA 





3E 


AN pn )‏ الرحمن الرحيم لإربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيان ولا 
تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربّنا إلك رؤوف OMY ay‏ 

الحمد لله وبه الهداية في البداية » وهو الغاية في الغهاية » والصلاة والسلام على 
سر العناية » وحقيقة كنه الولاية » وآله حاة الدين » وأصحابه المداة الراشدين . 


الع yo‏ تع ly te‏ سيان cL‏ ¢ ما أودعه في فطرتي » من 
اميل إلى الخيرة من أهل ملتي » فلا أزال لهم طالباً » وفي الصلة بهم راغباً » خصوصاً 
es‏ ل إل شهرة 
عرفانكم وما ت الله في مقامات القرب من مكانكم » فأهمت أن أفتتح إليكم باب 
التعارف » وشنشنة"''“ المؤمنين التراحم والتعاطف TT‏ المؤمنين في 
تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم مثل الحسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده 





)١١١(‏ مرسلة لأحد شيوخ التصوف في مصر ‏ كما سندلل عليه بعد قليل ‏ ولقد اكتفى الشيخ رشيد 
رضا بذكر حروف أسمه الأول 2 )¢- ٿٽ) . 
1١١9‏ [الحشر : .]٠١‏ 


(۱۱۲) نستدل من هذه العبارة على أن (م.ت) مصري ¢ تجمعه والأستاذ الإمام ووحدة التربة) . 


11) خلقهم وطبيعتهم . 


۷۰4 





بالسهر والحمى» . وأما الأخوة التي عقدها الله ين المؤمنين وإن اعلمت عند كر من 
الغافلين إلا أنها لم تزل والحمد للّه تلحظها بصائر العارفين » وتصبو للإعتصاب بها 
قلوب الصادقين » فإنما الأخوة مظهر سر المحبة » والمحبة J‏ سر eal wit!‏ الذي 
يجمع الله به أرواح الصديقين | إلى حضرته القدسية هذا poe ie BUS‏ 
التعارن . BB JB‏ «من Sr Oa Se oo Ol Lie Sule aij Lew alll aff‏ 
أعانه» » وكا يكون التعاون والأماكن دانية »> يكون والأقطار نائية ٠"‏ » وخير المعونة 
ما عاد على الأرواح » بتزكية وصلاح » ولا أعود على الروح من علم تستفيده » أو نصح 
تستجيده » أو صلة بين متحابين تأنس إليها » أو وحدة بين متواصلين عليها » وأرج و أن 
يجعل الله في مكاتبتنا بركة ذلك كله » إن شاء الله > فسركم ظاهر » وضياؤهكم 
باهر » وميلي إليكم غير معلول » وإهتامكم بالإجابة مأمول » وإذا كتبتم إلينا فليكن 
OO ES ab Ol pe‏ والله ينفعنا بالتواد » ويبلغنا به غايات المراد » والسلام 
عليك وعلى من يرتبط بعهدك ورحة الله . 





)١١4(‏ نستدل من هذه العبارة على أن الرسالة مرسلة من الأستاد اللإمام وهو في منفاه » ولهذه اللإشارة 
أهمية في تحديد تاريخها التقريبي » حيث أنها لم تذيل بتاريخ م كتابتها » كما أنها تلقي ضوءاً على 
Yl‏ كانت محاولة للاقتراب ب ثم .ت) من العمل السياسي . 

. عنوان لم يذكر حفاظاً على السرية والمصلحة‎ ١ ٠٠( 


Vis 





-11- 


مولاناا”١1)‏ مهبط أنوار العرفان . وحجة الله على أهل الزمان . ا 

الشيخ . . . حماه الله » وأيد به أهل تقواه . 
أحمد الله على ما أ همني في مخاطبتكم » ووفقني للمبادرة إلى مكاتبتكم » وهي 

اراي جود وأولاها بتقديم شكر . فلم يبق في الزمان لأهل الدين إلا عمل 
يتزودونه > أو عرفان بالله بالمعاونة يستزيدونه , 

وقد كنت بعثت إلى مقامكم الطاهر بكتاب قبل هذا رجوت أن يكون وصول 
جوابه إل على إثر إطلاع سيادتكم عليه » لعلمي أن الإخلاص كان يرجى من 
سطوره » وسر المحبة يجلل أحرفه بنوره . وما بعث على خطبة مودتكم إلا طلب الفوائد 

من إرشادكم » والرغبة في الإستعانة بمعارفكم » لتعود علينا بركة «إوتعاونوا على الب 

والتقوى 22١4‏ ويحفنا لطف لواعتصموا بحبل الله جميعاً4'» فيزداد لله شكرنا 
على الالفة » ويزداد إحسانه إلينا في نعمة المحبة . 


)۱١(‏ هي من رسائل الأستاذ الإمام السياسية التي بعث بها باسم (جمعية العروة الوثقى) إلى الشيخ 
)1١7(‏ [المائدة : ]١‏ . 
(118) 3ل عمران : 7 .]١٠١‏ 


4 





وما كنت لأذكر السيد الجليل بأن هذه حال المؤمنين الموصوفة على لسان سيد 
الرسلين » يعلم عالمهم وجاهلهم , ويذكر عارفهم وغافلهم » ولا حد ينتهي إليه العلم 
ولا موقف يقف دونه الإرشاد » فعباد الله في كل لحظة يتوسلون إلى مرضاته بعلم 
يستفيدونه » أو عرفان إلى القلوب المفتقرة يسوقونه » أو عمل من أعمال الخير 
يسترشدونه . وقوام كل ذلك المعاونة » وحياته روح المعاضدة والمساعدة » واللّه في عون 
العبد ما كان العبد في عون أخيه 

وليس بخاف على السيد الكريم أننا في بلاد أقفرت من العلماء » وأمحلت من 
الصلحاء » فنحن على بعد الدار » وتنائي المزار » نتوجه | ا 
بموافاة الحق را ٠‏ ونذكي بمجاذبة أحاديث العرفان 2 > وني أعلم أن سيادتكم 
أجل من Se‏ إمداد لمبتغى سداد . فشأنكم عندنا 
بما سمعنا أرفع من أن يتوهم فيه مثل ذلك , > هذا عولت في سبب تأخير الإجابة على 
عدم وصول كتابي إلى جنابكم ون شاء الله اتال اة الأسطر ما طلبت » وأحقق ما 
cbf‏ ملت . والسلام . 


1۲ 





مع وزير الحربية الإنكليزي 


[عندما زار الشيخ محمد عبده (لندن) سنة ۱۸۸۳ مندوباً عن (العروة الوثقى) 
all IL Ste,‏ الأفغاني » التقى » ضمن من التقى بهم من رجال السياسة الإنكليز 
بوزير الحربية اللورد «هرتنكتون» . . ودار بيهما هذا الجوار”''] . 

اللورد هرتنكتون : ألا يرضى المصريون أن يكونوا في أمن وراحة تحت سلطة 
الحكومة الإنكليزية ؛ وألا يرون حكومتنا خيراً لحم من حكومة الأتراك » وفلان باشا » 
وفلان باشا ؟! . 

3 الشيخ محمد عبده : كلا .. إن المصريين قوم عرب , وكلهم مسلمون إلا 
قليلا » وفيهم من محبي أوطانهم مثل ما في الشعب الإنكليزي » فلا بخطر ببال أحد 
منهم الميل إلى الخضوع لسلطة من يخالفه في الدين والجنس . ولا يصح لحضرة اللورد » 
وهو على علم بطبائع الأمم أن يتصور هذا اميل في المصريين . 

اللورد هرتتكتون : هل تنكر أن الجهالة عامة في مصر ؟ وأن الكافة لا تفرق بين 
الحاكم الأجنبي والحاكم الوطني ؟ وأن ما ذكرته من النفرة من سلطة الأجانب إنما يكون 
في الأمم المهذبة ؟؟ . 

الشيخ محمد عبده (غاضباً محتدا) أولاً : إن النفرة من ولاية الأجنبي ونبذ الطبع 





(١)العروة‏ الوثقى . مقال (هؤلاء رجال الإنكليز وهذه أفكارهم) مجموعة العروة الوثقى 
ص £04 - ٤1١‏ . 


V1۳ 





le, abl‏ أودع في فطرة البشر ء وليس بمحتاج للدرس والمطالعة » وهو شعور إنساني 
ظهرت 4ف 3 أشد الأمم توحشاً «كالزولوس» » الذين لم تنسوا ما كابدتموه منهم في 
الدفاع عن أوطا 

e (sty‏ أي درجة وجدوا لا يصلون من الجهل إلى 
الدرجة التي يتصورها الوزير » فإن الأميين منهم , ومن لا يقرأون ولا يكتبون » لا 
يفوتم العلم بضروريات الدين › ومن أجلها وأظهرها عندهم أن لا يدينوا لمخالفيهم 
فيه » وإن هم d‏ الخطب الجمعية ومواعظ الوعاظ ف مساجدهم ما يقوم مقام العلوم 
الإبتدائية » وإن جميع ما يتلقونه من النصائح الدينية يحذرهم من الخضوع لمن لا 
يوافقهم ويحدث فبهم من اللإحساسات الشريفة الإنسائية ما لا ينحطون معه عن سائر 
الأمم » خصوصاً المصربين الذين ينطقون باللسان العربي . ويفهمون دقائق ما أودع في 
ذلك اللسان » وهو لسان دينهم . 


وثالثاً : إن أرض مصر من زمن محمد علي قد انتشرت فيها العلوم والآداب 
الجديدة على نحو ما هو موجود في بلاد أوروبا » وأخذ كل مصري نصيباً منها على 
قدره » ولا تخلو قرية من القرى الصغيرة من ا سي والأخبار 
العمومية توصلها إليهم الجرائد العربية » ومن لا يقرأ يستنبىء الأخبار من القارثين . 
فبهذا أضافوا إلى الشعور الطبيعي والتقليد ek‏ منشأها التهذيب 
العموين قوي بها الميلان الأولان . ولا أظنبم يخالفون في ذلك سائر الأمم . 


ل 





الإحتلال الإنجليزي لصرل") 


المندوب : ما رأيك في الحالة الحاضرة بمصر ؟ والسياسة التي يجب اتباعها ؟؟ . 


الشيخ عبده : لقد وجه إلي هذا السؤال مراراً منذ جئت إلى لندن » وكل 
انجليزي لقيناه يؤكد لنا أنه يريد الخير لمصر » ولكن أين هم رجال السياسة عندكم 
الذين حاولوا تأيبد تصريحاتهم وتأكيداتهم ؟ .. إننا معشر المصريين من أرباب حزب 
الحرية كنا نظن أن الإنجليز يناصرون قضية الحرية » ولكننا لم نعد نعتقد بمثل هذه 
الظنون » فإن الحقائق أقوى وأبلغ من الكلام .. إننا نرى أن انتصاركم للحرية هو 
انتصار لما فيه مصلحتكم » وإن عطفكم علينا كعطف الذئب على الحمل » لقد قضيتم 
على عناصر الخير فينا لكي يكون لكم من ذلك حجة للبقاء في بلادنا . 

المندوب : صدقني هذا ليس بصحيح » وإن يكن يبدو كذلك . فلا المستر 
جلادستون » ولا أحد من الوزراء يريد شيا آحر غير الجلاء عن مصر في أقرب فرصة »› 
وعلى أتم وجه . 

الشيخ عبده : إذا كان الأمر كذلك فلم لا تغادرون بلادنا في الحال ؟ لقد علمنا 


(۱) نشرت هذا الحديث جريدة «البول ميل جازيت» اللندنية » في /ا١‏ أغسطس سنة 1884 م 
وهو حوار ol ped‏ مراسلها ص الأستاذ الإمام أثناء زيارته Od‏ عونا من قبل تنظيم العروة 
sgl‏ عرض القضية المصرية على وجوه المجتمع الإنجليزي والرأي العام هناك , وتر مضه 
الأستاذ الدكتور عثان أمين . انظر جلة (الثقافة) العدد ۸٤‏ في ٦‏ أغسطس سنة 198٠‏ م . 


V\o 





الإنجليز شيئاً واحداً : وهو التضامن في رغبتنا أن نراهم يرحلون عن بلادنا . . حق إننا 
تطاحنا وأردنا أن نحطم استبداد حكامنا . شكونا من الأتراك لأنهم أجانب عن وطننا » 
ورغبنا لبلادنا إصلاحاً سياسيا وتقدماً يشبه تقدم أوروبا في طريق الحرية » OV ES‏ 
نعلم أن هنالك ما هو شر من استبداد الحكام » وشر من ظلم الآتراك . وليس في مصر 
من قد بلغ به الظلم حداً يرجو معه مساعدتكم . إن لنا إليكم رجاء واحدأً of:‏ 
تغادروا بلادنا حالاً من غير رجعة . 


المندوب : وتوفيق ؟ هل تصفحون عنه كا صفحتم عن الأتراك ؟ 

الشيخ عبده : توفيق باشا أساء إلينا أبلغ السوء , لأنه مهد لدحولكم بلادنا , 
ورجل مثله انضم إلى أعدائنا أيام الحرب لا يمكننا أن نشعر إزاءه بأدنى احترام » لكنه إذا 
ندم على ما فرط منه . وإذا عمل على الخلاص منكم » فربما غفرنا له سوءاته . إننا لا 
نريد خونة وجوههم مصرية وقلومهم انجليزية . 

المندوب : والفرنسيون ؟ إننا نا إذا تركنا مصر الآن › فهذا معناه pel‏ يحتلون 
بلادكم بدلا عنا . 

oe‏ . الفرنسيون يعرفون ار 
بلادهم رف كف تعمل oe‏ استيا see aes‏ 
فالفرنسيون لا يستطيعون أن يسيئوا | لينا أكثر مما أسأتم أنتم 

المندوب : والمهدي ؟! 

الشيخ عبده : لا خطر على مصر من حركة المهدي » إنما الخطر من وجودكم أنتم 
فيها . وإنكم إذا غادرتكم مصر فالمهدي لن يرغب في الهجوم عليها » ولن يكون في 
هجومه أي خطر . وهو الآن محبوب من الشعب . لأنهم يرون فيه المخلص لهم من 
الإعتداء الأوروبي » وسينضمون إليه عند قدومه . 

المندوب : اليس السودائيون قوما متعصبين ؟. 

الشيخ عبده : لي ليس السودانيون أكثر تعصباً مني . حينما كنت أعلم الفلسفة في 
القارة» كان ككيروة من الظلية: Ga pall‏ تون حغترر مروفي + هيا كان الاك 


۷1٦ 





4 طالباً من السودان . وكانوا جميعاً يحضرون للإستماع إلي . نعم » ليس السودانيون 
متعصبين . لكنهم إذا شعروا PALL‏ 3 يتهدد بلادهم , ثاروا وأصبحوا حينئذ 
متعصبين . وما مثلهم في ذلك إلا مثلكم أنتم lal‏ » رأيتم جيشا من المسلمين في شوارع 
لندن ! . 

المندوب : ألهذا الشعور علاقة بخير الهياج في بلاد العرب / 

الشيخ عبده : الخبر صحيح , وكنا ننتظره من زمان . ولا شك أن تعاهدكم مع 
الأحباش قد سهل هذا المياج . فالمسلمون إذا هددوا قاموا للجهاد » وليس ا 
اكد عم ارين السوداة . ولكنهم يحبون حريتهم كما يحبها العرب جميعاً . 

المندوب : وماذا يجب أن نفعل لإيقاف هذه العاصفة ؟ 

الشيخ عبده : كفوا عن تبديدنا » وغادورا مصر . 

المندوب : ولكن ماذا يكون مصير المسيحيين في مصر إذا تحقق جلاء جيوشنا 
عنها ؟ فهلا تحدث فيها مذابح جديدة ؟ 

الشيخ عبده : لم يحدث في مصر مذابح , اللهم إلا المذابح التي سببها الإنجليز 
أنفسهم . إن وصول أسطولكم إلى الإسكندرية هو الذي دفع الغوغاء إلى الشغب › 
وإن إنزالكم جيوشكم بها هو سبب حدوث الإضطراب في طنطا . لم يقتل من المسيحيين 
أحد قبل حضوركم إلى مصر » ولن يحدث من ذلك شبىء بعد جلائكم » فلا نزاع بيننا 
وبين المسحيين طاما عاشوا في ظل قوانيننا وم يتدخلوا في شئون حكومتنا . 

aa‏ 8 فأنت تعتقد أن لا شيء يحول دون السلام والرغد في مصر إلا 
وجودنا فيها ؟ ألست تود أن يعود حزب ار قا iba NT PU len‏ تعزو انق 
ورفاقك إلى مصر ؟ 

الشيخ عبده : إنني كنت أقترح سياسة جديدة لو خطر ببالي لدى حكومتكم أد 
رغبة جديدة في خير بلادنا » ولكن الأمر ليس كذلك » فا فائدة الكلام ؟ 

المندوب : لكن تكلم » فإني أرى ‏ كيفما كانت رغبة الحكومة ‏ أن في انجلترا 
كثيرين من يريدون إنصاف مصر بأي ثمن . 

الشيخ عبده : إذا رأت انجلترا أن تتدارك خطأها ا قلت فيجب عليها أولاً : أن 


VAY 





تقدم إلينا دليلاً على إخلاصها وحسن نيتها , فتأمر بإرجاع جيوشها من مصر . ثانياً : 
أن تتفق مع دول أوروبا ومع سلطان تركيا على إقامة حاكم جديد في مصر . وليس لي أن 
أذكر اسم ذلك الحاكم » بل ينبغي على كل حال أن يختار من الرجال المحبوبين من 
الشعب المصري » وأن يكون تعيينه لمدة محدودة » نحو ۷ أو ۸ سنين » وفي نهاية هذه 
المدة يحق للشعب أن يختار بنفسه من يحكمه ,` 

المندوب : لكن . كيف نتعرف رغبات الشعب ؟ وبأي شكل من أشكال 
الإنتخاب ؟ 


الشيخ عبده : إن الحاكم ee‏ من ايوش 
الإنجليزية فيكون محبوباً من المصريين » ولكن يشترط أن يكون مسلا » وأن يكون - 
بقدر الإمكان ~ مصري المولد . وينبغي أن يقنع ذلك الحاكم بسلطة محدودة . لسنا نريد 
(ee) LiL, (SLs‏ . والمصريون يفهمون ويقدرون حاكاً من هذا النوع . 

المندوب : إذا وجد حاكم كهذا فهل تعود أنت ورفاقك المنفيون إلى مصر ؟ وماذا 
تقول في عراي ؟ 

٠‏ الشيخ عبده : أحب أن يعود ule‏ إلى مصر . وإني أرى خير منصب له أن يكون 
رئيسا لمجلس النواب الذي ينشأ لمراقبة حاكم مصر » وعرابي خطيب وأفكاره نبيلة ع 
وهو رجل خلص » ونفوذه يتجه نحو الخير ‏ لكنه لا يعني بالتفاصيل . فلا يصلح لتولي 
الأعبال الإدارية . فإن أرجعتموه فليكن رئيسا للمجلس إذا انتخبه الأعضاء . 

المندوب : والوزارة ؟ إن حكومتنا تشكو من أا لا تجد مصريين من أهل الكفاية 
لتولي الحكم في البلاد . 

الشيخ عبده : إذا كانت حكومتكم فشلت في إيجاد هؤلاء الرجال فالذنب ذنبها . 
مصر لا ينقصها رجال أكفاء وشرفاء » لكنكم تطلبون رجالا ينفذون ما تريدون . وليس 
في مصر رجل مخلص لبلاده يقبل أن يعمل لمصلحة الحكومة الإنجليزية . دعونا نختار 
(ste‏ « وستروننا متضامنين في العمل معه . | إننا معشر المصريين نريد الإصلاح » 
نريد العدالة » نريد التعليم » نريد حاكياً نستظيع إحترامه . دعوا أمتنا تختار زعيمها « 
ودعوها تحكم نفسها بنفسها . 

المندوب : وهل جميع المصريين آراؤهم مشل آرائك ؟ إني أميل إلى الظن أن 


71۸ 





تسعين في المائة من الفلاحين يريدون حكومة مسيحية تخفف عنهم ثقل الضرائب » 
ويفضلونها على حكومة إسلامية تفرضها عليهم . 

الشيخ عبده : تلك أوهام » لقد أثقلت ظهور الفلاحين بالضرائب , لكنهم في 
الوقت الحاضر لا يشكون منها . وإنما يفكرون قبل كل شيء في تخليص بلادهم من 
حكم الأجنبي بل إنهم ليفضلون أن يدفعوا أكثر نما يدفعون لتحقيق هذه الغاية » إني 
أعلم ذلك » فإني على إتصال بالمراسلين في جهات كثيرة في مصر :کم ا أن تلغوا 

جميع الضرائب » فلن يحمدوا لكم هذا الصنيع › > إذا كنتم تتخذون من ذلك عذرا 
di dhs Ty wp ٠ Libs, Salo YY. Soi jal‏ أن يجزيكم خيراً نما 
صنعتم . ولكن لا تحاولوا أن تسدوا إلينا جميلاً لا نرتجيه منكم » فإن معروفكم قل مسنا 


بضرر بليغ . 


721 


Converted by Tiff Combine 








ترجة ثانية هذا الحوار 


(CN). yas 
ديم‎ 


oth‏ إلى الإعتقاد بأن الشيخ محمد عبده هو أول مصري حقيقي يزور هذا 
البلد . فقد تردد علينا كثيرون من المصريين المزيفين - أتراكا وشراكسة وشواما وأرمن 
ومهودا :يعون غنيعاً جنسية اليل »> ولكن لم يمحدث أن تردد علينا أحد من «أهل 
الفول»“ الحقيقيين . ومع ذلك فالشيخ محمد عبده فلاح قح . يرتدي خليانا زرف 
وعبامة بيضاء . ولا يتكلم الفرنسية ولا الإنجليزية » ولا حتى التركية » وإنما يتكلم لغة 
أمه » العربية » ولا تبدو عليه أقل صبغة من الخلق الغربي . وهو رجل متوسط الطول › 
أسمر البشرة » أسود اللحية » متوقد العينين » مهيب التقاطيع » ولكن لا تفارق شفتيه 





)١(‏ في كتاب [جوردون في الخرطوم] أعاد مؤلفه «بلنت» نشر هذا الحوار الذي نشرته جريدة «البول 
ميل جازيت») . . - وهو حوار أجري بمنزل بلنت - بلندن - . 
ولقد ترجم الدكتور علي شلش هذا الحوار عن كتاب cal‏ ¢ ارقف ابه إسلميلة الأغيان 
المجهولة ‏ محمد عبده] ص ۷۷-۷١‏ . 
وسيدرك القارىء أن ما بين النصين لا يعدو ما يكون عادة بين ترجمة وأخرى . . لكننا آثرنا 
نشر هذه الترجمة أيضاً ‏ لإضافتها مقدمة الجريدة عن الأستاذ الإمام . . وزيادة في خدمة المنتفع 
مبذه الأعيال . 
(۲) وضع بلنت العبارة كا تنطق بالعربية ay om Ablel Ful‏ إلى ‘The race of Beans :4 jlo YI‏ 
وهي ترجمة مسرفة في تعبيرها . 


كلا 





ابتسامة لطيفة » يتحدث _ إذا أحذته الجياسة ‏ بفصاحة شديدة التواضع وحمية مهيجة . 
وهو مقبول المحيا بلا جدال » فياض الذكاء . 

«کان أبوه ‏ وما يزال ‏ فلاحاً من أهالي الدلتا . يقوم LDU,‏ أربعين افدذانا من 
الأرض في زمام محلة نصر Vie! eles RE‏ 
تعد من ملكية الفلاحين للقطعة الواحدة من الأرضن . ولكن الإبن ل يعد الآن فلاحاً . 
لقد أرسله ee ee‏ 
القديمة في الأزهر » وهو الآن من علائه المرموقين . أو كان بالأحرى » لأن السلطات 
القائمة أبعدته مع بقية الجاعة المتحررة في الجامعة » وهو الآن منفي منها ومن مصر . 

«ومع أنه رجل معتدل » » بالمزاج » فقد انضم إلى عرابي والحركة الشعبية قبل 
الحرب » وأصبح من زعمائها البارزين ٠‏ وساهم في خرابها . وبعد (موقعة) التل الكبير 
غدت فصاحته » مع تحرره » ad yale Sls‏ ولكنه أفلت من حبل المشنقة » 
وسعد بالوصول إلى سوريا » ورأسه آمن على كتفيه » ولكن حكم عليه بالنفى bal‏ 
لابشا منوات :: وباتبيع دالا من فرت اما الان فهو فوم بار Fad Dus‏ یری 
بعيني رأسه البلد الذي رت بلده . 

هذه المعلومات حصل عليها من شفتيه مندوبنا الذي زاره منذ يومين في بيت المستر 
ويلفرد بلنت بشارع جيمس . ونظراً لولام المندود باللغة العربية فقد أمكنه إجراء 
المحادثة التالية معه) وبعد هذه المقدمة المتعاطفة يبدأ الحوار : ] 


مندوبئا : بدون مناقشة الماضى الذي U‏ الول نا 
رأيك في الحالة الحاضرة بمصر والسياسة التى يجب ابتاعها ؟ 


الشيخ محمد عبده : منذ وصولي إلى إنجلترا سألبي الجميع هذا السؤال . وكل 
إنجليزي يقول أنه يرجو الخير للصر . ولكن أي السياسيين عندكم حاول أن يبرهن على 
صدق تصريحاته ؟ لقد كنا نؤمن نحن المصريين أنصار الحزب الحر بمذهب الحرية 
الإنجليزي والتعاطف الإنجليزي . ولكننا لم نعد نؤمن بهذا » لأن الحقائق أقوى من 
الألفاظ » أما مساندتكم للحرية eed Liberality‏ نرى بوضوح أنها مسألة من أجلكم 
وحدکم » وأما تعاطفكم معنا فهو تعاطف الذئب مع الحمل الذي يخطط لإلتهامه . لقد 
قضيتم على كل ما فينا من خير حتى تجدوا مبرراً للإستمرار في تملك بلدنا . 


ضف 





المراسل : صدقني أن هذا غير صحيح. قد يبدو لك صحيحاً » ولكنه ليس 
كذلك . فلا المستر جلادستون ولا أي من وزرائه » يرجو سوى مغادرة مصر في أقرب 
وقت وعلى أتم وجه . 

الشيخ : إذا صح هذا فلاذا لا تغادرونا على الفور؟ إن الشيء الوحيد الذي 
E OL‏ . لقد كنا نتنازع قبل 
الحرب وأثناءها . وكنا نرجو أن نحطم استبداد حكامنا » فرحنا نشكو من الأتراك 
ونعدهم غرباء . وكنا نرجو أن نصاح أنفسنا سياسياً » وأن نتقدم على طريق ا حرية مثلما 
تقدمت أمم أوروبا . أما الآن فنحن نعرف أن هناك ما هوأ موا من dt‏ ومن هو 
أسوا في العداء من الأتراك . نحن نرى فيهم إخوة لنا في الدين » إذا لم يكن في 
الحنس » فإذا تركتمونا وشأننا معهم لعرفنا كيف نتقدم في سلام . وليس في مصر مسلم 
لا يرجو من فرط الإضطهاد أن يتلقى منكم العون بعد الآن . فنحن لا نبتغي منكم إلا 
شيئاً واحداً , هو أن OW ge Le Lyle‏ وإلى الأبد . 


الراسل : هل تصفحون عن توفيق ضمن صفحكم عن الأتراك ؟ 

الشيخ : لقد أساء | لينا توفيق باشا اف بالغة حين سمح بدخولكم | إلى بلدنا . 
ee‏ أن ينال احترامنا . ولكن قد نصفح 
عنه إذا هو ندم على ما فعل » ولا سيم| إذا هو تخلص منكم . فنحن لا نرغب في خونة 
بوجوه مصرية وقلوب إنجليزية . 

امراسل : ما رأيكم في الفرنسيين ؟ ؟ إن رحيلنا عن مصر الآن سيعني بالتأكيد 

الشيخ : لا نظن ذلك . فالفرنسيون يعرفون أنهم لن يستطيعوا أن ينالوا موافقتنا 


على حكمهم كم لم تستطيعوا ذلك أنتم . لا پد أن نقاومهم مثلا قاومناكم . فحن لا 
نريد حكاماً أجائب من آي بلد ‏ ونعرف كيف نجعل مثل هذا الحكم مستحيلا . 


والفرنسيون لا يمكن على أي حال أن يلحقوا بنا من الضرر أكثر مما فعلتم . 


المراسل : والمهدي ؟ 
الشيخ : إن محمد أحمد (المهدي) لا خطر له على مصر إلا بوجودكم فيها . فإذا 


VY 





رحلتم عن مصر فلن يرغب في الهجوم عليناء ولن يكون في هجومه ‏ إذا فعل ‏ أ 
خطر علينا . وهو نال العطف من tll‏ . لام ع وو 5 


المسيحي . وسوف ينضمون إليه إذا أتى إليهم . 
المراسل : ومتى سيحدث هذا ؟ 
الشيخ : لقد وصل أنصار محمد أحمد إلى الصعيد بالفعل » ولكنه هو نفسه لن 
يتقدم إلا إذا استولى على الخرطوم . وحكومتكم تبذل كل ما في وسعها لتقويته . 
المراسل : كيف ؟ 
الشيخ : عن طريق المعاهدة التي أبرمتها مع ملك الحبشة , مما بث التعصب في 


الناس » لأن في سئتنا تما يعرفه الجميع - أن الأحباش سوف ينقضون ذات يوم على 
مدينتنا المفدسة » مكة » ويدمروها . ويرى الناس في كل مكان أن هذه المعاهدة تشكل 


خطراً جديداً على دينهم . فكيف يعقد ساستكم حلفاً مع هؤلاء القوم ا همج ؟ كيف 
تأت لهم أن يضيفوا هذه المشكلة الجديدة إلى بقية المشكلات . 

المراسل : ولكن أليس كل الشعب السوداني متعصباً بالفعل ؟ 

الشيخ (ضاحكاً) : السودانيون ليسوا أكثر مني تعصباً . فحين كنت أعلّم 
الفلسفة بالقاهرة كان كثيرون من الطلاب المصريين يخشون حضور محاضراتي » ولكن 
كان عندي اي ا ا عن الحضور أحد . ومع 
ذلك فالسودانيون إذا هددهم غزو أجنبي يصبحون متعصبين » تمامأ كما سيحدث لكم 
إذا سار جيش من المسليمن في شوارع لندن . 

O al‏ العربية ؟ 
وشعب اليمن ليس re ee‏ 

جميع العرب . 

المراسل : وماذا يجب أن نفعل لتفادي العاصفة ؟ 

الشيخ : كفوا عن تبديدنا وارحلوا عن بلدنا . 


73 





المراسل : ولكن ماذا سيحدث للمسيحيين في مصر إذا رحلت قواتنا ؟ ألن تحدث 
مذابح جديدة ؟ 

الشيخ : م تحدث في مصر مذابح سوى تلك التي تسببتم فيها أنتم . فوصول 
أسطولكم إلى الإسكندرية أشعل حوادث الشغب بالمديلة . ونزول قواتكم إلى البر 
أشعل الشغب في طنطا . ولم يحدث أن تعرضت حياة مسيحي للخطر إلا مع 
حضوركم » ولن يتكرر ذلك إذا رحلتم . فليس بيننا وبين المسيحيين أي نزاع طالما أنهم 
يحافظون على قوانينناء ولا يحاولون التدحل في الحكم . 

المراسل : هل تظن إذن أنه لا توجد أمام السلام والرخاء في مصر أي عقبة سوى 
وجودنا هناك ؟ ألا ترجو أن تشهد عودة الحزب الوطني قبل أن نرحل ؟ ألا تحب أنت 
نفسك أن تعود إلى مصر ؟ 

الشيخ : لو أنني أعتقد أن حكومتكم لديا أي رغبة جدية في مصلحتنا لاقترحت 
عليكم سياسة . ولكن أي جدوى من إضاعة الألفاظ ؟ 

المراسل : قل . مهما كان الأمر . فأيا كان ما تعنيه الحكومة أو ترجوه ففي انجلترا 
الكثيرون ممن يرون إنصاف مصر بأي ثمن . 

الشيخ : إذا شاءت انجلترا أن تصلح الخطأ الذي ارتكبته في حقنا » فيجب 
عليها ‏ ىا ذكرت - أن تقدم لنا أول دليل على إخلاصها بإخراج قواتها من مصر . ثم 
يلي ذلك أن تتفق مع الدول الكبرى في أوروبا وجلالة السلطان . على إختيار حاكم 
جديد لنا . ولست مؤهلا لتحديد شخص هذا الحاكم . ولكن مهما كان الإختيار فلا بد 
أن يقع على شخص غير مكروه من الشعب » وأن يوافق عليه السلطان . ويجب أن يعين 
لمدة محددة » لتكن سبعا أو عشرا من السنين . وبعدها يسمح للشعب في ye‏ هذه المدة 
بإنتخاب حاكمه بنفسه . فإذا أثبت الحاكم أنه رجل آمين » أمكنه الإحتفاظ بمنصبه . 
ولكن إذا حدث العكس فيكون من حق الشعب أن يقصيه . وبذلك يمكن انتظار 
النتائج . | 

المراسل : ولكن كيف يمكن التأكد من رغبات الشعب؟ بأي شكل من 
الإنتخابات ؟ 

الشيخ : إن أي حاكم جديد الآن » يكون مسلا » ويتولى الحكم كمخلص للصر . 


هو" 





من أيدي القوات الإنجليزية » سوف يحبه المصريون . ولكن لا شرط إلا أن يكون 
مسلا ؛ ومصرياً بالميلاد إذا أمكن : ومع ذلك فمن الضروري أن يقنع بسلطة محدودة . 
فيا نريده ليس ملكاً جديداً , وإنما زعياً للأمة المصرية » يحكم تحت السيادة الدينية 
للخليفة . وهذا النوع من الحكام يفهمه المصريون . فهم لا يريدون ملكاً . 


المراسل : وني ظل هذا الحاكم هل يمكن أن تعود إلى مصر أنت وزملاؤك 


الشيخ : أ حب أن أرى عودته . وإذا تول lak‏ فمكانه هو المجلس (البريلان) 
الذي جب دائ e‏ . وهو (عرابي) رجل فصيح العبارة » 
نبيل الأفكار » صادق الطوية » يتجه نفوذه كله نحو الشير. ولكنه شديد الإهمال 
للتفاصیل » ما لا يجعله يصلح لأن يكون إدارياً جيداً » أو قائداً جيداً . فليعد كرئيس 
للمجلس إذا انتخب ‏ هذا هو مكانه . 


المراسل : والوزارة ؟ إن ما تشكو منه حكومتنا هو أنها لا تستطيع توفير طاقم من 
aus se‏ 


الشيخ : هذه غلطتها إذا كانت قد فشلت . فمصر لا تحتاج إلى الرجال 
الشرفاء . ولا ssl, ae‏ تصرون على اختيار أولئك الذين ينفذون لكم 
مهمتكم ٠‏ ولا يوجد رجل شريف في مصر يقبل العمل لمصلحة الحكومة الإنجليزية . 
وأنتم ‏ مرة أخرى ‏ تصرون على أن يحكموا بطريقتكم وأن يتحدثوا بلغتكم . والشرفاء 
بشكل عام لا يتكلمون الإنجليزية » ولا يحبون الأساليب الإنجليزية . فأتيحوا لنا أن 
نختار الحاكم الذي نحبه . وعند ذاك ننضم جميعاً لمساعدته . فنحن جميعاً نريد 
الإصلاح . ونحن جميعاً نريد العدل . ونحن جميعاً نريد التعليم . ولكن هناك مثلاً 
ل . ونحن نريد حاكياً نستطيع أن 

مه . أتيحوا لنا زعياً شريفاً لأمتنا » ومكنوه من تفويض عاهلنا السلطان » ودعونا 
LBER E‏ 
دیون . 


المراسل : ولكن » هل كل المصريين يفكرون مثلك ؟ إني heel‏ إلى الإعتقاد بأن 


V٦ 





تسعة أعشار الفلاحين سرعان ما سيفضلون أن تقلل حكومة مسيحية ضرائبهم على أن 
ترفعها حكومة مسلمة . 

الشيخ : لا تخدعن نفسك . فالفلاحون مثقلون بالضرائب , ولكنهم لا يشكون 
من ضرائبهم في الوقت الحاضر . فهم يفكرون أولاً في كيفية تخليص بلدهم من أيدي 
الغريب . وإذا تيسر لهم ذلك لأحبوا أن يسددوا ضرائب أكثر حتى يروا هذا الهدف 
متحققاً . وأنا أعلم ذلك لأني على اتصال بمراسلين في كل أرجاء مصر . قد تستطيعون 
إلغاء جميع الضرائب » ولكنهم لن يباركوا خطوتكم , إذا اتخذتموها مبررأ » في الوقت 
ذاته » للبقاء . كلاء كلاء إرحلوا عنا الآن وعندئذ ندعو الله كي يكافثكم على ما 
أسديتموه لنا . ولكن . إياكم أن تحاولوا أن تسدوا إلينا المزيد من الخير . فخيركم قد 
ألحق بنا ضرراً أكثر من اللازم . 


VYV 


Converted by Tiff Combine 








رسالة إلى أحد الساسة(١)‏ 


رک لمولاي الدر في أطواق » وحملت إليه البصائر في أحداق > أو رصفت له 
الكواكب في أطباق » وطويت له روحي في أوراق » لما کنت موفياً حق حمده » ولو 
شيدت له في القلوب هياكل » وأقمت له في النفوس معابد تتلى فيها آيات الثناء على 
جنابه الرفيع بكرة وعشیا » ما كنت قاضياً واجب شكره . 

مولاي : نظر الله | إليك بعين عنايته » فقومك من الحق › وأقام بك عاد 
الل Gladys‏ كه معدن اك وون ال ارا Lays LED Ups]‏ 
فأخصب بيمنك الزرع » ودر الضرع » وغزرت الوة » ومكنت القوة » فکانت ذاتك 
الشريفة نسخة من روح خليفة رسول الله عمر بن الخطاب » تفرٌ شياطين الباطل من 
طريقك . وتخر شوامخ المصاعب خضوعاً لعزمك » وتتزعزع رواسي المشاكل لحزمك , 
وتفري أكباد المعضلات بصائب رأيك . حتى أحكم اللَّه قضاءه , فكان الخير كل الخير 
على يديك » والشر كل الشر على يد غيرك . 

سموت قدراً على السابقين » وعلا مقامك عن مواقع أنظار اللاحقين » فالأولون 
ينظرون إليك من خلال قبورهم » يغبطونك على ما أوتيت من همة جمعت إليك أشتات 


١ 





)١(‏ هي رسالة ‏ رغم مديحها الكثير ‏ نراها من رسائل الأستاذ الإمام » ونعخد نختلف في ذلك مع الشيخ 
رشيد رضا , وفيها يحدث الأستاذ الإمام ذلك السياسي ‏ وهو غير مصري كما يبدو - عن موقفه 
ا 


۷۹4 





الكالات » وعزمة حشدت عليك أنواع المكرمات . والآخرون حملوا أوزار التعب » 
وتجرعوا صاب النصب . وتزودوا من الأعوان » واستكثروا من الأنصار » ليخطوا خطوة 
على أثرك » فوقفوا بعد العناء دون البداية من سيرك » وحجبوا عن الإهتداء مهديك › 
مع وضوح محجتك , وظهور حجتك , فضربوا لأنفسهم مثلاً ضربه الله لأمشاهم 
«إرجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أين| يوجهه لا يأت «de‏ 
هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ؟! .. وكان غاية ما 
استفادوا من سعيهم » إقامة الدليل على عجزهم . وأراهم بذلك ‏ وهم فيا يظهر 
أعداؤك ‏ يحسبون من أنصارك » لمضافرتمم لنا على تأيبد كلمتك » والاعتراف بعلو 
منزلتك » وإنك فيما سبقت إليه واحد لا يثنيك طالب لباراتك » ولا راغب في 
ا ا > فاي بيان بحيط 
بمعاليك » وأي فكر يسمو لفهم معانيك ؟ على Bil‏ وا نا صنيع نعمتك لا أرى وسيلة 
إليك أنجع من الإعتراف بالتقصير › lead Vo‏ أنجح من العجز عن التعبير . 

مولاي  :‏ يخف علي علمك الشريف ما طالت به إلي الأيدي الطاغية » وصالت 

على به الجوارح الباغية » افتراساً محضاً لا يشوبه تأويل ١‏ اناما b‏ لكامن الغل 
on‏ فشكا بون ا أو طوعاً لتضليل غاش » وما بي الآن من حاجة إلى 
توضيح حالي فقد علم الكافة وشهد الله أني ؛ 

ما شفقت العصا وما كنت ممن شق لا في خيل ولا في رجل”») 


(۲) [النحل : ]۷١‏ . 
(۳) من قصيدة «ابراهيم بك اللقاني» في الثورة العرابية . 


yf 





رسالة السير صمويل باكر 
في السودان USI wary‏ 


أبعث إليكم بسطور أظن في نشرها ما يسر مطالعي جريدتكم » فإن رأيتم ا 
رأيت فإليكم الإختيار في درجها بصحيفتكم . 

طالعت في إحدى الخرائد رسالة بعث بها «السير صمويل22 باكر» الإنكليزي إلى 
جريدة «التيمس» » موضوعها السودان ومصر وانكلترة » فأجللت مقام الرجل من 
الخبرة بأحوال السودان ومصر . ومن الإحاطة ممنزلة دولته الإنكليزية من قلوب المصريين 
والسودانيين . وبمكانة !:.ولة العثانية من نفوس الفريقين . إلا أنني وجدت ضعفاً d‏ 
رأيه عندما أذ في بيان الوسائل التي يظها موصلة لحل مشاكل السودان » وتخليص 
مصر في الإضطراب العارض » أو ما سيعرض في مستقبل الزمان » قال : 

«عظمت رزايا السودان من فقد الرجال » وإشغال الأفكار والأيدي بالمحاربات 
وسفك الدماء عن تعاطي أعمال الزراعة والتجارة » حتى أصبح أهاليه ف فقر أعوزهم 
معه حفظ الحياة » وأصيبت مصر بالإفلاس ٠»‏ وابتلى أهاليها بالفاقة وضيق. المعيشة » وم 


(1) نشر الأستاذ الإمام مقالته هذه في مجلة إثمرات الفنون) البيروتية , أثناء مقامه هناك منفياً « وذلك 
في العدد ٠ ٤ ٤‏ الصادر في ٠١‏ ذي القعدة سنة ۱۳۰۲ ه ٠٠(‏ أغسطس سنة 1886م) . 

(؟) خدم حكومة الخديو إسماعيل من أول إبريل سنة ١874‏ كقائد حملة غرضها ضم بلاد حوض النيل 
وأفريقيا الوسطى إلى البلاد المصرية ؛ وإلغاء النخاسة » وتطوير هذه المناطق عن طريق التجارة 
الملاحة وإقامة الأمن .. الخ .. الخ .. انظر : د . راشد البراوي (مجموعة الوثائق السياسية) 
ج ١‏ ص 44 . طبعة القاهرة الأولى سنة 1105م . 


v¥\ 





يكن نضيت Sa ISN‏ الرؤية أقل ف تنيت قلف اللاة ٠‏ فالققوا Yigal‏ وافرة > 
وفقدوا رجالاً من أعز أبطالهم » وأشجع رجاهم » وهتكوا أستاراً قوتهم الحربية » ثم 
عادوا بالخيبة والفشل » ولصق بهم عار المزيمة وسوء المفر . فهذا الذي أصاب البلاد 
المصرية » والأقطار السودانية » ونال رجال الإنكليز كله من عواقب تدخل إنكلترة في 
المسائل المصرية » فكان مثلها كمثل من «سقط العشاء به على سرحان» . . ثم قال : 

«إن القابئل المنتفضة على الحكومة المصرية من أهالي السودان لا يحتمل خضوعها 
لسلطة الإنكليز » Oly‏ ساقوا عليها من القوى ما ساقوا » أو دخلوا عليها من أبواب 
الحيل ما دخلوا . أما الحيل فلا تروج على تلك القبائل بعد ما عرفت ختل الإنكليز » 
وبماطلتهم في المواعيد » وقعودهم عن نصرة من يلتمسون ولاءهم من غيرهم , بل عن 
إغاثة من يتولاهم من بين جنسهم » كا فعلوا بالجنرال «كوردون» » والسودانيون 
والمصريون في إتفاق على أن الإنكليز قوم متغلبون» معتدون على البلاد » طالبون 
لتملكها » وهم الفون للأهالي في الدين » فلا يسوغ الخضوع هم » وإن أقاموا 
العدل » ونصبوا ميزان القسط . وأما القوة فقد شهدت التجربة الماضية بعدم نجاحها 
في مراغمة السودانين » ولم ننس ما كان من الجيش الإنكليزي في كل المواقع الحربية 
حيث فشل في جميعها » ورجع بالعار عن كل موطن » ولا قدرة لدولة على تطويسع 
السودان . وتقرير سلطة نظامية في إغاثته إلا للدولة. العثانية » فهى صاحبة السيادة 
الدينية على مصر والسودان » وها الحق الشرعي في الولاية عليها . فإن co‏ أن 
السودانيين لا بميلون إليها فمن المحقق أنهم ببابونها » ويخشون بأسها , لما تعودوه من 
سيادتها عليهم » ولا عرفوه لما من الحق الشرعي . والتاريخ شاهد بأن العثمانيين هم 
الذين دوخوا بلاد السودان بعد المعارك الدموية» ولم يؤثر عنهم أنهم تقهقروا في معركة, 
مع تقارب الأسلحة في تلك الأوقات . وأما عساكرنا فقد امبزمت بمدافعها المهلكة ‏ 
وبنادقها المفنية » وأرغمتها رماح العربان وحرامهم على الرجوع القهقري» . 

ak ak ak 


(۳) قائد انجليزي » حكم السودان من قبل مصر فترة من الزمن السابق على إحتلال إنجلترا لمصر » 
واستعانت به إنجلترا لإنقاذ قواتها المحاربة للمهدي سنة “18417 » فلم ينجح . وقتل بأيدي قوات 
المهدي في سنة 1886م . 


Ai 





هذه معلومات السير صمويل باكر في هذه الحوادث » وإنا لا نخالفه في شىء 
منها » بل لا يوجد ذو عقل صحبح إلا ويرى رأيه فيها . . أما وسائل الخلاص من هذه 
البلايا فنذكرها » منقولة عنه » ونأتي مع كل وسيلة ببيان الصواب فيها » وإن كنا لا نتبع 
ترتيبه في رسالته » لغرض لنا في التقديم والتأخير . 

رأى هذا السياسى » كما رأى غيره من أبناء جلدته الإنكليز » أن من الواجب 
الحتمي لتقرير الراحة في مصر وحمايتها من غارات الأجانب إلغاء الجيش المصري المؤلف 
من الفلاحين المصريين » وتأليف جيش من الأرناءوط ونحوهم » وفي ذلك مسرة للجند 
الملخى بذهابه لزراعة الأراضي كما يشتهي . 

أن etd Oy pall‏ كتيرهم .من العتانيين لا فرفرت بن طنائفة :امن اللطولتك 
العثمانية وطائفة أخرى لتكون حامية البلاد » ومانعة لها من اضطراب داخلي أو عدوان 
أجنبي . ولكنا لم نعلم ما حمل هذا الرجل وغيره على التفرقة » وهو يعلم أن المصريين 
هم طبقة من طبقات العثمانيين ؟ وما اعترف به للعثانيين في تدويخ السودان يصيب 
المصريين منه حظ وافرء فإنهم كانوا ولم يزالوا مهم » والجند المصري كان فرقة من 
العثاني في الفتوحات السودانية » وقد ل المصري وحده عمل في فتح 
أقاصي السودان على عهد ادي الا ولهذا الجند يد في حفظ بلاده «els‏ 
ومدافعة المغيرين عليها (uj‏ طویلا» وهذا الحند هو المحاصر في «(کسلا» و«(سنار» 
و«التاكلا»» فإن كان المصريون » وهم عثانيون » لم يصيبوا (ab‏ في بعض المواقع يذه 
الأزمان الأحيرة » فليس من ضعف استعدادهم للمغالبة أو من جبن في طباعهم كا 
يتوهمه المتوهمون . وإثما كان لنقص في بعض قادهم ؛ أو لكون الصدمة كانت أعظم من 
القوة » أو لشيء ء في طبيعة الحادثة » وقد أوفى الزمان لهم بأمثال أصابهم مثل ما نزل 
ff‏ 

فالجنرال «غراهم» انمزم في سواحل البحر الأحمر مرتين » وجبن جيشه » أو 
ضعف عن مقاومة أشباه من العربان » واللورد «ولسلي» فشل بجيشه في السودان 
الغربية » وخسر في كل مشاهده مع عراة السودان » والمصريون لم يزالوا في مواقفهم - 
«سنار» و«التكلا) ووكسلا) ‏ يهاجمهم اموت ولا يفرون» فإن كان هذا لم Laas hs‏ ف 
الجيش الإنكليزي ,» فمن ع الحق أن لا يؤخذ على المصريين ما لا يخلو منه جيش في أي 
أمة » على أن الألبانيين وأمثالهم إن كانوا قزما يجلبون من الأطراف على غير نظام » 


VY: 





المتعذر أن يتألف منهم جيش منتظم يقوى على ما يريد حضرة الكاتب » وقد جرب ذلك 
alex d‏ السودان الأخيرة 6 Oly‏ لوحظ 3 تأليفه النظام by pall‏ ف امالك العثانية 3 
فذلك جيش Sealy Glee‏ به وسهلا . 


ولعل الكاتب رأى من الواجب أن يبدل جيش عثاني مصر بجيش عثاني تحت 
اسم «el‏ ويكون حلوله في مصر عوضاً عن حلول الجيش الإنكليزي » فإن كان ذلك 
وافقناه في رأيه , ورجونا أن يعخل الله بتنفيذه : 


ثم أشار على حكومته بأن تأخذ بأنجح الوسائل وأقربها لحل مسألة السودان ‏ 
وإرجاع تلك البلاد إلى ما كانت عليه قبل الفتنة » فإنه لا غنى لمصر عن شمول الراحة 
في تلك الأقطار » ولا انجح من توسط الدولة العثمانية » وسوق فريق من جنودها 
لمحاربة السودانيين وكسر سورتهم . فمن الواجب على دولة انكلترة أن تسعى في إعداد 
جيش عثاني ينزل من بلاد السودان على سواكن » فإذا وصل إليهم انقسم إلى فرقتين » 
تتوجه إحداهما من طريق «كسلا) لإخضاع الأقطار الشرقية » وإنقاذ الحامية المصرية › 
والأخرى تزحف من طريق «بربر» والحنود الإنكليزية والمصرية تحل في وادي حلفا 
ومديرية دنقلا » ويكون ذلك الزحف في ٠١‏ أكتوبر الآتي . 

ولا كانت الدولة الإنكليزية قد غاضبت الدولة العثمانية بالعدوان على حقوقها في 
مصر , أخلص لما النصيحة بتجديد الوداد بين الدولتين » وطلب من دولة بريطانيا أن 
تعرض إخلاصها على الدولة العلية » وتؤكد لما المحافظة على المعاهدة المنعقدة بينهها على 
يد «اللورد سالسبوري» » ومن مقتضاها أن تكون انكلترة عونا للدولة العثمانية بالسلاح 
والرجال إذا تعرضت دولة أخرى لشيء من المهالك العثانية . فإن تجددت المحالفة بين 
الدولتين في هذا الوقت تصبح انكلترا حامية للقطر المصري . ومتفرغة لمسألة أهم من 
المسألة المصرية : «المسألة الأفغانية) . 

أما نحن فنخال الدولة العثئانية تقول : «كيف أعاودك وهذا أثر فأسك ؟!) . 
إن المعاهدة التي يشير إليها » إن صح القصد فيها لحاية شيء من المالك العثانية » 
فأهم مقصود lie‏ هو مصر » فإنا هي البلاد التي يكن لإنكلترا أن تشترك مع الدولة في 
الدفاع عنها لإكتنافها بالمياه من أغلب جوانبها » وأما سائر الولايات الآسوية فهي بعيدة 
عن البحر ولا قدرة لإنكلترا على سوق جيش في الأراضي اليابسة, اللهم إلا عدداً قلي 


Yr 





يمكن للدولة أن تستغني عنه . وإذا وصلت أذناب الحرب إلى البحر فاتت فرصة 
المدافعة . فالبلاد التي يصح التحالف مع انكلترة على صيانتها قد أغارت عليها انكلترا 
نفسها » فصار الحليف على صون شيء هو السالب له » فكيف يوثق بمحالفته ؟!. 

فإن قيل : نقض المحالفة كان من وزارة «غلادستون» فلتحافظ عليها وزارة 
«سالسہوري» . . قلنا : الدولة التي تكون عهودها تابعة هوى رجاها لا يعتمد على 
حالفتها » فلتترك وشأنها » وإن الدولة العثانية أحرص من أن تسهل لإنكلترا طريق 
حمايتها لمصر كا زعم حضرة الكاتب في آخر نصيحته . فإن ذلك أعظم الضرر على سائر 
ممالكها . 

وليس من مصلحة الدولة العثمانية أن تسير جنودها لإخضاع السودان  .‏ وعساكر 
الإنكليز في مصر ‏ فإن الجند العثماني إذا ظفر بالسودانيين وألزمهم الطاعة » فلا يخلو 
حاله إما أن يرجع بعد ذلك ويسلم البلاد لطلاب الحلول فيها من الإنكليز والمصريين 
القائمين بخدمتهم . فتكون الدولة قد استعملت سيفها في رعاياه قصد إدخالهم في قهر 
غيرها » ومحال على الدولة أن تفعل ذلك . وإما أن يبقى الحند العثاني في السودان » 
وتكون البلاد ولاية عثانية » وجيش الإنكليز حال بمصر » فهذا غير ممكن من وجهين : 

الأول : أن رضا الدولة بذلك إختيار لأس القسمين وأبعدهما عن مركز القوة 
الحربية العمومية » خصوصاً وطريق مواصلة الولايات السودانية مع قاعدة الملك لا 
تكون إلا من البحر » فتكون عرضة للنزاع في أي وقت تتفرغ انكلترة من منازعاتها 
الأسيوية وتلتفت لإستخلاص السودان . 

والوجه الثاني : أن انكلترة لا تأمن أن تكون قوة عثانية دائمة الجوار لقواها 
الحربية في مصر . وهي تعلم أن المصريين والسودانيين على وفاق في الميل للدولة 
العثانية » وقرب المكان يقويه وطول الزمان يظهر أ ثره في الإجماع على طرد اليش 
الإنكليزي من أرض مصر وما حله من مواقع السودان . فلا واحدة من الدولتين ترضى 
بجعل السودان ولاية عثانية مع العزم على استمرار الحلول الإنكليزي زمناً طويلا . 

فلم يبق من الوجوه الممكنة إلا وجه واحد وهو إنجلاء 0 الإنكليزية عن 
القطر المصري . وحلول الحيوش العئانية فيه » وسوق فرقة منها إلى أطراف السودان » 
وهذا أيسر الوجوه وأدناها من الصواب ٠‏ فإنه لما لزم الإعتراف = che Sha! Ay‏ 


هلا 





السودان ومصر » وأن المصريين والسودانيين ينظرون إلى الإنكليز نظرهم إلى الأعداء 
التغلبين » ولا يخضعون لهم خضوعاً ثابتاً - وعلى هذا لا تستقر الراحة في مصر ولا تتأيد 
سلطة الخديوي ما داموا فيها ‏ وجب أن يطلب إلى الدولة تقرير الراحة في الديار المصرية 
كا يطلب منها ذلك للسودان ء وهذا أسهل على انكلترا أن تتفق مع الدولة عليه » 
وتفنع من bel‏ السابقة ببعض الإمتيازات في إدارة المالية أو فيها مع إدارة أخرى 
وبعض الخصوصيات في قناة السويس . هذا إلى أن يتألف جيش عثاني مصري ١‏ ثم 
تعود مصر إلى ما كانت عليه » إن كان لا بد من ذلك . وبهذا تفرغ إنكلترا من أعمال 
مصر إلى أعمال أهم منه في آسيا لما تم لها من محالفة الدولة العثانية على وجه صحيح 
ثابت . 


oe ae ok 


أما ما أطرى به على سعادة حسن باشا خليفة من أنه الرجل الذي يجمع بوجهاته 
كلمة السودانيين ؛ وأنه يعسوب القبائل متى رأته التفت عليه » وأنه هو الذي جل 
بغض الإنكليز من قلوب عرب السودان » وينشىء فيها ثقة بهم » فهو المثل المعروف : 
اترى فتيانا كالنخل , وما أدراك ما الدخل» ؟! . . فإن حسن باشا خليفة إن كان راق 
في قبيلة فليس رجلا في قبائل » وبرهان ما نقول ما كان من أمره أولاً وآخراً » ولولا 
خيفة أن أمس بأحواله الشخصية لذكرت من أعماله ما لا وقوف للحكومة المصرية 
عليه . ولا ينبئك مثل خبير» . 

هذا ما قصدنا إيراده في هذه الأسطر » ly‏ يهدينا جيعاً طريق الرشاد . 


0 


V۳ 





مقر وجريدة OL‏ 


وقفت بالصدفة على نسخة من جريدة (الحنة) الغناء » المؤرحة في الحادي عشر 
من شهر رجب » وإذا فصل في فاتحتها يبحث في شئون القطر المصري » وعلائق سكانه 
مع حضرة خديوبهم المعظم » ومعاملتهم لذوي المصلحة فيه من الأجانب .. فأنحى 
على المصريين بالتقريع والتعنيف ووجه اللائمة عليهم في ذنوب كأنهم كانوا اقترفوها , 
ودعاهم إلى طاعة خديويهم كأنهم Ane‏ في عصيان » ونبههم عن مزايا old‏ الخديوي 
وفضائله كأنهم عا في غفلة . 

وكنت رأيت جريدة «الجنان) قد سبقت «الحنة) إلى مثل ذلك من قبل بأيام , 
فشكرت لصاحب القلم ما أخلص من نصيحته وحمدته على عنايته بأمر المصريين . 

غير أني وجدت حال المصريين في ماضيهم وحاضرهم ينطق بخلاف ما تفهمه 
عبارته » من أنهم منحرفون عن الخديوي المعظم . وإن حضرته نزل في أعينهم عن 
المقام الذي يستحقه من الإجلال. والحوادث المصرية شاهدة على أن أسباب المشاكل في 
القطر المصري غير ما ذكره حضرة الكاتب » والسجلات الرسمية والأعبمال الثابت 
حاكمة بنقيض ما أثبته من جناية المصريين على الأجانب أو تطاولهم إلى مس المصالح 


a. 1١7١1 رجب سنة‎ ۲٣ نشر الأستاذ امام هذه المقالة في جريدة (ثمرات الفون) البيروتية ع في‎ )١( 
(العدد 8/ا6) .. بدون توقيع .. ولقد صدرت الجريدة كلام الأستاذ الإمام‎ (AAT (سنة‎ 
. ٠: بقوها : «كتب إلينا بعض أهل الفضل ممن له مزيد إطلاع في أحوال مصر ما يأقي‎ 


ضف 





الدولية . وجميع السياسيين من أهل المسكونة (ما عدا بعض رجال الإنكليز) في إتفاق 
0 من أن دولة الإنكليز مستمسكة بالحق في تعرّق الديار المصرية . 

لهذا رأيت كتب إليكم بمجمل من القول لتنبيه من لم يقف على الحقيقة » أ 
ae‏ د" > فإن رأيتم الفائدة في نشره فذلك لكم . 

الجناب الخديوي كان أعرف الناس بأهل بلاده » ودرجة استعدادهم ٠‏ فنظر 
إليهم بعين المرحمة , وافتتح ولايته الميمونة بأمر كريم أصدره في أوائل رجب سنة 
٩‏ هجرية بعد استوائه على كرسي الخديوية بأيام » ووجه به إلى دولتلو شريف 
باشا » وكان من فصوله ما يحدث عن مقاصد سموه في حکم بلاده » فجعل منها توسيع 
نطاق الشورى » وتخويل النواب حق النظر في برنامج المالية » ولم ينسخ هذا الأمر 
بغيره . 

وو ola] de LAL‏ ی لذلك سعياً بليفاً حت في زمن 
إنعراله عن الحكومة » إلى لى أن عرف برجل الحرية . د ثم إن جناب الخديوي هو الذي 
أصدر الأمر بإنتخاب oe‏ وإجتماع مجلسهم في سنة 00 » ونفذ الأمر بتأييد من 
شريف باشا اد ا ا را ch st ents bl tb‏ 
أكرم الناس منزلة لدى الحضرة الخديوية في هذه الأيام » ولو أراد مريد أن يصرح 
بأسمائهم لفعل » لكن ظهور الأمر غني عن البيان . 

فلو قال قائل : إن طلاب تلك الحقوق أخفض شأناً من أن تناط , بهم الأعمال في 
أقل الأمور - كما أثبته الكاتب eee oe.‏ ا 
مثل دولتلو شريف باشا , ولو كانت إجابة طلب أولثئك الطالبين تعد مشايعة للفساد 
وتخريرا بالبلاد لما صدرت به الأوامر الخديوية مع ما تقرر للخديوي من أصالة الرأي 
وحسن الرعاية لمصالح بلاده . 

ودعوى أن البلاد صارت حكومتها إلى الفوضى جرأة ة على المقام الخديوي بنسبة 
الضعف إليه » ورمي له بعدم القدرة على تلاني الأمر في بدايته » وإنا نجل مقام الحضرة 





(1) يونيه سنة م : 
(؟) هجرية ‏ أول صفر- ۲۳ ديسمير سنة 1841١‏ م . 


V¥A 





ال م 
من جهة كونه [Sle‏ .. برأه اللّه مما قالوا . 

فقد كانت منزلة الخديو ني نفوس رعيته هي المنزلة التي نالها من يوم توليه » ورعاياه 
كانوا من أشد الناس محبة له » ومن أخشعهم خضوعاً لأوامره » وجميع نظامات الحكومة 
وأعمالها التي نفذت وأجريت فبها بين الخامس من شوال سنة 24048 والسادس والعشرين 
من شعبان سنة ۹۸“ كلها بأوامره العلية » ولم يدرك سلطته أدنى ضعف . وأما ما تقدم 
ذلك من حركات الجند فلم يخرج عن حد نزاع خاص بين بعض كبار الضباط وبين 
بعض رجال الحكومة » لكن الجناب الخديوي كان في منزلة الإجلال من نفوس العامة 
والخاصة ولولا خيفة التطويل لسردت كل قول شاهداً على التعضيد . 

غير أن الحكومة الإنكليزية على عاداتها في اختلاق العلل وإرتجال المساءات قلبت 
وجوه المسائل » واستدبرت طالع الحق » واستقبلت وجه مطمعها » واتخذت مجرد التغيير 
في بعض نظامات الحكومة الخديوية سببأ للمناوأة » واندفعت لتسير مراكبها إلى مياه 
الإسكندرية تبديداً لحكومة الخديوي وعدواناً عليه » ثم نفخ بعض رجاها في أنوف 
Spill dine‏ من الأجانت المقيمين tL‏ حن أوفدوا فتنة هلك فيها المسائن قضاء 
لشهوة | إنكليزية » وأقامت منها حكومة | ا 
ولو أن بصيراً نظر إلى إلى أحوال القطر المصري بعين صحيحة من مرض الغرض لعلم أن 
بداءة الخلل في ذلك القطر من يوم ورود المراكب الإنكليزية لثغر الإسكندرية ‏ ولا نسبة 
بين ما كان قبل ذلك من عموم الأمن ورواج الأعمال وانتظام المصالح وبين ما كان 
بعده . 

المصريون لم يتطاولوا لمس المصالح الدولية » ولا في وقت. من الأوقات . فقد 
قرروا في مجلس نواء ا ع اه 
باشا في سئة 489 01" بالاشتراك مع وكلاء الدول » وأخذوا على أنفسهم بالقول والفعل 
أن لا يبحثوا في أمر رابطة من روابط الحكومة مع الدول العظيمة مما تقرر في عقود 


(4) هجرية » "١(‏ أغسطس سنة 188١‏ م) . 
(5) هجرية » ١١(‏ يوليو سنة 1885 م) . 
(5) هجرية 8 شعبان  ١5‏ يوليو سنة ٠188م‏ . 


07 





الحكومة > وقد مضى ذلك الزمن ومخحصصات الديون تؤدي مستوفاة في آجاها » وحقوق 
الأجانب في مكانها من الرعاية » إلا أن الحكومة الإنكليزية تهبأت لها فرصة للتقدم إلى 
بعض ما كانت تنزع إليه من زمن طويل » فتجنت على المصريين بما لم يجنوه . 

Jin ds‏ المصريون على وفاق في تعظيم خديويهم وتعضيد سموه في رعاية المصالح 
الدولية مع المحافظة على حقوق البلاد . إلى أن حال الإنكليز بحربهم الظالمة بين جنابه 
العالي وبين رعيته » فساءت ظنون قوم من كبار ضباط الجند لبعدهم عن حقيقة أمر 
خديويهم ) فاستمروا على المقاومة ظناً منهم أنهم لا يقاومون إلا الاتكلين» ولا يذافعون 
إلا جيشا أجنبيا يغير على البلاد » ووافقهم على ذلك عامة المصريين لهذا الظن نفسه , 
فلما طالت المدة وفشا ما كان من أوامر الجناب الخديوي وإرادة الحضرة السلطانية فيا 
بينهم » كان مما كان من تراجع الناس» وتسليم القيادة إلى حاكمهم الشرعي » وخضع 
لهم المصريون كافة خضوعاً غمر أفتتدهم > وخالط ألبابهم » وهذا شأنهم إلى اليوم . 

ثم حالهم مع المسيطرين عليهم من الإنكليز لم يتعد حدود المسالمة والإمتشال 
لأوامرهم رجاء التخلص من غوائلهم » وانتظارا لوفائهم بوعودهم . ولو كان المصريون 
قوما شرس الطباع > صعاب المراكب » جفاة الحوانب» لما سكنت همم ثائرة » ولا 
جنحوا إلى مسالة » ولا رسخت قدم الإنكليز فيهم على قلة جيشهم » وشدة ما لاقوا من 

أما فضائل ا جناب الخديوي من العفة والإستقامة والشفقة على الرعية والسعي في 
مصالحها . فهو ما ذاق المصريون لذته » ووجدوا فائدته » فلا يرتابون في شىء منه » 
والتنبيه عليه إعلان لخفائه على أعين مشاهديه سنين عديدة » فهو إلى الطعن اتات 
إلى المدح . ورضاء الحضرة السلطانية عن الخديو المعظم وإقامة الشواهد على الرضاء 
بإهداء النياشين والتحف مما نشرته الجرائد المصرية وشهد المصريون رونق الإحتفال له 
وبلغ شاهدهم غائبهم » فاي أثر للإحتجاج به بعد سبق علمه بأزمان عند من تقام 
الحجة به عليهم ؟ . 

وبالجملة » Op pall‏ قوم عرفوا بالطاعة الحضرة سلطاءهم المعظم أمير المؤمنين 
أيده الله » وعلموا أن الجناب الخديوي نائبه في بلادهم . ومظهر سلطته عليهم , فهم 
له خاضعون » وعلى تحبته متفقون » فإن نقل ناقل لاف ذلك فهو إما طالب فساد » أو 


Vis 





منخدع بوسوسة أجنبية » فقد تبين أن من حظ الإنكليز إيقاع النفرة بين الخديوي 
ورعيته ليتم لهم ما يريدون منهم! » كما مرنوا عليه في كل بلد دخلوه . 

هذه هي الحقيقة التي ينكرها الجهلاء » ويعرفها العقلاء » فلم تكن أسبا 
SS Je‏ ا ا 
Aus‏ . ول يكن تدخل الإنكليز حقاً مفروضاً في بداية الأمرء ولا حلوهم اليوم ca‏ من 
حسناتهم » فإنا لم نسمع بأن الديون تخول للدائن حق التخلب على امالك » وأمم العام 
بين أيدينا تهتف بنا أحواها . 

ولو شاء حاكم أن يحكم بحق لأحد في التداخل لإصلاح أمر من أمور مصر 
فليحكم به للدولة العَلِيّة » ای ا اا pot yl oye Samad Vy‏ النظام Lad‏ 
بالكلام » فضاد عن تجريد الحسام » ورحم الله أمرءاً عرف حده » فوقف عنده  dy‏ 
الموفق لما فيه الصلاح . 


:لا 


Converted by Tiff Combine 








طالعت في جريدتكم جملة تتعلق بالخطاب الذي دعيت إليه وألقيته في إحتفال 
المدرسة السلطانية» ولقد مننتم بذكر صفات أتثبتموها لهذا العاجز . وعندي أن نفسي 
تقصر عن القليل Shad Ye‏ عن كثرها › « فليشكركم الأدب ولتحمدكم الفضيلة . 

ثم إن أحد الأدباء سألني أ ن أثبت ما بني عليه الخطاب بالكتابة لينشر » فرأيت أن 
أكتب به إليكم » فإن رأيتم الفائدة في نشره فدونكم وما تشاءون . 

قمت بين يدي الحاض ين » فحمدت الله > وصليت على رسوله » wh BB‏ 
اعترفت بالقصور « واستجديت العفو من الحاضرين » ثم قلت ما معناه : 

أفتتح كلامي بالدعاء لمولانا أمبر المؤمين . ونخليفة رسول رب العالمين » السلطان 
عبد الحميد خان » فمقام هذا الخيفة الأعظم فينا . هو الحافظ لنظامنا » والمحامي عن 
مجدنا » والآحذ بميزان القسط بيننا » وهو هادينا إلى أفضل سبلنا » فهو ولي النعمة 
علينا » ولو أفرغنا جميع أوقاتنا في الدعاء لعظمته ما أدينا أدنى حقه علينا . . فاللهم أيد 


شوكته ¢ dale‏ دولته ¢ ومشع بوجوده رعاياه الصادقين . 


» نشر الأستاذ الإمام مقالته هذه في محلة (ثمرات الفنون) البيروتية » أثناء مقامه هناك منفياً‎ )١( 
ه (سنة 1885م) .. وفيها يعلق على‎ ١*٠ شوال سنة‎ ۲٠١ الصادر في‎ 04١ وذلك في عددها‎ 
ثناء المجلة عليه » بمناسبة ما نقل إلى السلطان العثماني من أن الأستاذ يطعن فيه » وكان‎ 
الجواسيس العثانيون قد نقلوا إلى السلطان ذلك بعد خحطاب للأستاذ الإمام في (المدرسة‎ 
. السلطانية) ببيروت » وكان يدرس يومئل فيها‎ 


vey 





ثم اتبعت بعد ذلك بالدعاء لوزارثه الذين فوض إليهم النظر في شئون رعيته , 
والقيام بتنفيذ إرادته . ثم أثنيت على حضرة ملجاأ الولاية السورية » وعلى سعادة 
متصرف بيروت » وذكرت فضل دولة الوالي الأفخم , وسعادة المتصرف الأكرم : 
ذلك المعهد العلمي . Te «Sell ln se ae ite‏ 
مقامها › ؛ علا منهم بأن 00 والعزيز إذا حل دار قوم فلم يجلُوا منزلته هاجرهم 
وارتحل عنہم » وتركهم في ظلمات لا يبصرون . فليحمدهم العلم » ولتفض عليهم 
al sls df ails y‏ 

ثم أعقبت ذلك بما معناه : 

إن حرصنا معاشر العثمانيين على انتشار المعارف منشأه أمر في نفوسنا » فإننا إذا 
خالطنا سكان الأقطار الشرقية على اختلاف مواقعها » نجد في كل واحد منهم إحساساً 
بفقد شيء كان له » فهو آسف على فواته . وفيه مبل لطلبه رغبة الوصول | ليه » غير أن 
النفوس d‏ حيرة من هذا المفقود المطلوب. Lals‏ لا تبتدي إليه ويزيدنا Laud‏ وشوقاً 
خالطتنا لأقوام يدعون d uf‏ المنزلة المتأحرة عنهم « وسواء أصابوا 3 دعواهم أم 
أحطأوا » فإن الجمهور منا قد صدقهم . ولم تزل الحيرة آخذة بالعقول حتى قامت الدولة 
العَلِية بصوت خليفتها الأعظم تنادي على الأمة أن مطلوبكم المحبوب هو العلم . كان 
العلم فيكم وكان الحق معه » SS‏ 
بفقد العلم » وکل موجود پوجد بوجود العلم . cll‏ المدارس 2 وأقامت بناء 
المكاتب » وحملت رعاياها من كل طبقة إلى as‏ 6 وطالبتهم بإقتناء ا 
فاستجاب لما ل الفطرة قوة الإستعداد , ee pas‏ إن شاء الله . 
oon es es‏ إل اشک کا 
منا نجل etl aly Lat‏ بالصناعات وما يتبعها . إن الصناعة لو وجدت بأيدينا نجد فيئا 
عجزاً عن حفظها » وإن المنفعة قد تتهيأ لنا ڈ ثم تنفلت ما لشيء في نفوسنا » فلحن نشکو 
ضعف امم ¢ وتخاذل الأيدي ¢ وتفرق 0 2( والغفلة عن المصلحة الثابتة : وعلوم 
الصناعات لا تفيدنا دفعا لما نشكتيه » فمطلوبنا علم وراء هذه العلوم » ألا وهو العلم 
الذي يمس النفس . وهو علم الحياة البشرية . 


Vee 





إذا نفخت الحياة في جسم نبهته لجميع ضروراته » وهدته لحاجاته » واستحفظته 
ما يصل إليه » وصرفته في سبيل الحصول عليه » والعلم المحبي للنفوس هو علم أدب 
النفس » وكل أدب ها فهو في الدين » فما فقدناه هو التبحر في آداب الدين » وما نحس 
رو عر اا ع ا 
ا حرفا . وما أودعته الديانة من الآداب النفسية والكمالات الروحية لم يختلف في 
صحته أحد من البشر » حتى من يظن نفسه غير آنخذ بالدين » فإذا استكملت النفس 
بآداها عرفت مقامها من الوجود . وأدركت منزلة الحق في صلاح العالم » فانتصبت 
لنصره » وأيقنت بحاجتها إلى مشاركيها في الوطن والدولة والملة » ولا نريد من الحب 
ميلا خيالياً » ولكنا نريد منه ميلا يبعث على العمل » كا يرشد إليه الدين والأدب , 
فمتى تحلت النفوس ذه الفضيلة أبصرت مواقع حاجانما فاندفعت إلى طلبها » وطرقت 
ها كل باب » لا ترجع حتى تظفر أو يدركها الأجل . 

أما دعوى أننا فقراء » فهي باطلة » فإنا لو نظرنا إلى ثروة بلادنا لا نجدها قاصرة 
عن حاجاتنا » ولكن القاصر عن الحاجات هو إدراكنا لإحتياجاتنا » فقد نرى الغني 
يبذل أمولاً جمة في زخارف زينة لا مقام لها في نظر العاقل ‏ ولا يرى في بذله هذا 
مغرماً » ثم إذا دعي إلى مساعدة وطنه وملته ودولته يستكثر القليل » ويعطي وهو كاره » 
ولو كان حي القلب بحياة العلم الحق لجعل الأفضل من ماله ونفسه مبذولاً في تأبيد 
oe‏ أتيت على ذلك بشواهد » وضربت له أمثالاً كلها يرجع إلى هذا 
الأصل] .. ثم 

وإننا في a‏ هذا العلم الحيوي لا نحتاج إلى الإستفادة من البعداء عنا » بل 
يكفينا فيه الرجوع لما تركنا » وتخليص ما خلطنا » فهذه كتبنا الدينية والأدبية حاوية لما 
فوق الكفاية نما نطلب » وليس في كتب غيرنا ما يزيد عنها إلا بجا لا حاجة بنا إليه » وكا 
وصل إلينا وجودنا بالتناسل عن آبائنا » فلتصل إلينا حياة نفوسنا بما أورثونا من علومهم 
وآداہم » ولا يتيسر لنا ذلك | إلا بعلم اللغات التي أودعوها معارفهم » وهما لدينا لغتان 
لسن لتك لج تسوت لد ا MSS O‏ 
تكلم فيها من الأفاضل والعلماء جم غفير » نحن في حاجة إلى الإستفادة من معارفهم » 
لم عن O gl ARUN‏ خياننا البياسية 6 اونها Call‏ عل هدي 
مولانا الخليفة الأعظم أيده الله بنصره . واللغة العربية » وهي لغة القرآن الشريف › 


Vt 





وكتب الشرع المنيف . فعلى الناس أن يطلبوا البراعة في اللغتين » لا لأن يقال : كاتب 
ومنشىء » ولكن ليدرك أسرار gost le‏ فيه| › ويتمكن من إفادة ما قد ينكشف له . 

أما اللغة الفرنسوية وغيرها من اللغات فالحاجة إليها خاصة . والإشتغال بها ولا 
بد أن يكون منحصراً في طبقات من الناس » إما عالم يطلب ترجمة ما فيها من العلوم 
الطبيعية مثلاً إلى لغته » وإما متهيء لأن يخدم دولته في معاملة سياسية بينها وبين الدول 
الأجنبية » وإما تاجر يحتاج إلى معاملة أناس من غير جنسه » وما شابه ذلك . وليس 
بمحمود في نظر العقلاء أن نطلب اللغات الأجنبية لذاتها فإن اللغة طريق إلى ما أودع 
فيها » وليس في علمها نفسها أدنى فضيلة . 

[ثم استطلت الكلام » وطلبت الوقوف عند هذا الحد » وختمت كلامي بالدعاء 
لمولانا أمير المؤمنين » وطلبت من الحاضرين أن يؤمنوا »> فارتفعت الأيدي بالدعاء 
لعظمته بتأبيد الملك وتخليد السلطان] . هذا ما وسع الوقت إجماله . واللّه الموفق 
للصواب . 


Vet 





مصر والمحاكم الأهلية(') 


رأينا بين عدة من الجرائد المصرية منافسة في هذا الموضوع . وكنتم المحتم بشيء 
من الكلام فيه رواية عن مكاتبكم في القاهرة » فمن حقوق الإنصاف أن تقبلوا مني ما 
أبعث به إليكم ثما خطر ببالي » ولكم بعد ذلك الرأي الأعلى . . 

أتت جريدة على ذكر ما يشاع من الخلل في المحاكم الأهلية بمصر » وتذرعت 
بذلك إلى الكلام في وكيل الحقانية » وناطت جميع الخلل بأثرته وتطرفه في الميل إلى أبناء 
طائفته (القبط) » حيث أقام منهم في مناصب القضاء وما يتعلق به من لا أهلية فيه 
لإجادة العمل » واسترسلت في ذلك إلى دعوى أن المسلمين قد نظروا إلى هذا التصرف 
بعين الناقم > فعارضتها جريدة أخرى » ودفعت ما ادعته من وقوع الضغائن بين 
المسلمين وبين إخوام في الوطنية من الأقباط » وأقامت الأدلة على إلتحامهم بالألفة 
والمحبة › وأخذ كل منهم بعضد أخيه عند الشدة › ورسوخ ذلك في نفوسهم بالتوارث 
عن أسلافهم » وأقوى برهان على ذلك وقوفهم مواقف القتال مع إخواءهم المسلمين في 
مواطن الحروب في فتنة «كريد) وحرب «الحبش» والمواقع السودانية » وما سبق ذلك وما 
Aid‏ « يناصرونهم ويوازرونهم ٠‏ فكانوا حرباً لمن حارم ٠‏ وسلا لمن سالمهم » وأن 


)١(‏ كتب الأستاذ الإمام هذا المقال وهو في gm‏ قبل عودته من المنفى . ونشره في مجلة «ثمرات 
الفنون» البيروتية بالعدد TOA‏ الصادر 3 ¥\ رببع الأول سلة o0‏ هھ سلة 14م . ثم 
أرسل به من بيروت إلى تلميذه سعد زغلول كي ينشره في بعض مجلات مصر . 


Viv 





الخلاف المذهبي لم يحدث في البلاد شقاقاً وطنياً في زمن من الأزمان . ولمذا لا نرى 
للقبط في مصر مسألة سياسية تعنى بها دول أوروبا ىا نرى لغيرهم في غير مصر مسائل . 

وأيدت هذه الجريدة جريدة أخرى جاءت بتاريخ القبط في الأحقاب الماضية » 
وما وصلوا إليه في الأوقات الحاضرة . ثم فصلت القول تفصيلا فيمن عهدت إليهم 
وظائف في المحاكم الأهلية من الطائفة القبطية » وذكرت أسماءهم وسوابق خدمهم » 
فكان أعضاء المحاكم منهم عشرة من سبعة وستين عضواً , والذين في أقلام النيابة منهم 
ثلاثة من عدد كثير من النواب ومتعلقيهم » والكل » في (Us‏ من أهل الإستحقاق » 
لا يغمز على أحد منهم في العلم با وليه » ولا يرمي بالقصور عن تأدية ما عهد إليه 
عمله 


ثم رأينا في مواضع متعددة من جريدة جديدة تطبع في القاهرة ا وتصرياً 
بالخلل الواقع في المحاكم » وأن معظمه بل كله من تداخل وكيل الحقانية بطرس باشا 
غالي في أعمال تلك المحاكم . ونقلت تلك الجريدة إجماع الناس على أن السبب في نزول 
النازلة لهائلة » وهي استعفاء عزتلو شفيق بك منصور إنما هو الخلاف الذي وقع بين 
بطرس باشا وبينه » ووقوف الباشا مانعا بين البك وبين الإصلاح . 

هذا إجمال ما رأيناه فرويناه. وعندنا أن التحامل على شخص بعينه لا ينبغي أن 
يتخذ ذريعة للطعن في طائفة أو أمة أو ملة » فإن ذلك اعتداء على غير معتد » ومحاربة 
لغیر حارب » أو كا يقال : جهاد في غير عدو . وهو نما ضرره أكثر من نفعه » إن كان له 
نفع » فإنه يثير الساكن » وينطق الساكت . ويؤلب القلوب المتفرقة على مقاومة رأي 
الطاعن , ومخالفته إلى عكس ما يريده » فليس من اللائق بأصحاب الجرائد أن يعمدوا 
إلى إحدى الطوائف المتوطئة في أرضص واحدة فيشملوها بشىء من الطعن » أو ينسبوها 
إلى شائن من العمل . تعللاً بأن رجلا أو رجالاً منها قد استهدفوا لذلك » فإنه ما يرسل 
العداوات إلى عمائق القلوب » ويدلي بالضغائن إلى بواطن الأفئدة . فإذا تنافرت 
الطوائف تشاغلت كل منها بما يحط شأن الأخرى . فكانت كل مساعيهم ضرراً على 
أوطانهم , فالتوى على الطاعن قصده » وبعدت عنه غایته » فقد كان يريد بقوله 
اتقاص شخص واحد تأديباً له أو استصرافاً لدفع شره » فأدى سوء استعماله إلى خيبة 
آماله . 

فنحن نرى رأي الجريدتين المحاميتين خصوصاً عن طائفة الأقباط في مصر » فإنا 


YEA 





أظهرت بحسن سيرها مع المسلمين من مواطنيها ما أهلها لوجوب المحافظة على وصية 
ME I‏ فقد عهد إلى أصحابه إذا فتحوا مصر أن يستوصوا بقبطها خيراً وقد كان 
حسن حال الأقباط مظهراً لصدق نبأه عليه الصلاة والسلام . على أن كثيراً من أسلا 
هذه الطائفة كانوا أمناء على مال الحكومة المصرية في الدول الإسلامية المتعاقبة بما أجادوا 
من صناعتي الحساب والكتابة في تلك الأوقات » ولم تعهد همم فتنة » ولم تذكر لهم على 
البلاد غائلة » فلا ينبغي لمبتغي الحق أن يمس شأنهم بالعئوان العام . 

وأما ما لا تخلو منه طائفة من وجود أشخاص ضعاف العقول أو ميالين إلى' الشر » 
فعلى الناقدين أن يقصروا نقدهم على حال ا 
وغيرهم من مواطنيهم على دفع شرهم . أو تحويلهم عن القبيح من أعالهم » ويجب أن 
يكون النقد خاصاً بالعمل الذي ظهر فيه الخلل . لا يتعدى إلى أوصاف خاصة لا تفيد 
في البحث . 


. إن كانت الطائفة أو الأمة من قوم أجانب على البلاد ومتخلبين عليها بقوة 
قاهرة أو isle ty.‏ وكانت أعمال آحادها مبنية على آشول ا اون : فيكون 
عمل الواحد كأنه صادر عن الحملة » كما في أعمال الإنكليز بمصر , جاز للناقد أن يأخذ 
الجماعة بإثم الواحد منهم » ويستصرخ أبناء الوطن جميعاً لكشفهم عن بلاده 
' واستخلاص الحق منهم لأربابه . 

أما بطرس باشا غالي فهو رجل ذكي حاذق في عمله » بصير بأمره » تقلب في 
وظائف الحكومة من عنفوان شبيبته » ورقي به اجتهاده إلى ما وصل إليه من سامي 
وظيفته » وکان «باشکاتثب» ل ee‏ 
سنوات » ووثقت به الحكومة الخديوية في كثر من أع اها المهمة » ونال منها مكافات على 
ما أدى من الأعمال التي نيطت به » فمن ¿ الظن به أن لاتضيق معرفته عن الإحاطة Le‏ 
توجب عليه أحكام وظيفته » وأن لا يصدر عنه ما يبعث عليه لائماً من مصيب في رأ 
محق في حكمه » Wily‏ | إلى الآن لم نر الناقدين ذكروا عملا مما أخذوا عليه يستحق أن 
ا EST ie Aaa‏ 
إلى استعفاء البك المومي | ليه able,‏ الباشا لبني طائفته . 


أما الأخيرة فدفعتها الجرائد المحامية بما لا سبيل إلى معارضته إلا بإثبات نقيضه » 


> 





وهو ما لا انيس ae ad gg‏ رى ما لا ad OE‏ من GoM ly «Dal‏ 
فالخلاف قد يكون بين عاقلين ومستقيمين ومختلفين في الصفتين » ولا طريق للحكم 
بخطأ أحدهما إلا النظر في مواد الإختلاف وأدلة كل من المختلفين » وهي الآن م تحضرنا 

على أن الذائع على ألسنة البصراء من المصريين أن النيابة العمومية الحرصها على 
تقوية تفوذها وإعلاء سطوتها » قد تتجاوز الحد المحدود فيها عند الأجراء في بعض 
المحاكم . والإنتقاد عليها كان أشد من الإنتقاد على القضاة . حتى قيل إن سبب 
استعفاء الأستاذ العلامة الشيخ العباسي من الإفتاء كان عدواناً من بعض خدمة النيابة من 
لا حلاق له » اضطر الشيخ للمداخلة في دفع عواقبه فلم ينجح e‏ 
معروفا لعزتلو شفيق بك منصور » وكان الظن به , اس أن لا يغفل عن 
ذلك . وأن يرد الأعمال إلى حدود أحكامها » ولا نظنه ly‏ 
ربما كان الأمر أصعب من أن يلافى دفعة واحدة والرجاء في حميته أن يداوم على إرشاده 
لأهل القضاء وعمال النيابة بما ينشره من آرائه في صفحاث الجرائد فوطني مثله لا يحجب 
فوائد أفكاره عن أبناء وطئه حاجب . 

أما تأدية الخلاف إلى استعفائه فلا نعده جريمة لبطرس باشا » لأن الإستعفاء عمل 
إخيتاري لا يؤاخذ به المتسبب فيه . على أن جريدة (الأحكام) ذكرت أن سبب 
الإستعفاء تعيين أحد البلجيكيين في وظيفة كان من رغبة البك أن لا يكون فيها وهو أمر 
يتعلق بناظر الحقانية » لا بوكيلها » وعهدنا بإخواننا المصريين أن يوجد بيهم من أهل 
المعارف الشرعية والإدارية من يمكنهم بسعة إقتدارهم إصلاح محاكمهم oe‏ 
منها » وأن لا يكون تخي رجل أو رجلين من وظيفة من النوازل المهمة » أو الخطوب 
المدلهمة » فإن ذلك لا يكون إلا ني بلاد بلغت من فقر الرجال غاية قصوى . ونسأل 
اللّه تعالى أن ينير بصائر أهل الحل والعقد في بلادنا المصرية » حتى يعرفوا للمصيب 
إصابته ويلزموا المخطيء خطيثته » ويؤلف بين قلوبهم . ويجمعها على مصالح بلادهم . 

3 a E 

ee‏ أعدادكم أن أمين بك غالي إنتقل إلى وظيفة أرقى من 
وظيفته راتباًء والحقيقة أن ذلك لم بكن » والراتب واحد » والوظيفة مؤقتة » وكنتم 
ذكرتم أن «باش محضر) محكمة مصر الإبتدائية عزل برأي وكيل الحقانية في اليوم الثامن 


Yor 





لإستعفاء شفيق بك » وعين مكانه أحل أقارب الوكيل 6 والحق أن عزله كان بناء عل 
طلب رئيس المحكمة ,» dy‏ يعين بدله dol‏ إلى Shs OY‏ عمله أحد «المحضر 
الموجودين «بالقلم) . 


هذا ما ساقنا إليه العدل ‏ واللَّه الحادي إلى الصواب . 


(ox 


Y1 


Converted by Tiff Combine 








اللغة الرسمية في المحاكم الأهلية بمصرذا) 


أنظر إلى المادة 77 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية نجدها صريحة في أن اللغة 
الرسمية في المحاكم الأهلية هي اللغة العربية » ويجوز أن تنقل خلاصة المرافعة وحجج 
الدعوى إلى لغة أخرى كتابة وتقدم إلى المحكمة . 


فمن الواجب . بناء على هذه المادة » أن لا يتكلم أحد الخصمين أو وكلبهما إلا 
باللغة العربية » فإذا شاء أحد المذكورين أن يؤيد ذلك بترحمة ما قال إلى اللغة 
الفرنساوية مثلاً تحريراً » لم يمنع من ذلك . 

ونظرت الحكومة المصرية في إيجاب التكلم باللغة العربية في المرافعة عند تلك 
المحاكم إلى تقرير حق لو أغفل بطل المقصود من تشكيل هذه المحاكم بالمرة » وانقلبت 
المنفعة المطلوبة بها مضرة » فإن الغرض من تشكيلها الفصل بين الأهالي فيها يقع بيهم 
من المخاصمات » وإلزام كل جان عقوبة جنائية على وجه هو للعدل أدنى منه إلى 
الظلم » وجعلت جلساتها علنية لتكون مدافعة كل من الخصمين عن نفسه معروفة عند 
العامة والخاصة ممن يحب الوقوف على مآخذ الحق . ويكون في ذلك حكم عام لا يخفى 
أثره فيا يصدر عن الحكام من الحكم الخاص . 


)١(‏ نشر الأستاذ الإمام مقالته هذه في جريدة (ثمرات الفنون) البيروتية » إذ بعث بها إليها من مصر 
عقب عودته من المنفى > وذلك بالعدد ١(‏ ١لا‏ الصادر في ١1"‏ ربيع الثاني سئة 5 هھ (دیسمر 
سنة ۱۸۸۸ م( 


Vor 





والمتخاصمون من أهل مصر لسانهم واحد . وهو المعروف باللسان العربي ء 
وكذلك المأخوذ بتهمة الوقوع فيا يوجب العقوبة » فإذا ترافع المتخاصمان إلى المحكمة » 
أو وجهت الحكومة تهمة على جان وطلبته للمدافعة عن نفسه » كان من الضروري أن 
ee ae‏ 
الخصوم » فإن تكلم متكلم منهم بلغة لا يفهمها الآخر تعذر على غير الفاهم أ ن يلمع 
بحجة ومعارضة أدلة خخصه . 

ثم إن أعضاء المحاكم لم يشترط في فيهم العلم بلغة أجنبية البتة » فلو كان في 
المترافعين من يتكلم بلغة غير العربية لكان القائمون للفصل في المخاصمة غير عارفين 
بوجوه الحكم إن لم يكن عندهم علم بغير اللغة العربية . 

' فمن هذا يظهر أن وكلاء المخصوم ‏ (الأفوكاتية) ‏ عند المحاكم الأهلية يجب 
عليهم أن يتكلموا باللغة العربية لا غير» سواء كانوا عربا ا وتو و ا 
مهم أن يخاصم بلغة أخرى . 
فإن قال قائل: إذا كان المخصمان عارفين بلغة أجنبية » ورضي كل منه) بأن تكون 
Lye dee Lilt‏ » فلم لا يجوز أن تسمع المحكمة مرافعتهم| باللغة التي | إختاراها ؟ 
فجوابه : RR‏ 
يكون هذا الفرض سائغ القبول إلا إذا اتفق أن أعضاء ا 
ا ا ee‏ أن يحكم في 
الخصومة كا هو شرط النظام . وإن رؤساء المحاكم وأعضاءها الذين هم حفاظ القانون 
والقوام عليه لإيصاله إلى الغاية المطلوبة منه يجب عليهم أن يراعوا حكم هذه المادة » 
tk‏ نات « وصوناً للقانون » وتأييداً لقصد الحكومة » وحياطة للحقوق . 


ae ak aK 
في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي ۲۳ ربيع الأول » انعقدت جلسة الجنح‎ 
الإستئنافية تحت رئاسة صاحب العزة أمين بك سيد أحمد » وكيل المحكمة » ووجد في‎ 
وكلاء المتهمين رجل أورباوي » لا يعرف اللسان العربي » ومعه ترجانه » فلا أفضت‎ 
النوبة إليه طلب أن يتكلم باللغة الفرنساوية » فوضع طلبه هذا موضع المداولة في‎ 
» الجلسة » وكان حكم الأغلبية أن لا يتكلم إلا باللغة العربية » فأعلن له الرئيس ذلك‎ 


Vog 





فأحذ في الكلام بالفرنساوية » فمنعه الرئيس » فانتصر للفرنساوي أحد القضاة الوطنيين 
من يدعون نجباء » أو فضلاء » أو ما شاكل ذلك » وسأل الرئيس أن يدعه يتكلم » 
فاحتد الرئيس » وقال : بصفة كوني رئيساً قضائياً أطلب منه أن يتلكم بالعربية » فإن ل 
يفعل أمرت بطرده من الحلسة . وكان كا قال » فانصرف «الأبوكاتو» وعادت المحكمة 
Bled‏ 

أما الرئيس أمين بك سيد أحمد فقد أدى الواجب عليه للقانون » وللحكومة › 
may. Nel,‏ زه إن مرق E O NOSE‏ 
الفرنساوي » وأجاب طلبه » لجاز لغيره أن يطلب مثل طلبه » واندفع الأجانب ينوبون 
عن بعض الخصوم على رغم من البعض الآخر » ويضيع قصد الحكومة » وتبطل حقوق 
الأهالي بعراء المخاصمة على من لم يعرف لغة المخاصم منهم . ولا يجوز للرئيس ولا لغيره 
منع الطالبين مما يطلبون | لا أن العادة تكون قانوناً > وهي عند الأوروبين تثبت بمرة . 

بقي الكلام في ذلك القاضي النجيب : هو مصري 6 ولا يعرف له صلة 
بالفرنساويين . . برأه الله من ذلك . غاية أمره أنه يعرف الفرنساوية كما يعرف كثير من 
أمثاله . . هو حاكم مصري يجب عليه مراعاة مصلحة المصريين » والمحافظة على ما به 
صون حقوقهم . . . هو قيم على القانون » وبحكم القانون صار قاضياً » ولولاء لم يكن 
(ee‏ > فمن الواجب عليه شكر القانون واحترام مواده » والمحافظة على أحكامه بما 
استطاع . . هو موظف للحكومة المصرية » تفرض عليه الأمانة في خدمتها » وموافاة 
مقصدها 0 وغايتها النبيلة . . هو إنسان » والإنسان مجبول على حب وطنه 
وترجيح ما يؤيد جانبه » فلو فرض أن القانون جوز أن يكون الكلام بغير العربية , 
لوجب عليه أن يستعمل الجواز موجباً للحظر , فيقول : يجوز هذا ويجوز غيره » ولي 
رن لرل ادن ا ای مرل ا کیا ردس لرا 
وهو أجدر أن يسبق الناس في صحة الإحساس » ليكون قدوة حسنة هم . . هو معدود 
في نجباء الفتيان المصريين » فكان الواجب عليه إذا وجد من نفسه ميلا إلى سماع 
الفرنساوية في المرافعة » للذة في رنتها , أن يكتم ذلك اليل المضاد للقانون » ولا يوجبه 
الحق الأهلي » كيلا يؤحذ عليه . ومع ذلك كله فقد بلغني عنه أنه يحب أن تكون المرافعة 
بالفرنساوية › وأنه قد سبق له عندما كان رئيس جلسة إباحته لمحام فرنساوي » وأنه 
يتمنى لو أن الحكومة تلغي مادة ۲۳ من القانون حتى يكون القانون مسوغاً للفرنساوي 


Voo 





أن يترافع بصفته أنه نائب عن المصري باللغة الفرنساوية » وحكي أنه لما شاع - (وغالب 
ما يشاع كذب) ‏ أن الحكومة في نيتها أن تسمح للأجانب بالمخاصمة عن الأهلين بغير 
العربية » فرح ذلك القاضي حتى شرب في أحد مجالس هوه على سر تلك الوشاعة على 
نحو ما يفعل الأوروباويون . . ولا أقول إنه شرب مسكراً » ولكنه قلد الفعل تقليداً › 
كذا يقال . ولا سئل عن سبب ميله إلى ذلك » أجاب بأن المحامين الفرنساويين يعرفون 
الحيل الشرعية ويجيدون في نسجها » فكان ذلك مثار تهمةٍ عليه بأنه يود أن يكون 
للفرنساويين مثلً حق في المخاصمة ليصح له الإتفاق معهم في محاولة القانون » ويكون 
في حماية من ألسن الوطنيين وسلطة الحكام بميل الأوروبيين . . وإني أعيذه من ذلك › 
eh he Mead‏ . وغاية ما يمكنني أن أقول في سبب هذا الفرح ل 
ذلك اليل » أنه طيش شبيبة يسول له أن في سماعه كلام الفرنساوي والإقبال عليه عند 
المخاصمة ‏ والمتفرجون مزدحمون - والتفاتهم إلى أنه عارف بما يقول الفرنساوي ومدرك 
لدقائقه Le‏ يلوح على وجهه عند ذلك من علامات الفهم , وأن في معرفة المتفرجين أنه من 
المدققين في اللغة الفرنساوية لذة بما يناله من الشهرة عندما يتناقل الحاضرون حاله . لكن 
خفي عليه أن من لم يعرف لا يصح حكمه , ولا قيمة للشهرة عنده . وقليل من 
الحاضرين من يعرف اللغة التي يميل إلى الإشتهار بمعرفتها . 

وقد بلغنى أن ذلك الفاضل » على ذكائه وسعة إطلاعه في القوانين » كثيراً ما 
يعتمد على شدة فهمه » فيلهو عند ساع المخاصمة» إكتفاء منه بالإشراف على الضمائر » 
بغير سباع » وأحياناً يني ببعض القضايا يلخصها في الجلسة » ويترك المترافعين يناقض 
بعضهم بعضاً » وهو مع ذلك يدل على المحامين الوطنيين » ولو كان بين يديه محامون 
أوروبيون لما سهل عليه إتيان شيء من ذلك » ولكان خوفه منہم إذ ذاك أشد من ميله 
إليهم الآن . فعليه يه أن يعقل ما يفعل » وعلى الناس أن ينبهوه عندما يغفل » وأملنا في 
نجابة المصريين أن لا يكون هذا الميل شائعاً في كثير منهم . 

eS 
الفرنساوية » وأن رئيسها » ؛ مع أنه من أهل هل التقى والإستقامة » وذوي الدراية » قد أذن‎ 
في ذلك » ولم أعلم كيف كان منه هذا الإذن ؟ ثم لم أدر كيف سكتت نظارة الحقانية على‎ 
ذلك » ولم تصدر أمرها بالتحذير من تكرر الوقوع في مثله ؟ .. ولعل نشر ذلك في‎ 
جريدتكم ينبه غافلاً » أو يستلفت من يجب عليه الإلتفات . و وأملنا أن هذه الوزارة‎ 


كولا 





الرفيعة الشأن تراقب ما يقع في المحاكم من مثل هذه المفوات » وتنبه الأعضاء والرؤساء 
على ما يخالطون منها » وتعرفهم مواضع الخطأ فيها › » فإنها قد تكون في نظر بعض الناس 
ا 


Vo¥ 


Converted by Tiff Combine 








رسائل من بيروت 


ا 


OL‏ أفضل الفضل في مبادئه » وما أكرم الكرم من مناشئه» وما أكبر التواضصع 
من الكبراءء وما أعلى التنازل من الأعلياءء جلت مكارم مولانا عن التقدير » وفاتت 
فواضله حيطة التحرير » توججهت عنايته إلى ضعيف في وجده . عارف بقدره » واقف 
عند حده » فأحسن إليه بأمر كريم من رِقْدِهء يكسوه من الوصف حلة بهاؤها 
بمسديها » ويوليه كرامة سناؤها بمهديها . وما هي إلا كالاته تبدو مظاهرها » وكرائم 
سجاياه تظهر على المخلصين مفاخرها ؛ وإلا فليس لهذا الداعي ما يستلفت نظر دولته 
ويستقبل وجه كرامته » اللهم إلا الإخلاص في ولائه » والإحتساب على آلائه » وما 
إحتواء مولانا على منصة تشرف به على النظر فيها يؤكد نسبتي إليه » ويقوي إستنادي 
عليه » فأرجو الله أن ترتقي بي إلى أعلى ما يؤمل لثله بمثل فضله » حتى يعم فضله 
المتعرفين إلى جنابه » والعاجزين عن التقرب من رحابه » وقد أرشدني كرم مولانا إلى 
الإعتصام بالصبر » وإنني ed‏ أرشدني إليه على نحو ما يقول سابقي إلى مثل حالتي : 


تعودت مر الصر حق ألفته فأسلمني حسن العزاء إلى الصير 
)١(‏ أرسلها من منفاه في بيروت إلى أحد الساسة من رجال الحكم ‏ ولا ندري و وو واا 
على رسالة من هذا المسؤول يطلب فيها من الإمام الصبر والجلد على المحنة التي ير بها في 
المنفى . 


Vo4 





فالحمد لله على توفيقي للأخذ بإرشاده » ووقوني عند حد مراده » فلا زال يحي 
القلوب بحكمته ٠‏ كما يحبي نظام الأمة بعدالته » والله يتولى مثوبته على | إحسانه » کیا 
يكفل له في العا مين إعلاء شأنه ورفعة مكانه . 


V0 





5 


Met‏ الذي سم بك استعدادك , وزها بك إجتهادك 6 فأعدت للش سئاءه 
ورددت للشعر عباءه » فلنا المسرة بمكاتبتك ( ومنا الحمد لمبادأتك : 


» منك فوائد منثورة » تتبعها لآلىء منظومة » أعلاها حسن إختراعك‎ gal 
وأغلاها جودة إبداعك » وكنت جديراً بحليتها » مبتهجاً بزينتها » لو أديت للحق‎ 
فرض خدمته وطالت يدي ني تأيید کلمته » ولکني - على ميلي إلى الحق  لم تساعدني‎ 
القدرة على إسعاده » ولم يسعفني الحول والقوة على إنجاده » فأين أنا منه وهذه حالي من‎ 
› جليل ما وصفت » بل من قليل ما أغزرت ؟ » وأرجو الله أن يرشد العقول الصافية‎ 
» ويجمع القلوب الحازمة » ويصرفها إلى فضل ما أعد ها » فتجود أعمال » وتثبت آمال‎ 
. وتبدو آثار يحمدها الحامدون . ويعرف قدرها العارفون . فهنالك تحقيق ما ظئنت‎ 
. وتصديق ما حدّثت » إن شاء الله > والسلام‎ 


(9) كتبها من بيروت إلى أحد المعجبين بموقفه في المنفى . 
اكلا 





mm ¥ =‏ 
9 سيدي الأستاذ الأجل . . 


لله حالي مع الشيخ !! وجد به مستحر » وشغف بحبه مستمر » وعهد هوى إليه 
مستقر » وهو بي لا يستقر . شغفت من الشيخ بأخلاق زهر » ومكارم غر . ومروءآت 
حدر CE)‏ وفضائل غزر » ذلك الحسن الذي لا يكسف . والجلال الذي لا يكشف . 
فإذا عشقته فلست بالغالط » وإن لمحته بحبي ف أنا بالخابط » تعلقت بها الأنفس وهو 
لدي الأعز الأنفس » ومشربي في ذلك أصفى المشارب » وللناس في| بعشقون مذاهب » 
أنآني عنك تباین الديار» وأدناني منك دوام التذكار » كلما خلوت بنفسي > تمثلت لباطن 
حمسي » فروحي إليك آنسة » ومن قرب اللقا غير آيسة . فإن فاءت من غيبة الفكر » 
وأفاقت من سكرة الذكر , عاودتها وحشة الفراق » وإنتابها قلق إلى التلاق » YE OF‏ 
عنايتك » وتقفتها رعايتك » بكتاب تلحظه » أو خطاب تحفظه , كان ذلك أشفى 
لدائها , وأنجع دوائها . 





(1) بعث بها الأستاذ الإمام من منفاه بببروت » ويرجح الشيخ رشيد رضا أن المرسل إليه هو الشيخ 
علي الليئي فيقول : «إنها مرسلة إلى بعض الشيوخ ء ولعله الشيخ علي اللبثي» . . . وذلك لأن 
مسودات هذه الرسائل قد وجدها الشبخ رشيد رضا دون أسماء من أرسلت إليهم » ومضمونها 
هو الذي يحدد من هم . وللاجتهاد هنا مجال . 

(4) من معانيها السمينة » الممتلئة » الغليظة . 


دف 





وبعد فأنا اليوم «ببيروت» في فضل من اللَّه أشكره » وجميل إحسان أذكره , ولا 
أنكره » ومقامي عند جميعهم محفوظ . ومكاني بعين التوقر ملحوظ . غير أنه لا يسوي 
بقومي قوم » ولا كيوم وطني يوم » ذلك الوطن الذي أنبتك » وغذت عناصره نبعتك » 
لا ريب أنه منبت الكرم » ونخيم لأطهار الشيم » اموت فيه بقاء » والحياة في غبره فناء » 
ولكن كان حالي كما قال الأموي : 

Heed sly welt tel‏ . كناك اراك ع ها ا 

فإن لم يكن غير إحداهها فسيا إلى الموت سيراً جميلا 

هذا إلى أن يُنجح الله سعيكم » ويؤيد في أمري رأيكم . فيياط الأذى » ويلقى 
القذى » وتمحص الصدور ويبرأ المصدور©» . . هنالك يعرف النخيل أهله > ويصل 
الفرع أصله . 


)0( إشارة إلى تكليف الأستاذ الإمام للشيخ علي الليثي بالسعي للعفو عنه من السلطات المصرية 


يومئد . 


vay" 


Converted by Tiff Combine 








de Get Ul Mey‏ ي 


سيدي الأستاذ الأكمل . متع الله الفضل ببقاثه . 
السلام على المولى ورحمة الله وبركاته . وبعد . . 
فقد تناولت الكتاب الكريم من ال مول العظيم Hs‏ البر الرحيم > وکان حظی 
ولیس من وسع القلم أن يصف ما يفيضه المولى من هوامي الكرم » ونوامي 
العوارف والنعم . وكفى نعمة أن يقف المولى بحسيبه » ويجعل حسن ظنه به من أجزل 
لصصيبة ) وهذا لا أطيل الكلام ‘ فيها تعجز عنه الأقلام » وتقصر عن بلوغه الأحلام : 
وإن لمولاي أن يمن علي بدوام الإلتفات إلي » على ما في من تقصير . وباع في الكلام 
وكتاب الأمير شكيب أبعث به إليه اليوم » وليس في تأخيره على لوم » OB‏ 
فيه تقبيل أيديكم » ومن لي بذلك اليوم وأن أكون في ناديكم » وقد أجد في كلام ذلك 
الأمير طلاوة بعد لقاكم . وأذوق من حلاوة كأنها من جناكم ١‏ فيظهر أنه نال من الأستاذ 
)١(‏ كتب الأستاذ الإمام هذه الرسالة إلى الشيخ علي الليثي في 4 صفر سنة ۱۳۰۸ ه (24؟ سبتمير, 
سلة ١88٠‏ م( وقد وجدها المرحوم خير الدين الزركلٍ بين أوراق الشيخ علي ell‏ ‘ ونشرها 
مصورة 3 المستدرك الثاني على قاموسه (الأعلام) طبعة بيروت » الثالثة . 


م 





على قصر الإقامة معه فوق ما نال مني » وكرع من دنه فوق ما ارتشف من دني » فانتقل 
احتسابه في الأدب عليه » وتحول انتاؤه في الفضل إليه » فكان بذلك أرقى حسباً . 
fot pe ld. Ls Gt,‏ 

والشيخ عبد الكريم سلان وسعد أفندي زغلول بهديانكم من السلام ألونا . 
ويسوقان من التحيات إلى سيادتكم زرافات ووحداناً » ويذكران لكرمكم فضلا 
وامتناناً » ويسألان من تحاياكم عطفاً وحناناً » وأن تجعلوا لها من نظركم مكاناً . ومن 
عنايتكم أركانا . 

الول نن الول أن بواصل مته مندة با يتحفنا بة من لطائفت تبه . والله بطي 
. بقاءه » ويحفظ للمجد علاءه » ولعل تشريف الجناب العالي يسمح لنا بلقاء مولانا في 
أوائل شهر أوكتوبر » كما وردت به الأنباء وسرت به ألباب الألباء . والسلام 

4 صفر سنة ۱۳۰۸ 
محمد عبده 


ككلا 





6ع 


لك“ في قلوبنا من الود ما يذكيه سئاؤك » وف مناطقنا من الحمد ما يوحيه 
كمالك » وفي صدورنا من الإجلال ما يرفعه مهاؤك » ما بيننا من المودة لا تحده مدة » ولا 
تخلق له جدة » نعيذه من حاجة للتجديد » واستدعاء للمزيد » فلا المواصلة تربيه › 
ولا الماهلة توهيه . . نعم إن ما نحصفظ لك في الأنفس هو تجلي فضلك » ومثال علائك 
ونبلك » وذلك الخالد بخلود الأرواح » الباقي في تفاني الأشباح . 

تلقيت منك كتاباً يبوح بسر المحبة » وينشر طي الصداقة , فيه تبيان وجدانك ما 
وجدنا » وتأثرك على ما فقدنا » > فكان نبأ | نعلم » وقضاء ما نحكم » ولكن شكرنا 
لك فضل المراسلة » وأريحية المجاملة » Ly‏ يتولى إيفاءك مثوبة تكافيء وفاءك . 


viv 





at Ase 


Joy‏ الله بالتقوى حبلكم » ely‏ بصدق الإيان حلكم » يعلم الله أي 
وإن فارقت عطوفتكم لم يفصلبي البعد الجساني عنكم» وإن بانت بي الأماكن ونبت بي 
الأقطار ل أبن منكم » فلقد يسمو الإيمان الصادق بأهله عن مضاجعة الطبيعة » فلن 
تصل إليهم آثارها » وينفر بهم عنما فلا تخالطهم أوضارها » فتأحذ الأرواح حكمها » 
وهي إذا تعارفت جواهرها تواصلت سرائرها » ولم تبال بالأجسام ومصايرها . 


لم يزل يلمع لي بارق من سر ذاتكم الطاهر , ويذره*»2 آنا بعد آن » شارق من 
مطلع يقينكم الزاهر » ويتمثل لي كلا نزع في القلب إليكم مثال من مزايا سعادتكم » 
ويبدو لي عند الوحشة مؤنس من خحصائص عطوفتكم » فأنا من معاني حقيقتكم في بقعة 
من عالم المثال » أهو بها عن هذا العالم » عام الحيال » أراكم بين من رأيت من حكام 
الزمان كوكباً plat cw‏ أكوان » إن كان لها ضياء تضاءل لضيائه » أو كان لما سناء 
تساقط دون سنائه » فاللّه يحقق نسبتكم إليه » ويمنعكم بإخلاص الإقبال عليه » فتلك 
السعادة لا تفضلها زيادة » ولا أتقدم إلى سعادتكم بالرجاء بشيء مثل ما أرجوكم d‏ 


5 ig رسالة إلى أحد ساسة الأتراك » بععث ہا من منفاه‎ (A) 


)4( يطلع . 


Y۸ 





النظر لإصلاح قلوب الأهالي بالتربية الزكية » على أصول المعارف الصافية ‏ فلا بقاء 
للدين إلا بها » ولا وقاية له إلا بنفوس أربابها » ولا سعي عند الله أفضل منزلة من 
السعي إلى مثل هذه الغاية ولا أجل عاقبة لديه مثل الإنتهاء إلى مثل هذه النهاية . 

ثم أرجو العفو عن تة تقصيري في عرض عريضتي ١١(‏ على أنظار عطوفتكم في المدة 
الماضية » فقد كنت بعد مفارقة «القدس» في أمراض لم أزل إلى اليوم في معالحتها» 
وأنتم أكرم من قبل العذر » واستقبل بالعفو جزيل الأجر » والله بمدكم بإمداد توفيقه › 
ويحفظكم على المحجة من طريقه . 


. إشارة إلى لائحة إصلاح التعليم العثاني . انظرها في الجزء الثاني من هذه الأعمال‎ 2٠١ 


۷4۹ 





a Vu 


0 إن خدمت الملة في هذه فا هي أول خدمة » وإن وفقك الله للنجاح فيها 
فليست بأول نعمة » وإن شحذت عزمك لإصابة الغرض ماما فما هو ببدع منك » Obs‏ 
طالت يدك لبلوغ الأمول فيها ف| هو ببعيد عنك , فاللّه آخذٌ بعضدك , وممدك إلى 
مقصدك » خصوصاً Ly‏ نت تخلص النية » مشرق الطية » صادق العزيمة » شهم الفؤاد , 
Shaul eat‏ ايف الله if‏ أفردك في علوه » وبارك لك في عزم ميزك بسموه » وحقق 
الرجاء فيك » وبلغ الأمل منك !! . 

حار قلمي . . لا أدري بأي بيان يذكرك » وعلى أي فضل يشكرك ؟ على صدق 
في خدمتك , أو إخلاص لدولنك » أو de‏ لدينك » أو ثبات في يقينك » أو بعد ني 
همتك » أو علوفي مروءتك » أو تنازل لإجابة هذا الداعي فيا رجاه » وتقريب أمله فيا 
Cas Tate‏ براق شک ذلك a All peat sf oly‏ مه اسل $F had‏ 

وأفاني كتابك يفوق الغيث في بركته » والربيع في نضرته » كيف لا . . والحق في 
طيه » والفضل في ثنيه . وأين ما تربوبه الأشباح ما تنعش به الأرواح ؟ وأين نضرة 
الحقول من بهاء ء العقول ؟ Ga‏ مني بعد السكون . وأظهر مني بعد الكمون » وفتح لي إلى 


)1١١(‏ هومن ساسة الدولة العثانية » والرسالة كتبها الأستاذ الإمام من بيروت » وهي رسالة جوابية 
مرسلة إلى من أرسلت إليه الرسالة السابقة . 


اا 





الأمل باباً » وكشف عني من الإرتياب حجاباً » فلا زلت يقوى بك العزم » ويؤسى 
بفضلك الكلم » أما ما سبق إليه رأيك من تقديم رسالتي 2١7‏ إلى حضرة ة علم العلماء 
وتاج الفضلاء صاحب الدولة ناظر العدلية الأفخم > LAS‏ رددت غريبا إ إلى وطنه 
وأرجعت نازحاً إلى عطئه » ولئن وقع ما عرضت موقع القبول cake‏ فإغا ذلك نجل 
فضله في مرأة علمه › ؛ وإلا فعلائم القصور ظاهرة في| كتبت . ولوائح الإرتباك بادية مما 
حررث ٠‏ وإنما هي نفئات رسمت في صفحات على استعجال خيفة الفوات + وما دفعني 
إليها وال أعلم ‏ إلا يقيني بأن نجاح هذه الأمة إنما يكون بحسن التربية » ولا سبيل 
إلى التربية فيها إلا بإصلاح معتقداتها » وتصحيح ملكاتها » حتى تستقيم بذلك أعياها , 
وتصلح أحوالها » Oly‏ سعبي في هذا من فرائض الذمة بل مندفع مني بباعث العقيدة 
آنيه محبوراً في صورة مختار» أو lke‏ في صورة مجبور . 

a sal ely‏ على قوة لا أجد لما مادة » وهداية لا أرى لتسيير الناس فيها جادة 
فإن وفقني الله إلى مادة عمل » وجادة خير بسعيك الناجح » ورأيك الراجح » كانت 
أعمالي كلها شكراً لصنيعك › all als,‏ من وراء ذلك خمير مكافىء لك على جيل 
سعيك , وأما استشهادك بفلان وفلان فإني أعده تفضلا منك ني التأكيد » وإلا فمجرد 
قولك عندي هو الدليل على الواقع ٠‏ واللّه على ما أقول شهيد », وليكن مني لك 
الإحترام الدائم والشكر الذي لا ينقضي » واللّه يتولى رعايتكم » والسلام . 


. الي كتبها الأستاذ الإمام سيروت‎ ay Al الوشارة إلى لائحة‎ (VY) 


۷1 


Converted by Tiff Combine 





بعد الملا 


ل 


jed by registered version 





Converted by Tiff Combine 








ja‏ ار 


Lp‏ أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم»7) 

OS‏ استفحلت اليوم المناقشات والمجادلات . وتكاثرت الملازعات 
والمحاورات » بين أرباب الأقلام في الجرائد المصرية » بشأن الإحتلال الأجنبي . وعظم 
القال والقيل في المجالس » وانحصر حديث الخاص والعام في ذلك » وكل فريق يتشيع 
لرأيه ويشيد بفكره » لا يطاوع إلا فيها يمليه عليه لسان الغرض الكامن في النفس » 
ويشير به مشير ال هوى المتسلط على الضمير . فالحجة الدامغة عندهم . والبرهان الساطع 
لديهم » والقول الفاصل في مسائلهم » التقريع واللوم والتنديد بما يأتي به أحدهم في 
أقواله » حتى أشكل الأمر » واختلف الشأن » فانخذل سلطان الحقيقة » وضلت 
الأحلام » وتخبط سير العقول . وظل المصري بيغهم حيران مبهوتاً » لا يدري على أي 
طريق يعرج » وبأي نجم بهتدي » وأي سبيل يقصد . فوجب إذن على الوطني الصادق 
في وطنيته أن يغض النظر عن تلك المنازعات » ويطرح الأغراض الذاتية برهة » وأن 
يضع بينه وبين حرب الأهواء هدنة » وينظر إلى ضوء الحق فيقرره » ويبدي إليه من لم 





. ]٠۳١١ : [النساء‎ ( 

(۲) نشرت هذه المقالة - دون توقيع - في U2‏ «وضياء الخافقين» ‏ التي كانت تصدر بلندن ‏ بتوجيه من 
جمال الدين الأفغاني ‏ بتاريخ ابريل سنة ۱۸۹۲ م . وقد رجح الدكتور علي شلش نسبتها للإمام 
محمد عبده . انظر كتابه [سلسلة الأعيال المجهولة ‏ محمد عبده] ص ۲۲ ۔ ۲۳ . 


VVo 





بمل كل الميل إلى تلك المنازعات » ومن كانت في نفسه بقية من حب الحق وإن كان 
فا فنقول : 

فأوجب واجب طبيعي يسعى نحوه الإنسان إن أراد أن تنطبق عليه صفة الإنسانية 
هو الحصول على حرية اللسان الذي هو ترجمان الضمير المفصح عن الأغراض > وإعدام 
العوارض والمؤثرات التي تحول بينه وبين هذه 0 . وبخلاف ذلك يكون الإنسان في 
درجة ساقطة عن درجة الإنسانية والحيوانية أيضا 

ولا لهذه الحرية من الشأن الجليل والمقام الأول قد وجدنا صحف التاريخ مشحونة 
بذكر من مضى شهيدا في ميدان الحصول عليها . وما زالت الأنفس الشريفة تعرض 
نفسها للأخطار , وتلقي بأرواحها في نيران المهالك , لا هم لا إلا أن تعيش حرة بين 
قوم أحرار » حتى تأصل هذا الفكر في كثير من أفراد الأمم dls de‏ الدهور . فقاموا 
على الظلمة الذين يغلقون أمامهم أبواب تلك الحرية » فانتصروا يوماً وامزموا CPT‏ 
وسفكت الدماء » وهلكت النفوس » إلى أن وصلت الأمم الغربية إلى ما هي عليه الآن 
من نوال تلك الحرية والتمدن » بعد أن تصارعت أرواحها مع جيوش الظلمة قروناً 
عديدة » ثم تدرعت بعد ذلك بدروع التهذيب والعلوم » وتحصنت بالإتحاد والتألف 
والإتفاق والتحالف بين أفرادها لحاية ما في يدها من الحرية أن تعبث به أيدي رؤسائها 
وحكامها , فقيدتهم بقيود النظام والقانون » ووقفت أمامهم بالمرصاد » وتيقنوا منها 
القوة والعزم والشهامة والثبات » فغلت أيديهم > وحا هول هذا الموقف ما تركب في 
sida Ce gag nell‏ وال مقار عق صا يننا سيا 

وبقي الشرق مندمجاً في جهالاته منغمساً في ضلالاته لا يدري ما تلك المزية وما 
مقدارها . حتى اختلطت الأمم الغربية بأهله . فلحظوا من خلال اختلاطهم وتداخلهم 
شعاع تلك الحرية » فانبهرت عيونمم واندهش لبهم » ولم يقفوا على حقيقتها وحقيقة 
الطرق التي توصل إليها › « فعظم شأن الأجنبي في أعينهم ‘ وصار بالنسبة | إليهم في درجة 
أرقى من درجتهم (لأنه توصل إلى تلك المزية التي تجعل J OLS‏ إنساناً كاملا کا تقدم) 
فأهملوا البحث عن الأسباب التي إرتقت بها تلك الأمم إلى مراكزها والطريقة التي 
أنالتهم تلك الحرية , لما في ذلك من عظيم التكاليف وتعريض الأنفس للتلف » 
ee‏ فعمدوا إلى ظواهر التمدن 
فتحلوا بها وأحسنوا التقليد له في الزي والمعاملات البسيطة والتكلم بلغاته والتمسك 


۷۷٦ 





بتقاليده » حتى صار الأجنبي عندهم الإمام الذي بهتدون به ويقتدون » فتعالت مرتبته 
٠ ote‏ وانتهز هذه الفرصة لسلب أمواهم واستعبادهم وتنفيذ أغراضه ومآربه › 
مستبشراً مسرورأ بكونهم تعلقوا بظواهر التمدن دون بواطنه » وأنهم لم يلتفتوا إلى سلوك 
الطريق التي أوصلته إلى الحرية والتمدن الحقيقي وإهتداؤهم لذلك نما يعطل عليه 
Stal acl bly asl el‏ الأجنبي ثروة من جهة ما ينتزفه من دم الأهالي بسطوته وعلو 
كلمته » ومن جهة ما يسحبه من ثروة الحكام المستبدين جزاء معاونته هم على ظلمهم 
بالأهالي . 

وقد مضى على مصر خاصة زمن ليس عهده ببعيد منا كان فيه أهلها أسوأ أهل 
الشرق حالاً . ل تنبئنا بذلك صحف التاريخ > ولا تلقينا علمه عن أفواه الرواة » بل 
شاهدنا تلك الحال بأعيئنا » وقاسينا أهواها بأنفسنا . ويكفي لأحدنا أن يرجع النظرة 
كرة إلى الحال التي كنا فيها قبل اليوم بمقدار سن المراهق فيرى الأموال منهوبة ) 
والأعراض مهتكة » والبيوت مخربة » ومكان الأنفس بين السيف والنطع والشئق 
والصلب والنفي والضرب والتعذيب » أهوالاً ولا كأهوال القيامة . وإطمأنت على ذلك 
النفوس واستانست به . وكانت تخلو فا تتناجى بالأماني » حتى تخيلت أن هذا هو من 
موجبات نظام الميئة الاجتماعية ومقتضيات المدنية . كل ذلك والأجانب عون عليهم لا 
يرشدونهم إلى طريق نجاحهم . ولا بهدوهم إلى معرفة حقوقهم . 

وكانت أمنية الوطني الوحيدة أن ينسلخ عن جنسيته ووطنيته . ليخلع عليه 
الأجنبي خلعة CAA‏ بعد أن يستفرغ منه جميع ثروته في سبيل الحصول على ذلك » 
حتى Se‏ أن يعيش Bins‏ على هذه الحياة الدنيئة بين أولئك الذئاب الطلس ١‏ ثم 
ينظر من جهة أخرى إلى الحكومة فيرى شر ما رأته عين » يرى السلطان والقوة فيها 
للأجنبي » والرياسة والودارة في يد قبضة من الرجال قد سبكتهم يد الإستبداد 
فأخلصتهم جساً طائعاً متحركاً تديره كيف شاءت . ليس له فكر يخشى منه التبصر في 
عواقب ما يصفه من الفظائم » ولا علم بهذب من قبيح أفعالهم » بل هو مسخرء 
آلة » لجمع المال » فيدلي دلوه في بثر ثروة الأهالي فيستنبط منها أموالهم معكرة بدمائهم 
وأحشائهم » ثم يصب بها في حوض الإستبداد المتخرق . فإذا نضب البثر ولم يمتلىء 
ذلك الحوض بالطبع أخحذ الظالم ما في يد المستقي جما اختلسه من المال أثناء إنتهابه من 
الأهالي فاستوفاه منه » فقتل أو نفي أو طرد أو ألزم بيته . 


VVY 





أين كانت تصرف هذه المبالغ ؟ هل كانت تصرف في تنظيم نظام أو تأسيس مدنية 
أو نشر للعلوم أو تقدم للعمران ؟ هل صرفت في حروب للمدافعة عن الوطن › 
فتوحات البلاد » أو في إصلاح aon‏ وتعميم للري لتنصلح المزارع وتتزايد شروة 
البلاد ؟ هل أنفقت في تنظيم للمحاكم أو تأيبد للشرع أو في إنشاء فابرقات ومعامل وغير 
ذلك من المنافع العمومية ؟ كلا ثم كلا . كانت تصرف هذه القناطير المقنطرة ة من الذهب 
والفضة في سبيل الشهوات خاصة . وقفا محتبساً عليها دون سواها , فيبذل جانب منها 
لإرضاء هذه الدولة ورفع غضب الأخرى . وترتيب الدسائس للوصول إلى غرضص 
معلوم » مضرة بمصر ومداراة لأرباب الجحرائد الأوربوية » خيفة أن تنشر شيئا ثما يصل 
إليها من أنواع تلك المظالم . وكان يكفي لمن رام الغنى والثروة من الأجانب أن يشهل 
عزمه على تأليف كتاب في حالة مصر فتنتثر الوت من لار وال عله فيس 
القلم من يده » وربا عمد إلى عكس ما أراده فينشر تأليفه محتوياً على أنواع المفتريات 
التي تشهد بحسن الحالة المصرية . ثم ينفق جانباً آخر منها لتشيبد القصور التي تضل في 
ساحاتها الصافنات الحياد » فيفرشونها بالسندس » ويموهون بنيانها بالذهب . ويجعلون 
فيها لأنفسهم سقفاً من فضة ومعارج عليها يظهرون . ثم يستجلب لسكناها الآلاف من 
الجحواري الكاعبات » والقيان المعزفات . من أقاصي البلدان وشاسع الأقطار › 
فيتقلدون الجواهر ويطأن الدر والمرجان » ويؤتي طن بالعبيد الخصى خراضا ووقيا دفلا 
يلبثون أن يصيروا ساداتنا وأشرافنا وأمراءنا حتى كأنما كان الشاعر ينعى علينا تلك الحال 
بظهر الغيب في قوله ؛ 


سادات كل أناس من نفوسهم doling‏ اللي eal ec‏ 


والعزيز الكريم فينا صاحب الهمة الشائة والنظر العالي من كان متصللا بحبل من 

عبيد أولئك الخصى . ولم يقتنع طائر الشهوات بما لديه من الآلاف المؤلفة من الغواني , 
a‏ كان يترقب الدقائق والساعات للوقوع على الزانية الفاجرة » والورهاء العاهرة , 
فيكال لها الذهب كيلا في مبيت ليلة » ويهدي إليها العقد من اليواقيت » نجمعت قيمته 
مما انتزع من cist‏ مناه :ا لوت مون لشي يرن 7 وأيم الله لو علمت الفاجرة بشناعة 
الطرق والوسائل التي o‏ العقد » وبكمية الأنفس التي هلكت 
جوعاً والتي سفك دمها . وأن ذلك الياقوت الأحمر إنما هو الدم المتجمد من أنفس 


VVA 





الضعفاء والمظلومين والدمع القانيء المنسكب من أعين الأرامل واليتامى لعافته وأنفته » 
ولأحست به منظوماً من رؤوس الأفاعي وأذناب العقارب . 

كيف كان شأن الوطنيين إذ ذاك وحاهم ؟ هل كانوا ساخطين على تلك الفيئة ؟ 
هل فزع منهم فازع يطلب رفع الظلم ونوال الحقوق الطبيعية ؟ هل قام قائم منهم في وجه 
الاستبداد يدفعه أو يخفض من سورته ؟ هل أظهر أحد منهم شكواه ؟ هل تألفت لهم 
قلوب يتعاونون بها على إحتمال المظام ؟ كلا . بل كانوا بكم لا ينطقون ولا يتحركون . 
كانوا ظالمين مظلومين » عوناً للظالم على أنفسهم يتهللون بمظاهر الإستبداد المزخرفة » 
كان ذلك م يكن مأخوذاً من دمائهم وأموالهم . وكانت ألسنتهم لا تنطق إلا بالثناء 
وأقلامهم لا تطرز إلا المدائح وإشاراهم لا تصدر إلا بالاستحسان . وأمعنوا في هذا 
الباب حتى سكمت نفوس المستبدين ذاتهم من ذلك وابتذلوه » وأذهم مذلة من لا يقبل 
منه صرف ولا عدل | فحدثنا محدث أن أحد الولاة السابقين زار مدينة طنطا في مولدها 
فتشرف عمد الغربية بالمثول بين يديه . وخطر له أن يسألهم عن أحوال مديرهم وإدارته 
للأعال فأطنبوا وأسهبوا كعادتهم في إمتداحه » وأفرغوا جعبة الثناء » وأقسموا أن 
المديرية لم تتزين في دهرها بمثل عدله ورأفته وحسن إرادته . وخرجوا من عنده فتشرفوا 
بحضرة اللدير فتقلوا إليه ما حصل تزلفاً له وتقرباً منه » فتركهم ودخل على الوالي مكتثبأ 
حزيناً يغيض من دمعه فوقع على أقدامه يقبلها , فاندهش الوالي لذلك » وسأله عن 
حاله » فقال له وهو مختئق بالدمع : هل بلغ من هوان أمري على مولاي وإزدرائه بي أن 
يسأل العمد عن أحوالي؟ وكيف يتسنى لي أن أحكمهم وأدير شؤنهم > وقد رأوا أنهم 
صاروا أهل في نظر مولاي للسؤال منهم عن أعمالي . . بخ .. بخ .. 

وقد كان من ضمن الوسائل التي تفئن فيها الاستبداد أنه اتخذ من العمد وأعيان 
المديريات مديرين وحكاماً , لأجل أن يتوصل بهم إلى سلب ما بقي لدى الأهالي من 
ثروة أو قوت » لكوم أدرى بأحواهم من بقية الحكام , وأعلم بمواضيع الثروة , 
فرأيناهم أشد وطأة على المصريين » وأنفذ سلاحأ في جلودهم . وأجرأ يدا في استلاب 
أموالهم من سواهم . ولم يقتصروا على CF‏ أقوات الأهالي وأملاكهم وإهدائها للحاكم ) 
وإبتلاع جانب منها لأنفسهم . بل كان أكبر همهم الإيقاع والبطش بأفراد عائلتهم als‏ 
أهلهم . فكان فيهم الضارب لإبنه » والسالب لأبيه » والقاتل لأخيه » والمائع ماء الري 
عن أطيان أهله ليموت زرعهم وتخرب بيوتهم ٠‏ ثم هم بعد ذلك معزولون مسلوبون . 


vv4 





فكانت رجال الحكومة والإدارة عبارة عن سلسلة من النهب والتعدي تظلم الحلقة 
الكبرى منها الحلقة الصغرى بالتدرج » وهكذا إلى أن تصل إلى الفلاح المسكين , 
فتنطبق على عنقه حتی تسوخ أقدامه في الطين ليستخرج لهم منه ما يريدونه من ذهب 
الأرض ممزوجاً بدمه ودمعه وعرق جبينه » فينتقل ذلك من الحلقة الصغرى ى إلى الحلقة 
AL GL fe gall Aah E‏ 


ولو استرسلنا في هذا الباب لما وسعته المجلدات التي لا تسعها الكتبخانات » وإثما 
أردنا أن نذكر قطرة.من بحور تلك المظالم وسوء الأحوال ليتنبه إليها المصريون وليتذكروا 
ال ل ل 0 الأغراض منهم من التبجح 

إمتداح تلك الحالات الماضية» والتأسف من تجاوزها إلى ما نحن فيه اليوم» وتسميتها 
0 الرواج وأزمان السعادة ويتمنون أن لو عادوا إليها وعادت هم . وهم شبه العذر 
ob‏ يعدوها أيام رواج » oy‏ تداول مثتي مليون جنيه تقريباً في مدى مان عشرة سنة 
وتنقلها من أجزاء تلك الحلقات » حتى خرجت عن مصر يعده البسيط الساذج وذو 
الغرض رواجاً » فضللً عن مبلغ المثة مليون جنيه من الدَّين الذي | 00 
الأجانب » وما لہبث أن عاد إليهم . وما سلم على مصر حتى ودعها oo‏ 
الصراف الذي تتداول على يده الألوف من الحنيهات 8 فيقبضها ثم يصرفها › 
غني وذو ثروة من من أثر ذلك » صم أن تلك الأيام كانت أيام سعادة ورواج . 


وما الذي يؤمنهم | إن عادت لهم تلك الحال أن يكونوا هم أول مسلوب وأول 
بسر عل عار عقداً وميثاقاً من الظالم OF‏ يكونوا سالبين ee‏ 
متضعين ؟ فالظالم لا عهد له . وقد رأوا بأعينهم من كان أ ريم 
يحلموا بنوالها في نومهم كيف أخذ في ليلة واحدة فقتل ثم سلب وكان أعز صديق وأكبر 
معين . فأولى لهم ثم أولى لهم أن يحمدوا الخالق على خروجهم من تلك الخال سالمين » 
وليتمتعوا بما بقي لحم من ثروتهم » وليخفضوا على أنفسهم . ويتركوا هذه الأوهام 
والخيالات ولا يكونوا حجة للأجنبي علينا . 


تلك كانت حالنا في الزمن الماضي» أقمنا عليها نقبل اليد التي تذبح» ونلثم الذيل 
اللوث بدمائنا 2 حتى غاضت 5 09 ة البلاد , وأثقلت 0 ‘ فوجد الأجانب هم ين 
شرعياً للتداخل في أمورنا وإدارة شؤننا حفظاً لأموالهم » | لا أمهم كانوا مقتصرين على 


VAs 





هذا الباب فقط , ليس من غرضهم ولا من مأربهم إصلاح حال المصري ونواله للحرية 
وإرتقائه في المدنية » بل كان عامة سعيهم في إزدياد نفوذهم ونوال حقوقهم » فاشتد 
الضنك . ووصلنا للنتيجة الناشئة على ذلك الإسراف في الظلم والتبذير في الآموال › 
واستجيبت دعوة المظلوم والضعيف . 
خف دعوة المظلوم فهي سريعة طلعت فجاءت بالعذاب النازل 
عزل الأمير عن البلاد وماله إلا دعاء ضعيفها من عازل 


وما كدنا نخطو خطوة في طريق التنبه لأحوالنا » والنظر في لم شعثنا وما كاد أولو 
النباهة منا بجرؤون على الحاكم فيلتمسوب منه إجراء الإصلاح » وتشييد الحرية » كأن 
ذلك هو الطريق الوحيد لنوانها » وكأن حاكياً مطلقاً يعطي الحرية للأمة من تلقاء نفسه . 
إغا تتشيد الحرية بيد الأمة لا بيد الحاكم › » كما قدمناه . وما زال ذلك دیدننا حت قامت 
الثورة العرابية . 


ومن وقف على حقيقة تلك الثورة علم أا م تكن من الثورات الرتبة على طلب 
الحرية وتنظيم وإنما دفع إليها أربابها | إندفاعاً على غير استعداد لها ولا تروٌ في 
أمرها . وكان منشؤها أن جماعة من الضباط غضبوا لما استحسوا بوجوب توفير في 
الجيش » وفقد مراكزهم فيه » وتقديم خلافهم عليهم ؛ فساعدتمم ‏ ظروف تلك 
الأحوال على المجاهرة بنفورهم » فطلبوا عدم التوفير في الجيش أولاً » فردعتهم 
الوزارة » وضيقت عليهم ٠‏ ولكنهم وجدوا معيئاً هم من طرف آخر يحاول أن ينتفع من 
حركتهم » فطلبوا عزل الوزا رة ثانية » ثم تورطوا في الأمر » وأحبوا أن تدخل الأهالي في 
زمرتهم » » فطلبوا تشكيل مجلس للنواب Lu‏ . وما زالت دسائس أولى الأغراض » 
وسيال الحوادث ومجراها . وأحكام الصدفة تدفع بهم وتجذبهم بأصابعها , حتى wae‏ 
أمرهم » وقويت شوكتهم N rate‏ 
لخرض شخصي » وبعضهم للل من تلك الحالة »> وبعضهم لمجرد الميل إلى الجانب 
الأقوى » والبعض الآحر لأملهم في حصول أي تغيير في الأحوال كما يتولع بذلك أكثر 
أفراد الأمم . 

وساروا في طريقهم تحسبهم جيعاً وقلوهم شتی » لا يعلمون لهم مبدأ يحاولون 
تأييده » ولا ترتيياً هم عازمون على حصوله . ولا شكلاً للحكومة التي يريدون إقامتها 


VA\ 





نفسهم . وكلهم لا يدرون ماذا يفعل بهم . فتارة يطلبون والياً مكان آخخرء وتارة 
ae‏ جمهورية رکه من أرباب السلاح ae‏ على ذباب السيف . aes‏ يبتغونها 
حكومة مقيدة › يعن عع و ع يدن وآخر يريدونها مستقلة . فلم يكن هم 
رأي ثابت ولا مقصد معين بل كانت lel‏ وأفكارهم بنت الساعة وربيبة الدقيقة وم 
ع حر لاك ع ويد ls Ly « See eh‏ 
بينم فئة قليلة من المصريين قد أحسنت تربيتهم » وعلموا ماهية الحرية ومادة الحقوق 
الوطنية » وتحلوا بالعلوم والفضائل . وحلب الدهر أشطرهم » وصقل التهذيب 
أفكارهم , بما كانوا يتلقونه ويدرسونه من ذلك على إمام أستاذ فاضل » > أقام بينهم مدة 
من الزمن كان مشربه رفع الظلم عن المسلمين , وبسط العدل فيهم › ا 
وإماتة البدعة » وإعادة المجد القديم للوسلام . ds‏ يزل مشرداً في البلاد مطرداً لا ينثنى 
عن عزمه ورأيه . فانتهزوا فرصة تلك الحادثة هم ومن استفاد منهم » واختلط بهم 
لنوال التقوق الوطية + ال AS GS‏ 
ولكن لم يكن ليتيسر لهم انتصار رأمهم وتعزيز مبدئهم في لج ذلك التهور وتيار 
تلك السطوة . فانتصرت دولة الأحلام » وفازت صولة الخرافات والأوهام | ورفع 
السيف فوق الأعناق » فخضعت الرقاب » وأسلست في القياد وذلت النفوس والتوت 
الألسن » فكان حال المصريين أنهم يطلبون الحرية بواسطة الإستبداد » ويحاولون نوال 
الرحمة من طريق القسوة كمن يحاول إستخراج الأري (؟» من الحنظل والشهد من 
العلقم . وكان شأن تلك الفئة في تورطها كشأن كاتون“ الروماني . وهو فيلسوف 
وطني حر كان أوقف حياته على نوال حرية وطنه . وكانت انقمست الأمة الرومانية إلى 
قسمين : قسم يمحاول قلب الحكومة إلى ملكية تحت قيادة قيصر » وقسم يريد بقاءها 
جمهورية تحث رياسة بومبيه . فانضم كاتون إلى القسم الأخير مع علمه بأن ots‏ 
وأشياعه لهم أغراض خصوصية » وليس يرجى منهم نوال الحرية التي يطلبها لبلاده إن 
ea is ee‏ 


39 الوشارة لجال الدين الأفغاني . وكانت إقامته الدائمة بمصر من سلة 181/1١‏ م حتى سنة ۱۸۷۹ م . 

oN (۳)‏ : عسل النحل . 

(5) هو کات |لÎکıر ١119-1 Cuton Ancien‏ ف. م] من مشاهير الخطباء ورجال الدولة 
الرومان . 


VAY 





كيف حالك ورأيك في نفسك ؟ قال له : شر ما حال . إن إنتصر قيصر قتلنى » وإن 
Cae ee ae st a‏ 
بومبيه ما يضمن لك أن تكون في منزلة عظيمة إذا انتصروا ؟ فأجابه الفيلسوف : إن 
غرضي أن أعيش حراً بين قوم أحرار لا أن أعيش عزيزاً بين قوم أذلاء . 

ثم إنحاز قسم من المصريين إلى الحاكم تعلقاً بأسباب حفظ الحالة التي كانوا عليها 
والتمسك براكزهم التي نالوها » وطلب من دولة الإنجليز أن تساعد على إطفاء 
الثورة » فحضرت عساكرها » وحصلت الحرب التي ليس هنا موضع تفصيل أحواها 
فهزمت العساكر المصرية » وفر رئيسها من ساحة الحرب استبقاء للحياة مع عدم الثقة 
بذلك0.. ودخلت الإنجليز بعد أن سفكت دماءها وأنفقت أمواها » ولم تفعل ذلك 
إنجلترا محبة في سواد عيون المصريين , بل لأغراض لا دفعتها إليها . 

ولا دخلت رجال الإنجليز حقنت الدماء وأغمدت سيف الإنتقام » وأنحذت 
تباشر ما في نيتها من الإصلاحء وإقامة منار الحرية على مقتضى ما نالته أمم أوروبا 
بأتعاب جسيمة » وتكاليف شاقة » في مسافة قرون عديدة كا تقدم في صدر المقدمة . 
ولكنها وجدت المصريين مختلفي الرأي ومتفرقي الكلمة » ووجدت بينهم علو كلمة 
الأجنبي والدخيل » ووجدت مصر أشبه شيء بمدينة بابل يوم تبلبلت الألسن » فلم 
تتمكن من الوقوف على حالة المصريين وإستعدادهم ولياقتهم . بالنسبة لما pe‏ 
وبالنسبة بهل رجاها بلغة البلاد وعوائدها . وإشتبه عليها الأمر فلم تجد أمامها رجالا 

تنشر الإوصلاح بواسطتهم إلا من وجدتهم قابضين على أزمة الإدارة والحكومة . ول تجد 

من المصريين نفوراً منهم وإنحرافاً عنبم » وهم من علمت لم تسلم يد أحد منهم من 
إنغماسها في غار الأزمان السابقة » أزمان الظلم والإستبداد » شبوا عليها وشابوا فيها 
وذاقوا لذتها ونالوا من فائدتها . فلم تر الإنجليز بدا من مباشرة الإصلاح على أيديهم 
وم يوقفها المصريون على طريقة أخرى سوى هذا السبيل فكانت تسعطهم أسباب 
الإصلاح في أنوفهم ى) يتسعط المريض الدواء وكانوا ينتقمون لأنفسهم » فا كان من 
خير وإصلاح جبروا على فعله وقهروا عليه نسبوه أمام المصريين لأنفسهم . وما كان من 
شر وخلل وتقصير تمكنوا من إبقائه ودوامه نسبوه إلى الإنجليز » والمصريون يسلمون 
ذلك هم ببساطتهم . وبما بقى في نفوسهم من أثر الطاعة العمياء لأولشك الحكام » 
ويشتركون معهم في التسخط من هذه الحالة » حتى توهم المصريون في حكامهم وفي 


VAY 





أنفسهم إستعدادا كافلا لإجراء الإصلاح وتأييد الحرية ان أنهم نالوا بأنفسهم 
ما هم فيه اليوم من الحرية الشخصية وإصلاح المالية وتحسين أحوال الري وسلطة 
i. 6 ae ae se ae‏ ‘ و a‏ 
الدماء وبذل الأرواح . 


ومال المصريون إلى جانب الأجانب الذين لا بهمهم من حال المصري إلا أ 
يكون فريسة نفوذهم وقربان سلطانہم » کا تعودوا عليه من زمان بعيد يمتصون دمه 
بأنبوبة الإمتيازات الأجنبية . وكلما حاولت إنجلترا أن تساوي بين المصري والأجنبي » 
وتخفض شيئاً من سورة تلك الإمتيازات قامت قيامة الأجنبي الذي يموه على المصريين أن 
لا غرض له إلا مصلحتهم خدمة للإنسانية وأن بقاء alle‏ متمتعاً بإنتناف ثروة البلاد 
خارجاً عن حكم القانون غير متساو بالمصري في شيء من تكاليف الحكومة التي تحفظ له 
ماله وروحه . مطلق اليد في هدر دم المصري لا يتكلف لذلك أكثر من أن يتغيب عن 
مصر مدة يتمتع في أثنائها برؤية وطنه وإظهار أثر النعمة التي الها من المصريين بواسطة 
الإمتيازات . ثم يعود إلينا ثانية في زي غير زيه وتمويه ليئته » يقيم بيننا على ما كان 
عليه . كل ذلك ضامن لراحة المصريين وحسن مستقبلهم كما يزعمون . ثم يطلب منا 
بعد ذلك أن نتابعه على رأيه ونسايره في طريقه ونعضد شوكته ونفوذه لثبات تلك الحالة 
حتى لا تبتلعنا الدولة الإنجليزية . ليت شعري وأي ي إبتلاع يكون أبلغ من | إبتلاعه لنا . 
مثال ذلك أن تجتمع جماعة من الذئاب وقع بين Sb aly el Oba weg‏ 
آخر للنجاة من الفريقين فيقولون له بعد ان ثرا عليه طريق. الا | إن الأصلح لك 
والأنفع أن نقطعك أقساماً ونقسمك إرباً ونشترك بأجمعنا في افتراسك . تحفظا عليك من 
أن يبطش بك الأسد دفعة e's‏ فيسره ذلك ويساعدهم عليه » ويقدم لهم أعضاءه 
واحداً فواحداً تسهلاً لهم وفراراً من الأسد. ويضل عن طريق نجاته من الطرفين» وإن 
سلط الأسد الذئاب . 


7 ار ار بج اي الوا و وو الج د 
الأجنبي المشروح أمره » وانتهزوا فرصة حرية الجرائد للقدح والطعن والصراخ 
والعويل . وكل ذلك ينحصر في أمرين : طلب الجلاء وتقصير الإنجليز في مباشرة 
الإصلاح . أما الجلاء فهو أول واجب على كل مصري وطني أن يسعى في الحصول عليه 


VAS 





من أبوابه وفي أوقاته . ولا ينثني عنه إلا كل ساقط النفس في مراتب الإجتماع oo‏ ‘ 
بل هو من الأمور الطبيعية ل عليه . ولكن ينبغي أن 
نسعى لذلك بالوسائل الفعالة المؤدية إليه يه » بدون أن ينشأ عن ذلك ضرر » وأن يكون 
في الوقت المناسب » فإن الأمور مرهونة بأوقاتها . والبرهان قائم بأننا لم نبلغ درجة الحرية 
التي نتمتع بها الآن وما تبعها من الإصلاح إلا بواسطة الإنجليز دون سواهم . وهم لم 
يستطيعوا ذلك إلا بوجود جيش الإحتلال بيننا . ولولاه لما رضخ حكامنا لإشارة 
الإنجليز في إجراء 0 المذكور ولولا دخول الإنجليز لما fast‏ لنا أن ننال شيئاً من 
ذلك بأنفسنا بدلیل أذ ننا أقمنا نحتمل الموان والذل ds‏ نتفادهما » فضا عن أننا كنا 
مساعدين للظالم على أنفسنا | تقدم . ونحن نحن لم تتخير أرواحنا ولا أجسامنا » ول 
تدحل في أنفسنا يد المعجزات فتغير نقصها كمالاً وجهلها علا في مدة تسع سنوات 
والنبهاء المهذبون فينا جزء ليس بعظيم . غاية الأمر يمكن لنا أن نقول إن الذين لم يتربوا 
على الظلم » وم تدخل في نفوسهم سجية الإمتثال والهوان » وم يدركوه » ول يتفرجوا في 
ملاعب الجبروت والعظموت هم صبيان الآن في سن التعليم الإبتدائي . 


VAo 


Converted by Tiff Combine 








جلاء الإتجليز عن مصر 


و(١)‏ نحن لا يبمنا أن يبقى الإنجليز عاما أو عامين أو خسة أعوام » ما داموا لن 
يبقوا إلى الأبد . ووجودهم حاليا حير للبلد » حتى يختمر حزب الفلاح . ولكن إذا لاح 
خطر السيطرة علينا فنحن على أتم إستعداد للمخاطرة بقبول بعض إستبداد الأتراك » 
أفضل من قبول المخاطرة الأخرى الكبرى . أما إذا جلوتم عن البلاد غداً فشق 
سنسعل حميعا) , 





)١(‏ من حوار للأستاذ الإمام مع بلنت . في ۲٤‏ فبراير سنة 1897م . سجله بلنت في كتابه ر 
السري لإحتلال الونجليز لمصر] . 


VAY 


Converted by Tiff Combine 








الذين النصبحة 


إن متا من يتظاهر بأن تنبيه الدولة إلى ما هي عليه من سوء الحال مروق 
وضلال . وليته مع ذلك يكتفي من هداه بالإمساك عن التنبيه » بل يتطرف إلى تحسين 
القبيح وتزيين السوء وإطراء الذميم إلى مثل ذلك عا byg dul wy‏ ف JM‏ 
وتوغلا في الخلل » وتخبيطا في الفساد » وشططا عن السداد. ويتبجح بأن هذا هو الحب 
والاخلاص والولاء . فيا ليت شعري ما عسى أن يكون البغض والغش والتلبيس لديه 
بعد هذا . وقد لا يبلغ العدو من عدؤه بالحرب والقتال ما يبلغ منه بهذا التورط 
والتضليل . 

ولا أقبل أن إنساناً يعمل على توريط دولته إلى هذا الحد وهو صحيح المزاج » فإن 
النفس لا ترضى من عز الملك بديلاً . فهي بطبيعة الوجدان لا تنبعث إلى ما فيه وبال 
ملكها وتدمير سلطاءها » بل هي متجهة بفطرتها إلى تأييد دولتها وسلامة عرشها . وإثما 
ما ذكرناه هو مذهب قوم استؤجروا عليه لسقوط مروءاتهم وفساد مزاجهم . 

وقد يحنج لنفسه صاحب هذا المذهب لدفع الخجل أو تلطيفه بأن في تنبيه الدولة 





)١(‏ مقدمة صدر بها كتاب إبراهيم المويلحي 1 "لاه 1845 5١5ام]‏ [ما هنالك] 
طبعة مطبعة المقتطف سنة 5م والكتاب نقد للدولة العثرانية والمقدمة منسوبة إلى «أحد أئمة 
الإسلام العظام) - of Ls‏ الكتاب منسوب إلى «أديب فاضل من المصريين» ! .. ولقد رجح 
الدكتور علي شلش نسبة هذه المقدمة للإمام محمد عبده ‏ انظر كتابه [سلسلة الأعال المجهولة - 
محمد عبده] , 


VA4 





دلالة لعدوها على مغامزها » وهو مستوفز يترقب فرصة للوثوب عليها . فليس المنبه إلا 
كرائد العدو. فهو يجلب عليها الضرر من حيث يقصد النفع . وذلك فعل الصديق 
الجاهل . فمن الحزم تعظيمها في عين عدوها , حتى يقع في روعه أنها قوية منيعة 
الجانب » فييأس منا » وينقطع طمعه فيها . ولعل الله بعد ذلك يبعث فيها منبها 
فتنبعث إلى لم شعثها » وتقويم أودها . وإستعادة مجدها الأول وسؤددها التالد . 


وهذا الإحتجاج غش وتدليس أيضاً . ما أولاً فلآن عدوها متنبه يقظ متأمل . 
فهو أبصر بمغامزها » وأخبر بدخائلها » بل مطلع منها على ما لم تحط به خبراً . Lily‏ 
تصادم المطامع فيها أوقف كل عدو يترقب غفلة الآخر أو إشتغاله بسواها . فليس في 
Care ars oe non Hee‏ . بل لو تنبهت لوجدت من 
تصادم المطامع فرصة تمكنها من الإستدراك . وأما ثانياً فلأنه إذا كان عدوها بحيث يجهل 
oe ee‏ . إذ لا يبلغ الجهل من دولة هذا المبلغ 
وهي d‏ عالم الأحياء . وأما ثالثا فلأنه إذا خفي على الدولة عاقبة التنبيه » كان 0 
عليها من التادي على الخلل أشد , فإنه أعجل من العدو سيراً وأسرع بطشاً وأ سوأ 
اا . على أن قارعة العدو قد تدفع أو يحتال لها . ولا دافع ولا حيلة لقارعة الغفلة 
ووا 


وكذلك منا من يحسب أن تنبيه الدولة ضرب من العبث › وإنما هو فضيحة من 
غير جدوى » فقد أصبحت بحيث لا ينفع القول فيها . على أنها قد سدت سبيل النصح 
على نفسها لشدة حظرها على جرائدها » ولنعها الجرائد الأجنبية من طروق ديارها » ما 
دامت تحمل النصح إلبها . ولئن اخترقته بحيلة من الحيل فإنها لا تخترق حجاب أمير 
المؤمنين . ولئن اخحترقته بحيلة من الخبل فإنها تصادف حول عرشه ملأ من الغاشين 
المحتالين الذين عدلوا به عن تدبير الملك » وعرفوا كيف يقلبون النصح في عينه غشاً 
يعود عليه في ذات نفسه . 


وهذا رأي من لا خيرة له ولا دراية عنده بتأثير القول . فأما الفضيحة لو كان في 
إتقائها خير بإطلاق لتعطل الأمر بالمعروف والنبي عن المنكر . ولما كان الدين النصيحة 
لله ولرسوله ولأئمة المسلمين كا قال صلوات الله عليه وكررها ثلاثاً » ولا قال الفاروق 
رضي الله عنه : من ch‏ منكم ف إعوجاجاً فليقومه . وأي شرع أ م أي عقل يأمر بإتقاء 


vas 





الفضيحة في درء المفاسد؟ ومع كل ذلك فأى عورة مستورة منا حتى نتقي الفضيحة من 
كشفها ؟ وأما عدم نفع القول فمن المكابرة في الواقع . وهل كان كون أو فساد في بداوة 
أو حضارة إلا بفعل القول من تأليف وتنفير » وتحذير وتطمين » ووعد ووعيد › وتثبيط 
وتبييج » وتسكين وتحريك » إلى غير ذلك من أفانين اللسان وضروب البيان . وهل 
الأنبياء صلوات الله عليهم دعوا الخلق إلى الأديان بأكثر من قوة اللسان ؟ وهل الكتب 
السهاوية تنزلت إلا بالبيان ؟ وهل ثارت أحقاد أو سكنت والتحمت ملاحم وانفصلت . 

وأريقت دماء أو حقنت بمثل القول وشبه اللفظ ؟ dy‏ أقيمت المناير » وخطب الخطباء » 
ووعظ الوعاظ » وسعى المبشرون والدعاة وشرع الأمر بالمعروف والنبي عن المنكر ؟ 
أليس إلا لسر اللسان وحكمة البيان وفضل الكلام ؟ وبالجملة فهل في الدنيا شيء من 
عظائم الأمور إلا وهو غرس اللفظ وحصيد النطق ؟ فالأمر في ذلك أوضح من أن يحتاج 
إلى إطناب . وإنما ليس لثمرة القول إبان محدود . فقد تسرع وقد تبطىء . ورب رجل 
يتكلم كلمة لا يؤبه لها في جيله فتشمر في جيل آحرثمرة بتمتع بها أهل الأرض جيعاً. 
فإدعاء أن الدولة لا ينفع فيها الكلام حماقة وجهالة . 


Ul,‏ الحظر على الصحف الداخلية ومنع الخارجية من طروق الديار فهو قول 
ضعيف الحيلة . أما ترى من هو من ee‏ البرك دايع اه ينا وضعها إلا عل 
كتابات الطوائف تارة تحت وسادة منامه » وأحرى في صحفة طعامه » ومرة على مكتبه › 
وحيناً بين دفتي كتبه ؟ فلو صحت منا النية وصدقت العزيمة ما أعوزتنا حيلة › wt Ys‏ 
في نفسنا نصح مستور على أمير المؤمنين . 


SU Lely‏ الذي دار بعرش الخلافة فأهون من الحوان. وليس إعتقادنا فيه القدرة 
على قلب النصح Lee‏ | إلا وهماً منشأه دوام قربه من عظمة أمير المؤمنين » مع ما هو عليه 
le‏ يوجب إبانته وإقصاءه . ومههما يكن من قدرتهم على مقاومة الحفائق a‏ فإن من 
ك 
وبالجملة فالحق أكبر من أن يكافح . ولئن ثبت الباطل أمامه مرة » فقلما يقبت أ خرى . 
alley‏ إلى الفرار على كل حال . وحينكلٍ فترك النصح تعللا بذكر اللا هو من قصور 
الرأي أو فتور العزيمة . 


وإن منا أيضاً من يزعم أن داء الدولة قد أزمن وتأصل بعد أن استفحل وفشا في 


v4\ 





عروقها » وإنبسط وسرى في دمها . وإمتد وتشعب في أعصابها » وصار لا يرجى برؤه 
حتى يعالج » بل لا يؤمل تلطيفه حتى يداوي » كا قطع بذلك حذاق أطباء السياسة . 
على أن داءها يستوي في معرفته الطبيب وغيره . كما يستويان في معرفة الأكمه والأعرج 
والمجدوع وأمثالهم من ذوي العاهات المفضوحة . وإذا فالنصح لا يورثها إلا التنغيص . 
ومن الرحمة ترك تنغيص من لا يستطيع التدارك . 


وهذا ما عليه كثير من كبار الدولة . وهو يأس استحلوا به تناهب أموال الدولة 
والمسلمين ليدخروها ila,‏ هم وأهليهم بعد إنحلال الدولة . خاب ظنهم وكذب 
حلمهم ! وما الداعي ب حاسبهم الله لهذا اليأس والدولة بحمد als‏ لا تحتاج في 
إسترجاع عظمتها إلى غير لفتة واحدة من أمير المؤمنين ؟ فما عليهم لو بذلوا جهدهم » بل 
ماهم لا يبذلون نفوسهم في تلك اللفتة عوض إفراغ وسعهم في إغتيال أموال 
المسلمين ٠‏ فإن نجحوا كانوا مشكورين » Ly‏ ن لم ينجحوا كانوا مشكورين معذورين . 
وما يديرييم لعل الله عند العزم وحسن القصد يخلق من الضعف قوة . فكثيراً ما كان 
ذلك . ولیس بعزيز أن يكون pelt alll cel‏ أو عوضنا خيرا منهم رجال من أولي 
العزم تهون عليهم نفوسهم في مصلحة الدولة وعامة الأمة . 


وبعكس هؤلاء فثئة ترى أن الدولة بريئة من العيوب قوية لا ضعف بها . 
تحازب الأعداء علهيا وتمالؤهم على إضطهادها . وتقومها من عناصر متخالفة لا 
تتنافر ميلاً إلى الإنفكاك ومساعدة الأعداء تلك العناصر كلما شغبت ‏ كل ذلك خيل لنا 
أن الدلة هرمت . وخارت قواها . وإنحلت عزائمها . وليس الأمر كذلك في الواقع 
Geta di Bal Ms‏ 
صبرت لعاناة ما تعانيه . وإذا قلا يزميها بالفيتك Vy‏ تا مالل الا عو ربدت 
الفساد بينها وبين lead‏ » أو تقوية جأش أعدائها عليها » وإن ظهر بمظهر الناصح 
الأمين . 

وما أعظم هذا الرأي وقعا في ذوق السذج الذين لا إشراف لهم على الحقائق 
حيث يقوم به لدييم عذر الدولة عند طأطأة رأسها لكل نازلة تضع من قدرنا » وتدك 
طود شرفنا. وهي قد تكون أقل ما يسعنا دفعه. ولكن ما أبعده من الحقيقة. وما أقصاه 
عن الصواب » tt Ve‏ على من له إلمام بنسب الدولة وموازنة قواها . فإن دولتنا في 


4۲ 





ميزان الدول العظام أخفهن على الإطلاق كفة وأقلهن رجحاناً . ولا يناقش في ذلك إلا 
من هو بمعزل عن العالم » أما الإعتذار عنها بتحازب الأعداء » وتحالف العناصر » فهو 
الحجة عليها . ولولاه ما رميت بالتقصير» ولا إحتاجت إلى النصح والتنبيه . كما أنه 
لولا مثله في جميع الدول ما اضطررن إلى تجنيد الجنود . وإقامة المعاقل والحصون › 
وبذل الأموال الطائلة في الآلات والإستعدادات . وهل الدنيا من أول نشأتها إلا على 
هذا الحال ؟ وهل كانت فنون الحرب وإختراع آلات القتال إلا لهذا السبب ؟ وحينئذ 
فليس بغاش من يستلفت الدولة إلى ضعفها ويستهضها إلى تدارك شأنها بل هو الناصح 
الأمين . فليضع نفسه كل رجل من رعيتها حيث يريد . 

هذا » وحيث أن لكل معلول علة » ولا يمكن استغصال المعلولات إلا بإستئصال 
عللها » فعلى من يريد أن يضع نفسه من الدولة موضع الناصح الصادق أن يبحث عن 
علة ضعفها وأصل خللها » ثم يحاول إستئصال الأصل بما يراه ناجحا من عقاقير 
النصح . ترياقا كان أو سموما . فإنه إن فعل يوشك أن ينجح إن شاء الله . 


vay 


Converted by Tiff Combine 








تدخل الدولة في الحياة الاتتصادية(1) 


ولا يخفى على حضرتكم أن التحكيم » ك] يفهم من لفظه , يلزم أن يكون باتفاق 
الخصمين اللذين يريدان أن يقضي في النزاع بينم| بالتحكيم . . فهو اختياري بطبيعته » 
ولا يكون إل فيا هو من حقوق العباد التي يقع التنازع فيها بينهم » ولا يجبر أحد 
الخصمين على أن يتحاكم إلى من يفصل بينه وبين خصمه إلا إذا كان الترافع إلى محكمة 
من تلك المحاكم التي تقررها القوانين العامة أو الخاصة . 

والعامل متى علم الأجرة وزمن العمل » فهو حر » إن شاء قبل » وإن شاء لم 
يقبل . فهذه هي القواعد العامة المتعاقة بأجرة العال وتقدير أزمان عملهم . ولا وجه 
لاختتلاف العامل ورب المال قبل الدخول في العمل » والمعقول أن يكون الإختلاف في 
الوفاء بالشرط وعدم الوفاء به . والذي يفصل فيه عند ذلك المحاكم أو المحكمون إذا 
اختار المتنازعان طريقة التحكيم . 





)١(‏ في العدد الرابع من مجلة (الجامعة) الصادر في أول سبتمبر سنة WY) 1۹٠١‏ رجب سنه 
۶٤‏ ه) تحدث فرح أنطوان في عرضه عن (محمد عبده ورأيه في المسألة الإجناعية) لقصة هذه 
الفتوى التي أصدرها الأستاذ الإمام سنة 1164 م ء بعد إستفتاء فرح أنطون إياه عن حكم 
الإسلام في تدخل الدول لإنصاف العمال من أصحاب الأعمال » وذلك بممناسبة ما ثار من جدل 
حول هذه القضية بعد إضراب عمال السجاثر في مصر (1859- )١190١‏ . انظر في الدراسة التي 
قدمنا مها لهذا الجزء حديثنا عن الفكر الإجتماعي للأستاذ الإمام . ١‏ 


V4o 





أما الحالة القائمة في أورويا فمنشأها أمران : أحدهما اضطرار العامل «bor‏ 
لأنه لا وسيلة له في المعيشة سواه . وثانبه| مبالغة رب امال في طلب الربح » لآن توفير 
المال أصبح من أهم ما يسعى إليه طلابه في تلكِ البلاد » فالأول يرغب أن يزاد له الأجر 
وأن ينقص زمن العمل » والثاني يبتغي تقدير الأجر والزمن كما يريد » والأول لا يجد من 
أرباب الال من مجيبه إلى طلبه » والآخر لا يجد من العمال من يرضى بتقديره » فإذا اتفق 
العمال على ما يُلجئون به أرباب الأموال إلى صوافاة رغبتهم حدث ما يسمى 
بالاعتصاب » فيتفق العال على تعطيل الأعمال حتى يلِجئوا أرباب الأموال إلى إجابة 
مطالبهم » ولرب المال أن يصبر حتى يلدغ الجوع عماله » فيرضوا بما يريد . وللعال أن 
يصيروا حتى يضطر الخسران رب الال إلى إجابتهم في| يطلبون . ولكل منهم أن يتفق 
مع الآخر في تحكيم محكمين , oe‏ 0 لحكمهم . بعد استيفاء شرائط 
التحكيم , ولا يلزم أحد الفريقين بأن يحكُم أحد أولا يحكم . 


إفا يوجد في أصول الأحكام الإسلامية أن القيام بالصناعات من فروض 

الكفاية » أي يجب على الأمة أن يكون فيها من يقوم بالصناعات الضرورية لقوام المعيشة 

أو لدفاع عن حوزتها » فإذا تعطلت الصناعات وجب على القائم بأمر الأمة أن يتخذ 
السبيل إلى إقامتها بما يرفع الوا والحرج عن الناس . 


وكذلك إذا تحكم باعة الأقوات » ورفعوا أثمانها إل حد فاحش » وجب على 
الحاكم في كثير من المذاهب الإسلامية أن يضع >( ole‏ التي تباع ہا . . وهكذا 
يدخل الحاكم في شئون الخاصة وأعالهم . إذا خثي الضرر العام في شيء من 
تصرفهم . 

فإذا تعصب العمال في بلد » وأضربوا عن الاشتغال في عمل تكون ثمرته من 
ضروريات المعيشة فيه » وكان ترك العمل يفضي إلى شمول الضرر » كان للحاكم أن 
يدخل في الأمر وينظر بما خول له من رعاية المصالح العامة : فإذا وجد الحق في جانب 
العال » وأن ما يكلفون به من قبل أرباب الأموال نما لا يستطاع عادة » ألزم أرباب 
الأموال بالرفق » سواء كان بالزيادة في الأجرة أو النقص في مدة العمل أو ا جميعاً . 
وإذا رأى الحق في جانب أرباب الأموال » وكان النزق من العمال » قضى عليهم 


van 





بالعمل » كما يقضي على المغالين في ثمن الأقوات بالبيع بالثمن اللائق ؛ متى ظهر فحش 


هذا ولا يعرف في الشرع الإسلامي إيجاب التحكيم بين العامل ورب امال إلآ 
أن يكون شيء لم نطلع عليه . نعم .. جاء وجوب التحكيم في كثير من ال مذاهب 
الاسلامية في مسألة واحدة » وهي مسألة الشقاق بين الزوجين إذا رفع إلى القاضي . . . 

والأصل في ذلك قوله تعالى في سورة النساء : «وإن خفتم شقاق بينها فابعثوا 
حكياً من أهله وحكياً من أهلهاء إن يريدأ إصلاحاً يوفق الله بينا». فالذي يظهر من 
لفظة الآية إيجاب التحكيم على أولي الأمر إذا رفع إليهم نزاع بين زوجين ١‏ أو هو إيجاب 
للتحكيم على من بلغه الأمر من الحاكم أو جاعة المسلمين » فإن الخطاب عام في قوله : 
(وإن خفتم) للمسلمين » سواء كانوا أولي أمر أو غيرهم ؛ EUS,‏ لأن الزوجين قد 
ارتبطا برباط عقد الزواج » ووجد بينهها من الصلة ما يبتم بالحرص عليه » ووجد بين 
أهلهما من وشائج القرابة بالمصاهرة ما لا يصح التساهل في توهينه وتقطع ما اتصل 
به . 

وعلى كل حال فايجاب التحكيم في أمر الزوجين معقول » فإن ما يقع بينها لولم 
يصح بنحو هذه الطريقة أفضى إلى فساد في البيوت بين الأولاد والأقارب » ومثل هذا 
الفساد ما يسري وينتشر حتى يؤذي الأمة بتامها في صلاتها بعضها مع بعض › كا 
شوهد ذلك عند SLA]‏ هذا الحكم الجليل من زمن طويل حتى كأنه لم يرد في التزيل ٠‏ 

فإن كان ذلك الكاتب الفرنساوي يعني هذا الأصل ويشير إليه » ويريد أن 
يقيس به ما يقع بين العملة » فذلك رأيه وحده » والسلام . 


مفتي الديار المصرية 
حمل ده 





الإسلامية قد أوجبت التحكيم بين العامل وصاحب العمل متى قام النزاع بينها . . وكان كلام 
هذا الكاتب الفرنسي ما سأل عنه فرح أنطون الأستاذ الإمام . 


4¥ 





أحب”" أن تدفق النظر في الخط كيلا يقع خطأ . فإذا اشتبه شيء رجوت مخابرقي 





5( أضاف الأستاذ الإمام هذه الملاحظة تنبيهاً لفرح أنطون على الدقة 3 re‏ هذه الفتوى التي بعث 
ما ابابا عل سؤالة.: 


V4A 





صندوق التوفير في ادارة البريد©) 


السؤال 
(س 5) مصطفى أفندي رشدي المورلي بنيابة الزقازيق : 
ما هو رأي سيادتكم في صندوق التوفير بعد تعديله الأخير؟ وهل يجوز الادخار 
فيه » defy‏ أرباحه شرعا ؟.. ولا يخفى على حضرتكم فوائده » سيا أنه يربى ملكة 
الاقتصاد في الإنسان » يؤيده الشرع في ذاته , أفيدونا آجركم الله . 


ake ok ok 


الحواب 
إن التعديل الذي تعنونه قد كان برأي لحنة من علماء الأزهر جمعها أمير البلاد 
لأجل تطبيق إيداع النقود في الصندوق على قواعد الفقه المعروفة . 


(5) في سنة 1407م ألفت الحكومة لجنة من علماء الأزهر لدراسة موقف الشرع من التوفير في صندوق 
توفير البريد » ووضع نتيجة هذه الدراسة نظام جديد لهذا النمط من أغماط الإدخار والاستثمار» ثم 
عرض هذا المشروع على الأستاذ الإمام بصفته مفتي الديار المصرية فوافق عليه . . والفتوى التي 
نوردها هنا فيها دلبل على موافقة الأستاذ الإمام على هذا النظام » فالفتوى رد من الشيخ رشيد 
رضا على أحد الأسئلة » ولكنها تذكر حقيقة هذه اللجنة وذلك النظام الحديد » وموافقة الإمام 
عليه . . وهي منشورة في حياة الأستاذ الإمام (بالمنار) في الجزء الأول من السنة السابعة غرة المحرم 
سنة ١17١‏ ه ۳ مارس سنة ۱۹۰٤‏ م . ص ۲۸ ۰ 59 . 


va4 





وقد كتبوا في ذلك ما ظهر لهم . وأرسلته «المعية» إلى الحكومة , فعرضته عل 
gall‏ . . وبعد تصديقه عليه أمرت بالعمل به . 


هذا ما اشتهر » ونحن لم نقف على ما كتبوه فنبدي رأينا فيه , ولكننا » مع 
ذلك ؛ لا نرى بأسأً من العمل به RSS ARS‏ فالتعاقد في عمل يفيد 
الآخذ والمعطي » بيع أو تجارة . .. رو اب Mowe kde Bo Bees‏ لوك لل و ار مه 


والذي يفهم سبب تحریه من قوله تعالى : ليا أبها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا 
أضعافا مضاعفة4). . . أنه كان في المدينة وغيرها من اليهود والمشركين من يقرض 
المحتاج بالربا الفاحش » كا نعهد من اليهود والخواجات في هذه البلاد » وفي ذلك من 
خراب البيوت ما فيه . 

فالحكمة في ret‏ لزنا إزالة: حو هدا ae‏ والمحافظة على فضيلة التراحم 
والتعاون › أو فقل : Oly‏ ا يستغل gl‏ حاجة aol‏ الفقير إليه) \S)‏ قال a‏ 
الإمام) , : وهذا هو المراد بقوله تعالى : فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا 
«OBO goles‏ ولا يخفى أن المعاملة التي ينتفع ويرحم فيها الأحل والمعطي والتي لولاها 
لفاتته| المنفعة معاً لا تدخل في هذا التعليل «لا تظلمون ولا تظلمون» لأا ضده › 
re Nee‏ 
قسم استغلال حاجة المحتاج ٠‏ ولا يخفى أن ن إدارة البريد هي مصلحة غنية من مصالح 
الحكومة ¢ وأا تستغل المال الذي بودع ف صندوق التوفير فينتفع المودع والعمال 
المستخدمون في المصلحة والحكومة . فلا يظلم أحدهم الآخر , 

فالأرجح أن ما قالوه [أي العلماء والمفتي] ليس من الحيل الشرعية > وإنما هو من 
قبيل الشركة الصحيحة › من قوم امال » ومن آخحرين الاستغلال . فلا مانع إذا , 3 
رأينا من العمل بتعديلهم ee sano ao nna one‏ 


والحاصل أن المسألة قد أحلوها من طريق الفقه الظاهر . والباحث في الفقه 


(5) [آل عمران : ١؟١].‏ 
(5) [البقرة : ۳۷۹ ]. 


Ate 





الحقيقي » وهو حكمة الشرع وسره › لا يرى ما ينافي حلها بناء على ما تقدم , 
والتضييق في التعامل يفقر الأمة ويضعفها ويجعلها مسودة للأمم . والله أعلم 
وأحکہ . 


(۷) أسقطنا بعض عبارات هله الفتوى » لأما ليست للأستاذ الإمام » وإنما هي للشيخ رشيد رضا› 
وحرصنا على أن نورد منها ما يدل على أن الأستاذ الإمام قد وافق على هذا النظام المعدل للتوفير في 
صندوق توفير البريد . 


Converted by Tiff Combine 








ربح صندوق التوفيرلة) 


السؤال 

يي الا ساد اال ميه الل 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته » وبعد . 

فإنا كثيراً ما سمعنا من الئاس إباحة وضع الأموال في صناديق التوفير بالبريد , 
وأخذ الفوائد منها , وذلك عا لا نشك ل ؛ لا نعلم بينهم 
حلافاً . ثم إذا ناظرناهم فيه استندوا إلى أن الأستاذ الإمام ¢ all amy‏ وغفر له » أفتى 
بجوازه في فتوى رسمية »› ولا كنا م نر هذه الفتوى ولم نعلم وجهها » وكنتم أخص 
الناس بالإمام وأعلمهم بأقواله وفتاويه » لجأنا إليكم لتبينوا لنا فتوى الإمام أولاً . 
يفل هي لا ری کار ی ا ی ر اتی اک قرت رفي 
أموال القاصرين في هذه الصناديق بناء على هذه الفتوى الزعومة » كما يقولون » وليكن 


نالك اكنافيا Sale ga bs Waly‏ إن اهال فان 
ee‏ د كته : أبو الأشبال 


(۸) هذا السؤال » وهذا الجواب ليس من إنشاء الأستاذ الإمام . . ولكنه سؤال وجه إلى الشيخ رشيد 
رضا » وأجاب عليه . . . ولكنه ذكر في الإجابة رأي الأستاذ الإمام » فاثبتناه هنا » وذكرنا السؤال 
أيضأً زيادة في إيضاح ملابسات هذه الإجابة . . انظر (المنار) جلد ۱۹ ج ص 514-0177 في 
Ys‏ ربيع الآخرة سلة o‏ ه فيراير سنة ۷م 1 


A۰۳ 





الجواب 

إن كان للأستاذ الإمام فتوى رسمية في مسألة صندوق التوفير فهي توجد في 
مجموعة فتاويه بوزارة الحقانية » ومنها تطلب , وأنا لم أر له فتوى في ذلك . ولكنني 
سمعت منه في سياق حديث عن مقاومة الخديو له ما حاصله : 

أن الحكومة أنشأت صندوق التوفير في مصلحة البريد بدكريتو خديوي (أمر عال) 
ليتيسر للفقراء حفظ ما زاد من دخلهم عن نفقاتهم وتثميره للهم » وقد تبين لما أن زهاء 
ثلاثة آلاف فقير من واضعي الأموال في صندوق البريد لم يقبلوا أخذ الربح الذي 
استحقوه بمقتضى الدكريتو . فسألتني الحكومة : هل توجد طريقة شرعية لجعل هذا 
الربح حلالاً . حتى لا يتأثم الفقراء من المسلمين من الانتفاع به ؟؟.. فأجبتها , 
مشافهة » بإمكان ذلك براعاة أحكام شركة المضاربة في استغلال النقود المودعة في 
الصندوق . فذاكر رئيس النظار الخديو في تحوير الدكريتو الخديوي وتطبيقه عل 
الشرع » فأظهر سموه الارتياح لذلك . وا قال له رئيس النظار : إننا استشرنا المفتي في 
ذلك » غضب غضباً شديداً . وقال : كيف يبيح المفتي الربا ؟! لا بد أن أستشير غيره 
من العلماء في ذلك . 

ثم جمع سموه جمعية من علاء الأزهر في «قصر القبة) » وكلفهم وضع طريقة 
شرعية لصندوق التوفيرء ليظهر أمام العامة بأنه هو المحامي عن الدين والمطبق للمشروع 
على الشريعة » وأن الحكومة كانت عازمة على إكراه المسلمين على أكل الربا بمساعدة 
gall‏ لولا تداركه الأمر . 

وقد وضع له العلماء مشروعاً قدمته «المعية» لنظارة المالية . . . وأن نظارة المالية 
Yo cad‏ المشروع لإقراره؟2. فوجدته مبنيا على ما كنت قلته للحكومة شفاها(''2. 


(9) يشك الشيخ رشيد رضا في لفظ الإمام > هل قال «لإقراره) أو قال : «للتصديق عليه» ؟؟ . 
)١١(‏ هنا يذكر الشيخ رشيد رضا عبارة لا يجزم بلفظها » وهي قوله : «وأظن أنه (أي الإمام) قال «أن 
أولئك العلماء كانوا من فقهاء المذاهب الأربعة 2 أو الثلائة) لا أجزم بذلك» 5 


Avg 





التأمين على ONS‏ 


السؤال 
حضرة صاحب الفضيلة مفتي الديار المصرية . 


ٍ ما قولكم دام فضلكم في شخص يريد أن يتعاقد مع جماعة0"١2‏ على أن يدفع لحم 
مالا من ماله الخاص على أقساط معيئنة ليعملوا فيه بالتجارة » واشترط معهم أنه إذا قام 
بما ذكر وانتهى أمد الاتفاق المعين بانتهاء الأقساط المعينة » وكانوا قد عملوا في ذلك 
الال » وكان حياً » فيأخذ ما يكون له من المال مع ما يخصم من الأرباح » وإذا مات في 
أثناء تلك المدة فيكون لورثته أو لمن له حق الولاية في ماله أن يأخذوا المبلغ تعلق مورثهم 
مع الأرباح . . 


)1١(‏ طلبت (شركة الجريشام) المصرية للتأمين رأي الشرع الإسلامي من الأستاذ الإمام بصفته مفتياً 
للديار المصرية » في التأمين على الحياة , , ولأهمية هذه القضية » وهذه الفتوى نذكر هنا نص 
السؤال » ونص فتوى الأستاذ الإمام . . . ولقد نشرتما الشركية في كتيب حاص » ونشرتيا 
جريدة (الوطن) , ثم أثارا جدلا كثيرا em‏ نشرا با مغرب العربي . . ونشرتبهما (المنار) في الجزء 
4 من السنة السادسة الصادر في ٠١‏ ذي الحجة سنة ١571‏ ه ۳ مارس سنة 1454م ص 
AYA‏ ۹۳4 . 

)١١(‏ عندما نشرت الشركة سؤاها للمفتي وضعت بعد كلمة «جماعة» عبارة (شركة الجريشام مثل) بين 
قوسين » وم تكن هذه العبارة في نص السؤال المقدم للمفتي 


Avo 





شرعاً ؟؟ نرجوكم 7 بالإفادة , en‏ 


الجواب 

ا ل و 

لو صدر مثل هذا التعاقد بين ذلك الرجل وهؤلاء الحاعة على الصفة المذكورة » 
كان ذلك جائراً شرغاً ‏ ووز لذلك الرجل بعك اننهاء الأقنساط والغمل في المال 
وحصول الربح أن يأخذ , لو کان حياً » ما يكون له من المال مع ما خخصه من الربح » 
وكذا يجوز لمن يوجد بعد موته من ورثته أو من له ولاية التصرف في ماله بعد موته أن 
يأخذ ما يكون له من المال مع ما أنتجه من الربح . واللّه أعلم 29 . 


)¥\( للإمام فتاوى alle‏ 3 ذات القضية وجدناها 3 سجلات دار الإفتاء - بوزارة الحقانية - انظرها d‏ 
الجزء الثالث من هذه الأعبال الكاملة , 


Ae 





حديث عن السياسة 
بين الأستاذ الإمام والشبخ رشيد رضا 


الأستاذ الإمام : إني eles fat corel‏ المسلمين وجرائدهم كل همهم في السياسة » 
وإهمالهم أمر التربية الذي هو كل شيء. عليه يبنى كل «gt‏ إن 
السيد حمال الدين كان صاحب اقتدار عجيب لو صرفه ووجهه 
للتعليم والتربية لأفاد الإسلام أكبر فائدة . وقد عرضت عليه حين 
كنا في «باريس» أن نترك السياسة ونذهب إلى مكان بعيد عن مراقبة 

5 5-7 2 a 
. . . الحكومات . ونعلم ونربي من نختار من التلاميذ على مشربنا‎ 
فلا تقضى عشر سنين إلا ويكون عندنا كذا وكذا من التلاميذ‎ 
. المطلوب فينتشر أحسن الانتشار . فقال : إنما أنت مثبط‎ 
a ale ah 

الشيخ رشيد : أسمع عن هذه الأميرة [نازلي هانم فاضلل] أا ذكية فاضلة 

سياسية . 


4 رجب ١١١6‏ هھ ۱۸4۷ 3 ٠‏ وثانيتها ١ d‏ رمضان سنة ١7١١6‏ ه سنة ۱۸۹۸ مم . وكانا 
ذاهبين إلى مأتم الأمير عثان باشا فاضل شقيق الأميرة نازلي » وثالثتها في منزل الأميرة نازلي 
هاا 


م١107‎ 


الأستاذ الإمام 
الشيخ رشيد 


الأستاذ الإمام 


الشيخ رشيد 





: لو استعملت هذا الإدراك في عمل مفيد لتهذيب النساء بتعليم 


البنات لأمكنها , . 


: نعم .. ولكنها مولعة بالسياسة . كما قلت » فمن سوء حظ 


المسلمين أن كل من كان فيه استعداد لشىء يشتغل بغيره , 
ladle SY oda ELLE‏ اكنال النبيد ساك الدين abe‏ 
هو رجل عالم » وأعرف الناس بالإسلام وحالة المسلمين » وكان 
قادرا على النفع العظيم بالإفادة والتعليم » ولكنه وجه كل عنايته 
إلى السياسة » فضاع استعداده هذا . . . 

وهذه الأميرة قادرة على تأسيس عمل يفيد في تهذيب 
البنات ع فإن مون بحوطا مق الأميرات ينفقق نفقات كسيرة إسرافا 
وتبذيراً » ولو أنها حملتهن وأمثالهن من النساء الغنيات على إنشاء 
مدرسة لتربية البنات وتعليمهن واستحضرت لن معلمات من 
الآستانة أو سورية لكان خير عمل تعمله » وما كن ليخالفنها » فإذا 
لم يأت بالفائدة المطلوبة كان غرساً أو بذراً تجنى ثمرته ولو بعد 
حين . 

وطالما ذاكرتها ببذا المعنى , وخطأتها في الاشتغال بالسياسة , 
وكان يسوءها هذا منى , لأن النساء (ولا سيا الأميرات) يحببن 
الطاعة وعدم العارضة هن في آرائهن وأنا لا أجاريها في أحاديثها 
السياسية فتخضبء وإذا حضر نجلسها غيري وتكلمت معه لا ترضى 
أن أكون ساكتاً فتحملني على المشاركة » وأنا لا أحب أن أجاريها في 
شيء أعتقد خطأها به . وقد قلت لما يوماً: إن سكت لا 
أرضيك » وإن تكلمت لا أرضيك (أي لأني أعارض) فكيف 
العمل ؟! 


e د د‎ 
oe ae ok 


: إن السيد حمال الدين رأى أن طريق التعليم والتربية Oly 6 dee‏ 


١ ا‎ ۸۰٩۸ 


الأستاذ الإمام 





الإصلاح الأقرب يكون بإصلاح الحاكم أو الحكومة . 


: لو أنه تقرب من السلطان بمقدار يمكنه من حمله على إصلاح التربية 


والتعليم من غير تعرض لفساد حاشيته ولا تدخل في شئونهم . بل 
مع مساعدتهم على أغراضهم الخسيسة ‏ لكان حسنا , ولقدر أن 
ينفذ مآربه . مثلاً : مَحْسّن للسلطان أن يصدر إرادته باصلاح 
الوعظ في الجوامع والتعليم الديني في المدارس » ويقرن هذا السعي 
بإعطاء «أبي الهدى) خمساثة جنيه » وإعطاء نيشان لابنه أو لأخيه › 
فإذا رآه gly‏ الهدى) يخدمه فيا هو مهم عنده » فإما أن يواتيه › 
وإما أن لا يناويه . وهلم جرا . 

لكنه تدخل في شئون هؤلاء الفاسدي الطباع والأخلاق » 
وإصلاحهم من المستحيلات › فأخفق مسعاه . 


Converted by Tiff Combine 








الانجليز وثروة مصر 


Li‏ إلى هذا الرجل كيف يمتص هذا القصب ؟! هكذا يفعل الإنكليز في 
امتصاص ثروة البلاد واستتخدام الرجال المقتدرين على العمل فيها » هم يحافظون على 
الثىء أو الشخص ما وجدوا فيه فائدة هم » حتى إذا ما رأوا أنه لم يبق فيه أدنى فائدة لهم 
ألقوه كا يلقي هذا الفلاح ما يمتصه من ألياف القصب إذا جف وم يبق فيه شيء من 
الحلاوة . 





(0) تحدث الأستاذ الإمام ببذه الكلمات إلى الشخ رشيد رضا عند رؤيتهم فلاحاً مصرياً يمتص عوداً 
من قصب السكر فلا يتركه من فيه حتى ييف ماؤه تماماً . 


AN\ 


Converted by Tiff Combine 





الأستاذ اللإمام 


محمد بك بيرم 





من الانجليز والفرنسيين 


ین الأستاد الإمام وحمل بك ay‏ 


: إن «المؤيد» » ومن عل رأيه » يصرخون d‏ الإنكار على الحكومة 


والانكليز » بيع البواخر المصرية إلى شركة إنكليزية ... هل 
يننظرون من الإنكليز أن يفضلوا على الشركة الانكليزية شركة من 
غير أبناء جنسهم ؟! نعم لو وجدت شركة مصرية وقدموا عليها 
الشركة الإنكليزية لكان لهم الحق ني الانكار » ولكن أين الوطنيون 
الذين يقدمون على مثل هذا ؟! اجتمح عند الخديو جماعة من 
وجهاء الأغنياء وتكلموا في المسألة فوعدهم بأمهم إذا هيشوا المال 
يتمم هم المسألة ويكون شريكهم فيها » وضرب هم موعداً , 
فانقضى الموعد ولم يكن مهم شيء . 


: إن المعترضين في «المؤيد» وغيره يتكلمون في المسألة من جهة شرف 


الحكومة والبلاد بإبقاء الراية المصرية في البحر . 


: إن الراية المصرية وكل ما هو بمعناها قد طار مع دخان المدافع يوم 


ضربت الإسكندرية » وإن الخديو يوم جاء مصر استقبله الانكليز 


(*) شهد هذا الحوار الشيخ رشيد رضا » وسجله وشارك فيه في خبايته , . وكان محمد بك بيرم محافظا 
للعاصمة » ومن أنصار الإحتلال الإنجليزي » ودار هذا الحديث في رمضان سنة 116 ه سنة 


4م : 


A\Y 


ومقاع مام ةم ومم 6ه 


الأستاذ الإمام 


محمد بك بيرم 


الأستإذ الإمام 


الأستاذ الإمام 





استقبال ضيف . . . . ولكن المصريين لا يفهمون هذا ... يروث 
ميتاً م يدفن فيظنونه حياً . 
ae 3K ok‏ 


(8) 


ثاقاقهة فووا وو و وفقاو يق وه ققد 6 5" ها فق فم ميم فإورام همه a‏ 


: إن هذه المسألة في غاية الخشونة . وما كان يليق بالإنكليز مثل هذا 


العمل المفضوح وإن كانت أزِمّة البلاد في أيديهم . 


: إن استبدال أرض الوقف جائز ولو بالمال ليشترى به غيره . 


: إنما يصم هذا في الأراضي التي لا ريع لها . وهذه الأراضي كان 


ريعها السنوي خمسة عشر آلف جنيه » فا زالت تنقص حق 
صارت ۷٠٠١‏ جنيه » أي نزلت إلى veri] aod oka‏ 
عو SOUS Waa Ea OG‏ 
هذا من حكم القاضي الشرعي . . . وليس حقاً قول بعض رجال 
الحكومة : إنها من أملاك الميري .. إن إسماعيل باشا ورث هذه 
الأرض من أبيه إبراهيم باشاء ووقفها بصفته الشخصية : 
«إساعيل بن إبراهيم من lel‏ الأملاك» لا بصفة أنه حديو 


: لو أن المصريين يعلمون أن الإنجليز قد امتلكوا مصر » ووجهوا 


نظرهم لعرفة كيف ينبخي أن تكون حياتهم مع هذا الحاكم الحديد 
لكانوا انتفعوا وقدروا أن يحافظوا على بعض ما تجب المحافظة 
عليه . 


: إن العمل لإخراج الإنكليز من مصر عمل كبير جداأ » ولا بد في 


الوصول إلى الغاية منه من السير في الجهاد على منباج الحكمة 


(8) وعند هذا الموطن من الحديث ذكر محمد بك بيرم قضية بيع أراضي الوقف المعروفة بإسم (تفتيش 
الوادي) 2 wy‏ کان الحديو الأسبق إسياعيل باشا قد (head gn‏ على الكاتب والمدارس 


الاسلامية . 


15م 


الأستاذ الإمام 


الشيخ رشيد رضا: 


الأستاذ الإمام 





والدآب على العمل الطويل ولو عدة قرول » لا أنه عمل صغير 
يكفى فيه الكلام 3 المجالس والكتابة 2 الخرائد 2 

إن الفرنسيين قد باعوا مساجد مدينة الجزائر لأجل المصالح 
العامة » ولم يبقوا في تلك المدينة إلا أربعة جوامع فقط . 


: إنه لا توجد أمة تبغض المسلم لأنه مسلم لا لأمر آخر إلا 


فرنسا . . . . إنني لما كنت أجتمع مع أحد الفرنساويين للمذاكرة في 
أحوال الشرق امتعض ويرتعش جسمي كله . .. إن الفرنساوي 

إذا مدح الإسلام وذكر شيئاً من مزاياه فلا بد أن يكون غرضه من 
ذلك منفعة فرنسا ..... إن لأعجب طؤلاء الإفرنج كيف 
يجرحون قلوب الذين يستولون عليهم بالتعدي على أحكام دينهم 
وامتهان شعائره وتقاليده (كبيع الإتكلير لوقف تفتيش الوادي) 
ويعيشون معهم خائفين من ثورتهم وانتقاضهم عليهم » وفي 
إمكانهم أن يحببوا أنفسهم إليهم ويعيشوا معهم بالراحة » وإنما 
ذلك بعدم التعرض لدينهم . 

إن إضعاف الدين الإسلامي غرض مطلوب لذاته عندهم » فهم 
يؤثرون التعب بفعل ما يحبون , على الراحة مع ما يكرهون . 


: اليس هذا برآي . . فإن توالي المؤلات يبعث على الخروج يوماً ما . 


A\o 


Converted by Tiff Combine 





الشيخ رشيد 


الشيخ رشيد 





حديث 
عن جلاء الإنجليز عن مصر 


; «للخدیو عباس» إنه حطر 3 بالي أنه يمكن لأفندينا oda J‏ الأيام أن 


يسعى لحلاء جيش الاحتلال عن مصر بأسلوب ودي يمكن أن 
يرضي الانكليز » وهو أن يقول أفندينا للعميد الإنكليزي : إذا 
كنتم في حاجة إلى إرسال من لديكم من جيش الاحتلال عندنا إلى 
«الترانسفال» فيمكنكم ذلك بمقتضى اتفاق معنا ترضونه لتأمين 
مصالحكم في مصر بدون وجود هذا الجيش » بل إذا شئتم أخذ 
جيش متطوع من المصريين لمساعدتكم فإننا نقبل ذلك . .. أو ما 
يستحسنه أفندينا من الأسلوب بعد استشارة من يثق بهم من رجاله 
لاغتنام هذه الفرصة للاتفاق مع الإنكليز . . . 


... هيه ! وما هو رأي الشيخ محمد [عبده] في هذا ؟ 


: إنني لم أذكر هذا له » وإنما هو رأي خطر في بالي » فرأيت أنه يجب 


علي عرضه على صاحب البلاد . 





)0( هذا الحديث اشترك فيه رشيد رضا مع الخديو عباس » ثم ممع الأستاذ الإمام حول نفس 
الموضوع » وكان رسولاً بين الخديوي والإمام .. فجاءت هذه الكليمات الحامة حصيلة لذلك 


A1۷ 


3 


الأستاذ الإمام 


الشيخ رشيد 


الأستاذ الإمام 





. . . طيب . .. إذهب من هنا إلى عين شمس » وأذكره للشيخ 


. فاخبرني برأيه فيه‎ Uy azul J 


ae oe ak 


: «للشيخ رشيد» : أتدري لاذا أرسلك إل ؟! إنما أرسلك لأجل أن 


يقول للورد كرومر- إذا وافقت على هذا الرأي - : إن الشيخ محمد 
عبده يغريني بأن أغتنم هذه الفرصة لطرد الجيش الإنكليزي من 
البلاد . 


: إنه ينتظرني لأ حمل له جوابك » فاذا أقول له ؟ 
: قل له : إن هذه مسألة مهمة يجب على أفندينا أن يتفكر فيها كثيراً 


قبل أن يبرم فيها رأياً . 


A1۸ 





شكل الإدارة المصرية مع الاحتلال() 


5-08 


«إن رأبي في الإدارة المصرية » إذا بقيت الخديوية في عائلة محمد علي » هو كا 
١-أول‏ وأهم قاعدة أساسية في تلك الإدارة هو أنه يجب أن لا يكون للجناب 
الخديوي أي سلطة تخوله التداخل في هيئات السلطة التنفيذية للنظارات . ولا إدارة 





)١(‏ هذا النص» الذي يتعلق برأي الأستاذ الإمام في شكل الإدارة المصرية في ظل الإحتلال البريطاني» 
جاء في خطاب بعث به إلى صديقه المفكر الإنجليزي الحر «ولفرد بلنت» وكان «بلنت» قد بعث إلى 
الأستاذ الإمام يستطلع رأيه في هلا الأمر » وذلك بناسبة عقد الإتفاق الودي بين إنجلترا وفرنسا 
سلة 4١19م‏ » وهو الإتفاق الذي إنتكس بالآمال الوطنية المصرية لدى الكثيرين خخطوات إلى 
الوراء . . فبعث الأستاذ الإمام إليه برأيه هذا في خطاب تاريخه ” مایو سنة ٤۱۹۰م‏ . ولقد نشرت 
جريدة (اللواء) هذا الخطاب بعد وفاة الأستاذ الإمام بعامين سنة (۷٠۱۹م)‏ نقلا عن كتاب 
«بلنت» (التاريخ السري للإحتلال) » الطبعة الإنجليزية » وما يذكر أن الترحمة العربية هذا 
الكتاب التي قام بها عبد اللطيف حمزة لم يرد فيها ذكر لهذه المراسلات » ولقد راجعنا كذلك الطبعة 
الإنجليزية فلم نجد بها هذه الرسائل . . ونحن ما نثبت هنا هذين الخطابين رغم عدم وجودهما 
في كتاب بلنت ولا في مذكراته لإحتمال أن يكون بلنت قد حذفها من هذه الطبعة » إذ أنه قد ذكر 
في تقديمه للكتاب أنه راجع مواده مع الأستاذ الإمام وحذف بعض المواد التي قد تسيء إلى بعض 
الأصدقاء . وبعبارة أخرى : نحن نثبتها هناء ولكنا لا نقطع بمسئولية الإمام عن ما فيها من 
أفكار . 


۸1۹ 





الأوقاف والأزهر. ولا المحاكم الشرعية » بمعنى أنه لا ينبغي أن يجعل (لتداخله 
e‏ المصرية مطلقاً . 
ولكن 0 pil ne‏ « وترتيب أمثل منه » وينبغي أن يكون الوزراء وكبار snd‏ 
أعضاء فيه 2 ا 
المصرية في سلك أعضائه » ويكون من اختصاص هذا المجلس سن القوانين الجديدة . 

٠‏ - ينبغي أن توضع حدود لتداخل السلطات التنفيذية الذي يدعيه الموظفون 
الإنكليز كالمستشارين وغيرهم لأنفسهم 6 حتى لا يكون الموظفون المصريون محرد آلات 
صاء لا إرادة لهم ولا رأي يبدونه من تلقاء أنفسهم i‏ 

؛ ‏ أن يشكل مجلس إدارة في كل نظارة من النظارات كالحقانية والداخلية مثلاً » 
يتخب أعضاؤها بواسطة المجلس العام المتقدم الذكر 1 وتكون وظيفة کل مجلس من 
هذه المجالس الإدارية البحث في تفصيلات المسائل المهمة 6 ووضع المشرعات والقوانين 
uaa od‏ الحكومة . 

أن يوضع قانون لنظارة المعارف يكون اجبارياً بالنسبة للشئون المتعلقة 

5 العمومية والتعليمٍ 2 وينبغي أن ent‏ قسم من الدحل العمومي للقيام 
بنفقات التعليم يكون كافياً لفتح مدارس للتعليم العام » وأخرى للتعليم الفني SS‏ 


لسد حاجات البلاد . 


هذا هو رأبي بوجه عام قد أبديته لكم) . 


AX: 





MY, 


أهدي عظيم تحيقٍ » وأعتذر لك عن ابطائي في الرد على كتابك المؤرخ في ۸ 
يونية » فإني كنت مشغولا جدا بالامتحان في مدرسة المعلمين والأزهر وغيرجما » ولم أجد 
We ts,‏ لأجيبكم فيه على كتابكم هذا . لا سيا وأن موضوعه دقيق للغاية ويعوزه مزيد 
ترو » ودقيق نظر . 

وقد فكرت طويلا » وتذاكرت مع بعض أفاضل المصريين » فوجدتهم مجمعين 
على أن من أول الضروريات لحسن الإدارة المصرية هو قيام الحكومة الانكليزية بضمان 
النظام في البلاد وكفالته . ومعنى ذلك أنها تراقب استتبابه والمحافظة على استمراره » 
وعلى الدستور الذي يمنح لمصر . وأن لا تدع ذلك الدستور عرضة لتدخل الخديويين . 


ومتى تمت هذه الضمانة » ومنح الدستور » لا تبقى حاجة إلى نزع سلطة الحكم 


من عائلة محمد على . ولا إلى تعيين أمير أوروبي ٠»‏ فإن تعيين أمير أوروبي لا يصادف 


(؟) هذا خطاب ثان من الأستاذ الإمام إلى «بلنت» يتعلق بنفس موضوع خطابه السابق » رد به على 
خطاب «بلنت» المحرر في 8 يونيو سنة 5٠11م‏ . 


A1 





قبولاً من الأهالي , ولا يساعدهم على تحسين حالتهم©. 

وأما الدستور فينبغي أن يراعى فيه ما سأذكره من المسائل الآتية بصفة خاصة : 

: أن تناط جميع شئون الحكومة بسلطة من السلطتين الآتيتين‎ )١( 

أولاً ‏ تناط بسلطة تشريعية تسن القوانين الإدارية والقضائية . 

ثانياً - تناط بسلطة تنفيذية تكلف بتنفيذ تلك القوانين » وأن تحصر السلطة 
التشريعية في مجلس نواب أو وكلاء يزيد عدد أعضائه عن أعضاء مجلس الشورى 
Jet‏ ‘ وتكون دائرة اختصاصائه الحالية » بحيث ens‏ قراراته › وتكون واجبة 
التنفيذ » وأن لا يسمح للوزراء بعدم احترامها ومراعاتها مهما كانت ظروف الأحوال . 

وهذا المجلس هو الذي يسن القوانين كافة » وتتتحب الوزارة من بين أعضائه 

pad Oly‏ السلطة التنفيذية ف الوزارة التي تخول حی تقليم مشروعات 
القوانين » بحيث لا تستأثر بسنها وحدها » لأن حق سنها هو من اختصاص مجلس 
النواب . 

(؟) أن تناط جميع مسائل الحكومة التي ليس لما ارتباط بسن القوانين بالوزارة , 
حتى منح الرتب والنياشين › Oly‏ لا يترك من أشغال الحكومة شيء مطلق للجناب 
الخديوي ¢ وأن يناط ما Ca‏ أمر المصالح المختصة ae‏ الديني وغيره 6 eee‏ 
الشرعية والأهلية › وتوزيع الرتب والنياشين » دون أن يسمح لسموه بأي تدخل فيها 
Glas‏ 

)1( إذا فرض أن كان بعض الوزراء من الإنكليز »> وكان هم مرءوسون من 
المصريين ‘ فإله ينبغي أن يعطى هؤلاء ا مرءوسون المصريون أو الوزراء الثانويون سلطة 
تسمح لهم بأن يفصلوا في جميع المسائل المختصة بالدين وما أشبه ذلك نحت مراقبة 
الوزراء الأصليين بحيث لا يكون الموظفون المصريون مجرد ألعوبة في أيديهم كا هو ا حال 
الآن . 
)1( كان «بلنت» قد استطلع رأي الأستاذ الإمام في فكرة تعيين | اناا ا وروي عل مع بدلا من 


أفراد أسرة محمد علي » إذا ما رفضوا قبول الحكم في ظل الدستور . 
)٤(‏ يلاحظ » أن هذا الخطاب » مشل سابقه » قد اتخذ فيهما الأستاذ الومام موقفاً معادياً من الخديو 


فلقد كتبا في فترة الحفوة بينها 


AYY 





وينبغي أن تلغى وظائف یع الارن ع slas|‏ مبؤلاء الوزراء 3 وفي هذه 
ASL‏ 5 م تقضى الضرورة بأن يكون رئيس Pee sig‏ بحيث يكون مركزه الرسمي 
محدوداً E‏ الرئاسة دون أن يشغل رئاسة نظارة من نظارات الحكومة . 

(:) أن يكون جميع الموظفين الآخرين في الحكومة من المصريين » OF gel‏ 
المديرين ووكلاء المديريات وقضاة المحاكم الأهلية ابتدائية كانت أو استثنافية وأعضاء 
النيابة وغيرهم يكونون مصريين ١‏ ويجوز تعيين انكليز كمفتشين وتعيينهم أيضاً في بعض 
وظائف في المصالح الحندسية والمعارف وني الوظائف الصناعية التي يحتاج الأمر فيها إلى 
معارف خاصة إذا لم يوجد مصري تتوفر فيه الإحاطة بتلك المعارف الفنية . 

على أنه يجب على كل حال أن يحصر عمل أولئك الموظفين الأجانب فيما هو داخخل 
ضمن دائرة اختصاصهم فقط » وأن يكونوا حاضعين لمراقبة الوزراء » بحيث لا يخولون 
eee‏ إضعاف نفوذ الموظفين المصريين . 

(5) أن يخول أعضاء مجلس النواب الحق في أن يسألوا النظار عن تنفيذ القوانين ع 
tee‏ لا أو يقع من الخلل في الأعمال» ويتحتم على النظار 
أن يبينوا أسباب ما يقومون به من الأعمال » وإذا وقع خلاف بين النواب والنظار يوكل 
أمر حل ذلك الخلاف إلى لجنة تشكل من خمسة أعضاء من مجلس النواب ينتسخبون 
بالاقتراع السري » وحمسة آخرين من أعضاء محكمة الاستكناف ويكون حكم هذه 
اللجنة بالأغلبية المطلقة . 

ويجوز زيادة أعضاء هذه اللجنة بإضافة أعضاء آخرين عليها من مجلس النواب 
ومحكمة الاستثناف . 

وإني أعتقد أنه لو وضع نظام دستوري على هذا النمط . وضمنته الحكومة 
الانكليزية » لقام بحاجة البلاد ولنالت حكومتها استقلالاً لم تعرف له مثيلا . 

وينبغي أن لا ننسى إعادة تنظيم شئون المعارف والتعليم » فإن هاتين المسألتين هما 
من أمس الأمور التى يبدأ مجلس النواب بممباشرة الاشتغال با . 

الإمضاء 
حمد عده 


Re 


AYY 





قد نسيت أن أتكلم عن الحربية . فأقول : إن السردار الإنكليزي وبعض 
الضباط الإنكليز يبقون في اليش المصري ». ولكن يجب أن يشغل المصريون ما بقي من 
وظائف الجيش » وإذا فرض وقامت بعض صعوبات بشأن ذلك . ورأت الحكومة 
الإنكليزية وجوب وجود قواد إنكليز فيه أعنى «باشاوات») ‏ فلا ضرر من ذلك . 


sh Sk ok 


نحن227 لا يهمنا أن يبقى الإنجليز سنة أو اثنتين أو خمسة ما داموا سيشركوننا في 
الأمر » إلى أن يقوى حزب الفلاحين » ولكن إذا كانت هناك فكرة مبيتة بضم مصر فإننا 
نقبل الاستبداد التركي الضعيف على هذا الخسران المبين» فإن قمتم بالجلاء غدا فثق 
أننا جميعا نفرح ونغتبط . 
ae ok a‏ 


إن الدول الأوروبية العظمى تفكر جديا في استبذال الخامية الإنجليزية بحامية 
تق aed‏ أن هد cael UL‏ عر را من cand‏ إذا لواهن © بصدرة فرنسنة أو انطالة 
لأصبحت مصر تحت رقابة دولية , 


إن النظار تحدثوا هذا الموضوع عند انلعقاد جلستهم الأخيرة ( واللورد كرومر 
اشترك في المناقشة » وعلى كل فإنني أتمنى أن ينتهي الأمر إلى احتلال تركي , لأنه لا أمل 


(0) هذه الفقرة الخاصة بالحربية والجيش كتبها الأستاذ الإمام في صورة تذييل لخطابه إلى «بلنت» بعد 
الفراغ منه وتوقيعه . 

(5) هذه العبارة من حديث للإمام إلى «بلنت» في فبراير سنة 1897م إستخرجناها من مذكرات 
«بلنت» . انظر مجلة (الرسالة) عدد "١9‏ في 5 يونيو سنة ۱۹۳۹م > ترحمة محمد أمين حسولة . 

(۷) هذه الفقرة من حديث الأستاذ الإمام إلى «بلنت» في ٠١‏ فبراير سنة ۱۹٠١‏ . انظر (كوكب الشرق 
في ١1“‏ أغسطس سنة 1975م) . 


AXE 





إعانة ضحايا معارك السودان 


& 


الور 

قد عرف الكافة ما جاد به الجند المصري الذي سيق على البلاد السودانية تما يخلد 
له ولبلاده المجد والفخار » ولم يخف على أحد ما أصاب تلك الجنود في الأيام الأخيرة من 
قتل بعض ضباطهم وأفراد عساكرهم » وجرح عدد كبير منهم » وإن كان ما أصابهيم 
قليلا في جانب الظفر الذي نالوه بمعونة الله وثباهم وشجاعتهم . 

ومن المعلوم أن من قتل منهم ترك أيتاماً وأهلاً فيهم الضعفاء وذوو البأس » ومن 
جرح قد يعجز عن الكسب » ولو شفي » ويحتاج إلى ما يقيم وده ولو إلى أجل » ومكان 
هؤلاء الشجعان من أهالي البلاد هو مكان الأخ الكريم من أخيه » أو العضو الشريف 
من البدن السليم » ولا يسمح ذو مروءة أن يدع أخاه في مثل هذا المصاب يذهب فريسة 
الحاجة » والبدن السليم لا بد أن Lb‏ لما يصيب أعضاءه » ولمذا كان لأنباء ذلك المصاب 
هزة في قلوب الكثيرين من أهل الإحساس الطاهر في جميع الطبقات . وأفاض كثير من 
الجرائد في استنهباض اهمم لمساعدة أولئك الرجال أو أهلهم . وكان لكل واحد من 
سكان القطر المصري أن يبتدىء بدعوة باقيهم إلى هذا العمل المجيد , والبادي في 


)١(‏ كتنب الأستاذ الإمام هذا المنشور الذي وزع على الصحف » بوصفه رئيس اللجنة التي تكونت 
لإعانة جرحى وأرامل وأيتام الجيش المصري الذي حارب في السودان . . وكان تأليف هذه اللجنة 
في 1١‏ إبريل 1894م .. ومن المنشور تتضح مناسبة تكوينها وملابساته . 


AYo 





الخبر» الداعي إليه هو في الحقيقة خادم لمن ينبضه » فإنه إنما يفتح Shem‏ لظهور كرم 
السجية » وسطوع ضوء الحرية . 

وقد قام بعض الأعيان من أهل العاصمة بتأليف لجحنة للسعي في جمع إعانة 
لمساعدة أولئك الجرحى وأهالي القتلى > وعرضوا ما أرادوا الشروع فيه على الجناب 
الخديو الفخيم ليكون العمل تحت رعايته » فتفضل جنابه السامي بقبول ذلك على 
جاري سنته الشريفة في تقدير الأعمال الخيرية » فاجتمعوا يوم الثلاثاء ه ذي الحجة سنة 
٥‏ ه الموافق 17 ابريل سنة 18448 م بمنزل صاحب السعادة أحمد سيوفي باشا » 
وانتخبوا الداعي رئيساً » وسعادة أحمد سيوني باشا أمين صندوق للإعانة » وحضرة أحمد 
فهمي زغلول بك كاتب سر اللجنة") » ثم عرض الأمر على الحناب السامي فر به 
وكان أول من شرف العمل بالاكتتاب وتفضل به » وكذلك اكتتب صاحب العطوفة 
رئيس مجلس النظار 29 وبقية حضرات النظار . ثم أحذت اللجنة تتابع عملها في دعوة 
أهل الخير للاشثراك في مساعدة اخواههم . 

وحيث أن ... تكم من fal‏ الفضل وذوي الحمة ولمروءة » رأيت أن أبعث 
إليكم بهذا » رجاء أن يُرى ممتكم الأثر الجليل » في هذا العمل الجميل » مع العلم 
بأن من يتفضل بدفع شيء من المعونة لإخوانه المصابين فإما يفعل ذلك لمحض الشفقة 
والرحمة » وصدورا عن الحمة والمروءة » ومن المعلوم أنه لا ينقص مال من صدقة . ولن 
تخذل أمة كان التعاون من سجاياها » فأرجو أن تساعدوا بما استطعتم > وأن تقبلوا 
المساعدة ممن يليكم ويقرب منكم » وما يجتمع لديكم تتفضلون بإرساله إلى سعادة أمين 
الصندوق أحمد سيوني باشا بمصر » ويرسل إلى . . . . تكم الإيصال حسب العادة » 
واللّه لا يضيع أحر المحسنين . 


قوير اق ادي الحجة سنة ٠١٠٠١‏ س الت 
Les‏ عبدة 


(۲) لقد شارك في تأسيس هذه الحمعية أمين فكري باشا ناظر الدائرة السنية » ومحمد طاهر باشا محافظ 
العاصمة » ويوسفف سليهان بك رئيس نيابة العاصمة › والشيخ عبد الرحيم الدمرداش 5 sal,‏ 
بك أرناؤد وعبد الرحيم بك من أعيان العاصمة , والحاج محمد الحلووكيل دولة المغرب الأقصى » 
والنواجة شمعون آربيب . 

(۳) كان يومئذ مصطفى فهمي باشا . 





دفاع عن لجنة ضحايا معارك السودان 


حضرة الأستاذ الفاضل صاحب جريدة «المؤيد» الغراء) . . 

اطلعت الآن في عدد جریدتکم الصادر بتاريخ أمس على حملة من الحوادث 
الداخلية 0 بلجنة إعانة المصابين بشجاعتهم من اليش المصري المحارب في 
السودان . فرأيت فيها ما حملني على تحرير هذه السطور رجاء نشرها في العدد الذي 
يصدر اليوم . 

أبدأ ببيان مقصد اللجنة من القيام بجمع الإعانة لأولئك المصابين : أظهر 
الضباط والجند المصري شجاعة وثباتا في فتال حاربيهم 6 حمدهم عليها الأجنبي » وحق 
أن يفتخر با الوطني » وقد أجمع علاء الأحلاق على أن الشجاعة من الفضائل التي لا 
ترسخ في نفوس الأفراد من أمة » ولا تعم الأغلب من آحادها » إلا إذا عرفت الأمة 
مقدارها » وسندتها بالقول والعمل » وهذا كان أول باعث لأول متكلم في هذا 


)٤(‏ كتب الأستاذ الإمام هذا الخطاب إلى صاحب «المؤيد» رداً على تعليق الأحير على «منشور» 
اللجنة . فلقد قال بخصوصه » إن الحكومة تتعاطف مع أهدافه » لأن حرب السودان تتم بقيادة 
الاإنجليز ولصلحتهم > » بينما هذه الحكومة قد سبق وم تناصر التبرع الدولة العثانية he‏ 
محاربة أعداثها . . إذ أصدر ناظر الداخلية يومئذ منشوراً ينبه فيه على أن التبرع «للجنة الإوعانة 
العسكرية الشاهانية) إختياري محض » ولم يفعل مثل ذلك في هذه المناسبة » وقال المؤيد : «فهل 
للحكومة مكيالان في مشروعات الإكتتاب الإخياري ؟! أو ذاك مشروع مبغض عند الإنجليز 
وهذا زلفى إليهم» ؟! فرد عليه الأستاذ الإمام بهذا المخطاب . 


AYY 





المشروع » مشروع الإعانة . الله شهيد على ماني نفسه( » وهذا الغرض من الإعانة 
ظاهر في نص المنشور الذي نشرته اللجنة . 

خلف المقتولون أيتاما » وقد يعجز المجروحون عن الكسب » وقد علمنا أن 
الحكومة لا يمكنها ا Lee Ae‏ والعجز في دنيثة ولا 
خطيئة ؟ فسواء كانت -حرب السودان طنوابا ل نظر السياسة آو خطأ » فهؤلاء على كل 
حال ليسوا بمجرمين » بل أتوا إظهار ثباتهم أو جاء في ذلك ل 
المحسنين . فلا يليق بأمة فيها قطرة دم من الحياة أن تدعهم يمدون الأيدي بالسؤال ثانٍ 
ee‏ الحليلة » فضيلة الشجاعة » فهذا باعث 
0 » ليس أعضاء اللجنة أول من يشعر به من المصريين » بل 
3 ظنهم أن أصغر مصري ا فيه » pastas‏ بدعوة إخوانهم إنما هو خدمة لهذا 
الشعور الذي لا يسلبه إنسان إلا U AN‏ 

وعلى ذلك أرجو أن لا يتكرر بعد هذا أن الإعانة للجيش كأنا إعانة للحكومة 
نفسها على الحرب » فإنا نعلم أن الحكومة تحارب إذا قدرت على الحرب وتتركها إذا 
عجزت عنها » وهي أعلم بما تلقاه في الحالين » وإنما سعي اللجنة في إعانة من أصيب 
في تلك الحروب » كا أرجو من حضرتكم إذا سمحتم بكتابة شيء يختص بأعمال اللجنة 
أن تعنونوها بالاسم الذي وضعته لنفسها وقبلها به الجناب الخديو الأفخم تحت رعايته 
دون سواه . 

ثم ذكرتم أنكم علمتم أن أعضاء اللجئة أرسلوا بمنشورات إلى حكام المديريات 
الذين وزعوها على حكام المراكز لدعوة القادرين . . إلخ . . فأبشركم أن هذا العلم غير 
صحيح » فإن المدير أرسل إليه منشور واحد كما يرسل إلى غيره من الأعيان لعله يكتتب 
بصفة آنه مصري » ويدعو أصدقاءه إن أمكنه إلى الاكتتاب » فإن وظيفته لا تحظر عليه 
أن يخاطب صديقاً في ذلك . 

وأزيدكم أن بعض المديرين عندما وصله ذلك المنشور الواحد تحير فيا يصنع به › 
كأنه ظن أنه لا يباح له أن يدعو ولو أصدقاءه للإحسان » ولا زال في حیرته حقی ارشده 


(ه) أي نفس الأستاذ الأمام «أول متكلم في هذا المشروع» . 


AYA 





مرشد إلى أن من السهل عليه أن يحمل على الاكتتاب أحباءه من أهل القاهرة أو بلد 

أما توزيع المنشورات على الأعيان » سواء كانوا حكاماً أو غير حكام » فهو عمل 
اللجنة » والناس موكلون إلى اختيارهم » فمن شاء قبل ومن شاء لم يقبل » وكثير من 
الأعيان طلب من اللجنة أن تعتبره مشتركاً بدون دعوة » ومعارف أعضاء اللجنة من أهل 


البسان فق Lely (peng! jell‏ لله يقليل : و ها ع عا 
اللجنة كا ذكرنا . 


وأما كلمة «الزلفي» التي جاءت في سؤالك لعطوفة رئيس النظار » فلا أظنك قد 
قصدت معناها » فإنك تعلم فيها أظن أن أعضاء اللجنة الذين قد بلغتك أساؤهم لا 
يغمز عليهم بمثل هذه الكلمة . 


ثم لاأخالني مخطثاً إذا قلت : إنك تعلم الفرق بين عمل هذه اللجنة وبين عمل 
لجنة الإعانة السابقة » فهذه لإعانة المجروحين والأيتام من أهالي البلاد » وتلك إعانة 
دولة عظيمة كالدولة العثانية على نفقات الحرب قبل وقوعها أو في أثنائها قبل أن يصاب 
فيها المجروحون بشيء > ولذلك قد کان للجرحى والأيتام معونة sel‏ بعد ما وقعث 
الوقائع ؛ وربما اختلف شأن الحكومة في العملين » فكان الأجدر بمثلك أن يلتمس هذا 
الفرق دون أن ينبه الحكومة أو يحرضها على أمر كان يلومها عليه في نفسه بقلمه . 


ولو سلمنا بتهام المشابهة بين العملين . LST‏ كان من إنصافك ما يسع السكوت عن 
الحكومة أو حمدها على ترك عمل لم تسلم من اللائمة فيه في اعتقادك » ويمكنما أن تتوب 
عنه وتنيب إلى الله في عدم العودة إليه ؟ 

فإذا فرضئا أن هذا السؤال كان حفاً لا بد من أدائه» كيا قلت . أفيا إن الأليق 
بدعوتك إلى الإحسان أن تؤجله إلى ما بعد اية العمل الخيري الذي تكرر الدعساء 
إليه » حتى لا يحدث عن مثله صد عن سبيل تحمل أنت على السلوك فيه والاستقامة 
عليه . 

رجائي في إنصافك أن تنشر هذه الكلمات في العدد الذي يصدر في هذا اليوم , 


Aya 





دفعاً لما أوهمته عبارتك أمس » وأن تجري فيا تنشره عن أعبال اللجنة على حسب ما 
يقنضيه مقصدها السابق ذكره . وأن لا تجعل للظنون عليك سلطاناً ولا للحق .عليك 
مقالاً . والسلام . 
رئيس اللجنة 
تحمل عبده 


لمم 





المصريون 


إن أطفال المصريين أذكى من أطفال سائر الشعوب » وإن شباهم من أنشط 
الشبان وأمضاهم ays‏ وهمة قافا ؛ ولكن المصري يدب فيه الهرم العنوي منذ 
استكال الخامسة والعشرين فيخلد إلى الراحة والتمتع باللذات . وتقعد به همته عن 
الجهاد والكدح في سبيل المصلحة العامة . 

ak ok a8 

واللهاا» لو أن في مصر مائة رجل لما استطاع الإنكليز أن يقيموا فيهاء أ 
استطاعوا أن يعملوا عملا إذا أقاموا » إن في مصر مئات أو آلاف من الرجال يفهمون 
كل شيء » ولا ينقصهم العلم بما يجب للبلاد » ولكنهم فاقدون للإرادة وقوة العزيمة , 
فلا تكاد تجد عشرة منهم يتحلون بها » وهما الصفتان التي لا ينفع بدونه| علم ولا يقوم 
عمل . 

أرأيت هذا الرجل - مصطفى باشا فهمى - الذي يصفه الوطنيون بالخيانة للبلاد ؟ 
إنه ذكي نبيه » ويجب خير البلاد ومصلحتها , ولكنه ضعيف الإرادة » بل فاقدها ء 


)١(‏ هذه الفقرة - المتوسطة هذا الحديث ‏ قالها الأستاذ الإمام عندما إشتد غضبه من عزم الحكومة 
تعيين قاضيين من قضاة محكمة الإسكناف الأهلية عضوين في المحكمة الشرعية العليا. 
وفقرات هذا الحديث الثلاثة أفضى بها الأستاذ الإمام إلى الشيخ رشيد رضا . 


A1 





ولولا ذلك لأمكنه » ما نال من ثقة سلطة الاحتلال به » أن ينفع البلاد نفعاً عظياً ‏ 
ويدفع عنا أذى كثيراً » ولكنه لا يدري هذا . 
ae ak ok‏ 

إن الشعب المصري لا يفنى ولا يندغم في غيره من الشعوب التي تغلبه على 
حكومته » وقد يندغم الشعب المتغلب عليه فيه . ذلك بأن ذل الغلب وفقد الاستقلال 
لا يضعف حيويته ويقلل نسله كا وقع لشعوب أخرى » بل يعيش في كل حال يأكل 
ويشرب » ويلهو ويلعب . ويتزوج وينسل » ويحفظ مشخصانه القومية » والحكومات 
أعراض تزول » وهو لا يزول . 

ولكننى صرت في ريب من بقاء هذه المزية فيه بما علمت من سريان جريمة السكر 
نن 'الأمضان إلى eDtuly « GLY‏ القلاحن يله اشر الكحولية السامة ٠‏ فشا 
الزنا فيهم . وكل fle late‏ الجهاز التناسلي أو يضعفه . فإذا لم يتدارك هذا الخطر 
بالتربية الدينية والتعليم المشتمل على القواعد الصحية . وتغذية ذلك بإصلاح خطابة 
المساجد وبث الوعاظ والمرشدين فيها . فإن الشعب المصري نفسه على خطر الانحلال 
Os Ss‏ 

إن مصر ستبقى للمصريين » لأنهم لا يفتئون يتناسلون » وإن تحكم فيهم 
الاستبداد واستحوذ عليهم الذل والاضطهاد , وبلادهم الزراعية لا es‏ إلا 
بعملهم » ولا مندوحة لمن يمتلكها عن استعالهم فيها » لأمهم يرضون من الأجر القليل 
ما لا يرضاه غيرهم » فالبلاد لا تستغني عنهم » والذي يحكمهم من غير جنسهم إما أن 
يضطر إلى تركهم وشأنهم وإما أن يتجنس بجنسيتهم ويكون منهم . 

ae a a‏ ش 

OPW‏ أن هذه السموم الكحولية التي يشربونها من غير عقل » مع فشو الداء 
الزهري بانتشار الفاحشة لا بد أن تكون من أقوى عوامل تقليل النسل وضعف 
؟) الفقرتان التاليتان لهذه الفقرة من هذا الحديث . هما تعبير جديد ومفصل عن نفس الفكرة التي 

تناوها الإمام في هذه الفقرة . 
(*) مزيدة من عندنا لربط السياق » حيث أن حديث الأستاذ الإمام هذا . عن المصريين » هو 
كليات جمعناها كي تكون هذا الموضوع . 


م 





المواليد > كا هو الشأن في فرنسا التي يراعي أهلها في هاتين الآفتين قواعد الطب في 
الحملة » ولا يعرف المصريون شيئاً من ذلك . 

ثم إن التفرنج علمهم الترف والتنعم » حتى أنك لترى في القرى الصغيرة 
والمزارع من اللإسراف ما لا تراه في المدن العظيمة. ونتيجة هذا كله أنهم إذا لم يتداركوا 
هذه الآفات قبل تعميمها فلا يبعد أن ينقرضوا كما انقرض هنود أمريكا . وإن بقيت لهم 
بقية فإنها تدغم في الأمة المتغلبة عليهم وتتجنس بجسيتهم . 


ate علخ ماد‎ 
He oi ote 


رباض ولوبار 

* إن رياض باشا » برغم كونه مستبداً » رجل شريف , وهو أفضل من تجران 
وبطرس وأرتين » لأن هؤلاء كلهم مسيحيون لا يريدون خيرا بنشر روح التعليم 
الإسلامي . ولعله ينجح في جعل الخديوي يستعين به وبطبقة من الشبان المسلمين 
المتعلمين » ويقصي عنه الأرمن والمسيحيين29» . 

* إن اليأس قد تغلب على شعور الحزب الوطني بسبب استقالة رياض باشا وعودة 
نوبار باشا إلى الحكم . ذلك لأن نوبار يمثل سيادة رجال امال والمضاربين الذين 
سيتمتعون في عهده بالرحاء والرفاهية » إذ سيحكم البلاد فريق من الأجانب النازحين من 
كل صوب20) 


اضطهاد الفط“ : 
إن النظرية القائلة بأن (المقوقس) هو «سيرس» بطريق الاسكندرية » نظرية 
خاطئة . إن المقوقس قبطي » وهو حاكم منفيس. . وإن جماعة القبط في مصر في ذلك 


(4) مذكرات بلنت في فبراير سسئة "1891م (الرسالة) عدد 04" في © يونيو سنة 1918م . ترجمة 
محمد أمين حسونة 8 

(6) المصدر السابق في ١5‏ إبريل سنة 1894م . (كوكب الشرق) في ١١‏ مايو سنة ۲م . 

(7) المصدر السابق في مارس سنة ١0م‏ . وكان حديث الإمام ! إلى «بلنت» تعليقاً على كتاب «بتلر) 
(فتح العرب لمصر) . انظر (الرسالة) عدد "١9‏ في © يونيو سلة 1919م . 


ayy 





الوقت رحبوا بالفاتحين العرب ليخلصوهم من ظلم الرومان » وإلا كيف أتيح للقبط أن 
ينالوا من عمروين العاص ما نالوا من امتيازات وعهود طيبة وحكم ld‏ تمتعوا به 
عصورا متتالية ؟!. . . إن الحروب الصليبية » وبالأخخص هجوم الصليبيين على مصر . 
هو الذي جعل القبط موضع الاضطهاد بسبب أنهم أعلئوا هواهم في جانب الصليبيين . 


8م 





رسالة إلى عام Os Alix‏ 


حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الحليم سيا . . حفظه الله 


لا يزال يؤنسني مثال من علمك وفضلك » ويعجبي رفيق من كمالك ونبلك . 
وما كان ذلك ليفارقني بعد أن صار بضعة مني » ولو كشفت لك من نفسك ما كشفت لي 
منها لعلمت مقدار ما آتاك الله من نعمة العقل والأدب » ولعرفت أنك ستكون إمام 
قومك . تهديبم إن شاء الله سبل الرشاد » وتبصرهم با يوفر عليهم الحظين > Jam‏ 
المعاش وحظ المعاد . هذا هو أملي الذي أسأل الله تحقيقه . فخذ. من الوسائل ما يبلغك 
بفضل الله غاية ما يرمي إليه استعدادك. وأفضل ذلك, فيا أرى» استمرارك على مزالة 
كلام البلغاء من أهل اللسان العربي» وإتمام ما سيقت لك البداءة فيه من اللسان 
الفرنسي» ثم دراسة أخلاق البشر . وما يكون له أثر في تحويلها بتدقيق يجدر به لقب 
التحقيق » ومن ذلك النظر في تاريخ الأمة الإسلامية » وتنقل الدين في أطواره » وعلل 
ذلك وأسبابه » حتى يتيسر الحكم 3 أمراض اللفوس» وحسن اختيار الدواء الذي 
يناسبها . ثم التقدم إلى كل سريرة با لا تشمثز منه » ولا تبادر بالنفرة عنه » وبذل 
الجهد ني حمل الحمم على طلب العلم لتستنير به البصائر في العمل » وشحذ العزائم على 
الجد في السعي والكد في كسب الرزق من وجوه الحل » والإنفاق منه في سبيل المنافع 


Avo 





وطرق الخبر » وأن يكون ذلك كله ديدنا للداعي لا يفتر عنه » حتى يكثر في الناس من 
هو جدير بالنسبة إلى رب الئاس . 

ولك في ذكاء ولدنا الفاضل الشيخ محمد بن مصطفى بن الخوجة » وإخلاص 
حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ مفتي الحنفية ما يساعدك على ما تقصد من نفع العامة 
ونصح الخاصة . 

وإني وإن كنت على ثقة من كمال عقلك » ومعرفتك با إليه حاجة المسلمين اليوم 
فإني لا أجد مندوحة عن التصريح بالتحذير من النظر في سياسة الحكومة أو غيرها من 
الحكومات » ومن الكلام في ذلك » فإن هذا الموضوع كبير الخطر » قريب الضرر» 
وإنما الناس محتاجون إلى نور العلم » والصدق في العمل » والجحد في السعي » حتى 
يعيشوا في سلام وراحة مع من يجاورهم من أهل الأمم الأخرى , ولا يتعلقوا من الوهم 
بحبال تنقطع في أيديهم متى جذبوها » فيسقطوا . والعياذ بالله » في] لا منجاة منه . 


بلرم 7*١‏ جمادي الآخرة سنة 91891) 


Ode عمل‎ 


(۲) شجرية » ۲۲ سبتمير سلة "951١م‏ , 


AT" 





استعانة المسلمين 
بالكفار وأهل البدع والأهواء. 


لنصرة الملة وحفظ حوزة الأمة() 
بسم الله الرحمن الرحيم 
فهيد: 
ا لحمد مد لله رب العالمين» che‏ الله عل سيدنا محمد وآله وصححبه أجمعين. أما 


بعل . فقد ألقى إلي أستاذ من أساتذة الجامع الأزهر . وهو موظف كبير في المحاكم 
الشرعية ‏ سؤالا Sly‏ من الهند إلى a‏ أنسبائه » يطلب الحواب عليه . 


)١(‏ هذه الفتوى ؛ سؤالاً وجواباً . أهمية خاصة » فهي ذات طابع سياسي . ذلك أن الفئة المستفتقى في 
شأنها هي من مسلمي اهند الذين قامت بينهم وبين المستعمرين الانجليز صلات تعاون وعلاقات 
ود . . وهي علاقات كانت محل نقد من جانب من الحركة الوطنية الهندية . . وجواب الأستاذ 
الإمام على هذا يعكس موقفه وفهمه لموقف الإسلام إزاء قضية كان يعيشها هو ومدرسته في مصر 
يومئذ » عندما قامت بينهم وبين سلطات الإحتلال الإنجليزية علاقات رأوا استثارها فيها رأوه 
مصلحة للأمة Leas‏ بالتربية والتعليم في البلاد (انظر حديثنا عن موقفه السياسي » وجهده فى 
التربية والتعليم ٠‏ في دراستنا عن فكره السياسبي والإجتماعي في صدر هذا الجزء) SUL gals.‏ 
من الأجوبة التي قدمت عن هذا السؤال » بالطبع » سوى جواب الأستاذ الإمام . . ومن يرد 
الإوطلاع على أجوبة أصحاب المذاهب المختلفة من علاء الأزهر فليرجع إلى (تاريخ الأستاذ الإمام) 
ج ۱ ص 551-548 . 


الم 





يكون الجواب عليه محتوياً على مقال كثير من أفاضل العلماء وقد انتدب حضرة حامل 
السؤال إلى كتابة ما أجده من الكتاب والسنة وأقوال علاء الحنفية في موضوعه › 
وأرسلت نسخة من السؤال إلى حضرة الأستاذ شيخ الحنابلة في الجامع الأزهر » فورد منه 
ما رأى أن يجيب به . وكلفت جماعة من أساتذة الشافعية والمالكية أن يكتبوا ما يعتقدون 
أنه الحق في جواب السؤال » فكتبوا وأشبعوا » جزاهم الل 
إني أبتدي بما أجاب به أفاضل الشافعية والمالكية » بعد ذكر السؤال » ثم 

sro ae‏ بمقال الأستاذ الحنفي , ھک ا 
جميعهم . والله الموفق إلى الصواب . وهو المحادي إلى الصراط المستقيم . 


ae ae ah 


نص السؤال الوارد من اند : 

ما يقول السادة العلماء في جماعة من المسلمين يقرون أنهم على عقيدة أهل السنة 
والجماعة » ومن تابعي فقهاء الأئمة الأربعة» ويسعون في تحصيل الألفة والاتفاق بين أهل 
الإسلام » ويدعون أهل الثروة واليسار إلى تربية أيتام المسلمين وإلى إشاعة الإسلام في 
مقابلة حملات الكتابيين وصولات الوثنيين » إلا أنهم مع ذلك يستعينون بالكفار وأهل 
البدع والأهواء لنصرة الملة الإإسلامية » وحفظ حوزة الأمة المحمدية » وجمع شملهم 
واتحاد كلمتهم . فهل مثل هذه الاستعانة تجوز شرعاً ؟ وهل لما نظير في القرون الثلاثة 
الفاضلة » المشهور لا بالخير؟ وهل يجوز لأحد من المسلمين أن يعارضهم في هذه 
الأعال الجليلة والمقاصد الحسنة » ويسعى في تثبيط الحمم عن معاونتهم » والتنفير من 
صحبتهم» نظرا إلى أنهم يستعينون فيها بالكفار وأهل البدع والأهواء » ويدخلون 
مجالسهم ويخالطونهم مثل هذه المصالح العامة ؟ وما حكم من يرميهم ‏ لمجرد هذه 
الأعمال ‏ بالكفر والتضليل وسوء الاعتقاد والخروج من أهل السنة والجماعة ؟. 


th ok tk 


ATA 





................ هذا ما ذكره هؤلاء الأفاضل .. ثم نقول : 

المطلع على ما نقله حضرات الأساتذة من علماء الجامع الأزهر من نصوص الكتاب 
والسنة وأقوال الأئمة والعلياء من أهل المذاهب الأربعة يعلم حق العلم أن ما يفعله 
bes of‏ الأفاضل hl bles‏ هو الإسلام ومن أجل OLN! alla.‏ © وأن الذين 
يكفروهم أو يضللونهم هم الذين تعدوا حدود الله وخحرجوا عن أحكام دينه القويم . 

أولئك الدعاة إلى الخير قاموا al yal‏ في قوله : #ولتكن منكم أمة يدعون إلى 
الخير ويأمرون بالمعروف وينبون عن المكر وأولئك هم المفلحون ...2©20#.. 0 
خصومهم فقد حالفوا مي al‏ سبحانه في قوله ولا تكونوا كالذين تفرقوا واخحتلفوا من 
بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم 29# وإن كانوا يعتقدون كفر أولعك 
المؤمنين حقيقة فالمفتى به » عند الحنفية » أنهم يكفرون بذلك لاعتدادهم الايمان وأعماله 
ا اوو ا ا 0 و ك ا ا ات 
حالهم أن يدخلوا في الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا » وقد قال الله 
فيهم : #إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا 
ed Ogee Ve‏ يضللون من يؤمن باللّه واليوم الآخر وبما جاء به محمد كل , 


.]١٠١4 : [آل عمران‎ )١( 
. ع٠١6‎ : (؟) آل عمران‎ 
. ]19 : [النور‎ )۳( 


A4 





ويرمونهم بالفسق ني أعبالهم » وهو إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا » وما أعظم الوعيد 
عليه في قوله : «لحم عذاب أليم في الدنيا والآخرة» . فهو من فظائع الكبائر . 
بقي أن بعض الجهلة المتشدقين ربما تعرض لهم الشبهة في فهم قوله تعالى : «إيا 
Lal‏ الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم Yous‏ ودوا ما عنتم ه۰ إلى 
8 » وقوله تعالى : Alp‏ 5 تر إلى الذين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم 
ولا > ويحلفون على الكذب وهم يعلمون »4 › وقوله تعالى : AF VQ‏ 0 
يؤمنون i‏ واليوم الآخر يوادون من all ob‏ ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو 
eel yo!‏ أو عشيرتهم 22# وقوله SLE‏ أي ان نالا we ge‏ 
أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا با جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن 
تؤمنوا all‏ رہکم إن کنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي » تسرون إليهم 
بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم » ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل © 
وما لم أتذكره تما قد يكون فاتني من الآيات التي تصرح أو تشير إلى المنع من موادة المؤمنين 
لغير المؤمنين .. على أنه لا شبهة لهؤلاء الجهلة في مثل هذه الآيات تسوغ لهم تفسيق 
VP : ee -| yo>|‏ يناكم الله عن 
لابن ل اتارک و انين و[ يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتفسطوا | إليهم ! إن الله 
يحب المقسطين . إغا ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم 
وظاهروا على إحراجكم أن تولوهم ومن يتوم فأولئك هم الظالمون) ٠“‏ وبعض ما 
ا 0 : #وإن جاهداك على 
تراك بي ما ليس لك به علم فلاتطعهم| وصاحبه) في الدنيا معروفاًي( » وبعدما 
oecencate‏ م > نکاح الکتابات » ولا يكون نكاح في قوم 
حتى تكون فيهم قرابة المصاهرة c‏ ولا تكون تلك القرابة حتى تكون المودة . 


J [VIVA : آل عمران‎ [ )6( 
, ]1٤ : [المجادلة‎ )9( 

(5) [المجادلة : ؟5] , 
(۷) [الممتحنة : ]١‏ . 
(۸) [الممتحنة : ۹] . 
]٠١ : olay (4)‏ . 


Ags 





وحقيقة ما جاء في الآيات الدالة على الغبي عن موالاة غير المؤمنين أو موادة 
الفاستين'والمحادين الله مال > أت شى فن الموالاة. فى الذين de ABM nb a pels‏ 
المؤمن فيها هو من دينه » وإمداد الفاسق بالمعونة على فسقه » وعن اتخاذ بطانة من غير 
المؤمئين يكون من صفتها أنها تبذل وسعها في خذلاهم وإيصال الضرر إليهم » » فيكون 
إدلاء ل ل O ash‏ 
Con‏ أما إذا أ من الضرر . وغلب الظن بالمنفعة » ولم يكن في الموادة معونة على تعدي 
حدود الله وتخالفة شرعه فلا خطر في الاستعانة بمن لم يكن من المسلمين . أولم يكن من 
الموفقين الصالحين ممن يسمونهم أهل الأهواء » فإن طالب الخير يباح له » بل ينبغي له 
أن يتوسل إليه بأية وسيلة توصل إليه » ما لم يخالطها ضرر للدين وللدنيا . 


وقد بينت السئة وعمل ME ll‏ > ما صرح به الكتاب في قوله Yo:‏ ينهباكم 

٠‏ إلخ) . . ولقد كانت لنا أسوة حسنة في استعانة رسول الله ب »> بصفوان ابن 
e‏ > کا هو معروف ني السنة . ثم كان في سنة 
الخلفاء الراشدين من لدن عمر بن الخطاب » رضي الله عنه » إلى علي » > کرم الله 
وجهه » ما فيه الكفاية لمسترشد إذا استرشد » فقد نشا عمر » رضي الله عنه » الديوان 
ونصب العمال » واحتاج المسلمون إلى من يقوم على العمل في حساب الخراج وما ينفق 
من بيت المال » واحتاجوا إلى كتاب المراسلات » والقوم أميون لا يستطيعون القيام با 
كان يطلبه العمل من العمال . فوضعوا ذلك كله في أيدي أهل الكتاب من الروم وفي 
أيدي الفرس . ولم يزل العمل على ذلك في خلافة بني أمية بعد الراشدين إلى زمن 
0 . ولا شك في أن هذا استعانة بغير المسلمين على أعمال هي من 

هم abel‏ فكيف ينكر هؤلاء الجهال جواز تلك الاستعانة !. . بل قد استعان كثير 
م Cee‏ 
کله » قال في باب دیوان الأعيال والحبايات . 


«وأما ديوان الخراج والحبايات فبقي بعد الإسلام على ما كان عليه من قبل : 
ديوان العراق بالفارسية » وديوان الشام بالرومية » وكتاب الدواوين من أهل العهد من 
الفريقين . ولا جاء عبد الملك بن مروان » واستحال الأمر ملكا » وانتقل القوم من 
غضاضة البداوة إلى رونق الحضارة » ومن سذاجة الأمية إلى حذق الكتابة » وظهر في 


A4١ 





العرب ومواليهم مهرة في الكتاب والحسبان » أمر عبد الملك سليهان بن سعد والي الأردن 
لعهده أن ينقل ديوان الشام إلى العربية » فأكمل لسنة من يوم ابتدائه » ووقف عليه 
سرحون كاتب عبد الملك , فقال لكتاب الروم : أطلبوا العيش في غير هذه الصناعة 
فقد قطعها الله عنكم . 

وأما ديوان العراق فأمر الحجاج كاتبه صالح بن عبد الرحمن » وكان يكتب 
بالعربية والفارسية » ولقن ذلك عن زادان فروخ كاتب الحجاج قبله . ولا قتل زادان في 
حرب ابن الأشعث استخلف الحجاج صالحاً هذا مكانه » وأمره أن ينقل الديوان من 
الفارسية إلى العربية ففعل » ورغم لذلك كتاب الفرس» اه . 

وقال في الكلام على الوزارة : «وأما حال الحباية والإنفاق والحسبان فلم يكن 
عندهم برتبة » لأن القوم كانوا Orel Me‏ لا يحسئون الكتابة والحساب »> فکانوا 
يستعملون في الحساب أهل الكتاب أ و أفراداً من موالي العجم ثمن يجيده , SWE ols‏ 
فيهم . وأما أشرافهم فلم يكونوا يجيدونه » لأن الأمية كانت صفتهم التي امتازوا ا » 
وكذا حال المخاطبات وتنفيذ الأمور » لم يكن عندهم رتبة خحاصة » للأمية الي كانت 
فيهم . والأمانة العامة في كتمان القول وتأديته » dy‏ تخرج السياسة إلى اختياره » لأن 
الخلافة إنما هي دين ليست من السياسة الكلية في شيء » وأيضاً فلم تكن الكتابة صناعة 
فيستجاد للخشليفة أحسها » > لأن الكل كانوا يعبرون عن مقاصدهم بأبلغ العبارات » ول 
يبق إلا الخط فكان الخليفة يستنيب في كتابته من عماله من يحسنه) اه . 


وقال في الحروب . ومذاهب الأمم في ترتيبها : 

«(فصل) : ولا ذكرناه من حرب المصاف وراء العساكر وتأكده في قتال الكر 
والفر » صار ملوك المغرب يتخذون طائفة من الافرنج في جندهم , واختصوا بذلك »› 
لأن قتال أهل وطههم كله بالكر والفر » والسلطان يتأكد في حقه ضرب المصاف ليكون 
ردءاً للمقاتلة أمامه ‏ فلا بد وأن يكون أهل ذلك الصف من قوم متعودين للثبات في 
الزحف وهم الإفرنج . ويرتبون مصافهم المحدق بهم منها . هذا على ما فيه من 
الاستعانة بأهل الكفر . وإنما استخفوا ذلك للضرورة التي أريناكها من تخوف الإجفال 
على مصاف السلطان ., والإفرنج لا يعرفون غير الثبات في ذلك . لأن عادتهم في القتال 
الزحف . فكانوا أقوم بذلك من غيرهم) اه . 


A4۲ 





وجاء في (الأحكام السلطانية) لقاضي القضاة أي الحسن علي بن محمد بن حبيب 
البصري البغدادي » في الكلام على وزارة التنفيذ : «وهذا الوزير وسط بين الإمام وبين 
الرعايا والولاة يؤدي ما امرء وينفذ عنه ما ذكرء ويمضي ما حكم». nH,‏ بتقليد الولاة. 
وتجهيز الجيوش» ويعرض عليه ما ورد من مهم» وتحدد من حدث fora) cle‏ فيه ما 
يؤمر به » فهو معين في تنفيذ الأمور وليس بوال عليها » ولا مقلدا لحا . فإن شورك في 
الرأي كان باسم الوزارة أحص» ثم قال : «ويجوز أن يكون هذا الوزير من أهل الذمة 
ols‏ لم 54 of‏ يكون وزير التفويض منهم) أه . 

واستعانة الخلفاء من بني أمية وبني العباس بأرباب العلوم والفنون في الملل 
المختلفة « فيما هومن فنونهم مما لا يمكن لصبي يعرف شيئاً من تاريخ الأمة إنكاره . وقد 
كانوا يستعينون مهم على أعين الأثمة والعلاء والفقهاء والمحدثين بدون نكير . 

فقد قامت الأدلة من الكتاب والسنة وعمل السلف على جواز الاستعانة بغير 
المؤمنين وغير الصالحين » على ما فيه خير ومنفعة للمسلمين » وإن الذين يعمدون إلى 
E e‏ > م يفعلوا إلا ما 
اقتضته الأسوة الحسنة بالنبي بي »> وأصحابه » وإن من كفرهم أو فسقهم فهو بين 
أحد الأمرين : إما كافر أو فاسق » فعلى دعاة الخير أن مجدوا في دعوتهم » وأن يمضوا 
على طريقتهم » ولا يحزنهم شتم الشاتمين » ولا يغيظهم لوم اللائمين » فاللّه كفيل لهم 
بالنصر ء إذا اعتصموا بالحق Aly ¢ pally‏ أعلم . 


5 





عزيزي الفاضل : 

قرت الحامعة » عددها الثالث » فإذا كله حسن » وأحسله الكلام في خير 
الأمرين : منحة الحرية للشرقيين قبل أن يستحقوها » أو إعدادهم ها قبل أن ينالوها . 
واختياركم الثاني . 

وقد ذكرني ذلك كلاماً كنت أقوله من اثنتين وعشرين سنة » وهو تاريخ حركة 
أذهان الشرقيين في شئونهم وإحساسهم بما وصلوا إليه وما سيقبلون عليه » فاستحسنت 
أن أبعث به إليكم حتى إذا رأيتم نشره في العدد الرابع og‏ على أنه كلام سمع عني 
وحفظه بعض إخواني » كما هي الحقيقة »> لا على أني بعثت به اليوم » لأن الناس 
يعلمون أني لا أراسل الجرائد » وليس فيا تذكرونه من ذلك «شيء»“ يخالف الحقيقة . 

وهذا هو ما سبق قوله . , . 


)١(‏ بهذا الخطاب ومعه أرسل الأستاذ الإمام إلى فرح أنطون مقال (إنما ينبض بالشرق مستبد عادل) 
الذي نشر في إفتتاحية الجزء الرابع من السنة الأولى (الجامعة) في ١‏ مايوسئة 1849م YN)‏ 
الحجة سنة ١71‏ ه) .' وكانت المناسبة مقال فرح أنطون في pdt‏ الثالث عن (الإخحاء 
والحرية) . ٤‏ 

(؟) ذكر فرح أنطون أن الأستاذ الإمام ذكر هذا اللفظ «شيئا» .. انظر (الجامعة) الجزء الأول من 
السنة السئة الخامسة ص 8" . 


4 





إنما يغبض بالشرق مستبد عادل9) 


بعد كزه المداكرين ل اغارف وتلسىء الأهيل إلى rts cell‏ 
الجيران على التناصف , fat‏ الناس على رأيه في منافعهم بالرهبة » إن م يحملوا 
ee ee ae‏ 
الذي يحكمه » فإن عرض حظ لنفسه فليقع دائياً تحت النظرة الثانية » فهو هم le asi‏ 
هو لنفسه . 

يكفى لابلاغهم غاية لا يسقطون بعدها حمس عشرة سنة » وهي سن مولود لم 
يبلغ الحلم» يولد فيها الفكر الصالح وينمو تحت رعاية الولي الصالح » ويشتد Se‏ 
ee ee oe ee‏ 
ولاعقابهم » ويعالج ما اعتل من طباعهم بأنجح أنواع العلاج » ومنا البتر والكي إذا 
اقتضت الحال » ويُنشىء فيها نفوس الصغار على ما وَجّهِ العزيمة نحوه , ويُسَدّد نياتهم 





مجلة (الجامعة العثئانية) السنة الأولى . الجزء الرابع » الصادر في ١‏ مايو سنة 1844 م 7١‏ ذي 
الحجة سلة ۱۳١١‏ ه ص e . 00-٥٤‏ بعث به الأستاذ الإمام تعليقاً ا 
عن (الإخاء والحرية) وطلب من الجامعة أن تذكر في مقدمته أنه من كلامه القديم ولیس رأ 
[pales‏ حديث الإنشاء . فذكر فرح أنطون في مقدمة هذا الرأي OSE cll sa eis als‏ ‘ 
قاله منذ سنوات خلت حضرة الحكيم الكامل والأستاذ الفاضل الشيخ محمد عبده » وبعث به إلينا 
اليوم أحد oe‏ الأفاضل بعد إطلاعه على مقالة (الإخاء الحرية) التى صدرنا بها الجزء 
السابق . 


Ato 





بالتثقيف . يتعهدها ى| يتعهد الغارس شجرة بضم أعواد مستقيمة إلى سوقها لتدمو على 
الاستقامة eee tee Ete‏ عنم بن أعوان الإصلاح؛ من صالحين 
کانوا ینتظرونه » وناشئین شبوا وهم ينظرونه » وآخرين رهبوه فاتبعوه » وغيرهم رغبوا 
في فضله فجاروه . 

eas Aelia انه‎ ots Ele Yes tie 
بالتصريف » وصح الشعور بالتعليل » واستقامت الأهواء بالتعديل , > أباح لحم من غذاء‎ 
الحرية ما يستطيع ضعيف السن قضمه » والناقة من امرض هضمه » وأول ما يكون‎ 
ذلك بتشكيل المجالس البلدية » ثم بعد سنين تأتي مجالس الادارة » لا على أن تكون‎ 
آلات تدار » بل على أن تكون مصادر للآراء والأفكار » ثم تتبعها بعد ذلك المجالس‎ 
النيابية . نعم ربما لا يتيسر لرجل واحد أن يشهد هذا الأمر من بدايته إلى نهايته » ولكن‎ 
الخطوة الأولى هي التي لما ما بعدها » ويكفي لمذها مس عشرة سنة » وما هي بكثير في‎ 
af ع فضا عن‎ aA 

o 
يصنع في حمس عشرة سنة ما لا يصنع العقل وحده في حمسة عشر قرناً ؟!!.‎ 


55م 





الرجل الكبير لي الشرق) 


قرأت اليوم سطوراً تحت عنوان «رجل الشرق» » كتبها قلم كاتبها عند ذكر موت 
ولي هنغ تشنغ» رجل الصين » وقارن فيها بين الرجل الكبير في نفسه » يظهر في بلاد 
الغرب » ومثله في عقله وهمته يوجد ني أرض الشرق » وكيف يشرق النور من عقل 
الأول في أفق بلاده فيكون شمساً في الفائدة والشهرة ء وتظلم الآفاق في عين الثاني 
فينطمس ما فيه من نور » deity‏ ما يطويه من نان .+ :وجوت غين معروف:» أو مشيعاً من 
اللعنات بألوف . 
ما كان لساني لينطلق بشيء في هذا الموضوع . ولقد كان يبقى كل معنى فيه مقبورا 
3 القبئ » > لولا أنك بما قلت وصلت شرارة بنار كامنة لم تطفأ بعد فهيّجْتَ ساكنا . 
وات كامناً » فطارت إليك هذه الكلمات القلائل لعلها تجد في بعض صفحاتك ما 
يحملها إلى من Cub‏ أنهم يقرءون كلماتك . 
حقاً ما قلتّ ؟ فهل لك في شىء من تفصيل ما أجملت ؟ إن الكبار من الرجال 
هداة في أمهم » وإنما يظهر أثرهم في ارشادها والسير بها في الطريق المؤدية إلى الغاية التي 
تطلبها » وليسوا بخالقين ولا ناشرين من موت UE yo‏ تنجح المداية فيمن رمى بفكره 
إلى المطلب . وعرف أنه أبعد عا ge‏ فيه » فتهي للسفر » وتحفز للرحلة » وأخحذ لأمره 


(4) (المؤيد/) العدد 09" في ؟١‏ نوفمير سنة ١190م‏ (غرة شعبان سنة ١71١9‏ ه) . ولقد وقعها 
المؤيد بتوقيع مستعار هو «أحد أفاضل الكتاب المجيدين» . 


ALY 





أهبته » وأعد له عدته » واستقام على أول الطريق » فإذا السبل متفرقة » والأعلام 
كشرة » والصوى“ متعددة > فيقف المسافر » وقفة الحائر . فيأتيه البصير بالمسالك . 
فيدله على خيرها . ويختار له أقرما » وأبعدها عن المهالك » فيقع في نفسه صِدَقَهُ » لا 
لأنه قلده ووثق بخبرته » ولكن لأنه رسم له الغاية التي ب يطلبها » والطريق التي يختارها 
ها » اق عل cl ee‏ الد ق ي وال اط ق ف 
والرجل الرشيد أمامه » إلى أن يمس الغاية بيده » ويلمس الطلب باصبعه : : نعم » 
الرجل الكبير موقظ من نوم » أو منبه من غفلة» وليس RE‏ الموق ولا بمسمع من في 
ا 

فإن كانت الأمة في منخفض من النازل . قد ضاق أفقها . فلا تعرف جواً غير 
c Lage‏ ولا دوا c lao ae‏ ولا بوا غير بوهات.بؤها وكيسها:فإن' كان هوا متديها 
وبيكاً » وكان مسكنا وبيلاً » فهي تتململ في مكاما. وتعتقد أن لا منقذ لما من 
هوائها. وإذا هاحمها الطامعون ليستصلحوا لأنفسهم ما أفسدته » ويستجيدوا لا ما 
استوبأته » تقلصت من الأطراف ظناً منها أن لا متسع ها في الأرض » وأن ليس بعد 
طول مكانها طول ولا وراء عرضها عرض » فإذا وجد فيها الرجل الكبير فأول ما بخطر 

ga fa of a‏ أن مذ Lyall olay Le Uo pes‏ خي يعرفها أن وراء منزلتها مذهبا لمن يريد 
النجاة ما هو فيه » وكيف يمكن لطبيب أن يحدث في البصر امتداداً ان كان قد خلق 
تير ؟ وكيفا فهر لد أن ف ل اکا ف جل خر 

الرجل الكبير يحس ويتألم . ويدفعه الألم إلى أن يتكلم » بل تحمله شدة الألم على 
أن يجاهد قومه » وهم أحب الناس إليه » ويقاتلهم ليدفعهم عن موارد الهلكة » وهم 
O‏ 
دعاهم إلى الحركة دعوه إلى السكون , وأخذ بهم إلى الفزع جذبوه إلى الركون »؛ وهم 
ast‏ من هده + راز ددا ge aS‏ 
الصياح » وينقطع نفسّهُ من الدعوة إلى الإصلاح » وتضعف عزيته » وتضمحل همته , 
فإذا جاءهم عدوهم » وقد خدعهم بوهم » وأحسوا بشدة الصدمة » صاحوا ولكن 





(5) مفردها «الصوة» . ومن معانيها : الحجر يكون دليلا وعلامة على الطريق » وهو المراد هنا . 
)\( الدوى والداوية الرية ١‏ 


AtA 





صياح الثاكلة العاجزة » تنفس الصعداء . وحسرة تصعد إلى السماء » لكن مع القعود 
في المساكن . والخلود إلى أخس المنازل » فينتهي بهم الأمر إلى الاضمحلال وما بعد 
الاضمحلال إلا الزوال . 

إن كان ما بالأمة ليس نوماً فيزول بالإيقاظ » ولا غفلة فتذهب بالتنبيه » وإنما هو 
خدر Lb‏ به الأعصاب وذبلت به العروق » فاذا يكون فعل الرجل الكبير؟ يجهد 
عقله في البحث عن الدواء » ويستعمل ما لديه من قوة في معالجة الداء » وهيهات أن 
يشعر به المريض ٠‏ بل هو تارة يضحك ضحك المستهزىء » وأخرى يبكي AS‏ 
اليائس » وثالثة يضرب الطبيب با حضر لديه » أو بيديه ورجليه »> حت يقضي عليه . 

هذا إذا ذهب الطبيب نحو الأمة يستعين بها عليها » ويشفع لها لديها , فإذا حمله 
aa‏ ا وتوجه إلى صاحب السلطة عليها » والحكم النافذ 
فيها » أنه يتمكن من لك اع ع سر م 
ena‏ ووم ل م كرورم ن للجهل 
فيها حكاً لا مُعارض له » فللسلطان علیها قول SV‏ فيمكن للحاكم أن يداويها 
بدائها » والاستبداد الذي يستعمله ليسوقها إلى الشر . aXe‏ أن يسعمله فيها ليقودها 
إلى الخير » والرتب والمناصب التي يمنحها لمحض الشهوة Gohl dolby‏ يسهل عليه أن 
ينوط بها ما يريد من وسائل المنفعة الثابتة والمصلحة القائمة ‏ ]15 CHS‏ الرجل الكبير 
نفسة بذلك فاذا يجد ؟ يجد ما لا سبيل إلى MOON ae‏ 

ا ال GS‏ 
محروماً من ثمرة عمله » باكياً على خيبة أمله » ومن للرجل الكبير في أمّة مثل أمم المشرق 
بمثل امبراطور اليابان؟ الأمير PMOL GaN dye‏ ان صح ما جاءت به ce‏ ‘ 
وصدق ماروت عله صحف الأخبار . 


ولكن هل ذلك كله يقفي على الكبير بأن يصغر. وهل يحكم على العظيم في 


(۷ ) كان الأستاذ الإمام قد شرح في هذا المكان من حديثه ما عليه حكام مصر يومئذء ولكن 
«المؤيد» حلف هذا الجزء . 
-۱۸٤۲[ )۸(‏ ۱۹۰۱ م] أحد أمراء أفغانستان . 


۸4۹ 





نفسه بأن يقر » كلا ... فهو إنما يؤدي واجباً عليه » وعلى الله ما وراء ذلك والمرجع 
ais]‏ 


0 


Cost‏ إليك هذا . ولا أجد من الوقت ما أبث به ما أجد » فإن سمح لي الحال 
بأوسع من دقائقي هذه فسأوافيك بأوسع من هذا في بيان أسباب ما الشرق فيه من 
مساوأة الكبار للصغار . في ضياع العمر وفساد الآثار . 


e ê 


Aes 





آثار محمد علي في مصر 


لغط الناس هذه الأيام في محمد علي » وما له من الآثار في مصر وأهلها . وأكثرت 
الجرائد من الخوض في ذلك » واللّه أعلم ماذا بعث المادح على الاطراء » وماذا حمل 
القادح على الحجاء . غير أنه لم يبحث باحث في حالة مصر التي وجدها عليها محمد 
علي » وما كانت تصير بالبلاد إليه لو بقيت » وما نشأ عن محوها واستبدال غيرها بها على 
يد محمد علي . أذكر الآن شيئاً في ذلك ينتفع به من عساه ينتفع » ويندفع به من الوهم 
ما ربما يندفع . 

كانت حكومة البلاد المصرية قبل دخول الجيش الفرنساوي فيها من أنواع 
الحكومات التي كانت تسمى في اصطلاح الغربيين حكومات «الأشراف» » وتسمى في 
عرف المصريين حكومات «الالتزام» وتعرف عند الخاصة بحكومات «الاقطاع» . 
وأساس هذا النوع من الحكومات تقسيم البلاد بين جماعة من الأمراء » يملك كل أمير 
منهم (ad‏ يتصرف في أرضه وقوى ساكنيها وأبداهم وأموالهم كما يريد » فهو حاكمهم 
السيامي والإداري والقضائي . وسيدهم المالك لرقابهم . ومن طبيعة هذا النوع من 
الحكومة أن تنمو فيه الأثرة » وتغلظ فيه أصول الاستبداد وفروعه » وتنزع نفس كل أمير 
إلى توسيع دائرة ملكه بالاستيلاء على ما في يد جاره من الأمراء . فكان من مقتضى 


)\( المنار 3 الجزء الخامس من المجلد الغامس (غرة ربيع الأول سنة ۲۹ ه يونية سنة ۲ ء,) ص 
ه/ا١‏ ۱۸۳ ولقد نشره الأستاذ الإمام بتوقيع «مؤرخ) nt ES‏ 


Ao\ 





الطبيعة أن كل آمیر لا ينفكك عن التدبير والتفكر فيا تعظم فيه شوكته . وما يدفع به 
عن حوزته » وأن يكون الجميع دائياً في استعداد إما للوثوب وإما للدفاع » ولكن الأمراء 
٤‏ جموعهم كانوا يقاومون سلطة الملوك » فيضطر الملك لاستالتهم ومحاباة بعضهم 
للاستعانة به على البعض الآخر » فضعف بذلك استبداد الملوك فيهم 


حاجة الأمراء إلى المال كانت تسوقهم إلى ظلم رعاياهم » وكانت شدة لدم ميل 
برعاياهم | إلى خذلاهم عند هجوم العدو عليهم » » ظهر ذلك في خصوماتهم لمر بعد 
اة » فاضطر الأمراء أن يخففوا من ظلمهم , » وأن يتخذوا لهم من الأهلين أنصاراً 
يضبطونهم عند قيام الحرب بينهم وبين خصومهم . أحس الأهلون بحاجة الأمراء إلبهم 
فزادوا في الدالة على الأمراء , واضطروهم إلى قبول مطالبهم » فعظمت قوة الإرادة عند 
أولئك الذين كانوا عبيداً بمقتضى ال حكومة . وانتهى بهم الأمر أن قيدوا الأمراء والملوك 
معاً » ولم يكن ذلك في يوم أو عام ولكنه كان في عدة قرون » كما هو معروف عند آهل 
Hall‏ 


نعم . . . كانت الحكومة في مصر على نوع نخالف به جيع الحكومات المشرقية › 
وكانت البلاد متوزعة بين أمراء كل منهم Led fata‏ منہا ویتصرف فی کا بہوی › وکان 
كل يطلب من القوة ما يسمح له بمد يده إلى ما في يد الآخرء أو يدفع به صولته » 
فالخصام كان دأبهم » والحرب كانت أهم عملهم . لذلك كان كل منهم يستكثر من 
لايك ما استطع ‏ لد مهم جنده ٠‏ ون كانت تعوه متهم إذا كوا bibs ٠‏ 
إلى اتحاذ أعوان من أهالي البلاد » فوجدوا من العرب أحزابا > کا وجدوا اننم 
ا ثم رجعوا إلى سكان القرى فوجدوا فيهم ما يحتاجون إليه » » فاتخذوا بيوتا منها 
أنصاراً لهم عند الحاجة » وعرف هؤلاء حاجة الأمراء إلبهم فارتفعوا في أعينهم » وصار 
لهم من الأمر مثل ما لهم أو ما يقرب من ذلك 2 لهذا كنت ترى في البلاد المصرية بيوتاً 
كبيرة لها رؤساء يعظم نفوذهم ويعلو جاههم . 

ذلك كان يقضي على كل أمير من أولئك الأمراء أن يصرف زمنه في التدبير, 
واستجلاب النصير » واعداد ما يستطيع من قوة لحفظ ما في يده » والتمكن من اخضاع 
cane‏ وأنصاره من الأهالي كانوا يجارونه في ذلك» خوفا من تعدي أعوان خصمه 
عليهم » فوقعت القسمة بين الأهالي » ولا تزال أسماء الأقسام معروفة إلى اليوم - سعد 


AoY 





وحرام ‏ هذا يدث بطبعه في النفوس شماً » وني العزائم قوة » ويكسب القوى البدنية 
والمعنوية حياة حقيقية مهما احتقرت Yes‏ فكانت العناصر جميعها في استعداد لأن 
يتكون منبا جسم حي واحد يحفظ كونه ويُعَرّف العالم بمكانته . 

جاء الجيش الفرنساوي والبلاد في هذه الحالة » دخل البلاد بسهولة م يكن 
ينتظرها » احتل عاصمتها » واستقر له السلطان فيها . لم تكن إلا أيام قلائل حتى ظهر 
فيه القلق » وعظمت حوله القلاقل > أحذت القوى الحيوية الكامنة في البلاد تظهر » 
فكثرت الفتن » ولم تنقطع الحروب والمناوشات » ولم مهدأ لرؤساء العساكر بال . يدلك 
على ذلك شكوى نابليون نفسه في تقاريره الي كان يرسلها إلى حكومة الجمهورية من 
اصطياد العربان لعساكره من كل طريق » وسلبهم أرواحهم بكل سبيل » واضطر 
نابليون أن يسير في حكومة البلاد بمشورة أهلها , وانتخب من أعيانها من يشركه في 
الرأي لتدبيرها » طوعاً لحكم الطبيعة التي وجدها . 


قتل بحعضصس رؤساء اليش » واضطربت عليه 6 sles‏ الجيش la!‏ ‘ 
وعاونه الحیش الانكليزي » وخرجت عساكر الفرنساويين من مصر . ولا أطيل 
الكلام » فقد ظهر محمد على بالوسائل التي هيأها له القدر . 


ما الذي كانت تنتظره البلاد من نوع حكومتها ؟ كانت تننظر أن يشرق نور مدنية 
يضيء لرؤساء الأحزاب طرقهم في سيرهم لبلوغ آمالهم , وقد كان ذلك يكون لو 
أمهلهم الزمان حتى يعرف كل منهم ما بلغ به غيره الغاية التي كان يقصدها في بلاد غير 
بلاده » وما كان بينهم وبين ذلك إلا أن يختلطوا بأهل البلاد الغربية » ويرتفع الحجاب 
الذي أسدله اجهل دوم » أو كانت تنتظر أن يأتي أمبرعالم بصير فيضم تلك العناصر 
الحية بعضها إلى بعض » ويؤلف منها أمة تحكمها حكومة منها » ويأخل في تقوية مصباح 
العلم بينها حتى ترتقي بحكم التدريج الطبيعي » وتبلغ ما أعدته لها تلك الحياة الأولى . 
ما الذي صنع محمد علي ؟ لم يستطع أن يجيي » ولكن استطاع أن يميت . کان 

قوة الجيش معه » وكان صاحب حيلة بمقتضى الفطرة » فأخل يستعين با جيش › 
ومن يستميله من الأحزاب على اعدام كل رأس من خصومه › ثم يعود بقوة الجيش 
وبحزب آخر على من كان معه أولاً وأعانه على الخصم الزائل فيمحقه » وهكذا حتى إذا 
lj Vi Cbg!‏ القوية وَجّه عنايته إلى رؤساء البيوت الرفيعة فلم يدع منها رأسآ يستتر 


Aor 





قي فسن اناد ل ee oe‏ 
Uo ecg Se‏ نحت نيد باب Gu‏ »وزاك ملع peels epg Melee‏ 
على ما بقي في البلاد من حياة في أنفس , بعض أفرادها > فلم يب في البلاد رأساً يعرف 
نفسه حتى خلعه من بدنه » أو نفاه مع بقية بلده | إلى السودان فهلك فيه . 


أخذ يرفع الأسافل ويعليهم في البلاد والقرى ‏ كأنه كان يحن لشبه فيه ورئه عن 
أصله الكريم » حتى انحط الكرام > وساد اللثام » ولم يبق في البلاد إل آلات له : 
يستعملها في جباية الأموال » وجع العساكر بأية طريقة وعلل آي وجه » فمحق بذلك 
pele aot‏ الحياة | الطيبة » من رأي وعزيمة واستقلال نفس © لِيصَير البلاد المصرية 
tina‏ اقطاعاً els‏ له ولأولاده » على أثر اقطاعات كثيرة كانت لأمراء عدة . 


ماذا صنع بعد ذلك ؟ اشرأبت نفسه OY‏ يكون ملكا غير تابع للسلطان العثاني » 
فجعل من العُدَّة لذلك أن يسعين بالأجانب من الأوروبيين » فأوسع هم في المجاملة › 
وزاد لهم في الامتياز » خا شارا عو مدره المعاهدات المنعقدة بينهم وبين الدولة العنمانية » 
SS‏ يفعل ما يشاء 
ولا يسال عا يفعل » وصغرت نفوس الأهالي بين أيدي الأجانب بقوة الحاكم ‘ ets‏ 
الأجنبي بحقوق الوطني التي حرم منها » وانقلب الوطني غريباً في داره » غير مطمئن في 
قراره » فاجتمع على سكان البلاد المصرية ذلان : ذل ضربته الحكومة الاستبدادية 
المطلقة » وذل سامهم الأجنبي إياه ليصل إلى ما يريده منهم » غير واقف عند حد » أو 
مردود إلى شريعة . 


إنه أطلع نجم العلم في سماء البلاد . نعم عني بالطب لأجل اليش » 

والكشف على المجني عليهم في بعض الأحيان . عندما يراد ايقاع الظلم بمتهم . 
وبال هندسة لأجل الري حتى يدبر مياه النيل بعض التدبير » ليستغل اقطاعه الكبير . 

هل تفر يوماً ني إصلاح اللغة ؟ عربية » أو تركية ٠‏ أرنؤدية ؟ هل تفكر في بناء 

التربية على قاعدة من الدين أو الأدب ؟ هل خطر في باله أن يجعل للأهالي رأياً في 

الحكومة في عاصمة البلاد أو أمهات الأقاليم › > هل توجهت نفسه لوضع حكومة قانونية 

منظمة يقام بها الشرع ويستقر العدل؟ لم يكن شيء من ذلك . بل كان رجال الحكومة إما 


Ack 





من الأرنؤد أو الجراكسة أو الأرمن المورلية22, أو ما أشبه هذه الأوشاب . وهم الذين 
يسميهم بعض الأحداث من أنصاره اليوم (دخلاء» » وكانوا يحكمون بما يبوون » لا 
يرجعون إلى شريعة ولا قانون » وإنما يبتغون مرضاة الأمير. صاحب الاقطاع الكبير . 

أين البيوت المصرية التى أقيمت في عهده على قواعد التربية الحسنة ؟ أين البيوت 
المصرية التي كانت لما القدم السا ادان gsc Wain dealer gf Lgl of ate Xm‏ 
كثرة ما كان في مصر من البيوت الرفيعة العاد » الثابتة الأوتاد ؟!! 

أرسل جماعة من طلاب العلم إلى أوروبا ليتعلموا فيها » فهل أطلق لهم الحرية أن 
يبثوا في البلاد ما استفادوا ؟ كلا . . ولكنه استعملهم آلات تصنع له ما يريد » وليس 
ها إرادة فيا تصنع . جد بعض الأطباء الممتازين وهم قليل ووجد بعض المهندسين 
اماه 6وا ك مر ساح O O‏ 
ولا مهندس » فاحتاجوا إلى بعض المصريين» ولم يكن أحد من الأعوان مسلطا على 
المهندس عند رسم ما يلزم له من الأعمال » ولا على الطبيب عند تركيب أجزاء العلاج › 
فظهر أثر استقلال الإرادة في الصناعة عند أولئك النفر القليل من النابغين » وكان ذلك 
ما لا تخشى عاقبته على المستبدين . 


هل كانت له مدرسة لتعليم الفنون الحربية ؟ أين هي ؟ ؟ وأين الذين نبغوا من 
طلابها ؟ فإن وجد أحد نابغ فهل هو من المصريين ؟ عدوا إن شتتم أحياء أو أمواتاً . 

جد كثير من الكتب الترجمة في فنون شتى » من التاريخ والفلسفة والأدب ‏ 
ولكن هذه الكتب أودعت في المخازن من يوم طبعت وأغلقت عليها الأبواب إلى أواخر 

عهد إسماعيل باشا ء ٠‏ فأرادت الحكومة تفريغ المخازن منها » وتخفيف ثقلها عنها , فنثرجبا 
بين الناس »> فتناول منها من تناول » وهذا يدلنا على أنها تزجمت برغبة بعض الرؤساء 
من الأوروبيين الذين أرادوا : نشر آدابهم في البلاد » لكنهم لم ينجحوا لأن حكومة محمد 
علي لم توجد في البلاد قراءة ولا منتفعين بتلك الكتب والفنون . 

كانوا يتخطفون تلامذة المدارس من الطرق, وأفناء القرى (الأفناء الناس 
المجهلون) كا يتخطفون عساكر الجيش » ؛»فهل :هذا ما تبت القوم في العلم ويرضيهم في 





(۲) نسبة إلى «الموره» بتركيا . 


ههم/ 





إرسال أولادهم إلى المدارس ؟ لا بل كان يخوفهم من المدرسة . كما كان يخيفهم من 
الحيش . 

َمل الأهالي على الؤراعة + ولكن لياخد:الغلات > ولذلك كانوا ريون من بلك 
الأطيان كما ميرب غيرهم من اهواء الأصفر والموت الأحر » وقوانين ن الحكومة لذلك 


العهد تشهد بذلك . 
سد ا هد اومان للد ا هر 
والصنعة حت يستبقوا تلك المعامل من أنفسهم ؟ وهل أوجد أساتذة يحفظون علوم 


ل لل SS‏ ا 
المصريين العمل والصنعة بتسخيرهم في العمل ء والاستبداد بثمرته » فكانوا يتريصون 
يوماً لا يعاقبون فيه على هجر المعمل والمصنع لينصرفوا عنه ساخطين عليه » لاعنين 


يقولون : إنه أنشا جيشاً كبيرأً فتح به امالك ودوخ به الملوك » Listy‏ اسل 
La‏ تثقل به ظهور البحار » وتفتخر به مصر على سائر الأمصار , فهل عَلّم المصريين 
حب التجند؟ وأنشأ فيهم الرغبة في الفتح والغلب؟ وحبب E‏ 
وعلمهم الافتخار بها ؟ لا . . بل عَلْمهم ا حروب ل ل 
ينوحوا عليهم معتقدين al‏ يساقون إلى الموت بعد أن كانوا ينتظمون في أحزاب الأمراء 
ويحاربون ولا يبالون بالموت أيام حكم الماليك » وكان من ينتظم في الجندية على عهد 
ل ل ل ل ا 
وهل خخطر ببال أحد منهم أن يضيف ذلك إليه بأن يقول هذا جيشي وأسطولي , أو جيش 
بلدي أو أسطوله ؟ كلا . . لم يكن شيء من ذلك » فقد كان المصري يعد ذلك اليش 
nl aly‏ فبي قوة خصمه » كذلك كان بعدها كل عثان في مصر أي 
غير مصر . ليقل لنا لي oo ee‏ 
رتب الجندية إلى رتبة البكباشي على الأقل ؟ فا أثر ذلك في حياة مصر والمصريين ! لآ Cat‏ 
الأثر - أثر كله شر في شرر- » لذلك لم تلبث تلك القوة أن تمدمت واندثرت . 


ظهر الأثر العظيم عندما جاء الانكليز لإحماد ثورة عرابي » دخل الانكليز مصر 


كهم/ 





بأسهل ما يدخل به دامر(" على قوم » ثم استقروا ولم توجد في البلاد نخوة في رأس 
تثبت هم أن في البلاد من يحامي عن استقلالها , وهو ضد ما رأيناه عند دخول 
الفرنساويين إلى مصر » وببذا رأينا الفرق بين الحياة الأولى والموت الأخبر» وجَهلَهُ 
الأحدّاث فهم يسألون أنفسهم عنه ولا بهتدون إليه . 1 


لا يستحي بعض الأحداث من أن يقول : أن محمد على جعل من جدران سلطانه 
wie lal OES OEE Na‏ عن دن لصيل 6 دين 
الكرباح ؟ دين من لا دين له إلا ما يبواه ويريده ؟! . وإلا فليقل لنا أحد من الناس أي 
عمل من أعاله ظهرت فيه رائحة للدين الإسلامي الجليل ؟ لا يذكرون إلا مسألة 
الوهابية2؟», وأهل الدين يعلمون أن الاغارة فيها كانت على الدين لا للدين . نعم . 
إن الوهابية عَلَوا في بعض المسائل غلواً أنكره عليهم سائر المسلمين » eT‏ 
ينهم هذا ولا سفك دماءهم لارجاعهم. إلى الاعتدال » وإنما كانت مسألة سياسية 
محضة » تبعها جراءة محمد على على سلطانه العثاني . وكان معه ما كان تما هو معروف . 


نعم أخذ ما كان للمساجد من الرزق وأبدها بشيء من النقد يسمى «فائض 
رزنامة» لا يساوي جا من CUM‏ ن ار اها وأحذ من أوقاف الجامع الأزهر مالو 
بقي له اليوم لكانت غلته لا تقل عن نصف مليون جنيه في السنة » وقرر له بدل ذلك ما 
يساوي نحو أربعة آلاف جنيه في السنة( . 


(۳) الدامر : هو الداخل بلا إذن » والهاجم هجوم الشر . 

(5) الإشارة إلى حملة محمد علي ضد الحركة الوهابية في الحجاز وتحطيم عاصمتهم والدرعية) سنة 
ام » والوهابيون كانوا 3 البدء حركة إصلاح ee‏ سلفية تسب إلى محمد بن عبد الوهاب 
(المتوفي سنة 11/47م) » كما كانت معادية للأتراك العثانيين . 

(0) لقد كان للظرف التاريخي الذي كتب فيه الأستاذ الإمام تقييمه هذا لحكم محمد علي ١‏ أثر كبير في 
هذه الأحكام . . فهو قل كتبه في فترة ساءت فيها علاقاته بالنديو عباس حلمي » وتوثقت 
بكرومر » معتمد بريطانيا بمصر » ولذلك أبصر من محمد على وتجربته جانباً واحداً في أغلب 
الأحيان » وإن يكن قد أجاد التعبير عن آثار إهمال محمد على للإنسان والحريات . . والأستاذ 
الإمام في هذا التقييم يختلف مع أستاذه جمال الدين الأفغاني في الحكم على محمد علي والإنجازات 
gl‏ شهدتها مصر في عصره . انظر (الأعبال الكاملة لجال الدين الأفغاني » مع دراسة عن حياته 
وآثاره) ص 557 وما بعدها . طبعة القاهرة سئنة 1974م . 





وقصارى أمره في الدين انه كان يستميل بعض العلماء بالخلّع » أو إنجلاسهم على 
الموائد » لينفي من يريد منهم إذا اقتضت الخال ذلك . وأفاضل العلماء كانوا عليه في 
سخط ماتوا عليه . 

ولا أظن أن احداً یرتاب بعد عرض تاريخ «محمد de «fe‏ بصيرته أن هذا 
الرجل كان تاجراً زارعاً ٠‏ وجندياً باسلاً » ومستبداً ماهراً » لكنه كان لمصر قاهراً » 
ولحياتها الحقيقية معدماً ¢ وكل ما نراه الآن فيها مما يسمى حياة فهو من أثر غيره متعنا 
الله ببخيره وحمانا من شره والسلام . 


عاد عاد ياد 
ae ok oe‏ 


اليك 

(een‏ ا ماليك a‏ ليد 
إن الجرائم eisai ee aa! cl ie lg‏ 
فلقد كان من الأمور العادية أن يقف الواحد منهم 3 حل ببع الأسلحة وجرت مضاء 


سيفه في المارة بقطع أعناقهم أو ضربهم في وسطهم وشطرهم نصفين ؟! 


(5) مذكرات «بلنت» في YY‏ ديسمير سنة 1٠19م‏ (كوكب الشرق) في 6 ديسمبر سنة ۱۹۳۲م) 


48م 





أمراء مصر والعروبة 


ذكر لي الأمير محمد إبراهيم(2. أن الأمير محمد علي شقيق الخديو دخل عليه Bye‏ 
في مكتبه فألفاه مكباً على المطالعة والكتابة » فسأله عما يشتغل به ؛ قال : فأجبته : 
أشتغل بالأدبيات العربية » وأحب أن أتأدب بها وأتقنها . قال : وهل أنت عربي ؟! 
فقلت له : أخبرني أبها البرنس » هل الترك يعدوننا منهم ؟ قال : لا . قلت : هل 
الإفرنج يعدوننا منهم ؟ قال : لا . قلت : فهل الشرف لنا أن نكون أمراء لا شعب لنا 
ولا أمة ؟ قال : لا . قلت : إذن يجب أن نكون من جنس شعبنا » نحن أمراء في 
مصر . والمصريون عرب » فيجب أن نكون عرباً مصريين . 


ae oe ok 


* إن الخديوي جشع . يعمل كل شيء في سبيل جمع المال » وهو يريد أن يستبدل 
ببعض ما يملك أطياناً وعقاراً كلها وقف . . . وهو ينم في ظاهره عن صداقته › ولكنه 
يعمل في الباطن لإقصائي عن وظيفة الإفتاء . 





. وكان صديقاً للأستاذ الإمام‎ )١( 
يونيو سنة‎ ١١ في‎ ٠٠١ مذکرات «بلئت» نوفمير سنة ۱۹۰۳م . انظر يجلة (الرسالة) عدد‎ )۲( 
: 4م‎ 


۸٥۹ 





# إن (رجلنا الصغير) «الخديوي) منهمك الآن d‏ الأعمال المالية Aisles‏ > إلى 
حد أن كرومر خيره بين Gate fl of‏ ارما وين أن يكون تاجراً خترفاً . وهذا حق . 
وخصوصاً أن بعض أفراد أسرة محمد علي يحبون Ole Le Jul‏ 

* إن الخديوي عباس حلمي على علاقة سيئة مع السلطان » ولقد قوبل في 
الآستانة هذا الصيف مقابلة فاترة » ولقد امتنع السلطان عبد الحميد أولاً عن مقابلته إلى 
أ أو له ةا بألا يفاتحه في مشكلة جزيرة «طشيوز» . 

والمسألة هي أن الجزيرة ملك للخديوي باليراث » ولكنها من أملاك الدولة 
العلية » والخديوي عندما فرض على سكانها الضرائب بعشوا بشكايتهم إلى الحضرة 
السلطانية فأرسلت الحضرة الجنود ليقيموا فيها استناداً إلى تلك الشكايات » أما 
الخديوي فهو يريد أن تخلى الجزيرة من الخامية العسكرية » ولكن رجال المابين لم يصغوا 
Pax fai‏ . 

#٭ إن الخديوي الآن تحت تأثير سيدة مجرية هي حظيته › ولقد كانت معه في 
حادث العربة التي وقعت هيا اشيا وهما عائدان من «الدار البيضاء») في طريق السويس» 
إذ نشبت عجلات العربة في الرمال .. وكان جزاء الخفراء الذين توانوا عن تقديم 
المساعدة المحاكمة والحبس مع الشخل مدة أسبوع » وقد رفع ذلك الحادث إلى دار 
الوكالة البريطانية » وقامت سببه مشاحنات حادة بين (العميد) وبين الخدیو ي(“ 





(4) المصدر السابق ‏ مارس سلة ١1م‏ . 
)0( المصدر السابق ‏ مارس سنة ۸۹۱م . والعميد هو عميد الإحتلال البريطاني 6 لورد كرومر . 


.كم 





كنا نسمع عنكم في وقت الحرب ما جعلنا نسميكم شياطين الحرب » وقد 
شاهدت الآن من أعمالكم الجليلة وآثار العمران التي تمت بأيديكم في السودان ما يسوغ 
لي أن أسميكم ملائكة السلام . لا يشك مطلع على هذا الرقي الذي أراه في السودان في 
أن العامل منكم يقوم من العمل في السودان بما لا يقوم به أربعة في مصر ١‏ ولو قيل لي 
هذا الكلام وأنا في مصر ما صدقت . 


لقد قمتم أبها الضباط بالأعمال التي عهدت إليكم في السودان أحسن قيام » وإن 
ما شاهدته من آثار المدنية التي تمت بأيديكم ليجعلني » مع شدة ميل إلى النظام 
والدستور . أتمنى أن تكون الحكومة المصرية حكومة عسكرية . لينالها من التقدم على 
أيديكم ما ناله السودان . 


اليسرى للنيل الأزرق » والتقى بالضباط وخطب فيهم في يوم الخميس ۲١‏ يناير سنة 
6م ea‏ وهذه كليات من خخطابه "عندما استضافوه هناك . 


ANN 


Converted by Tiff Combine 








حديث عن الدولة العثائية(') 


الشيخ رشيد : ... من الناس من يعتقد أن الدولة [العثانية] على شفا جرف 
هار , لا مال ولا رجال ولا سلاح » وانتهت بهم أفكارهم هذه إلى آنا لا تقدر على 
محاربة اليونان . . . ثم إن من الناس من اعتقد بعد هذه الحرب أن الدولة العثمانية من 
أقوى الدول أو أقواهن › وأنها تقدر على تدويخ أي دولة أوروبية ... فا رأي مولانا في 
الدولة ؟ 

الأستاذ الإمام : هذان جهلان يتناطحان . . . وإني رايت ak‏ | ن Sy pall‏ 
يعتقدون وصول الدولة إلى هذه الدركة من الضعف › وأنها لم تكن تقدر على مقاومة 
اليونان > وعند إعلان الحرب صرح أمامي بعضهم بأن اليونان تنتصر على الدولة , 
فخطاته . وقال : إن الدولة لا مال عندها ولا 00 » فقلت له : وما أدراك أن اليونان 
عندما المال والضباط ؟ أنا re‏ اليونان » إهم أ جبن الشعوب وأفقرهم › ولوأن 
الدولة قالت لأتراك أو «الأناضول» أو «للأرتأوط : قد أذنت لكم أن تأكلوا 
اليونان » لما كان اليونان إل أكلة واحدة لحم » ولقتلوهم بالعصي » ولم تحتج الدولة إلى 
عسکر ولا سلاح . 

إن الحرب أعلنت يوم الأربعاء » فيا أظن » وكان في عزمي السفر إلى الشام 


)١(‏ ذكر الأستاذ الإمام رأيه هذا في الدولة العثمانية جواباً عن سؤال الشيخ رشيد رضا له حول هذا 
الأمر » وذلك بممنزل الأستاذ الإمام يوم الجمعة ۲۹ رجب سنة ٠۳١٠١‏ ه . سنة 1۸۹۷م . 


ANY 





لتغيير ال هواء » لأني كنت موعوكاً » فجثت الاسكندرية اعتقاداً مني أنه لا يأتي يوم 
الفلاثاء - (موعد سفر الباحرة الخديوية إلى سوريا)- إلا وتكون الحرب قد 
انت ...© 

إن 0 من وجهاء المصربين يكرهون الدولة العثائية ويذمونها (وإن كان أكزهم 
يحبها) . وأنا أيضا أكره أعمال السلطان . فإن جبنه الخالع وهؤلاء المشايخ الذين قربهم 
وسلطهم › ولا سيها الشيخ أبي الحدى فإن شأنه ee bry‏ كذا MSs‏ 

لكن .. لا يوجد مسلم يريد بالدولة سوءاً » فإنها سياج في الجحملة » وإذا 
سقطت نبقى نحن المسلمين كاليهرد » بل أقل من اليهود » فإن اليهود عندهم شيء 
يخافون عليه ويحفظون به مصالحهم وجامعتهم » وهو المال » ونحن لم يبق عندنا شيء › 
فقدنا كل شيء . 

إن الدولة لديها رجال نبهاء درسوا وعرفوا كل شيء , ولكنهم أصيبوا بداء 
ll‏ ( فهم يائسون من كل خير وإصلاح » وهذا الداء قتال » وصاحبه هدم ولا 
يبني » لا ينظر إلا إلى مصلحة شخصه د old CaS)‏ ؟ وإن سالة أوزويا كانت 
شراً من حالتنا في الجهل ومقاومة العلم ؟! 

وأما أنا فإني في يأس تام من طبقة الأمراء والحكام » لا يرجى منهم خير . 
أما طمع الشيخ «أبي الهدى» في الخلافة ... فإنه لا يرجى نجاحه » لأن مقصده 
شخصي » ووسائله شرور»ء ولا تا تنجح الأعمال إلا إذا كانت مبنية على مقاصد الخير 
واملصلحة العامة » EE ey‏ 
ا e‏ 


(۲) هي حرب سنة ۱۸۹۷م . ويذكر الشيخ رشيد أن الأستاذ الإمام قد تبسم عند هذا الموضع من 
حديثه , 

(۳) م يسجل الشيخ رشيد كلمات الأستاذ الإمام في هذا المقام واكتفى بقوله : أنه «ذكر ما نعلم من 
إفسادهم » وإستعانتهم عليه بجبن السلطان ووسواسه» . 

)٤(‏ يذكر الشيخ رشيد عن رأي الأستاذ الإمام في حاولة السلطان عبد الحميد إحياء رسوم «الخلافة» 
كي يخيف بها أوروبا فيقول إن الأستاذ الإمام كان يرى في هذا Shee gd!‏ ولا يرجى منه Gol‏ 
فائدة للمسلمين لجهل السلطان وجهل رجاله بمعنى الخلافة وبالوسائل التِى يمكن مها إحياء منصبها 
والإنتفاع به . ولكنه [الأستاذ الإمام] كان يرى السكوت عنه وعنهم . وأن مشايعتهم غش 
للمسلمين وجناية على الإسلام . ومقاومتهم فتنة وتفريق بين المسلمين» . 


ANE 





aT ll الإمام هو‎ 


إن المسلمين ليس م اليوم إمام إلا Ly COLA‏ الكلام في الإمامة مثار فتنة 
ott‏ ضره ولا يرجى نفعه الآن . 


)١(‏ عندما عرض الشيخ رشيد رضا على الأستاذ الإمام إفتتاحية العدد الأول من مجلة «المنار» (شوال 
سنة 1715 ه) وكان الشيخ رشيد قد جعل من بين مقاصد المنار «تعريف الأمة بحقوق الإمام , 
والإمام بحقوق الأمة» إعترض الأستاذ الإمام » وذكر هذه العبارة » واقترح حذف هذا المقصد 
من مقاصد «النار» فحذفه الشيخ رشید . 


Ao 


Converted by Tiff Combine 








الإصلاح الديني . . والخلافة 


OLS eke Le gly‏ السياسي الإسلامي ليس مرد الإصلاحات › وإغا 
الإصلاح الديني الصحيح . ۰ 

أما الخلافة فلا بد من إعادة إقامتها على أساس روحي أكبر . إن المارسة الشرعية 
لساطة الخلافة تتيح حافزاً للتقدم الثقافي . وإن قليلين بمن حملوا لقب الخليفة على مدى 
قرون كانوا يستحقون القيادة الروحية للمؤمنين . فبيت آل عثمان لم يعن بالدين طوال 
ge‏ سنة » ولم يعد يطالب بأي ولاء خارج حق السيف . وقد كانوا وما يزالون أقوى 
أمراء المسلمين » وأقدرهم على خدمة الصالح العام » ولكن ما لم يتحمسوا لأخذ 
وضعهم بجدية فسوف يسعى الناس شرعاً إلى أمير مؤمنين جديد . ولا شك أن الأمر 
يتطلب أساساً سياسياً جديداً على وجه الاستعجال » من أجل الحاجات الروحية 
للمسلمين)» . 





)١(‏ أفكار للأستاذ الإمام صاغها بلنت في كتابه [مستقبل اللإسلام] » الذي نشره أواحر سنة 
١6م‏ / 


ANY 


Converted by Tiff Combine 








العرب والترك , 


وُجَدَ رجل «مستشرق بريطاني”"؟ أحب العرب وساح في بلادهم وأختبر حاهم » 
فظهر له أن أخلاقهم في بلاد «نجد) شريفة لم تفسد » واستعدادهم عظيم » فتوجهت 
رغبته إلى السعي لمساعدتهم على تأليف دولة عزيزة تجدد الحضارة العربية » وأراد جمع 
المال الذي يمهد السبيل ويببىء الوسائل لذلك . 

واستشارني في هذا الأمر » فقلت له : إن العرب أهل ذلك . ولكن الترك لا 
يمكنونهم منه » وعندهم من القوة العسكرية المنظمة ما ليس عندهم , فإذا شعروا بذلك 
أو رأوا بوادره قاتلوهم, حتى إذا وهنت قوة الفريقين وثبت دول أوروبا الواقفة له) 
بالمرصاد » فاستولوا على الفريقين أو على أضعفهماء وهذان الشعبان هما أقرى شعوب 
الإسلام » فتكون العاقبة إضعاف الإسلام وقطع الطريق على حياته . فقنع الرجل 
وتركل ما كان عزم عليه من السعي . 

إن" السر ني غضب السلطان عبد الحميد من نشاط القس الانجليزي اسحاق 
تيلور في الدعوة لتوحيد الأديان » وموافقتي وميرزا باقر وعلماء دمشق له » ومراسلتنا 


, هو المفكر السياسى الريطاني مستر وبلنت)‎ )١( 
يونيو سنة‎ ٠١ في‎ ١٠١ إبريل سنة ١٠۱۹م . انظر مجلة (الرسالة) عدد‎ ١۳  »تنلب« (؟) مذكرات‎ 
. م . ترحمة محمد أمين حسولة‎ 


ANA 





إياه » أنه حشي أن يعتنق الانجليز الإسلام » ثم يطلبوا أن يكونوا أصحاب الدولة في 
الإسلام وتكون الملكة فيكتوريا ملكة المسلمين .. . ويذهب السلطان من 
السلطان . . . وسبحان مدبر العقول ؟؟!!. . 


ANY * 





استيداد السلطان عبد الحميلة؛؟) 


إن أخوف ما أخافه من استبداد عبد الحميد وظلمه هو : إفساده لأخلاق 
العثمانيين لا لإدارمهم » فإن إصلاح الإدارة من بعده يسهل إذا كانت الأخلاق صالحة » 
ولا يحتاج إلى زمن طويل إذا كانت الأخلاق سليمة » ومتى فسدت الأخلاق فإن 
إصلاحها لا يسهل إلا بعشرات من السنين , كما جربنا في أنفسنا . . فإن إسماعيل باشا 
أفسد الإدارة وأفسد الأحلاق » فل| وجدنا ريح الحرية » وأردنا أن ننيض بالإصلاح 
كان فساد الأخلاق هو الذي عاقنا لا فساد الإدارة » ولولا ذلك لكانت هذه المدة الي 
أبيح لنا فيها ما نشاء من التربية والتعليم والكتابة والخطابة والاجتماع كافية لأن نرتقي 
فيها ونكون أمة0© . 


إن السلطان عبد الحميد هو أكبر مجرم سفاك في هذا العصر . . ؟! 





)٤(‏ قول الشيخ رشيد رضا : إن الأستاذ الإمام قد حدثه ذه الكلمات » انظر (المنار) مجلد ١1“‏ ج 
۸ ص ٥۹٩‏ (آخر شعہان سنة ۱۳۲۸ هھ ۳ سبتمير سنة ١151م)‏ , 

(5) هذا الوصف من مذكرات «بلنت» ‏ مارس سئة 18941١‏ . انظر مجلة (الرسالة) عدد ٠٠۹‏ في ه 
يوليو سلة 1974م ترجمة محمد أمين حسونة . 


AV \ 


Converted by Tiff Combine 








إلى السلطان عبد الحميد١)‏ 


أرفع إلى مولاي أن عبده المخلص أحمد شفيق oth‏ سكرتير الجناب الخديوي 
أبلغني أن الإرادة السنية أصدرت إلى محافظ العاصمة بأن يكف عما كان تشبث به من 
طلبي إلى دائرته بصفة رسمية » لغير سبب أعرفه » كا أنه أبلغني أيضاً أن السبب في 


قد كان » هو ورود تقاریر في شأني . وتما فيها : أن شخصاً مسيحياً قصيراً ذا لحية يضع 





(5) في "١‏ يوليو سنة 11٠١‏ م وصل الأستاذ الإمام إلى الآستانة » وكانت قد سبقته إليها وشايات 
خصومه به إلى السلطان . وإجتهدت السلطات العثانية في القبض عليه وإهانته » وكان الإمام 
يحمل توصية من اللورد كرومر إلى سفير إنجلترا لدى الدولة العثمانية بالتدخل لإنقاذه إذا ما تعرض 
لسوء . . وكانت الحجة الظاهرة للسلطات العثيانية أن الإمام يرافق في تنقلاته هناك «زكي مغامز» 
مراسل المؤيد » وصاحب العلاقات القوية بأصحاب «المقطم» بمصر . وهو الرجل الذي إدعى 
دخوله الإسلام , ثم عاد لمسيحيته . . ولقد نصح أحمد شفيق باشا ‏ وكان بالآستانة يومئذ ‏ الإمام 
بعدم إستخدام توصية كرومر إلا بعد استنفاد كل الوسائل الممكنة الأخرى . . ونجح أحمد شفيق 
في توصيل رأيه إلى السلطان حيث ضمن تقريره إليه أن إهانة الأستاذ الإمام ستغضب مصر كلها 
بما فيها الخديو عباس . . وانتهت الأزمة بطلب السلطان إلى الإمام بواسطة أحمد شفيق , أن لا 
يطيل مدة إقامته بالآستانة ؟!.. وقبل أن يغادر الإمام عاصمة الدولة العثيانية إستجاب لطلب 
أحمد شفيق باشا في كتابة هذه العريضة ورفعها إلى السلطان عبد الحميد . . ويقول أحمد شفيق 
باشا : إن الإمام بعد أن سافر إلى جنيف جاءت التقارير بعودته لمهاحمة السلطان والإتصال بالطلبة 
oy pall‏ هناك وبلبيب بك البتانوني وأيضا توزيع نشرات ضد السلطان في مصر . انظر : أحمد 
شفيق باشا (مذكراتي في نصف قرن) ج ۲ ص ۳۸۲-۳۷۷ طبعة القاهرة . الأولى » سنة 
15م : 


AVY 





نظارات عل عينيه يلازمني من يوم SL At‏ الآستانة مع أن له علاقة ببطريرك 
الكاثوليك في سوريا . وهذا البطريرك علاقة بأصحاب جريدة المقطم . أما الإرادة 
te‏ فقد جبرت قلا كسيرً » وكشفت همأ كثيراً٠‏ وأزالت منكراً | كبيرأ » فهي نعمة 
أشكرها ولا أكفرها » وليس في وسع قلبي أن يقدرها قدرها . 

وأما ole‏ السبب فمرحمة أخرى أضيفت إلى أختها » ومثل الخليفة جدير بأن 
شمن اة واه ف تما كن عدر ل استصحاب ليجل الذي رسف | 
هو أني أعرفه مكاتب dy « ol‏ أر في رسائله ما يخالف 0 0 للذات 


الشاهانية 6 وبيله وبين بين أرباب 0 عداوة > حق J!‏ كنت أعتقد أنه مسلم ول 
أعرف أنه مسيحي وله بطريرك إلا أ مس .2 ولهذا كنت أستصحبه في زياراتي ليدلني على 
الأماكن التي لا أعرفها . 


ولا ريب أنه قد بلغ علم مولاي المعظم gil‏ لم أزر إلا سياحة 5 شيخ الإسلام , 
ية حى لا ينفى عل ذكاءأير الزمين ء التي عم ذياا ترك أو الاناع بلعم . 
دأدجو أن يكرن عذري في استصحاب الرجل مقا » ومع ذلك فهرلا يصحيني أب 
منذ اليوم 

ثم أنتهز هذه الفرصة لأبث لمولاي ما يختلج بخاطري الكليل : إني جعت إلى 
الآستانة العلية لأشهد عظمة الإسلام » وأقوى ما ضعف مني برؤية مظاهر قوته في مركز 
لمحن كوا سرس ها لج 
ل ل ا لا وأكبروا , لا 
يسمعونه من إشاعات أهل الفساد , ولكن ثقتي من نفسي بالولاء وصفاء الإخللاص 
eT‏ مير المؤمنين » بددت عن نظري كل ريبة » وجئت تحت حماية المدق 
والإخلاص 

0000003 
كا يلمع أحيانا في خاطري هو أن نور بصيرة مولانا الخليفة يمتد إلى باطن ما أ ale‏ 
فيحيط بأن شخصاً مجرباً لا تمر عليه الحوادث وهو نائم عنها مثل هذا العبد المخلص > 
يمكنه أن يقوم بخدمة جليلة صادقة لشخص الخليفة وذاته الرفيعة . 

إن صدق نظري في حالة الفارين من الأشقياء إلى مصر . قد يمكنني من أن أقول 


AVE 





في شا نهم ما لا يقوله غيري » وخبرتي بحالة الجرائد المصرية » وانطلاق ألسنتها يما لا 
00 العالي » والغايات التي ترمي إليها تلك الحالة الرديئة › التي لم يستطع أحد 
علاجها » قد تسهل لي من أحكام الرأي فيها ما لا يسهل لغيري . 

a oly bs‏ ن ان و را ا و ر 
الألسنة فيها » قد يكون لي من الرأي فيه ما يسر مولانا أمير المؤمنين . غر ای لست فن 
يندفع لرغبة أو رهبة » ولا من يسعى لإظهار ما في نفسه إلا على حسب ما تقتضيه 
المناسبات » فكان يمر بخاطري أن أرباب المفاسد أنفسهم يحولون بيني وبين خدم كان 
يمكنني ٠‏ بتوفيق الله ومدد رسرله ل > أن أقوم مها للذات الشاهانية خاصة دون 
سواها » لكن ذلك ما قد كان . 

والآن طابت نفسي › وقنعت بالرضا العالي » وأصبت من الحظ ما جثت له » 
وشهدت من المشاهد ال جليلة ما أتيت لأجله والحمد لله » ولم يبق عل إلآ أن أتقدم إلى 
الكرم الملوكان » واستمنحه الإذن لي بالسفر > فإني في أشد الحاجة إليه » ولا ريب 
عندي في أن مولانا يمن علي بإذنه الكريم في مبارجة الآستانة في وقت قريب le ٠‏ لا 
أزال شاكر Leal‏ تعدا cased‏ < أيك الله دولته وقوى شوكته . والأمر لمن له ولاية 
Oe‏ 

التوقيع : مفتي الديار المصرية : «محمد عبده 7*١‏ پوليو سنة ٠١-۱۹۰۱‏ ربيع 
الآخر سنة 1819 . 


(۷) جاء إذن السلطان للأستاذ الومام بالسفر في ٤‏ اغسطس » وغادر الآستانة في يوم ه اغسطس . 
أي أنه قد مكلك هناك لحوا من خمسة عشر يوماً فيا يشبه الاعتقال:؟! : 


AYO 


Converted by Tiff Combine 








رسالة إلى الشيخ رشيد رضالة) 


لم fre‏ إلى كتابك إلا هذا اليوم » ١8‏ أغسطس” 6 وذلك ببركة الآستانة 
العلية ‏ الشيخ إساعيل(١2‏ قابلني في آخر يوم كان لي بالآستانة » وصحبني من البيت 
إلى الكبري » ثم أمرته بمفارقتي » وسافرت بعد ساعتين » أعطيته ورقة زيارة لنجل أحمد 
عزت بك ولا أدري هل يساعده أو يواعده . 

لا يمكن لشخص مستقيم السيرة أن يجد عمل أو يصيب خيراً في الآستانة. وعلى 
كل ذي دين أن يفر منها بدينه وببقية نفسه . 

تعلمت في الآستانة ما لم يكن ليُعلْمَ إلا بالمشاهدة » وستسمع منه ما يمكن التعبير 
Ul els oO] eli tre ae‏ مال , 

بودي لو يشترك الشيخ «إسماعيل) في عمل «المثار» » أحدك| يكتب والآحر يسافر 
ويدعو إلى الاشتراك ويجمع القيمة وهكذا . ولا أدري هل يوافقك ذلك ؟ 


(۸) بعث به الأستاذ الإمام وهو في رحلته بأوروبا بعد مغادرته «الآستانة» . 

. من سنة ۱۹۰۱م‎ )٩( 

)٠١(‏ هو الشيخ إساعيل الحافظ الطرابلسي » صديق الشيخ رشيد رضا» ومن تلامذة الأستاذ 
الإمام » وكان يبغي العمل في سلك القضاء الشرعي بالآستانة . 


AVY 





ما ذكرت عن «الحموي)0١)‏ ليس ببعيد عن أخلاق مثله ممن ينسون أنفسهم متى 
عار وزر لقب من الألقاب » e e‏ > ولا 


كنت للشو 0 .لم أر إلى الآن شيئاً نما كتب 
في «المقطم» . ولكن رأ يت جملة في محليات «المؤيد» رداً عليه لا بأس بها وعرفت cy gl‏ 
قلمك ٠‏ فإن كانت التي تذكر فهذا و 
Le bat of Col ls‏ قال «المقطم» وإن أمكن أن Up alas‏ فأعطه «لحمودة»" , 


SS sy 
الآستانة إلخ .... . كا بلغتي آن ذلك أشيع عندكم ...ولا آسف غل شيء أشد نما آسف‎ 
على جهل قومي بأن السلطان لا يستطيع حبسي لو أراده » وهو يعلم عجزه عن ذلك‎ 
. حق العلم » ولذلك أسباب لا أحب ذكرها الآن‎ 

قال «المويلحي» لأحد أصحابي هنا هنا أنك وصاحب «الرائد) تصبان على العلماء 
SS‏ 
الصواب أن أكتب إليك لتكف عن ذلك » وأنت تعلم أنني لم أر شيئا ما كتبت ولا بما 
SS‏ 


أكتب مقدمة (أسرار البلاغة) » وأنك الذي سعيت بطبعه » وأنك كتبت عليه ما 
كتبت في الهامش ٠‏ واذكر أنني قرأته وأصلحت ما في المطبوع من خطأ بقدر.الامكان , 
وأنه لا يوجد من خطأ غير مصلح إلا موضع أو موضعان ليسا من الاعتبار في شيء . وإن 
شعت تركت هذا التنبيه الأخير . من رأبي أن لا ينشر الكتاب ولا ينتهي طبع الخطأ 
والصراب عه أو على الأقل بعد الانتهاء من دراسة هذا العام في 
شعبان . أكتب المقدمة وأبقها إلى أن أحضر في آخر الشهر الآتي إن شاء اللّه . 


)\\( هو سليم باشا الحموي 2 صاحب جريدة (الفلاح) وأحد عملاء السلطان عبد الحميد . 

. علي يوسف . صاحب (لمؤيد)‎ )١١ 

ols (VY)‏ المقطم قد نشر هجوماً على حدليث الأستادذ الإمام مع شيخ الإسلام في الآستانة ‘ بدعوى أنه 
قد هاجم رجال الدين J‏ مصر . وحمودة المشار إليه هنا هو شقيق الأستاذ الإمام , 


AYA 





أنا أشتغل الآن ببعض ما كتب الإفرنج على الإسلام ) وبما وقف عليه الإفرنج 


أن ينتهي الرقيم 2 والسلام ١‏ 


۸4۹ 


Converted by Tiff Combine 








حوار بين 
الأستاذ الإمام وشيخ الإسلام بالا ستانة9) 


قال (المفتي) : بمناسبة كلام مع الشيخ (وهو الكلام في المحاكم غير الشرعية) - إل 
كان للمسلمين شكوى هما يرونه ماساً بشريعتهم فأجدر بهم أن يشتكوا من أنفسهم لا 
بمن يعتدي عليهم . 


(الشيخ) : لا ريب في CUS‏ فإن حياة كل أمة تقوم باستعدادها لكل زمان بما 
يناسبه » ومن غالب الزمان غلبه الزمان 6 ولكنا نؤمل أن تتغير الخال ويتنبه المسلمون لا 
فاتهم فيحصلوه » وذلك لا يكون إلا بهمة علمائهم » وحملة شريعتهم ٠‏ 


(المفتي) : نعم ذلك لا يكون إل مهمة علمائهم . ولكن العلماء في انصراف تام 
عن شئون العامة » وقد تركوا أهم تلك الشكون إلى الحكام » ووكلوا بعضها إلى العامة 
أنفسهم » وجعلوا نصح العامة والخاصة أو الاشتغال بما ببىء لذلك من العمل مما لا 
يعني » ول تبق لأحد منهم علاقات مع العامة » اللهم إلا أولفك القصاص الذين 





Sor (V8)‏ هذا الحوار في زيارة الإمام لمشيخة الإسلام بالآستانة » وحضره الشيخ علي يوسف ونشره 
«بالمؤيد» > والحديث هنا عن المحاكم الأهلية بمصر » ودور علماء الدين . وكلمة (المفتي) تعني 
الأستاذ الإمام . وكلمة (الشيخ) تعني شيخ إسلام Slay GLY‏ الدين أفندي» » ولقد نشر 
الشيخ علي پوسف هذا ا حوار ضمن وصفة لهذا اللقاء «المؤيد» ف ۰ پوليو سنة ۱۹۱۰م Va)‏ 
ربيع الثاني سنة ٠۳١۹‏ ه) . ودارت معركة صحفية في مصر حول رأي الأستاذ الإمام هذا في 
علاء الدين . 


AA\ 





يسمونهم وعاظا أو مدرسي مساجد » وما هم من علم الدين وشئون العامة على شيء › 
وهم يفسدون أكثر نما يصلحون . 


(الشيخ) : لا شك أن أغلب المشتغلين بعلوم الدين تنقصهم الخبرة بأحوال 
الناس ويفوتهم العلم بما عليه أهل العصر » ولو خبروا الزمان eM daly‏ أن يحموا 
شرعهم » ویعلوا شان «mgs jal‏ > مع أن العالم لا يكون عالماً حتى يكون مع علمه 
عارفاً » والعارف هو الذي يمكنه أن يوفق بين الشرع وبين ما ينفع الناس في كل زمان 
ببحسبه » ومن كان بارعاً في العلوم الدينية ولكن لا يعرف حال أهل عصره . ولا يراقب 
أحكام زمانه » فلا يسمى عالاً ولكنه يسمى «متفنناً» » أعني أنه يعرف فن النحو أو فن 
الفقه » أو ما ما أشبه ذلك » ولا يسمى عالاً على الحقيقة حتى يظهر أثر علمه في قومه » ولا 
يظهر ذلك الأثر إلا بعد علمه بأحوالهم وإدراكه لحاجاتهم . 


(gill‏ :ما تقوله ساحتکم هو المعروف عند الأولين من علائنا . وقد جاء في 
كثير من كتب السادة المالكية تعريف العالم بأنه «العاكف على شأنه » البصير بأهل 
وهو تعريف للعالم بالغاية من علمه » والعكوف على الشأن أن لا يضيع العالم زمنه إلا 
في يفيده ويفيد العامة » لأن هذا هو شأن العالم الذي ينبغي أن يعكف عليه . ولذلك 
اتبعه بالوصف الآخر وهو البصير بأهل الزمان . لأن البصر بأهل الزمان إنما يدخل في 
الغاية من العلم , لأنه وسيلة للتمكن من العمل به في أهل ذلك الزمان . وكأن صاحب 
هذا التعريف يقول: من فرط في شيء من زمنه ولم يستعمله فيا من - شأنه أن يستعمله 
فيه » أو أساء استعماله بسبب جهله بأحوال هذا الزمان , ily YU Stall Ay gad‏ 
كيف يقع » ولا يعرف هل يصفع عليه أو يخضَع له ويمْشْع » ومن كان كذلك فهو خارج 
عن مفوم العالم لا ينطبق عليه تعريفه » وغاية ما يمكن أن يصل إليه إن عرف شيئا من 
العلم أن يسمى «حافظاأ» له . 

(الشيخ) : نعم إن نما يؤسف عليه الأسف العظيم أن من كان من علماء المسلمين 
على شيء من العلم فإنما يعد في الحقيقة «متفننأ» » ولا ر يصح أن يطلق عليه اسم العالم . 
وبذلك بقيت الشريعة مدفونة في الكتب » وحرمت أرواح أهلها من التمتع بآدابها ‏ ثم 
تيس قال gil ly ٠‏ همال antl ntl any‏ ی قزرت العامة ر ای اراد 
أن يخدموا أنفسهم خاصة دون الناس عامة . 


AAY 





(المفتي) : وهل تعد سماحتكم ذلك خدمة لأنفسهم . مع ما تراهم فيه من الضعة 
والخمول » وحرمان أعاليهم من الحقوق التي يتمتع بها أسافل غيرهم » وفرار الدنيا من 
وجوههم وهم أتعب الناس في طلبها » وبغضها لهم وهم أحرص الناس على حبها ؟! 
وإذا قنع أحدهم بشيء منها فهي وقفة العاجز لا قناعة العزيز !!. أفيها كانوا أعز وأكرم › 
ومقامهم أسمى وأعلى » لو كانوا علماء على النحو الذي عرفه أسلافنا ؟!. . 

(الشيخ) : صدقت فإن من أراد أن يخدم نفسه وجب عليه أن يخدم العامة , 
لاندراج المصلحة الخاصة في المصلحة العامة » فإذا ضاعت المصلحة العامة ضاعت 
الخاصة أيضا » وإذا حفظت الأولى حفظت الثانية . 

(المفتي) : نعم يا مولاي هذه هي القاعدة الحقيقية » ولكن مدرسي كتب الفقه لا 
يعتنون بتقريرها لطلبتهم . فهؤلاء الذين سميتهم ساحتكم «متفنين» لم يرووا هذه 
القضية فيها درسوا » فلعل ذلك عذرهم فيما نسوا . 


ae ake oe 


AAY 


Converted by Tiff Combine 








الفهرس 


دراسة في الفكر السياسي والاجتماعي للأستاذ الإمام Fat‏ 
مقدمة الطبعة الجديدة بق لاطو ا CESED‏ 
تمهيد ean tages nas‏ فنع لاسو ما لم ا 11 
بطاقة حياة RS‏ ااا 


الإصلاح فالثورة فال صلاح (وهي دراسة لموقفه من الثورة العرابية والحكم 

الدستوري والنيابي » وموقفه من السلطة الحاكمة وطبيعتها › 

وموقفه من الاحتلال الانجليزي » وموقفه من أسرة محمد علي) .. /ا"8 4 
الجامعة الإسلامية .. (وهي دراسة لموقفه من السلطة المدنية والدينية › 


وموقفه من الخلافة العثانية) 8ب ENA ses‏ 
المسألة الاجتماعية . . وهي دراسة لفكره الاقتصادي والاجتماعي) م الى 
التربية والتعليم . . (وهي دراسة لنظريته في التربية ومذهبه في التعليم 

وديمقراطيته وطبقيته) الي كوس الو او م WO et Ne‏ 


الأسرة والمرأة . . (وهي دراسة لمكانة الأسرة عنده من بناء المجتمع »› 
وموقفه من المرأة : تعليمها ومشاكلها المتعلقة بالطلاق وتعدد 


الزوجات) E ra ree etalon tortie c trae Dati sham cauens‏ 
الإصلاح الديني . . (وهي دراسة لرأيه في تحرير العقل من قيد التقليد) ... ۱۸۱ - 1817 


AAS 





الإ صلاح الأدي واللغوي .. (وهي دراسة لجهوده في الإصلاح اللغوي 

والأدي » وانجازاته الرائدة في إحياء التراث العربي الإسلامي) YS swat‏ 
تحقيق هذه الأعمال . . (وهي دراسة عن تحقيق النصوص التي كانت شائعة 

ومختلطة النسبة بين الأستاذ الإمام وكل من جمال الدين الأفغاني 


ورشید رضا وسعد زغلول وعبد الله ندیم . . وهي : Vo YOY cesses‏ 
١‏ - رسالة الواردات في سر التجليات تو ال م السو ا 
رال ادر السات ولد العقل sS seg‏ 
٣‏ - التعليقات على شرح الدواني للعقائد العنصدية 1 0000011 
٤‏ - بحث : العلم وتأثيره في الإرادة والاختيار em:‏ سوسا ا E‏ 
ه ‏ مقال : الشورى aS‏ م ا 
5 - مقال : في الشورى والاستبداد و ا 
۷ کتاب :. مصر وإسراعيل باشا E E‏ 
8 - ما حذف من مقالاته في (الوقائع المصرية) وعددها واحد وثلاثون 
مقالاً حققنا نسبتها إليه Ne NE RAA‏ 
٩‏ - العروة الوثقى - حققنا نسبة نصوصها لال الدين GURY‏ . . 
وعدد نصوصها أكثر من مائة نص طق مم PN Aang‏ 
١‏ _مقال : المسألة اهندية O TG tone‏ 
اع تفن القران ON al o‏ 
١‏ - فصول الزواج والطلاق والحجاب وتعدد الزوجات من كتاب 
(تحرير المرأة) لقاسم أمين NG Sst‏ 
۳ - كتاب (الإسلام والرد على منتقديه) OV este RE SRS‏ 
٤‏ _ كتاب التعصب E SARS SRR Ss‏ 
6 كتاب (الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين) TVs‏ 
نماذج ل «خط» الأستاذ الإإمام الو سس 
صورة زنكوغرافية لصفحة من مفكرة الإمام عن الثورة العرابية د وي ا 
صورة زنكوغرافية لرسالة الإمام إلى تولستوي اط لكو لجا الا وم افد ل ا ووو PAS‏ 


AA“ 





صورة زنكوغرافية لرسالة الإمام إلى الشيخ علي الليثئي للخ لس ال 


صورة زنكوغرافية لسطور من مخطوط بخط الإمام ب سس مط لل 
صورة زنكوغرافية لسطور بخط الإمام عن مجلة «المنار) ا و اس سو WA‏ 
صورة زنكوغرافية لكلمة بخط الإمام عن كتاب العقائد والعبادات ل 
صور تذكارية للأستاذ الإمام NAO SSE SA‏ 
الكتابات السياسية 

ما قبل الثورة العرابية ا م ا OD ENES‏ 
جنرال أبو نظارة TAVE ARS STARR a DS ase‏ 
عيد مصر ومطلع سعادتها [الوقائع المصرية في ١4‏ يوليوسنة ١68٠١‏ م] PAs‏ 
احترام قوانين الحكومة وأوامرها من سعادة الأمة [الوقائع المصرية في "١‏ 

أكتوبر سنة ۱۸۸١‏ م] مق لاس و كط لما تلك املو 
القوة والقانون [الوقائع المصرية في / فبراير سنة Vea [pe ۱۸۸١‏ 
الوطنية [الوقائع المصرية في 5 » ۲١‏ مارس سنة ۱۸۸١‏ م] مم اا 
the‏ العقلاء [الوقائع المصرية في ١9 ۰۷ » ٤‏ ابريل 

PENS TIVE TNT SESS SRS ER [e ۱۸۸٩۱ سنة‎ 
يونيو‎ ١9 القوانين باختلاف أحوال الأمم [الوقائع المصرية في‎ Got! 

سنة ۱۸۸۱ [e‏ م ل ل اا م و VV)‏ 
السلطة للصفوة المستنبرة [من حوار بينه وبين أحمد عرابي bl d‏ 

أغسطس سنة ۱۸۸١‏ م] TET eS SAR‏ 
مصر والحبشة [الوقائع المصرية في ١5‏ أغسطس سنة ١88١‏ م] اس و Nee‏ 
في الثورة العرابية PENS AA ARAN‏ 
نيل المعالي بالفضيلة [الوقائع المصرية في ١‏ أكتوبر سنة ١84١‏ م] earrrecate‏ د 
قانون الوظائف المدنية [الوقائع المصرية في ١0‏ أكتوبر سنة ١84١‏ م] ل Voth‏ 
أوهام الجرائد [الوقائع المصرية في ١؟‏ أكتوبر سنة ١84١‏ م] ا BO‏ 
الحياة السياسية [الوقائع المصرية في 9. ۲١ ء٠۳ .١٠١‏ نوفمبر 

سنة ۱۸۸۱ م] Saa‏ ا 





رفع وهم وتفصيل مجمل في لائحة المجالس المحلية [الوقائع المصرية ف 


ديسمبر سنة 188١‏ م] ل ال ا الم ا 
في الشورى والاستبداد [الوقائع المصرية فی ۱۲ › ods YO CV‏ 

سنة ۱۸۸۱ entree [e‏ 0 0 0 ا ل 
برنامج الحزب الوطËني‏ المصري [كتاب «بلنت» «التاريخ السري 

لاحتلال انجلثرا مصر) . . . ] N eae ea eS‏ 
الناس من نخحوف الذل في ذل . والناس من خوف الفقر في فقر [الوقائع 

المصرية في ١15‏ يناير سنة ۱۸۸۲ م] tasted‏ 5,(ظ32ظ«2 
لا تدم نكاية الأعداء إلا بخيانة الأصدقاء [الوقائع المصرية في ” فبراير 

سنة ۱۸۸۲ م] ENN aaa‏ 
احتفال جمعية المقاصد بالتصديق على لائحة النواب [الوقائع المصرية بي 

816 A مم‎ [e 1845 فيراير سنة‎ ٥ 
Nasa فبراير سنة ۱۸۸۲ م]‎ ۲١ مقابلة الشكر بالشكر [الوقائع المصرية في‎ 
إبريل سنة‎ YY الاتحاد في الرأي قرين الاتحاد في العمل [الوقائع المصرية في‎ 

TY SoS [e \AAY 
دفاع عن حكومة الثورة [التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر] ا‎ 
CVn aaa ترجمة ثانية لجذه الرسالة اطاط امج ا لجال‎ 
EPO seca سلطان باشا بين الخديو والثورة [التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر]‎ 
م] اام‎ ٠۸۸١ مايو سنة‎ 7١ الاتحاد العربي [الوقائع المصرية في‎ 
ETS مصر وإسماعيل باشا [الطائف في ” مايو سنة 1885 م]‎ 
ENR الفصل الثالث : في سلب الأملاك من الملاك ا‎ 
1 الفصل الرابع : في السخرة . . . الأبدان بلا شفقة ولا لاا ا ا‎ 
BON لم ارك ما ا ل ل‎ Sea a aaa برقية القن خسو‎ 


مفكرة الأحداث العرابية [وفيها جمعنا كل ما دون من ملاحظات وتقارير 

عن الأحداث والشخصيات التي شاركت في الثورة منذ قيامها 

حتى فشلها] والتي كتبت أثناء الثورة كل 
مذبحة الاسكندرية ١١[‏ يونيو سنة \AAY‏ ¢[ يز ا 


AAA 





اضطرابات الاسكندرية ١١1‏ يونيوسنة 1١885‏ م] 000000009 0 1007070 
في السجن [وفيها جمعنا كتاباته في السجن عندما اعتقل مع قادة الثورة 


العرابية بعد فشلها] AR‏ 0 
رسالة من السجن إلى أحد الأصدقاء BIO taal trite EEA‏ 
الثورة والثوار الذين خانوا [من مذكراته الدفاعية] BS EE GS‏ 
رسالة للأسرة O Se SRA aR aet,‏ 
رسالة إلى برودلي عن المعاملة في السجن بز 0 00 
محضر استجواب [أمام قومسيون التحقيق مع زعماء الثورة] ا لخم م ON‏ 
مواجهة بين الإمام والبارودي في التحقيق الس ساس ا ا م اذه 
قصيدة في الأحداث العرابية aaa‏ اساسا ا لله 
الدولة [تعليق من تعليقاته على كتاب نهج البلاغة] O‏ 
كتاب تاريخ الأحداث العرابية [وهي الفصول التي كتبها عن الشورة 

استجابة لطلب الخديو عباس حلمي الثاني] La OTe‏ 
مصر قبل الأفغاني وظهوره deateusiamerse‏ اس سي الوم اق 
خلاصة ما كتبه في أسباب الثورة العرابية eels.‏ ز زؤز[ز ز ز 00 0 E‏ 
شئون البلاد المصرية [في شهر رجب سنة ١195‏ ه] لاط ا لاا ا 51 
الأسباب المباشرة للثورة من سيرة توفيق باشا Vesta‏ 
الأجانب والإصلاح sS ERR‏ 
وزارة رياض باشا وتأثيرها في الثورة ااام OER‏ 
سيرة الحكومة بالإجمال والخديو توفيق باشا والوزير رياض باشا بشيء من التفصيل ٠٦١‏ 
تأثير سيرة رياض باشا وشمائله في مقدمات الثورة 0 
سيرة الخديو توفيق باشا المفضية إلى الثورة OV sa RRS a‏ 
أسباب تألب الضباط الذي أففى إلى الثورة لجس تسن ص مادا سين ةلله 
بدء الثورة بحادثة قصر النيل الشهيرة و سا ماس و OV‏ 
نتيجة ما تقدم وتباين أفكار عرابي ومشايعيه ورياض باشا والخديوي فيه DAP antiten:‏ 
طلب عرابي مجلس نواب وسببه 0 
حادثة عابدين VEO SA RSA Rees Sea‏ 





تقييم أخير للأحداث العرابية OEE E 01013131311 E‏ 
موقفي من الثورة emerges‏ لوللا الاق مسقل لطم ا 
ملاحظات على بعض أحداث الثورة زز ز + ز ز ز 3 ؤزؤز 00111101101101 
ملاحظات على رأي عراب في الثورة مس نا لوول امال امهل ام الوا و TAR.‏ 
في المنفى ean‏ اللو مس لو لمان ااانا اللو ا ا ا 
رسالة إلى جال الدين الأفغاي A ieee‏ ا 
رسالة ثانية إلى حال الدين الأفغاني te benicar‏ 00101 ا ا 
رسالة إلى بلنت OS ea 0 naa - ١‏ 
رسالة إلى بلنت 5 - اا الاج لح ا ا م ا و ال 
las‏ ]ل ا ب Ean EO DC oT‏ 
رسالة إلى برودلي من بيروت و اي ET AAS‏ 
أفكار الأستاذ الإمام [كما صورها في رسالته إلى برودلي من ببروت] EOS‏ 
عن الثورة والخديو وسلطان باشا Ra‏ 0 
الخديو يسلم أرض الوطن O ace eR i tb ie‏ 0 
قسم تنظيم العروة الوثقى OSes n‏ 
لائحة العقد الرابع من عقود تنظيم جمعية العروة الوثقى طق اا وا 
رسائل سياسية [مرسلة لأعضاء العروة الوثقى ] ete‏ د 
١‏ - الرسالة الأولى لأحد الأمراء a hale‏ 00 [ [ [ [ ز[ [ 1 ا 
؟ - رسالة إلى العضو (ش. ي) 1 
٣‏ رسالة إلى العضو (ش. ي) 0 AVS”‏ 
5 - رسالة إلى العضو (ش. ي) لاس الو ام اام ا 
ه ‏ رسالة إلى العضو (ش. ي) VE eras‏ 
5 - رسالة إلى العضو(ش. ي) VS eS‏ 
- رسالة إلى العضو (ش. ي) اش ا 
- رسالة إلى العضو (ش. ي) اكالم اقوط ساقي ارو ال ار 
9 رسالة إلى العضو (س. س) a‏ ا ا 
٠‏ -رساللة إلى العضو (س. س) NAVs mS‏ 





١‏ - رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى م ا الا 


ERE ... رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى‎ vy 

۳ _ رسالة إلى أحد العلماء يدعوه ا AV ssn: ae e‏ 

رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى TA ASRS‏ 

رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى E‏ ا 

5 رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى ل 

E ea g0 رال خد اعا الع‎ AV 

VA‏ رسالة إلى أحد أعضاء العروة الوثقى one‏ ا ا ل ا 

9 رسالة إلى أحد أعضاء 'العروة الوثقى مسد عه و VAY‏ 

VA aE العروة الوثقى‎ se _رسالة إلى أحد‎ ٠ 

١‏ - رسالة إلى أحد عضاء علاء التصوف (م. ت eR‏ ا 

0000000007 00 ا‎ elle a YY 

مع وزير الحربية الإنكليزي [العروة الوثقى] VI amas‏ 
الاحتلال الانكليزي ah‏ [حديث مع صحيفة «البول ميل جازيت» 

اللندنية في W‏ أغسطس سنة 1884 م] 1 1 1غ 

ترحمة ثانية لهذا الحوار ا 

رسالة إلى أحد الساسة an‏ 1[1ذ1ز1[1ز[1[ز[1[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ز[ [ [ [ ز ا 10( 


رسالة السير صمويل باكر في السودان ومصر وانكلترا [ثمرات الفنون 
البيروتية في ؛ ١‏ ذي القعدة سنة ١1١”‏ ه (سنة 18486 م)] ............ لالالا 
مصر وجريدة (Ady‏ [ثمرات الفنون في YY‏ رجب سنهة wd ۱۳١۹۳‏ 


(سنة 1885 م)] e‏ لم مال ل 0 
مراسلات [ثمرات الفنون في ۲٠‏ شوال سنة ١1٠8‏ ه (سنة ١885‏ م)] الس لوالا 
مصر والمحاكم الأهلية [ثمرات الفنون في ١‏ ربيع الأول سنة 

م3 ه (سنة AAA‏ م)] ال 
اللغة الرسمية في المحاكم الأهلية بمصر [ثمرات الفنون في ١‏ ربيع 

الثاني سنة ١١5‏ ه (سنة 1889 م)] VSS RRS‏ 
رسائل من بيروت [كتبها وهوفي المنفى ببيروت] nase Diets‏ ا 


۸۹۱ 





| رسالة إلى أحد الساسة VO ea‏ 


۲ - رسالة إلى أحد المعجبين بموقفه في المنفى VN RS‏ 

VT SAAS sel de رسالة إلى الشيخ‎ - ۳ 

4 - رسالة إلى الشيخ علي اللبثي ا 

ه ‏ رسالة إلى أحد الأصدقاء VV SEE SE‏ 

- رسالة إلى أحد الساسة الأتراك VINER eT‏ 

۷ - رسالة جوابية إلى أحد الساسة الأتراك VMS RRA‏ 
بعد المنفى وا حو ساس امم ونال الالو ل أجل لو ول ا 
الحق المر اا وس الس RESA SS‏ ا و ا ااا 
جلاء الانجليز عن مصر VAY eae SEAR eaaminns‏ 
الدين النصيحة VA RESEDA RET‏ 
تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية [فتوى حول UL‏ الاجتاعية] VQ susan‏ 
صندوق التوفير في إدارة اليريد VAN esses seha‏ 
ربح صندوق التوفير 6ب 0000 0 0 
التأمين على الحياة NEO rit ace ba SAS‏ 
حديث عن السياسة see eocenc es aR‏ 0 0 ا 0 
الانجليز وثروة مصر اوس ا اما السالولط وم AVY ese Ag‏ 
حوار حول الموقف من الانجليز والفرنسيين واس د 
حديث عن جلاء الانجليز عن مصر ا ل AVE‏ 
شكل الاإدارة المصرية مع الاحتلال [خحطابان إلى «بلنت»] ASAN eas‏ 
إعانة ضحايا معارك السودان ال و م 
دفاع عن لحنة إعانة ضحايا معارك السودان متم ا اس ا امال الاير 
المصريون SESSA‏ ا 
رياض ونوبار Coat Naas‏ امو ا 
اضطيهاد القبط 00 0 
رسالة إلى عالم جزائري (الشيخ عبد الحليم cones (Lolo‏ ماخ طاو لس AVEO‏ 
استعانة المسلمين بالكفار وأهل البدع والأهواء لنصرة الله وحفظ حوزة الأمة AVY esses‏ 


ANY 





إنما ينبض بالشرق مستبد عادل [مع خطاب قدم به المقال لمجلة «الجامعة 


ABO? Sethe و مقا سم بس اج واااو‎ aaa [ddl tall 
AEN ea م]‎ ١1١١ نوفمير سنة‎ ١١ الرجل الكبير في الشرق [المؤيد في‎ 
RON. sateen EES م]‎ ١1١1 آثار محمد عل في مصر [المنار في /ا يوني و سنة‎ 
RON: aa DSRS المماليك مقا تونطة ااو لسلا‎ 
NB أمراء مصر والعروبة مم7اجغ استاب الاق مس سوسا سو‎ 
NOW, الخديو عباس حلمي [من مذكرات «بلنت»] ممق امسا الا‎ 
RUN aaa الضباط والعمل السلمي‎ 
A RRS حديث عن الدولة العثانية [حوار مع رشيد رضا]‎ 
الإمام هو القرآن 03 0 اا‎ 
الإصلاح الديني والخلافة طخس وام الال ا‎ 
ار‎ ORAS العرب والترك متف‎ 
AV eta استبداد السلطان عبد الحميد‎ 
Aenea aa إلى السلطان عبد الحميد عدوا اس‎ 
AVY رسالة إلى الشيخ رشيد رضا [حول إساءة معاملة الإمام في الآستانة] لس‎ 
حوار بين الإمام وشيخ الإسلام بالآستانة ا اح د ول اومن لق الما بار‎ 


Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine 





Converted by Tiff Combine - 


Pei bE 
o se 


ete 


0